00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (228 - 237) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الأول )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية 228 - 237

[ والمطلقت يتربصن بأنفسهن ثلثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الاخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلحا ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم(228) ]

كتابه وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله(1).

محمد بن يحيى: عن أحمد بن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام، عن رجل آلى من امرأته بعد ما دخل بها، قال: إذا مضت أربعة أشهر وقف، وإن كان بعد حين، فإن فاء فليس بشئ فهي امرأته، وإن عزم الطلاق فقد عزم، وقال: الايلاء أن يقول الرجل لامرأته والله لاغيظنك ولاسوئنك ثم يهجرها ولا يجامعها حتى تمضي أربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر فقد وقع الايلاء، وينبغي للامام أن يجبره على أن يفئ أو يطلق فإن فاء فإن الله غفور رحيم، وإن عزم الطلاق فإن الله سميع عليم، وهو قول الله تبارك وتعالى في كتابه(2).

والمطلقت: يريد بها المدخول بهن من ذوات الاقراء، لما دلت الآيات والاخبار على أن حكم غيرهن خلاف ما ذكر. يتربصن: خبر صورة وأمر معنى.

وتغيير العبارة للتأكيد والاشعار بأنه مما يجب أن يسار إلى امتثاله، وكان المخاطب قصد أن يمتثل الامر فيخبر عنه. وبناؤه

___________________________________

(1) الكافي: ج 6، ص 131، كتاب الطلاق، باب الايلاء، ح 4.

(2) الكافي: ج 6، ص 132، كتاب الطلاق، باب الايلاء، ص 7. (*)

[540]

على المبتدأ يفيد فضل تأكيد.

بأنفسهن: تهييج وبعث لهن على التربص، فإن نفوس النساء طوامح إلى الرجال، فامرن بأن يقمعنها ويحملنها على التربص. ثلثة قروء: نصب على الظرف، أو المفعول به، أي يتربصن مضيها.

والقروء: جمع قرء، كان القياس أن يذكر بصيغة القلة التي هي الاقراء، ولكنهم يتسعون في ذلك فيستعملون كل واحد من البنائين مكان الآخر. ولعل الحكم لما عمم المطلقات ذوات الاقراء تضمن معنى الكثرة، فحسن بناؤها. والقرء يطلق للحيض والطهر الفاصل بين الحيضتين وهو المراد ها هنا.

في الكافي: عنه، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: إني سمعت ربيعة الرأى(1) يقول: إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة بانت منه، وانما القرء ما بين الحيضتين، وزعم أنه أخذ ذلك برأيه، فقال أبوجعفر عليه السلام: كذب لعمري، ما قال ذلك برأيه، ولكنه أخذه عن علي عليه السلام قال: قلت له: وما قال فيها علي عليه السلام؟ قال: كان يقول: إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها ولا سبيل له عليها، وإنما القرء ما بين الحيضتين، وليس لها أن تتزوج حتى تغتسل من الحيضة الثالثة(2).

علي بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: سمعت ربيعة الرأى يقول: من رأيي أن الاقراء التي سمى الله عزوجل في القرآن إنما هو الطهر فيما بين الحيضتين، فقال: كذب لم يقله برأيه، ولكنه بلغه عن علي عليه السلام، فقلت له: أصلحك الله أكان علي عليه السلام يقول ذلك؟ قال: نعم، إنما القرء الطهر يقرى فيه الدم فيجمعه، فإذا جاء المحيض

___________________________________

(1) ربيعة بن عبدالرحمن المعروف بربيعة الرأي.

ربيعة بالراء المهملة المفتوحة والباء الموحدة المكسورة والباء المثناة من تحت الساكنة والعين المهملة والهاء، عامي، وفي الوجيزة: انه ضعيف، وطريقته في الاستقلال بالرأي في أحكام الله تعالى معروفة، وإضافة اسمه إلى الرأي تشعر بذلك. تلخيص من تنقيح المقال: ج 1، ص 427، تحت رقم 4021.

(2) الكافي: ج 6، ص 88، كتاب الطلاق، باب الوقت الذي تبين منه المطلقة. ح 9. (*)

[541]

دفقه(1).

علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر جميعا، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: القرء ما بين الحيضتين(2).

علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: القرء ما بين الحيضتين(3).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن ثعلبة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الاقراء هي الاطهار(4).

سهل، عن أحمد، عن عبدالكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: عدة التي لم تحض والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر، وعدة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء، والقرء جمع الدم بين الحيضتين(5).

وأما ما رواه في كتاب الخصال: قال: حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمران أيهما سبق إليها بانت به المطلقة المسترابة التي تستريب الحيض، إن مرت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت بها، وإن مرت بها ثلاث حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر بانت بالحيض(6).

وما رواه في كتاب علل الشرايع: بإسناده إلى أبي خالد الهيثم قال: سألت أبا الحسن الثاني عليه السلام كيف صارت عدة المطلقة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر و

___________________________________

(1) الكافي: ج 6، ص 89، كتاب الطلاق، باب معنى الاقراء، ح 1.

(2) الكافي: ج 6، ص 89، كتاب الطلاق، باب معنى الاقراء، ح 2.

(3) الكافي: ج 6، ص 89، كتاب الطلاق، باب معنى الاقراء، ح 3.

(4) الكافي: ج 6، ص 89، كتاب الطلاق، باب معنى الاقراء، ح 4.

(5) الكافي: ج 6، ص 99، كتاب الطلاق، باب عدة المسترابة، ح 3.

(6) الخصال: ص 47، باب الاثنين، ح 44. (*)

[542]

عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام؟ قال: أما عدة المطلقة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر فلاستبراء الرحم من الولد(1) والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة. فيمكن أن يحمل على التقية، لانه موافق لمذهب أكثر العامة.

ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن: من الولد والحيض إستعجالا في العدة، وإبطالا لحق الرجعة.

وفيه دليل على أن قولها مقبول في ذلك.

إن كن يؤمن بالله واليوم الاخر: ليس المراد منه تقييد نفي الحل بأيمانهم، بل تنبيه على أنه ينافي الايمان، وأن المؤمن لا يجتري عليه، ولا ينبغي له أن يفعل.

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله: " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " يعني لا يحل لها أن تكتم الحمل إذا طلقت وهي حبلى والزوج لا يعلم بالحمل، فلا يحل لها أن تكتم حملها وهو أحق بها في ذلك الحمل ما لم تضع(2).

