00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة المدثر 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : التبيان في تفسير القرآن ( الجزء العاشر)   ||   تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي

74 - سورة المدثر

مكية في قول ابن عباس وقال الضحاك هي مدنية وهي خمسون وست آيات في الكوفي والبصري والمدني الاول، وخمس في المدني الاخير.

وقال ابوسلمكة ابن عبدالرحمن أول ما نزل من القرآن (يا أيها المدثر) وحكى ذات ابوسلمة عن جابر بن عبدالله. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله (جاوزت بحراء فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا فنظرت عن شمالي فلم أر شيئا فنظرت أمامي فلم أر شيئا فنظرت خلفي فلم أر شيئا، فرفعت رأسي فلم أر شيئا، فاتيت خديجة فقلت دثروني وصبواعلي ماء باردا قال فدثروني فصبوا علي ماء باردا فنزلت (يا ايها المدثر) وقال الزهري: أول ما نزل قوله (اقرأ باسم ربك الذي خلق).

بسم الله الرحمن الرحيم

(يا أيها المدثر(1) قم فانذر(2) وربك فكبر(3) وثيابك فطهر(4) والرجز فاهجر(5) ولا تمنن تستكثر(6) ولربك فاصبر(7) فاذا نقر في الناقور(8) فذلك يومئذ يوم عسير(9) على الكافرين غير يسير(10))

عشر آيات.

[172]

هذا خطاب من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه واله يقول له (يا أيها المدثر) واصله المتدثر بثيابه، فادغمت التاء في الدال، لانها من مخرجها مع أن الدال اقوى بالجهر فيها، يقال: تدثر تدثرا ودثره تدثيرا، ودثر الرسم يدثر دثورا إذا محي أثره، فكأنه قال: يا ايها الطالب صرف الاذى بالدثار اطلبه بالانذار.

وقوله (قم فانذر) أمر من الله تعالى له أن يقوم وينذر قومه، والانذار الاعلام بموضع المخافة ليتقى، فلما كان لا مخافة أشد من الخوف من عقاب الله كان الانذار منه اجل الانذار، وتقديره قم إلى الكفار فانذر من النار.

وقوله (وربك) منصوب ب‍ (كبر) والتكبير وصف الاكبر على اعتقاد معناه كتكبير المكبر في الصلاة بقوله الله اكبر، والتكبير نقيض التصغير، ومثله التعظيم. والكبير الشأن هو المختص باتساع المقدور والمعلوم من غير مانع من الجود فالله تعالى قادر لا يعجزه شئ، وعالم لا يخفى عليه شئ لا يمنعه من الجود على عباده شئ، فهو اكبر من كل كبير بما لا يساويه شئ، واختصاصه بالمقدور والمعلوم بأنه ما صح من مقدور او معلوم فهو قادر عليه عالم به فهو لنفسه كبير واكبر من كل كبير سواه.

وقوله (وثيابك فطهر) أي وطهر ئيابك فهو منصوب به. والطهارة النظافة بانتفاء النجاسة، لان النظافة قد تكون بانتفاء الوسخ من غير نجاسة، وقد تكون بانتفاء النجاسة. فالطهارة في الاية هوالقسم الاخير.

وقال ابن عباس (وثيابك فطهر) معناه من لبسها على معصيته، كما قال سلامة بن غيلان الثقفي - انشده ابن عباس:

وإني بحمد الله لا ثوب فاجر * لبست ولا من غدة أتقنع(1)

___________________________________

(1) مر في 6 / 489

[173]

وقال الزجاج: معناه لم أكن غادرا، قال يقال: للغادر دنس الثياب أي لم أعص قط وقيل: معناه شمر ثيابك - وفي رواية عن ابن عباس وإبراهيم وقتادة - ان معناه وثيابك فطهر من الذنوب.

وقال ابن سيرين وابن زيد: اغسلها بالماء.

وقيل معناه شمر ثيابك، وقيل: معناه وثيابك فطهر للصلاة فيها.

وقوله (والرجز) منصوب بقوله (فاهجر) وقال الحسن: كل معصية رجز وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والزهري: معناه فاهجر الاصنام.

وقال ابراهيم والضحاك: الرجز الاثم.

وقال الكسائي: الرجز - بكسر الراء - العذاب، وبفتحها الصنم والوثن.

وقالوا: المعنى اهجر ما يؤدي إلى العذاب، ولم يفرق احد بينهما.

وبالضم قرأ حفص ويعقوب وسهل. الباقون بالكسر إما لانهما لغتان مثل الذكر والذكر او بما قاله الكسائي.

وقال قوم: الرجز بالضم الصنم.

وقال: كان الرجز صنمين: أساف ونائلة، نهى الله تعالى عن تعظيمهما.

