00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة السجدة 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الرابع)   ||   تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني »

[ 153 ]

سورة السجدة

مكية الا ثلاث آيات منها فانها نزلت بالمدينة افمن كان مؤمنا الى تمام الآيات عدد آيها تسع وعشرون اية بصري وثلاثون في الباقين بسم الله الرحمن الرحيم (1) الم (2) تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين (3) ام يقولون افتريه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما اتيهم من نذير من قبلك إذ كانوا اهل الفترة لعلهم يهتدون بانذارك اياهم (4) الله الذى خلق السموات والارض وما بينهما في ستة ايام ثم استوى على العرش سبق تفسيره في سورة الاعراف ما لكم من دونه من ولى ولا شفيع إذا جاوزتم امره افلا تتذكرون بمواعظ الله (5) يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون القمي يعني الامور التي يدبرها والامر والنهي الذي امر به واعمال العباد كل هذا يظهر يوم القيامة فيكون مقدار ذلك اليوم الف سنة من سني الدنيا وقد سبق في سورة الحج اخبار في هذا المعنى (6) ذلك عالم الغيب والشهادة فيدبر امرها على وفق الحكمة العزيز الغالب على امره الرحيم على العباد في تدبيره (7) الذى احسن كل شئ خلقه موفرا عليه ما يستعده ويليق به على وفق

[ 154 ]

الحكمة والمصلحة وقرء بفتح اللام وبدء خلق الانسان من طين القمي قال هو آدم (8) ثم جعل نسله ذريته سميت به لأنها تنسل منه أي تنفصل من سلالة القمي نسله اي ولده من سلالة قال هو الصفوة من الطعام والشراب من ماء مهين قال النطفة المني (9) ثم سويه قومه بتصوير اعضائه على ما ينبغي القمي استحاله من نطفة الى علقة ومن علقة الى مضغة حتى نفخ فيه الروح ونفخ فيه من روحه اضافه الى نفسه تشريفا واظهارا بأنه خلق عجيب وان له لشأنا له مناسبة ما الى الحضرة الربوبية ولأجله من عرف نفسه فقد عرف ربه وقد مضى في معنى الروح اخبار في سورة الحجر وجعل لكم السمع والابصار والافئدة خصوصا لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا قليلا ما تشكرون شكرا قليلا (10) وقالوا ائذا ضللنا في الارض اي صرنا ترابا مخلوطا بتراب الأرض لا نتميز عنه أو غبنا فيها وقرء بحذف الهمزة وفي الجوامع عن امير المؤمنين عليه السلام انه قرء بالمهملة وكسر اللام من صل اللحم إذا انتن ائنا لفى خلق جديد يجدد خلقنا وقرئ بحذف الهمزة بل هم بلقاء ربهم كافرون في التوحيد عن امير المؤمنين عليه السلام يعني البعث فسماه الله عز وجل لقائه (11) قل يتوفاكم يستوفي نفوسكم لا يترك منها شيئا ولا يبقى منكم احدا ملك الموت الذى وكل بكم بقبض ارواحكم واحصاء اجالكم ثم الى ربكم ترجعون للحساب والجزاء القمي عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما اسري بي الى السماء رأيت ملكا من الملائكة بيده لوح من نور لا يلتفت يمينا ولا

[ 155 ]

شمالا مقبلا عليه كهيئة الحزين فقلت من هذا يا جبرئيل قال هذا ملك الموت مشغول في قبض الأرواح فقلت ادنني منه يا جبرئيل لأكلمه فأدناني منه فقلت له يا ملك الموت اكل من مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه قال نعم قلت وتحضرهم بنفسك قال نعم ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله عز وجل لي ومكنني منها الا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف شاء وما من دار في الدنيا الا وادخلها في كل يوم خمس مرات واقول إذا بكى اهل البيت على ميتهم لا تبكوا عليه فان لي اليكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم احد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله كفى بالموت طامة يا جبرئيل فقال جبرئيل ما بعد الموت اطم واعظم من الموت (12) ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربهم من الحياء والخزي ربنا قائلين ربنا ابصرنا ما وعدتنا وسمعنا منك تصديق رسلك فارجعنا الى الدنيا نعمل صالحا انا موقنون إذ لم يبق لنا شك بما شاهدنا القمي ابصرنا وسمعنا في الدنيا ولم نعمل به (13) ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ما تهتدي به الى الإيمان والعمل الصالح بالتوفيق له القمي قال لو شئنا ان نجعلهم كلهم معصومين لقدرنا ولكن حق القول منى ثبت قضائي وسبق وعيدي لآملئن جهنم من الجنة والناس اجمعين (14) فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا انا نسيناكم القمي اي تركناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون من التكذيب والمعاصي (15) انما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها وعظوا بها خروا سجدا خوفا من عذاب الله وسبحوا بحمد ربهم ونزهوه عما لا يليق به كالعجز عن البعث حامدين له

[ 156 ]