وبعولتهن: أي أزواج المطلقات، جمع بعل، والتاء لتأنيث الجمع كالعمومة والخؤلة، أو مصدر من قولك: بعل حسن البعولة، نعت به واقيم مقام المضاف المحذوف، أي وأهل بعولتهن.

أحق بردهن: إلى النكاح والرجعة إليهن، وأفعل: بمعنى الفاعل.

في ذلك: أي في زمان التربص.

إن أرادوا إصلحا: بالرجعة، لاضرار المرأة، والمراد منه التحريض عليه والمنع من قصد الاضرار، لا شرطية قصد الاصلاح للرجعة.

ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف: أي لهن حقوق على الرجال مثل حقوقهم عليهن في الوجوب واستحقاق المطالبة. وللرجال عليهن درجة: زيادة في الحق وفضل.

والله عزيز: يقدر على الانتقام ممن خالف الاحكام. حكيم: يشرعها لمصالح وحكم.

___________________________________

(1) علل الشرايع: ج 2، ص 194، الباب 277، ح 1.

(2) تفسير العياشي: ج 1، ص 115، ح 356. (*)

[543]

[ الطلق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسن ولا يحل لكم أن تأخذوا مما ء_اتيتموهن شيئا إلا أن يخافا الا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظلمون(229) ]

في من لا يحضره الفقيه: وسأل إسحاق بن عمار أبا عبدالله عليه السلام عن حق المرأة على زوجها، قال: يشبع بطنها ويكسو جثتها وإن جهلت غفر لها(1).

وروى الحسن بن محبوب، عن مالك عن عطية، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: جاء_ت إمرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة؟ فقال لها: أن تطيعه ولا تعصيه، ولا تتصدق من بيتها بشئ إلا بإذنه، ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب(2)، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن خرجت من بيتها بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الارض وملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى ترجع إلى بيتها، فقالت: يا رسول الله من أعظم الناس حقا على الرجل؟ قال: والده، قالت: يا رسول الله فمن أعظم الناس حقا على المرأة؟ قال: زوجها قالت: فما لي من الحق عليه بمثل ما له علي؟ قال: لا ولا من كل مائة واحدة، قال: فقالت: والذي بعثك بالحق نبيا لا يملك رقبتي رجل أبدا(3).

الطلق: أي الطلاق الذي عهد سابقا، وهو ما يجوز معه الرجوع في مدة

___________________________________

(1) الفقيه: ج 3، ص 279، باب 131، باب حق المرأة على الزوج، ح 2.

(2) القتب: رحل صغير على قدر السنام. الصحاح: ج 1، ص 198.

(3) الكافي: ج 5، ص 506، كتاب النكاح، باب حق الزوج على المرأة، ح 1. (*)

[544]

التربص.

مرتان: بأن طلق أولا ثم رجع ثم طلق ثانيا، فإن رجع.

فإمساك بمعروف: بحسن المعاشرة.

أو تسريح بإحسن: بالطلقة الثالثة، ولا يجوز له الرجوع أصلا حتى تنكح زوجا غيره.

في عيون الاخبار: بإسناده إلى الرضا عليه السلام في حديث طويل أن الله تبارك وتعالى إنما أذن في الطلاق مرتين، فقال عزوجل " الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان " يعني في التطليقة الثالثة(1).

وفي الكافي: أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، ومحمد بن جعفر أبوالعباس الرزاز، عن أيوب بن نوح، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: طلاق السنة، يطلقها تطليقة، يعني على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين، ثم يدعها حتى تمضي أقراؤها، فإذا مضت أقراؤها فقد بانت منه، وهو خاطب من الخطاب إن شاء_ت أنكحته وإن شاء_ت فلا، وإن أراد أن يراجعها أشهد على رجعتها قبل أن تمضي أقرأوها فتكون عنده على التطليقة الماضية قال: وقال أبو بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام هو قول الله عزوجل " الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان "(2).

ولا يحل لكم أن تأخذوا مما ء_اتيتموهن شيئا: من الصداق والهبة.

في تهذيب الاحكام: أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: ولا يرجع الرجل فيما يهب لامرأته، ولا المرأة فيما تهب لزوجها، حيز أو لم يحز، أليس الله تعالى يقول " ولا تأخذوا مما

___________________________________

(1) عيون أخبار الرضا: ج 2، ص 85، باب 32، في ذكر ما جاء عن الرضا عليه السلام من العلل قطعة من حديث 27.

(2) الكافي: ج 6، ص 64، كتاب الطلاق، باب تفسير طلاق السنة والعدة وما يوجب الطلاق، ح 1. (*)

[545]

اتيتموهن شيئا " وقال: " فإن طبن لكم عن شئ منه فكلوه هنيئا مريئا " وهذا يدخل في الصداق والهبة(1) وفي الكافي مثله سواء. وهذا الحكم بعمومه يشمل صور الطلاق، أي لا يحل لكم إذا طلقتم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا والخطاب للحكام، لانهم الآمرون، أو للازواج.

إلا أن يخافا: أي الزوجان، وقرئ يظنا.

ألا يقيما حدود الله: وقرأ حمزة ويعقوب على البناء للمفعول، وإبدال أن بصلته عن الضمير بدل الاشتمال، وقرأ (تخافا) و (تقيما) بتاء الخطاب(2).

فإن خفتم: ايها الحكام.

ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به: على الرجل في أخذ ما أفتدت به نفسها، وعلى المرأة في إعطائه حتى يخالعها.

في مجمع البيان: " فيما افتدت به " قيل: إنه يجوز الزيادة على المهر، وقيل: المهر فقط رووه عن علي عليه السلام(3).

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن المختلعة كيف يكون خلعها؟ فقال: لا يحل خلعها حتى تقول: والله لا أبر لك قسما، ولا أطيع لك أمرا، ولاوطين فراشك، ولادخلن عليك بغير إذنك، فاذا قالت هي ذلك، فقد حل خلعها، وحل له ما أخذ منها من مهرها وما زاد، وهو قول الله عزوجل " فلا جناح عليهما فيما افتدت به "، وإذا فعلت ذلك فقد بانت منه بتطليقة، وهي أملك بنفسها إن شاء_ت نكحته وإلا فلا، فإن نكحته فهي عنده بثنتين(4).