وقوله (ولا تمنن تستكثر) قال ابن عباس وابراهيم والضحاك وقتادة ومجاهد: معناه لا تعط عطية لتعطى أكثر منها، وقال الحسن والربيع وانس: معناه لا تمنن حسناتك على الله مستكثرا لها، فينفصل ذلك عبدالله.

وقال ابن زيد: معناه لا تمنن ما أعطاك الله من النبوة والقرآن مستكثرا به الاجر من الناس.

وقال ابن مجاهد: معناه لا تضعف في عملك مستكثرا لطاعتك، وقال قوم: معناه لا تمنن على الناس بما تنعم به عليهم على سبيل الاستكثار لذلك.

وقال جماعة من النحويين: إن (تستكثر) في موضع الحال ولذلك رفع.

وأجاز الفراء الجزم على أن يكون جوابا للنهي، والرفع هو الوجه.

والمن ذكر النعمة بما يكدرها، ويقطع حق الشكر بها، يقال: من بعطائه يمن منا إذا فعل ذلك، فأما من على الاسير إذا أطلقه، فهو قطع أسباب الاعتقال عنه.

ويقال: لمن أنعم على وجه المن، لانه بهذه المنزلة، وأصله

[174]

القطع من قوله (فلهم أجر غير ممنون)(1) أى غير مقطوع.

والاستكثار طلب الكثرة يقال: استكثر فلان من المال والعلم، والمراد - ههنا - هو طلب ذكر الاستكثار للعطية.

وقوله (ولربك فاصبر) قال ابراهيم: من أجل ربك فاصبروا على عطيتك.

وقال مجاهد: لاجل الله فاصبر على أذى المشركين.

وقيل: معناه (ولربك فاصبر) على ما أمرك به من أداء الرسالة وتعليم الدين، وماينالك من الاذى والتكذيب، فاحتمله لتنال الفوز من الله بالنعيم والصبر الذى هو طاعة الله هو الصبر على الضرر الذى يدعو اليه العقل، لان ما يدعو اليه العقل فخالق العقل يريده، لانه بمنزلة دعاء المر إلى الفعل، والسبب الذى يتقوى به على الصبر هوالتمسك بداعي العقل دون داعي الطبع، لان العقل يدعو بالترغيب فيما ينبغي أن يرغب فيه. والطبع داعي الهوى يدعو إلى خلاف ما في العقل.

وقوله (فاذا نقر في الناقور) معناه إذا نفخ في الصور، وهو كهيأة البوق - في قول مجاهد - وقيل: ان ذلك في اول النفختين، وهو أول الشدة الهائلة العامة، والناقور على وزن (فاعول) من النقر، كقولك: هاضوم من الهضم وحاطوم من الحطم، وهو الذي من شأنه أن ينقر فيه للتصويت به.

وقوله (فذلك يومئذ) يعني اليوم الذي ينفر فيه في الناقور (يوم عسير) أى يوم شديد عسر (على الكافرين) لنعم الله الجاحدين لاياته (غير يسير) فاليسير القليل الكلفة، ومنه اليسار وهو كثرة المال لقلة الكلفة به في الانفاق، ومنه تيسر الامر لسهولته وقلة الكلفة فيه.

وقال الزجاج: قوله (يوم عسير) مرتفع بقوله (فذلك) والمعنى فذلك يوم عسير يوم النفخ في الصور، ويومئذ يجوز أن يكون

___________________________________

(1) سورة 95 التين آية 6

[175]

نصبا على معنى فذلك يوم عسير في يوم ينفخ في الصور، ويجوز الرفع، وإنما بني على الفتح لاضافته إلى (إذ) لان (إذ) غير متمكنة.

قوله تعالى: (ذرني ومن خلقت وحيدا(11) وجعلت له مالا ممدودا(12) وبنين شهودا(13) ومهدت له تمهيدا(14) ثم يطمع أن أزيد(15) كلا إنه كان لآياتنا عنيدا(16) سأرهقه صعودا(17) إنه فكر وقدر(18) فقتل كيف قدر(19) ثم قتل كيف قدر(20) ثم نظر(21) ثم عبس وبسر(22) ثم أدبر واستكبر(23) فقال إن هذا إلا سحر يؤثر(24) إن هذا إلا قول البشر(25))

خمس عشرة آية.

يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه واله على وجه التهديد للكافر الذى وصفه (ذرني ومن خلقت وحيدا) ومعناه دعني وإياه فاني كاف في عقابه كما تقول العرب: دعني وإياه لا أن الله تعالى يجوز عليه المنع حتى يقول: ذرني وإياه. ولكن المعنى ما قلناه.

