00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (238 - 247) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الأول )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية 238 - 247

[ حفظوا على الصلوت والصلوة الوسطى وقوموا لله قنتين(238) فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم مالم تكونوا تعلمون(239) والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجا وصية لازوجهم متعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم(240) ]

حفظوا على الصلوت: بالاداء لوقتها والمداومة عليها: ولعل الامر بها في تضاعيف أحكام الاولاد والازواج، لئلا يلهيهم الاشتغال بها عنها.

وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن بن الحجاج، عن أبان بن تغلب قال: كنت صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام بالمزدلفة فلما انصرف إلتفت إلي، فقال: يا أبان الصلوات الخمس المفروضات من أقام حدودهن، وحافظ على مواقيتهن لقى الله يوم القيامة وله عنده عهد يدخله به الجنة، ومن لم يقم حدودهن ولم يحافظ على مواقيتهن لقى الله ولا عهد له إن شاء عذبه وإن شاء غفر له(1).

علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يزال الشيطان ذعرا(2) من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس، فاذا ضيعهن تجرأ عليه فأدخله

___________________________________

(1) الكافي: ج 3، ص 267، كتاب الصلاة، باب من حافظ على صلاته أو ضيعها، ح 1.

(2) ذعر خاف فهو مذعور وذعر ذعرا: دهش. (*)

[569]

في العظائم(1).

جماعة، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الصلاة إذا ارتفعت في وقتها رجعت إلى صاحبها وهي بيضاء مشرقة، تقول: حفظتني حفظك الله.

وإذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت وهي سوداء مظلمة تقول: ضيعتني ضيعك الله(2).

والصلوة الوسطى: أي الوسطى بينها، وهي صلاة الظهر كما في بعض الاخبار(3).

أو العصر كما في بعض آخر(4). أو أمير المؤمنين عليه السلام، كما في بعض آخر(5).

ويمكن الحمل على الكل جمعا بين الاخبار. وقرئ بالنصب على الاختصاص.

في الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وقال تعالى: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " وهي صلاة الظهر، وهي اول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وآله، وهي وسط النهار، ووسط صلاتين بالنهار، صلاة الغداة وصلاة العصر وفي بعض القراء_ة حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، صلاة العصر، وقوموا لله قانتين قال: و نزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وآله في سفره، فقنت فيها

___________________________________

(1) الكافي: ج 3، ص 269، كتاب الصلاة، باب من حافظ على صلاته أو ضيعها، ح 8.

(2) الكافي: ج 3، ص 268، كتاب الصلاة، باب من حافظ على صلاته أو ضيعها، قطعة من حديث 4.

(3) تفسير العياشي: ج 1، ص 127، ح 415، 417، 419.

(4) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 79.

(5) تفسير العياشي: ج 1، ص 128، ح 421. (*)

[570]

رسول الله صلى الله عليه وآله وتركها على حالها في السفر والحضر وأضاف للمقيم ركعتين، وإنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي صلى الله عليه وآله يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام، فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها أربع ركعات كصلاة الظهر في ساير الايام(1).

وفي تهذيب الاحكام: أحمد بن محمد بن عيسى، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام مثله(2).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قرأ: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، صلاة العصر، وقوموا لله قانتين، وقوله: " وقوموا لله قانتين " قال: إقبال الرجل على صلاته ومحافظته حتى لا يلهيه، ولا يشغله عنها شئ(3).

وفي تفسير العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: الصلاة الوسطى، فقال: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، وصلاة العصر، وقوموا لله قانتين والوسطى هي الظهر، وكذلك كان يقرؤها رسول الله صلى الله عليه وآله(4).

عن زرارة، ومحمد بن مسلم أنهما سألا أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " قال: صلاة الظهر(5).

عن محمد بن مسلم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الصلاة الوسطى، هي الوسطى من صلاة النهار، وهي الظهر، وإنما يحافظ أصحابنا على الزوال من

___________________________________

(1) الكافي: ج 3، ص 271، كتاب الصلاة، باب فرض الصلاة، قطعة من حديث 1.

(2) التهذيب: ج 2، ص 241، أبواب الزيادات، باب 12، فضل الصلاة والمفروض منها والمسنون، قطعة من حديث 23.

(3) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 79.

(4) تفسير العياشي: ج 1، ص 127، ح 415.

(5) تفسير العياشي: ج 1، ص 127، ح 417، وتمام الحديث: " وفيها فرض الله الجمعة، وفيها الساعة التي لا يوافقها عبد مسلم فيسأل خيرا إلا أعطاه الله إياه ". (*)

[571]

أجلها(1).