___________________________________

(1) التهذيب: ج 7، ص 462، باب 41، من ابواب الزيادات في فقه النكاح، ح 66، وسند الحديث (الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه " حازا أولم يحازا " بدل (حيز أولم يحز).

(2) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 121.

(3) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 329، في تفسيره لآية 228، من سورة البقرة.

(4) تفسير العياشي: ج 1، ص 117، ح 367. (*)

[546]

[ فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون(230) ]

تلك: إشارة إلى الاحكام التي حدت.

حدود الله فلا تعتدوها: بالمخالفة.

ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظلمون: عقب النهي بالوعيد مبالغة في التهديد.

واعلم: أن كل ما حد الله تعالى، الافراط فيه والتفريط كلاهما تعد.

و كذلك كل ما يفعله أهل الوسوسة في الشرع بغير مأخذ ويسمونه إحتياطا وتقوى، تعد عن حدود الله، ومن يفعله ظالم.

يدل على ذلك ما رواه العياشي في تفسيره: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى " تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فاولئك هم الظالمون " فقال: إن الله غضب على الزاني فجعل له جلدة مائة، فمن غضب عليه فزاد فأنا إلى الله منه برئ، فذلك قوله تعالى: " تلك حدود الله فلا تعتدوها "(1).

فإن طلقها: متعلق بقوله " الطلاق مرتان " تفسير لقوله: " أو تسريح بإحسان " إعترض بينهما ذكر الخلع، دلالة على أن الطلاق يقع مجانا تارة، و بعوض اخرى، والمعنى فإن طلقها بعد الثنتين.

فلا تحل له من بعد: ذلك الطلاق.

حتى تنكح زوجا غيره: حتى تزوج غيره بالعقد الدائم ويدخل بها، والنكاح

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1، ص 117، ح 368. (*)

[547]

يسند إلى كل منهما.

في عيون الاخبار: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا عليه السلام عن العلة التي من أجلها لا تحل المطلقة للعدة لزوجها حتى تنكح زوجا غيره، فقال: إن الله تبارك وتعالى إنما أذن في الطلاق مرتين، فقال عزوجل: " الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان " يعني في التطليقة الثالثة.

ولدخوله فيما كره الله عزوجل له من الطلاق الثالث حرمها الله عليه " فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره " لئلا يوقع الناس الاستخفاف بالطلاق ولا تضار النساء(1).

وفي الكافي: سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن مثنى، عن أبي حاتم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يطلق إمرأته الطلاق الذي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، ثم تزوج رجلا ولم يدخل بها، قال: لا، حتى يذوق عسيلتها(2).

في عيون الاخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل: وعلة الطلاق ثلاثا، لما فيه من المهلة فيما بين الواحدة إلى الثلاثة، لرغبة تحدث، أو سكون غضبه إن كان، وليكون ذلك تخويفا وتأديبا للنساء وزجرا لهن عن معصية أزواجهن(3).

وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن رجل طلق إمرأته تطليقة واحدة، ثم

___________________________________

(1) عيون أخبار الرضا: ج 2، ص 85، باب 32، في ذكر ما جاء عن الرضا عليه السلام من العلل، ح 27.

(2) الكافي: ج 5، ص 425، كتاب النكاح، باب تحليل المطلقة لزوجها وما يهدم الطلاق الاول، ح 4.

(3) عيون أخبار الرضا، ج 2، ص 95، باب 33 في ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل. (*)

[548]

تركها حتى أنقضت عدتها، ثم تزوجها رجل غيره، ثم إن الرجل مات أو طلقها فراجعها الاول، قال: هي عنده على تطليقتين باقيتين(1).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن مهزيار قال: كتب عبدالله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام: روى بعض أصحابنا عن أبي عبدالله عليه السلام، في الرجل يطلق إمرأته على الكتاب والسنة، فتبين منه بواحدة، فتزوج زوجا غيره، فيموت عنها أو يطلقها، فترجع إلى زوجها الاول، إنها تكون عنده على تطليقتين تامتين، وواحدة قد مضت، فوقع عليه السلام بخطة: صدقوا.

وروى بعضهم أنها تكون عنده على ثلاث مستقبلات، وأن تلك الطلقة التي طلقت ليس بشئ، لانها قد تزوجت زوجا غيره، فوقع عليه السلام بخطه: لا(2).

سهل، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المثنى، عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فتزوجها عبد ثم طلقها، هل يهدم الطلاق؟ قال: نعم، لقول الله عزوجل في كتابه: " حتى تنكح زوجا غيره " وقال: هو أحد الازواج(3).

فإن طلقها: الزوج الثاني.

فلا جناح عليهما أن يتراجعا: أي يرجع كل منهما إلى الآخر بالتزوج.

إن ظنا أن يقيما حدود الله: أي ما حدده الله. وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون: يفهمون.

في تفسير العياشي: عن الحسن بن زياد قال: سألته عن رجل طلق امرأته، فتزوجت بالمتعة، أتحل لزوجها الاول؟ قال: لا، لا تحل له حتى تدخل في مثل الذي

___________________________________

(1) الكافي: ج 5، ص 426، كتاب النكاح، باب تحليل المطلقة لزوجها وما يهدم الطلاق الاول، ح 5.

(2) الكافي: ج 5، ص 426، كتاب النكاح، باب تحليل المطلقة لزوجها وما يهدم الطلاق الاول، ح 6.

(3) الكافي: ج 5، ص 425، كتاب النكاح، باب تحليل المطلقة لزوجها وما يهدم الطلاق الاول ح 3. (*)

[549]

[ وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا ء_ايت الله هزوا واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شئ عليم(231) ]

خرجت من عنده، وذلك قوله: " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله " والمتعة ليس بطلاق(1).

وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبدالكريم، عن الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن رجل طلق إمرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره وتزوجها رجل متعة، أيحل له أن ينكحها؟ قال: لا حتى تدخل في مثل ما خرجت منه(2).

وفي الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل طلق إمرأته ثلاثا ثم تمتع فيها رجل آخر، هل تحل للاول؟ قال: لا(3).

وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن: الاجل يطلق للمدة ولمنتهاها، والبلوغ

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1، ص 118، ح 371، وفيه (والمتعة ليس فيها طلاق).

(2) الكافي: ج 5، ص 425، كتاب النكاح، باب تحليل المطلقة لزوجها وما يهدم الطلاق الاول، ح 2.

