00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (248 - 258) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الأول )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية 248 - 258

[ وقال لهم نبيهم إن_ء_اية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك_ء_ال موسى وء_ال هرون تحمله الملئكة إن في ذلك لاية لكم إن كنتم مؤمنين(248) ]

عن أبي جعفر عليه السلام أنه اشموئيل(1) ويمكن الجمع بينهما بأنهما واحد والاختلاف من النقلة. أو من اختلاف التسمية بأن عبر عنه بإسمين عند أهل زمانه.

وقوله في آخر الخبر " البقية ذرية الانبياء " معناه أن البقية مما تركه ذرية الانبياء، كما يشرح في خبر آخر سيجئ.

وقال لهم نبيهم إن_ء_اية ملكه أن يأتيكم التابوت: الصندوق فعلوت، من التوب، فإنه لا يزال يرجع إليه ما يخرج منه وفي تفسير العياشي عن العباس بن هلال، قال: سأل علي بن أسباط الرضا عليه السلام فقال: أي شئ التابوت الذي كان في بني إسرائيل؟ قال: كان فيه ألواح موسى التي تكسرت، والطشت التى يغسل فيها قلوب الانبياء(2) وفي كتاب معاني الاخبار: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن ابراهيم بن هاشم، عن اسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبدالرحمن، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته ما كان تابوت موسى؟ و كم كان سعته؟ قال: ثلاثة أذرع في ذراعين، قلت: ما كان فيه؟ قال: عصا موسى والسكينة، قلت: وما السكينة؟ قال: روح الله يتكلم، كانوا إذا اختلفوا

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 350.

(2) تفسير العياشي: ج 1، ص 133، ح 442. (*)

[589]

في شئ كلمهم وأخبرهم ببيان ما يريدون(1) ولا ينافيه ما يأتي: من أنه ريح، لاحتمال أن يكون الريح والروح واحدا.

وفي اصول الكافي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: إنما مثل السلاح فينا، مثل التابوت في بني اسرائيل، كانت بنو اسرائيل اي اهل بيت وجد التابوت على بابهم اوتوا النبوة، فمن صار إليه السلاح منا، اوتى الامامة(2) وبهذا المعنى من الاخبار كثيرة(3) فيه سكينة من ربكم: قيل: أي في إيتاء التابوت، أو في التابوت ما تسكنون إليه، وهو التوراة.

وكان موسى إذا قاتل قدمه فتسكن نفوس بني إسرائيل ولا يفرون، وقيل: صورة كانت فيه من زبرجد أو ياقوت لها رأس وذنب كرأس الهرة وذنبها و جناحان، فتأن، فيزف التابوت نحو العدو وهم يتبعونه فاذا استقر ثبتوا وسكنوا و نزل النصر(4).

قال في مجمع البيان: روي ذلك في أخبارنا(5).

وقيل: صور الانبياء من آدم إلى محمد صلى الله عليه وآله.

وقيل: التابوت هو القلب، والسكينة لما فيه من العلم والاخلاص، وإتيانه تصيير قلبه مقر العلم والوقار بعد أن لم يكن(6) والصحيح ما ذكر في الخبر السالف، من أنه ريح طيبة يخرج من التابوت له

___________________________________

(1) معاني الاخبار: ص 284، باب معنى السكينة، ح 2.

(2) الكافي: ج 1، ص 238، كتاب الحجة، باب إن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني سرائيل،

ح1 .

(3) الكافي: ج 1، ص 238، كتاب الحجة، باب إن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني اسرائيل، ح(2 - 3 - 4) .

(4) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 130 في تفسيره لقوله تعالى (فيه سكينة من ربكم).

(5) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 353 في بيان المعنى لاية(248) سورة البقرة.

(6) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 130، في تفسيره لقوله تعالى (فيه سكينة من ربكم). (*)

[590]

وجه كوجه الانسان.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن الحسن بن خالد، عن الرضا عليه السلام أنه قال: السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الانسان(1) وبقية مما ترك_ء_ال موسى وء_ال هرون: أي ذرية الانبياء، وهما موسى وهارون، والآل مقحم لتفخيم شأنهما، أو أنبياء بني إسرائيل، لانهم أبنائهما.

في تفسير العياشي: عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: " يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " فقال: رضاض(2) الالواح فيها العلم والحكمة، العلم جاء من السماء فكتب في الالواح وجعل في التابوت(3) تحمله الملئكة: قيل: رفعه الله بعد موسى، فنزلت به الملائكة وهم ينظرون إليه وقيل: كان بعده مع أنبيائهم يستفتحون به حتى أفسدوا فغلبهم الكفار عليه و كان في أرض جالوت إلى أن ملك الله طالوت فأصابهم ببلاء حتى هلكت خمس مدائن فتشاء_موا بالتابوت، فوضعوه على ثورين فساقهما الملائكة إلى طالوت(4) وفي كتاب المناقب لابن شهر اشوب: وفي حديث جابر بن يزيد الجعفي أنه لما شكت الشيعة إلى زين العابدين عليه السلام مما يلقونه من بني امية دعا الباقر عليه السلام وأمر أن يأخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل إلى النبي عليه السلام و يحركه تحريكا خفيفا، قال: فمضى إلى المسجد فصلى فيه ركعتين ثم وضع خده على الثرى وتكلم بكلمات ثم رفع رأسه فأخرج من كمه خيطا دقيقا يفوح منه رائحة المسك وأعطاني طرفا منه، فمشيت رويدا فقال: قف يا جابر فحرك الخيط تحريكا لينا خفيفا، ثم قال: اخرج فانظر ما حال الناس، فخرجت من المسجد فإذا صياح وصراخ وولولة من كل ناحية وإذا زلزلة شديدة وهدة ورجفة، قد أخربت عامة

___________________________________

(1) تفسير علي بن ابراهيم: ج 1، ص 82، في تفسيره لاية(248) من سورة البقرة.

(2) الرضاض: الفتات مما رض: لسان العرب: ج 7، ص 154، لغة (رضض).

(3) تفسير العياشي: ج 1، ص 133، ح 440.

(4) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 254، في تفسيره لقوله تعالى: " تحمله الملائكة ". (*)

[591]

[ فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين ء_امنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصبرين(249) ]

دور المدينة وهلك تحتها أكثر من ثلاثين ألف إنسان إلى قوله: سألته عن الخيط؟ قال: هذا من البقية قلت: وما البقية يابن رسول الله؟ قال: يا جابر بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة ويضعه جبرئيل لدينا(1).

إن في ذلك لاية لكم إن كنتم مؤمنين: يحتمل أن يكون من تمام كلام النبي، وأن يكون إبتداء خطاب من الله.

فلما فصل طالوت بالجنود: إنفصل بهم عن بلده لقتال العمالقة وأصله فصل نفسه عنه، ولكن لما كثر حذف مفعوله صار كاللازم قيل: إنه قال لهم: لا يخرج معي إلا الشاب النشيط الفارغ، فاجتمع إليه ممن اختاره ثمانون ألفا(2).

والاظهر أنه إجتمع إليه ستون ألفا وثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، لما سيأتي من

___________________________________

(1) المناقب لابن شهر اشوب: ص 184، باب أمانة أبي جعفر الباقر عليه السلام.

(2) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 130، في تفسيره لقوله تعالى " فلما فصل طالوت بالجنود ". (*)

[592]

أن من شرب ستون ألفا، ومن لم يشرب ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، وكان الوقت قيظا فسلكوا مفازة وسألوا ان يجري الله لهم نهرا.

قال: أي نبيهم إن الله مبتليكم بنهر: يعاملكم معاملة المختبر بما اقترحوه فمن شرب منه فليس منى: فليس من أشياعي، أو بمتحد معي ومن لم يطعمه فإنه منى: أي من لم يذقه، من طعم الشئ إذا ذاقه مأكولا أو مشروبا.

إلا من اغترف غرفة بيده: استثناء من قوله " فمن شرب " وقدم عليه الجملة الثانية، للعناية بها، والمعنى الرخصة في القليل دون الكثير، وقرئ بفتح الغين فشربوا منه إلا قليلا منهم: أي فكرعوا فيه، إذ الاصل في الشرب منه أن لا يكون بوسط. أو أفرطوا في الشرب إلا قليلا منهم.

وقرئ بالرفع حملا على المعنى، أي لم يطيعوه.

وروي أن الذين شربوا منه كانوا ستين ألفا(1) وروي عن ابى عبدالله عليه السلام أنه قال: القليل الذي لم يشربوا ولم يغترفوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا(2) فلما جاوزه هو: أي طالوت النهر، إلى جنود جالوت.

