00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الملك 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الخامس )   ||   تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني »

[ 200 ]

سورة الملك

تسمى سورة المنجية لانها تنجي صاحبها من عذاب القبر وتسمى الواقية وهي مكية عدد آيها إحدى وثلاثون آية بسم الله الرحمن الرحيم (1) تبارك الذى بيده الملك بقبضة قدرته التصرف في الامور كلها وهو على كل شئ قدير. (2) الذى خلق الموت والحيوة القمي قال قدرهما ومعناه قدر الحياة ثم الموت. وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) إن الله خلق الحياة قبل الموت. وعنه (عليه السلام) الحياة والموت خلقان من خلق الله فإذا جاء الموت فدخل في الانسان لم يدخل في شئ إلا وقد خرجت منه الحياة ليبلوكم ليعاملكم معاملة المختبر بالتكليف أيكم أحسن عملا وذلك لان الموت داع إلى حسن العمل وموجب لعدم الوثوق بالدنيا ولذاتها الفانية والحياة يقتدر معها على الاعمال الصالحة الخالصة. في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه سئل عن قوله أيكم أحسن عملا ما عنى به فقال يقول أيكم أحسن عقلا ثم قال أتمكم عقلا وأشدكم لله خوفا وأحسنكم فيما أمر الله به ونهى عنه نظرا وإن كانوا أقلكم تطوعا وفي رواية قال أيكم أحسن عقلا واورع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله. وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) ليس يعني أكثر عملا ولكن أصوبكم عملا وإنما الاصابة خشية الله والنية الصادقة ثم قال الابقاء على العمل حتى يخلص

[ 201 ]

أشد من العمل والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل والنية أفضل من العمل ألا وأن النية هو العمل ثم تلا قوله عز وجل قل كل يعمل على شاكلته يعني على نيته. أقول: لعل المراد بالابقاء على العمل أن لا يحدث به إرادة الحمد من الناس حتى يبقى خالصا لله ولا يخفى أنه أشد من العمل وهو العزيز الغالب الذي لا يعجزه من أساء العمل الغفور لمن تاب منهم. الذى خلق سبع سموات طباقا متطابقة. القمي عن الباقر (عليه السلام) بعضها فوق بعض ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت من اختلاف القمي قال يعني من فساد وقرئ من تفوت وهو بمعناه فارجع البصر هل ترى من فطور من خلل قيل يعني قد نظرت إليها مرارا فانظر إليها مرة اخرى متأملا فيها لتعاين ما اخبرت به من تناسبها واستقامتها. (4) ثم ارجع البصر كرتين أي رجعتين اخريين في ارتياد الخلل والمراد بالتثنية التكرير والتكثير كما في لبيك وسعديك والقمي قال انظر في ملكوت السماوات والارض ينقلب إليك البصر خاسئا بعيدا عن إصابة المطلوب كأنه طرد عنه طردا بالصغار وهو حسير كليل من طول المعاودة وكثرة المراجعة. (5) ولقد زينا السماء الدنيا أقرب السماوات إلى الارض بمصابيح القمي قال بالنجوم وجعلنها رجوما للشياطين ترجم بها جمع رجم بالفتح بمعنى ما يرجم به قيل اريد به انقضاض الشهب المسببة عنها وقيل أي رجوما وظنونا لشياطين الانس وهم المنجمون وأعتدنا لهم عذاب السعير في الاخرة بعد الاحراق بالشهب في الدنيا. (6) وللذين كفروا بربهم من الشياطين وغيرهم عذاب جهنم وبئس المصير. (7) إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا صوتا كصوت الحمير وهى تفور تغلي بهم غليان المرجل بما فيه. (8) تكاد تميز من الغيظ تتفرق غضباعليهم وهو تمثيل لشدة اشتعالها.