وقوله (وحيدا) قال الزجاج: يحتمل ان يكون من صفة الخالق، ويحتمل أن يكون من صفة المخلوق، فاذا حملناه على صفة الخالق كان معناه دعني ومن خلقته متوحدا بخلقه لا شريك لي في خلقه وجعلته على الاوصاف التي ذكرتها، وإذا حمل على صفه المخلوق، كان معناه ومن خلقته في بطن أمه وحده لاشئ له ثم جعلت له كذا وكذا - ذكره مجاهد وقتادة - وقوله (وجعلت له مالا ممدودا) أى مالا كثيرا له مدد يأتي شيئا بعد شئ، فوضفه بأنه ممدود يقتضي هذا المعنى.

[176]

وقال مجاهد وسعيد بن جبير: نزلت الاية في الوليد بن المغيرة المخزومي.

وقالا: كان ماله الف دينار.

وقال سفيان: كان ماله أربعة آلاف دينار.

وقال النعمان بن سالم: كان أبرص.

وقال عطاء عن عمر: كان غلة شهر شهر.

وقال مجاهد: كان بنوه عشرة (وبنين شهودا) أي واولادا ذكورا معه يستمتع بمشاهدتهم، وينتفع بحضورهم.

وقيل كان بنوه لا يغيبون عنه لغنائهم عن ركوب السفر في التجارة بخلاف من هو غائب عنهم.

وقوله (ومهدت له تمهيدا) أي سهلت له التصرف في الامور تسهيلا وقد يكون التسهيل من المصيبة ليخف الحزن بها، وقد يكون لما يتصرف فيه من المبالغة.

وقوله (ثم يطمع أن ازيد) أي لم يشكرني على هذه النعم، وهو مع ذلك يطمع ان أزيد في إنعامه.

والتمهيد والتوطئة والتذليل والتسهيل نظائر.

ثم قال تعالى على وجه الردع والزجر (كلا) كأنه قال: ارتدع عن هذا وانزجر كما ان (صه) بمنزلة اسكت (ومه) بمنزلة اكفف. إنما هي أصولت سمي الفعل بها، فكأنه قال: انزجر، فليس الامر على ما تتوهم.

ثم بين لم كان كذلك فقال (إنه كان لا ياتنا) أي إنما لم أفعل به ذلك، لانه لحجتنا وأدلتنا (عنيدا) أي معاندا، فالعنيد الذاهب عن الشئ على طريق العداوة له، يقال عند العرق يعند عنودا، فهو عاند إذا نفر، وهو من هذا، والمعاندة منافرة المضادة، وكذلك العناد، وهذا الكافر يذهب عن آيات الله ذهاب نافر عنها.

وقيل معنى (عنيد) عنود أي جحود بتكذيب المعاندة - في قول ابن عباس وقتادة - وقيل: معناه معاند، وبعير عنود أي نافر قال الشاعر:

إذا نزلت فاجعلوني وسطا * إني كبير لا أطيق العندا(1)

___________________________________

(1) مر في 6 / 14، 283

[177]

أي نفرا، وقوله (سأرهقه صعودا) فالارهاق الاعجال بالعنف والصعود العقبة التي يصعب صعودها، وهي الكؤد والكدود في ارتقائها ونقيض الصعود الهبوط، وقيل: صعود جبل من نار في جهنم يؤخذون بارتقائه، فاذا وضع يديه ذابت، فاذا رفعها عادت وكذلك رجلاه، في خبر مرفوع.

وقيل: صعود جبل في جهنم من نار يضرب بالمقامع حتى يصعد عليه، ثم يضرب حتى ينزل ذلك دأبه ابدا.

ثم قال (إنه فكر) أى فكر فكرا يحتال به للباطل، لانه لو فكر على وجه طلب الرشاد لم يكن مذموما بل كان ممدوحا، ولذلك مدح الله قوما فقال (إن في ذلك لايات لقوم يتفكرون)(1) أى على وجه طلب الحق.

وقوله (وقدر) أي قدر فقال: إن قلنا شاعر كذبتنا العرب باعتبار ما أتى به، وإن قلنا كاهن لم يصدقونا، لان كلامه لا يشبه كلام الكهان، فنقول ساحر يأثر ما أتى به عن غيره من السحرة.

فقال الله تعالى (فقتل) أي لعن (كيف قدر) هذا.

ثم كرر تعالى فقال (ثم قتل كيف قدر) أى عوقب بعقاب آخر كيف قدر من ابطال الحق تقديرا آخر.

وقيل: لعن بما يجري مجرى القتل، ومثله (قتل الخراصون)(2) وقال الحسن: هو شتم من الله لهذا الكافر.

وقوله (ثم نظر) نظر من ينكر الحق وبدفعه، ولو نظر طلبا للحق كان ممدوحا وكان نظره صحيحا.

وقوله (ثم عبس) أى قبض وجهه تكرها للحق، يقال: عبس يعبس عبوسا، فهو عابس وعباس فالعبوس والتكليح والتقطيب نظائر

___________________________________

(1) سورة 13 الرعد آية 3 وسورة 30 الروم آية 21 وسورة 39 الزمر آية 42 وسورة 45 الجائية آية 12.

