00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الكهف 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الثالث)   ||   تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني »

[ 230 ]

سورة الكهف

مكية قال ابن عباس إلا آية واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم فإنها نزلت بالمدينة في قصة عيينة بن حصين عدد آيها مائة وإحدى عشرة آية بسم الله الرحمن الرحيم (1) الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب يعني القرآن علم الله سبحانه عباده كيف يحمدونه على أجل نعمه عليهم الذي هو سبب نجاتهم ولم يجعل له عوجا باختلال في اللفظ وتناقض في المعنى والعوج بالكسر في المعاني كالعوج بالفتح في الأعيان. (2) قيما جعله مستقيما معتدلا لا إفراط فيه ولا تفريط. القمي قال هذا مقدم ومؤخر لأن معناه الذى أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا فقدم حرف على حرف لينذر بأسا شديدا أي لينذر الذين كفروا عذابا شديدا من لدنه صادرا من عنده. العياشي البأس الشديد علي عليه السلام وهو من لدن رسول الله صلى الله عليه وآله قاتل معه عدوه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا هو الجنة. (3) ماكثين فيه أبدا بلا إنقطاع. (4) وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا. القمي يعني قريشا حيث قالوا إن الملائكة بنات الله واليهود والنصارى في قولهم

[ 231 ]

عزير ابن الله والمسيح ابن الله. (5) ما لهم (1) به وبما يقولون من علم ولا لابائهم الذين يقلدونهم فيه بل يقولونه عن جهل مفرط وتوهم كاذب كبرت كلمة عظمت مقالتهم هذه في الكفر لما فيها من التشبيه والأشراك تخرج من أفواههم إستعظام لأجترائهم على إخراجها من أفواههم إن يقولون إلا كذبا. (6) فلعلك باخع نفسك. القمي عن الباقر عليه السلام يقول قاتل نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث بهذا القرآن أسفا متعلق بباخع نفسك وهو فرط الحزن والغضب كأنهم إذ ولوا عن الأيمان فارقوه فشبهه بمن فارقته أعزته فهو يتحسر على آثارهم ويقتل نفسه تلهفا على فراقهم. (7) إنا جعلنا ما على الارض زينة لها ما يصلح أن يكون زينة لها ولأهلها من زخارفها لنبلوهم أيهم أحسن عملا في تعاطيه وهو من زهد فيه ولم يغتر به وقنع منه بالكفاف. (8) وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا. القمي يعني خرابا وعن الباقر عليه السلام قال لا نبات فيها وهو تزهيد في الدنيا وتنبيه على المقصود من حسن العمل. وفي الكافي عن السجاد عليه السلام إن الله لم يحب زهرة الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه ولم يرغبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها وإنما خلق الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم فيها أيهم أحسن عملا لاخرته. (9) أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم في إبقاء حياتهم على تلك الحال مدة مديدة كانوا من آياتنا عجبا القمي يقول قد آتيناك من الايات ما هو أعجب منه قال وهم فتية كانوا في الفترة بين عيسى بن مريم عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وآله وأما الكهف والرقيم فهما لوحان من نحاس مرقوم مكتوب فيهما أمر الفتية وأمر إسلامهم وما أراد منهم دقيانوس الملك وكيف كان


1 - أي ليس لهؤلاء ولا لاسلافهم علم بهذا القول الشنيع وإنما يقولون ذلك عن جهل وتقليد من غير حجة. (*)

[ 232 ]

أمرهم وحالهم والعياشي عن الصادق عليه السلام هم قوم فقدوا وكتب ملك ذلك الديار بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم في صحف من رصاص فهو قوله أصحاب الكهف والرقيم. والقمي عنه عليه السلام كان سبب نزول سورة الكهف أن قريشا بعثوا ثلاثة نفر إلى نجران النضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط والعاص بن وائل السهمي ليتعلموا من اليهود والنصارى مسائل يسألونها رسول الله صلى الله عليه وآله فخرجوا إلى نجران إلى علماء اليهود فسألوهم فقالوا سلوه عن ثلاث مسائل فإن أجابكم فيها على ما عندنا فهو صادق ثم سلوه عن مسألة واحدة فإن إدعى علمها فهو كاذب قالوا وما هذه المسائل قالوا سلوه عن فتية كانوا في الزمن الأول فخرجوا وغابوا وناموا كم بقوا في نومهم حتى انتبهوا وكم كان عددهم وأي شئ كان معهم من غيرهم وما كان قصتهم واسألوه عن موسى حين أمره الله عز وجل أن يتبع العالم ويتعلم منه من هو وكيف يتبعه وما كان قصته معه واسألوه عن طائف طاف مغرب الشمس ومطلعها حتى بلغ سد يأجوج ومأجوج من هو وكيف كان قصته ثم أملوا عليهم أخبار هذه الثلاث المسائل وقالوا لهم إن أجابكم بما قد أملينا عليكم فهو صادق وإن أخبركم بخلاف ذلك فلا تصدقوه قالوا فما المسألة الرابعة قالوا سلوه متى تقوم الساعة فإن إدعى علمها فهو كاذب فإن قيام الساعة لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى فرجعوا إلى مكة واجتمعوا إلى أبي طالب رضى الله عنه فقالوا يا أبا طالب إن ابن أخيك يزعم أن خبر السماء يأتيه ونحن نسأله عن مسائل فإن أجابنا عنها علمنا أنه صادق وإن لم يخبرنا علمنا أنه كاذب فقال أبو طالب سلوه عما بدا لكم فسألوه عن الثلاث المسائل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله غدا اخبركم ولم يستثن فاحتبس الوحي عليه أربعين يوما حتى إغتم النبي صلى الله عليه وآله وشك أصحابه الذين كانوا آمنوا به وفرحت قريش واستهزؤوا وآذوا وحزن أبو طالب عليه السلام فلما كان بعد أربعين يوما نزل عليه جبرئيل عليه السلام بسورة الكهف فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لقد أبطأت فقال إنا لا نقدر أن ننزل إلا بإذن الله تعالى فأنزل الله عز وجل أم حسبت يا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ثم قص قصتهم فقال إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا فقال الصادق عليه السلام إن أصحاب الكهف والرقيم كانوا في زمن ملك جبار عات وكان يدعو أهل مملكته

[ 233 ]

إلى عبادة الأصنام فمن لم يجبه قتله وكانوا هؤلاء قوما مؤمنين يعبدون الله عز وجل وكل الملك بباب المدينة وكلاء ولم يدع أحدا يخرج حتى يسجد للأصنام فخرج هؤلاء بعلة الصيد وذلك إنهم مروا براع في طريقهم فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم وكان مع الراعي كلب فأجابهم الكلب وخرج معهم فقال الصادق عليه السلام لا يدخل الجنة من البهائم إلا ثلاثة حمار بلعم بن باعورا وذئب يوسف عليه السلام وكلب أصحاب الكهف فخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلة الصيد هربا من دين ذلك الملك فلما أمسوا دخلوا ذلك الكهف والكلب معهم فألقى الله عز وجل عليهم النعاس كما قال الله تبارك وتعالى فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا فناموا حتى أهلك الله عز وجل الملك وأهل مملكته وذهب ذلك الزمان وجاء زمان آخر وقوم آخرون ثم انتبهوا فقال بعضهم لبعض كم نمنا هاهنا فنظروا إلى الشمس قد إرتفعت فقالوا نمنا يوما أو بعض يوم ثم قالوا لواحد منهم خذ هذا الورق وادخل المدينة متنكرا لا يعرفونك فاشتر لنا طعاما فإنهم إن علموا بنا وعرفونا قتلونا أو ردونا في دينهم فجاء ذلك الرجل فرأى المدينة بخلاف الذي عهدها ورآى قوما بخلاف أولئك لم يعرفهم ولم يعرفوا لغته ولم يعرف لغتهم فقالوا له من أنت ومن أين جئت فأخبرهم فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه والرجل معهم حتى وقفوا على باب الكهف وأقبلوا يتطلعون فيه فقال بعضهم هؤلاء ثلاثة ورابعهم كلبهم وقال بعضهم هم خمسة وسادسهم كلبهم وقال بعضهم هم سبعة وثامنهم كلبهم وحجبهم الله عز وجل بحجاب من الرعب فلم يكن أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم فإنه لما دخل عليهم وجدهم خائفين أن يكون أصحاب دقيانوس شعروا بهم فأخبرهم صاحبهم أنهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل وأنهم آية للناس فبكوا وسألوا الله تعالى أن يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا ثم قال الملك ينبغي أن نبني ها هنا مسجدا ونزوره فإن هؤلاء قوم مؤمنون فلهم في كل سنة نقلتان ينامون ستة أشهر على جنوبهم الأيمن وستة أشهر على جنوبهم الأيسر والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف. (10) إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة توجب لنا المغفرة والرزق والأمن من العدو وهيئ لنا من أمرنا من الأمر الذي نحن عليه من مفارقة الكفار رشدا نصير بسببه راشدين مهتدين.

[ 234 ]

(11) فضربنا على آذانهم أي ضربنا عليها حجابا يمنع السماع يعني أنمناهم إنامة لا ينبههم منها الأصوات في الكهف سنين عددا ذوات عدد. (12) ثم بعثناهم أيقظناهم لنعلم ليقع علمنا الأزلي على المعلوم بعد وقوعه ويظهر لهم أي الحزبين المختلفين أحصى لما لبثوا أمدا ضبط أمدا لزمان لبثهم أو أضبط له. (13) نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية في الكافي عن الصادق عليه السلام إنه قال لرجل ما الفتى عندكم فقال له الشاب فقال لا الفتى المؤمن إن أصحاب الكهف كانوا شيوخا فسماهم الله فتية بإيمانهم. والعياشي عنه عليه السلام مثله إلا أنه قال كانوا كلهم كهولا وزاد من آمن بالله واتقى فهو الفتى آمنوا بربهم وزدنهم هدى بالتوفيق والتثبيت. (14) وربطنا على قلوبهم أي قويناها وشددنا عليها حتى صبروا على هجر الأوطان والفرار بالدين إلى بعض الغيران إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والارض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا قولا ذا شطط أي ذا بعد عن الحق مفرطا في الظلم. القمي عن الباقر عليه السلام يعني جورا على الله تعالى إن قلنا إن له شريكا أقول: قالوه سرا من الكفار ليس كما زعمه المفسرون أنهم جهروا به بين يدي دقيانوس الجبار وما فعلوه أعظم أجرا. ففي الكافي عن الصادق عليه السلام إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسروا الأيمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين. وفيه والعياشي عنه عليه السلام ما بلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف إن كانوا ليشهدون الأعياد ويشدون الزنانير فأعطاهم الله أجرهم مرتين. والعياشي عنه عليه السلام إن أصحاب الكهف أسروا الأيمان وأظهروا الكفر وكانوا على إجهار الكفر أعظم أجرا منهم على الأسرار بالأيمان وعنه عليه السلام إنه ذكر أصحاب الكهف فقال لو كلفكم قومكم ما كلفهم قومهم فقيل له ما كلفهم قومهم فقال كلفوهم الشرك بالله العظيم فأظهروا لهم الشرك وأسروا الأيمان حتى جاءهم الفرج وعنه

