00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الشعراء 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير شبر   ||   تأليف : العلامة المحقق الجليل السيد عبدالله شبر

سورة الشعراء

 (26) سورة الشعراء مائتان وسبع وعشرون آية (227) مكية

إلا والشعراء إلى آخرها.

بسم الله الرحمن الرحيم

(طسم).

(تلك) الآيات (ءايات الكتاب المبين) السورة أو القرآن البين إعجازه أو المبين له .

(لعلك باخع نفسك) قاتلها (ألا يكونوا مؤمنين) من أجل أن لا يؤمنوا .

(إن نشأ ننزل عليهم من السماء ءاية) علامة ملجئة إلى الإيمان (فظلت أعناقهم لها خاضعين) منقادين .

(وما يأتيهم من ذكر) قرآن (من الرحمن محدث) مجدد تنزيله (إلا كانوا عنه معرضين) إلا جددوا إعراضا عنه وكفرا به .

(فقد كذبوا) به حين أعرضوا عنه وجرهم التكذيب إلى الاستهزاء (فسيأتيهم أنباء ما) أخبار الشيء الذي (كانوا به يستهزءون) أي سيعلمون بأي شيء استهزءوا إذا مسهم العذاب يوم بدر أو يوم القيامة .

(أولم يروا) ينظروا (إلى الأرض) وعجائبها (كم أنبتنا فيها من كل زوج) صنف (كريم) محمود ذي فوائد وكل لإحاطة الأزواج وكم لكثرتها .

(إن في ذلك) الآيات أو كل واحد من الأزواج (لآية) على قدرة منبتها على إحياء الموتى (وما كان أكثرهم مؤمنين) لأنهم مطبوع على قلوبهم .

(وإن ربك لهو العزيز) القادر على عقوبتهم (الرحيم) بإمهالهم .

(و) اذكر (إذ نادى ربك موسى أن) بأن أو أي (ائت القوم الظالمين) بالكفر وتعذيب بني إسرائيل .

(قوم فرعون ألا يتقون).

(قال) موسى (رب إني

[354]

أخاف أن يكذبون).

(ويضيق صدري) بتكذيبهم لي (ولا ينطلق لساني) المعقدة أو لقصور فصاحته.

(فأرسل إلى هرون) أخي أي اجعله نبيا يعضدني في أمري .

(ولهم علي ذنب) هو قتل القبطي أي تبعة ذنب وهو القود (فأخاف أن يقتلون) به قبل التبليغ .

(قال كلا) ردع له عن الخوف وعدة بالدفع (فاذهبا بآياتنا إنا معكم) أريد به موسى وأخوه وفرعون (مستمعون) لما بينكما وبينه فننصر كما عليه .

(فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين) أفرد الرسول لأنه هنا مصدر وصف به كالرسالة أو لاتحادهما لوحدة مطلبهما وللأخوة أو أريد كل واحد منا .

(أن) بأن أو أي (أرسل معنا بني إسرائيل) خلهم يذهبوا معنا إلى الشام فأتياه فقالا له ذلك .

(قال) فرعون لموسى (ألم نربك فينا وليدا) طفلا قريبا من الولادة (ولبثت فينا من عمرك سنين) اثني عشر أو أكثر وكان يدعى ولده .

(وفعلت فعلتك التي فعلت) من قتل القبطي (وأنت من الكافرين) بنعمتي .

(قال فعلتها إذا) أي حينئذ (وأنا من الضالين) الجاهلين أي الفاعلين فعل ذوي الجهل أو الذاهلين عن مآل الأمر أو المخطئين أي لم أتعمد قتله أو الناسين .

(ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما) علما (وجعلني من المرسلين).

(وتلك) التربية (نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل) اتخذتهم عبيدا تذبح أبناءهم وتستحيي نساءهم .

(قال فرعون) تعنتا حين بلغه الرسالة (وما رب العالمين) الذي ادعيت أنك رسوله .