(2) سورة 51 الذاريات آية 10

[178]

في اللغة، وضده الطلاقة والبشاشة.

وقوله (وبسر) فالبسور بدو التكره الذى يظهر في الوجه وأصله من قولهم: بسر بالامر إذا عجل به قبل حينه، ومنه البسر لتعجيل حاله قبل الارطاب قال توبة:

وقد رابني منها صدود رأيته * وإعراضها عن حاجتي وبسورها(1)

فكأنه قيل: قبض وجهه وبدي التكره فيه.

وقوله (ثم أدبر) فالادبار الاخذ في جهة الدبر خلاف جهة الاقبال، فذلك ادبار وهذا إقبال، يقال: دبر يدبر دبورا وأدبر إدبارا، وتدبر نظر في عاقبة الامر، ودبره أى عمله على إحكام العاقبة وكل مأخوذ من جهة الخلف مدبر.

وقوله (واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر) أى طلب كبرا ليس له، ولو طلب كبرا هو له لم يكن مذموما، وفي صفات الله تعالى (الجبار المتكبر)(2) لان له الكبرياء، وهو كبير الشأن في أعلى المراتب لاختصاصه باتساع مقدوراته والمعلوم في أعلى المراتب.

وقيل: ان الوليد قال في القرآن: والله ليعلو وما يعلا وما هو بشعر ولاكهانة، ولكنه سحر يؤثر من قول البشر، والسحر حيلة يخفى سببها فيوهم الشئ على خلاف ما هو به وذلك منفي عن كل ما يشاهد ويعلم انه قد خرج عن العادة مما لا يمكن عليه معارضة، ولو كان القرآن من قول البشر لا مكنهم أن يأتوا بمثله، كما لو كان قلب العصاحية من فعل ساحر لا مكن السحرة أن يأتوا بمثله.

ثم قال يعني الوليد (إن هذا إلا قول البشر) أى ليس هذا إلا قول البشر وليس من كلام الله عنادا منه وبهتانا.

___________________________________

(1) مجاز القرآن 2 / 275 والقرطبي 19 / 74.

(2) سورة 59 الحشر آية 23

[179]

قوله تعالى: (ساصليه سقر(26) وما أدريك ما سقر(27) لا تبقي ولا تذر(28) لواحة للبشر(29) عليها تسعة عشر(30) وما جعلنا أصحاب النار إلا ملئكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر(31) كلا والقمر(32) والليل إذ أدبر(33) والصبح إذا أسفر(35) إنها لأحدى الكبر(35))

عشر ايات.

قرأ نافع وحمزة وحفص عن عاصم (إذ أدبر) باسكان الذال وقطع الهمزة من (أدبر) الباقون بفتح الذال والالف معها (دبر) بغير الف.

وقرأ ابن مسعود بزيادة الف، ومن قال (دبر، وأدبر) فهما لغتان.

قيل: هو مثل قبل واقبل والاختيار عندهم (أدبر) لقوله (إذا أسفر) ولم يقل إذا سفر، لان ابن عباس، قال لعكرمة: حين دبر الليل، لان العرب تقول: دبر فهو دابر، وحجة نافع وحمزة قول النبي صلى الله عليه واله (إذا اقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصيام) ثم قال ابوعبيدة: أدبر ولى، ودبرني جاء خلفي.

[180]

لما حكى الله تعالى صفات الكافر الذي ذكره، وهو الوليد بن المغيرة، وانه فكر وقدر إلى ان قال: هذا القرآن سحر مأثور، وهو قول البشر، قال الله تعالى مهددا له ومتوعدا (سأصليه سقر) أى ألزمه جهنم، والاصلاء إلزام موضع النار أصلاه يصليه إصلاه واصطلى فهو يصطلي اصطلاء، وصلاه يصليه، واصله اللزوم. وسقر اسم من اسماء جهنم، ولم يصرف للتعريف والتأنيث وأصله من سقرته الشمس تستقره سقرا إذا آلمت دماغه. وقد سميت النار سقر لشدة إيلامها، ومنه الصقر بالسين والصاد، لان شدته في نفسه كشدة الالم في أذى صيده.

وقوله (وما أدراك ما سقر) إعظاما للنار وتهويلا لها أي ولم يعلمك الله سقر على كنهها وصفتها، ثم وصف بعض صفاتها فقال (لا تبقي ولا تذر) وقال مجاهد: معناه لا تبقي من فيها حيا، ولا تذره ميتا.

وقال غيره: لا تبقي احدا من أهلها إلا تناولته، ولا تذره من العذاب.

والابقاء ترك شئ مما اخذ، يقال أبقى شيئا يبقيه ابقاء، وأبقاه الله أي اطال مدته. والباقي هو المستمر الوجود.

