00989338131045
 
 
 
 
 
 

  سورة العاديات 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة ـ ج 2   ||   تأليف : السيد شرف الدين علي الحسيني الاسترابادي النجفي

" 100 "

 " سورة العاديات " " وما فيها من الآيات "

 وهي قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم والعاديات ضبحا (1) فالموريات قدحا (2) فالمغيرات صبحا (3) فأثرن به نقعا (4) فوسطن به جمعا (5) المعنى " والعاديات " (1) أن الله سبحانه أقسم بالخيل العاديات (2) التي تعدو بركابها في سبيل الله، و " ضبحا " هو نفسها العالي عند العدو. " فالموريات قدحا " والموري هو القادح النار. ومعناه: أن هذه الخيل تقدح النار (3) من الحجارة بحوافرها في عدوها. " فالمغيرات صبحا " أي هذه الخيل قد أغارت على القوم وقت الصبح. " فأثرن به نقعا " [ أي ] (4) أنها أثارت النقع وهو الغبار المثار من حوافرها. " فوسطن به جمعا " أي بالوادي الذي فيه القوم فصرن (5) في وسطه وهو مجمع القوم، وفي ذلك إشارة إلى الظفر بهم. وإنما أقسم سبحانه بالخيل على سبيل المجاز أي بركاب الخيل وأصحاب الخيل، مثل " وسئل القرية " (6) أي أصحاب القرية. وإنما أقسم بها لفضل ركابها، وهم المؤمنون خاصة. وإنما فضلوا لفضل أميرهم [ و ] (7) المؤمر عليهم، والفتح والظفر منسوب إليه، وهو أمير المؤمنين حقا حقا علي بن أبي طالب عليه السلام، وهذه الغزاة تسمى

___________________________

(1) ليس في نسخة " ج ".

 (2) في نسختي " ب، م " العادية.

 (3) في نسخة " ج " بالنار.

 (4) من نسخة " ب ".

 (5) في نسختي " ب، م " وصرن.

 (6) سورة يوسف: 82.

 (7) من نسخة " ج ".

 

[ 840 ]

" ذات السلاسل " باسم ماء الوادي. والقصة مشهورة ذكرها أصحاب السير [ والتواريخ ] (1) وغيرهم. 1 - [ و ] (2) قيل: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال له: إن جماعة من العرب قد اجتمعوا بوادي الرمل على أن يبيتوك في المدينة (3). فقال النبي صلى الله عليه وآله لاصحابه: من لهؤلاء ؟ فقام جماعة من أهل الصفة. وقالوا: نحن يا رسول الله، فول علينا من شئت، فاقرع بينهم، فخرجت القرعة على ثمانين رجلا منهم ومن غيرهم. فأمر عليهم أبا بكر، وأمره بأخذ اللواء والمضي (4) إلى بني سليم وهم ببطن الوادي، فلما وصلوا إليهم قتلوا جمعا كثيرا من المسلمين وانهزموا. فلما وصلوا إلى المدينة أمر على المسلمين عمر وبعثه إليهم، فهزموه وقتلوا جماعة من أصحابه فساء النبي صلى الله عليه وآله ذلك. فقال عمرو بن العاص: إبعثني يارسول الله إليهم، فأنفذه، فهزموه وقتلوا جماعة من أصحابه، وبقي النبي صلى الله عليه وآله أياما يدعو عليهم. ثم دعا بأمير المؤمنين عليه السلام وبعثه إليهم، ودعا له وخرج (معه) (5) مشيعا إلى مسجد الاحزاب، وأنفذ معه جماعة منهم: أبو بكر، وعمر، وعمرو بن العاص فسار الليل وأكمن النهار، حتى استقبل الوادي من فمه، فلم يشك عمرو بن العاص بالفتح (فقال) (6) لابي بكر: إن هذه الارض ذات ضباع وذئاب، وهي أشد علينا من بني سليم، والمصلحة أن نعلوا (7) الوادي. وأراد فساد الحال، وأمره أن يقول ذلك لامير المؤمنين عليه السلام.