(قال رب السموات والأرض وما بينهما) أي خالق جميع ذلك (إن كنتم موقنين) بشيء قط فهذا أولى ما توقنون به .

(قال لمن حوله) من أشراف قومه تعجبا لهم (ألا تستمعون) جوابه لسؤالي عن حقيقته بذكر صفاته أو بنسبة الربوبية إلى غيري .

(قال ربكم ورب ءابائكم الأولين) انتقال إلى ما هو أظهر للناظر وأقرب إليه .

(قال) غيظا وتهكما (إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون) يجيب بما لم يطابق السؤال .

(قال رب المشرق والمغرب وما بينهما) الذي يجري النيرات من مشارقها إلى مغاربها على نظام مستقيم (إن كنتم تعقلون) علمتم ذلك .

(قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين) ممن عرفت حالهم في سجوني، كان يلقى الشخص في هوة عميقة فردا حتى يموت فهو أبلغ من لأسجننك .

(قال أولو) واو الحال وليت الهمزة أي أتفعل ولو (جئتك بشيء مبين) بصدق دعواي وهي المعجزة .

(قال فأت به إن كنت من الصادقين) في دعواك .

(فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين) بين الثعبانية .

(ونزع يده) من إبطه (فإذا هي بيضاء) ذات شعاع كالشمس (للناظرين) خلاف لونها من الأدمة .

(قال للملأ حوله

[355]

إن هذا لساحر عليم) حاذق في السحر .

(يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون).

(قالوا أرجه وأخاه) أخر أمرهما (وابعث في المدائن حاشرين) جامعين .

(يأتوك بكل سحار عليم) حاذق يفوق موسى بالسحر .

(فجمع السحرة لميقات يوم معلوم) لوقت موقت من يوم معين وهو وقت الضحى من يوم الزينة .

(وقيل للناس هل أنتم مجتمعون) حث لهم على الاجتماع أي بادروا إليه .

(لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين) غرضهم من الترجي على تقدير غلبتهم أن يستمروا على دينهم فلا يتبعوا موسى فكنوا عنه باتباع السحرة .

(فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين).

(قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين) عندي .

(قال لهم موسى) بعد ما قالوا له إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين (ألقوا ما أنتم ملقون).

(فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون) جزموا بأن الغلبة لهم وأقسموا بعزته ثقة بأنفسهم إذا بذلوا جهدهم في السحر .

(فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون) يقلبونه بتمويههم فيخيلون أن حبالهم وعصيهم حيات تسعى .

(فألقي السحرة ساجدين) ألقاهم ما بهرهم من الحق حتى لم يتمالكوا أنفسهم أو الله بإلهامهم ذلك .

(قالوا ءامنا برب العالمين) ولئلا يتوهم إرادة فرعون به أبدلوا منه .

(رب موسى وهرون قال) فرعون .

(ءامنتم له قبل أن ءاذن لكم) في ذلك (إنه لكبيركم) رئيسكم (الذي علمكم السحر) وتواطنتم على ما فعلتم (فلسوف تعلمون) وبال أمركم (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) من كل شق طرفا (ولأصلبنكم أجمعين) ليعتبر بكم .

(قالوا لا ضير) لا ضرر علينا في ذلك (إنا إلى ربنا منقلبون) إلى ثوابه راجعون بعد الموت أو مصيرنا ومصيركم إليه فيحكم بيننا وبينك تعليل لنفي الضمير وكذا .

(إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن) لأن (كنا أول المؤمنين) في زماننا أو من رعية فرعون .

(وأوحينا إلى موسى) بعد سنين أقامها بينهم يدعوهم بالآيات إلى الحق فلم يجيبوا (أن) بأن أو أي (أسر بعبادي) بالقطع والوصل أي سر بهم ليلا (إنكم متبعون) يتبعكم فرعون وجنوده تعليل لأسر .

