00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الزمر 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الرابع)   ||   تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني »

[ 313 ]

سورة الزمر

وتسمى أيضا سورة الغرف وهي مكية كلها وقيل سوى ثلاث آيات نزلن بالمدينة قل يا عبادي إلى آخرهن وقيل غير آية قل يا عبادي عدد آياتها خمس وسبعون آية بسم الله الرحمن الرحيم (1) تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم (2) إنآ أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين من الشرك والرياء (3) ألا لله الدين الخالص لأنه المتفرد بصفات الالوهية والأطلاع على الأسرار والضمائر والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا يقربونآ إلى الله زلفى بإضمار القول إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون من امور الدين فيعاقب كلا بقدر استحقاقه وقيل بإدخال المحق الجنة والمبطل النار والضمير للكفرة ومقابليهم أولهم ولمعبوديهم فإنهم يرجون شفاعتهم وهم يلعنونهم في الأحتجاج عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث ثم أقبل صلى الله عليه وآله على مشركي العرب فقال وأنتم فلم عبدتم الأصنام من دون الله فقالوا نتقرب بذلك إلى الله تعالى فقال أو هي سامعة مطيعة لربها عابدة له حتى تتقربوا بتعظيمها إلى الله قالوا لا قال فأنتم الذين تنحثونها بأيديكم قالوا نعم قال فلأن تعبدكم هي لو كان يجوز منها العبادة أحرى من أن تعبدوها إذا لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العارف بمصالحكم وعواقبكم والحكيم فيما يكلفكم وفي قرب الأسناد عن الصادق عن أبيه عليهما السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن الله تبارك وتعالى يأتي يوم القيامة بكل شئ يعبد من دونه من

[ 314 ]

شمس أو قمر أو غير ذلك ثم يسأل كل إنسان عما كان يعبد فيقول من عبد غيره ربنا إنا كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى قال فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة إذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون إلى النار ما خلا من استثنيت فإن أولئك عنها مبعدون إن الله لا يهدى لا يوفق للأهتداء إلى الحق من هو كاذب كفار فإنهما فاقدا البصيرة (4) لو أراد الله أن يتخذ ولدا كما زعموا ونسبوا إليه الملائكة والمسيح وعزير لاصطفى لاختار مما يخلق ما يشاء قيل أي ما كان يتخذ الولد باختيارهم حتى يضيفوا إليه من شاؤوا بل كان يختص من خلقه من يشاء لذلك نظيره لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا سبحانه عن الشريك والصاحبة والولد هو الله الواحد القهار ليس له في الأشياء شبيه ولا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذا في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في معنى واحديته تعالى (5) خلق السموات والارض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل يغشي كل واحد منهما الاخر كأنه يلف عليه لف اللباس باللابس أو يغيبه به كما يغيب الملفوف باللفافة أو يجعله كارا عليه كرورا متتابعا تتابع أكوار العمامة وسخر الشمس والقمر كل يجرى لاجل مسمى ألا هو العزيز الغالب على كل شئ الغفار حيث لم يعاجل بالعقوبة (6) خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها قد سبق تفسيره في سورة النساء وأنزل لكم من الانعام ثمانية أزواج أهلي ووحشي من البقر والضأن والمعز وبخاتي وعراب من الأبل كما مر بيانه في سورة الأنعام في الأحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الاية قال إنزاله ذلك خلقه إياه يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق حيوانا سويا من بعد عظام مكسوة لحما من بعد عظام عارية من بعد مضغة من بعد علقة من بعد نطفة في نهج البلاغة أم هذا الذي أنشأه في ظلمات الأرحام وشغف الاستار نطفة دهاقا وعلقة محاقا وجنينا وراضعا ووليدا ويافعا في ظلمات ثلث

[ 315 ]

في المجمع عن الباقر عليه السلام والقمي قال ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة وفي التوحيد عن الصادق عليه السلام مثله وزاد حيث لا حيلة له في طلب غذاء ولا دفع أذى ولا استجلاب منفعة ولا دفع مضرة فإنه يجري إليه من دم الحيض ما يغذوه كما يغذو الماء النبات فلا يزال ذلك غذاؤه حتى إذا اكمل خلقه واستحكم بدنه وقوى أديمه على مباشرة الهواء وبصره على ملاقاة الضياء هاج الطلق بامه فأزعجه أشد إزعاج فأعنفه حتى يولد ذلكم الله ربكم الذي هذه أفعاله هو المستحق لعبادتكم والمالك له الملك لا إله إلا هو إذ لا يشاركه في الخلق غيره فأنى تصرفون يعدل بكم عن عبادته إلى الأشراك (7) إن تكفروا فإن الله غنى عنكم عن إيمانكم ولا يرضى لعباده الكفر لأستضرارهم به رحمة عليهم وإن تشكروا يرضه لكم لأنه سبب فلا حكم وقرئ بإسكان الهاء وبإشباع ضمتها القمي فهذا كفر النعم وفي المحاسن مرفوعا قال الكفر ههنا الخلاف والشكر الولاية والمعرفة ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون بالمحاسبة والمجازاة إنه عليم بذات الصدور فلا يخفى عليه خافية من أعمالكم (8) وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه لزوال ما ينازع العقل في الدلالة على أن مبدأ الكل منه سبحانه ثم إذا خوله أعطاه تفضلا فإن التخويل مختص بالتفضل نعمة منه من الله نسى ما كان يدعوا إليه أي الضر الذي كان يدعو الله إلى كشفه من قبل من قبل النعمة وجعل لله أندادا شركاء ليضل عن سبيله وقرئ بفتح الياء قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار أمر تهديد فيه إشعار بأن الكفر نوع تشه لا مستند له واقناط للكافرين من التمتع في الاخرة القمي نزلت في أبي فلان وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الاية فقال نزلت في أبي الفصيل إنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله عنده ساحرا فكان إذا مسه الضر يعني