___________________________

(1) من نسخة " ب ".

 (2) من نسخة " ج ".

 (3) في نسختي " ب، م " بالمدينة.

 (4) في نسخة " ج " ومضى.

 (5) ليس في نسخة " م ".

 (6) ليس في نسخة " ج ".

 (7) في نسخة " م " تعلوا، وفي نسخة " ب " يغلوا.

 

[ 841 ]

فقال له أبو بكر ذلك، فلم يجبه بحرف واحد. فرجع إليهم وقال: والله ما أجابني حرفا واحدا (1). فقال عمرو بن العاص لعمر بن الخطاب: إمض أنت إليه فخاطبه. ففعل، فلم يجبه بشئ فلما طلع الفجر كبس على القوم فأخذهم وظفر بهم، ونزل على النبي صلى الله عليه وآله الحلف بخيله. فقال سبحانه (والعاديات ضبحا) فاستبشر النبي صلى الله عليه وآله (بذلك) (2). فلما قدم علي عليه السلام استقبله النبي صلى الله عليه وآله، فلما رآه نزل عن فرسه. فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لولا أني أشفق أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملا منهم إلا أخذوا التراب من تحت قدميك، إركب، فان الله ورسوله عنك راضيان (3). 2 - ويؤيده: ما رواه محمد بن العباس (4) (رحمه الله)، عن محمد (5) بن الحسين، عن أحمد بن محمد، عن أبان بن عثمان، عن عمر بن دينار، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أقرع بين أهل الصفة، فبعث منهم ثمانين رجلا إلى بني سليم، وأمر عليهم أبا بكر، فسار إليهم، فلقيهم قريبا من الحرة وكانت أرضهم أسنة (6) كثيرة الحجارة والشجر ببطن الوادي، والمنحدر إليهم صعب، فهزموه وقتلوا (7) من أصحابه مقتلة عظيمة. فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وآله عقد لعمر بن الخطاب وبعثه، فكمن له بنو سليم بين الحجارة وتحت الشجر، فلما ذهب ليهبط خرجوا عليه ليلا، فهزموه حتى بلغ جنده سيف البحر، فرجع عمر منهم منهزما.

___________________________

(1) في نسخة " ب " بحرف واحد.

 (2) ليس في نسخة " ج ".

 (3) راجع ارشاد المفيد: 94 وعنه البحار: 21 / 77 ح 5 مفصلا مع اختلاف.

 (4) في نسخة " أ " الحسن.

 (5) في نسخة " ج " أحمد.

 (6) في نسختي " أ، م " أشنة.

 (7) في نسخة " ج " فهزموا وقتل.

 

[ 842 ]

فقام عمرو بن العاص إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أنا لهم يا رسول الله، إبعثني إليهم. فقال له: خذ في شأنك. فخرج إليهم فهزموه وقتل (1) من أصحابه ما شاء الله. قال: ومكث رسول الله صلى الله عليه وآله أياما يدعو عليهم، ثم أرسل بلالا وقال: ائتني ببردي النجراني وقبائي (2) الخطية. ثم دعا عليا عليه السلام فقعد له، ثم قال: أرسلته (3) كرارا غير فرار. ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني رسولك فاحفظني فيه، وافعل به وافعل. فقال له من ذلك ما شاء الله. قال أبو جعفر عليه السلام: وكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله شيع عليا عليه السلام عند مسجد الاحزاب وعلي عليه السلام على فرس أشقر مهلوب (4) وهو يوصيه. قال: فسار وتوجه نحو العراق حتى ظنوا أنه يريد بهم غير ذلك الوجه، فسار بهم حتى استقبل الوادي من فمه، وجعل يسير [ في ] (5) الليل ويكمن النهار، حتى إذا دنا من القوم أمر أصحابه أن يطعموا الخيل، وأوقفهم مكانا وقال: لا تبرحوا مكانكم. ثم سار أمامهم، فلما رأى عمرو بن العاص ما صنع، وظهرت آية الفتح، قال لابي بكر: (إن) (6) هذا شاب حدث، وأنا أعلم بهذه البلاد منه، وههنا عدو هو أشد علينا من بني سليم - الضباع والذئاب - فان خرجت علينا نفرت بنا وخشيت أن تقطعنا، فكلمه يخلي عنا نعلوا الوادي. قال: فانطلق [ أبو بكر ] (7) فكلمه وأطال، فلم يجبه حرفا فرجع إليهم فقال: لا والله ما أجاب إلي (8) حرفا. فقال عمرو بن العاص لعمر بن الخطاب: انطلق إليه لعلك أقوى عليه من أبي بكر. قال: فانطلق عمر، فصنع به ما صنع بأبي بكر، فرجع، فأخبرهم أنه لم يجبه حرفا.

