00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة يونس 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير القمي ج 1   ||   تأليف : علي بن إبراهيم القمي (رحمه الله)

سورة يونس مكية مأة وعشر آية (بسم الله الرحمن الرحيم الرا تلك آيات الكتاب الحكيم) قال الرا هو حرف من حروف الاسم الاعظم المنقطع في القرآن فاذا الفه الرسول او الامام فدعا به اجيب ثم قال: (أكان للناس عجبا ان اوحينا إلى رجل منهم) يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) (أن انذر الناس وبشر الذين آمنوا ان لهم قدم صدق عند ربهم) قال فحدثني ابي عن حماد بن عيسى عن ابراهيم بن عمر اليماني عن

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) اي بناءا على افعل التفضيل من النفاسة. ج ز (*)

 

===============

(309)

ابي عبدالله (عليه السلام) في قوله " قدم صدق عند ربهم " قال هو رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله (ان ربكم الله الذي خلق السموات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش ـ إلى قوله ـ لآيات لقوم يتقون) فانه محكم وقوله (ان الذين لا يرجون لقاءنا) اي لا يؤمنون به (ورضوا بالحيوة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون) قال الآيات امير المؤمنين والائمة (عليهم السلام) والدليل على ذلك قول امير المؤمنين (عليه السلام) " ما لله آية اكبر مني " وقوله (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم تجري من تحتهم الانهار في جنات النعيم دعواهم فيها) اي تسبيحهم في الجنة (سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلم) قال بعضهم لبعض وقوله (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي اليهم اجلهم) قال لو عجل الله لهم الشر كما يستعجلون الخير لقضي اليهم اجلهم أي يفرغ من اجلهم قوله (واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه او قاعدا او قأئما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه) قال دعانا لجنبه العليل الذي لا يقدر ان يجلس او قاعدا الذي لا يقدر ان يقوم او قأئما قال الصحيح وقوله " فلما كشفنا عنه ضره مر كان لم يدعنا إلى ضر مسه " اي ترك ومر ونسي كان لم يدعنا إلى ضر مسه وقوله (ولقد اهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات) يعني عادا وثمود ومن اهلكه الله ثم قال (ثم جعلناكم خلائف في الارض من بعدهم لننظر كيف تعملون) يعني حتى نرى فوضع النظر مكان الرؤية وقوله (وإذا تتلي عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا او بدله قل ما يكون لي ان ابدله من تلقاء نفسى ان اتبع إلا ما يوحى إلي) فان قريشا قالت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ائتنا بقرآن غير هذا فان هذا شئ تعلمته من اليهود والنصارى قال الله (قل لهم لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا ادريكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون) اي لقد لبثت فيكم اربعين سنة قبل ان يوحي الي لم آتكم بشئ منه

 

===============

(310)

حتى اوحي الي واما قوله " او بدله " فانه اخبرني الحسن بن على عن ابيه عن حماد بن عيسى عن ابي السفاتج عن ابي عبدالله (عليه السلام) في قول الله: ائت بقرآن غير هذا او بدله يعني امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) قل ما يكون لي ان ابدله من تلقاء نفسي ان اتبع إلا ما يوحى الي يعني في علي بن ابي طالب امير المؤمنين (عليه السلام) قال علي بن ابراهيم في قوله (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) قال كانت قريش يعبدون الاصنام ويقولون إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى فانا لا نقدر على عبادة الله فرد الله عليهم فقال قل لهم يامحمد (أتنبئون الله بما لا يعلم) اي ليس فوضع حرفا مكان حرف اي ليس له شريك يعبد وقوله (وما كان الناس إلا امة واحدة فاختلفوا) اي على مذهب واحد (ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم) اي كان ذلك في علم الله السابق ان يختلفوا ويبعث فيهم الانبياء والائمة من بعد الانبياء ولولا ذلك لهلكوا عند اختلافهم.