(فأرسل فرعون) حين أخبر بسراهم (في المدائن) قيل كان له ألف مدينة سوى القرى (حاشرين) للجنود فجمعوا فقال لهم .

(إن هؤلاء لشرذمة) طائفة (قليلون) جمع قليل أي هم أسبأط كل سبط منهم قليل استقلهم وكانوا ستمائة وسبعين ألفا بالنسبة إلى جيشه إذ كان ألف ألف ملك مع كل ملك ألف .

(وإنهم لنا لغائظون) فاعلون ما يغيظنا .

[356]

(و إنا لجميع حاذرون) من عادتنا الحذر والتيقظ .

(فأخرجناهم) به (من جنات) بساتين (وعيون) جارية فيها .

(وكنوز) أموال من ذهب وفضة (ومقام كريم) منازل حسنة ومجالس بهية .

(كذلك) مصدر أي أخرجناهم مثل ذلك الإخراج أو صفة مقام أي مثل ذلك المقام الذي كان لهم أو خبر محذوف أي الأمر كذلك (وأورثناها بني إسرائيل) بعد إغراق فرعون وقومه .

(فأتبعوهم مشرقين) داخلين في وقت شروق الشمس .

(فلما تراءا الجمعان) حصل كل منهما بمرأى للآخر (قال أصحاب موسى إنا لمدركون) لملحقون .

(قال كلا) لن يدركونا (إن معي ربي) بصره وحفظه (سيهدين) سبيل النجاة كما وعدني .

(فأوحينا إلى موسى أن) بأن أو أي (اضرب بعصاك البحر) القلزم أو إساف فضربه (فانفلق) انشق فرقا بينها اثنا عشر مسلكا (فكان كل فرق كالطود العظيم) كالجبل الشامخ الراسي فسلك كل سبط مسلكا .

(وأزلفنا ثم) وقربنا هناك (الآخرين) فرعون وقومه حتى سلكوا مسلكهم .

(وأنجينا موسى ومن معه أجمعين) بإمساك البحر أن ينطبق حتى عبروا .

(ثم أغرقنا الآخرين) بإطباقه عليهم .

(إن في ذلك) المقصوص (لآية) عجيبة لمن تدبر (وما كان أكثرهم مؤمنين) بعد الإنجاء فعبدوا العجل وطلبوا رؤية الله .

(وإن ربك لهو العزيز) المنتقم من أعدائه (الرحيم) بأوليائه .

(واتل عليهم) على قومك (نبأ إبراهيم) خبره .

(إذ قال لأبيه) أي عمه آزر (وقومه ما تعبدون) سألهم للإلزام .

(قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين) عليه .

(قال هل يسمعونكم) يسمعون دعاءكم (إذ تدعون) وهو حكاية حال ماضية ليستحضروها لأن إذ للمضي .

(أو ينفعونكم) إذا عبدتموهم (أو يضرون) إن لم تعبدوهم .

(قالوا بل وجدنا ءاباءنا كذلك يفعلون) أضربوا عن جواب سؤاله وتمسكوا بالتقليد .

(قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون).

(أنتم وءاباؤكم الأقدمون) فإن الباطل لا ينقلب حقا لتقدمه .

(فإنهم عدو لي) أي أعداء لكم لتضرركم بعبادتهم أو لطاعتكم الشيطان بها (إلا رب العالمين) منقطع أي فإنه وليي أو متصل على تعميم المعبودين وإن في آبائهم من عبد الله .

(الذي خلقني فهو يهدين) لمصالح الدارين تدريجا مستمرا إلى أن ينعمني في جنته .

(والذي هو يطعمني ويسقين) لا غيره إذ خلق الغذاء وما يتوقف عليه الاغتذاء به .