(3) الكافي: ج 5، ص 425، كتاب النكاح، باب تحليل المطلقة لزوجها وما يهدم الطلاق الاول ح 1. (*)

[550]

هو الوصول إلى الشئ، وقد يقال للدنو منه على الاتساع. فإن حمل الاجل على المعنى الاول، فالبلوغ على أصله. وإن حمل على الثاني فالبلوغ على الاتساع، ليترتب عليه.

فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف: وهو إعادة الحكم في بعض صوره للاهتمام به.

ولا تمسكوهن ضرارا: نصب على العلة أو الحال، أي لا تراجعوهن إرادة الاضرار أو مضارين، كأن المطلق يترك المعتدة حتى يشارف الاجل ثم يراجع ليطول العدة عليها، فنهى عنه بعد الامر بضده مبالغة.

لتعتدوا: لتظلموهن بالتطويل والالجاء إلى الافتداء. واللام متعلق بالضرار، إذ المراد تقييده.

في من لا يحضره الفقيه: روى المفضل بن صالح، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألت عن قول الله عزوجل: " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " قال: الرجل يطلق حتى إذا كادت أن يخلو أجلها راجعها ثم طلقها يفعل ذلك ثلاث مرات، فنهى الله عزوجل عن ذلك(1).

وروى البزنطي، عن عبدالكريم بن عمرو، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته ثم يراجعها وليس له فيها حاجة ثم يطلقها، فهذا الضرار الذي نهى الله عنه، إلا أن يطلق ثم يراجعها، وهو ينوي الامساك(2).

ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه: بتعريضها للعقاب.

ولا تتخذوا ء_ايت الله هزوا: بالاعراض عنها والتهاون في العمل بما فيها.

في نهج البلاغة: من قرأ القرآن فمات فدخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا(3).

___________________________________

(1) الفقيه: ج 3، ص 323، باب 155، طلاق العدة، ح 1.

(2) الفقيه: ج 3، ص 323، باب 155، طلاق العدة، ح 2.

(3) نهج البلاغة فيض الاسلام: ص 1187. (*)

[551]

[ وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزوجهن إذا ترضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الاخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون(232) ]

واذكروا نعمت الله عليكم: التي من جملتها نبوة محمد وولاية علي والائمة من بعده بالشكر والقيام بحقوقها.

وما أنزل عليكم من الكتب والحكمة: القرآن والسنة، أفردهما بالذكر، إظهارا لشرفهما.

يعظكم به: بما أنزل عليكم.

واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شئ عليم: تأكيد وتهديد.

وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن: إنقضت عدتهن.

فلا تعضلوهن أن ينكحن أزوجهن: العضل: الحبس والتضييق.

إذا ترضوا بينهم: ظرف لان ينكحهن، أو لا تعضلوهن.

بالمعروف: بما يعرفه الشرع، حال عن الضمير المرفوع، أو صفة مصدر محذوف، أي تراضيا كائنا بالمعروف.

ذلك: إشارة إلى ما مضى ذكره، والخطاب للجميع على تأويل القبيل، أو كل واحد، أو للنبي صلى الله عليه وآله.

يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الاخر: لانه المنتفع به.

ذلكم: أي العمل بمقتضى ما ذكر. أزكى لكم: أنفع. وأطهر: من دنس الآثام.

[552]

[ والولدت يرضعن أولدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار ولدة بولدها - ولا مولود له - بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولدكم فلا جناح - عليكم إذا سلمتم ماء_اتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير(233) ]

والله يعلم: ما فيه من النفع.

وأنتم لا تعلمون: ما فيه، أو لستم من أهل العلم.

والولدت يرضعن أولدهن: قال البيضاوي: أمر عبر عنه بالخبر للمبالغة، و معناه الندب أو الوجوب، فيخص بما إذا لم يرتضع الصبي إلا من امه، أو لم يجد له ظئرا، أو عجز الوالد عن الاستيجار(1) والوالدت تعم المطلقات وغيرهن.

وليس للوالد أن يأخذهم ويجعل غيرهن مرضعة إذا تبرعن أو رضين بما رضي به غيرهن.

حولين كاملين: أكده بصيغة الكمال، لانه مما يتسامح فيه.

لمن أراد أن يتم الرضاعة: بيان لمن يتوجه إليه الحكم، أي ذلك لمن أراد إتمام الرضاعة، أو متعلق ب_(يرضعن) فإن الاب يجب عليه الارضاع والام ترضع.

وفيه دلالة على أن مدة الارضاع حولان، ولا عبرة به بعدهما، وأنه يجوز أن ينقص عنه.

___________________________________

(1) تفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 123. (*)

[553]

وعلى المولود له: أي الوالد، فإن الولد يولد له.

وتغيير العبارة للاشارة إلى المعنى المقتضي للارضاع ومؤن المرضعة.

رزقهن وكسوتهن: أجرة لهن.

بالمعروف: حسب ما يراه أهل الشرع.

لا تكلف نفس إلا وسعها: تعليل لايجاب المؤن.

لا تضار ولدة بولدها ولا مولود له بولده: أي لا يضار كل واحد منهما الآخر بسبب الولد، بأن يكلفه ما ليس في وسعه، أو يترك مجامعته بسبب الولد.

في الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، والحسين بن سعيد جميعا، عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل " لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده " فقال: كانت المراضع مما يدفع إحداهن الرجل إذا أراد الجماع تقول: لا أدعك، إني اخاف أحبل فاقتل ولدي هذا الذي ارضعه، وكان الرجل تدعوه المرأة فيقول أخاف أن اجامعك فأقتل ولدي فيدعها ولا يجامعها، فنهى الله عزوجل عن ذلك بأن يضار الرجل المرأة والمرأة الرجل(1).

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام نحوه(2).

وفي مجمع البيان: " لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده " قيل: معناه لا تضار والدة الزوج بولدها ولو قيل في ولدها لجاز في المعنى.

وروي عن السيدين الباقر والصادق عليهما السلام " لا تضار والدة " بان يترك جماعها خوف الحمل لاجل ولدها المرتضع " ولا مولود له بولده " أي لا تمنع نفسها من الاب خوف الحمل فيضر ذلك بالاب(3).

___________________________________

(1) الكافي: ج 6، ص 41، كتاب العقيقة، باب الرضاع ح 6.

