00989338131045
 
 
 
 
 
 

  سورة الدهر 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : التبيان في تفسير القرآن ( الجزء العاشر)   ||   تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي

76 - سورة الدهر

وتسمى سورة الانسان، وتسمى سورة الابرار، وهي مكية في قول ابن عباس والضحاك وغيرهما.

وقال قوم: هي مدنية وهي احدى وثلاثون آية بلا خلاف

بسم الله الرحمن الرحيم

(هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا(1) إنا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا(2) إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا(3) إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا(4) إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا(5) عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا(6) يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا(7) ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا(8) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا(9) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا(10))

عشر آيات.

قرأ (سلاسلا) منونا نافع والكسائي وابوبكر عن عاصم اتباعا للمصحف ولتشاكل ما جاوره من رأس الاية. الباقون بغير تنوين، لان مثل هذا الجمع لا ينصرف في معرفة ولا في نكرة، لانه على (فعائل) بعد الفه حرفان.

[205]

يقول الله تعالى (هل أتي على الانسان) قال الزجاج: معناه ألم يأت على الانسان (حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) يعني قد كان شيئا إلا انه لم يكن مذكورا، لانه كان ترابا وطينا إلى أن نفخ فيه الروح.

وقال قوم (هل) يحتمل معناه أمرين: احدهما - أن يكون بمعنى (قد أتى) والثاني أن يكون معناها اتى على الانسان، والاغلب عليها الاستفهام والاصل فيها معنى (قد) لتجرى على نظائرها بمعنى ضمن معنى الالف واصله من ذلك قول الشاعر:

أم هل كبير بكى لم تقض عبرته * أثر الاحبة يوم البين مشكوم

والمعنى بالانسان - ههنا - آدم - في قول الحسن - والمعنى قد أنى على آدم (حين من الدهر) وبه قال قتادة وسفيان.

وقيل: ان آدم لما خلق الله جثته بقي أربعين سنة لم تلج فيه الروح كان شيئا، ولم يكن مذكورا، فلما نفخ فيه الروح وبلغ إلى ساقه كاد ينهض للقيام، فلما بلغ عينيه ورأى ثمار الجنة بادر اليها ليأخذها فلذلك قال الله تعالى (خلق الانسان من عجل)(1)

وقال غيره: هو واقع على كل إنسان، والانسان في اللغة حيوان على صورة الانسانية، وقد تكون الصورة الانسانية، ولا إنسان، وقد يكون حيوان ولا إنسان، فاذا حصل المعنيان صح إنسان لا محالة. والانسان حيوان منتصب القامة على صورة تنفصل من كل بهيمة.

و (الحين) مدة من الزمان، وقد يقع على القليل والكثير. قال الله سبحانه (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون)(2) أي وقت تمسون ووقت تصبحون.

وقال (تؤتي أكلها كل حين) يعني كل ستة أشهر، وقال قوم: كل سنة.

___________________________________

(1) سورة 21 الانبياء آية 37.

(2) سورة 30 الروم آية 17

[206]

وقال - ههنا (هل أتى على الانسان حين) أي مدة طويلة. والدهر مرور الليل والنهار وجمعه أدهر ودهور، والفرق بين الدهر والوقت أن الوقت مضمن بجعل جاعل، لان الله جعل لكل صلاة مفروضة وقتا، وجعل للصيام وقتا معينا، وقد يجعل الانسان لنفسه وقتا يدرس فيه مايحتاج إلى درسه ووقتا مخصوصا لغذائه.

وقوله (لم يكن شيئا مذكورا) أي لم يكن ممن ذكره ذاكر، لانه كان معدوما غير موجود، وفي الاية دلالة على أن المعدوم لا يسمى شيئا، وإنما سمى زلزلة الساعة شيئا مجازا. والمعنى إنها إذا وجدت كانت شيئا عظيما.

وقوله (إنا خلقنا الانسان من نطفة) اخبار من الله تعالى أنه خلق الانسان سوى آدم وحواء من نطفة، وهو ماء الرجل والمرأة الذي يخلق منهما الولد، فالنطفة الماء القليل في أناء كان او غير إناء قال الشاعر:

وما النفس إلا نطفة بقراره * إذا لم تكدر صار صفوا غديرها

وقوله (امشاج) قال ابن عباس أخلاط من ماء الرجل وماء المرأة.

وقال الحسن والربيع بن أنس ومجاهد مثل ذلك.

وقال قتادة: معنى أمشاج أطوار طورا نطفة وطورا مضغة وطورا عظما إلى أن صار إنسانا ليختبره بهذه الصفات.

وقال مجاهد: معناه ألوان النطفة.

