00989338131045
 
 
 
 
 
 

  سورة القارعة 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : التبيان في تفسير القرآن ( الجزء العاشر)   ||   تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي

101 - سورة القارعة

مكية في قول ابن عباس والضحاك، وهي إحدى عشرة آية في الكوفي. وعشر في المدنيين وثمان في البصري.

بسم الله الرحمن الرحيم

(ألقارعة(1) ما القارعة(2) وما أدريك ما القارعة(3) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث(4) وتكون الجبال كالعهن المنفوش(5) فأما من ثقلت موازينه(6) فهو في عيشة راضية(7) وأما من خفت موازينه(8) فأمه هاوية(9) وما أدريك ماهيه(10) نار حامية(11))

احدى عشر آية.

قرأ حمزة ويعقوب (ماهي) بحذف الهاء في الوصل، الباقون باثباتها، ولم يختلفوا في الوقف أنه بالهاء.

[399]

ومعنى (القارعة) البلية التي تقرع القلب بشدة المخافة تقول: قرع يقرع قرعا وهو الصوت بشدة اعتماد، ومنه انشقت القرعة، وتقارع القوم في القتال إذا تضاربوا بالسيوف، وقرع رأسه إذا ضرب في أعلى الشعر حتى يذهبه، والقرعة كالضرب بالفال.

وقال وكيع: القارعة، والواقعة، والحاقة القيامة.

وقوله (وما أدراك ما القارعة) تعظيم لشأنها، وتفخيم لامرها وتهويل لشدتها. ومعناه وأي شئ القارعة ومعناه إنك يا محمد صلى الله عليه واله لاتعلم كبر وصفها وحقيقة أمرها على التفصيل وإنما تعلمها على طريق الجملة، ثم وصفها الله تعالى فقال (يوم تكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش) والمعنى إن القارعة التي وصفها وذكرها تقرع القلوب يوم تكون الناس بهذه الصفة. والفراش الجرات الذي ينفرش ويركب بعضه بعضا، وهو غوغاء الجراد - في قول الفراء -

وقال ابوعبيدة: هو طير يتفرش وليس بذباب، ولا بعوض.

وقال قتادة: الفراش هو هذا الطير الذي يتساقط في النار والسراج.

والمبثوث المتفرق في الجهات، كأنه محمول على الذهاب فيها، يقال: بثه يبثه إذا فرقه، وأبثثته الحديث إذا ألفيته اليه كأنك فرقته بأن جعلته عند اثنين.

وقوله (وتكون الجبال كالعهن المنفوش) فالعهن الصوف الالوان - في قول أبي عبيدة -

قال زهير:

كأن فتات العهن في كل منزل * نزلن به حب الفنا لم يحطم(1)

ويقال: عهن وعهنة.

وقيل: إن الخلائق لعظم ما يرونة من الاهوال ويغشاهم من العذاب يهيم كل فريق على وجهه، ويذهب في غير جهة صاحبه.

وقوله (فاما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية) قال الفراء الموازين والاوزان واحد، يقولون: هل لك في درهم بميزان درهمك، ووزن درهمك.

___________________________________

(1) ديوانه 77 (دار بيروت)

[400]

وقال الحسن: في الاخرة ميزان له كفتان. وهو قول الجبائي واكثر المفسرين. ثم اختلفوا فمنهم من قال: يجعل الله تعالى في احدى الكفتين نورا علامة للطاعات وفي الاخرى ظلمة علامة لمعاصي فأيهما رجح على الاخر حكم لصاحبه به.

وقال آخرون: إنما يوزن صحف الاعمال فما فيها الطاعات نجعل في كفة وما فيها المعاصي في كفة أخرى فايهما رجح حكم لصاحبه به.

وقال قوم: الميزان عبارة عن العدل ومقابلة الطاعات بالمعاصي، فايهما كان اكثر حكم له به وعبر عن ذلك بالثقل مجازا لان الاعمال أعراض لا يصح وزنها ولا وصفها بالثقل والخفة، قال الشاعر:

لقد كنت قبل لقائكم ذا مرة * عندي لكل مخاصم ميزانه(1)

يريدون كلامه في معارضته، فبين الله تعالى أن من كانت طاعته أكثر كان ثوابه أعظم، فيكون صاحبها (في عيشة راضية) أي مرضية، ففاعل - ههنا - بمعنى المفعول، لان معناه ذو رضا كقولهم (نابل) أي ذو نبل، قال النابغة:

كليني لهم يا أميمة ناصب * وليل اقاسيه بطئ الكواكب(2)

أي ذو نصب وقال آخر:

وغررتني وزعمت أنك * لابن بالصيف تامر(3)

أى ذو لبن وذ وتمر.

وقال مجاهد (ثقلت موازينه) على جهة الميل، ثم بين من كانت معاصيه أكثر وقلت طاعاته (فأمه هاوية) أى مأواه هاوية يعني، جهنم، وإنما سماها

___________________________________

(1) القرطبي 20 / 166 والشوكاني 5 / 472.

(2) في مر 5 / 368 و 6 / 95، 329 و 8 / 122، 567.

(3) مر في 8 / 468

[401]

(أمه) لانه يأوى اليها كما يأوى الولد إلى أمه، وسميت هاوية - لما قال قتادة وابوصالح - من أن المعاصي يهوي إلى أم رأسه في النار.

ثم قال على وجه التفخيم والتعظيم لا مرها (وما أدراك) يامحمد صلى الله عليه واله (ما هيه) أى انك تعلمها على الجملة ولا تعلم تفصيلها وأنواع ما فيها من العقاب. والهاء في قوله (ما هيه) للسكت إلا أنه اجري الوصل معها مجرى الوقف، ويجوز فيها الحذف، ثم فسر الله تعالى فقال (نار حامية) أى هي نار حامية شديدة الحرارة




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21403011

  • التاريخ : 19/04/2024 - 18:57

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net