(وإذا مرضت فهو يشفين) لم يقل أمرضني لحدوث المرض غالبا بإسراف الإنسان في مطعمه ومشربه وغيرهما وبتنافر طبائع الأخلاط ما لم يحفظها الله على نسبة مخصوصة بقدرته لتحصل الصحة ولأنه في مقام تعديد النعم ونسب الإماتة إليه في .

(والذي يميتني) لأن الموت لا يحس به فلا ضرر إلا في مقدماته وهي المرض ولأنه وصلة إلى الحياة الباقية (ثم يحيين) في الآخرة .

(والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين) قاله تواضعا لله وهضما لنفسه إذ لا خطيئة له.

[357]

(رب هب لي حكما) علما إلى علم أو حكما بالحق بين الناس (وألحقني بالصالحين) وفقني لعمل أنتظم فيه من جملتهم أو أجمع بيني وبينهم في الجنة .

(واجعل لي لسان صدق في الآخرين) ذكرا جميلا في الذين يأتون بعدي إلى يوم الدين وقد أجابه فكل أمة تثنى عليه أو ولدا صادقا داعيا إلى أصل ديني وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) .

(واجعلني من ورثة جنة النعيم) ممن يعطاها .

(واغفر لأبي إنه كان من الضالين) بأن توفقه للإيمان .

(ولا تخزني) تهني (يوم يبعثون) أي العباد .

(يوم لا ينفع مال ولا بنون).

(إلا من أتى الله بقلب سليم) من الشرك وحب الدنيا متصل أي إلا مال من هذا نعته .

(وأزلفت الجنة) قربت (للمتقين) ليروها فيزدادوا فرحا .

(وبرزت الجحيم) كشفت (للغاوين) ليزدادوا غما .

(وقيل لهم أينما كنتم تعبدون).

(من دون الله) من الأصنام (هل ينصرونكم) بدفع العذاب عنكم كما زعمتم شفاعتهم (أو ينتصرون) بدفعه عن أنفسهم .

(فكبكبوا) ألقوا (فيها هم والغاوون) الآلهة وعبدتها بعضهم على بعض .

(وجنود إبليس) شياطينه أو أتباعه من الثقلين .

(أجمعون قالوا) أي العبدة (وهم فيها يختصمون) مع الأصنام .

(تالله إن) المخففة (كنا لفي ضلال مبين) اللام فارقة.

(إذ نسويكم برب العالمين) في العبادة .

(وما أضلنا إلا المجرمون) رؤساؤنا أو الأولون الذين اقتدينا بهم.

(فما لنا من شافعين) كما للمؤمنين من النبيين وغيرهم .

(ولا صديق حميم) يهمه أمرنا .

(فلو أن لنا كرة) رجعة إلى الدنيا ولو في معنى التمني أو شرط حذف جوابه (فنكون من المؤمنين).

(إن في ذلك) المقصوص (لآية) دلالة لمن اعتبر (وما كان أكثرهم) أكثر قوم إبراهيم (مؤمنين) به .

(وإن ربك لهو العزيز الرحيم).

(كذبت قوم نوح المرسلين) بتكذيبه لاشتراكهم في الدعاء إلى التوحيد وقوم مؤنث معنى .

(إذ قال لهم أخوهم) نسبأ (نوح ألا تتقون) الله في الإشراك به .

(إني لكم رسول أمين) فيكم .

(فاتقوا الله وأطيعون) فيما آمركم من توحيده وطاعته .

(وما أسألكم عليه) على الدعاء والنصح (من) زائدة (أجر إن أجري إلا على رب).

(العالمين فاتقوا الله وأطيعون) كرر تأكيدا .

(قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون) الذين لا مال لهم ولا عز، من غير بصيرة، جعلوا اتباع هؤلاء مانعا من إيمانهم.

[358]

(قال وما علمي) وأي علم لي (بما كانوا يعملون) عن بصيرة أم لا وما علي إلا اعتبار الظواهر .

(إن) ما (حسابهم إلا على ربي) العالم ببواطنهم لا علي (لو تشعرون) ذلك لعلمتموه .