والذين ء_امنوا معه: أي القليل الذين لم يخالفوه.

قالوا: أي الذين شربوا منه.

لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده: لكثرتهم وقوتهم، هذا إعتذار منهم في التخلف وتحذير للقليل.

قال الذين يظنون أنهم ملقوا الله: أي الخلص منهم الذين تيقنوا لقاء الله وثوابه بالموت وسماه ظنا، لشبه اليقين بالموت بالظن والشك، كما ورد في الخبر أنه ما من

___________________________________

(1 و 2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 83، في تفسيره لقوله تعالى: " فشربوا منه إلا قليلا ". (*)

[593]

[ ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكفرين(250) ]

يقين لا شك فيه، أشبه بشك لا يقين فيه من الموت(1). وهم القليل الذين لم يشربوا.

كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله: بتيسيره و توفيقه، و " كم " يحتمل الخبر والاستفهام.

و " من " مبينة أو مزيدة، و " الفئة " الفرقة من الناس، من فاوت رأسه، اي شققته. أو من فاء إذا رجع، فوزنها فعة، أو فلة. ولا ينافي إطلاق الفئة هنا على أقل من عشرة الآف.

ما رواه العياشي عن حماد بن عثمان قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: لا يخرج القائم عليه السلام في أقل من الفئة، ولا يكون الفئة أقل من عشرة آلاف(2) من وجهين: الاول: أن الاطلاق على الاقل هنا للفئة الموصوفة بالقلة، لا الفئة المطلق، و في الخبر مطلقة.

والثاني: أن المراد بالفئة في الخبر المعهودة المذكورة سابقا بأنها يكون مع القائم عليه السلام، لا مطلق الفئة.

والله مع الصبرين: بالنصر والاثابة ولما برزوا لجالوت وجنوده: أي ظهروا لهم ودنوا منهم قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم

___________________________________

(1) لم نعثر عليه.

(2) تفسير العياشى: ج 1، ص 134، ح 444. (*)

[594]

[ فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وء_اتيه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العلمين(251) تلك ء_ايت الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين(252) ]

الكفرين: سألوا أولا، إفراغ الصبر في قلوبهم، وهو الذي ملاك الامر وثانيا: ثبات القدم في مداحض الحرب المسبب عنه. وثالثا: النصر على العدو المترتب عليهما.

فهزموهم بإذن الله: فكسروهم بنصره، أو مصاحبين لنصره إياهم، إجابة لدعائهم.

روي في تفسير علي بن إبراهيم عن الرضا عليه السلام: لما تأذى بنو إسرائيل من جالوت، أوحى الله إلى نبيهم أن جالوت يقتله من يستوي عليه درع موسى عليه السلام، وهو رجل من ولد لاوي بن يعقوب عليه السلام، اسمه داود بن آسي، و كان آسي راعيا، وكان له عشرة بنين أصغرهم داود.

فلما بعث طالوت إلى بني اسرائيل وجمعهم لحرب جالوت، بعث إلى آسي أن احضر ولدك، فلما حضروا دعا واحدا واحدا من ولده فألبسه درع موسى عليه السلام، فمنهم من طالت عليه ومنهم من قصرت عنه، فقال لآسي: هل خلفت من ولدك أحدا؟ قال: نعم، أصغرهم تركته في الغنم راعيا، فبعث إليه أبنه فجاء به، فلما دعى أقبل ومعه مقلاع(1)

___________________________________

(1) رجاء يكون فيه زاد الراعى وماله. (*)

[595]

فنادته ثلاث صخرات في طريقه، فقالت: يا داود خذنا، فأخذها في مخلاته.

وكان شديد البطش قويا في بدنه شجاعا، فلما جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى فاستوت عليه ففصل طالوت بالجنود حتى برزوا لجالوت وجنوده، فجاء داود حتى وقف بحذاء جالوت، وكان جالوت على الفيل وعلى رأسه التاج، وفي جبهته ياقوتة يلمع نورها، وجنوده من بين يديه، فأخذ داود من تلك الاحجار حجرا فرمى به ميمنة جالوت فمر في الهوى ووقع عليهم فانهزموا، وأخذ حجرا اخر فرمى به في ميسرة جالوت فوقع عليهم فانهزموا، ورمى جالوت بحجر فصك الياقوتة في جبهته ووصلت إلى دماغه، ووقع إلى الآرض ميتا، وهو قوله " فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وأتاه الله الملك والحكمة "(1).

وقتل داود جالوت: بالوجه الذي روي وء_اتيه الله الملك: أي ملك بني اسرائيل قيل: ولم يجتمعوا قبل داود على ملك. والحكمة: النبوة، وأنزل عليه الزبور.

وعلمه مما يشاء: صنعة الحديد ولينه له في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى لم يبعث أنبياء ملوكا إلا أربعة بعد نوح: ذا القرنين واسمه عياش، وداود وسليمان ويوسف عليهم السلام. فأما عياش فملك ما بين المشرق والمغرب.

وأما داود ما بين الشامات إلى بلاد أصطخر، وكذلك كان ملك سليمان، وأما يوسف فملك مصر وبراريها، ولم يتجاوز إلى غيرها(2).

وعن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى اختار من كل شئ أربعة، اختار من الانبياء للسيف إبراهيم

___________________________________

(1) تفسير علي بن ابراهيم: ج 1، ص 82.

(2) كتاب الخصال: ص 248، باب الاربعة (ملوك الانبياء في الارض أربعة)، ح 110. (*)

[596]

وداود وموسى وأنا(1).

وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: عاش داود عليه السلام ماء_ة سنة، منها أربعين سنة في ملكه(2) وفي تفسير علي بن إبراهيم: قال: وكان بين موسى وبين داود خمسماء_ة سنة، و بين داود وعيسى ألف سنة وخمسماء_ة سنة(3).

ولو لا دفع الله: وقرأ نافع هنا وفي الحج دفاع الله(4).

الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العلمين: قيل: أي لولا أنه تعالى يدفع بعض الناس ببعض وينصر المسلمين على الكفار، لغلبوا وأفسدوا في الارض، أو فسدت الارض بشؤمتهم وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبدالله بن القاسم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: إن الله ليدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لا يصلي من شيعتنا، ولو اجتمعوا على ترك الصلاة لهلكوا. وأن الله ليدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن لا يزكي، ولو اجتمعوا على ترك الزكاة لهلكوا.

وأن الله ليدفع بمن يحج من شيعتنا عمن لا يحج، ولو اجتمعوا على ترك الحج لهلكوا، وهو قول الله عزوجل " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العالمين " فوالله ما نزلت إلا فيكم ولا عنى بها غيركم(5)

___________________________________

(1) كتاب الخصال: ص 225، باب الاربعة، إن الله عزوجل اختار من كل شئ أربعة، قطعة من حديث 58.

(2) بحار الانوار، ج 14، ص 15، كتاب النبوة، باب قصص داود، لفظه (وكان عمر داود عليه السلام لما توفي مائة سنة صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وكانت مدة ملكه أربعين سنة) وفي كتاب كمال الدين: الباب 46 باب ما جاء في التعمير، ص 524، قطقه من حديث 3.

(3) نور الثقلين: ج 1، ص 253، ح 1004 نقلا عن تفسير علي بن إبراهيم.

(4) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 131.

(5) الكافي: ج 2، ص 451، كتاب الايمان والكفر، باب أن الله يدفع بالعامل عن غير العامل، ح 1. (*)

[597]

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: إن الله ليدفع، وذكر مثله، إلا قوله: " فو الله ما نزلت " الخ(1) وفي مجمع البيان: " ولولا دفع الله الناس. الآية " فيه ثلاثة أقوال: الثاني: أن معناه يدفع الله بالبر عن الفاجر الهلاك، عن علي عليه السلام(2) وقريب منه ما روي عن النبي صل الله عليه وآله: لولا عباد لله ركع وصبيان رضع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا(3) وروى جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله يصلح بصلاح الرجل المسلم ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حوله، لا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم(4).

تلك: إشارة إلى ما قص من القصص السالفة.

ء_ايت الله: دلائله على قدرته، وإرسالك رسولا.

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 83، في تفسيره لآية(251) من سورة البقرة.

(2) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 357، في نقل القصة لآية(251) من سورة البقرة.

