00989338131045
 
 
 
 
 
 

 محمد 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الامثال في القرآن   ||   تأليف : العلامة المحقق جعفر سبحاني

( 248 )

محمد
48

التمثيل الثامن و الاَربعون


(مَثَلُ الْجَنَّةِ الّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَير آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذّةٍ لِلشّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصفىً وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النّارِوَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمعاءَهُمْ ). (1)
تفسير الآية
"آسن" يقال: أسن الماء، يأسن: إذا تغير ريحه تغيراً منكراً، وماء غير آسن: أي غير نتن.
"الحميم":الماء الشديد الحرارة.
قوله: "مثل الجنة" أي وصفها وحالها، وهو مبتدأ خبره محذوف، أي جنة فيها أنهار. فلو أردنا أن نجعل الآية من آيات التمثيل فلابدّ من تصور مشبه و هو الجنة الموعودة، ومشبه به وهو جنة الدنيا بما لها من الخصوصيات.
ولكن الظاهر انّ الآية صيغت لبيان حال الجنة ووصفها وسماتها، وهي كالتالي :

____________
1 ـ محمد:15.

===============

( 249 )

1. فيها أنهار أربعة وهي عبارة عن:
أ: (أنهار من ماء غير آسن ) أي الماء الذي لا يتغير طعمه ورائحته ولونه لطول البقاء.
ب: (أنهار من لبن لم يتغير طعمه )، ولا يعتريها الفساد بمرور الزمان.
ج: أنهار من خمر لذة للشاربين، فتقييد الخمر بكونه لذة للشاربين احتراز عن خمر الدنيا ،و قد وصف القرآن الكريم خمر الجنة في آية أُخرى، وقال: (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأسٍ مِنْ مَعِين * بَيضاءَ لَذّةٍ للشّارِبينَ * لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُون ). (1)فقوله: (لذّة للشاربين ) أي ليس فيها ما يعتري خمر الدنيا من المرارة والكراهة، فقوله: (لا فيها غول )، أي لا تغتال عقولهم فتذهب بها،وقوله: (ولا هم عنها ينزفون ) أي يسكرون. وبذلك يمتاز خمر الآخرة على خمر الدنيا.
د: أنهار من عسل مصفّى وخالص من الشمع.
وهذه الاَنهار الاَربعة لكلّ غايته و غرضه: فالماء للارتواء، و الثاني للتغذّي، والثالث لبعث النشاط والروح، والرابع لاِيجاد القوة في الاِنسان.
2. وفيها وراء ذلك من كلّ الثمرات، كما قال سبحانه: (وَلَهُمْ فيها مِنْ كُلّ الثَّمرات ) فالفواكه المتنوعة تحت متناول أيديهم لا عين رأتها و لا أُذن سمعتها ولا خطرت على قلب بشر.
3. وفيها وراء هذه النعم المادية، نعمة معنوية يشير إليها بقوله: (وَمَغْفِرة مِنْ رَبّهِم ).

____________
1 ـ الصافات:45ـ 47.

===============

( 250 )

وبذلك تبيّن لنا وصف الجنة وحال المتقين فيها، بقي الكلام في تبيين حال أهل الجحيم ومكانهم، فأشار إليه بقوله:
(كمن هُوَ خالِدٌ في النّار ) هذا وصف أهل الجحيم، وأمّا ما يرزقون فهو عبارة عن الماء الحميم لا يشربونه باختيارهم وإنّما يسقون، ولذلك يقول سبحانه : (وسقوا ماءً حميماً) الذي يقطّع أمعاءهم كما قال: (فقطّع أمعاءهم ).
وعلى كلّ تقدير، فلو قلنا :إنّ الآية تهدف إلى تشبيه جنة الآخرة بجنة الدنيا التي فيها كذا وكذا فهو من قبيل التمثيل، وإلاّ فالآية صيغت لبيان وصف جنة الآخرة وانّ فيها أنهاراً وثماراً ومغفرة.
والظاهر هو الثاني، فالاَولى عدم عدّ هذه الآية من الاَمثال القرآنية وإنّما ذكرناها تبعاً للآخرين.

===============




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21403954

  • التاريخ : 20/04/2024 - 03:18

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net