[ 235 ]

عليه السلام خرج أصحاب الكهف على غير معرفة ولا ميعاد فلما صاروا في الصحراء أخذ بعضهم على بعض العهود والمواثيق فأخذ هذا على هذا وهذا على هذا ثم قالوا أظهروا أمركم فأظهروه فإذا هم على أمر واحد وعنه عليه السلام إنه ذكر أصحاب الكهف فقال كانوا صيارفة كلام ولم يكونوا صيارفة دراهم. (15) هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون هلا يأتون عليهم على عبادتهم بسلطان بين ببرهان ظاهر وهو تبكيت لأن الأتيان بالحجة على ذلك محال فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا بنسبة الشرك إليه. أقول: في هذه الاية دلالة على أنهم كانوا يسرون الأيمان وكذا فيما بعدها. (16) وإذ اعتزلتموهم خطاب بعضهم لبعض وما يعبدون إلا الله وإعتزلتم معبوديهم أو عبادتهم إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا ما ترتفقون به أي تنتفعون به وقرئ بفتح الميم وكسر الفاء وكان جزمهم بذلك لشدة وثوقهم بفضل الله وقوة يقينهم بالله. (17) وترى الشمس لو رأيتهم إذا طلعت تزاور تميل وقرئ بتشديد الزاي وتزور بتشديد الراء كتحمر عن كهفهم ولا يقع شعاعها عليهم فيؤذيهم ولعل الكهف كان جنوبيا ذات اليمين أي جهة يمين الكهف وإذا غربت تقرضهم تقطعهم وتصرم عنهم ذات الشمال جهة شمال الكهف وهم في فجوة منه وهم في متسع من الكهف يعني في وسط بحيث ينالهم برد النسيم وروح الهواء ولا يؤذيهم كرب الغار ولا حر الشمس لا في طلوعها ولا في غروبها ذلك من آيات الله من يهد الله بالتوفيق فهو المهتد ثناء عليهم ومن يضلل من يخذله فلن تجد له وليا مرشدا من يليه ويرشده. في التوحيد والمعاني عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن هذه الاية فقال إن الله تبارك وتعالى يضل الظالمين يوم القيامة عن دار كرامته ويهدي أهل الأيمان والعمل الصالح إلى جنته كما قال الله عز وجل ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء وقال إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجرى من تحتهم الانهار في جنات النعيم.

[ 236 ]

(18) وتحسبهم أيقاظا القمي عن الباقر عليه السلام قال ترى أعينهم مفتوحة وهم رقود نيام ونقلبهم في رقدتهم ذات اليمين وذات الشمال في كل عام مرتين كما سبق كي لا تأكل الأرض ما يليها من أبدانهم على طول الزمان وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد بالفناء وقد سبق حديث الكلب لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا لهربت منهم ولملئت منهم رعبا خوفا يملأ صدرك وقرئ لملئت بالتشديد ورعبا بالتثقيل قيل وذلك لما ألبسهم الله من الهيبة. العياشي عن الباقر عليه السلام إن ذلك لم يعن به النبي صلى الله عليه وآله إنما عني به المؤمنين بعضهم لبعض لكنه حالهم التي هم عليها. (19) وكذلك بعثناهم وكما أنمناهم آية بعثناهم آية على كمال قدرتنا ليتساءلوا بينهم ليسأل بعضهم بعضا فيتعرفوا حالهم وما صنع الله بهم فيزدادوا يقينا إلى يقينهم ويستبصروا به أمر البعث قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم بناء على غالب ظنهم المستفاد من النوم المعتاد قالوا ربكم أعلم بما لبثتم قيل قالوا ذلك لما رأوا من طول أظفارهم وشعورهم ثم لما علموا أن الأمر ملتبس لا طريق لهم إلى العلم به أخذوا فيما يهمهم وقالوا فابعثوا أحدكم بورقكم هذه قرئ بسكون الراء إلى المدينة والورق الفضة فلينظر أيها أزكى طعاما القمي يقول أيها أطيب طعاما. وفي المحاسن عنهما عليهما السلام أزكى طعاما التمر. أقول: ويستفاد منه أن البارز في أيها راجع إلى الأطعمة دون المدينة المراد بها أهلها كما فهمه الجمهور فليأتكم برزق منه وليتلطف وليتكلف اللطف في التخفي والتنكر حتى لا يعرف كما سبق في حديث القمي ويفسره قوله ولا يشعرن بكم أحدا. (20) إنهم إن يظهروا عليكم إن يظفروا بكم يعني أهل المدينة يرجموكم يقتلوكم بالرجم وهي أخبث قتلة أو يعيدوكم في ملتهم يصيروكم إليها كرها ولن تفلحوا إذا أبدا إن دخلتم في ملتهم. (21) وكذلك أعثرنا عليهم وكما أنمناهم وبعثناهم لتزداد بصيرتهم إطلعنا عليهم


1 - أي لو رأيتهم لحسبتهم منتبهين وهم رقود أي نائمون. (*)

[ 237 ]

أهل مدينتهم. القمي وهم الذين ذهبوا إلى باب الكهف ليعلموا ليعلم الذين إطلعناهم على حالهم أن وعد الله بالبعث حق وأن الساعة لاتية لا ريب فيها بأنها كائنة لأن حالهم في نومهم وانتباههم كحال من يموت ويبعث. وفي الحديث النبوي كما تنامون تستيقظون وكما تموتون تبعثون. وفي حديث آخر النوم أخ الموت. وفي الأحتجاج عن الصادق عليه السلام في حديث وقد رجع إلى الدنيا ممن مات خلق كثير منهم أصحاب الكهف أماتهم الله ثلاثمائة عام وتسعة ثم بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجتهم وليريهم قدرته وليعلموا أن البعث حق إذ يتنازعون أعثرنا عليهم حين يتنازعون بينهم أمرهم أمر دينهم وكان بعضهم يقول تبعث الأرواح مجردة وبعضهم يقول تبعثان معا ليرتفع الخلاف ويتبين إنهما تبعثان معا كذا قيل وكان في حديث الأحتجاج ايماء إلى ذلك وقيل أمرهم أي أمر الفتية حين توفاهم ثانيا وكان بعضهم يقول ماتوا وبعضهم يقول ناموا كنومهم أول مرة وقد سبق في حديث القمي وكيف كان فقالوا ابنوا عليهم بناينا حين توفاهم ثانيا ربهم أعلم بهم إعتراض قال الذين غلبوا على أمرهم من المسلمين وملكهم لنتخذن عليهم مسجدا يصلي فيه المسلمون ويتبركون بمكانهم. (22) سيقولون ثلثة رابعهم كلبهم يعني أهل المدينة وملكهم كما سبق في حديث القمي. وقيل بل يعني بهم الخائضين في قصتهم في عهد نبينا صلى الله عليه وآله من أهل الكتاب والمؤمنين ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب يرمون رميا بالخبر الخفي. والقمي ظنا بالغيب ما يستفتونهم ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربى أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل روت العامة عن علي عليه السلام وهم سبعة وثامنهم كلبهم ويدل عليه من طريق الخاصة ما روي في روضة الواعظين عن الصادق عليه السلام أنه يخرج مع

[ 238 ]

القائم من ظهر الكعبة سبعة وعشرون رجلا خمسة عشر من قوم موسى عليه السلام الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصارا وحكاما فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا فلا تجادل أهل الكتاب في شأن الفتية إلا جدالا ظاهرا غير متعمق فيه وهو أن تقص عليهم بما أوحى إليك من غير تجهيل لهم والرد عليهم ولا تستفت فيهم منهم أحدا. القمي يعني يقول حسبك ما قصصنا عليك من أمرهم ولا تسأل أحدا من أهل الكتاب عنهم. (23) ولا تقولن لشئ تعزم عليه إنى فاعل ذلك غدا. (24) إلا أن يشاء الله إلا متلبسا بمشيته قائلا إن شاء الله واذكر ربك إذا نسيت يعني إذا نسيت الأستثناء فاستثن إذا ذكرت. وفي الجوامع عن الصادق عليه السلام ما لم ينقطع الكلام. وفي الكافي عنه عليه السلام أنه سئل عن قوله تعالى واذكر ربك إذا نسيت قال ذلك في اليمين إذا قلت والله لا أفعل كذا وكذا فإذا ذكرت إنك لم تستثن فقل إن شاء الله. والعياشي عنه عليه السلام ما في معناه في عدة روايات. وفي الكافي والعياشي عنه عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام الأستثناء في اليمين متى ما ذكر وإن كان بعد أربعين صباحا ثم تلا هذه الاية. وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام للعبد أن يستثني ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسى أن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه ناس من اليهود فسألوه عن أشياء فقال لهم تعالوا غدا احدثكم ولم يستثن فاحتبس جبرئيل عنه أربعين يوما ثم أتاه فقال ولا تقولن لشئ الاية. والعياشي عنه عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السلام مثله. وفي الكافي عن الباقر عليه السلام في قول الله عز وجل ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما إن الله عز وجل لما قال لادم وزوجته لا تقربا هذه الشجرة ولا تأكلا

[ 239 ]

منها فقالا نعم يا ربنا لا نقربها ولا نأكل منها ولم يستثنيا في قولهما نعم فوكلهما الله في ذلك إلى أنفسهما وإلى ذكرهما قال وقد قال الله عز وجل لنبيه في الكتاب ولا تقولن لشئ إنى فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله أن لا أفعله فتسبق مشية الله في أن لا أفعله فلا أقدر على أن أفعله فلذلك قال الله عز وجل واذكر ربك إذا نسيت أي إستثن مشية الله في فعلك. والعياشي عنه عليه السلام قال قال الله عز وجل ولا تقولن إلى آخر الحديث كما ذكر في الكافي. وعنه عليه السلام إن آدم لما أسكنه الله الجنة فقال له يا آدم لا تقرب هذه الشجرة فقال نعم ولم يستثن فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله فقال ولا تقولن لشئ إنى فاعل إلى قوله إذا نسيت ولو بعد سنة. قال في المجمع الوجه فيه إنه إذا إستثنى بعد النسيان فإنه يحصل له ثواب المستثنى من غير أن يؤثر الأستثناء بعد إنفصال الكلام في الكلام وإبطال الحنث وسقوط الكفارة في اليمين. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه أمر بكتاب في حاجة فكتب ثم عرض عليه ولم يكن فيه إستثناء فقال كيف رجوتم أن يتم هذا وليس فيه إستثناء انظروا كل موضع لا يكون فيه إستثناء فاستثنوا فيه وفي التهذيب ما يقرب منه وزاد ثم دعا بالدوات فقال الحق فيه إن شاء الله فألحق فيه في كل موضع إن شاء الله وقل عسى أن يهدين ربى لاقرب من هذا رشدا قيل أي يهديني لشئ آخر بدل هذا المنسي أقرب منه رشدا وأدنى خيرا ومنفعة أو لما هو ظهر دلالة على إني نبئ من نبأ أصحاب الكهف. (25) ولبثوا في كهفهم ثلثمأة سنين وقرء بالأضافة وازدادوا تسعا يعني ثلثمأة وتسعا. (26) قل الله أعلم بما لبثوا بمدة لبثهم من الذين إختلفوا فيها [ فيهم خ ل ] من أهل الكتاب والحق ما أخبر الله به وهو ما ذكر في المجمع روي أن يهوديا سأل علي بن أبي طالب عليه السلام عن مدة لبثهم فأخبر بما في القرآن فقال إنا نجد في كتابنا ثلثمأة فقال علي عليه السلام ذلك بسني الشمس وهذا بسني القمر.