وقال عبدالله: عروق النطفة وواحد الامشاج مشيج، وهو الخلط، وسمى النطفة بذلك، لانه جعل فيها اخلاطا من الطبائع التي تكون في الانسان من الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة. ثم عداها له، ثم بناه البنية الحيوانية المعدلة الاخلاط. ثم جعل فيها الحياة ثم شق له السمع والبصر فتبارك الله رب العالمين، وذلك قوله (فجعلناه سميعا بصيرا).

وقوله (نبتليه) أي نختبره بما نكلفه من الافعال الشاقة لننظر ما طاعته وما عصيانه فنجازيه بحسب ذلك، ويقال مشجت هذا بهذا إذ اخلطته به، وهو ممشوج به

[207]

ومشيج أي مخلوط به قال رؤبة:

يطرحن كل معجل نشاج * لم تكس جلدا في دم أمشاج(1)

وقال ابو ذؤيب:

كأن الريش والفوقين منه * خلاف النصل سيط به مشيج(2)

وقوله (إنا هديناه السبيل) معناه انا أرشدناه إلى سبيل الحق وبيناه له ودللناه عليه.

وقال الفراء: معناه هديناه إلى السبيل أو للسبيل. والمعنى واحد.

وقوله (اما شاكرا واما كفورا) قال الفراء: معناه إن شكر وإن كفر على الجزاء ويجوز أن يكون مثل قوله (إما يعذبهم وإما يتوب عليهم)(3) والمعنى اما يختار يحسن اختياره الشكر لله تعالى والاعتراف بنعمه فيصيب الحق، واما أن يكفر نعمه ويجحد إحسانه فيكون ضالا عن الصواب، وليس المعنى انه مخير في ذلك، وإنما خرج ذلك مخرج التهديد، كما قال (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)(4) بدلالة قوله (انا اعتدنا للظالمين نارا) وإنما المراد البيان عن انه قادر عليهما فابهما اختار جوزي بحسبه.

وفي الاية دلالة على انه تعالى قد هدى جميع خلقه المكلفين، لان قوله (انا هديناه السبيل) عام في جملتهم وذلك يبطل قول المجبرة: إن الله لم يهد الكافر بنصب الدلالة له على طريق الحق واجتناب الباطل، وليس كل من ترك الشكر كان كافرا، لانه قد يترك في بعض الاحوال على سبيل التطوع، لان الشكر قد يكون تطوعا كما يكون واجبا، وإنما لم يذكر الله الفاسق، لانه اقتصر على اعظم الحالين

___________________________________

(1) مجاز القرآن 2 / 279 والطبرى 29 / 109.

(2) مجاز القرآن 2 / 279 والقرطبي 19 / 119.

(3) سورة 9 التوبة آية 107.

(4) سورة 18 الكهف آية 29

[208]

وألحق الادون على التبع، ويجوز أن يدخل في الجملة، ولا يفرد، فليس للخوارج أن يتعلقوا بذلك في انه ليس بين الكفر والايمان واسطة.

ثم بين انه تعالى إنما ذكره على وجه التهديد بقوله (انا اعتدنا للكافرين) أي ادخرنا لهم جزاء على كفرهم ومعاصيهم وعقوبة لهم (سلاسل وأغلالا وسعيرا) يعذبهم بها يعاقبهم فيها، والسلاسل جمع سلسلة والاغلال جمع غل، والسعير هي النار المسعرة الملهبة.

ولما اخبر بما للكافرين من العقوبات على كفرهم، ذكر ايضا ما للمؤمنين على إيمانهم فقال (إن الابرار) وهو جمع البر، وهو المطيع لله المحسن في أفعاله (يشربون من كأس) والكاس اناء الشراب إذا كان فيه، ولايسمى كأسا إذا لم يكن فيه شراب - ذكره الزجاج - قال الشاعر:

صددت الكأس عنا أم عمرو * وكان الكأس مجراها اليمينا(1)

وقوله (كان مزاجها كافورا) قيل مايشم من ريحها لا من جهة طعمها وقوله (عينا يشرب بها عباد الله) قوله (عينا) نصب على البدل من (كافورا) ويجوز أن يكون على تقدير ويشربون عينا، ويجوز أن يكون نصبا على الحال من (مزاجها) وقال الزجاج: معناه من عين.

وقال الفراء: شربها وشرب منها سواء في المعنى كما يقولون: تكلمت بكلام حسن وكلاما حسنا.

وقيل: يمزج بالكافور، ويختم بالمسك وقيل: تقديره يشربون بها وأنشد الفراء:

شربن بماء البحر ثم ترفعت * متى لجج خضر لهن نئيج(2)

متى لجج. أي من لجج.