___________________________

(1) في نسخة " ج " فهزموهم وقتلوا.

 (2) في نسخة " م " وقباى.

 (3) في نسخة " ج " أرسلت.

 (4) فرس مهلوب أي مستأصل شعر الذنب.

 (5) من البرهان.

 (6) ليس في نسختي " أ، ج ".

 (7) من البرهان.

 (8) في نسخة " ج " لى.

 

[ 843 ]

فقال أبو بكر: لا والله لا نزول من مكاننا، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن نسمع لعلي ونطيع. قال: فلما أحس علي عليه السلام بالفجر أغار عليهم، فأمكنه الله من ديارهم، فنزلت (والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا). قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول: صبح (1) علي - والله - جمع القوم، ثم صلى وقرأ بها. فلما كان اليوم الثالث قدم علي عليه السلام المدينة وقد قتل من القوم عشرين ومائة فارس، وسبى عشرين ومائة ناهد (2). 3 - وروى أيضا، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله إبن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل (والعاديات ضبحا) ؟ قال: ركض الخيل في قتالها (3). (فالموريات قدحا) ؟ قال: توري قدح (4) النار من حوافرها. (فالمغيرات صبحا) ؟ قال: أغار علي عليه السلام (عليهم) (5) صباحا. (فأثرن به نقعا) ؟ قال: أثر بهم علي عليه السلام وأصحابه الجراحات حتى استنقعوا في دمائهم. (فوسطن به جمعا) ؟ قال: توسط علي عليه السلام وأصحابه ديارهم. (إن الانسان لربه لكنود) ؟ قال: إن (6) فلانا لربه لكنود. (وإنه على ذلك لشهيد) ؟ قال: إن الله شهيد عليه. (وإنه لحب الخير لشديد) ؟ قال: ذاك أمير المؤمنين عليه السلام (7). 4 - وروى ابن أورمة (8) عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن

___________________________

(1) في نسخة " ج " صنع.

 (2) عنه البرهان: 4 / 498 ح 1 مع اختلاف.

 (3) في نسختي " أ، م " قفالها، وفي البرهان: ضباحها.

 (4) في نسختي " أ، م " والبرهان " وقد ".

 (5) ليس في نسخة " ج ".

 (6) في نسخة " ج " لان.

 (7) عنه البرهان: 4 / 498 ح 2 (8) في نسخة " م " أرومة.

 

[ 844 ]

أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل (إن الانسان لربه لكنود) قال: كفور (1) بولاية أمير المؤمنين (2). صلوات الله عليه وعلى ذريته الطيبين. 5 - وعن جعفر بن أحمد، عن عبيد [ الله ] (3) بن موسى، عن الحسن بن علي ابن أبي حمزة [، عن أبيه ] (4)، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام [ في قوله (والعاديات ضبحا فالموريات قدحا) قال: هذه السورة نزلت في أهل وادي اليابس. قال: قلت: وما كان حالهم وقصتهم ؟ ] (5) قال عليه السلام: إن أهل وادي اليابس اجتمعوا اثني عشر ألف فارس وتعاقدوا وتعاهدوا وتواثقوا (6) أن لا يتخلف رجل عن رجل ولا يخذل أحد أحدا، ولا يفر رجل عن صاحبه حتى يموتوا كلهم على حلف واحد ويقتلوا محمدا صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب عليه السلام. فنزل جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله فأخبره بقصتهم، وما تعاقدوا عليه [ وتوافقوا ] (7)، وأمره أن يبعث أبا بكر إليهم بأربعة (8) آلاف فارس من المهاجرين والانصار. فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معاشر المهاجرين والانصار، إن جبرئيل [ قد ] (9) أخبرني أن أهل وادي اليابس اثنا عشر ألف فارس قد استعدوا وتعاهدوا وتعاقدوا [ على ] (10) أن لا يغدر رجل [ منهم ] (11) بصاحبه ولا يفر عنه ولا يخذله حتى يقتلوني وأخي علي بن أبي طالب، وأمرني أن أسير إليهم أبا بكر في أربعة آلاف فارس، فخذوا في أمركم، واستعدوا لعدوكم، وانهضوا إليهم على اسم الله وبركته يوم الاثنين إن شاء الله تعالى.

___________________________

(1) في نسخة " أ " كفور (كنود - خ ل -) وفي البرهان: كنود.

 (2) عنه البرهان: 4 / 498 ح 3.

 (3، 4، 5) من تفسير القمى.

 (6) في تفسير القمى: توافقوا.

 (7) من تفسير القمى.

 (8) في تفسير القمى: في الاربعة.

 (9، 10، 11) من تفسير القمى.

 

[ 845 ]

فأخذ المسلمون [ في ] (1) عدتهم وتهيأوا، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله [ أبا بكر ] (2) بأمره وكان فيما أمره به [ أنه ] (3) إذا رآهم أن يعرض عليهم الاسلام، فان بايعوك وإلا واقعهم، فاقتل مقاتليهم، واسب ذراريهم، واستبح أموالهم، وخرب ضياعهم وديارهم. فمضى ابو بكر ومن معه من المهاجرين والانصار في أحسن عدة وأحسن هيئة، يسير بهم سيرا رفيقا، حتى انتهوا إلى أهل وادي اليابس. فلما بلغ القوم نزول القوم عليهم، ونزل أبو بكر وأصحابه قريبا منهم، خرج إليهم من أهل وادي اليابس مائتي رجل مدججين بالسلاح، فلما صادفوهم قالوا لهم: من أنتم ؟ ومن أين أقبلتم ؟ وأين تريدون ؟ ليخرج إلينا صاحبكم حتى نكلمه. فخرج إليهم أبو بكر في نفر من أصحابه المسلمين، فقال لهم ابو بكر: أنا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ! قالوا: وما أقدمك علينا ؟ قال: أمرني رسول الله أن أعرض عليكم الاسلام، وأن تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون، ولكم ما لهم وعليكم ما عليهم، وإلا فالحرب بيننا وبينكم. قالوا: أما واللات والعزى، لولا رحم ماسة وقرابة قريبة لقتلناك وجميع من معك حتى تكون حديثا لمن يكون بعدك (4)، فارجع أنت ومن معك وارتجوا العافية فانا إنما نريد صاحبكم بعينه وأخاه علي بن أبي طالب عليه السلام. فقال أبو بكر لاصحابه: يا قوم، القوم أكثر منكم أضعافا وأعد منكم، وقد نأت (5) داركم عن إخوانكم من المسلمين، فارجعوا نعلم رسول الله بحال القوم. فقالوا له جميعا: خالفت يا أبا بكر رسول الله صلى الله عليه وآله وما أمرت به، فاتق الله وواقع القوم، [ و ] (6) لا تخالف قول رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: إني أعلم ما لا تعلمون، ويرى الشاهد ما لا يرى الغائب. فانصرف وانصرف الناس أجمعون، وأخبر النبي صلى الله عليه وآله بمقالة القوم [ له ] (7) وما رد عليهم أبو بكر.