[ 240 ]

والقمي عطف على الخبر الأول الذي حكى عنهم أنهم يقولون ثلثة رابعهم كلبهم فقال ولبثوا في كهفهم ثلثمأة سنين وإزدادوا تسعا وهو حكاية عنهم ولفظه خبر والدليل على أنه حكاية عنهم قوله قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والارض يختص بعلمه أبصر به وأسمع ما أبصره وأسمعه ذكره بصيغة التعجب للدلالة على أن أمره في الأدراك خارج عن حد ما عليه إدراك كل مبصر وسامع إذ لا يحجبه شئ ولا يتفاوت دونه لطيف وكثيف وصغير وكبير وخفي وجلي ما لهم ما لأهل السماوات والأرض من دونه من ولى يتولى امورهم ولا يشرك في حكمه في قضائه أحدا منهم وقرئ بالتاء والجزم. (27) واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك من القرآن لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا ملتجأ وموئلا يقال التحد إلى كذا إذا مال إليه. (28) واصبر نفسك احبسها مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي في طرفي النهار أو في مجامع أوقاتهم. العياشي عنهما عليهما السلام إنما عنى بهما الصلاة وقرئ بالغدوة يريدون وجهه رضاه وطاعته ولا تعد عيناك عنهم ولا يجاوزهم نظرك إلى غيرهم من أبناء الدنيا تريد زينة الحيوة الدنيا في مجالسة أهل الغنى ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا بالخذلان واتبع هواه وكان أمره فرطا إفراطا وتجاوزا للحد ونبذا للحق وراء ظهره القمي نزلت في سلمان الفارسي (رضى الله عنه) كان عليه كساء فيه يكون طعامه وهو دثاره وردائه وكان كساءا من صوف فدخل عيينة بن حصين على النبي صلى الله عليه وآله وسلمان عنده فتأذى عيينة بريح كساء سلمان وقد كان عرق فيه وكان يوما شديد الحر فعرق في الكساء فقال يا رسول الله إذا نحن دخلنا عليك فأخرج هذا وحزبه من عندك فإذا نحن خرجنا فدخل من شئت فأنزل الله عز وجل ولا تطع من أغفلنا قلبه الاية وهو عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري. وفي المجمع نزلت في سلمان وأبي ذر وصهيب وخباب وغيرهم من فقراء أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وذلك أن المؤلفة قلوبهم جاؤوا إلى رسول الله عيينة بن حصين والأقرع بن حابس وذووهم فقالوا يا رسول الله إن جلست في صدر

[ 241 ]

المجلس ونحيت عنا هؤلاء وروايح صنانهم (1) وكانت عليهم جباب (جمع جبة) الصوف جلسنا نحن إليك وأخذنا عنك فلا يمنعنا من الدخول عليك إلا هؤلاء فلما نزلت الاية قام النبي صلى الله عليه وآله يلتمسهم فأصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله عز وجل فقال الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من امتي معهم المحيى ومعهم المماة. (29) وقل الحق من ربكم هو الحق من ربكم أو الحق ما يكون من جهة الله لا ما يقتضيه الهوى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فلم يبق إلا إختياركم لنفوسكم ما شئتم من الأخذ في طريق النجاة وفي طريق الهلاك. العياشي عن الصادق عليه السلام قال وعيد إنا أعتدنا أعددنا وهيئنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها فسطاطها شبه به ما يحيط بهم من النار وإن يستغيثوا من العطش يغاثوا بماء كالمهل كدردي الزيت وقيل كالنحاس المذاب يشوى الوجوه إذا قدم ليشرب من فرط حرارته بئس الشراب المهل وساءت النار مرتفقا متكئا من المرفق وهو يشاكل قوله وحسنت مرتفقا. في الكافي عن الباقر عليه السلام نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الاية هكذا وقل الحق من ربكم في ولاية علي عليه السلام فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين على آل محمد نارا. والقمي عن الصادق عليه السلام مثله وقال المهل الذي يبقى في أصل الزيت المغلى. (30) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا. (31) أولئك لهم جنات عدن تجرى من تحتهم الانهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق مما رق من الديباج وما غلظ منه متكئين فيها على الارائك على السرر كما هو هيئة المتنعمين.


1 - أصن اللحم: إذا أنتن والصنان: زفر الابط. (*)

[ 242 ]

القمي عن الباقر عليه السلام الارائك السرر عليها الحجال نعم الثواب الجنة ونعيمها وحسنت الأرائك مرتفقا. أقول: وكأن الثياب الخضر كناية عن أبدانهم المثالية البرزخية المتوسطة بين سواد هذا العالم وبياض العالم الأعلى فإن الخضرة مركبة من سواد وبياض والرقة والغلظة كنايتان عن تفاوتهما في مراتب اللطافة. (32) واضرب لهم مثلا للكافر والمؤمن رجلين حال رجلين القمي قال نزلت في رجل كان له بستانان كبيران عظيمان كثيرا الثمار كما حكى الله عز وجل وفيهما نخل وزرع وماء وكان له جار فقير فافتخر الغني على الفقير جعلنا لاحدهما جنتين بستانين من أعناب من الكروم وحففنهما بنخل وجعلنا النخل محيطة بهما وجعلنا بينهما وسطهما زرعا ليكون كل منهما جامعا للأقوات والفواكه على شكل حسن وترتيب أنيق. (33) كلتا الجنتين آتت أكلها ثمرها ولم تظلم منه ولم تنقص من اكلها شيئا كما يكون في سائر البساتين فإن الثمار تتم في عام وتنقص في عام غالبا وفجرنا خلالهما نهرا ليدوم شربهما ويزيد بهاؤهما. (34) وكان له ثمر أنواع من المال سوى الجنتين من ثمر ماله إذا كاثره وقرئ بفتحتين وبضم الثاء وسكون الميم فقال لصحابه وهو يحاوره وهو يراجعه في الكلام من حار إذا رجع أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا أولادا وأعوانا. (35) ودخل جنته بصاحبه يطوف به فيها ويفاخره بها وهو ظالم لنفسه ضار لها بعجبه وكفره قال ما أظن أن تبيد أن تفني هذه يعني هذه الجنة أبدا لطول أمله وتمادي غفلته وإغتراره بمهلته. (36) وما أظن الساعة قائمة كائنة ولئن رددت إلى ربى بالبعث كما زعمت لاجدن خيرا منها منقلبا مرجعا وعاقبة وقرئ منهما. (37) قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذى خلقك من تراب فإنه أصل

[ 243 ]

مادتك ومادة أصلك ثم من نطفة فإنها مادتك القريبة ثم سويك رجلا ثم عدلك وكملك إنسانا ذكرا بالغا مبلغ الرجال. (38) لكنا هو الله ربى أصله لكن أنا وقرئ بالألف في الوصل والوقف جميعا ولا أشرك بربي أحدا. (39) ولولا إذ دخلت جنتك قلت وهلا قلت عند دخولها ما شاء الله كائن إقرار بأنها وما فيها بمشية الله إن شاء الله أبقاها وإن شاء أبادها لا قوة إلا بالله وقلت لا قوة إلا بالله إعترافا بالعجز على نفسك والقدرة لله وإن ما تيسر لك من عمارتها وتدبيرها فبمعونته واقتداره إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا. (40) فعسى ربى أن يؤتين خيرا من جنتك في الدنيا أو في الاخرة لأيماني ويرسل عليها على جنتك لكفرك حسبانا من السماء مرامي من عذابه كصاعقة ونحوها. وقيل هو بمعنى الحساب والمراد به التقدير بتخريبها فتصبح صعيدا زلقا أرضا ملساء يزلق عليها باستيصال نباتها وأشجارها. القمي محترقا. (41) أو يصبح ماؤها غورا غائرا في الأرض فلن تستطيع له طلبا. (42) وأحيط بثمره وأهلك أمواله حسبما أنذره صاحبه من أحاط به العدو فإنه إذا أحاط به غلبه وإذا غلبه أهلكه ونظيره أتى إذا أهلكه في المجمع وفي الخبر إن الله عز وجل أرسل عليها نارا فأهلكها وغار ماؤها فأصبح يقلب كفيه ظهرا لبطن تلهفا وتحسرا على ما أنفق فيها وهى خاوية ساقطة على عروشها يعني سقطت عروش كرومها على الأرض وسقطت الكروم فوقها ويقول يا ليتنى لم أشرك بربي أحدا كأنه تذكر موعظة أخيه وعلم أنه من قبل شركه فتمنى لو لم يكن مشركا فلم يهلك الله بستانه. (43) ولم تكن له فئة وقرئ بالياء ينصرونه بدفع الأهلاك أورد المهلك من دون

[ 244 ]

الله فإنه القادر على ذلك وحده وما كان منتصرا ممتنعا عن انتقام الله منه. (44) هنالك في ذلك المقام وتلك الحال. وقيل في الاخرة الولاية لله الحق النصرة له وحده لا يقدر عليها غيره وقرئ بالكسر أي السلطان والملك وقرئ الحق بالرفع صفة للولاية هو خير ثوابا وخير عقبا (1) أي لأوليائه وقرئ عقبا بالسكون. (45) واضرب لهم مثل الحيوة الدنيا ما تشبهه في زهرتها وسرعة زوالها كماء هو كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض تكاثف بسببه والتف حتى خالط بعضه بعضا فأصبح هشيما مهشوما مكسورا تذروه الريح تفرقه فيصير كأن لم يكن وكان الله على كل شئ من الأنشاء والأفناء مقتدرا. (46) المال والبنون زينة الحيوة الدنيا ويفنى عن قريب والباقيات الصالحات وأعمال الخير والبر التي تبقى ثمرتها أبد الاباد خير عند ربك من المال والبنين ثوابا عائدة وخير أملا لأن صاحبها ينال في الاخرة ما كان يأمل بها في الدنيا. في التهذيب والعياشي عن الصادق عليه السلام إن كان الله عز وجل قال المال والبنون زينة الحياة الدنيا إن الثمانية ركعات يصليها العبد آخر الليل زينة الاخرة. والعياشي عنه عليه السلام إن الباقيات الصالحات هي الصلاة فحافظوا عليها. وفي المجمع عنه عليه السلام هي الصلوات الخمس. وعنه عليه السلام إن من الباقيات الصالحات القيام لصلاة الليل. وروى إبن عقده عنه عليه السلام إنه قال لحصين بن عبد الرحمن لا تستصغر مودتنا فإنها من الباقيات الصالحات. والعياشي عنه عليه السلام قال قال رسول الله خذوا جنتكم قالوا يا رسول الله عدو حضر فقال لا ولكن خذوا جنتكم من النار فقالوا بم نأخذ جنتنا يا رسول الله قال