(2) الكافي: ج 6، ص 41، كتاب العقيقة، باب الرضاع ذيل الحديث 6.

(3) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 335، في تفسيره لآية 232 من سورة البقرة. (*)

[554]

وفي الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا طلق الرجل المرأة وهي حبلى أنفق عليها حتى تضع حملها، وإذا وضعته أعطاها أجرها ولا يضارها إلا أن يجد من هو أرخص أجرا منها، فإن هي رضيت بذلك الاجر فهي أحق بابنها حتى تفطمه(1).

علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الحبلى المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها، وهي أحق بولدها أن ترضعه بما تقبله إمرأة اخرى، إن الله عزوجل يقول " لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك " قال: كانت المرأة منا ترفع يدها إلى زوجها إذا أراد مجامعتها، فتقول: لا أدعك إني أخاف أن أحمل على ولدي، ويقول الرجل: لا اجامعك أخاف أن تعلقي فأقتل ولدي فنهى الله عزوجل أن تضار المرأة الرجل، أو يضار الرجل المرأة أما قوله: " وعلى الوارث مثل ذلك " فإنه نهى أن يضار بالصبي، أو تضار امه في رضاعه، وليس لها أن يأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين، وإن أراد فصالا عن تراض منهما قبل ذلك كان حسنا، والفصال هو الفطام(2).

وعلى الوارث مثل ذلك: عطف على قوله " وعلى المولود رزقهن وكسوتهن " وما بينهما معترض، والمراد بالوارث الباقي من أبويه.

قال في مجمع البيان: وهو الصحيح عندنا، وقد روي أيضا في أخبارنا: على الوارث كائنا من كان النفقة، وهذا يوافق الظاهر(3).

وفي تفسير علي بن إبراهيم، قوله: " وعلى الوارث مثل ذلك " قال: لا تضار المرأة التي لها ولد وقد توفى زوجها فلا يحل للوارث أن يضار أم الولد في النفقة فيضيق عليها(4).

___________________________________

(1) الكافي: ج 6، ص 103، كتاب الطلاق، باب نفقة الحبلى المطلقة ح 2.

(2) الكافي: ج 6، ص 103، كتاب الطلاق، باب نفقة الحبلى المطلقة الحديث 3.

(3) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 335، في تفسيره لآية 232، من سورة البقرة.

(4) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 77. (*)

[555]

وفي تفسير العياشي، عن العلا، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن قوله " وعلى الوارث مثل ذلك " قال: هو في النفقة، على الوارث مثل ما على الوالد(1).

وقيل: المراد بالوارث: وارث الاب وهو الصبي، أي مؤن المرضعة من ماله إذا مات الاب.

والاحسن أن يقال: المراد بالوارث الباقي من أبويه، وعليه مثل ذلك، أي عدم المضارة بأنه إن كان للمولود له مال عنده لا يقتر عليه ولا يمنع الولد من أن يأتي امها، وإن لم يكن له مال وكان ممن يجب نفقته عليه أنفق عليه وغير ذلك، والاخبار التي أستدل بها الشيخ الطبرسي كلها يحمل على ذلك.

يدل على هذا الحمل ما رواه أبوالصباح قال: سئل أبو عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل " وعلى الوارث مثل ذلك " قال: ليس للوارث أن يضار المرأة فيقول لا أدع ولدها يأتيها ويضار ولدها إن كان لهم عنده شئ ولا ينبغي له أن يقتر عليه(2).

وفي من لا يحضره الفقيه: وقضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل توفي وترك صبيا واسترضع له، أن أجر رضاع الصبي مما يرث من أبيه وامه(3).

فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور: وتشاور أي فصالا صادرا عن التراضي منهما والتشاور قبل الحولين. والتشاور والمشاورة والمشورة، إستخراج الرأي، من شرت العمل إذا استخرجته.

فلا جناح عليهما: في ذلك، واعتبار التراضي لمصلحة الطفل.

وإن أردتم أن تسترضعوا أولدكم: أي تسترضعوا المراضع أولادكم، من استرضعها إياه، فحذف المفعول الاول للقرينة.

___________________________________

(1 و 2) تفسير العياشي: ج 1، ص 121، ح 383 وح 384.

(3) الفقيه: ج 3، ص 309، باب 146، الرضاع، ح 25. (*)

[556]

فلا جناح عليكم: فيه، وفي نفي الجناح إشعار بأن لبن امه اولى.

وفي كتاب عيون الاخبار: بإسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليس للصبى لبن خير من لبن امه(1). إذا سلمتم: إلى المراضع.

ماء_اتيتم: أي أردتم إيتائه كقوله: " إذا قمتم إلى الصلاة "(2) وقرأ ابن كثير ما أتيتم، من أتى إليه إحسانا إذا فعله، وقرئ اوتيتم، أي ما آتاكم الله(3).

بالمعروف: صلة (سلمتم) أي بالوجه المتعارف المستحسن شرعا، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، أي فلا جناح عليه، أو الشرط في موضع الحال، فلا يحتاج إلى الجواب.

واتقوا الله: مبالغة في أمر الاطفال والمراضع، ومن جملة التقوى في أمر الاطفال إختيار المراضع الجياد لاولادكم فإن اللبن يعدي.

وفي كتاب عيون الاخبار بإسناده إلى الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تسترضعوا الحمقاء ولا العمشاء فان اللبن يعدي(4) وفي كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين أصحابه: وتوقوا أولادكم من لبن البغي من النساء والمجنون فإن اللبن يعدي(5).

واعلموا أن الله بما تعملون بصير: حث وتهديد. وفي إيراد البصير مكان العليم زيادة مبالغة.

___________________________________

(1) عيون اخبار الرضا: ج 2، ص 34، باب 31، فيما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة ح 69.

(2) سورة المائدة: الآية 8.

(3) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 124.

(4) عيون أخبار الرضا: ج 2، ص 34، باب 31، فيما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة، ح 67.

(5) لم نعثر عليه. (*)

[557]

[ والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير(234) ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النسآء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم(235) ]

والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا: أي أزواج الذين، أو يتربصن بعدهم الازواج المتروكة.

وقرئ يتوفون بفتح الياء، أي يتوفون آجالهم، وتأنيث العشر باعتبار الليالي، لانها غرر الشهور والايام.