قوله: (إنما مثل الحيوة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض مما يأكل الناس والانعام حتى اذا اخذت الارض زخرفها وازينت وظن اهلها انهم قادرون عليها اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس) فانه حدثني ابي عن محمد بن الفضيل عن ابيه عن ابي جعفر (عليه السلام) قال قلت له جعلت فداك بلغنا ان لآل جعفر راية ولآل العباس رايتين فهل انتهى اليك من علم ذلك شئ؟ قال اما آل جعفر فليس بشئ ولا إلى شئ واما آل العباس فان لهم ملكا مبطنا يقربون فيه البعيد ويبعدون فيه القريب وسلطانهم عسر ليس يسر حتى إذا امنوا مكر الله وامنوا عقابه صيح فيهم صيحة لا يبقى لهم منال يجمعهم ولا (رجال تمنعهم ك) وهو قول الله حتى إذا اخذت الارض زخرفها الآية، قلت جعلت فداك فمتى يكون ذلك قال اما انه لم يوقت لنا فيه

 

===============

(311)

وقت ولكن إذا حدثناكم بشئ فكان كما نقول فقولوا صدق الله ورسوله وان كان بخلاف ذلك فقولوا صدق الله ورسوله تؤجروا مرتين ولكن اذا اشتدت الحاجة والفاقة وانكر الناس بعضهم بعضا فعند ذلك توقعوا هذا الامر صباحا او مساءا، فقلت جعلت فداك الحاجة والفاقة قد عرفناهما فما انكار الناس بعضهم بعضا قال يأت الرجل اخاه في حاجة فيلقاه بغير الوجه الذي كان يلقاه فيه ويكلمه بغير الكلام الذي كان يكلمه قوله (والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) يعنى الجنة قوله (للذين احسنوا الحسنى وزيادة) قال النظر إلى وجه الله عزوجل (1) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله للذين احسنوا الحسنى وزيادة فاما الحسنى الجنة واما الزيادة فالدنيا ما اعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة ويجمع ثواب الدنيا والآخرة ويثيبهم باحسن اعمالهم في الدنيا والآخرة يقول الله (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون) قال على بن ابراهيم في قوله ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة القتر الجوع والفقر والذلة الخوف.

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله (والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة مالهم من الله من عاصم) قال هؤلاء اهل البدع والشبهات والشهوات يسود الله وجوههم ثم يلقونه يقول الله (كانما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما) يسود الله وجوههم يوم القيامة ويلبسهم الذل والصغار يقول الله (اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون) قال علي بن ابراهيم في قوله (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين اشركوا مكانكم انتم وشركاؤكم

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) اي إلى نور وجه الله عزوجل كما في الدعاء: بنور وجهك الذي اضاء له كل شئ. ج. ز (*)

 

===============

(312)

فزيلنا بينهم) قال يبعث الله نارا تزيل بين الكفار والمؤمنين قوله (هنالك تبلو كل نفس ما اسلفت) اي تتبع ما قدمت (وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون) اي بطل عنهم ما كانوا يفترون وقوله (قل من يرزقكم من السماء والارض ـ إلى قوله ـ وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين) فانه محكم وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله (أفمن يهدي إلى الحق احق ان يتبع أمن لا يهدي إلا ان يهدى فما لما لكم كيف تحكمون) فاما من يهدي إلى الحق فهم محمد وآل محمد من بعده واما من لا يهدي إلا ان يهدى فهو من خالف من قريش وغيرهم اهل بيته من بعده، وقال علي بن ابراهيم في قوله (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتيهم تأويله) اي لم يأتهم تأويله (كذلك كذب الذين من قبلهم) قال نزلت في الرجعة كذبوا بها اي انها لا تكون ثم قال:

(ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك اعلم بالمفسدين) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله ومنهم من لا يؤمن به وفهم اعداء محمد وآل محمد من بعده " وربك اعلم بالمفسدين " والفساد المعصية لله ولرسوله.