1 - أي عاقبته طاعته خير من عاقبة طاعر غيره. (*)

[ 245 ]

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. فإنهن يأتين يوم القيامة ولهن مقدمات ومؤخرات وهن الباقيات الصالحات. وفي المجمع بطريق العامة مثله. والقمي قال الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ذكر في سورة مريم. وفي الكافي عن الباقر عليه السلام مر رسول الله صلى الله عليه وآله برجل يغرس غرسا في حايط له فوقف عليه وقال ألا أدلك على غرس أثبت أصلا وأسرع إيناعا وأطيب ثمرا وأبقى قال بلى فدلني يارسول الله فقال إذا أصبحت وأمسيت فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإن لك إن قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة وهن من الباقيات الصالحات. (47) ويوم نسير الجبال نسيرها في الجو ونجعلها هباء منبثا وقرئ بالتاء والبناء للمفعول وترى الارض بارزة بادية برزت من تحت الجبال ليس عليها ما يسترها وحشرناهم وجمعناهم إلى الموقف فلم نغادر فلم نترك منهم أحدا. (48) وعرضوا على ربك صفا ترى جماعتهم كما يرى كل واحد منهم لا يحجب أحد أحدا. في الأحتجاج عن الصادق عليه السلام هم يومئذ عشرون ومأة ألف صف في عرض الأرض لقد جئتمونا كما خلقنكم أول مرة أي قيل لهم لقد بعثناكم كما أنشأناكم أول مرة أو المعنى لقد جئتمونا عراة لا شئ معكم من المال والولد لقوله ولقد جئتمونا فرادى كما سبق في سورة الأنعام بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا وقتا لأنجاز الوعد بالبعث والنشور وأن الأنبياء كذبوكم به. (49) ووضع الكتاب صحايف الأعمال فترى المجرمين مشفقين مما فيه خائفين من الذنوب ويقولون يا ويلتنا ينادون هلكتهم مالهذا الكتاب تعجيبا من شأنه لا يغادر صغيرة هنة صغيرة ولا كبيرة عبارة عن الأحاطة بالجميع إلا أحصيها إلا عدها

[ 246 ]

وضبطها ووجدوا ما عملوا حاضرا مكتوبا في الصحف ولا يظلم ربك أحدا فيكتب عليه ما لم يفعل أو لا ينقص ثواب محسن ولا يزيد في عقاب مسئ. القمي قال يجدون ما عملوا كله مكتوبا. والعياشي عن الصادق عليه السلام إذا كان يوم القيامة دفع إلى الأنسان كتابه ثم قيل اقرأ فيقرأ ما فيه فيذكره فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم إلا ذكره كأنه فعله تلك الساعة فلذلك قالوا يا ويلتنا الاية. (50) وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لاءدم فسجدوا إلا إبليس قد سبق تفسيره (ذكره خ ل) في سورة البقرة قيل كرره في مواضع لكونه مقدمة للامور المقصود بيانها في تلك المحال وهكذا كل تكرير في القرآن كان من الجن ففسق عن أمر ربه فخرج عن أمره بترك السجود أفتتخذونه أبعد ما وجد منه تتخذونه وذريته أولياء من دوني وتستبدلونهم بي فتطيعونهم بدل طاعتي وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا من الله إبليس وذريته. (51) ما أشهدتهم خلق السموات والارض ما أحضرت إبليس وذريته خلق السموات والأرض إعتضادا بهم ولا خلق أنفسهم ولا احضرت بعضهم خلق بعض وما كنت متخذ المضلين عضدا أعوانا يعني فما لكم تتخذونهم شركائي في العبادة أو الطاعة أو المعنى ما أشهدت المشركين خلق ذلك وماخصصتهم بعلوم لا يعرفها غيرهم حتى لو آمنوا اتبعهم الناس كما يزعمون فلا تلتفت إلى قولهم طمعا في نصرتهم للدين فإنه لا ينبغي لي أن أعتضد بالمضلين لديني ويعضده قراءة من قرأ وما كنت على خطاب الرسول. والعياشي عن الباقر عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال اللهم أعز الأسلام بعمر الخطاب وبأبي جهل بن هشام فأنزل الله هذه الاية يعنيهما. أقول: ويمكن التوفيق بين التفسيرين بتعميم الشياطين الجن والأنس. وفي الكافي عن الجواد عليه السلام إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفردا

[ 247 ]

بوحدانيته ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة عليهم السلام فمكثوا ألف دهرثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوض أمرها إليهم الحديث. (52) ويوم يقول أي يقول الله وقرئ بالنون نادوا شركائي الذين زعمتم أنهم شركائي أضاف الشركاء إليه على زعمهم توبيخا لهم والمراد ما عبد من دونه من الجن والأنس وغيرهما فدعوهم فنادوهم للأغاثة فلم يستجيبوا لهم فلم يغيثوهم وجعلنا بينهم بين الكفار وآلهتهم موبقا مهلكا يشتركون فيه وهو واد من أودية جهنم القمي أي سترا وقيل البنين بمعنى الوصل أي جعلنا تواصلهم في الدنيا هلاكا يوم القيامة. (53) ورأى المجرمون النار فظنوا فأيقنوا أنهم مواقعوها مخالطوها واقعون فيها ولم يجدوا عنها مصرفا معدلا في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام يعني أيقنوا أنهم داخلوها في الاحتجاج عنه عليه السلام وقد يكون بعض ظن الكفار يقينا وذلك قوله ورأى المجرمون النار الاية أي أيقنوا أنهم مواقعوها. (54) ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الانسان أكثر شئ يتأتى منه الجدل جدلا خصومة بالباطل. (55) وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جائهم الهدى ويستغفروا ربهم من ذنوبهم إلا أن تأتيهم سنة الاولين وهي الأهلاك والأستيصال أو يأتيهم العذاب عذاب الاخرة قبلا عيانا وقرئ بضمتين. (56) وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل مثل قولهم للأنبياء ما أنتم إلا بشر مثلنا ولو شآء الله لانزل ملائكة واقتراحهم الايات بعد ظهور المعجزات إلى غيرذلك ليدحضوا به ليزيلوا بالجدال الحق عن مقره ويبطلوه واتخذوا آياتى وما أنذروا هزوا إستهزاء. (57) ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه أي القرآن فأعرض عنها فلم يتدبرها ولم يتذكرها ونسى ما قدمت يداه من الكفر والمعاصي فلم يتفكر في عاقبتهما إنا جعلنا على قلوبهم أكنة تعليل لأعراضهم ونسيانهم بأنهم مطبوع على قلوبهم أن يفقهوه تمنعهم

[ 248 ]

أن يفقهوه وتذكير الضمير وإفراده للمعنى وفي آذانهم وقرا يمنعهم أن يسمعوه حق إستماعه وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا فلا يجوز منهم اهتداء البتة لا تحقيقا لأنهم لا يفقهون ولا تقليلا لأنهم لا يسمعون. (58) وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب فلا يؤاخذهم عاجلا مع إستحقاقهم العذاب بل لهم موعد يعني يوم القيامة وقيل يوم بدر لن يجدوا من دونه موئلا ملجأ ومنجا. (59) وتلك القرى قرى عاد وثمود وأضرابهم أهلكناهم لما ظلموا مثل ظلم قريش بالتكذيب والمراء وأنواع المعاصي وجعلنا لمهلكهم لأهلاكهم وقرئ بكسر اللام وبفتح الميم واللام أي لهلاكهم موعدا وقتا معلوما لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون فليعتبروا بهم ولا يغتروا بتأخر العذاب عنهم. القمي أي يوم القيامة يدخلون النار. (60) وإذ قال موسى لفته. في الأكمال والعياشي والقمي عن الباقر عليه السلام وهو يوشع بن نون قيل هو يوشع بن نون بن أفرائيم بن يوسف فإنه كان يخدمه ويتبعه ولذلك سماه فتاه لا أبرح لا أزال أسير حتى أبلغ مجمع البحرين ملتقى بحري فارس والروم وهو المكان الذي وعد فيه موسى لقاء الخضر أو أمضى حقبا أو أسير زمانا طويلا. القمي عن الباقر عليه السلام الحقب ثمانون سنة. والقمي لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا بخبر أصحاب الكهف قالوا أخبرنا عن العالم الذي أمر الله موسى أن يتبعه وما قصته فأنزل الله عز وجل وإذ قال موسى لفتيه قال وكان سبب ذلك أنه لما كلم الله موسى تكليما فأنزل الله عليه الألواح وفيها كما قال الله تعالى وكتبنا له في الالواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ رجع موسى إلى بني إسرائيل فصعد المنبر فأخبرهم أن الله قد أنزل عليه التوراة وكلمه قال في نفسه ما خلق الله خلقا أعلم مني فأوحى الله إلى جبرئيل أدرك موسى فقد

[ 249 ]

هلك وأعلمه إن عند ملتقى البحرين عند الصخرة رجلا أعلم منك فسر إليه وتعلم من علمه فنزل جبرئيل على موسى وأخبره وذل موسى في نفسه وعلم أنه أخطأ ودخله الرعب وقال لوصيه يوشع إن الله قد أمرني أن أتبع رجلا عند ملتقى البحرين وأتعلم منه فتزود يوشع حوتا مملوحا وخرجا. وفي العلل والعياشي عن الصادق عليه السلام ما يقرب من صدر هذا الحديث. والعياشي عنه عليه السلام قال بينا موسى قاعد في ملأ من بني إسرائيل إذ قال له رجل ما أرى أحدا أعلم بالله منك قال موسى ما أرى فأوحى الله إليه بل عبدي الخضر فسأل السبيل إليه فكان له آية الحوت إن إفتقده وكان من شأنه ما قص الله. (61) فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما تركاه لذهولهما عنه أو ذهابه عنهما فاتخذ سبيله يعني الحوت في البحر سربا مسلكا. القمي فلما خرجا وبلغا ذلك المكان وجدا رجلا مستلقيا على قفاه فلم يعرفاه فأخرج وصي موسى الحوت وغسله بالماء ووضعه على الصخرة ومضيا ونسيا الحوت وكان ذلك الماء ماء الحيوان فحي الحوت ودخل في الماء فمضى موسى عليه السلام ويوشع معه حتى عييا. والعياشي ذكر قصة الحوت بنحوين آخرين فتارة عنه عليه السلام إنه شواه ثم حمله في مكتل (1) ثم إنطلقا يمشيان فإنتهيا إلى شيخ مستلقي معه عصاه موضوعة إلى جانبه وعليه كساء إذا قنع رأسه خرجت رجلاه وإذا غطى رجليه خرج رأسه قال فقام موسى عليه السلام يصلي وقال ليوشع أحفظ علي قال فقطرت قطرة من السماء في المكتل فاضطرب الحوت ثم جعل يثب من المكتل إلى البحر وهو قوله فاتخذ سبيله في البحر سربا قال ثم أنه جاء طير فوقع على ساحل البحر (شاطئ خ ل) ثم أدخل منقاره فقال يا موسى ما أخذت من علم ربك ما حمل ظهر منقاري من جميع البحر الحديث.