(3) رواه الطبرسي في مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 357 في نقل القصة لآية(251) من سورة البقرة وقريب منه ما في أصول الكافي: ج 2، ص 276، كتاب الايمان والكفر، باب الذنوب، ح 31 ولفظ الحديث (عن أبي الحسن عليه السلام قال: إن لله عزوجل في كل يوم وليلة مناديا ينادي: مهلا مهلا عباد الله عن معاصي الله، فلولا بهائم رتع وصبية رضع وشيوخ ركع لصب عليكم العذاب صبا ترضون به رضا) وأورده في مستدرك الوسائل: ج 2، ص 353، كتاب الجهاد، الباب 96 من أبواب جهاد النفس و ما يناسبه ح 5 ولفظه " وعنه صلى الله عليه وآله ان لله تعالى ملكا ينزل في كل ليلة، فينادي يا أبناء العشرين جدوا واجتهدوا، ويا أبناء الثلاثين لا تغرنكم الحياة الدنيا، ويا أبناء الاربعين ماذا أعددتم للقاء ربكم، ويا أبناء الخمسين أتتكم النذير، ويا أبناء الستين زرع آن حصاده، ويا ابناء السبعين نودي لكم فأجيبوا، ويا أبناء الثمانين أتتكم الساعة وأنتم غافلون، ثم يقول: لولا عباد ركع ورجال خشع و صبيان رضع وأنعام رتع لصب عليكم العذاب صبا ".

(4) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 357، الآية 251، من سورة البقرة. (*)

[598]

[ * تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجت وء_اتينا عيسى ابن مريم البينت وأيدنه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جآء_تهم البينت ولكن اختلفوا فمنهم من_ء_امن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد(253) يأيها الذين ء_امنوا أنفقوا مما رزقنكم من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفعة والكفرون هم الظلمون(254) ]

نتلوها عليك بالحق: بالوجه المطابق الذي لا يشك فيه أهل الكتاب و أرباب التواريخ.

وإنك لمن المرسلين: لما أخبرت بها من غير تعرف واستماع.

تلك الرسل: أي الجماعة المذكورة قصصهم، أو المعلومة لك أيها النبي، أو جماعة الرسل، واللام للاستغراق.

فضلنا بعضهم على بعض: بأن خصصناه بما ليس لغيره.

منهم من كلم الله: قيل: هو موسى، وقيل: موسى ليلة الحيرة في الطور، ومحمد صلى الله عليه وآله ليلة المعراج. وقرء كلم الله وكالم الله(1) بنصب لفظ الجلالة.

ورفع بعضهم درجت: بأن فضله على غيره، قيل: وهو محمد صلى الله عليه

___________________________________

(1) وقرأ اليماني: كالم الله، من المكالمة، ويدل عليه قولهم: كليم الله، بمعنى مكالمه. الكشاف: ج 1، ص 290، في تفسيره لآية 254، من سورة البقرة. (*)

[599]

وآله، فإنه فضل على غيره من وجوه متعددة، فإنه خص بالدعوة العامة، والحجج المتكاثرة، والمعجزات المستمرة، والفضائل العلمية والعملية الفانية للحصر.

وفي عيون الاخبار باسناده إلى علي بن موسى، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما خلق الله خلقا أفضل مني ولا أكرم عليه مني قال علي عليه السلام: فقلت يا رسول الله: أفأنت أفضل أم جبريل؟ فقال عليه السلام: إن الله تعالى فضل أنبياء_ه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللائمة من بعدك وإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة(1).

وقيل: إبراهيم خصصه بالخلة التي أعلى المراتب.

وقيل: إدريس لقوله تعالى: " ورفعناه مكانا عليا "(2).

وقيل: أولوا العزم من الرسل. والايهام في جميع تلك الاحتمالات للتفخيم. ويحتمل الحمل على الكل والايهام لعدم التعيين.

يدل عليه ما رواه العياشي في تفسيره عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: بالزيادة بالايمان يفضل المؤمنون بالدرجات عند الله، قلت: إن للايمان درجات ومنازل يتفاضل بها المؤمنون عند الله؟ قال: نعم، قلت: صف لي ذلك رحمك الله حتى أفهمه فقال: أما فضل الله أوليائه بعضهم على بعض فقال: " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات " إلى آخر الآية، وقال: " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض " وقال: " انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات " وقال: " هم درجات عند الله " فهذا ذكر درجات الايمان ومنازله عند الله(3).

___________________________________

(1) عيون أخبار الرضا: ج 1، ص 262، باب 26، ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار النادرة في فنون شتى، قطعة من حديث 22.

(2) سورة مريم: الآية 57.

(3) تفسير العياشي: ج 1، ص 135، ح 447. (*)

[600]

وء_اتينا عيسى ابن مريم البينت: المعجزات.

أفرده لافراط اليهود والنصارى في تحقيره وتعظيمه. وجعل معجزاته مخصوصة بالذكر، لانها آيات واضحة ومعجزات عظيمة لم يستجمعها غيره.

وأيدنه بروح القدس: في اصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه رفعه، عن محمد بن داود الغنوي، عن الاصبغ بن نباته، عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل يقول فيه عليه السلام: فأما ما ذكر من أمر السابقين، فإنهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين، جعل الله فيهم خمسة أرواح، روح القدس وروح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين وبها علموا الاشياء.

وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا، وبروح القوة جاهدوهم وعالجوا معاشهم، وبروح الشهوة أصابوا لذيد الطعام ونكحوا النكاح من شباب النساء، وبروح البدن دبوا أو درجوا، فهؤلاء مغفور مصفوح عن ذنوبهم، ثم قال: قال الله عزوجل " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس " ثم قال في جماعتهم " وأيدهم بروح منه " يقول: أكرمهم، ففضلهم على من سواهم، فهؤلاء مغفور مصفوح عن ذنوبهم(1).

ولو شاء الله: إلزام الناس على طريقة واحدة، مشية حتم.

ما اقتتل الذين من بعدهم: من بعد الرسل.

من بعد ما جآء_تهم البينت: المعجزات.

ولكن اختلفوا: لانه لم يجبرهم على الاهتداء للابتلاء.

فمنهم من_ء_امن: بتوفيقه.

ومنهم من كفر: لاعراضه عنه بخذلانه.

ولو شاء الله ما اقتتلوا: التكرار للتوكيد.

ولكن الله يفعل ما يريد: فيوفق من يشاء فضلا، ويخذل من يشاء عدلا.

___________________________________

(1) الكافي: ج 2، ص 214، كتاب الايمان والكفر، باب الكبائر، ح 16. (*)

[601]

وفي هذه الآية دلالة على أن المختلفين بعد الرسل بين مؤمن وكافر لا ثالث لهما.

وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن الاصبغ بن نباته(1) قال: كنت واقفا مع أمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمل فجاء رجل حتى توقف بين يديه، فقال يا أمير المؤمنين: كبر القوم وكبرنا وهلل القوم وهللنا وصلى القوم وصلينا، فعلام نقاتلهم؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: على ما أنزل الله في كتابه، فقال يا أمير المؤمنين ليس كل ما أنزل الله في كتابه أعلمه، فعلمنيه، فقال علي عليه السلام: ما أنزل الله في سورة البقرة فقال يا أمير المؤمنين ليس كل ما أنزل الله في سورة البقرة أعلمه فعلمنيه فقال عليه السلام هذه الآية " تلك الرسل " وقرء إلى أن " يفعل ما يريد " فنحن الذين آمنا، وهم الذين كفروا، فقال الرجل: كفر القوم ورب الكعبة، ثم حمل فقاتل حتى قتل رحمه الله(2).

وفي أمالي شيخ الطائفة شبهه مع تغيير غير مغير للمعنى وفي آخره بعد قوله: " ومنهم من " فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله عزوجل وبالنبي صلى الله عليه

___________________________________

(1) أصبغ بفتح الهمزة وسكون الصاد المهملة وفتح الباء الموحدة ثم العين المعجمة، ونباتة بضم النون وفتح الباء الموحدة والالف وتائين مثناتين فوقانيتين أولهما مفتوحة من أصحاب علي والحسن عليهما السلام، وروى عن علي عليه السلام عهد الاشتر ووصيته إلى محمد ابنه، وروى أيضا الاحاديث الواردة في أن الحسين عليه السلام يقتل بكربلا، وعن أبي الجارود قال: قلت للاصبغ بن نباته: ما كان منزلة هذا الرجل فيكم؟ قال: ما أدري ما تقول، إلا أن سيوفنا كانت على عواتقنا فمن أومى إليه ضربناه بها، وكان يقول لنا تشترطوا تشترطوا فوالله ما اشتراطكم لذهب ولا فضة وما اشتراطكم إلا للموت، إن قوما من قبلكم من بني اسرائيل تشارطوا بينهم فمات أحد منهم حتى كان نبي قومه أو نبي قريته أو نبي نفسه وإنكم لبمنزلتهم إلا إنكم لستم أنبياء، وفي حديث إن أمير المؤمنين دعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع فقال: أدخل علي عشرة من ثقاتي، فقال: سمهم لي يا أمير المؤمنين فقال له: ادخل أصبغ بن نباته الحديث، فظهر أنه كان من شرطة الخميس ومن أجلاء أصحابه عليه السلام. تنقيح المقال: ج 1، ص 150، تحت رقم 982 ملخصا.