وقال علي بن ابراهيم في قوله (وان كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم ـ إلى قوله ـ ما كانوا مهتدين) فانه محكم ثم قال (واما نرنيك ـ يا محمد ـ بعض الذي نعدهم) من الرجعة وقيام القائم (او نتوفينك) قبل ذلك (فالينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله (قل أرايتم ان اتاكم عذابه بياتا) يعني ليلا (او نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون) فهذا عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة وهم يجحدون نزول العذاب عليهم قال علي بن ابراهيم في قوله (أثم إذا ما وقع آمنتم به) اي صدقتم في الرجعة فيقال لهم (الآن) تؤمنون يعني بامير المؤمنين (عليه السلام) (وقد كنتم به تستعجلون ثم قيل للذين ظلموا) آل محمد حقهم (ذوقوا عذاب الخلد

 

===============

(313)

هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون) ثم قال (ويستنبئونك) يا محمد اهل مكة في علي (احق هو) اي امام (قل اي وربي انه لحق) امام ثم قال (ولو ان لكل نفس ظلمت) آل محمد حقهم (ما في الارض جميعا لافتدت به) في ذلك الوقت يعني الرجعة وقوله (واسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون) حدثني محمد بن جعفر قال حدثني محمد بن احمد عن احمد بن الحسين عن صالح بن ابي عمار عن الحسن بن موسى الخشاب عن رجل عن حماد بن عيسى عمن رواه عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سئل عن قول الله تبارك وتعالى:

(واسروا الندامة لما رأوا العذاب) قال قيل له ما ينفعهم اسرار الندامة وهم في العذاب؟ قال كرهوا شماتة الاعداء وقوله (ألا ان لله ما في السموات والارض ألا ان وعد الله حق ولكن اكثرهم لا يعلمون هو يحيى ويميت واليه ترجعون) فانه محكم رجع إلى رواية علي بن ابراهيم بن هاشم قال ثم قال: (ياايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) والقرآن ثم قال قل لهم يامحمد (بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) قال: الفضل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورحمته امير المؤمنين (عليه السلام) فبذلك فليفرحوا، قال فليفرح شيعتنا هو خير مما اعطوا اعداؤنا من الذهب والفضة وقوله (قل أرأيتم ما انزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله اذن لكم ام على الله تفترون) وهو اما احلته وحرمته اهل الكتاب بقوله " وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على ازواجنا " وقوله " وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا.. الآية " فاحتج الله عليهم فقال قل لهم " آلله اذن لكم ام علي الله تفترون " واما قوله (وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن) مخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) (ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) اذا قرأ هذه الآية بكى بكاءا

 

===============

(314)

شديدا، ومعنى قوله وما تكون في شأن اي في عمل نعمله خيرا او شرا (وما يعزب عن ربك) اي لا يغيب عنه (من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر إلا في كتاب مبين) وقوله (الذين آمنوا) اي صدقوا (وكانوا يتقون لهم البشرى في الحيوة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله) قال البشرى في الحياة الدنيا الرؤيا الحسنة يراها المؤمن وفي الآخرة عند الموت وهو قول الله " الذين تتوفيهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة " وقوله " لا تبديل لكلمات الله " اى لا تغير الامامة والدليل على ان الكلمات الامامة قوله " وجعلها كلمة باقية في عقبه " يعني الامامة وقوله (ولا يحزنك قولهم ان العزة لله جميعا وهو السميع العليم ـ إلى قوله ـ بما كانوا يكفرون) فانه محكم وقوله (واتل عليهم) مخاطبة لمحمد صلى لله عليه وآله (نبأ نوح) اي خبر نوح (إذا قال لقومه ياقوم ان كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فاجمعوا امركم وشركاءكم) الذين تعبدون (ثم لا يكن امركم عليكم غمة) اي لا تغتموا (ثم اقضوا الي) اي ادعوا علي (ولا تنظرون).

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله (وقال موسى ياقوم ان كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) فان قوم موسى استعبدهم آل فرعون وقالوا لو كان لهؤلاء على الله كرامة كما يقولون ما سلطنا عليهم فقال موسى لقومه ياقوم ان كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين وقال علي بن ابراهيم في قوله (واوحينا إلى موسى واخيه ان تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة) يعني بيت المقدس حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا جعفر بن محمد بن مالك عن عباد بن يعقور (معقودك يعقوب ط عن محمد بن يعفور) عن ابى جعفر

ـــــــــــــــــــــــــ

(بن ك) الاحول عن منصور

 

===============

(315)

عن ابي ابراهيم (عليه السلام) قال لما خافت بنو اسرائيل جبابرتها اوحى الله إلى موسى وهارون (عليهما السلام) ان تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة قال امروا ان يصلوا في بيوتهم وقال علي بن ابراهيم في قوله (وقال موسى ربنا انك آتيت فرعون وملاه زينة) اى ملكا (واموالا في الحيوة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك) اي يفتنوا الناس بالاموال والعطايا ليعبدوه ولا بعبدوك (ربنا اطمس على اموالهم) اي اهلكها (واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم) فقال الله عزوجل (قد اجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون) اي لا تتبعا طريق فرعون واصحابه.