وفي كتاب علل الشرايع: بإسناده إلى الحسن بن عبدالله، عن آبائه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث طويل يقول فيه صلى الله عليه وآله وقد سأله بعض اليهود عن مسائل: وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل آدم فيها من الشجرة، فأخرجه الله من الجنة، فأمر الله عزوجل ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة واختارها لامتي، فهي من أحب الصلوات إلى الله عزوجل، وأوصاني أن احفظها من بين الصلوات(2).

وباسناده عن عبدالله بن علي الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الموتور أهله وماله من ضيع صلاة العصر، قلت: ما الموتور أهله وماله؟ قال: لا يكون له في الجنة أهل ولا مال، يضيعها فيدعها متعمدا حتى تصفر الشمس وتغيب(3).

وعن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " قال: الصلوات رسول الله و أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، والوسطى أمير المؤمنين، وقوموا لله قانتين، طائعين للائمة(4).

وقوموا لله: أي في الصلاة.

قنتين: أي ذاكرين داعين في القيام، روي عن سماعة، عن أبي عبدالله عليه السلام، أن القنوت هو الدعاء(5).

وقد سبق أيضا أن المراد به طائعين للائمة.

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1، ص 128، ح 419.

(2) علل الشرايع: ج 2، ص 26، باب 36، العلة التي من أجلها فرض الله عزوجل على الناس خمس صلوات في خمس مواقيت، قطعة من حديث 1.

(3) الوسائل: ج 5، ص 112، كتاب الصلاة، الباب 9، من أبواب المواقيت، ح 10.

(4) تفسير العياشي: ج 1، ص 128، ح 421.

(5) تفسير العياشي: ج 1، ص 128، ح 420. (*)

[572]

فإن خفتم: من عدو أو غيره.

فرجالا أو ركبانا: فصلوا رجالا أو ركبانا، رجال: جمع راجل، كقيام وقائم، و ركبان: جمع راكب، كشاب وشبان.

وفي الكافي: أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " فان خفتم فرجالا أو ركبانا " كيف يصلي؟ وما يقول: إذا خاف من سبع أو لص كيف يصلي؟ قال: يكبر ويومي إيماء برأسه(1).

وفي تفسير العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: صلاة المواقفة، فقال: إذا لم يكن الضعف من عدوك صليت إيماء راجلا كنت أو راكبا، فإن الله يقول " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " تقول في الركوع: لك ركعت و أنت ربي، وفي السجود: لك سجدت وأنت ربي، أينما توجهت بك دابتك، غير أنك تتوجه حين تكبر أول تكبيرة(2).

وعن أبان بن منصور، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: فات أمير المؤمنين عليه السلام والناس يوم صفين صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأمرهم أمير المؤمنين عليه السلام: أن يسبحوا ويكبروا ويهللوا، قال: وقال الله " فان خفتم فرجالا أو ركبانا " فأمرهم علي عليه السلام فصنعوا ذلك ركبانا ورجالا(3).

وفي مجمع البيان: ويروي أن عليا عليه السلام صلى ليلة الهرير خمس صلوات بالايماء، وفعل بالتكبير، وأن النبي صلى الله عليه وآله صلى يوم الاحزاب بإيماء(4).

وفي من لا يحضره الفقيه: روى عبدالرحمن بن أبي عبدالله، عن الصادق

___________________________________

(1) الكافي: ج 3، ص 457، كتاب الصلاة، باب صلاة الخوف، ح 6.

(2) تفسير العياشي: ج 1، ص 128، ح 422.

(3) تفسير العياشي: ج 1، ص 128، ح 423.

(4) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 344، في بيان المعنى لآية 213، من سورة البقرة. (*)

[573]

عليه السلام في صلاة الزحف، قال: تكبير وتهليل، يقول الله عزوجل " فان خفتم فرجالا أو ركبانا "(1).

وروي عن أبي بصير أنه قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن كنت في أرض مخوفة فخشيت لصا أو سبعا في الفريضة، فصل وأنت على دابتك(2).

وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: الذي يخاف اللصوص يصلي إيماء على دابته(3).

فإذا أمنتم: من الخوف.

فاذكروا الله: صلاة الامن. أو اشكروه على الامن.

كما علمكم: ذكرا مثل ما علمكم، و " ما " مصدرية أو موصولة، أو موصوفة.

ما لم تكونوا تعلمون: مفعول " علمكم ".

والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجا وصية لازوجهم: التقدير على قراء_ة النصب، ليوصوا وصية، أو كتب الله عليهم وصية، أو الزموا وصية.

وعلى قراء_ة الرفع وصية الذين، أو حكمهم، أو هم أهل وصية، أو كتب عليهم وصية، أو عليهم وصية.

وقرء متاع بدلها.

متعا إلى الحول: نصب ب_" ليوصوا " إن اضمرت، وإلا فبالوصية، أو بمتاع على قراء_ة من قرأه لانه بمعنى التمتيع.

غير إخراج: بدل منه، أو مصدر مؤكد، كقولك هذا القول غير ما تقول، أو حال من " أزواجهم " أي غير مخرجات.

والمعنى أنه يجب على الذين يتوفون أن يوصوا قبل أن يحتضروا لازواجهم بأن يتمتعن بعدهم حولا بالسكنى.

وذلك أول الاسلام فنسخت المدة بقوله: " أربعة أشهر وعشرا " لانه متأخر عنه بالنزول.

___________________________________

(1) الفقيه: ج 1، ص 295، باب 63 صلاة الخوف والمطاردة والمواقفة والمسايفة ح 8.

(2) الفقيه: ج 1، ص 295، باب 63 صلاة الخوف والمطاردة والمواقفة والمسايفة ح 9.

(3) الفقيه: ج 1، ص 295، باب 63 صلاة الخوف والمطاردة والمواقفة والمسايفة ح 10. (*)

[574]

[ وللمطلقت متع بالمعروف حقا على المتقين(241) كذلك يبين الله لكم_ء_ايته لعلكم تعقلون(242) ]

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر قال: سألته عن قوله: " متاعا إلى الحول غير إخراج "؟ قال: منسوخة نسختها آية " يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " ونسختها آيات الميراث(1).

عن أبن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: سألته عن قول الله " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لازواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " قال: منسوخة، وذكر كما سبق سواء(2 / 3).

فإن خرجن: عن منزل الازواج.

فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف: مما لم ينكره الشرع غير الخروج، وأما فيه فعليكم الجناح في ترك كفهن.

والله عزيز: غالب على الانتقام ممن خالفه.

حكيم: بمصالحهم.

وللمطلقت: سواء المفوضة وغيرها، سوى المختلعة كما مر، إلا أن للمفوضة على

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1، ص 129، ح 426، والحديث عن ابن أبي عمير، عن معاوية، وفيه (قال: سألته عن قول الله: " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لازواجهم " إلى آخر الحديث).

(2) تفسير العياشي: ج 1، ص 129، ح 427، والحديث عن أبي بصير ولفظه هكذا (قال: سألته عن قول الله: " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لازواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " قال: هي منسوخة، قلت: وكيف كانت؟ قال: كان الرجل إذا مات أنفق على أمرأته من صلب المال حولا ثم اخرجت بلا ميراث ثم نسختها آية الربع والثمن فالمرأة ينفق عليها من نصيبها).

(3) هذا واعلم أن ما عزاه المصنف إلى أبي بصير، هو عن معاوية بن عمار وما عزاه إلى معاوية بن عمار، هو عن إبي بصير مضافا إلى ان مضمونهما ايضا مختلفة. (*)

[575]

سبيل الوجوب ولغيرها على الاستحباب.

متع: متعة. بالمعروف: بما يعرفه الشرع.

حقا على المتقين: الكاملين الذين يتقون في ترك الواجبات والمندوبات، وقال قوم: المراد بالمتاع نفقة العدة.

وفي الكافي: أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن عبدالكريم، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل " وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين " قال: متاعها بعد ما تنقضي عدتها على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، وكيف يمنعها وهي في عدتها، ترجوه ويرجوها، ويحدث الله عزوجل بينهما ما يشاء، وقال: إذا كان الرجل موسعا عليه متع امرأته بالعبد والامة والمقتر بالحنطة والزبيب والثوب والدراهم، وأن الحسن بن علي عليهما السلام متع إمرأة له بأمة، ولم يطلق إمرأة إلا متعها(1).

حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمد بن زياد، عن عبدالله بن سنان، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن سماعة جميعا، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: في قول الله عزوجل " وللمطلقات متاع بالمعروف حقا، على المتقين " قال: متاعها بعد ما تنقضي عدتها على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، قال: فكيف يمتعها في عدتها وهي ترجوه ويرجوها، ويحدث الله ما يشاء.

أما أن الرجل الموسر يمتع المرأة بالعبد والامة، ويمتع الفقير بالحنطة والزبيب والثوب والدراهم، و أن الحسن بن علي عليهما السلام متع إمرأة طلقها بأمة ولم يكن يطلق إمرأة إلا متعها(2).

حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمد بن زياد، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله، إلا أنه قال: كان الحسن بن علي عليهما السلام يمتع

___________________________________

(1) الكافي: ج 6، ص 105، كتاب الطلاق، باب متعة المطلقة، ح 3، وفيه (وكيف لا يمتعها)(2) الكافي: ج 6، ص 105، كتاب الطلاق، باب متعة المطلقة، ح 4. (*)

[576]

[ ألم تر إلى الذين خرجوا من ديرهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحيهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون(243) وقتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم(244) ]

نسائة بالامة(1).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن عبدالكريم، عن أبي بصير قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: أخبرني عن قول الله عزوجل " وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين " ما أدنى ذلك المتاع؟ إذا كان معسرا لا يجد؟ قال: خمار وشبهه(2).

كذلك: اشارة إلى ما سبق من أحكام الطلاق والعدد.

يبين الله لكم_ء_ايته: وعد بأنه سيبين لعباده ما يحتاجون إليه في المعاش والمعاد.

لعلكم تعقلون: أي تستعملون العقل في فهمها.

ألم تر: تعجيب وتقرير لمن سمع بقصتهم من أهل الكتاب وأرباب التواريخ.

وقد يخاطب به من لم ير ولم يسمع، فإنه صار مثلا في التعجب.

إلى الذين خرجوا من ديرهم: قيل: يريد أهل داوردان(3)، قرية قبل

___________________________________

(1 و 2) الكافي: ج 6، 105، كتاب الطلاق، باب متعة المطلقة، ح 4 وح 5.

(3) بفتح الواو وسكون الراء وآخره نون: من نواحي شرقي واسط بينهما فرسخ، قال ابن عباس في قوله عزوجل: " الم تر إلى الذين خرجوا. " قال: كانت قرية يقال لها داوردان وقع بها الطاعون فهرب عامة أهلها إلى آخره. (معجم البلدان: ج 2، ص 434، باب الدال والالف). (*)

[577]

واسط، وسيجئ في الحديث أن هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام.

وهم ألوف: أي الوف كثيرة، أعني سبعين ألف بيت.

وقيل: متألفون، جمع الف والف، كقاعد وقعود، والاول هو الصحيح، والواو للحال حذر الموت: مفعول له.

فقال لهم الله موتوا: قال لهم: موتوا، فماتوا، كقوله: كن فيكون، والمعنى أنهم ماتوا ميتة رجل واحد من غير علة بمشيئة الله وأمره ثم أحيهم: حين مر عليهم حزقيل.

إن الله لذو فضل على الناس: حيث أحياهم للاعتبار والفوز بالسعادات ولكن أكثر الناس لا يشكرون: لا يشكرونه كما ينبغي، أولا يعتبرون وفي عيون الاخبار: في مجلس الرضا عليه السلام مع اهل الاديان والمقالات في التوحيد، في كلام للرضا عليه السلام مع النصارى، قال عليه السلام: فمتى اتخذتم عيسى ربا لجاز لكم أن تتخذوا اليسع وحزقيل(1) ربا لانهما قد صنعا مثل ما صنع عيسى بن مريم عليهما السلام من إحياء الموتى وغيره.

إن قوما من بني إسرائيل خرجوا من بلادهم من الطاعون، وهم الوف حذر الموت، فأماتهم ألله في ساعة واحدة، فعمد أهل تلك القرية فحظروا عليهم حظيرة، ولم يزالوا فيها حتى نخرت عظامهم وصاروا رميما فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل، فتعجب منهم ومن كثرة العظام البالية، فاوحى الله إليه أتحب أن أحييهم لك، فتنذرهم؟ قال: نعم يا رب، فأوحى الله إليه أن نادهم، فقال: أيتها العظام البالية قومي بإذن الله تعالى، فقاموا أحياء أجمعون، ينفضون التراب عن رؤوسهم(2).

وفي هذا المجلس يقول الرضا عليه السلام: وقد صنع حزقيل النبي عليه السلام

___________________________________

(1) حزقيل: هو اسم سرياني أو عبراني مضاد عبدالله أو هبة الله. تاج العروس: ج 7، ص 278 فصل الحاء من باب اللام. حزقيل نبي من أنبياء الله من بني اسرائيل مجمع البحرين: ج 5، ص 349 لغة حزقل .