وقوله (لواحة للبشر) أي مغيرة لجلد الانسان الذي هو البشرة - في قول مجاهد - وقال المؤرج: لواحة بمعنى حراقة، وبه قال الفراء.

وقال غيرهما: معناه تلوح لجميع الخلق حتى يروها، كما قال (وبرزت الجحيم لمن يرى)(1) لانه لا يجوز أن يصفها بأنها تسود البشرة مع قوله (إنها لا تبقي ولا تذر) والتلويح تغير اللون إلى الاحمر والتلويح بالنار تغير بشرة أهلها إلى الاحمرار، يقال: لوحته الشمس تلوحه تلويحا فهي لواحة على المبالغة في كثرة التلويح، والبشر جمع بشرة، وهي ظاهر الجلدة، ومنه سمي الانسان بشرا، لانه ظآهر الجلدة، بتعريه من الوبر والريش والشعر الذي يكون في غيره من الحيوان في غالب أمره.

وقوله (عليها تسعة عشر) أي على سقر تسعة عشر من الملائكة. وإنما خص بهذه العدة لتوافق صحة الخبر لما جاء به الانبياء قبله صلى الله عليه واله، ويكون في ذلك مصلحة للمكلفين.

___________________________________

(1) سورة 79 النازعات آية 36

[181]

وقد بين ذلك بقوله (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم) أي لم نجعل من يتولى تدبير النار إلا من الملائكة ولم نجعلهم على هذه العدة (إلا فتنة) ومحنة وتشديدا في التكليف (للذين كفروا) نعم الله وجحدوا ربوبيته ليلزمهم النظر في ذلك، فلما كانت هذه العدة التي جعلت عليها الملائكة يظهر عندها ما كان في نفس الكافر مما يقتضيه كفره، كان فتنة له، لان الفتنة هي المحنة التي تخرج ما في النفس من خير او شر باظهار حاله كاظهار الحكاية للمحكي والملك عبارة عما كان على خلاف صورة الجن والانس من المكلفين.

وقال قوم: لا يكون ملكا إلا رسولا لانه من الرسالة، كما قال الهذلي:

الكني اليها وخير الرسو * ل أعلمهم بنواحي الخبر(1)

واصله ملاك بالهمز كما قال الشاعر:

فلست لا نسى ولكن بملاك * تنزل من جو السماء يصوب(2)

والملك عظيم الخلق شديد البطش كريم النفس.

والاصل نفسه منشرحة بالطاعة إنشراح الكريم بالجود، وأصله من النور، ووجه دلالة هذه العدة من الملائكة على نبوة النبي صلى الله عليه واله هو انه اذا كان الله - عزوجل - قد اخبر به في الكتب المتقدمة ولم يكن محمد صلى الله عليه واله ممن قرأها ولا تعلمها من أحد من الناس دل على أن الله أعلمه وانزل عليه به وحيا أبانه به من جميع الخلق ليدل على صدقه مع انه احد الاشياء التي أخبر بها على هذه الصفة (ليستيقن الذين أوتوا الكتاب) والتقدير ليعلم أهل الكتاب يقينا ان محمدا صادق من حيث اخبر بما هو في كتبهم من غير قراء‌ة لكتبهم ولا تعلم منهم (ويزداد الذين آمنوا إيمانا) أي ويزداد بذلك ايضا المؤمنون الذين عرفوا الله إيمانا مضافا إلى ايمانهم.

___________________________________

(1) مر في 8 / 11، 299.

(2) اللسان (ملك)

[182]

ووجه المحنة على الكفار بتكليفهم ان يستدلوا حتى يعرفوا ان الله تعالى قادر ان يقوي هذه العدة من الملائكة بما يفي بتعذيب أهل النار على ما هم عليه من الكثرة (ولا يرتاب) أي لا يشك (الذين أوتوا الكتاب) في خبره ولا يرتاب أيضا (المؤمنون) في خبره.

وقوله (وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون) ومعناه لئلا يقول الذين في قلوبهم شك ونفاق (ماذا أراد الله بهذامثلا) اي أي شئ ارادالله بهذا مثلا، وقيل اللام في قوله (وليقول الذين في قلوبهم مرض) لام العاقبة كما قال (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا)(1) فقال الله تعالى (كذلك يضل الله من يشاء ويهدى من يشاء) أى مثل ما فضح الله هؤلاء الكفار وذمهم مثل ذلك يضل من يشاء من الكفار.

والاضلال - ههنا - اظهار فضيحة الكفار بما يوجب الذم، ومعناه الحكم عليهم بالضلال عن الحق، والاخبار بأنهم يستحقون اللعن بتكذيبهم النبي صلى الله عليه واله، وما انزل عليه. ونقيضه الهداية أي ويحكم بهداية المؤمنين إلى الحق ومصيرهم إلى الطاعة، وتصديقهم بالحق عند نزوله وقبولهم له.