___________________________

(1، 2، 3) من تفسير القمى.

 (4) في تفسير القمى والبحار: بعدكم.

 (5) أي بعدت.

 (6) من تفسير القمى.

 (7) من تفسير القمى والبحار.

 

[ 846 ]

فقال صلى الله عليه وآله خالفت يا أبا بكر أمري، ولم تفعل ما أمرتك [ به ] (1)، وكنت لي - والله - عاصيا فيما أمرتك. فقام النبي صلى الله عليه وآله وصعد المنبر، وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معشر المسلمين إني أمرت أبا بكر أن يسير إلى أهل وادي اليابس، وأن يعرض عليهم الاسلام، ويدعوهم إلى الله، فان أجابوه (2) وإلا واقعهم، وإنه سار إليهم وخرج منهم [ إليه ] (3) مائتا رجل. فلما سمع كلامهم وما استقبلوه به انتفخ صدره ودخله الرعب منهم، وترك قولي إليه ولم يطع أمري، وإن جبرئيل أمرني عن الله أن أبعث إليهم عمر مكانه في أصحابه في أربعة آلاف فارس، فسر يا عمر على اسم الله ولا تعمل كما عمل أبو بكر أخوك، فانه قد عصى الله وعصاني، وأمره بما أمر به أبا بكر. فخرج عمر والمهاجرون والانصار الذين كانوا مع أبي بكر يقتصد بهم في سيرهم حتى شارف القوم، وكان قريبا بحيث يراهم ويرونه، وخرج إليهم مائتا رجل فقالوا له ولاصحابه مثل مقالتهم لابي بكر، فانصرف وانصرف الناس معه وكاد أن يطير قلبه مما رأى من عدة القوم وجمعهم، ورجع يهرب منهم. فنزل جبرئيل عليه السلام فأخبر محمد صلى الله عليه وآله بما صنع عمر، وأنه قد انصرف وانصرف المسلمون معه. فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه وأخبر [ هم ] (4) بما صنع عمر وما كان منه، وأنه قد انصرف وانصرف المسلمون مخالفا لامري عاصيا لقولي. فقدم عليه فأخبره مثل ما أخبره به صاحبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عمر عصيت الله في عرشه، وعصيتني (5) وخالفت قولي، وعملت برأيك، لا قبح الله إلا رأيك

___________________________

(1) من تفسير القمى والبحار.

 (2) في الاصل: أجابوهم.

 (3، 4) من تفسير القمى والبحار.

 (5) في الاصل: عصيتم.

 

[ 847 ]

وإن جبرئيل قد أمرني أن أبعث علي بن أبي طالب في هؤلاء المسلمين، وأخبرني أن يفتح الله عليه وعلى أصحابه. فدعا عليا عليه السلام وأوصاه بما أوصى به أبا بكر وعمر وأصحابه الاربعة آلاف فارس، وأخبره أن الله سيفتح عليه و [ على ] (1) أصحابه. فخرج علي عليه السلام ومعه المهاجرون والانصار، فسار بهم سيرا غير سير أبي بكر وعمر، وذلك أنه أعنف بهم في السير حتى خافوا أن ينقطعوا من التعب وتحفى دوابهم، فقال لهم: لا تخافوا، فان رسول الله صلى الله عليه وآله قد أمرني بأمر وأخبرني أن الله سيفتح علي وعليكم، فابشروا، فانكم على خير وإلى خير. فطابت نفوسهم وقلوبهم، وساروا على ذلك السير [ و ] (2) التعب حتى إذا كانوا قريبا منهم حيث يرونهم ويراهم، أمر أصحابه أن ينزلوا، وسمع أهل وادي اليابس بمقدم علي بن أبي طالب عليه السلام وأصحابه. فخرج منهم مائتا رجل شاكين بالسلاح، فلما رآهم علي عليه السلام [ خرج إليهم ] (3) في نفر من أصحابه، فقالوا لهم: من أنتم ؟ ومن أين أنتم ؟ ومن أين أقبلتم ؟ وأين تريدون ؟ قال: أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وأخوه ورسوله إليكم أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ولكم إن آمنتم ما للمسلمين، وعليكم ما على المسلمين [ من خير وشر ] (4). فقالوا له: إياك أردنا وأنت طلبتنا، قد سمعنا مقالتك فخذ حذرك واستعد للحرب العوان، واعلم أنا قاتليك وقاتلي أصحابك، والموعد فيما [ بيننا و ] (5) بينك غدا ضحوة، وقد أعذرنا فيما بيننا وبينك.