وعين الماء حفيرة في الارض ينبع منها، وهذه العين المذكورة في أرض الجنة في كونها فوارة بالماء متعة، لا هلها. ثم يفجر فيجري لهم إلى حيث شاؤا منها.

___________________________________

(1) القرطبي 19 / 123 والشوكاني 5 / 336.

(2) الطبرى 29 / 112 والقرطبي 19 / 125

[209]

قال مجاهد: معناه إنهم يقودونها حيث شاؤا والتفجير تشقيق الارض بجري الماء ومنه انفجار الصبح، وهو انشقاقه من الضوء، ومنه الفجور، وهو الخروج من شق الالتئام إلى الفساد.

وعباد الله المراد به المؤمنون المستحقون للثواب ثم وصف هؤلاء المؤمنين فقال (يوفون بالنذر ويخافون) ويجوز أن يكون ذلك في موضع الحال، فكأنه قال يشرب بها عباد الله الموفون بالنذر الخائفون (يوما كان شره مستطيرا) فالمستطير الظاهر. والتقدير القائلون إنما نطعمكم القائلون إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا فمطريرا، ويجوز ان يكون على الاستئناف، وتقديره هم الذين يوفون بالنذر وكذلك في ما بعد، فالوفاء بالنذر هو أن يفعل ما نذر عليه فالوفاء إمضاء العقد على الامر الذي يدعو اليه العقل، ومنه قوله (ياايها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)(1) أي الصحيحة، لانه لا يلزم أحدا أن يفي بعقد فاسد، وكل عقد صحيح يجب الوفاء به، يقال أوفي بالعقد، ووفى به، فأوفى لغة أهل الحجاز وهي لغة القرآن، و (وفى) لغة أهل تميم واهل نجد، وقد بينا فيما مضى شواهده.

والنذر عقد على فعل على وجه البر بوقوع أمر يخاف ألا يقع، نذر ينذر نذرا فهو ناذر، وقال عنترة:

الشاتمي عرضي ولم أشتمهما * والناذرين إذا لم ألقهمادمي(2)

أي يقولان: لئن لقينا عنترة لنقتلنه، ومنه الانذار وهو الاعلام بموضع المخافة ليعقد على التحرز منها.

وروي عن النبي صلى الله عليه واله انه قال (لانذر في معصية) وعند الفقهاء إن كفارة النذر مثل كفارة اليمين. والذي رواه أصحابنا إن كفارة النذر مثل كفارة الظهار، فان لم يقدر عليه كان عليه كفارة اليمين. والمعنى انه إذا فات الوقت الذي نذر فيه صار بمنزلة الحنث.

___________________________________

(1) سورة 5 المائدة آية.

(2) مر في 4 / 526

[210]

وقوله (ويخافون يوما) من صفة المؤمنين (كان شره مستطيرا) أي منتشرا فاشيا ذاهبا في الجهات بلغ أقصى المبالغ، قال الاعشى:

فبانت وقد أورثت في الفؤا * د صدعا على نأيها مستطيرا(1)

والمراد بالشر - ههنا - أهوال القيامة وشدائدها.

وقوله (ويطعمون الطعام على حبه) قال مجاهد: معناه على شهوتهم له، ويحتمل أن يكون المراد على محبتهم لله (مسكينا) أي يطعمونه فقيرا (ويتيما) وهوالذي لا والد له من الاطفال (واسيرا) والاسير هو المأخوذ من أهل دار الحرب - في قول قتادة - وقال مجاهد: وهو المحبوس.

وقوله (إنما نطعمكم لوجه الله) اخبار عما يقوله المؤمنون بأنا إنما نطعمكم معاشر الفقراء واليتامى والاسرى لوجه الله، ومعناه لله، وذكر الوجه الذكره بأشرف الذكر تعظيما له، ومنه قوله (فاينما تولوا فثم وجه الله) وقيل: معناه فثم جهة الله التي ولاكم اليها ومنه قوله (ويبقى وجه ربك)(2) أي ويبقي الله.

وقال مجاهد وسعيد بن جبير: علم الله مافي قلوبهم فأثنى عليهم من غير أن يتكلموا به (لا نريد منكم جزاء) أي لا نطلب بهذا الاطعام مكافأة عاجلة (ولا شكورا) أي لا نطلب أن تشكرونا عليه عند الخلائق بل فعلناه لله (إنا نخاف من ربنا) أي من عقابه (يوما عبوسا) أي مكفهرا عابسا (قمطريرا) أي شديدا، والقمطرير الشديد في الشر. وقد اقمطر اليوم اقمطرارا، وذلك أشد الايام وأطوله في البلاء والشر، ويوم قمطرير وقماطير كأنه قد التف شر بعضه على بعض، قال الشاعر:

___________________________________

(1) ديوانه 85 (دار بيروت).