[ 316 ]

السقم دعا ربه منيبا إليه يعني تائبا إليه من قوله في رسول الله ما يقول ثم إذ خوله نعمة منه يعني العافية نسي ما كان يدعو إليه من قبل يعني نسى التوبة إلى الله تعالى مما كان يقول في رسول الله صلى الله عليه وآله إنه ساحر ولذلك قال الله عز وجل قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار يعني إمرتك على الناس بغير حق من الله عز وجل ومن رسوله قال ثم عطف القول من الله عز وجل في علي عليه السلام يخبر بحاله وفضله عند الله تبارك وتعالى فقال (9) أمن هو قانت آنآء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوى الذين يعلمون أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله والذين لا يعلمون أن محمدا رسول الله أو أنه ساحر كذاب إنما يتذكر أولوا الالباب ثم قال هذا تأويله وفيه وفي العلل عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى آنآء الليل ساجدا أو قائما قال يعني صلاة الليل وفي الكافي عنه عليه السلام إنما نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا أولوا الألباب وعن الصادق عليه السلام لقد ذكرنا الله وشيعتنا وعدونا في آية واحدة من كتابه فقال قل هل يستوى الاية ثم فسرها بما ذكر وعن الحسن المجتبى عليه السلام والقمي اولوا الألباب هم أولو العقول وقرئ أمن هو بتخفيف الميم (10) قل يا عبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم بلزوم طاعته للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة الظرف إما متعلق بأحسنوا أو بحسنة وعلى الأول تشمل الحسنة حسنة الدارين وعلى الثاني لا ينافي نيل حسنة الاخرة أيضا والحسنة في الدنيا كالصحة والعافية في الأمالي عن أمير المؤمنين عليه السلام إن المؤمن يعمل لثلث من الثواب إما لخير فإن الله يثيبه بعمله في دنياه ثم تلا هذه الاية ثم قال فمن أعطاهم الله في

[ 317 ]

الدنيا لم يحاسبهم به في الاخرة وأرض الله واسعة فمن تعسر عليه التوفر على الأحسان في وطنه فليهاجر إلى حيث تمكن منه إنما يوفى الصابرون على مشاق الطاعة من إحتمال البلاء ومهاجرة الأوطان لها أجرهم بغير حساب أجرا لا يهتدي إليه حساب الحساب العياشي عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا نشرت الدواوين ونصبت الموازين لم ينصب لأهل البلاء ميزان ولم ينشر لهم ديوان ثم تلا هذه الاية وفي الكافي عنه عليه السلام إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه فيقال لهم من أنتم فيقولون نحن أهل الصبر فيقال لهم على ما صبرتم فيقولون كنا نصبر على طاعة الله ونصبر عن معاصي الله فيقول الله عز وجل صدقوا ادخلوهم الجنة وهو قول الله عز وجل إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (11) قل إنى أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين موحدا له (12) وأمرت لان أكون أول المسلمين مقدمهم في الدنيا والاخرة (13) قل إنى أخاف إن عصيت ربى بترك الاخلاص عذاب يوم عظيم (14) قل الله أعبد مخلصا له دينى امتثالا لأمره (15) فاعبدوا ما شئتم من دونه تهديد وخذلان لهم قل إن الخاسرين الكاملين في الخسران الذين خسروا أنفسهم وأهليهم القمي عن الباقر عليه السلام يقول غبنوا يوم القيمة ألا ذلك هو الخسران المبين (16) لهم من فوقهم ظلل من النار أطباق منها تظلهم ومن تحتهم ظلل أطباق قيل وهي ظلل الاخرين ذلك يخوف الله به عباده ذلك العذاب هو الذي

[ 318 ]