1 - المكتل - كمنبر -: الزنبيل الكبير. (*)

[ 250 ]

وتارة عنهما عليهما السلام لما كان من أمر موسى عليه السلام ما كان اعطي مكتل فيه حوت مملح قيل له هذا يدلك على صاحبك عند مجمع البحرين صخرة عندها عين لا يصيب منها شئ ميتا إلا حي يقال له عين الحياة فانطلقا حتى بلغا الصخرة فانطلق الفتى يغسل الحوت في العين فاضطرب في يده حتى خدشه وتفلت منه ونسيه الفتى. في الأكمال عن أمير المؤمنين عليه السلام إنه قال لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل وأما قولك أول عين نبعت على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون إنها العين التي ببيت المقدس تحت الحجر وكذبوا وهي عين الحيوان التي إنتهى موسى وفتاه فغسل فيها السمكة المالحة فحييت وليس من ميت يصيبه ذلك الماء إلا حي وكان الخضر في مقدمة ذي القرنين يطلب عين الحياة فوجدها وشرب منها ولم يجدها ذو القرنين. (62) فلما جاوزا مجمع البحرين قال لفتيه آتنا غداءنا ما نتغدى به لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا أي عناء. العياشي عن الصادق عليه السلام وإنما أعيى حيث جاز الوقت. (63) قال أرايت يعني أرأيت ما دهاني إذ اوينا إلى الصخرة فإنى نسيت الحوت تركته وفقدته أو نسيت ذكر حاله وما رأيت منه لك وما أنسانيه وقرئ بضم الهاء إلا الشيطان أن أذكره أي وما أنساني ذكره إلا الشيطان واتخذ سبيله في البحر عجبا. (64) قال ذلك ما كنا نبغ نطلب لأنه إمارة المطلوب. القمي قال ذلك الرجل الذي رأيناه عند الصخرة هو الذي نريده فارتدا على آثارهما فرجعا في الطريق الذي جاءا منه قصصا يقصان قصصا أي يتبعان آثارهما إتباعا. (65) فوجدا عبدا من عبادنا وهو الخضر عليه السلام كما استفاض به الأخبار عنهم عليهم السلام.

[ 251 ]

القمي وكان في الصلاة فقعد موسى حتى فرغ من الصلاة فسلم عليهما. والعياشي عن الصادق عليه السلام في الحديث السابق فرجع موسى عليه السلام فقص أثره حتى إنتهى إليه وهو على حاله مستلقي فقال له موسى السلام عليك فقال السلام عليك يا عالم بني إسرائيل قال ثم وثب فأخذ عصاه بيده فقال له موسى إني قد امرت أن أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا. وفي روايته الاخرى عنهما عليهما السلام فلما رجعا وجدا الحوت قد خر في البحر فاقتصا الأثر حتى أتيا صاحبهما في جزيرة من جزائر البحر إما متكئا وإما جالس فسلم عليه موسى عليه السلام فعجب من السلام إذ كان بأرض ليس فيها سلام قال من أنت قال أنا موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما قال نعم قال فما حاجتك قال جئت لتعلمني مما علمت رشدا قال إني وكلت بأمر لا تطيقه ووكلت أنت بأمر لا اطيقه ثم حدثه العالم عن آل محمد صلوات الله عليهم وعما يصيبهم صلوات الله عليهم من البلاء حتى إشتد بكاؤهما ثم حدثه عن فضل آل محمد صلوات الله عليهم حتى جعل موسى عليه السلام يقول ياليتني كنت من آل محمد عليهم السلام وحتى ذكر فلانا وفلانا ومبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قومه وما يلقى منهم ومن تكذيبهم إياه وذكر له تأويل هذه الاية ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة حين أخذ الميثاق عليهم. والقمي عن الرضا عليه السلام أتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزاير البحر إما جالس وإما متكئا الحديث كما ذكره العياشي. وفي العلل عن الصادق عليه السلام إن الخضر كان نبيا مرسلا بعثه الله إلى قومه فدعاهم إلى توحيده والأقرار بأنبيائه ورسله وكتبه وكانت آيته إنه كان لا يجلس على خشبة يابسة ولا أرض بيضاء إلا إهتزت خضراء وإنما سمى خضرا لذلك وكان إسمه بليا بن ملكا بن عامر بن أرفخشد بن سام بن نوح آتيناه رحمة من عندنا هي الوحي والنبوة وعلمناه من لدنا علما قيل أي بما يختص بنا من العلم وهو علم الغيوب.

[ 252 ]

في المجمع عن الصادق عليه السلام قال كان عنده علم لم يكتب لموسى عليه السلام في الألواح وكان موسى عليه السلام يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها في تابوته وأن جميع العلم كتب له في الألواح. (66) قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا وقرئ بفتحتين. (67) قال إنك لن تستطيع معى صبرا. في العلل عن الصادق عليه السلام قال الخضر إنك لن تستطيع معى صبرا لأني وكلت بأمر لا تطيقه ووكلت بعلم لا اطيقه قال موسى عليه السلام بل أستطيع معك صبرا فقال الخضر إن القياس لا مجال له في علم الله وأمره. (68) وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا. (69) قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا قال فلما إستثنى المشية قبله. والعياشي عن أحدهما عليهما السلام. في حديث له ولم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم وسأله الصحبة ليتعلم منه العلم ويرشده فلما أن سأل العالم ذلك علم العالم أن موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل علمه ولا يصير معه فعند ذلك قال العالم وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا فقال له موسى عليه السلام وهو خاضع له يستلطفه على نفسه كي يقبله ستجدني إن شاء الله الاية. وعن الصادق عليه السلام كان موسى عليه السلام أعلم من الخضر. وفي الكافي عنه عليه السلام لو كنت بين موسى عليه السلام والخضر لأخبرتهما إني أعلم منهما وأنبأتهما بما ليس في أيديهما لأن موسى عليه السلام والخضر عليه السلام أعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وراثة.

[ 253 ]

(70) قال فإن اتبعتنى فلا تسئلني وقرئ بالنون الثقيلة عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا. القمي عن الرضا عليه السلام يقول لا تسألني عن شئ أفعله ولا تنكره علي حتى اخبرك أنا بخبره قال نعم. (71) فانطلقا على الساحل يطلبان السفينة حتى إذا ركبا في السفينة خرقها الخضر قال موسى أخرقتها لتغرق أهلها وقرئ بالأسناد إلى الأهل لقد جئت شيئا إمرا عظيما. القمي هو المنكر وكان موسى عليه السلام ينكر الظلم فأعظم ما رأى. (72) قال ألم أقل إنك لن تستطيع معى صبرا. (73) قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمرى عسرا ولا تغشني عسرا من أمري بالمضايقة والمؤاخذة على المنسي فإن ذلك يعسر على متابعتك. في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله كانت الأولى من موسى عليه السلام نسيانا. (74) فانطلقا أي بعد ما خرجا من السفينة حتى إذا لقيا غلاما فقتله من غير ترو واستكشاف حال قال أقتلت نفسا زكية طاهرة من الذنوب وقرئ زاكية بغير نفس من غير أن قتلت نفسا فتقاد (1) بها لقد جئت شيئا نكرا أي منكرا وقرئ بضمتين. في العلل عن الصادق عليه السلام فغضب موسى عليه السلام وأخذ بتلبيبه وقال أقتلت الاية قال الخضر إن العقول لا تحكم على أمر الله بل أمر الله يحكم عليها فسلم لما ترى مني واصبر عليه فقد كنت علمت إنك لن تستطيع معى صبرا. (75) قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا قيل زاد لك فيه مكافحة بالعتاب على رفض الوصية ووسما بقلة الثبات والصبر لما تكرر منه الاشمئزاز والأستنكاف ولم يرعو بالتذكير أول مرة حتى زاد في الأستنكار ثاني مرة.


1 - القود - بالتحريك -:: القصاص. (*)

[ 254 ]

(76) قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني وإن سألت صحبتك قد بلغت من لدنى عذرا قد وجدت عذرا من قبلي لما خالفتك ثلاث مرات وقرئ بتخفيف النون وبإسكان الدال. روي عن النبي صلى الله عليه وآله رحم الله أخي موسى إستحيى فقال ذلك لو لبث مع صاحبه لأبصر أعجب الأعاجيب. (77) فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية. في العلل والعياشي عن الصادق عليه السلام هي الناصرة وإليها تنسب النصارى استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض ينكسر يعني يداني ان يسقط استعيرت الأرادة للمشارفة وفي المجمع قرأته علي ابن أبي طالب ينقاص بالصاد غير معجمة وبالألف ومعناه الأنشقاق فأقامه بوضع يده عليه كذا في العلل عن الصادق عليه السلام. وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا. العياشي عن الصادق عليه السلام أي خبزا نأكله فقد جعنا وقرئ لتخذت بكسر الخاء مخففة أي لأخذت. (78) قال هذا فراق بينى وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا القمي عن الرضا عليه السلام في تتمة الحديث السابق فمروا ثلاثتهم حتى إنتهوا إلى ساحل البحر وقد شحنت سفينة وهي تريد أن تعبر فقال أرباب السفينة نحمل هؤلاء الثلاثة نفر فإنهم قوم صالحون فحملوهم فلما جنحت السفينة في البحر قام الخضر عليه السلام إلى جوانب السفينة فكسرها وحشاها بالخرق والطين فغضب موسى عليه السلام غضبا شديدا فقال للخضر أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا فقال له الخضر عليه السلام ألم أقل إنك لن تستطيع معى صبرا قال موسى لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمرى عسرا فخرجوا من السفينة فنظر الخضر إلى غلام يلعب بين الصبيان حسن الوجه كأنه قطعة قمر وفي أذنيه درتان فتأمله الخضر ثم أخذه وقتله فوثب