(2) احتجاج الطبرسي: ج 1، ص 169، إحتجاج أمير المؤمنين عليه السلام بعد دخوله البصرة بأيام على من قال من أصحابه أنه ما قسم الفيئ فينا بالسوية. (*)

[602]

وآله وبالكتاب وبالحق، فنحن الذين آمنوا وهم الذين الذين كفروا ولو شاء الله قتالهم بمشيته وإرادته(1).

وفي روضة الكافي: ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كان رضا الله عز ذكره، وما كان ليفتن امة محمد صلى الله عليه وآله من بعده، فقال أبو جعفر عليه السلام: أوما يقرؤون كتاب الله؟ أوليس الله يقول " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الشاكرين " قال: قلت: إنهم يفسرون على وجه آخر، قال: أوليس أخبر الله عزوجل من الذين من قبلهم من الامم إنهم قد اختلفوا من بعد ما جاء_تهم البينات، حيث قال: " وآتينا عيسى بن مريم البينات و أيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاء_تهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد " فهذا يستدل به على أن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله قد اختلفوا من بعده فمنهم من آمن ومنهم من كفر(2).

يأيها الذين ء_امنوا أنفقوا مما رزقنكم: ما أوجب عليكم إنفاقه.

من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفعة: وهو يوم القيامة الذي لا بيع فيه فيحصل ما ينفق بالبيع، أو يفتدي النفس ويخلص من العذاب باعطاء شئ و شرائها، ولا خلة حتى يستغني بالاخلاء ولا شفاعة إلا لمن رضي له قولا حتى يتكل على الشفعاء.

والكفرون هم الظلمون: يريد التاركون للزكاة الذين ظلموا أنفسهم، أو وضعوا المال في غير موضعه، وصرفوه على غير وجهه، فوضع الكافرون موضعه تغليظا و تهديدا، كقوله: " ومن كفر "(3) مكان من لم يحج، وإيذانا بأن ترك الزكاة من

___________________________________

(1) كتاب الامالي للطوسي: ج 1، الجزء السابع، ص 200.

(2) الكافي: ج 8، ص 270، ح 398.

(3) سورة آل عمران: الآية 98. (*)

[603]

صفات الكفار لقوله: " وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة "(1).

وفي من لا يحضره الفقيه: وفي رواية أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم، وهو قوله عزوجل " حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت "(2).

واعلم أن الاخبار في فضل آية الكرسي كثيرة: فمنها ما مر في صدر الكتب.

ومنها ما رواه في الخرائج والجرائح، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا لقيت السبع ماذا تقول؟ قلت: لا أدري قال: إذا لقيته فاقرأ في وجهه آية الكرسي وقل: عزمت عليك بعزيمة الله وعزيمة رسوله وعزيمة سليمان بن داود وعزيمة علي أمير المؤمنين والائمة من بعده، فإنه ينصرف عنك، قال عبدالله: فقدمت الكوفة فخرجت مع ابن عم لي إلى قرية، فاذا سبع قد اعترض لنا في الطريق، فقرأت في وجهه آية الكرسى وقلت: عزمت عليك بعزيمة الله إلى آخرها إلا تنحيت عن طريقنا ولم تؤذنا فانا لا نؤذيك(3).

ومنها ما رواه في الكافي: عن علي بن إبراهيم، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، وسهل بن زياد جميعا، عن محمد بن عيسى، عن أبي محمد الانصاري،

___________________________________

(1) سورة فصلت: الآية 7.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2، ص 7، باب 2 ما جاء في مانع الزكاة، ح 9.

(3) الخرائج في اعلام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام ص 96 وتمام الحديث (فنظرت إليه وقد طأطأ رأسه ودخل ذنبه بين رجليه وركب الطريق راجعا من حيث جاء فقال ابن عمي ما سمعت كلاما أحسن من كلامك هذا فقلت: هذا كلام الامام جعفر بن محمد قال: أشهد أنه إمام فرض الله طاعته، وما كان ابن عمي يعرف قليلا وكثيرا.

قال: فدخلت على أبي عبدالله من قابل فاخبرته الخبر فقال: ترى اني لم اشهدكم، بئس ما ترى، ثم قال: إن لكل ولي اذن سامعة وعينا ناظرة ولسانا ناطقا، ثم قال أبو عبدالله عليه السلام: أنا والله صرفته عنكما وعلامة ذلك أنكما في البرية على شاطئ النهر واسم ابن عمك حبيب عندنا والله ما كان ليمته حتى يعرف هذا الامر.

قال: فرجعت إلى الكوفة فاخبرت به ابن عمي بمقالة أبي عبدالله ففرح فرحا شديدا وسر به وما زال مستبصرا حتى مات) ورواه في اصول الكافي ج 2، كتاب الدعاء، باب الحرز والعوذة ص 572، ح 11، إلى قوله (وأدخل ذنبه بين رجليه وانصرف). (*)

[604]

عن أبان بن عثمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: شكى إليه رجل عبث أهل الارض بأهل بيته وبعياله، فقال: كم سقف بيتك؟ قال: عشرة أذرع فقال: أذرع ثمانية أذرع ثم أكتب آية الكرسي فيما بين الثماني إلى العشرة كما تدور، فان كل بيت سمكت أكثر من ثمانية أذرع فهو محتضر تحضر الجن تكون فيه تسكنه(1).

وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن اسماعيل بن مرار، وأحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه جميعا، عن يونس، عمن ذكره عن أبي عبدالله عليه السلام قال: في سمك البيت إذا رفع ثمانية أذرع كان مسكونا، فإذا زاد على ثمان فليكتب على رأس الثمانية آية الكرسي(2).

وباسناده إلى محمد بن إسماعيل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا كان البيت فوق ثمانية أذرع فاكتب في أعلاه آية الكرسي(3).

ومنها ما رواه في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي ومن كان في بطنه ماء أصفر فليكتب في بطنه آية الكرسى و يشربه فإنه يبرأ بإذن الله عزوجل(4).

ومنها ما رواه في كتاب الخصال: عن عتبة، عن عبيد بن عمير الليثي، عن أبي ذر رحمه الله قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في المسجد جالس وحده إلى أن قال: قلت له: فأي آية أنزلها الله عليك أعظم؟ قال: آية الكرسي ثم قال: يا أبا ذر ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة(5).

وفيه فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه: وإذا اشتكى أحدكم عينيه فليقرأ آية الكرسي وليضمر في نفسه أنها تبرأ، فإنه يعافى انشاء الله(6).

ومنها ما رواه في اصول الكافي: عن محمد بن يحيى، عن عبدالله بن جعفر، عن

___________________________________

(1 و 2 و 3) الكافي: ج 6، ص 529، كتاب الزي والتجمل، باب تشييد البناء، ح 3 و 4 و 7.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 4، ص 269، باب 176، باب النوادر وهو آخر أبواب الكتاب، ح 1.

(5) الخصال: ص 523، ابواب العشرين وما فوقه، الخصال التي سأل عنها أبوذر رحمه الله رسول الله صلى الله عليه وآله، قطعة من ح 13.

(6) الخصال: ص 616، حديث أربعماء_ة. (*)

[605]

[ الله لا إله إلا هو الحى القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموت وما في الارض من ذا الذى يشفع عنده إلا - بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموت والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلى العظيم(255) ]

السياري، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود عن الاصبغ بن نباته، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين: إن في بطني ماء أصفر، فهل من شفاء؟ فقال: نعم، بلا درهم ولا دينار، ولكن أكتب على بطنك آية الكرسي و تغسلها وتشربها وتجعلها ذخيرة في بطنك فتبرأ بإذن الله عزوجل، ففعل الرجل، فبرأ بإذن الله عزوجل(1).

ومنها ما رواه في كتاب ثواب الاعمال باسناده عن رجل سمع أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: من قرأ آية الكرسي عند منامه لم يخف الفالج إن شاء الله، ومن قرأها بعد كل صلاة لم يضره ذو حمه(2).