يخوفهم به ليجتنبوا ما يوقعهم فيه يا عباد فاتقون ولا تتعرضوا لما يوجب سخطي (17) والذين اجتنبوا الطاغوت البالغ غاية الطغيان أن يعبدوها وأنابوا إلى الله وأقبلوا إليه بشر اشرهم غما سواه لهم البشرى بالثواب على ألسنة الرسل وعلى ألسنة الملائكة عند حضور الموت في المجمع عن الصادق عليه السلام قال أنتم هم ومن أطاع جبارا فقد عبده فبشر عباد (18) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه يميزون بين الحق والباطل ويؤثرون الأفضل في الكافي عن الكاظم عليه السلام إن الله بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال فبشر وعن الصادق عليه السلام هو الذي يسمع الحديث فيحدث به كما سمعه لا يزيد فيه ولا ينقص منه وفي رواية هم المسلمون لال محمد صلوات الله عليهم الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه جاؤوا به كما سمعوه أولئك الذين هديهم الله لدينه وأولئك هم أولوا الالباب العقول السليمة عن منازعة الوهم والعادة (19) أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار إنكار وإستبعاد لأنقاذه من حق عليه الكلمة من النار بالسعي في دعائه إلى الأيمان ودلالة على ان من حكم عليه بالعذاب كالواقع فيه لأمتناع الخلف فيه (20) لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف علالي بعضها فوق بعض مبنية بنيت بناء المنازل على الأرض تجرى من تحتها الانهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد في الكافي والقمي عن الباقر عليه السلام سأل علي رسول الله صلوات الله عليهما عن تفسير هذه الاية بماذا بنيت هذه الغرف يا رسول الله فقال يا علي عليه

[ 319 ]

السلام تلك غرف بناها الله لأوليائه بالدر والياقوت والزبرجد سقوفها الذهب محبوكة بالفضة لكل غرفة منها ألف باب من ذهب على كل باب منها ملك موكل به وفيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة وحشوها المسك والعنبر والكافور وذلك قول الله تعالى وفرش مرفوعة الحديث وقد سبق بعضه في سورة الفاطر وبعضه في سورة الرعد (21) ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الارض عيونا وركايا ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج يثور عن منبته بالجفاف فتريه مصفرا من يبسه ثم يجعله حطاما فتاتا إن في ذلك لذكرى لتذكير آياته لا بد من صانع حكيم دبره وسواه وبأنه مثل الحياة الدنيا فلا يغتر بها لاولى الالباب إذ لا يتذكر به غيرهم (22) أفمن شرح الله صدره للاسلام حتى تمكن فيه بيسر فهو على نور من ربه في روضة الواعظين عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قرء هذه الاية فقال إن النور إذا وقع في القلب انفسخ له وانشرح قالوا يا رسول الله فهل لذلك علامة يعرف بها قال التجافي عن دار الغرور والأنابة إلى دار الخلود والأستعداد للموت قبل نزوله والقمي قال نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام والعامة نزلت في حمزة وعلي وما بعده في أبي لهب وولده فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله من أجل ذكره وهي أشد تأبيا عن قبوله من القاسي عنه بسبب آخر فمن أبلغ هنا من القمي عن الصادق عليه السلام القسوة والرقة من القلب وهو قوله فويل الاية أولئك في ضلال مبين (23) الله نزل أحسن الحديث يعني القرآن كتابا متشابها يشبه بعضه بعضا في الأعجاز وتجاوب النظم وصحة المعنى والدلالة على المنافع العامة كذا قيل مثانى

[ 320 ]

ثنى فيه القول يتكرر كذا ورد في أحد وجوه تسمية فاتحة الكتاب بها وقد مر لها معان اخر في سورة الحجر وإنما وصف الواحد بالجمع لأن الكتاب جملة ذات تفاصيل وإن جعل مثاني تميزا لمتشابها يكون المعنى متشابهة تصاريفه قيل الفائدة في التكرير والتثنية أن النفوس تنفر عن النصيحة والمواعظ فما لم يكرر عليها عودا بعد بدء لم يرسخ فيها أقول: وهو قوله سبحانه ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم تنقبض وتشمئز خوفا مما فيه من الوعيد وهو مثل في شدة الخوف في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تتحات عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله تطمئن إليه بالرحمة وعموم المغفرة ذلك هدى الله يهدى به من يشآء ومن يضلل الله ومن يخذله فما له من هاد يخرجه من الضلال (24) أفمن يتقى بوجهه يجعله درعه يقي به نفسه بأنه يكون مغلولة يداه إلى عنقه فلا يقدر ان يتقي إلا بوجهه سوء العذاب يوم القيمة كمن هو آمن منه فحذف الخبر كما حذف في نظائره وقيل للظالمين أي لهم فوضع الظاهر موضعه تسجيلا عليهم بالظلم وإشعارا بالموجب لما يقال لهم ذوقوا ما كنتم تكسبون أي وباله (25) كذب الذين من قبلهم فأتهم العذاب من حيث لا يشعرون من الجهة التي كانت لا تخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منها (26) فأذاقهم الله الخزى الذل في الحيوة الدنيا كالمسخ والخسف والقتل والسبي والأجلاء ولعذاب الاخرة المعد لهم أكبر لشدته ودوامه لو كانوا يعلمون لاعتبروا به واجتنبوا عنه (27) ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل يحتاج إليه الناظر في أمر دينه لعلهم يتذكرون يتعظون به