شكرا على ما وفقهم للاسلام واتاهم الهدى وهم لا يستكبرون عن الإيمان والطاعة (16) تتجافى جنوبهم ترتفع وتتنحى عن المضاجع الفرش ومواضع النوم في المجمع عنهما عليهما السلام هم المتهجدون بالليل الذين يقومون عن فرشهم للصلاة يدعون ربهم داعين اياه خوفا من سخطه وطمعا في رحمته ومما رزقناهم ينفقون في وجوه الخير في العلل عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال لعلك ترى ان القوم لم يكونوا ينامون لابد لهذا البدن ان تريحه حتى يخرج نفسه فإذا خرج النفس استراح البدن ورجع الروح قوة على العمل قال نزلت في امير المؤمنين عليه السلام واتباعه من شيعتنا ينامون في اول الليل فإذا ذهب ثلثا الليل أو ما شاء الله فزعوا الى ربهم راغبين مرهبين طامعين فيما عنده فذكرهم الله في كتابه فأخبركم بما اعطاهم انه اسكنهم في جواره وادخلهم جنته وامنهم خوفهم واذهب رعبهم وفي الكافي عنه عليه السلام وفي المجالس عن الصادق عليه السلام وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله الا اخبرك بأبواب الخير قيل نعم قال الصوم جنة من النار والصدقة تكفر الخطيئة وقيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله وفي رواية يذكر الله وفي اخرى يناجي ربه ثم قرأ هذه الآية تتجافى جنوبهم وفي الامالي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال لا ينامون حتى يصلوا العتمة (17) فلا تعلم نفس ما اخفى لهم وقرئ بسكون الياء من قرة اعين مما تقربه عيونهم جزاء بما كانوا يعملون القمي عن الصادق عليه السلام ما من عمل حسن يعمله العبد الا وله ثواب في القرآن الا صلاة الليل فان الله عز وجل لم يبين ثوابها لعظم خطره عنده فقال جل ذكره تتجافى جنوبهم الى قوله يعملون ثم قال ان لله كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة فإذا كان يوم الجمعة بعث الله الى المؤمن ملكا معه حلتان فينتهي الى باب

[ 157 ]

الجنة فيقول استأذنوا لي على فلان فيقال له هذا رسول ربك على الباب فيقول لازواجه اي شئ ترين علي احسن فيقلن يا سيدنا والذي اباحك الجنة ما رأينا عليك شيئا احسن من هذا بعث اليك ربك فيتزر بواحدة ويتعطف بالاخرى فلا يمر بشئ الا اضاء له حتى ينتهي الى الموعد فإذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك وتعالى فإذا نظروا إليه خروا سجدا فيقول عبادي ارفعوا رؤوسكم ليس هذا يوم سجود ولا يوم عبادة قد رفعت عنكم المؤنة فيقولون يا رب واي شئ افضل مما اعطيتنا اعطيتنا الجنة فيقول لكم مثل ما في ايديكم سبعين ضعفا فيرجع المؤمن في كل جمعة سبعين ضعفا مثل ما في يديه وهو قوله ولدينا مزيد وهو يوم الجمعة ليلتها ليلة غراء ويومها يوم ازهر فأكثروا فيها من التسبيح والتكبير والتهليل والثناء على الله والصلاة على محمد وآله قال فيمر المؤمن فلا يمر بشئ الا اضاء له فينتهي الى ازواجه فيقلن والذي اباحنا الجنة يا سيدنا ما رأيناك قط احسن منك الساعة فيقول اني قد نظرت الى نور ربي ثم قال ان ازواجه لا يغرن ولا يحضن ولا يصلفن قال الراوي قلت جعلت فداك اني اردت ان اسألك عن شئ استحي منه قال سل قلت في الجنة غناء قال ان في الجنة شجرا يأمر الله رياحها فتهب فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلايق بمثلها حسنا ثم قال هذا عوض لمن ترك السماع للغناء في الدنيا من مخافة الله قال قلت جعلت فداك زدني فقال ان الله خلق جنة بيده ولم ترها عين ولم يطلع عليها مخلوق يفتحها الرب كل صباح فيقول ازدادي ريحا وازدادي طيبا وهو قول الله فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون وفي المحاسن عنهما عليهما السلام قالا قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما اسري بي رأيت في الجنة نهرا ابيض من اللبن واحلى من العسل واشد استقامة من السهم فيه أباريق عدد النجوم على شاطئه قباب الياقوت الاحمر والدر الأبيض فضرب جبرئيل بجناحيه فإذا هو مسكة ذفرة ثم قال والذي نفس محمد صلى الله عليه وآله بيده ان في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأولون والاخرون يثمر ثمرا

[ 158 ]