(2) عيون اخبار الرضا، ج 1، ص 160، باب(12) ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع أهل الاديان واصحاب المقالات في التوحيد. (*)

[578]

مثل ما صنع عيسى بن مريم، فأحيا خمسة وثلاثين ألف رجل بعد موتهم بستين سنة ثم التفت إلى رأس الجالوت، فقال له: يا راس الجالوت، أتجد هؤلاء في شباب بني إسرائيل في التوراة، اختارهم بخت نصر من بني إسرائيل حين غزا بيت المقدس، ثم انصرف بهم إلى بابل(1) فأرسله الله عزوجل إليهم فأحياهم، هذا في التوراة لا يدفعه إلا كافر منكم(2) وفي روضة الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد وغيره، عن بعضهم عن أبي عبدالله عليه السلام وبعضهم عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " الم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " فقال: ان هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام، وكانوا سبعين الف بيت وكان الطاعون يقع فيهم في كل أوان، فكانوا إذا أحسوا به خرج من المدينة الاغنياء لقوتهم، وبقي فيهما الفقراء لضعفهم، فكان الموت يكثر في الذين أقاموا، ويقل في الذين خرجوا، فيقول الذين خرجوا: لو كنا أقمنا لكثر فينا الموت ويقول الذين أقاموا لو كنا خرجنا لقل فينا الموت، قال: فاجتمع رأيهم جميعا أنه إذا وقع الطاعون فيم وأحسوا به خرجوا كلهم من المدينة، فلما أحسوا بالطاعون خرجوا جميعا وتنحوا عن الطاعون حذر الموت فساروا في البلاد ما شاء الله، ثم انهم مروا بمدينة خربة قد جلا أهلها عنها، وأفناهم الطاعون، فلما حطوا رحالهم فاطمأنوا بها، قال لهم الله موتوا جميعا، فماتوا من ساعتهم وصاروا رميما يلوح، وكانوا على طريق المارة فكنستهم المارة فنحوهم وجمعوهم في موضع، فمر بهم نبي من انبياء بني إسرائيل يقال له: حزقيل، فلما رأى تلك العظام بكى واستعبر و

___________________________________

(1) بابل بكسر الباء اسم ناحية منها الكوفة والحلة، وقال المفسرون في قوله تعالى: (وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماورت) قيل: بابل العراق، وقيل: بابل دنباوند، وقال ابوالحسن: بابل الكوفة، ويقال: أول من سكنها نوح عليه السلام، وهو اول من عمرها وكان قد نزلها بعقب الطوفان غسار هو ومن خرج معه من السفينة اليها لطلب الدفئ (معجم البلدان باب الباء والالف في لغة بابل).

(2) عيون اخبار الرضا: ج 1، ص 159 باب(12) ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع اهل الاديان و اصحاب المقالات في التوحيد). (*)

[579]

قال: يا رب لو شئت لاحييتهم الساعة كما أمتهم فعمروا بلادك وولدوا عبادك و عبدوك مع من يعبدك من خلقك، فاوحى الله أفتحب ذلك؟ قال: نعم يا رب، فأحياهم الله، قال: فأوحى الله إليه أن قل: كذا وكذا، فقال الذي أمر الله عزوجل أن يقوله: فقال أبو عبدالله عليه السلام: وهو الاسم الاعظم، فلما قال حزقيل ذلك الكلام: نظر إلى العظام يطير بعضها إلى بعض. فعادوا أحياء ينظر بعضهم إلى بعض يسبحون الله عز ذكره ويكبرونه ويهللونه، فقال حزقيل عند ذلك: أشهد أن الله على كل شئ قدير قال عمر بن يزيد: قال أبو عبدالله عليه السلام: فيهم نزلت هذه الآية(1) وفى مجمع البيان: وسأل زرارة بن أعين أبا جعفر عليه السلام عن هؤلاء القوم الذين قال لهم الله موتوا ثم أحياهم فقال: أحياهم حتى نظر الناس إليهم ثم أماتهم أم ردهم إلى الدنيا حتى سكنوا الدور وأكلوا الطعام؟ قال: لا، بل ردهم الله حتى سكنوا الدور وأكلوا الطعام ونكحوا النساء ومكثوا بذلك ما شاء الله ثم ماتوا بآجالهم(2) وفي عوالي اللئالي عن الصادق عليه السلام حديث طويل يذكر فيه النيروز الفرس، وفيه: ثم أن نبيا من أنبياء بني إسرائيل سأل ربه أن يحيي القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت، فأماتهم الله، فأوحى إليه أن صب الماء في مضاجعهم فصب عليهم الماء في هذا اليوم، فعاشوا وهم ثلاثون ألفا، فصار صب الماء في اليوم النوروز سنة ماضية لا يعرف سببها الا الراسخون في العلم(3) وقتلوا في سبيل الله: لما بين ان الفرار من الموت غير منج، أمرهم بالقتال، إذ لو جاء أجلهم ففى سبيل الله وإلا فالنصر والثواب واعلموا أن الله سميع: لما يقول المتخلف والسابق عليم: بما يضمرانه ومجاز عليهما.