وقال ابن عباس وقتادة والضحاك: عدة الملائكة الموكلين بالنار في التوراة والانجيل تسعة عشر.

ثم اخبر تعالى فقال (وما يعلم جنود ربك إلا هو) أي لا يعلم جنود الله إلا الله.

ثم قال (وما هي إلا ذكرى للبشر) قيل معناه إن النار في الدنيا تذكير بالنار في الاخرة.

وقال قتادة ومجاهد: النار الموصوفة بهذه الصفة ذكرى للبشر وعظة لهم.

وقال البلخي: إلا ذكرى للبشر أي الجنود ذكرى أي عظة للبشر، لان الله تعالى لا يحتاج إلى ناصر ومعين.

ثم قال (كلا والقمر) أي حقا ثم اقسم بالقمر (والليل إذ ادبر) قيل معناه إذا ولى يقال: دبر وادبر، وقد قرئ بهما. وقيل: إنما دبر الليل بان جاء بعده النهار وآخره.

___________________________________

(1) سورة 28 القصص آية 8

[183]

وتقول العرب: قبح الله ما قبل منك وما دبر (والصبح إذا اسفر) أي اضاء وأنار - في قول قتادة - وهو قسم آخر.

وقال قوم: التقدير ورب هذه الاشياء، لان اليمين لا يكون إلا بالله.

وقال قوم: معنى قوله (والصبح اذا اسفر) أي كشف عن الظلام وأنار الاشخاص.

وقوله (انها لاحدى الكبر) جواب القسم.

وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك: معناه إن النار لاحدي الكبر.

وقال قوم: ان هذه الاية لاحدى الكبر.

والكبر جمع الكبرى، وهي العظمى وروي عن ابن كثير أنه (قرأ إنها لحدى الكبر) لا يهمزه ولا يكسر يسقط الهمزة تخفيفا، كقولهم في زيد الاحمر زيد لحمر. وفي أصحاب الايكة اصحاب ليكة. والاختيار قطع الالف، لان العرب اذا حذفت مثل هذا نقلت حركة الهمزة إلى ما قبلها، واللام قبل هذه الهمزة متحركة، واللام في الاحمر لام التعريف ساكنة.

[184]

قوله تعالى: (نذيرا للبشر(36) لمن يشاء منكم أن يتقدم أو يتأخر(37) كل نفس بما كسبت رهينة(38) إلا أصحاب اليمين(39) في جنات يتساء‌لون(40) عن المجرمين(41) ماسلككم في سقر(42) قالوا لم نك من المصلين(43) ولم نك نطعم المسكين(44) وكنا نخوض مع الخائضين(45) وكنا نكذب بيوم الدين(46) حتى أتينا اليقين(47) فما تنفعهم شفاعة الشافعين(48) فما لهم عن التذكرة معرضين(49) كأنهم حمر مستنفرة(50) فرت من قسورة(51) بل يريد كل امرئ منهم إن يؤتى صحفا منشرة(52) كلا بل لا يخافون الأخرة(53) كلا إنه تذكرة(54) فمن شاء ذكره(55) وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة(56))

احدى وعشرون آية.

قرأ نافع وابن عامر وابوجعفر (مستنفرة) بفتح الفاء. الباقون بكسرها ومعناهما متقارب، لان من فتح الفاء أراد أنه نفرها غيرها، ومن كسر الفاء اراد أنها نافرة، وانشد الفراء:

امسك حمارك إنه مستنفر * في أثر أحمرة عمدن لغرب(1)

والنفور الذهاب عن المخوف بانزعاج، نفر عن الشئ ينفر نفورا فهو نافر، والتنافر خلاف التلاؤم، واستنفر طلب النفور (ومستنفرة) طالبة للنفور.

وقرأ نافع ويعقوب (وما تذكرون) بالتاء على الخطاب. الباقون بالياء على الخبر.

لما اخبر الله تعالى ان الاية التي ذكرها لاحدى الكبر، بين أنه بعث النبي (نذيرا للبشر) أي منذرا مخوفا معلما مواضع المخافة، والنذير الحكيم بالتحذير عما ينبغي ان يحذر منه، فكل نبي نذير، لانه حكيم بتحذيره عقاب الله تعالى على معاصيه. (ونذيرا) نصب على الحال.

وقال الحسن: إنه وصف النار وقال ابن زيد: هو وصف النبي.

وقال أبورزين: هو من صفة الله تعالى، فمن قال: هو للنبي قال كأنه قيل: قم نذيرا.