كالرمان يلقي ثمرة الى الرجل فيشقها عن سبعين حلة والمؤمنون على الكراسي وهم الغر المحجلون حيث شاؤا من الجنة فبينا هم كذلك إذ اشرفت عليهم امرأة من فوقه تقول سبحان الله يا عبد الله ما لنا منك دولة فيقول من انت فتقول انا من اللواتي قال الله فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة اعين وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله يقول الله تعالى اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما اطلعتكم عليه اقرؤا ان شئتم فلا تعلم نفس الآية أقول: بله ككتف بمعنى دع أو سوى (18) افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا خارجا عن الإيمان لا يستوون في الشرف والمثوبة (19) اما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات الماوى نزلا النزل ما يعد للنازل من طعام وشراب وصلة بما كانوا يعملون (20) واما الذين فسقوا فماويهم النار كلما ارادوا ان يخرجوا منها اعيدوا فيها عبارة عن خلودهم فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم به تكذبون اهانة لهم وزيادة في غيظهم القمي قال ان جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما فإذا بلغوا اسفلها زفرت بهم جهنم فإذا بلغوا اعلاها قمعوا بمقامع الحديد فهذه حالهم (21) ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر أي قبل أن يصلوا الى الاخرة القمي قال العذاب الادنى عذاب الرجعة بالسيف لعلهم يرجعون قال فانهم يرجعون في الرجعة حتى يعذبوا وفي المجمع عن الصادق عليه السلام ان العذاب الأدنى عذاب القبر قال والأكثر في الرواية عن الباقر والصادق عليهما السلام ان العذاب الأدنى الدابة

[ 159 ]

والدجال القمي عن الباقر عليه السلام قال ان علي بن ابي طالب عليه السلام والوليد بن عقبة تشاجرا فقال الفاسق الوليد بن عقبة انا والله ابسط منك لسانا واحد منك شأنا وامثل جثوا في الكتيبة فقال علي عليه السلام اسكت انما انت فاسق فانزل الله هذه الآيات وفي الاحتجاج عن الحسن المجتبى عليه السلام في حديث له واما انت يا وليد ابن عقبة فوالله ما الومك ان تبغض عليا وقد جلدك في الخمر ثمانين جلدة وقتل اباك صبرا بيده يوم بدر ام كيف تسبه وقد سماه الله مؤمنا في عشر ايات من القرآن وسماك فاسقا وهو قول الله عز وجل افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون أقول: الاخبار مستفيضة من طريق العامة والخاصة بأن هذه الآيات نزلت في علي عليه السلام والوليد (22) ومن اظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم اعرض عنها فلم يتفكر فيها وثم لاستبعاد الاعراض عنها مع فرط وضوحها وارشادها الى اسباب السعادة بعد التذكير بها انا من المجرمين منتقمون فكيف بمن كان اظلم من كل ظالم (23) ولقد اتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه قيل من لقاء موسى عليه السلام ربه في الاخرة كذا عن النبي صلى الله عليه وآله وجعلناه هدى لبنى اسرائيل (24) وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وقرئ بكسر اللام والتخفيف القمي قال كان في علم الله انهم يصبرون على ما يصيبهم فجعلهم ائمة وعن الصادق عليه السلام عن ابيه عن آبائه عليهم السلام قال الأئمة في كتاب الله امامان قال الله تعالى وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لا بامر الناس يقدمون امر الله قبل امرهم وحكم الله قبل حكمهم الحديث وكانوا بآياتنا يوقنون لامعانهم فيها النظر

[ 160 ]

(25) ان ربك هو يفصل بينهم يوم القيمة يقضي فيميز الحق من الباطل بتمييز المحق من المبطل فيما كانوا فيه يختلفون من امر الدين (26) اولم يهد لهم كم اهلكنا من قبلهم من القرون اي كثرة من اهلكناهم يمشون في مساكنهم قيل يعني اهل مكة يمرون في متاجرهم على ديارهم ان في ذلك لآيات افلا يسمعون سماع تدبر واتعاظ (27) اولم يرو انا نسوق الماء الى الارض الجرز التي جرز نباتها اي قطع وازيل القمي قال الأرض الخراب فنخرج به زرعا تأكل منه انعامهم كالتبن والورق وانفسهم كالحب والثمر افلا يبصرون فيستدلون به على كمال قدرته وفضله (28) ويقولون متى هذا الفتح ان كنتم صادقين في الوعد به (29) قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا ايمانهم ولا هم ينظرون ولا يمهلون (30) فاعرض عنهم وانتظر انهم منتظرون القمي هو مثل ضربه الله في الرجعة والقائم عليه السلام فلما اخبرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بخبر الرجعة قالوا متى هذا الفتح ان كنتم صادقين وهذه معطوفة على قوله ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الأكبر في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة السجدة في كل ليلة جمعة اعطاه الله كتابه بيمينه ولم يحاسبه بما كان منه وكان من رفقاء محمد واهل بيته عليه وآله السلام وفي ثواب الأعمال عنه عليه السلام من اشتاق الى الجنة والى صفتها فليقرأ الواقعة ومن احب ان ينظر الى صفة النار فليقرأ سجدة ولقمان وفي الخصال عنه عليه السلام قال ان العزائم اربع اقرأ باسم ربك الذي خلق والنجم وتنزيل السجدة وحم السجدة والله يعلم




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21338748

  • التاريخ : 29/03/2024 - 11:40

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net