(2) سورة 55 الرحمن آية 27

[211]

بني عمنا هل تذكرون بلاء‌نا * عليكم إذاما كان يوم قماطر(1)

وقد روت الخاصة والعامة أن هذه الايات نزلت في علي عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، فانهم آثروا المسكين واليتيم والاسير ثلاث ليال على إفطارهم وطووا عليهم السلام، ولم يفطروا على شئ من الطعام فأثنى الله عليهم هذا الثناء الحسن، وأنزل فيهم هذه السورة وكفاك بذلك فضيلة جزيلة تتلى إلى يوم القيامة، وهذا يدل على أن السورة مدنية.

قوله تعالى: (فوقيهم الله شر ذلك اليوم ولقيهم نضرة وسرورا(11) وجزيهم بما صبروا جنة وحريرا(12) متكئين فيها على الارائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا(13) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا(14) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا(15) قوارير من فضة قدروها تقديرا(16) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا(17) عينا فيها تسمى سلسبيلا(18) ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا(19) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا(20))

عشر آيات.

قرأ الشعبي وعبيد بن عمير (قدروها) بضم القاف. الباقون بفتحها.

من فتح القاف قال معناه قدروها في أنفسهم، فجاء‌ت كما قدروا، ومن ضم أراد ان

___________________________________

(1) الشوكاني 5 / 338 والقرطبي 19 / 133

[212]

ذلك قدر لهم أي قدره الله لهم كذلك.

قرأ نافع والكسائي وابوبكر عن عاصم (قواريرا قواريرا) بالتنوين فيهما.

وقرأ بغير تنوين ولا الف في الوقف حمزة وابن عامر، وقرأ الاولى بالتنوين والثانية بغير تنوين ابن كثير.

وقرأ ابوعمرو فيهما بغير تنوين إلا انه يقف عليه بالالف.

من نون الاولى اتبع المصحف، ولانه رأس آية، ثم كرهوا أن يخالفوا بينهما فنونوا الثانية، وكذلك قرأ الكسائي (ألا ان ثمودا كفروا ربهم ألا بعدا لثمود)(1) صرفهما لئلا بخالف بينهما مع قربهما، ومن لم يصرفهما فعلى موجب العربية، لانه جمع على (فواعيل) بعد ألفه حرفان.

ومن صرف الاولى فلانها رأس آية ولم يصرف الثانية على أصل العربية.

لما اخبر الله تعالى عن المؤمنين الذين وصفهم في الايات الاولى وما اوفوا به من النذر في إطعامهم لوجه الله مااطعموه وإيثارهم على نفوسهم المسكين واليتيم والاسير وإنهم فعلوا ذلك لوجه الله خالصا، ومخافة من عذاب يوم القيامة، اخبر بما أعد لهم من الجزاء على ذلك، فقال (فوقاهم الله شر ذلك اليوم) أي كفاهم الله ومنع عنهم أهوال يوم القيامة وشدائده، فالوقاء المنع من الاذى يقال: وقاه يقيه وقاء، فهو واق، ووقاه توقية قال رؤبة.

إن الموقي مثل ما وقيت(2) ومنه اتقاه اتقاء وتوقاه توقيا، والشر ظهور الضر، وأصله الظهور من قولهم: وحتى أشرت بالاكف المصاحف(3) أي اظهرت، ومنه شررت الثوب إذا اظهرته للشمس او الريح، ومنه شرار

___________________________________

(1) سورة 11 هود آية 68.

(2) اللسان (وقى).

(3) قائله كعب بن جعيل، مقاييس اللغة 3 / 181 وصده: فما برحوا حتى رأى الله صبرهم

[213]

النار لظهوره بتطايره وانتشاره، وقيل: الشر الضر والقبيح، ويستعار في غيره، وليس ما يوجب هذا.

والمراد - ههنا - أهوال يوم القيامة وشدائده فالوقاء المنع من الاذى يقال: وقاه يقيه وقاء فهو واق ووقاه توقية وقوله (ولقاهم نضرة وسرورا) مغنى لقاهم استقبلهم به، والنضرة حسن الالوان، ومنه نبت نضر وناضر ونضر والنضار الذهب.

وقيل: ناضرة ناعمة. وقيل: حسنة الصورة. والسرور اعتقاد وصول المنافع اليه في المستقبل.

وقال قوم: هو لذة في القلب بحسب متعلقه بما فيه النفع، سره يسره سرورا وكل سرور فلا بدله من متعلق، كالسرور بالمال والولد والسرور بالا كرام والا جلال، والسرور بالشكر والحمد، والسرور بالثواب.