___________________________________

(1) الكافى: ج 8، ص 170، قصة الذين خرجوا من ديارهم حذر الموت، ح 237.

(2) مجمع البيان، ج 1 - 2، ص 347، في نقل القصة لآية(243) من سورة البقرة(3) عوالي اللالي: ج 3، ص 41، باب الطهارة، ح 116. (*)

[580]

[ من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبصط وإليه ترجعون(245) ]

من ذا الذى يقرض الله: " من " استفهامية، مرفوعة المحل بالابتداء، و " ذا " خبر، و " الذي " صفة " ذا " أو بدله.

وإقراض الله مثل لتقديم العمل الذي يطلب به ثوابه قرضا حسنا: مقرونا بالاخلاص وطيب النفس، أو مقرضا حلالا طيبا.

وقيل: القرض الحسن: المجاهدة والانفاق في سبيل الله.

وفي الخبر أنه صلة الامام(1) فيضعفه له: فيضاعف جزاء_ه له، أخرجه على صورة المغالبة، للمبالغة وقرأ عاصم: بالنصب على جواب الاستفهام حملا على المعنى، فان " من ذا الذي يقرض الله " في معنى أيقرض الله أحد(2) وقرأ ابن كثير فيضعفه بالرفع والتشديد(3)، وابن عامر ويعقوب بالنصب(4) أضعافا كثيرة: وأضعاف جمع ضعف، ونصبه على الحال من الضمير المنصوب، أو المفعول الثاني، لتضمن المضاعفة معنى التصدير، أو المصدر على أن الضعف اسم المصدر وجمعه للتنويع، والكثيرة من الله لا يقدرها الا الله.

في كتاب معاني الاخبار: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن أيوب الخزاز قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: لما انزلت هذه الآية على النبي

___________________________________

(1) ثواب الاعمال: ص 99.

(2) و(3) و(4) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 128. (*)

[581]

صلى الله عليه وآله " من جاء بالحسنة فله خير منها " قال رسول الله صلى الله عليه واله: اللهم زدني، فأنزل الله عزوجل " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم زدني، فأنزل الله عزوجل " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة " فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الكثير من الله لا يحصى وليس له منتهى(1).

وفي اصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن احمد بن محمد، عن الوشا، عن عيسى بن سليمان النحاس، عن المفضل بن عمر، عن الخيبرى ويونس بن ظبيان قالا: سمعنا أبا عبدالله عليه السلام يقول: ما من شئ أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الامام وإن الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل احد، ثم قال: إن الله يقول في كتابه " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة " قال: هو والله في صلة الامام خاصة(2) عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: فهل للمؤمن فضل على المسلم في شئ من الفضائل والاحكام والحدود وغير ذلك؟ فقال: لا، هما يجريان في ذلك مجرى واحد، ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقربان به إلى الله عزوجل، قلت: أليس الله عزوجل يقول " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " وزعمت أنهم يجتمعون على الصلاة والزكاة والصوم والحج مع المؤمن، قال: أليس قد قال الله عزوجل " يضاعفه له أضعافا كثيرة " فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله عزوجل لهم حسناتهم لكل حسنة سبعين ضعفا، فهذا فضل المؤمن، ويزيده الله في حسناته على قدر صحة إيمانه أضعافا كثيرة ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير، والحديث طويل أخذت منه موضع الجاجة(3).

___________________________________

(1) معاني الاخبار: ص 397، باب نوادر المعاني، ح 54.

(2) الكافي: ج 1، ص 537، كتاب الحجة، باب صلة الامام، ح 2.

(3) الكافي: ج 2، ص 26، كتاب الايمان والكفر، باب أن الايمان يشرك الاسلام والاسلام لا يشرك الايمان، قطقه من حديث

[582]

والمسلم والمؤمن كلاهما من أهل الولاية، لكن المؤمن أعلى مرتبة، وهو من دخل الايمان في قلبه بالبرهان واعتقاده أكمل وإخلاصه أوفر.