(وما أنا بطارد المؤمنين) تطييبا لنفوسكم طمعا في إيمانكم .

(إن) ما (أنا إلا نذير مبين) للإنذار بالحجة الواضحة .

(قالوا لئن لم تنته يا نوح) عما تقول (لتكونن من المرجومين) بالحجارة أو بالشتم .

(قال رب إن قومي كذبون) أراد أنه إنما يدعو عليهم لتكذيبهم الحق لا لإيذائهم له .

(فافتح) فاحكم (بيني وبينهم فتحا) حكما (ونجني ومن معي من المؤمنين) مما يحل بهم .

(فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون) المملوء .

(ثم أغرقنا بعد) بعد إنجائهم (الباقين) من قومه .

(إن في ذلك لآية) باهرة (وما كان أكثرهم مؤمنين).

(وإن ربك لهو العزيز الرحيم).

(كذبت عاد المرسلين) أنث لمعنى القبيلة .

(إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون).

(إني لكم رسول أمين).

(فاتقوا الله وأطيعون).

(وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين) دل تصدير القصص بذلك على أن الغرض من البعثة الدعاء إلى توحيد الله وطاعته والأنبياء متفقون فيه وإن اختلفوا في بعض شرائعهم ولم يطلبوا به مطمعا دنيويا .

(أتبنون بكل ريع) مكان مرتفع (ءاية) علما للمارة (تعبثون) ببنائها إذ كانوا في أسفارهم يهتدون بالنجوم فيستغنون عنها أو يجتمعون إليها للعبث بمن يمر بهم أو بروج الحمام .

(وتتخذون مصانع) مأخذا للماء أو حصونا وقصورا مشيدة (لعلكم) كأنكم (تخلدون) أو ترجون الخلود فتحكمونها .

(وإذا بطشتم) بسوط أو سيف (بطشتم جبارين) مستعلين بالضرب والقتل بلا رأفة ولا تثبت .

(فاتقوا الله) في ذلك (وأطيعون) فيما أمركم به .

(واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون) من ضروب النعم .

(أمدكم بأنعام وبنين).

(وجنات وعيون) أجمل النعم أولا بما يعلمونه ثم فصل بعضها .

(إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) في الدنيا والآخرة .

(قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين) أصلا فلا نقلع عما نحن فيه لم يقابلوا أوعظت أم لم تعظ عدولا إلى الأبلغ .

(إن) ما (هذا) الذي جئتنا به (إلا خلق الأولين) اختلافهم وكذبهم أو ما خلقنا إلا خلقهم نحيا ونموت ولا بعث .

(وما نحن بمعذبين) كما تزعم .

(فكذبوه فأهلكناهم) بالريح بتكذيبهم (إن في ذلك لآية

[359]

وما كان أكثرهم مؤمنين).

(وإن ربك لهو العزيز الرحيم).

(كذبت ثمود المرسلين).

(إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون).

(إني لكم رسول أمين).

(فاتقوا الله وأطيعون).

(وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين).

(أتتركون) إنكار (في ما هاهنا) من النعم (ءامنين) الزوال .

(في جنات وعيون).

(وزروع ونخل طلعها هضيم) لطيف صاف للطف طلع إناث النخل أو لين نضج وهو الرطب وأفرد النخل بالذكر لفضلها .

(وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين) حاذقين بنحتها أو بطرين وقرىء فرهين .

(فاتقوا الله وأطيعون).

(ولا تطيعوا أمر المسرفين) لا تطيعوهم فنسب للأمر مجازا .

(الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) أي فسادهم خالص عن الصلاح .

(قالوا إنما أنت من المسحرين) الذين سحروا كثيرا حتى لا يعقلوا .

(ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين) في دعواك .

(قال هذه ناقة لها شرب) نصيب من الماء (ولكم شرب يوم معلوم) فلا تجاوزوه إلى شربها .