___________________________

(1) من تفسير القمى والبحار.

 (2) من تفسيرى القمى وفرات.

 (3، 4) من تفسير القمى والبحار.

 (5) من تفسير القمى والبحار، وفيهما " الموعود " بدل " الموعد ".

 

[ 848 ]

فقال لهم علي عليه السلام: ويلكم تهددوني بكثرتكم وجمعكم، وأنا (1) أستعين بالله وملائكته والمسلمين عليكم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فانصرفوا إلى مراكزهم، وانصرف علي عليه السلام إلى مركزه. فلما جن الليل أمر أصحابه أن يحسنوا إلى دوابهم ويعصموا [ ويحسوا ] (2) ويسرجوا، فلما انشق عمود الصبح صلى بالناس بغلس، ثم غار عليهم بأصحابه فلم يعلموا حتى وطأتهم الخيل، فما أدرك آخر أصحابه حتى قتل مقاتليهم، وسبي ذراريهم، واستباح أموالهم، وخرب ديارهم، واقبل بالاسارى والاموال معه. ونزل جبرئيل عليه السلام فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بما فتح الله على علي وجماعة المسلمين. فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وأخبر الناس بما فتح الله على المسلمين، وأعلمهم أنه لم يصب منهم إلا رجلان، ونزل، فخرج يستقبل عليا عليه السلام في جميع أهل المدينة [ من المسلمين حتى لقيه على أميال من المدينة ] (3)، فلما رآه علي عليه السلام مقبلا نزل عن دابته، ونزل النبي صلى الله عليه وآله حتى التزمه، وقبل ما بين عينيه فنزل جماعة المسلمين إلى علي حيث نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وأقبل بالغنيمة والاسارى وما رزقهم الله من أهل وادي اليابس. ثم قال جعفر بن محمد عليهما السلام: ما غنم المسلمون مثلها قط إلا أن تكون من خيبر، فإنها مثلها. فأنزل (4) الله تبارك وتعالى في ذلك اليوم هذه السورة (والعاديات ضبحا) يعني بالعاديات: الخيل تعدو بالرجل، والضبح: ضبحها (5) في أعنتها ولجمها. (فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا) فقد أخبرك أنها غارت عليهم صبحا. قلت: قوله تعالى (فأثرن به نقعا) قال: يعني الخيل ويأثرن بالوادي نقعا

___________________________

(1) في تفسير القمى والبحار: فأنا.

 (2) من تفسير القمى والبحار، وفيهما " يقضموا " بدل " يعصموا ".

 (3) من تفسير القمى والبحار.

 (4) في الاصل: وأنزل.

 (5) في الاصل: ضبحا.

 

[ 849 ]

فوسطن به جمعا. [ قلت: قوله (إن الانسان لربه لكنود - قال: لكفور - وإنه على ذلك لشهيد) قال: يعنيهما جميعا ] (1) قد شهدا جميعا وادي اليابس، وكانا لحب الحياة لحريصين. قلت: قوله (أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير) قال عليه السلام: نزلت الآيتان فيهما خاصة، كانا يضمران ضمير السوء ويعملان به، فأخبر الله عزوجل خبرهما وفعالهما، هذا آخر الحديث ] (2). [ ثم ذكر علي بن إبراهيم (رحمه الله) ما سبق في الرواية الاولى من قول عمرو بن العاص وفعله وغير ذلك ] (3).




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21398605

  • التاريخ : 18/04/2024 - 05:26

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net