وقوله (لمن شاء منكم أن يتقدم او يتأخر) معناه إن هذا الانذار متوجه إلى من يمكنه ان يتقي عذاب النار بأن يجتنب معاصيه ويفعل طاعاته، فيقدر

___________________________________

(1) اللسان (نفر)

[185]

على التقدم والتأخير في أمره بخلاف ما يقوله المجبرة الذين يقولون بتكليف ما لايطاق لمنع القدرة.

وقال قتادة: معناه لمن شاء منكم أن يتقدم في طاعة الله أو يتأخر عنها بمعصيته. والمشيئة هي الارادة.

وقوله (كل نفس بما كسبت رهينة) معناه إن كل نفس مكلفة مطالبة بما عملته وكسبته من طاعة او معصية، فالرهن أخذ الشئ بأمر على أن لا يرد إلا بالخروج منه رهنه يرهنه رهنا قال زهير:

وفارقتك برهن لافكاك له * يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا(1)

وكذلك هؤلاء الضلال قد أخذوا برهن لا فكاك له.

قال الرماني: في ذلك دلالة على القائلين باستحقاق الذم، لانه عم الارتهان بالكسب في هذا الموضع، وهم يزعمون انه يرتهن بأن لم يفعل ما وجب عليه من غير كسب شئ منه، فكانت الاية حجة على فساد مذهبهم.

وهذا الذي ذكره ليس بصحيح، لان الذي في الظاهر ان الانسان رهن بما كسبت يداه. ولم يقل: ولا يرهن إلا بما كسب له إلا من جهة دليل الخطاب الذي هو فاسد عند اكثر الاصوليين، على ان الكسب هو ما يجتلب به نفع او يدفع به ضرر، ويدخل في ذلك الفعل، وألا يفعل، فلا تعلق في الاية.

ولما ذكر تعالى أن (كل نفس بما كسبت رهينة) استثنى من جملة النفوس فقال (إلا اصحاب اليمين) والاستثناء منقطع، لان اصحاب اليمين ليسوا من الضلال الذين هم رهن بما كسبوه، وتقديره لكن أصحاب اليمين (في جنات) أي بساتين آجنها الشجر، واصحاب اليمين هم كل من لم يكن من الضالين: وقال الحسن: هم اصحاب الجنة.

وقال قوم: هم الذين ليس لهم شئ من الذنوب.

___________________________________

(1) ديوانه 39 (دار بيروت)

[186]

وقال قوم: هم اطفال المؤمنين.

وقوله (يتساء‌لون) اى يسأل بعضهم بعضا (عن المجرمين) العصاه في طاعة الله، فيقولولن لهم (ما سلككم في سقر) أي ما أدخلكم في جهنم فالمجرم هو القاطع بالخروج عن أمر الله ونهيه إلى إرتكاب الكبائر من القبيح، والجاروم القاطع. والسلوك الدخول. وسقر اسم من السماء جهنم.

ثم حكى ما يجيبهم به اصحاب النار فانهم يقولون لهم: ادخلنا في النال لانا (لم نك من المصلين) أي لم نك نصلى ما أوجب علينا من الصلاة المفروضه على ما قررها الشرع، وفي ذات دلالة على ان الخلال بالواجب يستحق به الذم والعقاب، لانهم لم يقولوا انا فعلنا تركا للصلاة بل علقوا استحقاقهم للعقاب بالاخلال بالصلاة وفيها دلالة على أن الكفار مخاطبون بالعبادة. لان ذلك حكاية عن الكفار بدلالة قوله في آخر الاية (كنا نكذب بيوم الدين).

وقوله (ولم نك نطعم المسكين) أي لم نكن نخرج الزكوات التي وجبت علينا، والكفارات التي يلزمنا دفعها إلى المساكين. وهم الفقراء. وهم الفقراء، فالمسكين الذي سكنته الحاجة إلى ما في ايدي الناس عن حال النشط. وحال الفقير اشد من حال المسكين.

قال الله تعالى (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر)(1) فسماهم الله مساكين مع أن لهم مركبا في البحر قال الشاعر:

أنا الفقير الذي كانت حلوبته * وفق العيال فلم يترك له سبد(2)

(وكنا نخوض مع الخائضين) قال قتادة: معناه كلما غوي غاويا لدخول في الباطل غوينا معه أي كنا نلوث انفسنا بالمرور في الباطل كتلويث الرجل بالخوض فلما كان هؤلاء يخرجون مع من يكذب بالحق مشيعين لهم في القول كانوا خائضين معهم (وكنا) مع ذلك (نكذب بيوم الدين) اي كنا نجحد يوم الجزاء وهو يو القيامة، فالتكذيب تنزيل الخبر على انه كذب باعتقاد ذلك فيه أو الحكم به.

___________________________________

(1) سورة 18 الكهف آية 80.