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله (وجاوزنا ببني اسرائيل البحر فاتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا ـ إلى قوله ـ وانا من المسلمين) فان بني اسرائيل قالوا ياموسى ادع الله ان يجعل لنا مما نحن فيه فرجا فدعا فاوحى الله اليه ان سر بهم، قال يارب البحر امامهم، قال امض فاني آمره ان يطيعك وينفرج لك، فخرج موسى ببني اسرائيل واتبعهم فرعون حتى إذا كاد ان يلحقهم ونظروا اليه وقد اظلهم، قال موسى للبحر انفرج لي، قال ما كنت لافعل وقال بنو اسرائيل لموسى غررتنا واهلكتنا فليتك تركتنا يستعبدنا آل فرعون ولم نخرج الآن نقتل قتلة، قال كلا ان معي ربي سيهدين واشتد على موسي ما كان يصنع به عامة قومه وقالوا ياموسى انا لمدركون، زعمت ان البحر ينفرج لنا حتى نمضي ونذهب وقد رهقنا فرعون وقومه وهم هؤلاء تراهم قد دنوا منا، فدعا موسى ربه فاوحى الله اليه ان اضرب بعصاك البحر فضربه، فانفلق البحر فمضى موسى واصحابه حتى قطعوا البحر وادركهم آل فرعون، فلما نظروا إلى البحر قالوا لفرعون ما تعجب مما ترى؟ قال انا فعلت هذا فمروا وامضوا فيه،  فلما توسط فرعون ومن معه امر الله البحر فانطبق فغرقهم اجمعين، فلما

 

===============

(316)

ادرك فرعون الغرق (قال آمنت انه إله إلا الذي آمنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين) يقول الله (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) يقول كنت من العاصين (فاليوم ننجيك ببدنك) قال ان قوم فرعون ذهبوا اجمعين في البحر فلم ير منهم احد هووا في البحر (إلا هوى بجسمه) إلى النار واما فرعون فنبذه الله وحده فالقاه بالساحل لينظروا اليه وليعرفوه ليكون لمن خلفه آية ولئلا يشك احد في هلاكه وانهم كانوا اتخذوه ربا فاراهم الله اياه جيفة ملقاة بالساحل ليكون لمن خلفه عبرة وعظة يقول الله (وان كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون).

وقال علي بن ابراهيم قال الصادق (عليه السلام) ما اتى جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا كئيبا حزينا ولم يزل كذلك منذ اهلك الله فرعون فلما امره الله بنزول هذه الآية " الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " نزل عليه وهو ضاحك مستبشر، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما اتيتني يا جبرئيل إلا وتبينت الحزن في وجهك حتى الساعة، قال يامحمد لما أغرق الله فرعون قال آمنت انه لا إله إلا الله الذي آمنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين، فاخذت حماة (1) فوضعتها في فيه ثم قلت له الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، وعملت ذلك من غير امر الله خفت ان تلحقه الرحمة من الله ويعذبني على ما فعلت فلما كان الآن وامرني الله ان اؤدى اليك ما قلته انا لفرعون امنت وعلمت ان ذلك كان لله رضى وقوله (فاليوم ننجيك ببدنك) فان موسى (عليه السلام) اخبر بني اسرائيل ان الله قد أغرق فرعون فلم يصدقوه فامر الله البحر فلفظ به على ساحل البحر حتى رأوه ميتا وقوله (ولقد بوأنا بني اسرائيل مبوأ صدق) قال ردهم إلى مصر وغرق فرعون وقوله (فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك) يعني الانبياء حدثني ابي عن عمرو (عمران ط) بن سعيد الراشدي عن ابن مسكان عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال لما اسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى السماء فاوحى