ومنها ما رواه في عيون الاخبار: في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة بإسناده عن علي عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: من قرأ آية الكرسي ماء_ة مرة كان كمن عبدالله طول حياته(3). الله لا إله إلا هو: مبتدأ وخبر، وللنحاة خلاف في أنه هل يضمر للاخير، مثل

___________________________________

(1) الكافي: ج 2، ص 624، باب فضل القرآن، قطعة من حديث 21.

(2) ثواب الاعمال: ص 104، ثواب من قرأ آية الكرسي عند منامه ومن قرأها عقيب كل صلاة.

(3) عيون أخبار الرضا: ج 2، ص 65، باب 31، فيما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة، ح 289. (*)

[606]

في الوجود، أو يصح، أو يوجد؟ والاصح أن " إلا هو " خبره، والمعنى أن الله انتفى مستحق للعبادة غيره بحسب الامكان والوجود، يعني لا يمكن ولا يوجد مستحق للعبادة.

الحى قيل: (الحى) الذي له صفة يقتضي الحس والحركة الارادية، ويقتضي صحة العلم والقدرة.

والمراد به في صفة الله تعالى: أنه غير مرتبط الوجود بغيره بطريق المعلولية مع كونه قديرا عالما.

وفي كتاب التوحيد: باسناده إلى أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل يذكر فيه صفة الرب عزوجل، وفيه يقول: لم يزل حيا بلا حياة(1).

القيوم: الدائم القيام بتدبير الخلق وحفظه، " فيعول " من قام الامر إذا حفظه.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن أبي عبدالله، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، عن جعفر بن محمد، عن الحسين بن أسد، عن يعقوب بن جعفر قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: إن الله تبارك و تعالى أنزل على عبده محمد صلى الله عليه وآله أنه لا إله إلا هو الحي القيوم، و يسمى بهذه الاسماء الرحمن الرحيم العزيز الجبار العلي العظيم، فتاهت هنالك عقولهم واستخفت أحلامهم، فضربوا له الامثال وجعلوا له أندادا وشبهوه بالامثال و مثلوه أشباها وجعلوه يزول ويحول، فتاهوا في بحر عميق لا يدرون ما غوره ولا يدركون كنه بعده(2).

لا تأخذه سنة ولا نوم: السنة فتور يتقدم النوم، والنوم حال يعرض للحيوان من إسترخاء أعصاب الدماغ من رطوبات الابخرة المتصاعدة بحيث تقف الحواس الظاهرة عن الاحساس رأسا.

وهنا إشكال مشهور: وهو تقديم السنة عليه وقياس المبالغة عكسه.

___________________________________

(1) كتاب التوحيد: ص 173، باب 28، نفي المكان والزمان والسكون والحركة والنزول والصعود والانتقال عن الله عزوجل قطعة من حديث 2.

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 2، ص 361، في تفسير سورة الحشر. (*)

[607]

واجيب: بأنه قدمه على ترتيب الوجود، وبأنه على القياس وهو الترقي من الادنى إلى الاعلى، والجملة تأكيد لما قبله، ولذلك ترك العاطف، فإن عدم أخذ السنة والنوم يؤكد كونه قيوما، وكذا في قوله: له ما في السموت وما في الارض: لانه تقرير لقيومية واحتجاج على تفرده في الالهية. وما فيهما أعم من أن يكون داخلا في حقيقتهما أو خارجا عنهما متمكنا فيهما.

من ذا الذى يشفع عنده إلا بأذنه: " من " استفهامية مبتدأ، و (ذا) موصول خبره، والموصول صفته، والاستفهام على سبيل الانكار، وهو بيان لكبرياء شأنه، أي لا أحد يساويه أو يدانيه يستقل بدفع ما يريد شفاعة، فضلا عن أن يقاومه عنادا.

ومن يشفع: يشفع باذنه وله مكانة عنده.

وفي محاسن البرقي: باسناده قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام قوله: " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم " قال: نحن اولئك الشافعون(1).

يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم: ما قبلهم وما بعدهم، أو بالعكس لانك مستقبل المستقبل ومستدبر الماضي، أو امور الدنيا وامور الآخرة، أو عكسه، أو ما يحسونه وما يعقلونه، أو ما يدركونه وما لا يدركونه.

والضمير لما في السماوات وما في الارض، لان فيهم العقلاء، أو لما دل عليه من " ذا " من الملائكة والانبياء والائمة.

ولا يحيطون بشئ من علمه: من معلوماته.

إلا بما شاء: أن يعلموا.

وسع كرسيه السموت والارض: الكرسي في الاصل اسم لما يقعد عليه ولا يفضل عن مقعد القاعد، وكأنه منسوب إلى الكرس، وهو الملبد، مجاز عن علمه تعالى.

في كتاب التوحيد: قال: حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبدالله،

___________________________________

(1) محاسن البرقي: ص 183، كتاب الصفوة والنور والرحمة من المحاسن باب 44، شيعتنا آخذون بحجزتنا، ح 174. (*)

[608]

عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل " وسع كرسيه السماوات والارض " قال: علمه(1).

حدثنا محمد الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبدالله عن قول الله عزوجل " وسع كرسيه السماوات والارض " فقال: يا فضيل السماوات والارض وكل شئ في الكرسى(2). وفي الكافي مثله سواء(3).

وكذا العرش مجاز عن علم له تعالى أعلى من الاول.

كما رواه في كتاب التوحيد: باسناده إلى حنان بن سدير، عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث طويل يقول فيه: ثم العرش في الوصل متفرد من الكرسي، لانهما بابان من أكبر أبواب الغيوب، وهما جميعا غيبان وهما في الغيب مقرونان، لان الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع ومنه الاشياء كلها، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والعين والمشية وصفة الارادة وعلم الالفاظ والحركات والترك وعلم العود والبداء، فهما في العلم بابان مقرونان، لان ملك العرش سوى ملك الكرسي وعلمه أغيب من علم الكرسي، فمن ذلك قال: " رب العرش العظيم " أي صفة أعظم من صفة الكرسي، وهما في ذلك مقرونان(4).

وقيل: الكرسي جسم بين يدي العرش، ولذلك سمي كرسيا، محيط بالسماوات السبع.

___________________________________

(1) كتاب التوحيد: ص 327، باب 52، معنى قول الله عزوجل: وسع كرسيه السماوات والارض، ح 1.

(2) كتاب التوحيد: ص 327، باب 52 معنى قول الله عزوجل: وسع كرسيه السماوات والارض، ح 3.

(3) الكافي: ج 1، ص 102، كتاب التوحيد، باب العرش والكرسي، ح 3.

(4) كتاب التوحيد: ص 321، باب 50 معنى العرش وصفاته قطعة من حديث 1. (*)

[609]

لما رواه في كتاب التوحيد: بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث طويل يذكر فيه عظمة الله جل جلاله يقول فيه عليه السلام بعد أن ذكر الارضين السبع ثم السماوات السبع: وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والحجب عند الهواء الذي تحار فيه القلوب كحلقة في فلاة قي(1) والسبع والبحر المكفوف والحجب والهواء عند الكرسي كحلقة في فلاة قي، ثم تلا هذه الآية " وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم "(2).

وفي روضة الكافي باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله مثله(3).

وروى الاصبغ بن نباته أن عليا صلوات الله عليه سئل عن قول الله تبارك وتعالى " وسع كرسيه السماوات والارض " قال: السماوات والارض وما بينهما من مخلوق في جوف الكرسي وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله، فأما ملك منهم في صورة الآدميين وهي أكبر الصور على الله، وهو يدعو الله ويتضرع إليه ويطلب سعة الرزق لبني آدم.

والملك الثاني في صورة الثور وهو سيد البهائم ويطلب إلى الله ويتضرع إليه ويطلب السعة في الرزق للبهائم.

والملك الثالث في صورة النسر وهو سيد الطيور، وهو يطلب إلى الله تبارك وتعالى ويتضرع إليه ويطلب السعة في الرزق لجميع الطيور.

والملك الرابع في صورة الاسد، وهو سيد السباع، وهو يرغب إلى الله ويتضرع إليه ويطلب الشفاعة والرزق لجميع السباع، ولم يكن في هذه الصور أحسن من الثور، ولا أشد انتصابا منه حتى اتخذ الملا من بني إسرائيل العجل، فلما عكفوا عليه وعبدوه من دون الله خفض الملك الذي في صورة الثور رأسه استحياء من الله أن عبد من دون الله شئ يشبهه وتخوف أن ينزل به العذاب(4) وعلى هذا العرش جسم أيضا.

