00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة المائدة 

القسم : أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية   ||   الكتاب : مراجعات قرآنية ( اسئلة شبهات وردود)   ||   تأليف : السيد رياض الحكيم

سورة المائدة

 

 ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ))(1). 

س 225ـ ما هو الارتباط بين مقدّمة الآية وما بعدها؟

ج ـ لا يبدو هناك ارتباط بينهما، فكل منهما كلام مستقل عن الآخر، ولا محذور في ذلك إذ لا يجب أن يكون بين أجزاء الآية الواحدة ارتباط في المعنى، لأنّ كثيراً من الآيات لا تقتصر على التعرض لموضوع واحد، بل تتناول مواضيع شتى.

 

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا...))(2). 

س 226ـ ما هو ارتباط (( آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ)) بما قبله؟

ج ـ كما يجب حفظ حرمة الشعائر وغيرها يجب حفظ حرمة قاصدي البيت الحرام، لأنّ سفر الحجاج يكون ـ عادةً ـ في الأشهر الحُرم التي لا يجوز فيها القتال، فهو معطوف على ما قبله، فلا يحلّ قتالهم كما لا يحلّ التجاوز على الشعائر وغيرها. 

 

((حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ... وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ... الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا...))(3). 

س 227ـ ما أكله السبع منعدم فما معنى تحريمه؟

ج ـ المقصود تحريم المتبقي من الحيوان الذي يفترسه السبع.

 

س 228ـ أليس المفهوم من الآية انّ الله تعالى ارتضى الإسلام هذا اليومَ وليس ما قبله، مع أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) دعا إلى الإسلام منذ البعثة؟

ج ـ ليس المقصود من الإسلام مجرد الشهادتين، وإنما هذا الدين بمجموع أسسه وتعاليمه التي اكتملت هذا اليوم، فارتضاه الله لهم مكتملاً.

 

((يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ...))(4). 

س 229ـ عطف ((مَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ))على ((الطَّيِّبَات)) يستلزم أنّ أكلها حلال.

ج ـ كلا، المقصـود هنـا ما تصـطاده هذه الجـوارح لأنفسـها، ويـدلّ عليه ـ بالإضافة إلى القرينة الحالية الواضحة ـ قولـه: ((فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)). ويمكن ضمن القواعد النحوية توجيه الآية بحيث تكون الواو في قولـه: ((مَا عَلَّمْتُم)) للاستئناف لا عاطفة. 

 

س 230 ـ ما معنى: ((تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ))؟

ج ـ بمعنى تدريبهنّ على طريقة الصيد من خلال ما ألهمكم الله بعقولكم.

 

((الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ))(5). 

س 231 ـ ألا تدلّ الآية على حلّية ذبائح أهل الكتاب، لأنّه من ضمن الطعام؟

ج ـ لابدّ من الرجوع للسنّة التي تضمنت تفسير الطعام. وقد اختلفت النصوص في ذلك، والمشهور بين فقهاء مدرسة آل البيت (عليهم السلام) حرمة ذبائح أهل الكتاب، وانّ المقصود بالطعام هنا غير الذبائح المحتاجة للتذكية.

 

س 232ـ ما معنى تحليل طعام المسلمين لأهل الكتاب ما دام مصدر التشريع لديهم غير الإسلام وكتابه؟

ج ـ لعلّ المنظور في هذا التشريع هم المسلمون، بمعنى حلّية تقديم الطعام للكتابي، والهدف منه بيان حلّية المعاشرة معهم من خلال حلّية طعام كلّ من الفريقين أكلاً وتقديماًَ، وكذلك التعامل التجاري معهم والتزويج منهم.

 

((وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ))(6). 

س 233 ـ إذا كانت لفظة ((أَرْجُلَكُمْ)) معطوفة على ((رُؤُوسِكُمْ)) فلماذا نُصبت ولم تتبع المعطوف عليه؟

ج ـ هذا من العطف على المعنى ـ كما يسميه النحاة ـ وهو شائع في القرآن الكريم وفي كلام العرب، مثل قولـه تعالى: ((فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ)) فجاءت لفظة ((أَكُن)) مجزومة، مع أنها معطوفة على لفظة((أَصَّدَّقَ)) المنصوبة. ونظير ذلك قول الشاعر:

بدا لي أنّي لستُ مدركَ ما مضى          ولا سابقٍ شيئاً إذا كان جائيا

فعطف لفظة ((سابقٍ)) المجرورة على لفظة ((مدركَ)) المنصوبة(1).

 

((وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا))(7). 

س 234ـ ما هذا الميثاق الذي تتحدث عنه الآية؟

ج ـ لعلّه التزام كل مسلم ـ عند إسلامه وبيعته للرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) ـ بطاعة الله ورسوله.

 

 ((وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ...))(14). 