ولعل المقتضي لهذا التقدير: أن الجنين في غالب الامر يتحرك لثلاثة أشهر إن كان ذكرا، ولاربعة أشهر إن كان انثى، فاعتبر أقصى الاجلين وزيد عليه العشر إستظهارا، إذ ربما يضعف حركة في المبادي فلا يحسن بها.

وفي تفسير العياشي: عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما نزلت هذه الآية " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بانفسهن أربعة أشهر وعشرا " جئن النساء يخاصمن رسول الله صلى الله عليه وآله، وقلن: لا نصبر، فقال لهن رسول الله صلى الله عليه وآله: كانت إحداكن إذا مات زوجها

[558]

أخذت بعرة فالقتها خلفها في دويرها في خدرها ثم قعدت، فإذا كان مثل ذلك اليوم من الحول أخذتها ففتتها ثم اكتحلت بها ثم تزوجت، فوضع الله عنكن ثمانية أشهر(1).

وفي الكافي حميد، عن ابن سماعة، عن محمد بن أبي حمزة، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم قال: جاء_ت امرأة إلى أبي عبدالله عليه السلام تسفتيه في المبيت في غير بيتها وقد مات زوجها، فقال: إن أهل الجاهلية كان إذا مات زوج المرأة أحدت عليه امرأته اثنى عشر شهرا، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله رحم ضعفهن فجعل عدتهن أربعة أشهر وعشرا، وانتن لا تصبرن على هذا(2).

وعموم اللفظ يقتضي تساوي الحرة والامة، زوجة كانت أو ملك يمين والمسلمة والكتابية والدائمة والمتعة والحائل والحامل إن وضع الحمل قبل المدة.

وفي تهذيب الاحكام: أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام ما عدة المتعة إذا مات عنها الذي يتمتع بها؟ قال: أربعة أشهر وعشرا، قال: ثم قال: يا زرارة كل النكاح إذا مات الزوج فعلى المرأة حرة كانت أو أمة، أو على أي وجه كان النكاح منه متعة أو تزويجا أو ملك يمين فالعدة أربعة أشهر وعشرا(3).

فإذا بلغن أجلهن: انقضت عدتهن.

فلا جناح عليكم: أيها الامة والمسلمون.

فيما فعلن في أنفسهن: من التعرض للخطاب وساير ما حرم عليهن للعدة.

بالمعروف: بالوجه الذي يعرفه الشرع، وإن فعلن ما ينكره الشرع فعليهم أن يكفوهن.

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1، ص 121، ح 386.

(2) الكافي: ج 6، ص 117، كتاب الطلاق، باب المتوفى عنها زوجها المدخول بها أين تعتدو ما يجب عليها ح 10.

(3) الوسائل: ج 15، ص 484 كتاب الطلاق، الباب 52، من أبواب العدد، قطعة من حديث 2. (*)

[559]

والله بما تعملون خبير: فيجازيكم عليه، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء: التعريض ايهام المقصود بما لم يوضع له حقيقة ولا مجاز، كقول السائل: جئتك لاسلم عليك، و (الخطبة) بالكسر والضم، اسم غير أن المضمومة خصت بالموعظة، والمكسورة بطلب المرأة، والمراد ب_" النساء " المعتدات للوفاة، وتعريض خطبتها أن يقول لها: إنك جميلة، أو نافقة(1) أو لا تحدثي حدثا، أو نحو ذلك.

أو أكننتم في أنفسكم: أي اضمرتم في أنفسكم ولم تذكروه تصريحا و تعريضا.

علم الله أنكم ستذكرونهن: ولا تصبرون على السكوت.

ولكن لا تواعدوهن سرا: إستدراك عن محذوف، أي فاذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا، أي نكاحا أو جماعا، عبر بالسر عن الوطي، لانه يسر، ثم من العقد لانه سبب فيه.

وقيل: معناه لا تواعدوهن في السر بما يستهجن.

إلا أن تقولوا قولا معروفا: وهو التعريض بالخطبة، والمستثنى منه محذوف، أي لا تواعدوهن مواعدة إلا مواعدة معروفة، أو إلا مواعدة بقول معروف.

وقيل: أنه إستثناء منقطع من " سرا "، وفيه أنه يؤدي إلى قولك لا تواعدوهن إلا التعريض وهو غير موعود.

وفي الآية دلالة على حرمة تصريح خطبة المعتدة وجواز تعريضها إن كانت معتدة وفاة.

ولا تعزموا عقدة النكاح: قيل: ذكر العزم مبالغة في النهي عن العقد.

وقيل: معناه لا تقطعوا عقدة النكاح، فان أصل العزم القطع.

ويحتمل: أن يكون المراد: لا تقصدوا عقد النكاح قبل انقضاء العدة فإن قصد الحرام حرام، ويكون قوله: حتى يبلغ الكتب أجله: متعلق بالنكاح لا بالعزم، يعني حتى ينتهي ما

___________________________________

(1) نفقت السلعة والمرأة نفاقا: كثر طلابها وخطابها. المصباح المنير، ص 850. (*)

[560]

كتب من العدة.

واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم: من العزم على ما لا يجوز وما يجوز.

فاحذروه: ولا تعزمو على ما لا يجوز.

واعلموا أن الله غفور: لمن تاب.

حليم: لا يعاجلكم بالعقوبة لعلكم تتوبون.

وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل: " ولكن لا تواعدوهن سرا، إلا أن تقولوا قولا معروفا " قال: هو الرجل يقول للمرأة قبل أن تنقضي عدتها أواعدك بيت آل فلان ليعرض لها بالخطبة، ويعني بقوله " إلا أن تقولوا قولا معروفا " التعريض بالخطبة، ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله(1).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن أبي نصر، عن عبدالله بن سنان قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله " قال: السر أن يقول الرجل: موعدك بيت آل فلان، ثم يطلب إليها أن لا تسبقه بنفسه إذا انقضت عدتها قلت: قوله: " إلا أن تقولوا قولا معروفا " قال: هو طلب الحلال من غير أن يعزم عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله(2).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عزوجل " ولكن لا تواعدوهن سرا "

___________________________________

(1) الكافي: ج 5، ص 434، كتاب النكاح، باب في قول الله عزوجل " ولكن لا تواعدوهن سرا " ح 1.