وفي كتاب ثواب الاعمال: أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن حمران بن موسى، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن إسحاق بن عمار، قال: قلت للصادق عليه السلام: ما معنى قول الله تبارك وتعالى " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة "؟ قال: صلة الامام(1) أبي رحمه الله قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن الفضل، عن أبي طالب عبدالله بن الصلت، عن يونس بن عبدالرحمن، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله(2) والله يقبض ويبصط: أي يقتر على بعض ويوسع على بعض حسب ما اقتضته حكمته. وقرئ (يبسط) بالصاد.

وإليه ترجعون: فيجازيكم على ما قدمتم.

في كتاب التوحيد: باسناده إلى سليمان بن مهران، عن أبي عبدالله عليه السلام، في حديث طويل يقول عليه السلام: والقبض من الله تعالى في موضع آخر المنع، والبسط منه الاعطاء والتوسع كما قال عزوجل " والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون " يعنى، يعطي ويوسع ويمنع ويقبض(3)

* * *

___________________________________

(1) ثواب الاي: ص 99 .

(2) ثواب الاعمال: ص 99 .

(3) كتاب التوحيد: ص 161، باب 17 تفسير قوله عز وجل " والارض جميعا قبضته يوم القيامة " قطقه من حديث 2.(*)

[583]

[ ألم تر إلى الملا من بنى إسرء_يل من بعد موسى إذ قالوا - لنبى لهم ابعث لنا ملكا نقتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقتلوا قالوا ومالنا ألا نقتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديرنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظلمين(246) ]

ألم تر إلى الملا من بنى إسرء_يل: " الملا " جماعة يجتمعون للتشاور، لا واحد له كالقوم، و " من " للتبعيض.

من بعد موسى: أي من بعد وفاته، و " من " للابتداء إذ قالوا لنبى لهم: قيل: هو يوشع، وقيل: شمعون وفي مجمع البيان: اختلف فيه، فقيل: اشمويل، وهو بالعربية إسماعيل، من أكثر المفسرين، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام(1) ابعث لنا ملكا نقتل في سبيل الله: أقم لنا أميرا لننهض معه للقتال، و " نقاتل " مجزوم على الجواب وقرئ بالرفع على أنه حال أي مقدرين القتال، و يقاتل بالياء مجزوما على الجواب، ومرفوعا على الوصف ل (ملكا).

قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقتلوا: وقرأ نافع " عسيتم " بالكسر(2)، و " ألا تقاتلوا " خبر " عسى " فصل بينه وبين خبره بالشرط، و

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 350 في بيان المعنى لاية(246) من سورة البقرة.

(2) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 129، في تفسيره لقوله تعالى: (ومالنا ان لا نقاتل في سبيل الله وقد اخرجنا الآية). (*)

[584]

[ - وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفيه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله وسع عليم(247) ]

إدخال " هل " على الفعل المتوقع، للتقرير والتثبيت قالوا ومالنا ألا نقتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديرنا وأبنائنا أي: أي غرض لنا في التخلف عن القتال وقد عرض ما يوجبه من الاخراج عن الاوطان، والافراد عن الاولاد.

وذلك أن جالوت ومن معه من العمالقة كانوا يسكنون ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين فظهروا على بني إسرائيل فأخذوا ديارهم وسبوا أولادهم، قيل: و أسروا من أبناء الملوك أربعمائة وأربعين(1) فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم في كتاب معاني الاخبار: أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزوجل " فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم " قال: كان القليل ستين ألفا(2) والله عليم بالظلمين: وعيد لهم بترك الجهاد. وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا: " طالوت "

___________________________________

(1) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 129.

(2) معاني الاخبار: ص 151 باب معنى القليل ح 1 (*)

[585]

علم عبري كداود. وجعله فعلوتا من الطول، يدفعه منع صرفه.

نقل أن نبيهم عليه السلام لما دعى الله أن يملكهم أتى بعصا يقاس بها من يملك عليهم فلم يساوها إلا طالوت قالوا أنى يكون له الملك علينا: وكانت النبوة في ولد لاوي بن يعقوب، والملك في ولد يوسف، وكان طالوت من ولد بنيامين أخي يوسف لامه لم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة.

ونحن أحق بالملك منه: وراثة.

ولم يؤت سعة من المال: لان طالوت كان فقيرا، فنحن أحق بالملك منه قال: النبي عليه السلام: إن الله اصطفيه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله وسع عليم: رد لاستبعادهم من وجوه أربعة: الاول: أن المعتبر إصطفاء الله وقد اصطفاه عليكم.