وقوله (وجزاهم بما صبروا) أي كافاهم واثابهم على صبرهم على محن الدنيا وشدائدها وتحمل مشاق التكليف (جنة) أي بستانا أجنة الشجر (وحريرا) يلبسونه.

وقوله (متكئين) نصب على الحال (فيها) يعني في الجنة (على الارائك) وهي الحجال فيها الاسرة - في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة - واحدها اريكة وهي الحجلة سرير عليه شبه القبة.

وقال الزجاج: الاريكة كل ما يتكأ عليه من مسورة أو غيرها، وقد شوق الله تعالى إلى تلك الحال وهي غاية الرفاهية والامتاع (لايرون فيها) يعني في الجنة (شمسا) يتأذون بحرها (ولازمهريرا) يتأذون ببرده، فالزمهريرا شد ما يكون من البرد، وقال مجاهد: الزمهرير البرد الشديد وقوله (ودانية عليهم ظلالها) يعني افياء اشجار تلك الجنة قريبة منهم، ونصب (دانية) بالعطف على (متكئين) ويجوز ان يكون عطفا على موضع (لا يرون فيها شمسا) فان موضعها النصب على الحال، ويجوز على المدح كقولهم عند فلان جارية جميلة وشابة طرية.

وقوله (وذللت قطوفها تذليلا) معناه إن قام ارتفعت بقدرة الله وإن قعد نزلت حتى ينالها وإن اضطجع نزلت حتى ينالها - ذكره مجاهد - وقيل: معناه لا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك.

[214]

وقوله (ويطاف عليهم) يعني على هؤلاء المؤمنين الذين وصفهم الله (بآنية من فضة واكوب) وهو جمع كوب وهو إناء الشراب من غير عروة.

وقال مجاهد: الاكواب الاقداح.

وقال ابن عباس ومجاهد: هي صغار القوارير وهي فضة، فلذلك قال (كانت قواريرا) وقيل: الاكواب الاباريق التي ليس لها خراطيم.

وقيل: الاكواب من فضة في صفاء القوارير لا تمنع الرؤية.

وقوله (قوارير من فضة) أي هي من فضة.

وقوله (قدروها تقديرا) معناه إنها على قدر ما يشتهون من غير زيادة ولا نقصان حتى تستوفي الكمال، ويجوز ان يكونوا قدروها قبل مجيئها على صفة فجاء‌ت على ما قدروا جنسه لشبه التمنى، وقال الحسن: على قدرهم، والتقدير وضع المعنى على المقدار الذي يتخيل فيه المساواة للاعتبار بالمعاني العقلية بقدر عرف التقدير على طريقة لو كان كذا لكان كذا، وإذا كان كذا كان كذا، وبهذا يظهر القياس يميز به ما يلزم على الاصل مما لا يلزم، والطوف الدور بالنقل من واحد إلى واحد. وقد يكون الدور بالطبع من غير تنقل من واحد إلى آخر، فلا يكون طوافا، طاف يطوف طوفا، واطاف بها إطافة وتطوف تطوفا واطوف اطوافا.

وقوله (ويسقون فيها) يعني في الجنة (كأسا) وهي الانية إذا كان فيها شراب (كان مزاجها زنجبيلا) فالزنجبيل ضرب من القرفة طيب الطعام يلذع اللسان يربى بالعسل يستدفع به المضار إذا مزج به الشراب فاق في الالذاذ.

والعرب تستطيب الزنجبيل جدا قال الشاعر:

كأن القرنفل والزنجبي‍ * ل باتا بفيها واريا مشورا(1)

قيل: إن هذا الشراب في برد الكافور وذكاء المسك ولذع الزنجبيل، كما

___________________________________

(1) قائله الاعشى ديوانه 85 واللسان (شور) وفيه اختلاف في الرواية.

[215]

قال في صفة القوارير إنها في صفاء الفضة وجوهرها يرى ما وراء‌ها كالقوارير.

وقيل: الكافور والزنجبيل من اسماء العين التي يسقون منها وقوله (عينا) نصب على انه بدل من الزنجبيل (فيها تسمى سلسبيلا) فالسلسبيل الشراب السهل اللذيذ، وقيل: سلسبيل معناه منقاد ماؤها حيث شاؤا - عن قتادة - وقيل شديد الحربة. وقيل: يتسلسله.

وقيل: سمي سلسبيلا من لزوم الطيب والالذاذ بها، وانشد يونس:

صفراء من نبع يسمى سهمها * من طول ماصرع الصيود الصيب(1)

فرفع الصيب على صفة السهم.