[ 255 ]

موسى عليه السلام على الخضر وجلد به الأرض فقال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا فقال الخضر عليه السلام ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا قال موسى إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصحبني قد بلغت من لدنى عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا بالعشي قرية تسمى الناصرة وإليها تنسب النصارى ولم يضيفوا أحدا قط ولم يطعموا غريبا فاستطعموهم فلم يطعموهم ولم يضيفوهم. وزاد العياشي ولن يضيفوا أحدا بعدهما حتى تقوم الساعة فنظر الخضر عليه السلام إلى حايط قد زال ليتهدم فوضع يده عليه وقال قم بإذن الله تعالى فقام فقال موسى عليه السلام لم ينبغ أن تقيم الجدار حتى يطعمونا ويأوونا وهو قوله لو شئت لاتخذت عليه أجرا فقال له الخضر هذا فراق بينى وبينك. وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وددنا أن موسى عليه السلام كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما. (79) أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها اجعلها ذات عيب وكان ورائهم ملك. العياشي عن الصادق عليه السلام إنه كان يقرأ وكان وراءهم ملك يعني أمامهم يأخذ كل سفينة من أصحابها غصبا. في المجمع عن الباقر والصادق عليهما السلام أنهما كانا يقرءان كل سفينة صالحة غصبا قال وهي قراءة أمير المؤمنين عليه السلام. والقمي هكذا نزلت قال وإذا كانت معيوبة لم يأخذ منها شيئا. أقول: بناء المعنى عليها. (80) وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين. في المجمع عن الصادق عليه السلام إنه كان يقرأ وأما الغلام فكان كافرا وأبواه مؤمنين. والعياشي عن أحدهما عليهما السلام إنه قرأ وكان أبواه مؤمنين وطبع كافرا

[ 256 ]

وكذا في العلل عن الصادق عليه السلام والقمي وهو طبع كافرا قال كذا نزلت فنظرت إلى جبينه وعليه مكتوب طبع كافر فخشينا أن يرهقهما أن يغشيهما طغيانا وكفرا. في العلل عن الصادق عليه السلام علم الله أنه إن بقى كفر أبواه وإفتتنا به وضلا بإضلاله فأمرني الله بقتله وأراد بذلك نقلهم إلى محل كرامته في العاقبة. والعياشي عنه عليه السلام خشى إن أدرك الغلام أن يدعو أبويه إلى الكفر فيجيبانه. وعنه عليه السلام بينما العالم يمشي مع موسى عليه السلام إذا هم بغلام يلعب فوكزه وقتله قال له موسى أقتلت نفسا الاية قال فأدخل العالم يده فإقتلع كتفه فإذا عليه مكتوب كافر مطبوع ومرفوعا كان في كتف الغلام الذي قتله العالم مكتوب كافر. وعنه عليه السلام إن نجدة الحروري كتب إلى إبن عباس يسأله عن سبي الذراري فكتب إليه أما الذراري فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله يقتلهم وكان الخضر عليه السلام يقتل كافرهم ويترك مؤمنهم فإن كنت تعلم ما يعلم الخضر فاقتلهم. (81) فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه أن يرزقهما بدله ولدا خيرا منه وقرئ يبدلهما بالتشديد زكوة طهارة من الذنوب والأخلاق الردية وأقرب رحما رحمة وعطفا على والديه وقرئ بضمتين. في الكافي والفقيه والمجمع عن الصادق عليه السلام والعياشي عن أحدهما عليهما السلام أنهما ابدلا بالغلام المقتول إبنة فولد منها سبعون نبيا. (82) وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما أي الحلم وكمال الرأي ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك. في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذا الكنز فقال أما أنه ما كان ذهبا ولا فضة وإنما كان أربع كلمات لا إله إلا أنا من أيقن بالموت لم

[ 257 ]

يضحك سنة ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه ومن أيقن بالقدر لم يخش إلا الله وفيه عن الرضا عليه السلام كان فيه بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يركن إليها وينبغي لمن عقل عن الله أن لا يتهم الله في قضائه ولا يستبطئه في رزقه. وفي المعاني عن أمير المؤمنين عليه السلام. والقمي عن الصادق عليه السلام كان ذلك الكنز لوحا من ذهب فيه مكتوب بسم الله لا إله إلا الله محمد رسول الله عجبت لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن عجبت لمن يذكر النار كيف يضحك عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها وفي الكنز روايات اخر بزيادة ونقصان. والعياشي عن الصادق عليه السلام إن الله ليحفظ ولد المؤمن إلى ألف سنة وإن الغلامين كان بينهما وبين أبويهما سبعمأة سنة. وعنه عليه السلام إن الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده ويحفظه في دويرته ودويرات حوله فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله ثم ذكر الغلامين وقال ألم تر أن الله شكر صلاح أبويهما لهما. وفي العوالي عنه عليه السلام لما أقام العالم الجدار أوحى الله إلى موسى عليه السلام إني مجازي الأبناء بسعي الاباء إن خيرا فخير وإن شرا فشر لا تزنوا فتزني نساؤكم من وطى فراش مسلم وطي فراشه كما تدين تدان وما فعلته وما فعلت ما رأيته عن أمرى عن رأيي وإنما فعلته بأمر الله عز وجل. في العلل عن الصادق عليه السلام في قوله فأردت أن أعيبها فنسب الأرادة في هذا الفعل إلى نفسه لعلة ذكر التعييب لأنه أراد أن يعيبها عند الملك إذا شاهدها فلا يغصب المساكين عليها ولو أراد الله

[ 258 ]

عز وجل صلاحهم بما أمره به من ذلك وقال في قوله فخشينا أن يرهقهما إنما اشترك (اشرك خ ل) في الأنانية لأنه خشي والله لا يخشى لأنه لا يفوته شئ ولا يمتنع عليه أمر أراده وإنما خشى الخضر من أن يحال بينه وبين ما امر به فلا يدرك ثواب الأمضاء فيه ووقع في نفسه أن الله جعله سببا لرحمة أبوي الغلام فعمل فيه وسط الأمر من البشرية مثل ما كان عمل في موسى عليه السلام لأنه صار في الوقت مخبرا وكليم الله موسى مخبرا ولم يكن ذلك بإستحقاق الخضر الرتبة على موسى عليه السلام وهو أفضل من الخضر بل كان لأستحقاق موسى للتبيين وقال في قوله فأراد ربك فتبرأ من الأنانية في آخر القصص ونسب الأرادة كلها إلى الله تعالى ذكره في ذلك لأنه لم يكن بقي شئ مما فعله فيخبر به بعد ويصير موسى به مخبرا ومصغيا إلى كلامه تابعا له فتجرد عن الأنانية والأرادة تجرد العبد المخلص ثم صار متنصلا (1) مما أتاه من نسبة الأنانية في أول القصة ومن ادعاء الأشتراك في ثاني القصة فقال رحمة من ربك وما فعلته عن أمرى ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا أي ما لم تستطع فحذف التاء تخفيفا قيل ومن فوائد هذه القصة أن لا يعجب المرء بعلمه ولا يبادر إلى إنكار ما لا يستحسنه فلعل فيه سرا لا يعرفه وأن يداوم على التعلم ويتذلل للمعلم ويراعي الأدب في المقال وأن ينبه المجرم على جرمه ويعفو عنه حتى يتحقق أصراره ثم يهاجر عنه. (83) ويسئلونك عن ذى القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا. في قرب الأسناد عن الكاظم عليه السلام إن نفرا من اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وآله فقالوا لأبي الحسن عليه السلام جدي إستاذن لنا على إبن عمك نسأله قال فدخل علي عليه السلام فأعلمه فقال ما تريدون مني فإني عبد من عبيد الله لا أعلم إلا ما علمني ربي ثم قال إئذن لهم فدخلوا فقال أتسألوني عما جئتم له أم انبئكم قالوا نبئنا قال جئتم تسألوني عن ذي القرنين قالوا نعم قال كان غلاما من أهل الروم ثم ملك وأتى مطلع الشمس ومغربها ثم بنى السد فيها قالوا نشهد أن هذا كذا وكذا. والقمي لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بخبر موسى عليه السلام وفتاه والخضر


1 - تنصل منه تبرأ منه. (*)

[ 259 ]

قالوا فاخبرنا عن طائف طاف المشرق والمغرب من هو وما قصته فأنزل الله الاية. وعن أمير المؤمنين عليه السلام إنه سئل عن ذي القرنين أنبيا كان أم ملكا فقال لا نبيا ولا ملكا بل عبد أحب الله فأحبه الله ونصح لله فنصح له وبعثه إلى قومه فضربوه على قرنه الأيمن فغاب عنهم ما شاء الله أن يغيب ثم بعثه الثانية فضربوه على قرنه الأيسر فغاب عنهم ما شاء الله ثم بعثه الثالثة فمكن الله له في الأرض وفيكم مثله يعني نفسه. وعن الصادق عليه السلام إن ذا القرنين بعثه الله إلى قومه فضرب على قرنه الأيمن فأماته الله خمسمأة عام ثم بعثه الله إليهم بعد ذلك فضرب على قرنه الأيسر فأماته الله خمسمأة عام ثم بعثه إليهم بعد ذلك فملكه مشارق الأرض ومغاربها من حيث تطلع الشمس إلى حيث تغرب وهو قوله حتى إذا بلغ مغرب الشمس الاية. والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام إن ذا القرنين لم يكن نبيا ولا رسولا كان عبدا أحب الله فأحبه وناصح لله فنصحه دعا قومه فضربوه على أحد قرنيه فقتلوه ثم بعثه الله فضربوه على قرنه الاخر فقتلوه. وفي رواية أخرى أنه سئل عنه عليه السلام أملكا كان أم نبيا وعن قرنيه أذهبا كان أم فضة فقال إنه لم يكن نبيا ولا ملكا ولم يكن قرناه ذهبا ولا فضة ولكنه الحديث كما ذكر. وفي الأكمال عن الباقر عليه السلام إن ذا القرنين لم يكن نبيا ولكنه كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه ونصح لله فنصحه الله وإنما سمي ذا القرنين لأنه دعا قومه فضربوه على قرنه فغاب عنهم حينا ثم عاد إليهم فضرب على قرنه الاخر وفيكم مثله. والعياشي ما يقرب منه وعنه عليه السلام إن الله لم يبعث أنبياء ملوكا في الأرض إلا أربعة بعد نوح أولهم ذو القرنين وإسمه عياش وداود وسليمان ويوسف فأما عياش فملك ما بين المشرق والمغرب وأما داود فملك ما بين الشامات إلى بلاد اصطخر وكذلك كان ملك سليمان عليه السلام وأما يوسف فملك مصر وبراريها لم يجاوزها إلى غيرها.