روي في كتاب التوحيد: عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث طويل، وفيه قال السائل: فقوله " الرحمن على العرش استوى " قال أبو عبدالله عليه السلام: بذلك وصف

___________________________________

(1) والقي بالكسر والتشديد من القوي وهي الارض القفر الخالية، ومنه ما في حديث زينب العطارة: هذه الارض بمن عليها كحلقة في فلاة قي مجمع البحرين: ج 1، ص 350، في لغة قوا.

(2) كتاب التوحيد: ص 277 باب 38، ذكر عظمة الله جل جلاله، قطعة من حديث 1.

(3) الكافي: ج 8، ص 154، ح 143، وفيهما اختلاف فاحش في الالفاظ والجملات، فلاحظ.

(4) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 85، في تفسيره لآية الكرسي. (*)

[610]

نفسه، وكذلك هو مستول على العرش بائن من خلقه من غير أن يكون العرش حاملا له، ولا أن يكون العرش حاويا له، ولا أن يكون العرش محتازا له ولكنا نقول: هو حامل العرش و ممسك العرش ونقول من ذلك ما قال: " وسع كرسيه السماوات والارض " فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبته، ونفينا أن يكون العرش والكرسي حاويا، أو أن يكون عزوجل محتاجا إلى مكان، أو إلى شئ مما خلق، بل خلقه محتاجون إليه(1).

وقيل: انه الفلك المشهور بفلك البروج، كما أن العرش الفلك المشهور بالفلك الاطلس والاعظم وقيل: تصوير لعظمته وتمثيل مجرد ولا كرسي في الحقيقة. ولا يؤده: لا يثقله، من الاود وهو الاعوجاج.

حفظهما: أي حفظه السماوات والارض، فحذف الفاعل، وهو أحد المواضع الاربعة التي حذف الفاعل فيه قياس، واضيف المصدر إلى المفعول. وهو العلى: المتعالي عن الانداد والاشباه.

العظيم: المستحقر بالاضافة إليه كل ما سواه.

وفي عيون الاخبار: باسناده إلى محمد بن سنان قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام، هل كان الله عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟ قال: نعم، قلت: يراها و يسمعها؟ قال: ما كان يحتاج إلى ذلك، لانه لم يكن يسألها ولا يطلب منها، هو نفسه ونفسه هو، قدرته نافذة، فليس يحتاج إلى أن يسمي نفسه، ولكنه اختار لنفسه اسما لغيره يدعوه بها، لانه إذا لم يدع باسمه لم يعرف، فأول ما اختاره لنفسه " العلي العظيم " لانه أعلى الاشياء كلها، فمعناه الله، واسمه العلي العظيم هو أول أسمائه، لانه علا كل شئ(2).

واعلم أن المشهور أن آية الكرسي هي هذه.

وما رواه في اصول الكافي(3)، ومثله في روضة الكافي: عن محمد بن خالد، عن حمزة بن حميد، عن اسماعيل بن عباد، عن أبي عبدالله عليه السلام " ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء " آخرها " وهو العلي العظيم " والحمد لله رب العالمين وآيتين بعدها(4).

___________________________________

(1) كتاب التوحيد: ص 248، باب 36، باب الرد على الثنوية والزنادقة قطعة من حديث 1.

(2) عيون اخبار الرضا: ج 1، ص 129، باب 11، ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار في التوحيد، ح 24.

(3) الكافي: ج 2، ص 621، كتاب فضل القرآن، ح 5.

(4) الكافي: ج 8، ص 290، ح 438. (*)

[611]

[ لا إكراه في الدين - - - - من الغى فمن - يكفر بالطغوت ويؤمن - بالله - فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم(256) ]

بظاهره يدل عليه، لان الظاهر رجوع الضمير في (آخرها) إلى آية الكرسي.

وروى علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن خالد: أنه قرأ علي بن موسى صلوات الله عليهما على التنزيل: " الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلى العظيم "(1).

وذكر محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله بإسناده أنه يقرأ بعدها: والحمد لله رب العالمين(2).

وفي الرواية الاولى (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت و يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت هم الظالمون لآل محمد يخرجونهم من النور إلى الظلمات اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والحمد لله رب العالمين) كذا نزلت(3).

لا إكراه في الدين: إذ الاكراه إلزام الغير فعلا لا يرى فيه خيرا، ولكن قد تبين الرشد من الغى: تميز كل ما هو رشد عن كل ما هو غي، إذ يجب حمل اللام

___________________________________

(1) تفسير علي بن ابراهيم: ج 1، ص 84، قطعة من حديث طويل.

(2) الكافي: ج 8، ص 290، ح 438.

(3) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 85، قطعة من حديث طويل. (*)

[612]

على الاستغراق، لعدم قرينة التخصيص المقام الخطابي، وتبين الرشد من الغي لا تخصيص فيه بزمان دون زمان وبأحد دون أحد، فيفيد تبيين الرشد في كل زمان لكل أحد، فيدل على وجود معصوم في كل زمان إتباعه هو الرشد وعدم إتباعه هو الغي.

فمن يكفر بالطغوت: فعلوة من الطغيان قلب عينه ولامه، وهم ظالموا حق آل محمد.

روى الشيخ أبوجعفر الطوسي: باسناده إلى الفضل بن شاذان، عن داود بن كثير، قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: أنتم الصلاة في كتاب الله عزوجل وانتم الزكاة وأنتم الحج، فقال: يا داود نحن الصلاة في كتاب الله عزوجل ونحن الزكاة ونحن الصيام ونحن الحج ونحن الشهر الحرام ونحن البلد الحرام ونحن كعبة الله ونحن قبلة الله ونحن وجه الله قال الله تعالى: " فأينما تولوا فثم وجه الله " ونحن الآيات ونحن البينات.

وعدونا في كتاب الله عزوجل الفحشاء والمنكر والبغي والخمر والميسر والانصاب والازلام والاصنام والاوثان والجبت والطاغوت والميتة والدم ولحم الخنزير، يا داود إن الله خلقنا فأكرم خلقنا وجعلنا امنائه وحفظته وخزانه على ما في السماوات وما في الارض، وجعل لنا أضدادا وأعداء فسمانا في كتابه، وكنى عن أسمائنا بأحسن الاسماء وأحبها إليه، تكنية عن العدو، وسمى أضدادنا وأعدائنا في كتابه وكنى عن أسمائهم وضرب لهم الامثال في كتابه في أبغض الاسماء إليه وإلى عبادة المتقين(1).

وفي مجمع البيان: في الطاغوت خمسة أقوال: أحدها إنه الشيطان، وهو المروي عن أبي عبدالله عليه السلام(2).

ويؤمن بالله: بالتوحيد والتصديق للرسل في كل ما جاؤوا به، ومن جملتها، بل عمدتها ولاية الائمة من آل محمد عليهم السلام.

فقد استمسك بالعروة الوثقى: طلب الامساك من نفسه بالعروة الوثقى من الحبل الوثيق، وهي مستعارة لمستمسك المحق من الرأي القويم، اطلق هنا على الايمان بالله، وهو يلازم ولاية الائمة عليهم السلام.

___________________________________

(1) بحار الانوار: ج 24، ص 303، كتاب الامامة، ح 14، نقلا عن كنز الفوائد.

(2) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 364، في بيان المعنى لآية 256، من سورة البقرة. (*)

[613]

في اصول الكافي: حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن غير واحد، عن أبان، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزوجل " فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى " قال: هي الايمان(1).

علي بن إبراهيم: عن أبيه ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال في قوله عزوجل: " فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها "، قال: هي الايمان بالله وحده لا شريك(2) له والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

وفي محاسن البرقي: عنه، عن محسن بن أحمد، عن أبان الاحمر، عن أبي جعفر الاحول، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: عروة الوثقى التوحيد، والصبغة الاسلام(3).

وفي كتاب المناقب لابن شهر آشوب: موسى بن جعفر، عن أبيه عليهما السلام و أبوالجارود، عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى: " فقد استمسك بالعروة الوثقى " قال: مودتنا أهل البيت(4).

وفي عيون الاخبار: بإسناده إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوال عليا بعدي وليعاد عدوه، وليأتم بالائمة الهداة من ولده(5).

وفيه فيما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة

___________________________________

(1) الكافي: ج 2، ص 12، باب في أن الصبغة هي الاسلام، قطعة من حديث 3.

(2) الكافي: ج 2، ص 12، في أن الصبغة هي الاسلام، قطعة من حديث 1.

(3) المحاسن: كتاب مصابيح الظلم، ص 240، باب 24، جوامع من التوحيد ح 221.