[ 321 ]

(28) قرآنا عربيا غير ذى عوج لا اختلال فيه بوجه ما لعلهم يتقون (29) ضرب الله مثلا للمشرك والموحد رجلا فيه شركاء متشاكسون متنازعون مختلفون ورجلا سلما لرجل خالصا لواحد ليس لغيره عليه سبيل وقرئ سالما قيل مثل للمشرك على ما يقتضيه مذهبه من أن يدعي كل واحد من معبوديه عبوديته ويتنازعون فيه بعبد متشارك فيه جمع يتجاذبونه ويتعاورونه في مهمامهم المختلفة في تحيره وتوزع قلبه والموحد بمن خلص لواحد ليس لغيره عليه سبيل والقمي مثل ضربه الله عز وجل لأمير المؤمنين عليه السلام ولشركائه الذين ظلموه وغصبوه قوله متشاكسون أي متباغضون وقوله ورجلا سلما لرجل أمير المؤمنين سلم لرسول الله صلوات الله عليهما وفي المعاني عن أمير المؤمنين عليه السلام قال ألا وإني مخصوص في القرآن بأسماء إحذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم أنا السلم لرسول الله صلى الله عليه وآله يقول الله عز وجل ورجلا سلما لرجل في المجمع عنه عليه السلام أنا ذلك الرجل السلم لرسول الله صلى الله عليه وآله والعياشي عن الباقر عليه السلام الرجل السلم لرجل حقا علي وشيعته وفي الكافي عنه عليه السلام أما الذي فيه شركاء متشاكسون فلان الأول يجمع المتفرقون ولايته وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضا ويبرء بعضهم من بعض وأما رجل سلم لرجل فلان الأول حقا وشيعته أقول: أراد عليه السلام بفلان الأول في أول ما قال أبا بكر فإنه كان أول الخلفاء باطلا وفيما قاله ثانيا أمير المؤمنين عليه السلام فإنه كان أول الخلفاء حقا وإنما قيد الثاني بقوله حقا ولم يقيد الأول بقوله باطلا لأحتياج الثاني إلى تلك القرينة في فهم المراد منه بخلاف الأول كما لا يخفى فالوجه في تخالف أصحاب أبي بكر أن أبا بكر لم يكن سلما لله ولرسوله لا في أمر الأمارة ولا فيما يتبني عليها من الأحكام

[ 322 ]

وكان أصحابه أصحاب أهواء وآراء وهي مما يجري فيه الاختلاف بخلاف أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته فإنهم كانوا سلما لله ولرسوله وكانوا أصحاب نص من الله ورسوله ولا إختلاف فيه ولذلك أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام اعتقدوه مفترض الطاعة بخلاف أصحاب أبي بكر هل يستويان مثلا الحمد لله لا يشاركه فيه سواه لأنه المنعم بالذات بل أكثرهم لا يعلمون فيشركون به غيره لفرط جهلهم (30) إنك ميت وإنهم ميتون فإن الكل بصدد الموت (31) ثم إنكم يوم القيمة عند ربكم تختصمون القمي يعني أمير المؤمنين عليه السلام ومن غصبه حقه (32) فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جائه قال يعني بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله من الحق وولاية أمير المؤمنين عليه السلام أليس في جهنم مثوى مقام للكافرين (33) والذى جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون في المجمع عنهم عليهم السلام والقمي جاء بالصدق محمد وصدق به أمير المؤمنين عليه السلام (34) لهم ما يشآؤن عند ربهم ذلك جزاء المحسنين (35) ليكفر الله عنهم أسوء الذى عملوا فضلا عن غيره ويجزيهم أجرهم بأحسن الذى كانوا يعملون فيعدلهم محاسن أعمالهم بأحسنها في زيادة الأجر وعظمه لفرط إخلاصهم فيها (36) أليس الله بكاف عبده وقرئ عباده ويخوفونك بالذين من دونه قيل قالت قريش إنا نخاف أن تخبلك آلهتنا لعيبك إياها والقمي يعني يقولون لك يا محمد اعفنا من علي عليه السلام ويخوفونك بأنهم يلحقون بالكفار ومن يضلل الله فما له من هاد

[ 323 ]