الثاني: أن الشرط فيه وفور العلم ليتمكن من السياسة، وجسامة البدن ليكون له خطر في القلوب وقوة على مقاومة العدو، وقد زاده الله فيهما.

الثالث: أن الله مالك الملك يؤتي ملكه من يشاء.

الرابع: أنه واسع الفضل، فيغني الفقير، عليم بمن يليق بالملك.

وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي: من كلام لامير المؤمنين عليه السلام: إسمعوا ما أتلو عليكم من كتاب الله المنزل على نبيه المرسل، لتتعظوا، فإنه والله أبلغ عظة لكم، فانتفعوا بمواعظ الله، وانزجروا عن معاصي الله، فقد وعظكم الله بغيركم، فقال لنبيه عليه السلام: " ألم تر إلى الملا " إلى قوله " والله سميع عليم " أيها الناس إن لكم في هذه الآيات عبرة، لتعلموا أن الله جعل الخلافة والامرة من بعد الانبياء في أعقابهم، وأنه فضل طالوت وقدمه على الجماعة باصطفائه إياه، وزاده بسطة في العلم والجسم، فهل تجدون الله اصطفى بني امية على بني هاشم وزاد

[586]

معاوية علي بسطة في العلم والجسم(1) وفي أمالي شيخ الطائفة قدس سره بإسناده إلى علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قلت: أربع أنزل الله تعالى تصديقي بها في كتابه، إلى قوله عليه السلام: وقلت قدرا وقال: قيمة كل امرء ما يحسن، فأنزل الله تعالى في قصة طالوت انا لله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم(2).

وفي عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في وصف الامامة و الامام: إن الانبياء والائمة يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم في قوله عزوجل: " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون " وقوله عزوجل في طالوت " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم "(3) وفي تفسير علي بن ابراهيم: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام: إن بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله وعتوا عن أمر ربهم، وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلم يطيعوه(4) وروي أنه أرميا النبي، فسلط الله عليهم جالوت، وهو من القبط فأذلهم و قتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأموالهم واستعبد نساء_هم، ففزعوا إلى نبيهم و قالوا: سل الله أن يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، وكانت النبوة في بني اسرائيل في بيت، والملك والسلطان في بيت آخر، لم يجمع الله لهم النبوة والملك في بيت

___________________________________

(1) احتجاج الطبرسي، ص 173 احتجاجه على قومه في الحث على المسير إلى الشام لقتال معاوية.

(2) الامالي: لشيخ الطائفة، ج 2، ص 108.

(3) عيون أخبار الرضا: ص 221، باب 20 ما جاء عن الرضا عليه السلام في وصف الامامة والامام .ح 1.

(4) تفسير علي بن ابراهيم: ج 1، ص 81، قصة طالوت وجالوت. (*)

[587]

واحد، فمن ذلك قالوا " ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله " فقال نبيهم: " هل عسيتم أن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد اخرجنا من ديارنا وأبنائنا " وكان كما قال الله تبارك وتعالى: " فلما كتب عليهم القتال تولوا الا قليلا منهم والله عليم بالظالمين " فقال لهم نبيهم: " ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا " فغضبوا من ذلك " وقالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال " وكانت النبوة في ولد لاوي والملك في ولد يوسف، وكان طالوت من ولد بنيامين أخو يوسف لامه لم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة، فقال لهم نبيهم: " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم " وكان أعظمهم جسما وكان شجاعا قويا وكان أعلمهم، الا انه كان فقيرا فعابوه بالفقر فقالوا لم يؤت سعة من المال، فقال لهم نبيهم " إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم و بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " وكان التابوت الذي أنزل الله على موسى فوضعته فيه امه فألقته في اليم، فكان في بني إسرائيل معظما يتبركون به، فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الالواح ودرعه وما كان عنده آيات النبوة و أودعه يوشع وصيه، فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات، فلم يزل بنو إسرائيل في عز وشرف ما دام التابوت عندهم، فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم، فلما سألوا النبي بعث الله طالوت إليهم ملكا يقاتل معهم رد الله عليهم التابوت كما قال الله " ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " قال: البقية، ذرية الانبياء، قوله: " فيه سكينة من ربكم " فإن التابوت كان يوضع بين يدي العدو وبين المسلمين، فيخرج منه ريح طيبة لها وجه كوجه الانسان(1) وما في هذا الخبر من أن ذلك النبي كان إرميا، ينافي ما نقل في مجمع البيان

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم القمي: ج 1، ص 81 قصة طالوت وجالوت (*)

[588]

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21337980

  • التاريخ : 29/03/2024 - 07:46

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net