(4) لم أعثر عليه في المناقب ولكن رواه في الصافي: ج 1، ص 262، في تفسيره لقوله تعالى (فقد استمسك بالعروة الوثقى) عن الباقر عليه السلام.

(5) عيون أخبار الرضا: ج 1، ص 227، باب 28، فيما جاء عن الامام عليه السلام من الاخبار المتفرقة قطعة من حديث 43. (*)

[614]

باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والائمة من ولد الحسين عليهم السلام من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله، هم العروة الوثقى وهم الوسيلة إلى الله تعالى(1).

وفي باب ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون من محض الاسلام وشرايع الدين، أن الارض لا تخلو من حجة الله تعالى على خلقه في كل عصر وأوان، و أنهم العروة الوثقى وأئمة الهدى والحجة على أهل الدنيا إلى أن يرث الله الارض ومن عليها(2).

وفي كتاب الخصال: عن عبدالله بن العباس قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله فينا خطيبا فقال: في آخر خطبته نحن كلمة التقوى وسبيل الهدى والمثل الاعلى والحجة العظمى والعروة الوثقى(3).

وفي كتاب التوحيد: باسناده إلى أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته أنا حبل الله المتين وأنا عروة الله الوثقى(4).

وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة: باسناده إلى إبراهيم بن ابي محمود عن الرضا عليه السلام في حديث طويل نحن حجج الله في خلقه وكلمة التقوى والعروة الوثقى(5).

وفي كتاب معاني الاخبار: باسناده إلى عبدالله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله

___________________________________

(1) عيون أخبار الرضا: ج 2، ص 58، باب 31، فيما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة، ح 217.

(2) عيون أخبار الرضا: ج 2، ص 121، باب 35، ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون في محض الاسلام وشرايع الدين، قطعة من حديث 1.

(3) كتاب الخصال: ص 432، باب العشرة (عشر خصال جمعها الله عزوجل لنبيه وأهل بيته صلوات الله عليهم) قطعة من حديث 14.

(4) كتاب التوحيد: ص 164، باب 22، معنى جنب الله عزوجل قطعة من حديث 2.

(5) كتاب كمال الدين وتمام النعمة: ص 202، باب 21، العلة التي من أجلها يحتاج إلى الامام عليه السلام الحديث 6. (*)

[615]

عليه وآله: من أحب أن يستمسك بالعروة التي لا انفصام لها فليستمسك بولاية أخي ووصيي علي بن أبي طالب فإنه لا يهلك من أحبه وتولاه ولا ينجو من أبغضه وعاداه(1).

وذكر صاحب نهج الايمان(2) في معنى هذه الآية ما هذا لفظه: روى أبو عبدالله الحسين بن جبير رحمه الله في كتاب نخب المناقب لآل أبي طالب(3) حديثا مسندا إلى الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب أن يستمسك بالعروة الوثقى فليستمسك بحب علي بن أبي طالب(4).

واعلم أن ما ذكر في الاخبار من تفسير العروة الوثقى، تارة بحب أهل البيت، و تارة بالائمة، وتارة بولاية الائمة، وتارة بالنبي، وتارة بأمير المؤمنين. مؤداة واحدة.

وكذا ما رواه في عيون الاخبار بإسناده إلى الرضا عليه السلام: إنه ذكر القرآن يوما وعظم الحجة فيه، والآية والمعجزة في نظمه، فقال: هو حبل الله المتين وعروته الوثقى وطريقته المثلى(5).

لا ينافي ما سبق من الاخبار، لان كلا منها يستلزم الآخر، إذ المراد بالمحبة والولاية ما هو بالطريق المقرر في القرآن.

___________________________________

(1) معاني الاخبار: ص 368، باب معنى العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ح 1.

(2) هو الشيخ علي بن يوسف الشهير بابن جبير وسبط ابن جبير، له كتاب نهج الايمان في الامامة والمناقب، رتبه في 48 فصلا، جمعه المؤلف من ألف كتاب، كما صرح بذلك في أوله. وابن جبير هذا حفيد ابن جبير صاحب نخب المقال. (الذريعة: ج 24، ص 411، تحت رقم 2169) .

(3) الناخب هو أبو عبدالله الحسين بن جبير تلميذ نجيب الدين علي بن فرج الذي كان تلميذ ابن شهر اشوب المؤلف، وابن جبير هذا هو جد علي بن يوسف المعروف بسبط ابن جبير ومؤلف نهج الايمان، له كتاب المناقب لآل أبي طالب وهو منتخب في مناقب آل أبي طالب تصنيف محمد بن علي بن شهر اشوب.

(الذريعة: ج 24، ص 88، تحت رقم 462) .

(4) مناقب آل أبي طالب: ج 3، ص 76، فصل في أنه حبل الله والعروة الوثقى وصالح المؤمنين، والاذن الواعية، والنبأ العظيم.

(5) عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 130، باب 35، ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون في محض الاسلام وشرايع الدين، قطعة من حديث 9. (*)

[616]

[ الله ولى الذين ء_امنوا يخرجهم من الظلمت إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمت أولئك أصحب النار هم فيها خلدون(257) ألم تر إلى الذى حاج إبرهم في ربه أن_ء_اتيه الله الملك إذ قال إبرهم ربى الذى يحى ويميت قال أنا أحى وأميت قال إبرهم فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذى كفر والله لا يهدى القوم الظلمين(258) ]

لا انفصام لها: لا انقطاع لها، يقال: فصمته فانفصم، إذا كسرته. والله سميع: بالاقوال.

عليم: بالنيات وساير الاعمال، وهو وعد للكافر بالطاغوت، وتهديد لغيره.

الله ولى الذين ء_امنوا: محبهم أو متولي أمرهم.

والمراد بالذين آمنوا، الذين كفروا بالطاغوت وآمنوا بالله بمعنى ذكرناه.

يخرجهم من الظلمت: أي ظلمات الذنوب.

إلى النور: إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل إمام عادل كما يأتي في الخبر، أو يخرجهم بالايمان من الظلمات التي فيها غيرهم إلى نور الايمان، أي يجعل لهم نورا ليس لغيرهم.

وفي كتاب الخصال: عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: المؤمن ينقلب في خمسة من النور، مدخله نور ومخرجه نور

[617]

وعلمه نور وكلامه نور ومنظره يوم القيامة إلى النور(1).

أو يخرجهم من ظلمات الجهل واتباع الهوى والوساوس، والشبه المؤدية إلى الكفر، (إلى النور إلى الهدى الموصل إلى الايمان.

والجملة خبر بعد خبر، أو حال من المستكن في الخبر، أو من الموصول، أو منهما، أو إستيناف مبين أو مقرر للولاية.

والذين كفروا أولياؤهم الطغوت: في روضة الكافى: سهل، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام (والذين كفروا: اوليائهم الطواغيت)(2).

قيل: الشياطين، أو المضلات من الهوى والشياطين، وغيرهما.

وعلى الخبر الذي سبق: الظالمون لآل محمد حقهم والذين كفروا أشياعهم.

يخرجونهم من النور إلى الظلمت: من النور الذي منحوه بالفطرة إلى الكفر فساد الاستعداد، أو من نور البينات إلى ظلمات الشكوك والشبهات.

أولئك أصحب النار هم فيها خلدون: وعيد وتحذير وفي تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة، قال: قص أبو عبدالله عليه السلام: قصة الفريقين جميعا في الميثاق حتى بلغ الاستثناء من الله في الفريقين، فقال: إن الخير والشر خلقان من خلق الله له فيهما المشية في تحويل ما شاء الله فيما قدر فيها حال عن حال، والمشية فيما خلق لها من خلقه في منتهى ما قسم لهم من الخير والشر، و ذلك إن الله قال في كتابه: " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات " فالنور هم آل محمد والظلمات عدوهم(3).

وعن مهزم الاسدي قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: قال الله تبارك

___________________________________

(1) كتاب الخصال: ص 277، باب الخمسة (المؤمن ينقلب في خمسة من النور)، ح 20.

(2) الكافي: ج 8، ص 289، ح 436.

(3) تفسير العياشي: ج 1، ص 138، ح 461. (*)

[618]

وتعالى: " لاعذبن كل رعية دانت بإمام ليس من الله وإن كانت الرعية في أعمالها برة تقية، ولاغفرن عن كل رعية دانت بكل إمام من الله وإن كانت الرعية في أعمالها سيئة "، قلت: فيعفو عن هؤلاء ويعذب هؤلاء؟ قال: نعم، إن الله تعالى يقول: " الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ".