(37) ومن يهد الله فما له من مضل إذ لا راد لفعله أليس الله بعزيز غالب منيع ذى انتقام ينتقم من أعدائه (38) ولئن سئلتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله لوضوح البرهان على تفرده بالخالقية قل أفرايتم ما تدعون من دون الله إن أرادنى الله بضر هل هن كاشفات ضره أي أرأيتم بعدما تحققتم أن خالق العالم هو الله أن آلهتكم إن أراد الله أن يصيبني ضرا هل يكشفنه أو أرادنى برحمة بنفع هل هن ممسكات رحمته فيمسكنها عني وقرئ بتنوين التاءين ونصب المفعولين قل حسبى الله كافيا في إصابة الخير ورفع الضرر وروي أن النبي صلى الله عليه وآله سألهم فسكتوا فنزلت وفي إيراد الضمائر مؤنثات على ما يصفونها به تنبيه على كمال ضعفها عليه يتوكل المتوكلون لعلمهم بأن الكل منه (39) قل يا قوم اعملوا على مكانتكم على حالكم وقرئ مكاناتكم إنى عامل أي على مكانتي فسوف تعلمون (40) من يأتيه عذاب يخزيه من المغلوب في الدارين فإن خزي أعدائه دليل غلبته وقد أخزاهم الله يوم بدر ويحل عليه عذاب مقيم دائم وهو عذاب النار (41) إنآ أنزلنا عليك الكتاب للناس لمصالحهم في معاشهم ومعادهم بالحق متلبسا به فمن اهتدى فلنفسه نفع به نفسه ومن ضل فإنما يضل عليها فإن وباله لا يتخطاها وما أنت عليهم بوكيل لتجبرهم على الهدى وإنما عليك البلاغ (42) الله يتوفى الانفس حين موتها والتى لم تمت في منامها أي يقبضها عن الأبدان بأن يقطع تعلقها عنها وتصرفها فيها ظاهرا وباطنا وذلك عند الموت أو ظاهرا لا باطنا وهي في النوم فيمسك التى قضى عليها الموت لا يردها إلى البدن ويرسل الاخرى أي النائمة إلى بدنها عند اليقظة إلى أجل مسمى هو الوقت المضروب لموته العياشي عن الباقر عليه السلام قال ما من أحد ينام إلا عرجت نفسه إلى السماء

[ 324 ]

وبقيت روحه في بدنه وصار بينهما سبب كشعاع الشمس فان أذن الله في قبض الأرواح أجابت الروح النفس وإن أذن الله في رد الروح أجابت النفس الروح وهو قوله سبحانه الله يتوفى الانفس حين موتها الاية فما رأت في ملكوت السموات فهو مما له تأويل وما رأت فيما بين السماء والأرض فهو مما يخيله الشيطان ولا تأويل له وقد مضى الوجه في التوفيق بين نسبة التوفي تارة إلى الله واخرى إلى ملك الموت واخرى إلى ملائكة اخر في سورة النساء إن في ذلك لايات على كمال قدرته وحكمته وشمول رحمته لقوم يتفكرون (43) أم اتخذوا بل اتخذ قريش من دون الله شفعاء تشفع لهم عند الله قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون أيشفعون ولو كانوا على هذه الصفة كما تشاهدونهم (44) قل لله الشفاعة جميعا لا يشفع أحد إلا بإذنه له ملك السموات والارض لا يملك أحد أن يتكلم في أمره دون إذنه ورضاه ثم إليه ترجعون في القيامة (45) وإذا ذكر الله وحده دون آلهتهم اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالاخرة إنقبضت ونفرت وإذا ذكر الذين من دونه قيل يعني الأوثان إذا هم يستبشرون لفرط افتتانهم بها ونسيانهم حق الله سبحانه القمي نزلت في فلان وفلان وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عنها فقال إذا ذكر الله وحده بطاعة من أمر الله بطاعته من آل محمد صلوات الله عليهم اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالاخرة وإذا ذكر الذين لم يأمر الله بطاعتهم إذا هم يستبشرون (46) قل اللهم فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون فأنت وحدك تقدر أن تحكم بيني وبينهم فإني تحيرت في كفرهم وعجزت في عنادهم وشدة شكيمتهم (47) ولو أن للذين ظلموا ما في الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء

[ 325 ]

العذاب يوم القيمة وعيد شديد وإقناط كلي لهم من الخلاص وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون زيادة مبالغة فيه وهو نظير قوله فلا تعلم نفس مآ أخفى لهم في الوعد (48) وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن وأحاط بهم جزاؤه (49) فإذا مس الانسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا أعطيناه إياها تفضلا قال إنما أوتيته على علم على علم مني بوجوه كسبه أو بأني سأعطاه لمالي من استحقاقه كذا قيل بل هي فتنة إمتحان له أيشكر أم يكفر ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك (50) قد قالها الذين من قبلهم يعني هذه الكلمة كقارون وقومه فإنه قاله ورضي به قومه فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون من متاع الدنيا (51) فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء المشركين بالعتو سيصيبهم سيئات ما كسبوا كما أصاب اولئك وقد أصابهم بالقحط والقتل وما هم بمعجزين فائتين (52) أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر إن في ذلك لايات لقوم يؤمنون (53) قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم أفرطوا في الجناية عليها بالأسراف في المعاصي لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم والقمي قال نزلت في شيعة على بن أبي طالب عليه السلام خاصة وفي الكافي عن الصادق عليه السلام لقد ذكركم الله في كتابه إذ يقول يا عبادي الاية قال والله ما أراد بهذا غيركم وفي المعاني والقمي عن الباقر عليه السلام قال وفي شيعة ولد فاطمة عليها السلام أنزل الله عز وجل هذه الاية خاصة وفي المحاسن عن الصادق عليه السلام ما على ملة إبراهيم غيركم وما يقبل إلا