[ 260 ]

وفي الخصال مرفوعا ملك الأرض كلها أربعة مؤمنان وكافران فأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين وأما الكافران فنمرود وبخت النصر وإسم ذي القرنين عبد الله ابن ضحاك. والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام إنه سئل عن ذي القرنين فقال كان عبدا صالحا وإسمه عياش إختاره الله وابتعثه إلى قرن من القرون الأولى في ناحية المغرب وذلك بعد طوفان نوح عليه السلام فضربوه على قرن رأسه الأيمن فمات منها ثم أحياه الله بعد مأة عام ثم بعثه إلى قرن من القرون الأولى في ناحية المشرق فكذبوه وضربوه ضربة على قرن رأسه الأيسر فمات منها ثم أحياه الله بعد مأة عام وعوضه من الضربتين اللتين على رأسه قرنين في موضع الضربتين أجوفين وجعل عز ملكه وآية نبوته في قرنية ثم رفعه الله إلى السماء الدنيا فكشط له عن الأرض كلها جبالها وسهولها وفجاجها حتى أبصر ما بين المشرق والمغرب وآتاه الله من كل شئ فعرف به الحق والباطل وأيده في قرنيه بكسف من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق ثم أهبط إلى الأرض وأوحى إليه أن في ناحية غربي الأرض وشرقيها فقد طويت لك البلاد وذللت لك العباد فأرهبتهم منك فسار إلى ناحية المغرب فكان إذا مر بقرية يزأر فيها كما يزأر الأسد المغضب فينبعث من قرنه ظلمات فيه رعد وبرق وصواعق تهلك من ناواه وخالفه فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له أهل المشرق والمغرب قال وذلك قول الله إنا مكنا له في الارض الاية. وعن الباقر عليه السلام إن ذا القرنين خير بين السحاب الصعب والسحاب الذلول فاختار الذلول فركب الذلول فكان إذا إنتهى إلى قوم كان رسول نفسه إليهم لكيلا يكذب الرسل. وعن أمير المؤمنين عليه السلام إنه سئل عن ذي القرنين فقال سخر له السحاب وقربت له الأسباب وبسط له في النور فقيل له كيف بسط له في النور فقال كان يضئ بالليل كما يضئ بالنهار. وفي الأكمال والخرايج عنه عليه السلام إنه سئل عن ذي القرنين كيف استطاع

[ 261 ]

أن يبلغ المشرق والمغرب فقال سخر الله له السحاب ويسر له الأسباب وبسط له النور وكان الليل والنهار عليه سواء وزاد في الخرايج أنه رأى في المنام كأنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنها في شرقها وغربها فلما قص رؤياه على قومه وعرفهم سموه ذا القرنين فدعاهم إلى الله فأسلموا الحديث. (84) إنا مكنا له في الارض وآتيناه من كل شئ أراده وتوجه إليه سببا قيل وصلة توصله إليه من العلم والقدرة والالة. والقمي عن أمير المؤمنين عليه السلام أي دليلا. (85) فأتبع سببا أي فأراد بلوغ المغرب فاتبع سببا يوصله إليه وقرئ بقطع الهمزة مخففة التاء. (86) حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ذات حماة وهي الطين الأسود وقرئ حامية أي حارة ويحتمل أن تكون جامعة للوصفين قيل لعله بلغ ساحل البحر المحيط فرآها كذلك إذ لم يكن في مطمح بصره غير الماء ولذلك قال وجدها تغرب ولم يقل كانت تغرب. والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام في عين حامية في بحر دون المدينة التي تلي مما يلي المغرب يعني جابلقا. وعنه عليه السلام لما انتهى مع الشمس إلى العين الحامية وجدها تغرب فيها ومعها سبعون ألف ملك يجرونها بسلاسل الحديد والكلاليب يجرونها من قعر البحر في قطر الأرض الأيمن كما تجري السفينة على ظهر الماء ووجد عندها عند تلك العين قوما ناسا كفرة قلنا يذا القرنين إما أن تعذب أي بالقتل على كفرهم وإما أن تتخذ فيهم حسنا بإرشادهم وتعليمهم الشرايع. (87) قال أما من ظلم أي أدعوهم إلى الأيمان أولا فأما من دعوته فظلم نفسه بالأصرار على كفره فسوف نعذبه بعذاب الدنيا ثم يرد إلى ربه في مرجعه فيعذبه عذابا نكرا عذابا منكرا لم يعهد مثله في الاخرة.

[ 262 ]

القمي عن الصادق عليه السلام أي في النار. (88) وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى جزاء فعلته الحسنى وقرئ جزاء منونا منصوبا أي فله المثوبة الحسنى جزاء وسنقول له من أمرنا مما نأمر به من الخراج وغيره يسرا سهلا ميسرا غير شاق. (89) ثم أتبع سببا ثم اتبع طريقا يوصله إلى المشرق. (90) حتى إذا بلغ مطلع الشمس قيل يعني الموضع الذي تطلع الشمس عليه أولا من معمورة الأرض وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا في المجمع والعياشي عن الباقر عليه السلام لم يعلموا صنعة البيوت والقمي قال لم يعلموا صنعة الثياب. والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه ورد على قوم قد أحرقهم الشمس وغيرت أجسادهم وألوانهم حتى صيرتهم كالظلمة. (91) كذلك أي أمره كما وصفناه في رفعة المكان وبسطة الملك أو امره فيه كأمره في أهل المغرب وقد أحطنا بما لديه خبرا من الجنود والايات والعدد والأسباب فإنها مع كثرتها لا يحيط بها إلا علم اللطيف الخبير. (92) ثم أتبع سببا يعني طريقا ثالثا معترضا بين المشرق والمغرب آخذا من الجنوب إلى الشمال. والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام سببا في ناحية الظلمة. (93) حتى إذا بلغ بين السدين بين الجبلين المبني بينهما سده وقرئ بضم السين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا لغرابة لغتهم وقلة فطنتهم وقرئ بضم الياء وكسر القاف أي لا يفهمون السامع كلامهم ولا يبينونه لتعلثمهم فيه. (94) قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج وقرئ بالهمزة قيل هما قبيلتان من ولد يافث بن نوح وقيل يأجوج من الترك ومأجوج من الجبل.

[ 263 ]

وفي العلل عن الهادي عليه السلام جميع الترك والسقالب ويأجوج ومأجوج والصير (والصين خ ل) من يافث حيث كانوا مفسدون في الارض أي في أرضنا بالقتل والتخريب واتلاف الزروع. والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج خلف هذين الجبلين وهم يفسدون في الأرض إذا كان أبان زروعنا وثمارنا خرجوا علينا من هذين السدين فرعوا في ثمارنا وفي زروعنا حتى لا يبقون منها شيئا فهل نجعل لك خرجا (1) قال أي مالا نؤديه إليك في كل عام وقرئ خراجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا يحجز دون خروجهم علينا وقرئ بضم السين. (95) قال ما مكنى فيه ربى خير ما جعلني فيه مكينا من المال والملك خير مما تبذلون لي من الخراج ولا حاجة بي إليه وقرئ مكنني بالنونين فأعينوني بقوة بقوة فعلة أو بما أتقوى به من الالات أجعل بينكم وبينهم ردما حاجزا حصينا وهو أكبر من السد. (96) آتونى زبر الحديد قطعه والزبر القطعة الكبيرة قيل هو لا ينافي رد الخراج والأقتصار على المعونة لأن الأيتاء بمعنى المناولة وقرئ ء ائتوني بكسر الهمزة بمعنى جيئوني بها بحذف الياء حتى إذا ساوى بين الصدفين بين جانبي الجبلين بتنضيدها وقرئ بضمتين وبضم الصاد وسكون الدال قال انفخوا أي قال للعملة إنفخوا في الأكوار حتى إذا جعله نارا كالنار بالأحماء قال اتوني أفرغ عليه قطرا أي آتوني قطرا أفرغه عليه أي نحاسا وقرئ ائتوني. القمي فأمرهم أن يأتوه بالحديد فوضعه بين الصدفين يعني بين الجبلين حتى سوى بينهما ثم أمرهم أن يأتوا بالنار فأتوا بها فنفخوا تحت الحديد حتى صار الحديد مثل النار ثم صب عليه القطر وهو الصفر حتى سده. وعن الصادق عليه السلام في حديث فجعل ذو القرنين بينهم بابا من نحاس وحديد وزفت وقطران فحال بينهم وبين الخروج.


1 - الفرق بين الخرج والخراج: أن الاول لما يخرج من المال والثاني للغلة وما يخرج من الارض. (*)

[ 264 ]

والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام فاحتفروا له جبل حديد فقلعوا له أمثال اللبن فطرح بعضه على بعض فيما بين الصدفين وكان ذو القرنين هو أول من بني ردما على وجه الأرض ثم جعل عليه الحطب وألهب فيه النار ووضع عليه المنافيخ فنفخوا عليه قال فلما ذاب قال ائتوني بقطر فاحتفروا له جبلا من مس فطرحوه على الحديد فذاب معه واختلط به. (97) فما اسطاعوا أي فما إستطاعا بحذف التاء قال يعني يأجوج ومأجوج أن يظهروه أن يعلوه بالصعود لأرتفاعه وإنملاسه وما استطاعوا له نقبا لثخنه وصلابته. (98) قال هذا هذا السد أو الأقتدار على تسويته رحمة من ربى على عباده فإذا جاء وعد ربى بقيام الساعة جعله دكاء مدكوكا مبسوطا مسوى بالأرض وقرئ دكاء بالمد أي أرضا مستوية وكان وعد ربى حقا كائنا لا محالة. القمي إذا كان قبل يوم القيامة في آخر الزمان إنهدم ذلك السد وخرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا وأكلوا الناس وهو قوله حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون. وعن الصادق عليه السلام ليس منهم رجل يموت حتى يولد له من صلبه ألف ولد ذكر ثم قال هم أكثر خلق خلقوا بعد الملائكة. وفي الخصال عنه عليه السلام الدنيا سبعة أقاليم يأجوج ومأجوج والروم والصين والزنج وقوم موسى عليه السلام وإقليم بابل وعن النبي صلى الله عليه وآله إنه عد من الايات التي تكون قبل الساعة خروج يأجوج ومأجوج. وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن يأجوج ومأجوج فقال يأجوج امة ومأجوج امة وكل امة أربعمأة امة لا يموت الرجل منهم حتى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه كل قد حمل السلاح قيل يا رسول الله صفهم لنا قال هم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز قيل يا رسول الله وما الأرز قال شجر بالشام طويل وصنف منهم طولهم وعرضهم سواء وهؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد وصنف منهم

[ 265 ]