(2) مر تخريجه في 5 / 283

[187]

فهؤلاء اعتقدوا ان الخبر يكون يوم الدين كذب. والدين الجزاء، وهو الايصال إلى كل من له شئ او عليه شئ ما يستحقه، فلذلك يوم الدين، وهو يوم الجزاء وهو يوم أخذ المستحق بالعدل.

وقوله (حتى أتانا اليقين) معناه حتى جاء‌نا العلم واليقين الذي يوجد برد الثقة به في الصدر أو دليله، يقال: وجد فلان برد اليقين وثلج في صدره، ولذلك لا يوصف الله تعالى بأنه متيقن، فقال الله تعالى لهم (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) الذين يشفعون لهم، لان عذاب الكفر لا يسقطه الله بالشفاعة بالاجماع.

ثم قال (فما لهم عن التذكرة) أي أي شئ لهم؟ ولم أعرضوا وتولوا عن النبوة والرشد؟ ! ولم يتعظوا به إلى ان صاروا إلى جهة الضلال على وجه الانكار عليهم.

ثم شبههم، فقال (كأنهم حمر مستنفرة) أي مثلهم في النفور عما تدعوهم اليه من الحق واعراضهم، مثل الحمر إذا نفرت ومرت على وجهها إذا (فرت من قسورة) وهو السبع يعني الاسد، يقال نفر، واستنفر، مثل علامتنه واستعلاه وسمع إعرابي رجلا يقرأ (كأنهم حمر مستنفرة) فقال: طلبها قسورة، فقيل له: ويحك إن في القرآن (فرت من قسورة) قال (مستنفرة) إذا، فالفرار الذهاب عن الشئ خوفا منه، فريفر فرا وفرارا، فهو فار إذا هرب والفار الهارب. والهرب نقيض الطلب، واصل الفرار الانكشاف عن الشئ، ومنه فر الفرس يفره فرا إذا كشف عن سنه.

والقسورة الاسد. وقيل: هو الرامي للصيد. وأصله الاخذ بالشدة من قسره يقسره قسرا أي قهره.

وقال ابن عباس: القسورة الرماة وقال سعيد بن جبير: هم القناص.

وفي رواية أخرى عن ابن عباس: جماعة الرجال وقال ابوهريرة: هو الاسد.

وهو قول زيد بن اسلم، وفى رواية عن ابن عباس وابي زيد: القسور بغير هاء تأنيث.

[188]

وقوله (بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة) اخبار من الله تعالى بأنهم ليسوا كالحمر المستنفرة الفارة من القسورة، بل لان كل رجل منهم يريد أن يعطى صحفا منشرة.

قال قال الحسن وقتادة ومجاهد: انهم يريدون صحفا منشرة اي كتبا تنزل من السماء كتابا إلى فلان وكتابا إلى فلان: أن آمنوا بمحمد صلى الله عليه واله.

وقيل: إنهم قالوا كانت بنو إسرائيل إذا اذنب منهم مدنب أنزل الله كتابا أن فلانا أذنب فما بالنا لا ينزل علينا مثل ذلك إن كنت صادقا به؟ والصحف جمع صحيفة، وهي الورقة التي من شأنها ان تقلب من جهة إلى جهة، لما فيها من الكتابة، وتجمع الصحيفة صحفا وصحائف، ومنه مصحف ومصاحف.

والنشر بسط ما كان مطويا او ملتفا من غير التحام.

وقيل: معناه إنهم يريدون صحفا من الله تعالى بالبراء‌ة من العقوبة واسباغ النعمة حتى يؤمنوا وإلا أقاموا على أمرهم.

وقيل: تفسيره ما ذكره الله تعالى في قوله (ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه)(1) فقال الله تعالى (كلا) أي حقا ليس الامر على ما قالوه (بل لا يخافون) هؤلاء الكفار (الاخرة) بجحدهم صحته.

ثم قال (انه تذكرة) يعني القرآن تبصرة وموعظة لمن عمل به واتعظ بما فيه، وهو قول قتادة.

ثم قال (فمن شاء ذكره) أي من شاء أن يتعظ بما فيه وهو يتذكر به، فعل، لانه قادر عليه.

ثم قال (وما يذكرون إلا ان يشاء الله) من قرأ بالتاء، فعلى الخطاب، ومن قرأ بالياء، فعلى الاخبار عنهم.

ومعناه ليس يتذكرون ولا يتعظون بالقرآن إلا ان يشاء الله، ومعناه إلا والله شاء‌ه له، لانه طاعة والله يريد الطاعات من خلقه.

وقوله (هو اهل التقوى واهل المغفرة) معناه هو اهل ان يتقى عقابه، واهل ان يعمل بما يؤدي إلى مغفرته.

وقيل: معناه هو اهل ان يغفر المعاصي إذا تاب المذنب من معاصيه.

___________________________________

(1) سورة 17 الاسرى آية 93




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336098

  • التاريخ : 28/03/2024 - 20:11

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net