[ 326 ]

منكم ولا يغفر الذنوب إلا لكم وعن أمير المؤمنين عليه السلام إنه قال ما في القرآن آية أوسع من يا عبادي الذين أسرفوا الاية وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الاية (54) وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون (55) واتبعوا أحسن مآ أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون بمجيئه فتداركون به (56) أن تقول نفس كراهة أن تقول يا حسرتى على ما فرطت بما قصرت في جنب الله في حقه وطاعته وقربه في المحاسن عن الباقر عليه السلام إن أشد الناس حسرة يوم القيامة الذين وصفوا العدل ثم خالفوه وهو قوله عز وجل أن تقول نفس الاية وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام في هذه الاية قال جنب الله أمير المؤمنين عليه السلام وكذلك من كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهى الأمر إلى آخرهم وفي الأكمال والعياشي عن الباقر عليه السلام نحن جنب الله وفي المناقب عنه وعن أبيه وابنه عليهم السلام هذه الاية جنب الله علي عليه السلام وهو حجة الله على الخلق يوم القيامة وعن الرضا عليه السلام قال في ولاية علي عليه السلام وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنا جنب الله وفي الأحتجاج عنه عليه السلام في حديث وقد زاد جل ذكره في التبيان وإثبات الحجة بقوله في أصفيائه وأوليائه أن

[ 327 ]

تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله تعريفا للخليقة قربهم ألا ترى إنك تقول فلان إلى جنب فلان إذا أردت أن تصف قربه منه إنما جعل الله تبارك وتعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره وغير أنبيائه وحججه في أرضه لعلمه بما يحدثه في كتابه المبدلون من إسقاط أسماء حججه منه وتلبيسهم ذلك على الامة ليعينوهم على باطلهم فأثبت فيه الرموز وأعمى قلوبهم وأبصارهم لما عليهم في تركها وترك غيرها من الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه وإن كنت لمن الساخرين المستهزئين بأهله يعني فرطت وأنا ساخر (57) أو تقول لو أن الله هداني بالأرشاد إلى الحق لكنت من المتقين الشرك والمعاصي (58) أو تقول حين ترى العذاب لو أن لى كرة فأكون من المحسنين في العقيدة والعمل ولو للدلالة على أنه لا يخلو من هذه الأقوال تحيرا أو تعللا بما لا طائل تحته (59) بلى قد جآئتك آياتى فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين رد من الله عليه لما تضمنه قوله لو أن الله هداني من معنى النفي القمي يعني بالايات الأئمة عليهم السلام (60) ويوم القيمة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة. القمي عن الصادق عليه السلام في هذه الاية قال من إدعى أنه إمام وليس بإمام قيل وإن كان علويا فاطميا قال وإن كان علويا فاطميا وفي الكافي والعياشي مثله أليس في جهنم مثوى مقام للمتكبرين عن الأيمان والطاعة القمي عنه عليه السلام قال أن في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له سقر شكا إلى الله شدة حره وسأله أن يتنفس فأذن له فتنفس فأحرق جهنم (61) وينجى الله الذين اتقوا بمفازتهم بفلاحهم وقرئ بالجمع لا يمسهم

[ 328 ]

السوء ولا هم يحزنون (62) الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل يتولى التصرف فيه (63) له مقاليد السموات والارض مفاتيحها لا يملك أمرها ولا يتمكن من التصرف فيها غيره وهو كناية عن قدرته وحفظه لها والذين كفروا بايات الله أولئك هم الخاسرون (64) قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون في الجوامع روى أنهم قالوا استلم بعض آلهتنا نؤمن بإلهك فنزلت (65) ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك من الرسل لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين (66) بل الله فاعبد رد لما أمروه به وكن من الشاكرين أنعامه عليك القمي هذه مخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله والمعنى لامته وهو ما قال الصادق عليه السلام إن الله عز وجل بعث نبيه صلى الله عليه وآله بإياك أعني واسمعي يا جارة والدليل على ذلك قوله تعالى بل الله فاعبد وكن من الشاكرين وقد علم أن نبيه صلى الله عليه وآله يعبده ويشكره ولكن استعبد نبيه بالدعاء إليه تأديبا لامته وعن الباقر عليه السلام أنه سئل عن هذه الاية فقال تفسيرها لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علي عليه السلام من بعدك ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين وفي الكافي عن الصادق عليه السلام يعني إن أشرك في الولاية غيره قال بل الله فاعبد وكن من الشاكرين يعني بل الله فاعبد بالطاعة وكن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك وابن عمك (67) وما (1) قدروا الله حق قدره ما قدروا عظمته في أنفسهم حق تعظيمه حيث وصفوه بما لا يليق به

______________________________ـــ

(1) أي ما عظم الله حق عظمته إذ عبدوا غيره وأمروا نبيه (ص) بعبادة غيره. (*)