[ 202 ]

القمي قال من الغيض على أعداء الله كلما ألقى فيها فوج جماعة منهم سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير يخوفكم هذا العذاب وهو توبيخ وتبكيت. (9) قالوا بلى قد جائنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شئ إن أنتم إلا في ضلال كبير أي فكذبنا الرسل وأفرطنا في التكذيب حتى نفينا الانزال والارسال رأسا وبالغنا في نسبتهم إلى الضلال. (10) وقالوا لو كنا نسمع كلام الرسل فنقبله جملة من غير بحث وتفتيش اعتمادا على صدقهم أو نعقل فنفكر في حكمه ومعانيه تفكر المستبصرين ما كنا في أصحاب السعير في عدادهم وفي جملتهم. (11) فاعترفوا بذنبهم حين لا ينفعهم فسحقا لاصحاب السعير فأسحقهم الله سحقا أي أبعدهم بعدا من رحمته وقرئ فسحقا بضمتين والقمي قال قد سمعوا وعقلوا ولكنهم لم يطيعوا ولم يقبلوا كما يدل عليه إعترافهم بذنبهم. وفي الاحتجاج في خطبة الغديرية النبوية إن هذه الايات في أعداء علي وأولاده (عليهم السلام) والتي بعدها في أوليائهم. (12) إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة لذنوبهم وأجر كبير تصغر دونه لذائذ الدنيا. (13) وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور بالضمائر قبل أن يعبر بها سرا أو جهرا. (14) ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير المتوصل علمه إلى ما ظهر من خلقه وما بطن وإن صغر ولطف لا يعزب عنه شئ ولا يفوته روي أن المشركين كانوا يتكلمون فيما بينهم بأشياء فيخبر الله بها رسوله فيقولون أسروا قولكم لئلا يسمع إله محمد (صلى الله عليه وآله) فنبه الله على جهلهم.

[ 203 ]

(15) هو الذى جعل لكم الارض ذلولا لينة يسهل لكم السلوك فيها فامشوا في مناكبها في جوانبها أو جبالها قيل هو مثل لفرط التذلل فإن منكب البعير ينبو عن ان يطأه الراكب ولا يتذلل له فإذا جعل الارض في الذل بحيث يمشي في مناكبها لم يبق شئ منها لم يتذلل وكلوا من رزقه والتمسوا من نعم الله وإليه النشور المرجع فيسألكم عن ما أنعم عليكم. (16) ءأمنتم من في السماء يعني الملائكة الموكلين على تدبير هذا العالم وقرئ وأمنتم بقلب الهمزة الاولى واوا لانضمام ما قبلها وبقلب الثانية ألفا أن يخسف بكم الارض فيغيبكم فيها كما فعل بقارون فإذا هي تمور تضطرب. (17) أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا أن يمطر عليكم حصبا فستعلمون كيف نذير كيف إنذاري إذا شاهدتم المنذر به ولكن لا ينفعكم العلم حينئذ. (18) ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير إنكاري عليهم بانزال العذاب وهو تسلية للرسول (صلى الله عليه وآله) وتهديد لقومه. (19) أو لم يروا إلى الطير فوقهم صفت باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها فإنهن إذا بسطنها صففن قوادمها ويقبضن ويضممنها إذا ضربن بهاجنوبهن وقتا بعد وقت للاستعانة به على التحرك ما يمسكهن في الجو على خلاف الطبع إلا الرحمن الواسع رحمته كل شئ إنه بكل شئ بصير يعلم كيف ينبغي أن يخلقه. (20) أمن هذا الذى هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن يعني أو لم تنظروا في أمثال هذه الصنائع فتعلموا قدرتنا على تعذيبكم بنحو خسف أو إرسال حاصب أم هذا الذي تعبدونه من دون الله لكم جند ينصركم من دون الله أو يرسل عليكم عذابه فهو كقوله أم لهم الهة تمنعهم من دوننا وفيه إشعار بأنهم اعتقدوا القسم الثاني إن الكافرون إلا في غرور لا معتمدلهم. (21) أمن هذا الذى يرزقكم إن أمسك رزقه بإمساك المطر وسائر الاسباب

[ 204 ]