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) الطين الاسود المنتن. ق (*)

 

===============

(317)

الله اليه في علي صلوات الله عليه ما اوحى ما يشاء من شرفه وعظمه عند الله ورد إلى البيت المعمور وجمع له النبيين فصلوا خلفه عرض في نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) من عظم ما اوحى اليه في علي (عليه السلام) فانزل الله " فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك " يعني الانبياء فقد انزلنا عليهم في كتبهم من فضله ما انزلنا في كتابك (لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين) فقال الصادق (عليه السلام) فوالله ما شك وما سأل وقوله (ان الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الاليم) قال الذين جحدوا امير المؤمنين (عليه السلام) وقوله " ان الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون " قال عرضت عليهم الولاية وقد فرض الله عليهم الايمان بها فلم يؤمنوا بها.

وقوله (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها ايمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحيوة الدنيا ومتعناهم إلى حين) فانه حدثني ابي عن ابن ابي عمير عن جميل قال قال لي ابي عبدالله (عليه السلام) ما رد الله العذاب إلا عن قوم يونس، وكان يونس يدعوهم إلى الاسلام فيأبوا ذلك، فهم ان يدعو عليهم وكان فيهم رجلان عابد وعالم، وكان اسم احدهما مليخا والآخر اسمه روبيل، فكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم وكان العالم ينهاه ويقول لا تدع عليهم فان الله يستجيب لك ولا يحب هلاك عباده فقبل قول العابد ولم يقبل من العالم، فدعا عليهم فاوحى الله عزوجل اليه يأتيهم العذاب في سنة كذا وكذا في شهر كذا وكذا في يوم كذا وكذا فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبقي العالم فيها فلما كان في ذلك اليوم نزل العذاب فقال العالم لهم يا قوم افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم ويرد العذاب عنكم، فقالوا كيف نصنع؟ قال اجتمعوا واخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء والاولاد وبين

 

===============

(318)

الابل واولادها وبين البقر واولادها وبين الغنم واولادها ثم ابكوا وادعوا فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا فرحمهم الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال وقد كان نزل وقرب منهم، فاقبل يونس لينظر كيف اهلكهم الله فرأى الزارعين يزرعون في ارضهم، قال لهم ما فعل قوم يونس؟ فقالوا له ولم يعرفوه ان يونس دعا عليهم فاستجاب الله له ونزل للعذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا ودعوا فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم وفرق العذاب على الجبال فهم إذا يطلبون يونس ليؤمنوا به، فغضب يونس ومر على وجهه مغاضبا لله كما حكى الله حتى انتهى إلى ساحل البحر فاذا سفينة قد شحنت واراذوا ان يدفعوها فسألهم يونس ان يحملوه فحملوه، فلما توسطوا البحر بعث الله حوتا عظيما فحبس عليهم السفينة من قدامها فنظر اليه يونس ففزع منه وصار إلى مؤخر السفينة فدار اليه الحوت وفتح فاه فخرج اهل السفينة فقالوا فينا عاص فتساهموا فخرج سهم يونس وهو قول الله عزوجل " فساهم فكان من المدحضين " فاخرجوه فالقوه في البحر فالتقمه الحوت ومر به في الماء.

وقد سأل بعض اليهود امير المؤمنين (عليه السلام) عن سجن طاف اقطار الارض بصاحبه، فقال يا يهودي اما السجن الذي طاف اقطار الارض بصاحبه فانه الحوت الذي حبس يونس في بطنه فدخل في بحر القلزم ثم خرج إلى بحر مصر ثم دخل في بحر طبرستان ثم خرج في دجلة الغورا ثم مرت به تحت الارض حتى لحقت بقارون، وكان قارون هلك في ايام موسى ووكل الله به ملكا يدخله في الارض كل يوم قامة رجل وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به انظرني فاني اسمع كلام آدمي فاوحى الله إلى الملك الموكل به انظره فانظره ثم قال قارون من أنت؟ قال يونس انا المذنب الخاطئ يونس بن متى قال فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران

 

===============

(319)