[ 329 ]

في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له لما شبهه العادلون بالخلق المبعض المحدود في صفاته ذي الأقطار والنواحي المختلفة في طبقاته وكان عز وجل الموجود بنفسه لا بأداته انتفى أن يكون قدروه حق قدره فقال تنزيها بنفسه عن مشاركة الأنداد وارتفاعها عن قياس المقدرين له بالحدود من كفرة العباد وما قدروا الله حق قدره الاية فما دلك القرآن عليه من صفته فاتبعه ليتوسل بينك وبين معرفته وأتم به واستضئ بنور هدايته فإنها نعمة وحكمة اوتيتها فخذ ما أوتيت وكن من الشاكرين وما دلك الشيطان عليه مما ليس في القرآن عليك فرضه ولا في سنة الرسول وأئمة الهدى عليهم السلام أثره فكل علمه إلى الله عز وجل فإن ذلك منتهى حق الله عليك وعن الباقر عليه السلام إن الله لا يوصف وكيف يوصف وقد قال في كتابه وما قدروا الله حق قدره فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك والقمي قال نزلت في الخوارج والارض جميعا قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه تنبيه على عظمته وحقارة المخلوقات العظام التي تتحير فيها الأوهام بالأضافة إلى قدرته ودلالته على أن تخريب العالم أهون شئ عليه كذا قيل والقبضة المرة من القبض اطلقت بمعنى القبضة وهي المقدار المقبوض بالكف في التوحيد عن الصادق عليه السلام قبضته يعني ملكه لا يملكها معه أحد قال اليمين واليد القدرة والقوة مطويات بيمينه يعني بقوته وقدرته سبحانه وتعالى عما يشركون (68) ونفخ في الصور يعني المرة الاولى فصعق من في السموات ومن في الارض خروا ميتين إلا من شآء الله في المجمع روي مرفوعا هم جبرئيل وميكائيل واسرافيل وملك الموت وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وآله سأل جبرئيل عن هذه الاية من ذا الذي لم يشأ الله أن يصعقهم قال هم الشهداء متقلدون أسيافهم حول العرش ثم نفخ فيه أخرى نفخة اخرى فإذا هم قيام ينظرون قائمون من قبورهم يقلبون أبصارهم في الجواب

[ 330 ]

القمي عن السجاد عليه السلام أنه سئل عن النفختين كم بينهما قال ما شاء الله قيل فأخبرني يا ابن رسول الله كيف ينفخ فيه فقال أما النفخة الأولى فإن الله عز وجل يأمر إسرافيل فيهبط إلى الدنيا ومعه الصور وللصور رأس واحد وطرفان وبين رأس كل طرف منهما إلى الاخر مثل ما بين السماء والأرض فإذا رأت الملائكة اسرافيل قد هبط إلى الدنيا ومعه الصور قالوا قد أذن الله في موت أهل الأرض وفي موت أهل السماء قال فيهبط إسرافيل بحظيرة بيت المقدس وهو مستقبل الكعبة فإذا رآه أهل الأرض قالوا قد أذن الله تعالى في موت أهل الأرض فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي الأرض فلا يبقى في الأرض ذو روح إلا صعق ومات ويخرج الصوت من الطرف الذي يلي السماوات فلا يبقى في السماوات ذو روح إلا صعق ومات إلا اسرافيل قال فيقول الله لأسرافيل يا إسرافيل مت فيموت إسرافيل فيمكثون في ذلك ما شاء الله ثم يأمر السماوات فتمور ويأمر الجبال فتسير وهو قوله تعالى يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا يعني تبسط وتبدل الأرض غير الأرض يعني بأرض لم تكسب عليها الذنوب بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحاها أول مرة ويعيد عرشه على الماء كما كان أول مرة مستقلا بعظمته وقدرته قال فعند ذلك ينادي الجبار تبارك وتعالى بصوت من قبله جهوري يسمع أقطار السماوات والأرضين لمن الملك اليوم فلا يجيبه مجيب فعند ذلك يقول الجبار عز وجل مجيبا لنفسه لله الواحد القهار وأنا قهرت الخلائق كلهم وأمتهم إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ولا وزير وأنا خلقت خلقي بيدي وأنا أمتهم بمشيئتي وأنا أحييهم بقدرتي قال فينفخ الجبار نفخة اخرى في الصور فيخرج الصوت من إحدى الطرفين الذي يلي السماوات فلا يبقى في السماوات أحد إلا حي وقام كما كان ويعود حملة العرش ويحضر الجنة والنار ويحشر الخلائق للحساب قال الراوي فرأيت علي بن الحسين عليهما السلام يبكي عند ذلك بكاء شديدا وعن الصادق عليه السلام إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم وقال أتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ بيده وأخرجه إلى البقيع فانتهى به إلى قبر فصوت بصاحبه

[ 331 ]