(2) الكافي: ج 5، ص 434، كتاب النكاح، باب في قول الله عزوجل: " ولكن لا تواعدوهن سرا " ح 2. (*)

[561]

قال: يقول الرجل: أواعدك بيت آل فلان، يعرض لها بالرفث ويرفث، يقول الله عزوجل " إلا أن تقولوا قولا معروفا " والقول المعروف التعريض بالخطبة على وجهها وحلها، " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله "(1).

حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن غير واحد، عن أبان، عن عبدالرحمن، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " إلا أن تقولوا قولا معروفا " قال: يلقاها، فيقول: إني فيك لراغب، وإني للنساء لمكرم فلا تسبقيني بنفسك، والسر لا يخلو معها حيث وعدها(2).

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ولا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا " قال: المرأة في عدتها تقول لها قولا جميلا ترغبها في نفسك ولا تقول: إني أصنع كذا وأصنع كذا، القبيح من الامر في البضع، وكل أمر قبيح(3).

عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله " إلا أن تقولوا قولا معروفا " قال: يقول الرجل للمرأة وهي في عدتها: يا هذه ما احب إلا ما أسرك، ولو قد مضى عدتك لا تفوتني إن شاء الله فلا تسبقيني بنفسك، وهذا كله من غير أن يعزموا عقدة النكاح(4).

* * *

___________________________________

(1) الكافي: ج 5، ص 435، كتاب النكاح، باب في قول الله عزوجل: " ولكن لا تواعدوهن سرا " ح 3.

(2) الكافي: ج 5، ص 435، كتاب النكاح، باب في قول الله عزوجل: " ولكن لا تواعدوهن سرا " ح 4.

(3) تفسير العياشي: ج 1، ص 123، ح 394.

(4) تفسير العياشي: ج 1، ص 123، ح 395. (*)

[562]

[ لا جناح عليكم إن طلقتم النساء مالم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متعا بالمعروف حقا على المحسنين(236) ]

لا جناح عليكم: لا تبعة من مهر ووزر.

إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن: أي تجامعوهن.

أو تفرضوا لهن فريضة: أي قبل تحقق أحد الامرين، المجامعة وتعيين الفريضة، أي المهر وهي فعيلة بمعنى المفعول، والفرض التقدير، نصب على المفعول، فإنه على تقدير تحقق الاول، إما يجب المسمى أو مهر المثل.

وعلى تقدير تحقق الثاني يجب المسمى أو نصفه، فعدم شئ إنما هو على تقدير عدم تحقق أحدهما.

ومتعوهن: عطف على مقدر، أي فطلقوهن ومتعوهن. والحكمة في إيجاب المتعة جبر إيحاش الطلاق.

على الموسع قدره وعلى المقتر قدره: أي على كل من الذي له سعة، والمقتر الضيق الحال ما يطيقه ويليق به.

عن ابن بكير قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قوله: " ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره " وما قدر الموسع والمقتر؟ قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يمتع براحلته، يعني حملها الذي عليها(1).

عن محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يريد أن يطلق إمرأته قال: يمتعها قبل أن يطلقها قال الله في كتابه " ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره "(2).

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1، ص 124، ح 400.

(2) تفسير العياشي: ج 1، ص 124، ح 401. (*)

[563]

وفي الكافي: أحمد بن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عزوجل: " وكان بين ذلك قواما " قال: القوام هو المعروف، على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، على قدر عياله ومؤنتهم التي هي صلاح لهم، " ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتيها "(1).

وفي من لا يحضره الفقيه: روى محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا طلق الرجل إمرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف مهرها، وإن لم يكن سمى لها مهرا فمتاع بالمعروف على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ولها أن تتزوج من شاء_ت من ساعتها(2).

وفي رواية البزنطي: أن متعة المطلقة فريضة(3).

وروي أن الغني يتمتع بدار أو خادم، والوسط يتمتع بثوب، والفقير بدرهم أو خاتم(4).

ورى: أن أدناه الخمار ونحوه(5).

وفي مجمع البيان: على الموسع قدره، والمتعة خادم، أو كسوة، أو ورق، وهو المروي عن الباقر والصادق عليهما السلام.

ثم اختلف في ذلك: فقيل: إنما يجب المتعة التي لم يسم لها صداق، خاصة، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام، وقيل: المتعة لكل مطلقة سوى المطلقة المفروض لها إذا طلقت قبل الدخول فانما لها نصف الصداق ولا متعة لها رواه أصحابنا أيضا، وذلك محمول على الاستحباب(6).

___________________________________

(1) الكافي: ج 4، ص 56، كتاب الزكاة، باب كراهية السرف والتقتير، ح 8.

(2) الفقيه: ج 3، ص 326، باب 159، طلاق التي لم يدخل بها وحكم المتوفى عنها زوجها قبل الدخول وبعده، ح 1.

(3) الفقيه: ج 3، ص 327، باب 159، طلاق التي لم يدخل بها وحكم المتوفى عنها زوجها قبل الدخول وبعده، ح 3.

(4 و 5) الفقيه: ج 3، ص 327، باب 159، طلاق التي لم يدخل بها وحكم المتوفى عنها زوجها قبل الدخول وبعده، ح 4 وح 5.

(6) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 340، في بيان معنى الآية 236، من سورة البقرة. (*)

[564]

[ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذى بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير(237) ]

وفي الكافي: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن عبدالكريم، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لاتمتع المختلعة(1).

علي بن إبراهيم عن ابن ابي عمير، عن حماد، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لا تمتع(2).

متعا: أى تمتيعا.

بالمعروف: بالوجه الذي يستحسنه الشرع كما سبق في الاخبار.

حقا: صفة لمتاعا، أو مصدر مؤكد، أي حق حقا.

على المحسنين: الذين يحسنون إلى أنفسهم بالمسارعة إلى الامتثال وبالتقوى، والاجتناب عما يسخط الرب، أو إلى المطلقات بالتمتيع، وسماهم محسنين للمشارفة ترغيبا وتحريصا.

وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن ابي عمير، عن حفص بن البخترى، عن أبي عبدالله عليه السلام في الرجل يطلق إمرأته، أيمتعها؟ قال: نعم، أما يحب أن يكون من المحسنين، أما يحب أن يكون من المتقين(3). وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف

___________________________________

(1) الكافي: ج 6، ص 144، كتاب الطلاق، باب عدة المختلعة والمباراة ونفقتهما وسكناهما، ح 2.

(2) الكافي: ج 6، ص 144، كتاب الطلاق، باب عدة المختلعة والمباراة ونفقتهما وسكناهما، ح 3.