ثم ذكر الحديث الاول، حديث ابن أبي يعفور(1) برواية محمد بن الحسين، وزاد فيه.

فأعداء علي أمير المؤمنين هم الخالدون في النار وإن كانوا في أديانهم على غاية الورع والزهد والعبادة(2).

وفي أصول الكافي: عن أبي عبدالله عليه السلام حديث طويل في طينة المؤمن والكافر.

وفيه: أو من كان ميتا فأحييناه، فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر، فكان حياته حين فرق الله بينهما بكلمته كذلك يخرج الله عزوجل المؤمن في الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور، ويخرج الكافر من النور إلى الظلمة بعد دخوله إلى النور(3).

وباسناده إلى الباقر عليه السلام في حديث طويل، في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر يقول فيه عليه السلام: وقد ذكر نزول الملائكة بالعلم فان قالوا من سماء إلى سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية، فإن قالوا: من سماء إلى أرض وأهل الارض أحوج الخلق إلى ذلك، فقل لهم: فهل لهم بد من سيد يتحاكمون إليه، فان قالوا: فإن الخليفة هو حكمهم، فقل: " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور " إلى قوله: " هم فيها خالدون " لعمري ما في الارض ولا في السماء ولي لله عز ذكره إلا وهو مؤيد، ومن أيده الله لم يخط، وما في الارض عدو لله عز ذكره إلا وهو مخذول، ومن خذل لم يصب، كما أن الامر لا بد من تنزيله

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1، ص 138، ح 460، عن عبدالله بن أبي يعفور قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: إني اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم إلى آخره والحديث طويل.

(2) تفسير العياشي: ج 1، ص 139، ح 462 وتمام الحديث: (والمؤمنون بعلي عليه السلام هم الخالدون في الجنة وان كانوا في اعمالهم (سيئة) على ضد ذلك).

(3) الكافي: ج 2، ص 4، كتاب الايمان والكفر، باب طينة المؤمن والكافر قطعة من حديث 7. (*)

[619]

من السماء يحكم به أهل الارض كذلك لا بد من وال(1).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبدالعزيز العبدي، عن عبدالله بن أبي يعفور، قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: إني اخالط الناس فيكثر عجبى من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلانا وفلانا، لهم أمانة وصدق ووفاء، وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك الامانة، ولا الوفاء والصدق، قال: فاستوى أبو عبدالله عليه السلام جالسا، فأقبل علي كالغضبان، ثم قال: لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله، ولا عتب على من دان الله بولاية إمام عادل، قلت: ولا دين لاولئك ولا عتب على هؤلاء؟ قال: نعم لا دين لاولئك ولا عتب على هؤلاء، ثم قال: الا تسمع لقول الله عزوجل: " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور " يعني ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل امام عادل من الله عزوجل، وقال: " والذين كفروا أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات " قال: قلت: اليس الله عنى بها الكفار حين قال: " والذين كفروا " قال: فقال: وأي نور للكافر وهو كافر فاخرج منه إلى الظلمات كذا في تفسير العياشي(2) إنما عنى الله بهذا: إنهم كانوا على نور الاسلام، فلما أن تولوا كل إمام جائر ليس من الله خرجوا بولايتهم من نور الاسلام إلى ظلمات الكفر، فأوجب الله لهم النار مع الكفار، فاولئك أصحاب النار هم فيها خالدون(3).

وفي أمالي شيخ الطائفة قدس سره بإسناده إلى علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله انه تلا هذه الآية: " فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " قيل: من أصحاب النار يا رسول الله؟ قال: من قاتل عليا بعدي فاولئك أصحاب النار

___________________________________

(1) الكافي: ج 1، نهاية، ص 245، كتاب الحجة، باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها قطعة من حديث 1 وهو طويل.

(2) أي ما بين القوسين زائد من تفسير العياشي وليس في الاصول كما أشار إليه المصنف بقوله (كذا في تفسير العياشي).

(3) تفسير العياشى: ج 1، ص 138، ح 460.

والكافي: ج 1، ص 307، كتاب الحجة باب فيمن دان الله عزوجل بغير إمام من الله جل جلاله، ح 3. (*)

[620]

مع الكفار فقد كفروا بالحق لما جائهم(1). ألم تر: تعجيب.

إلى الذى حاج إبرهم في ربه: وهو نمرود.

أن_ء_اتيه الله الملك: لان آتاه، أي أبطره إيتاة الملك.

وحمله على المحاجة، أو حاج لاجله شكرا له على طريق العكس، كقولك عاديتني لان أحسنت إليك، أو وقت أن آتاه الله الملك. قيل: وهو حجة على من منع إيتاء الله الملك الكافر.

وفيه إحتمال كون معنى الايتاء التخلية، فلا يكون حجة عليه.

وفي كتاب الخصال: عن محمد بن خالد باسناده رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال: ملك الارض كلها أربعة، مؤمنان وكافران.

فأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين.

وأما الكافران نمرود وبخت نصر(2 / 3).

وفي تفسير العياشي عن أبي بصير قال: لما دخل يوسف على الملك قال له: كيف أنت يا إبراهيم؟ قال: أنا لست بابراهيم، أنا يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم قال: وهو صاحب إبراهيم الذي حاج إبراهيم في ربه، قال: فكان أربعماء_ة سنة شابا(4).

وفي مجمع البيان: واختلف في وقت المحاجة، قيل: بعد إلقائه في النار وجعلها بردا وسلاما عن الصادق عليه السلام(5).

___________________________________

(1) امالي الطوسي: ج 1، ص 374، الجزء الثالث عشر، وتمام الحديث (ألا وإن عليا منى فمن حاربه فقد حاربني وأسخط ربي ثم دعا عليا فقال: يا علي حربك حربي، وسلمك سلمي، وأنت العلم فيما بيني وبين امتي).

(2) بخت: اصله بوخت ومعناه ابن ونصر: كبقم صنم (نقلا عن هامش بحار الانوار: ج 14 ص 351 باب 25 قصص ارميا ودانيال وعزير وبخت نصر).

(3) كتاب الخصال: ص 255، باب الاربعة ملك الارض كلها أربعة مؤمنان وكافران، ح 130 و تمام الحديث " واسم ذي القرنين عبدالله بن ضحاك بن معد ".

(4) تفسير العياشي: ج 1، ص 139 في تفسيره لقوله تعالى (ربي الذي يحيي ويميت) ح 464.

(5) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 367 في تفسيره لآية 258 من سورة البقرة. (*)

[621]

إذ قال إبرهم: ظرف لحاج، أو بدل من أن آتاه على الوجه الثاني.

ربى الذى يحى ويميت: تخلق الحياة والموت في الاجساد. وقرأ حمزة رب بحذف الياء(1).

قال أنا أحى وأميت: بالعفو عن القتل، والقتل. وقرأ نافع أنا بالالف(2).

قال إبرهم فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب: أعرض إبراهيم عن الاعتراض على معارضته الفاسدة إلى الاحتجاج بما لا يقدر فيه على نحو هذا التمويه، دفعا للمشاغبة، فهو في الحقيقة عدول عن مثال خفي إلى مثال جلي، من مقدوراته التي يعجز بها غيره، لا من حجة إلى اخرى، ولعل نمرود يزعم أنه يقدر أن يفعل كل فعل يفعله الله، فنقضه إبراهيم عليه السلام بذلك، وإنما حمله عليه بطر الملك وحماقته.

فبهت الذى كفر: فصار مبهوتا. وقرئ (فبهت) أي فغلب إبراهيم الكافر.

والله لا يهدى القوم الظلمين: الذين ظلموا أنفسهم بالامتناع عن قبول الهداية، وقيل: لا يهديهم محجة الاحتجاج، أو سبيل النجاة، أو طريق النجاة يوم القيامة.

في روضة الكافي: علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن حجر، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خالف ابراهيم صلى الله عليه قومه وعاب آلهتهم حتى ادخل على نمرود فخاصمهم، فقال ابراهيم: (ربى الذي يحيي) إلى آخر الآية(3) والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي كتاب ثواب الاعمال: باسناده إلى حنان بن سدير قال: حدثني رجل من أصحاب أبي عبدالله عليه السلام قال سمعته يقول: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة سبعة نفر، أولهم ابن آدم الذي قتل أخاه، ونمرود الذي حاج إبراهيم في

___________________________________

(1 و 2) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 135.

(3) الكافي: ج 8، ص 368، قطعة من حديث 559. (*)

[622]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21335828

  • التاريخ : 28/03/2024 - 18:07

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net