المحصلة والموصلة له إليكم بل لجوا تمادوا في عتو عناد ونفور وشراد عن الحق لتنفر طباعهم عنه. (22) أفمن يمشى مكبا على وجهه يعثر كل ساعة ويخر على وجهه لوعورة طريقه بحيث لا يستأهل أن يسلك أهدى أمن يمشى سويا قائما سالما من العثار على صرط مستقيم مستوي الاجزاء والجهة صالح للسلوك والمراد تمثيل للمشرك والموحد بالسالكين والدينين بالمسلكين. في الكافي والمعاني عن الباقر (عليه السلام) القلوب أربعة قلب فيه نفاق وإيمان وقلب منكوس وقلب مطبوع وقلب أزهر أنوز قال فاما المطبوع فقلب المنافق وأما الازهر فقلب المؤمن إن أعطاه الله عز وجل شكر وإن إبتلاه صبر وأما المنكوس فقلب المشرك ثم قرأ هذه الاية وذكر الرابع. وفي الكافي عن الكاظم (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الاية فقال إن الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي (عليه السلام) كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لامره وجعل من تبعه سويا على صراط مستقيم والصراط المستقيم أمير المؤمنين (عليه السلام). (23) قل هو الذى أنشأكم وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لتسمعوا مواعظه وتنظروا إلى صنايعه وتتفكروا وتعتبروا قليلا ما تشكرون باستعمالها فيما خلقت لاجلها. (24) قل هو الذى ذرأكم في الارض وإليه تحشرون للجزاء. (25) ويقولون متى هذا الوعد أي الحشر إن كنتم صادقين يعنون النبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين. (26) قل إنما العلم أي علم وقته عند الله لا يطلع عليه سواه وإنما أنا نذير مبين. (27) فلما رأوه زلفة أي ذا قرب (1) سيئت وجوه الذين كفروا بان عليها الكآبة

______________________________

(1) يعني يوم بدر، وقيل معاينة وقيل أن اللفظ ماض والمراد به المستقبل. (*)

[ 205 ]

وساءتها رؤيته وقيل هذا الذى كنتم به تدعون تطلبون وتستعجلون من الدعاء. في الكافي عن الباقر (عليه السلام) هذه نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه الذين عملوا ما عملوا يرون أمير المؤمنين (عليه السلام) في أغبط الا ماكن لهم فيسئ وجوههم ويقال لهم هذا الذى كنتم به تدعون الذي انتحلتم اسمه وفي المجمع عنه (عليه السلام) فلما رأوا مكان علي من النبي (صلى الله عليه وآله) سيئت وجوه الذين كفروا يعني الذين كذبوا بفضله وعن الاعمش قال لما رأوا ما لعلي بن أبي طالب عند الله من الزلفى سيئت وجوه الذين كفروا والقمي قال إذا كان يوم القيامة ونظر أعداء أمير المؤمنين (عليه السلام) إليه وإلى ما أعطاه الله من الكرامة والمنزلة الشريفة العظيمة وبيده لواء الحمد وهو على الحوض يسقي ويمنع تسود وجوه أعدائه فيقال لهم هذا الذى كنتم به تدعون منزلته وموضعه واسمه. (28) قل أرايتم إن أهلكني الله أماتني ومن معى من المؤمنين أو رحمنا بتأخير آجالنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم أي لا ينجيهم أحد من العذاب متنا أو بقينا وهو جواب لقولهم نتربص به ريب المنون. (29) قل هو الرحمن الذي ادعوكم إليه مولى النعم كلها آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين منا ومنكم وقرئ بالياء. في الكافي عن الباقر (عليه السلام) فستعلمون يا معشر المكذبين حيث أنبأتكم رسالة ربي في ولاية علي والائمة (عليهم السلام) من بعده من هو في ضلال مبين كذا نزلت. (30) قل أرايتم إن أصبح ماؤكم غورا غائرا في الارض بحيث لا تناله الدلاء فمن يأتيكم بماء معين جار أو ظاهر سهل التناول القمي قال أرأيتم إن أصبح إمامكم غائبا فمن يأتيكم بإمام مثله. وعن الرضا (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الاية فقال ماؤكم أبوابكم الائمة (عليهم السلام) والائمة أبواب الله فمن يأتيكم بماء معين أي يأتيكم بعلم الامام.

[ 206 ]

وفي الكافي عن الكاظم (عليه السلام) إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد. وفي الاكمال عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل عن تأويلها فقال إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فماذا تصنعون. وعنه (عليه السلام) قال نزلت هذه الاية في الامام القائم (عليه السلام) يقول إن أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السموات والارض وحلال الله وحرامه ثم قال (عليه السلام) والله ما جاء تأويل هذه الاية ولابد أن يجئ تأويلها. في ثواب الاعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ تبارك الذى بيده الملك في المكتوبة قبل أن ينام لم يزل في أمان الله حتى يصبح وفي أمانه يوم القيامة حتى يدخل الجنة اللهم ارزقنا تلاوته.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21335292

  • التاريخ : 28/03/2024 - 14:51

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net