(3) الكافي: ج 6، ص 104، كتاب الطلاق، باب متعة المطلقة، ح 1. (*)

[565]

ما فرضتم: أي فلهن نصف ما فرضتم لهن، أو فالواجب.

إلا أن يعفون: أي المطلقات فلا يأخذن شيئا.

أو يعفوا الذى بيده عقدة النكاح: في مجمع البيان: قيل: هو الولي، وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبدالله عليهما السلام، وقيل: الزوج ورواه أصحابنا غير أن الاول أظهر وعليه المذهب انتهى(1).

وعن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله: " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " قال: هو الاخ والاب والرجل يوصى إليه والذي يجوز أمره في ماله يتيمه قلت له: أرأيت إن قالت: لا اجيز ما يصنع، قال: ليس لها ذلك، أتجيز بيعه في مالها ولا تجيز هذا(2).

وعن إسحاق بن عمار، قال: سألت جعفر بن محمد عليهما السلام عن قول الله " إلا أن يعفون " قال: المرأة تعفو عن نصف الصداق، قلت: " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " قال: أبوها إذا عفى جاز له، وأخوها إذا كان يقيم بها وهو القائم عليها فهو بمنزلة الاب، يجوز له، وإذا كان الاخ لا يهتم ولا يقيم بها لم يجز عليها أمره(3).

وعن رفاعة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " الذي بيده عقدة النكاح " وهو الولي الذي أنكح يأخذ بعضا ويدع بعضا، وليس له أن يدع كله(4).

وفي تهذيب الاحكام: روى ابن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: ومتى طلقها قبل الدخول بها، فلابيها أن يعفو عن بعض الصداق ويأخذ بعضا، وليس له أن يدع كله، وذلك قول الله عزوجل " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " يعني الاب، والذي توكله المرأة في تولية

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 341، في بيان معنى الآية 237، من سورة البقرة.

(2) تفسير العياشي: ج 1، ص 125، ح 408، وفيه (بقيمة) بدل (يتيمه).

(3) تفسير العياشي: ج 1، ص 126، ح 410.

(4) تفسير العياشي: ج 1، ص 125، ح 407. (*)

[566]

أمرها من أخ وقرابة أو غيرهما(1) والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي الكافي: وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة جميعا، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " قال: هو الاب أو الاخ أو الرجل الذي يوصى إليه، والذي يجوز أمره في مال المرأة فيبتاع لها فتجيز فإذا عفى فقد جاز(2).

ومما يدل على أن المراد من الذي بيده عقدة النكاح، الزوج: ما رواه في من لا يحضره الفقيه: عن الحسن بن محبوب، عن حماد الناب، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن رجل تزوج إمرأة على بستان له معروف، وله غلة كثيرة، ثم مكث سنين لم يدخل بها، ثم طلقها، قال: ينظر إلى ما صار إليه من غلة البستان من يوم تزوجها فيعطها نصفه ويعطيها نصف البستان إلا أن تعفو فيقبل منه ويصطلحا على شئ ترضى به منه، فهو أقرب للتقوى(3).

ويمكن حمل عبارة الآية على إرادة كلا المعنيين، فإن الزوج والولي كليهما بيدهما عقدة النكاح، للجمع بين الاخبار، فالمراد بعفو الزوج العفو عن استرداد النصف، و بعفو الولي، العفو عن بعض ما تستحقه المرأة من النصف.

وأن تعفوا أقرب للتقوى: أي عفوكم عن الاسترداد أقرب إلى التقوى.

وفي الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن نجية العطار قال: سافرت مع أبي جعفر (عليه السلام) إلى مكة فأمر غلامه بشئ فخالفه إلى غيره، فقال أبوجعفر عليه السلام والله لاضربنك يا غلام، قال: فلم أره ضربه، فقلت: جعلت فداك، إنك حلفت لتضربن غلامك

___________________________________

(1) التهذيب: ج 6، ص 215، باب 86، الوكالات، قطعة من حديث 6.

(2) الكافي: ج 6، ص 106، كتاب الطلاق، باب ما للمطلقة التي لم يدخل بها من الصداق، ح 2.

(3) الفقيه: ج 3، ص 272، باب 124، ما أحل الله عزوجل من النكاح وما حرم منه: ح 77. (*)

[567]

فلم أرك ضربته؟ قال: أليس الله عزوجل يقول: " وإن تعفوا أقرب للتقوى "(1).

ولا تنسوا الفضل بينكم: أي لا تتركوا أن يتفضل بعضكم على بعض.

إن الله بما تعملون بصير: لا يضيع تفضلكم.

وفي الكافى: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: يأتي على الناس زمان عضوض، يعض كل إمرء على ما في يديه وينسى الفضل، وقد قال الله عزوجل " ولا تنسوا الفضل بينكم " ينبري في ذلك الزمان قوم يعاملون المضطر هم شرار الخلق(2).

وفي نهج البلاغة: قال عليه السلام: يأتي على الناس زمان عضوض، يعض الموسر فيه على ما في يديه ولم يؤمر بذلك، قال الله سبحانه " ولا تنسوا الفضل بينكم " تنهد فيه الاشرار وتستذل الاخيار، ويباع المضطرون، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن بيع المضطرين(3).

وفي عيون الاخبار: في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة، وبإسناده عن الحسين بن على عليهما السلام أنه قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام فقال: سيأتي على الناس زمان عضوض، يعض المؤمن على ما في يده ولم يؤمن بذلك، قال الله تعالى: " ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير "(4).

وفي تفسير العياشي: عن بعض بني عطية، عن أبي عبدالله عليه السلام في مال اليتيم يعمل به الرجل، قال: يقبله من الربح شيئا، إن الله يقول: " ولا تنسوا الفضل بينكم "(5).

___________________________________

(1) الكافي: ج 7، ص 460، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب النوادر، ح 4.

(2) الكافي: ج 5، ص 310، كتاب المعيشة، باب النوادر، ح 28.

(3) نهج البلاغة: ص 557، باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام تحت رقم 468.

(4) عيون أخبار الرضا: ج 2، ص 45، باب 31 فيما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة، ح 168.

(5) تفسير العياشي: ج 1، ص 126، ح 413، وفيه (ينيله) بدل (يقبله). (*)

[568]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336330

  • التاريخ : 28/03/2024 - 21:41

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net