فقال قم بإذن الله فخرج منه رجل أبيض الرأس واللحية يمسح التراب عن رأسه وهو يقول الحمد لله والله أكبر فقال جبرئيل عد بإذن الله تعالى ثم انتهى به إلى قبر آخر فقال قم بإذن الله فخرج منه رجل مسود الوجه وهو يقول يا حسرتاه يا ثبوراه ثم قال له جبرئيل عد إلى ما كنت فيه بإذن الله عز وجل فقال يا محمد هكذا يحشرون يوم القيامة فالمؤمنون يقولون هذا القول وهؤلاء يقولون ما ترى (69) وأشرقت الارض بنور ربها قيل بما أقام فيها من العدل سماه نورا لأنه يزين به البقاع ويظهر الحقوق كما سمي الظلم ظلمة ففي الحديث الظلم ظلمات يوم القيامة والقمي عن الصادق عليه السلام في هذه الاية قال رب الأرض إمام الأرض قيل فإذا خرج يكون ماذا قال إذا يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزؤون بنور الأمام عليه السلام وفي إرشاد المفيد عنه عليه السلام قال إذا قام قائمنا أشرقت الأرض بنور ربها واستغنى العباد عن ضوء الشمس ونور القمر وذهبت الظلمة ووضع الكتاب للحساب وجئ بالنبيين والشهداء القمي الشهداء الأئمة عليهم السلام والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الحج ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا أنتم يا معشر الأئمة شهداء على الناس وقضى بينهم بين العباد بالحق وهم لا يظلمون (70) ووفيت كل نفس ما عملت جزاؤه وهو أعلم بما يفعلون فلا يفوته شئ من أفعالهم (71) وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا أفواجا متفرقة بعضها في أثر بعض على تفاوت أقدامهم في الضلالة والشرارة حتى إذا جآؤها فتحت أبوابها ليدخلوها وقرئ بتخفيف التاء وقال لهم خزنتها تقريعا وتوبيخا ألم يأتكم رسل منكم من جنسكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين كلمة الله بالعذاب علينا وهو الحكم عليهم بالشقاوة وأنهم من أهل النار

[ 332 ]

(72) قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين قد مضى اخبار بيان أبواب جهنم في سورة الحجر (73) وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة إسراعا بهم إلى دار الكرامة ويساقون راكبين كما مر في سورة مريم (ع) زمرا على تفاوت مراتبهم في الشرف وعلو الطبقة حتى إذا جآؤها وفتحت أبوابها قيل حذف جواب إذا للدلالة على أن لهم حينئذ من الكرامة والتعظيم ما لا يحيط به الوصف وأن أبواب الجنة تفتح لهم قبل مجيئهم منتظرين وقال لهم خزنتها سلام عليكم لا يعتريكم بعد مكروه طبتم طهرتم من دنس المعاصي القمي أي طاب مواليدكم لأنه لا يدخل الجنة إلا طيب المولد فادخلوها خالدين في الخصال عن الصادق عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال إن للجنة ثمانية أبواب باب يدخل منه النبيون والصديقون وباب يدخل منه الشهداء والصالحون وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبونا فلا أزال واقفا على الصراط أدعو وأقول رب سلم شيعتي ومحببي وأنصاري وأوليائي ومن تولاني في دار الدنيا فإذا النداء من بطنان العرش قد اجيبت دعوتك وشفعت في شيعتك ويشفع كل رجل من شيعتي ومن تولاني ونصرني وحارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألفا من جيرانه وأقربائه وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن يشهد أن لا إله إلا الله ولم يكن في قلبه مثقال ذرة من بغضنا أهل البيت وعن الباقر عليه السلام أحسنوا الظن بالله واعلموا أن للجنة ثمانية أبواب عرض كل باب منها مسيرة أربعماة سنة (74) وقالوا الحمد لله الذى صدقنا وعده بالبعث والثواب وأورثنا الارض القمي عن الباقر عليه السلام يعني أرض الجنة نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين الجنة

[ 333 ]

(75) وترى الملائكة حافين محدقين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم ذاكرين له بوصفي جلاله وإكرامه تلذذا به وفيه إشعار بأن منتهى درجات العليين وأعلى لذايذهم هو الأستغراق في صفات الحق وقضى بينهم بالحق بين الخلق وقيل الحمد لله رب العالمين أي على ما قضى بيننا بالحق والقائلون هم المؤمنون في ثواب الأعمال عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة الزمر إستخفاها من لسانه أعطاه الله من شرف الدنيا والاخره وأعزه بلا مال ولا عشيرة حتى يهابه من يراه وحرم جسده على النار وبنى له في الجنة ألف مدينة في كل مدينة ألف قصر في كل قصر ماة حوراء وله مع هذا عينان تجريان وعينان نضاختان وجنتان مدهامتان وحور مقصورات في الخيام وذواتآ أفنان ومن كل فاكهة زوجان وفي المجمع مثله بدون قوله إستخفاها من لسانه وقوله ذواتا أفنان إلى آخره




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21394623

  • التاريخ : 16/04/2024 - 14:20

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net