(ولا تمسوها بسوء) كعقر وأذى (فيأخذكم عذاب يوم عظيم).

(فعقروها) أسند فعل البعض إلى الكل لرضاهم (فأصبحوا نادمين) على عقرها حين عاينوا العذاب .

(فأخذهم العذاب) الموعود (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين).

(وإن ربك لهو العزيز الرحيم).

(كذبت قوم لوط المرسلين).

(إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون).

(إني لكم رسول أمين).

(فاتقوا الله وأطيعون).

(وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين).

(أتأتون الذكران

[360]

من العالمين) من الناس مع كثرة الإناث فيهم أو من بين من ينكح من الحيوان اختصصتم بذلك .

(وتذرون ما خلق لكم ربكم بل أنتم قوم عادون) متعدون حد الحلال إلى الحرام .

(قالوا لئن لم تنته يا لوط) عن نهينا وتقبيح أمرنا (لتكونن من المخرجين) من بلدنا كأنهم كانوا يعنفون بمن يخرجونه .

(قال إني لعملكم من القالين) المبغضين .

(رب نجني وأهلي مما يعملون) من وباله .

(فنجيناه وأهله أجمعين) يشمل من آمن به لأنهم أهله .

(إلا عجوزا) هي امرأته (في الغابرين) الباقين في العذاب لرضاها بفعلهم وإعانتها لهم .

(ثم دمرنا الآخرين) أهلكناهم بالايتفاك .

(وأمطرنا عليهم مطرا) حجارة أتبعناهم إياها أو على شذاذهم فأهلكناهم بها (فساء مطر المنذرين) مطرهم واللام للجنس .

(إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين).

(وإن ربك لهو العزيز الرحيم).

(كذب أصحاب الأيكة المرسلين) الأيكة الشجر الملتف وهي غيضة بقرب مدين يسكنها قوم بعث إليهم شعيب .

(إذ قال لهم شعيب ألا تتقون).

(إني لكم رسول أمين).

(فاتقوا الله وأطيعون).

(وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين).

(أوفوا الكيل) أتموه (ولا تكونوا من المخسرين) الناقصين).

(وزنوا بالقسطاس المستقيم) بالميزان السوي بضم القاف وكسره .

(ولا تبخسوا الناس أشياءهم) لا تنقصوهم حقوقهم (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) بالقتل وغيره حال مؤكدة .

(واتقوا الذي خلقكم والجبلة) ذوي الجبلة وهي الخلقة أي والخلائق (الأولين).

(قالوا إنما أنت من المسحرين).

(وما أنت إلا بشر مثلنا) الواو يفيد أنه جمع بين وصفين منافيين للرسالة (وإن) المخففة (نظنك لمن الكاذبين) في دعواك واللام فارقة .

(فأسقط علينا كسفا) قطعة (من السماء إن كنت من الصادقين).

(قال ربي أعلم بما تعملون) وبجزائه الذي استوجبتموه من كسف وغيره فينزلوه بكم .

(فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة) هي سحابة أظلتهم بعد حر شديد أصابهم سبعة أيام فأمطرت عليهم نارا فأحرقتهم (إنه كان عذاب يوم عظيم).

[361]

(إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين).

(وإن ربك لهو العزيز الرحيم) قص سبع قصص هذا آخرها تسلية لرسوله وتهديدا للمكذبين به بما أصاب الأمم بتكذيب الرسل .

(وإنه) أي القرآن المشتمل على هذه القصص وغيرها (لتنزيل رب العالمين) تقرير لحقيقتها وإشعار بإعجاز القرآن .

(نزل به الروح الأمين) عليه جبرئيل سمي روحا لأنه به يحيي الدين أو لأنه روحاني .

(على قلبك لتكون من المنذرين).

(بلسان عربي مبين) بين المعنى .

(وإنه) أي ذكر القرآن (لفي زبر الأولين) كتبهم السماوية .