وقيل: اسم العين معرفة إلا أنه نون لانه رأس آية.

ثم قال (ويطوف عليهم ولدان مخلدون) قال قتادة: لا يموتون.

وقال الحسن: خلدوا على هيئة الوصفاء، فلا يشبون أبدا.

وقيل: مخلدون مستورون بلغة حمير قال بعض شعرائهم:

ومخلدات باللجين كأنما * اعجازهن اقاوز الكثبان(2)

وكأنه يرجع إلى بقاء الحسن (إذا رأيتهم) يعني إذا رأيت هؤلاء الولدان (حسبتهم لؤلؤا منثورا) أي من كثرتهم وحسنهم، فكأنهم اللؤلؤ المنثور - ذكره قتادة - وقوله (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا) تقديره وإذا رأيت الاشياء ثم رأيت نعيما لاهل الجنة عظيما وملكا كبيرا.

قال سفيان: من الملك الكبير استئذان الملائكة عليهم واستقبالهم لهم بالتحية.

وقوله (وإذا رأيت ثم) ف‍ (ثم) يريد به الجنة. والعامل فيه معنى (رأيت) وتقديره وإذا رأيت ببصرك ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا. وقال الفراء: وإذا رأيت ماثم رأيت نعيما. وانكره الزجاج وقال (ما) موصولة يتم على تفسيره، ولايجوز اسقاط الموصول مع بقاء الصلة، ولكن (رأيت) متعد في المعنى إلى (ثم).

___________________________________

(1) تفسير الطبري 29 / 118.

(2) مقاييس اللغة 2 / 208 واللسان (خلد، قوز)

[216]

قوله تعالى: (عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلّوا أساور من فضة وسقيهم ربهم شرابا طهورا(21) إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا(22) إنا نحن نزلنا عليك القران تنزيلا(23) فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا(24) واذكر اسم ربك بكرة واصيلا(25) ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا(26) إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراء‌هم يوما ثقيلا(27) نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا(28) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبييلا(29) وماتشاؤن إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما(30) يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعدّ لهم عذابا أليما(31))

احدى عشرة آية.

قرأ (عاليهم) باسكان الياء أهل المدينة وحمزة وعاصم - في رواية حفص وأبان والمفضل - جعلوه اسما لاظرفا كما تقول: فوقك واسع ومنزلك باب البرد، بأن يجعل الباب هو المنزل، وكذلك يجعل الثياب هي العالي. الباقون بالنصب على الظرف، لانه ظرف مكان. وهو الاحسن، لان الثاني غير الاول.

[217]

وإنما يجوز في مثل ما كان آخر الكلام هو الاول كقولهم: أمامك صدرك، وفوقك رأسك، فان قلت فوقك السقف وأمامك الاسد بالنصب لا غير.

وقرأ نافع وحفص عن عاصم (خضر واستبرق) بالرفع فيهما.

وقرأ حمزة والكسائي بالجر فيهما.

وقرأ ابن كثير وعاصم - في رواية أبي بكر (خضر) جرا (واستبرق) رفعا.

وقرأ ابن عامر وابوعمرو (خضر) رفعا و (استبرق) جرا، من رفعهما جعل (خضر) نعتا للثياب، وعطف عليه (واستبرق) ومن جرهما جعل (خضر) من نعت (سندس) وعطف عليه (استبرق) وتقديره عاليهم ثياب استبرق. ومن رفع الاول جعله من نعت الثياب وجر الثاني على انه عطف على (سندس) كأن عليهم ثياب سندس. ومن جعل (خضر) نعتا ل‍ (سندس)، فلانه اسم جنس يقع على الجميع، فلذلك قال (خضر) ومن جعله نعتا للثياب فعلى اللفظ.

وقرأ ابن كثير وابوعمرو (وما يشاؤن) بالياء على الخبر عن الغائب. الباقون بالتاء على الخطاب.

لما قال الله تعالى على وجه التعظيم لشأن المؤمنين الذين وصفهم وعظم ما اعطوا من أنواع النعيم والولدان وأنواع الشراب وغير ذلك مما وصف، ووصف ذلك بأنه ملك كبير قال (عاليهم) وقيل معناه عالي حجالهم السندس.

وفى نصب (عاليهم) قولان: قال الفراء: هو نصب على الظرف كقولك: فوقهم، وحكى ان العرب تقول: قومك داخل الدار.

وانكر الزجاج ذلك وقال نصبه لا يجوز إلا على الحال من الضمير في (عاليهم) او من ضمير الولدان في (رايتهم) وانما انكر ذلك لانه ليس باسم مكان كقولك هو خارج الدار وداخل الدار، وهذا لايجوز على الظرف عند سيبويه، وما حكاه الفراء شاذلا يعول عليه.