قال هيهات هلك، قال فمافعل الرؤف الرحيم علي قومه هارون بن عمران، قال هلك قال فما فعلت كلثم بنت عمران التى كانت سميت لي؟ قال هيهات ما بقي من آل عمران احد، فقال قارون وااسفا على آل عمران! فشكر الله له ذلك فامر الله الملك الموكل به ان يرفع عنه العذاب ايام الدنيا، فرفع عنه فلما رأى يونس ذلك فنادى في الظلمات: ان لا إله إلا انت سبحانك اني كنت من الظالمين، فاستجاب الله له وامر الحوت ان تلفظه فلفظته علي ساحل البحر وقد ذهب جلده ولحمه وانبت الله عليه شجرة من يقطين وهى الدباء فاظلته من الشمس فشكر ثم امر الله الشجرة فتنحت عنه ووقع الشمس عليه فجزع فاوحى الله اليه يا يونس لم لم ترحم مائة الف او يزيدون وانت تجزع من الم ساعة فقال يارب عفوك عفوك، فرد الله عليه بدنه ورجع إلى قومه وآمنوا به وهو قوله (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها ايمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين) وقالوا مكث يونس في بطن الحوت تسع ساعات ثم قال الله لنبيه (صلى الله عليه وآله) (ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا افأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) يعني لو شاء الله ان يجبر الناس كلهم علي الايمان لفعل.

وفى رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) قال لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة ايام ونادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر ان لاإله إلا انت سبحانك (تبت اليك ط) اني كنت من الظالمين، فاستجاب الله له فاخرجه الحوت إلى الساحل ثم قذفه فالقاه بالساحل وانبت الله عليه شجرة من يقطين وهو القرع فكان يمصه ويستظل به وبورقه وكان تساقط شعره ورق جلده وكان يونس يسبح ويذكر الله الليل والنهار فلما ان قوي واشتد بعث الله دودة فاكلت اسفل القرع فذبلت القرعة ثم يبست فشق ذلك على يونس فظل حزينا فاوحى

 

===============

(320)

الله اليه مالك حزينا يايونس؟ قال يا رب هذه الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست، قال يا يونس أحزنت لشجرة لم تزرعها ولم تسقها ولم تعي بها ان يبست حين استغنيت عنها ولم تحزن لاهل نينوى اكثر من مائة الف اردت ان ينزل عليهم العذاب ان اهل نينوى قد آمنوا واتقوا فارجع اليهم، فانطلق يونس إلى قومه فلما دنى من نينوى استحيى ان يدخل فقال لراع لقيه، ائت اهل نينوى فقل لهم ان هذا يونس قد جاء قال الراعي أتكذب أما تستحيي ويونس قد غرق في البحر وذهب، قال له يونس اللهم ان هذه الشاة تشهد لك انى يونس فنطقت الشاة بانه يونس، فلما اتى الراعي قومه واخبره اخذوه وهموا بضربه، فقال ان لي بيته بما اقول قالوا من يشهد؟ قال هذه الشاة تشهد؟

فشهدت انه صادق وان يونس قد رده الله اليهم فخرجوا يطلبونه فوجده فجاءوا به وآمنوا وحسن ايمانهم فمتعهم الله إلى حين وهو الموت واجارهم من ذلك العذاب.

وقوله: (قل انظروا ماذا في السموات والارض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) اخبرني الحسين بن محمد عن المعلي بن محمد قال حدثني احمد ابن محمد بن (عن ط) عبدالله عن احمد بن هلال عن امية بن علي عن داؤد بن كثير الرقي قال سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله " وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون " قال الآيات الائمة والنذر الانبياء (عليهم السلام) وقال علي بن ابراهيم في قوله قل يامحمد (ياايها الناس ان كنتم في شك من ديني فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن ا عبدالله الذي يتوفيكم) فانه محكم وقوله (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فان فعلت فانك اذا من الظالمين) فانه مخاطبة للنبي (صلى الله عليه وآله) والمعني الناس ثم قال (قل ياايها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها وما انا عليكم بوكيل) اي

 (321)

لست بوكيل عليكم احفظ اعمالكم انما علي ان ادعوكم ثم قال (واتبع) يا محمد  (ما يوحى اليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين).




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21394645

  • التاريخ : 16/04/2024 - 14:43

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net