(أولم يكن لهم ءاية) على صحة القرآن أو صدق محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (أن يعلمه علمؤا بني إسرائيل) كابن سلام وغيره أي علمهم ببعثه من كتبهم .

(ولو نزلناه) كما هو (على بعض الأعجمين) الذين لا يحسنون عربية أو بلغة العجم .

(فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين) عنادا أو أنفة من اتباع العجم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) لو نزلنا القرآن على العجم ما آمنت به العرب وقد نزل على العرب فآمنت به العجم.

(كذلك سلكناه في قلوب المجرمين) أي مثل إدخالنا القرآن مكذبا به في قلوبهم بقراءتك عليهم وأسند إليه تعالى كناية عن تمكنه مكذبا به في قلوبهم كأنهم جبلوا عليه بدليل إسناد .

(لا يؤمنون به) إليهم (حتى يروا العذاب الأليم).

(فيأتيهم بغتة) فجأة (وهم لا يشعرون) بمجيئه .

(فيقولوا) ندما (هل نحن منظرون) لنؤمن .

(أفبعذابنا يستعجلون) توبيخ لهم بتهكم أي كيف يستعجله من إذا نزل به سأل النظرة .

(أفرأيت) أخبرني (إن متعناهم سنين).

(ثم جاءهم ما كانوا يوعدون).

(ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون) لم يغن عنهم تمتيعهم في رفع العذاب .

(وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون) رسل تنذر أهلها بالحجج .

(ذكرى) تذكرة نصبت علة أو مصدرا ورفعت خبرا لمحذوف (وما كنا ظالمين) فنهلك غير الظالمين .

(وما تنزلت به الشياطين) كما زعم الكفرة أنه من جنس ما يلقي الشياطين إلى الكفار .

(وما ينبغي) لهم التنزل به (وما يستطيعون) ذلك .

(إنهم عن السمع) لكلام الملائكة (لمعزولون) ممنوعون بالشهب .

(فلا تدع مع الله إلها ءاخر فتكون من المعذبين) تهييج له (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليزداد إخلاصا ولطف للمكلفين .

(وأنذر عشيرتك الأقربين) مبتدئا بهم الأقرب فالأقرب .

(واخفض جناحك) ألن جانبك (لمن اتبعك من المؤمنين) ويراد بالمؤمنين من صدقوا بألسنتهم .

(فإن عصوك) أي قومك (فقل إني بريء مما تعملون).

[362]

(وتوكل على العزيز الرحيم) فوض أمرك إليه .

(الذي يراك حين تقوم) في التهجد .

(وتقلبك في الساجدين) وتصرفك في المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود حين تأمهم .

(إنه هو السميع) لقولك (العليم) نبأك .

(هل أنبئكم على من تنزل الشياطين) تتنزل .

(تنزل على كل أفاك أثيم) كذاب فاجر .

(يلقون) أي الأفاكون (السمع) إلى الشياطين فيتلقون منهم (وأكثرهم كاذبون).

(والشعراء يتبعهم الغاوون) باستحسان باطلهم وروايته عنهم ولا كذلك أتباع محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ويقرره .

(ألم تر أنهم في كل واد يهيمون) يذهبون غير مبالين بما نطقوا من غلو في مدح وذم .

(وأنهم يقولون ما لا يفعلون) من وعد كاذب وافتخار باطل وحديث مفترى .

(إلا) الشعراء (الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا) وكان شعرهم في الثناء على الله ومناجاته والحكمة والموعظة الحسنة ومدح النبي وآله ورثاهم (وانتصروا) من هجائهم من الكفار (من بعد ما ظلموا) بالاعتداء عليهم فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) أي مرجع يرجعون بعد الموت وفي (وسيعلم) وعيد وإطلاق (الذين ظلموا) وإبهام أي أشد ترهيب وأفظع تهويل.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21400404

  • التاريخ : 18/04/2024 - 22:26

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net