ومن أسكن الياء أراد رفعه على الابتداء وخبره (ثياب سندس) والسندس الديباج الرقيق الفاخر الحسن وهو (فعلل) مثل برثن.

[218]

وقوله (خضر) فمن جر جعله صفة ل‍ (سندس) خضر ووصف (سندس) بخضر وهو لفظ جمع، لان سندنا اسم جنس يقع على الكثير والقليل. ومن رفعه جعله نعتا ل‍ (ثياب) كأنه قال: ثياب خضر من سندس.

وقوله (واستبرق) من رفعه عطفه على (ثياب سندس) فكأنه قال عليهم ثياب سندس، وعاليهم استبرق. ومن جره عطفه على (سندس) فكأنه قال: عاليهم ثياب سندس وثياب استبرق. والاستبرق الديباج الغليظ الذي له بريق، فهم يتصرفون في فاخر اللباس كما يتصرفون في لذيذ الطعام والشراب. وقيل الاستبرق له غلظ الصفاقة لا غلظ السلك كغلظ الديبقي، وإن كان رقيق السلك.

وقوله (وحلوا اساور من فضة) فالتحلية الزينة بما كان من الذهب والفضة والتحلية تكون للانسان وغير الانسان كحلية السيف وحلية المركب والفضاضة الشفافة هي التي يرى ما وراء‌ها كما يرى البلورة، وهي أفضل من الدر والياقوت، وهما افضل من الذهب فتلك الفضة افضل من الذهب، والفضة والذهب في الدنيا هما أثمان الاشياء، وإن كان قد ثمن بغيرهما شاذا.

وقيل: يحلون الذهب تارة وتارة الفضة ليجمعوا محاسن الحلية، كماقال تعالى (يحلون فيها من اساور من ذهب)(1) والفضة وإن كانت دنية في الدنيا، فهي في غاية الحسن خاصة إذا كانت بالصفة التي ذكرها والغرض في الاخرة ما يكثر الالتذاذ والسرور به لا باكثر الثمن، لانه ليست هناك أثمان. وفى الناس من ترك صرف (استبرق) وهو غلط، لان الاعجمي إذا عرب في حال تنكيره انصرف، ودليله الاستبرق، وهما مما يحكى عن ابن محيص.

وقوله (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) قيل معناه يسقون شرابا طهورا ليس

___________________________________

(1) سورة 18 الكهف آية 31 وسورة 22 الحج آية 23 وسورة 35 فاطر آية 33

[219]

كالذي يخالطه الانجاس من أنهار الدنيا. وإن قل ذلك وكان مغمورا. وقيل انه ليس كشراب الدنيا الذي قد نجسه الفساد الذي فيه، وهو السكر الداعي إلى القبائح، فقد طهره الله في الجنة من ذلك لتخلص به اللذة، كما قال (من خمر لذة للشاربين)(1) وقيل: شرابا طهورا لا ينقلب إلى البول بل يفيض من أعراضهم كرشح المسك ذكره ابراهيم التيمي.

وقوله (إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا) اخبار من الله تعالى انه يقال للمؤمنين إذا فعل بهم ما تقدم من انواع اللذات وفنون الثواب: إن هذا كان لكم جزاء على طاعاتكم واجتناب معاصيكم في دار التكليف، وإن سعيكم في مرضات الله وقيامكم بما أمركم الله به كان مشكورا أي جوزيتم عليه، فكأنه شكر لكم فعلكم.

ثم اخبر تعالى عن نفسه فقال (إنا نحن نزلنا عليك) يا محمد (القرآن تنزيلا) فيه شرف وتعظيم لك. ثم أمره بالصبر على ما أمره من تحمل اعباء الرسالة فقال (فاصبر) يا محمد (لحكم ربك ولا تطع منهم) يعني من قومه الذين بعث اليهم (آثما او كفورا) وهو نهي عن الجمع والتفريق أي لا تطع آثما ولا كفورا، كما يقول القائل: لا تفعل معصية صغيرة او كبيرة أي لا تفعلهما ولا واحدة منهما.

ثم امره بان يذكر الله بما يستحقه من الصفات والاسماء الحسنى، فقال (واذكر اسم ربك بكرة واصيلا) والبكرة الغداة والاصيل العشي، وهو اصل الليل وجمعه آصال.

وقوله (ومن الليل فاسجد) دخلت (من) للتبعيض بمعنى فاسجد له في بعض الليل، لانه لم يأمره بقيام جميع الليل، كما قال (إن ربك يعلم أنك تقوم ادنى من

___________________________________

(1) سورة 47 محمد آية 15

[220]

ثلثي الليل ونصفه وثلثه)(1) والسجود وضع الجبهة على الارض على وجه الخضوع وأصله الانخفاض كما قال الشاعر: ترى الاكم فيها سجدا للحوافر(2) والسجود من العبادة التي اكد الله الامر بها لما فيها من صلاح العباد.