يفترش أحدهم إحدى اذنيه ويلتحف بالاخرى ولا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه ومن مات منهم أكلوه مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية. وفيه وجاء في الحديث إنهم يدأبون في حفره نهارهم حتى إذا أمسوا وكادوا يبصرون شعاع الشمس قالوا نرجع غدا ونفتحه ولا يستثنون فيعودون من الغد وقد استوى كما كان حتى إذا جاء وعد الله قالوا غدا نفتح ونخرج إن شاء الله فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه بالأمس فيحفرونه فيخرجون على الناس فيسقون المياه ويتحصن الناس في حصونهم منهم فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع وفيها كهيئة الدماء فيقولون قد قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم بققا في أقفائهم فتدخل في آذانهم فيهلكون بها. قال النبي صلى الله عليه وآله والذي نفس محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن وتسكر من لحومهم سكرا. وفي الأمالي عنه عليه السلام إنه سئل عن يأجوج ومأجوج فقال إن القوم لينقرون بمعاولهم دائبين فإذا كان الليل قالوا غدا نفرغ فيصبحون وهو أقوى منه بالأمس حتى يسلم منهم رجل حين يريد الله أن يبلغ أمره فيقول المؤمن غدا نفتحه إن شاء الله فيصبحون ثم يغدون عليه فيفتحه الله فو الذي نفسي بيده ليمرن الرجل منهم على شاطئ الوادي الذي بكوفان وقد شربوه حتى نزحوه قيل يا رسول الله ومتى هذا قال حين لا يبقى من الدنيا إلا مثل صبابة الأناء. والعياشي عن الصادق عليه السلام في قوله عز وجل أجعل بينكم وبينهم ردما قال التقية فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا قال إذا عملت بالتقية لم يقدروا لك على حيلة وهو الحصن الحصين وصار بينك وبين أعداء الله سدا لا يستطيعون له نقبا فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء قال رفع التقية عند الكشف فأنتقم من أعداء الله. (99) وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض يختلطون مزدحمين حيارى

[ 266 ]

والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام يعني يوم القيامة ونفخ في الصور لقيام الساعة فجمعناهم جمعا للحساب والجزاء. (100) وعرضنا جهنم يومئذ للكفرين عرضا وأبرزناها لهم فشاهدوها. (101) الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى عن آياتي والتفكر فيها وكانوا لا يستطيعون سمعا أي وكانوا صما عنه. القمي كانوا لا ينظرون إلى ما خلق الله من الايات كالسموات والأرض. والعياشي عن الصادق عليه السلام إنه سئل تستطيع النفس المعرفة فقال لا قيل يقول الله الذين كانت أعينهم في غطاء الاية قال هو كقوله ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون قيل فعابهم قال لم يعبهم بما صنع هو بهم ولكن عابهم بما صنعوا ولو لم يتكلفوا لم يكن عليهم شئ. وفي العيون عن الرضا عليه السلام إن غطاء العين لا يمنع من الذكر والذكر لا يرى بالعين ولكن الله عز وجل شبه الكافرين بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام بالعميان لأنهم كانوا يستثقلون قول النبي صلى الله عليه وآله فيه ولا يستطيعون له سمعا. والقمي عن الصادق عليه السلام في هذه الاية قال يعني بالذكر ولاية أمير المؤمنين عليه السلام قال كانوا لا يستطيعون إذا ذكر علي عليه السلام عندهم أن يسمعوا ذكره لشدة بغض له وعداوة منهم له ولأهل بيته. (102) أفحسب الذين كفروا أفظنوا والأستفهام للأنكار أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء قيل يعني إتخاذهم الملائكة والمسيح معبودين ينجيانهم من عذابي فحذف المفعول الثاني للقرينة. وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام إنه قرأ أفحسب برفع الباء وسكون السين فيكون معناه افكافيهم في النجاة. والقمي عن الصادق عليه السلام قال يعينهما وأشياعهما الذين اتخذوهما من

[ 267 ]

دون الله أولياء وكانوا يريدون أنهم بحبهم إياهما أنهما ينجيانهم من عذاب الله عز وجل وكانوا بحبهما كافرين إنا أعتدنا جهنم للكفرين نزلا قال مأوى ونزلا فهي لهما ولأشياعهما معدة عند الله تعالى. (103) قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا. (104) الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا ضاع وبطل لكفرهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا لعجبهم وإعتقادهم أنهم على الحق. القمي نزلت في اليهود وجرت في الخوارج وعن الباقر عليه السلام هم النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات والأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع. وفي الأحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام إنه سئل عن هذه الاية فقال كفرة أهل الكتاب اليهود والنصارى وقد كانوا على الحق فابتدعوا في أديانهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ثم قال وما أهل النهروان منهم ببعيد. والعياشي عنه عليه السلام مثله. وفي الجوامع عنه عليه السلام هي كقوله عاملة ناصبة وقال منهم أهل حروراء. (105) أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم بكفرهم فلا يثابون عليها فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا فنزدري بهم ولا نجعل لهم مقدارا واعتبارا أو لا نضع لهم ميزانا يوزن به أعمالهم لأنحباطها. في الأحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث يذكر فيه أهل الموقف وأحوالهم ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلالة فأولئك لا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ولا يعبؤ بهم لأنهم لم يعبؤا بأمره ونهيه يوم القيامة فهم في جهنم خلدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون. وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله إنه ليأتي الرجل السمين يوم القيامة

[ 268 ]

لا يزن جناح بعوضة. والقمي وزنا قال أي حسنة. (106) ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتى ورسلي هزوا قال يعني الأوصياء الايات التي اتخذوها هزوا. وفي العيون عن الرضا عليه السلام فيما كتبه للمأمون ويجب البراءة من أهل الأستيثار من أبي موسى الأشعري وأهل ولايته الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولقائه كفروا بأن لقوا الله بغير إمامته فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا فهم كلاب أهل النار. (107) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله الجنة مأة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض الفردوس أعلاها درجة منها تفجر أنهار الجنة فإذا سألتم الله فسألوه الفردوس. والقمي عن الصادق عليه السلام هذه نزلت في أبي ذر والمقداد وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر جعل الله عز وجل لهم جنات الفردوس نزلا أي مأوى ومنزلا. (108) خالدين فيها قال لا يخرجون منها لا يبغون عنها حولا قال لا يريدون بها بدلا. (109) قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى وقرئ بالياء ولو جئنا بمثله مددا قال إن كلام الله عز وجل ليس له آخر ولا غاية ولا ينقطع أبداوقرئ مدادا بكسر الميم جمع مدة وهي ما يستمدبه الكاتب قيل في سبب نزولها ما مر في سورة بني إسرائيل عند قوله تعالى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا. (110) قل إنما أنا بشر مثلكم قال يعني في الخلق أنه مثلهم مخلوق يوحى

[ 269 ]

إلي أنما إلهكم إله واحد. في الأحتجاج وتفسير الأمام عليه السلام في سورة البقرة قال عليه السلام في هذه الاية يعني قل لهم أنا في البشرية مثلكم ولكن ربي خصني بالنبوة دونكم كما يخص بعض البشر بالغني والصحة والجمال دون بعض البشر فلا تنكروا أن يخصني أيضا بالنبوة فمن كان يرجوا لقاء ربه يؤمن بإنه مبعوث. كذا في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام فليعمل عملا صالحا خالصا لله ولا يشرك بعبادة ربه احدا القمي فهذا الشرك شرك رياء. وعن الباقر عليه السلام سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن تفسير هذه الاية فقال من صلى مراياة الناس فهو مشرك ومن زكى مراياة الناس فهو مشرك ومن صام مراياة الناس فهو 0 مشرك ومن حج مراياة الناس فهو مشرك ومن عمل عملا مما أمره الله مراياة الناس فهو مشرك ولا يقبل الله عز وجل عمل مرائي. وفي الكافي عنه عليه السلام في هذه الاية الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس فهذا الذي أشرك بعبادة ربه ثم قال ما من عبد أسر خيرا فذهبت الأيام أبدا حتى يظهر الله له خيرا وما من عبد يسر شرا فذهبت الأيام حتى يظهر الله له شرا. وعنه عليه السلام أنه سئل عن الرجل يعمل الشئ من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك قال لا بأس ما من أحد إلا ويحب أن يظهر له في الناس الخير إذا لم يصنع ذلك لذلك. وعن الرضا عليه السلام إنه كان يتوضأ للصلاة فأراد رجل أن يصب الماء على يديه فأبى وقرأ هذه الاية وقال وها انا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد. أقول: وهذا تفسير آخر للاية ولعله تنزيه وذلك تحريم. والعياشي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن تفسير هذه الاية فقال من صلى

[ 270 ]

أو صام أو أعتق أو حج يريد محمدة الناس فقد أشرك في عمله وهو مشرك مغفور. أقول: يعني أنه ليس من الشرك الذي قال الله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به وذلك لأن المراد بذلك الشرك الجلي وهذا هو الشرك الخفي. وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال الله عز وجل أنا اغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا منه برئ فهو للذي أشرك. والعياشي عن الصادق عليه السلام قال إن الله يقول أنا خير شريك من عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له وعنهما عليهما السلام لو أن عبدا عمل عملا يطلب به رحمة الله والدار الاخرة ثم أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا. والعياشي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الاية فقال العمل الصالح المعرفة بالأئمة ولا يشرك بعبادة ربه أحدا التسليم لعلي عليه السلام لا يشرك معه في الخلافة من ليس ذلك له ولا هو من أهله. والقمي عنه عليه السلام ولا يشرك بعبادة ربه أحدا قال لا يتخذ مع ولاية آل محمد صلوات الله عليهم غيرهم وولايتهم العمل الصالح من أشرك بعبادة ربه فقد أشرك بولايتنا وكفر بها وجحد أمير المؤمنين عليه السلام حقه وولايته. في الفقيه عن النبي صلى الله عليه وآله من قرأ هذه الاية عند منامه قل إنما أنا بشر إلى آخرها سطع له نور من المسجد الحرام حشو ذلك النور ملائكة يستغفرون له حتى يصبح. وفي ثواب الأعمال عن أمير المؤمنين عليه السلام ما من عبد يقرأ قل إنما أنا بشر مثلكم إلى آخر السورة إلا كان له نور من مضجعه إلى بيت الله الحرام فإن كان من أهل بيت الله الحرام كان له نور إلى بيت المقدس. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام ما من عبد يقرأ آخر الكهف عند النوم إلا تيقظ في الساعة التي يريد. وعنه عليه السلام من قرأ سورة الكهف في كل ليلة جمعة كانت كفارة ما بين

[ 271 ]

الجمعة إلى الجمعة قال وروي فيمن قرأها يوم الجمعة بعد الظهر والعصر مثل ذلك. وفي ثواب الأعمال والمجمع عنه عليه السلام من قرأ سورة الكهف في كل ليلة جمعة لم يمت إلا شهيدا ويبعثه الله من الشهداء ووقف يوم القيامة مع الشهداء اللهم ارزقنا تلاوته يا ارحم الراحمين.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21741895

  • التاريخ : 27/07/2024 - 08:35

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net