ثم قال (وسبحه ليلا طويلا) أي نزهه عمالا يليق به في الليل الطويل.

ثم قال (إن هؤلاء) يعني الكفار والذين يجحدون نبوتك (يحبون العاجلة) أي يؤثرون اللذات والمنافع العاجلة في دار الدنيا من إرتكاب شهواتهم. والعاجلة المقدمة قبل الكرة الثانية (ويذرون) أي ويتركون (وراء‌هم) أي خلفهم (يوما ثقيلا) أي هو ثقيل على اهل النار أمره، وإن خف على اهل الجنة للبشارة التي لهم فيه.

والثقيل ما فيه اعتمادات لازمة إلى جهة السفل على جهة يشق حمله. وقد يكون ثقيلا على انسان خفيفا على غيره بحسب قدرته، فيوم القيامة مشبه بهذا.

وقيل: معنى (وراء‌هم) أي خلف ظهورهم العمل للاخرة.

وقيل (وراء‌هم) أمامهم الاخرة، وكلاهما محتمل، والاول أظهر.

ثم قال تعالى (نحن خلقناهم) أي نحن الذين اخترعنا هؤلاء الخلائق (وشددنا أسرهم) قال ابن عباس الاسر الخلق، وهو من قولهم: أسر هذا الرجل فأحسن اسره أي خلق فأحسن خلقه أي شد بعضه إلى بعض أحسن الشد، وقال ابوهريرة: الاسر المفاصل.

وقال ابن زيد: الاسر القوة.

وقولهم: خذ بأسره أي بشده قبل ان يحل، ثم كثر حتى جاء بمعنى خذ جميعه قال الاخطل:

___________________________________

(1) سورة 73 المزمل آية 20.

(2) مر في 1 / 148، 263، 311 و 4 / 233، 383 و 6 / 95 وغيرها

[221]

من كل مجتلب شديد أسره * سلس القياد تخاله مختالا(1)

واصل الاسر الشد، ومنه قتب مأسور أي مشدود، ومنه الاسير، لانهم كانوا يشدونه بالقيد، وجاء في التفسير وشددنا مفاصلهم.

ثم قال (وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا) معناه إذا شئنا أهلكنا هؤلاء وأمثالهم وجئنا بقوم آخرين بدلهم نخلفهم ونوجدهم.

وقوله (إن هذه تذكرة) قال قتادة: معناه إن هذه السورة تذكرة، والتذكرة دلالة تخص بها المعاني الحكمية، وكل موعظة تدعو إلى مكارم الاخلاق ومحاسن الافعال تذكرة (فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا) أي اتخذ إلى رضا ربه طريقا بأن يعمل بطاعته وينتهي عن معصيته، وذلك يدل على انه قادر على ذلك قبل ان يفعله بخلاف ما يقوله المجبرة.

وقوله (وما تشاؤن إلا ان يشاء الله) أي وليس تشاؤن شيئا من العمل بطاعته وبما يرضاه ويوصلكم إلى ثوابه إلا والله يشاؤه ويريده لانه يريد من عباده أن يطيعوه، وليس المراد أن يشاء كل ما يشاؤه العبد من المعاصي والمباحات، لان الحكيم لا يجوز أن يريد القبائح ولا المباح، لان ذلك صفة نقص ويتعالى الله عن ذلك.

وقد قال الله تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)(2) والمعصية والكفر من اعظم العسر فكيف يكون الله تعالى مشيئا له وهل ذلك إلا تناقض ظاهر؟ ! وقوله (إن الله كان عليما حكيما) اخبار بأنه - عزوجل - كان عالما بجميع المعلومات وبما يفعله عباده من الطاعة والمعصية (حكيما) في جميع ما يفعله ويأمر به.

ثم قال (يدخل من يشاء في رحمته) من الجنة وثوابها اذا أطاعوه في عمل ما رغبهم

___________________________________

(1) القرطبي 19 / 149 والطبرى 29 / 122.

(2) سورة 2 البقرة آية 185

[222]

فيه (والظالمين أعد لهم عذابا اليما) نصب (الظالمين) على تقدير وعاقب الظالمين باعداد العذاب الاليم أي أعد للظالمين اعد لهم، وحذف لدلالة الثاني عليه ولا يظهر ذلك، لان تفسيره يغني عن إظهاره.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21401797

  • التاريخ : 19/04/2024 - 09:44

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net