س 235 ـ لماذا لم يقل: (من النصارى)؟

ج ـ كأنه باعتبار أن هذا الاسم مقتبس من قول الحواريين: ((نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ))(2) والمسيحيون المعاندون للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لا يستحقون هذا الانتساب، لعدم التزامهم بما أُخذ عليهم من الميثاق.

 

((... قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا...))(17). 

س 236ـ كيـف يمكـن أن تتعلق الإرادة الإلهـية بإهـلاك أمّ المسـيح التـي هـي بالفـعل ـ حين نزول الآية ـ هالكة؟

ج ـ بما أنّ المتأخرين أتباع لأولئك فكأنّ المخاطبين في الآية أولئك المعاصرون للمسيح وأمّه قبل وفاتها.

 

((وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ...))(18). 

س 237ـ ما هو منشأ هذه النسبة لليهود والنصارى؟

ج ـ تضمنت مواقفهم مجموعة من الادعاءات التي أوجبَت هذه النسبة:

(منها): ما حكاه الله تعالى عنهم بقولـه: ((وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ)) (3).

(ومنها): ادعاء اليهود أنهم شعب الله المختار، ونظيره ادعاء النصارى، ففي رسالة بولس الأولى إلى كنيسة تسالوينكي: ((نرجو أن يمهد الله أبونا وربُّنا يسوعُ طريق المجيء إليكم... وأن يقوي قلوبكم فتكونوا بقداسته لا لوم فيها أمام ألهنا وأبينا يوم مجيء ربّنا يسوع مع جميع قديسيه آمين)) (4)، وفي رسالته الثانية: ((من بولس وسلوانُس وتيموثاوس إلى كنيسة تسالوينكي التي في الله ابينا والربِّ يسوع المسيح عليكم النعمة والسلام من الله أبينا ومن الرب يسوع المسيح...)) (5)، وفي رسالة يوحنا الرسول الأولى: ((والله أظهر محبته لنا بأن أرسل ابنه الأوحد إلى العالم لنحيا به، تلك هي المحبة. نحن ما أحببنا الله بل هو الذي أحبّنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا... اكتب إليكم بهذا لتعرفوا أن الحياة الأبدية لكم أنتم الذين يؤمنون باسم ابن الله...)) (6).إلى غير ذلك من الشواهد على هذه الادعاءات الباطلة.

 

 ((وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ))(20). 

س 238 ـ ما هو الذي آتاهم الله دون العالمين؟

ج ـ لقد ميّزهم الله تعالى بكثرة الأنبياء وكثرة الآيات النازلة عليهم.

 

((قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ))(31). 

س 239 ـ ما دام قابيل نادماً فلماذا لم تقبل توبته؟

ج ـ يبدو من الآية الكريمة انّ ندمه لم يكن خشية من الله تعالى ورجوعاً إليه حتى يعتبر توبة، وإنّما لحيرته وشعوره بالضعف والعجز.

 

((مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...))(32). 

س 240ـ كيف يكون قتل نفس واحدة أو إحياؤها بمنزلة قتل الناس جميعاً أو إحيائهم؟

ج ـ لعلّه إشارة إلى البعد الاجتماعي لقتل النفس ظلماً وكذلك إحياؤها وتخليصها من الظلم والعدوان، وأن ذلك لا يقتصر على بُعده الشخصي، لما في الأول من التشجيع على انتهاك حرمة الأبرياء والإخلال بالأمن العام، وفي الثاني من التشجيع على إنقاذ النفوس البريئة والمحافظة على الأمن العام.

 

((إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))(34). 

س 241ـ هل تدلّ الآية على سقوط القصاص عمّا ارتكبوه من قتل قبل توبتهم؟

ج ـ كلا، بل الذي يسقط هو الحق العام وعقوبته باعتبار مبادرتهم بالتوبة قبل إلقاء القبض عليهم، وأما الحق الخاص للمعتدى عليه أو ورثته من القصاص أو الدية ـ إذا رضوا بها ـ فلا يسقط. لانّ المغفرة والامتنان على الظالم لا يكون على حساب المظلوم.

 

((...يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ...))(41). 

س 242 ـ لماذا قال: ((مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ)) ولم يقل: (من مواضعه)؟

ج ـ فيه إيحاء باستقرار دلالة الكلم ووضوح معناه، ومع ذلك يحرّفه هؤلاء ويحاولون صرفه عن معناه الحقيقي الواضح.

 

 ((وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ))(43). 

س 243ـ هل يعني قولـه تعالى: ((وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ)) وجود النسخة غير المحرّفة عندهم؟

ج ـ يبدو أنّ الآية ناظرة إلى حكم القصاص، وأنه كان محفوظاً في التوراة التي عندهم، وهو لا يعني عدم التحريف بالنسبة لغيره.

ويشهد على ذلك قولـه تعالى ـ فيما بعد ـ ((وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) (7).

 

((وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ))(46). 

س 244 ـ لماذا كرّر قولـه: ((مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ))؟

ج ـ المنظور من الأول عيسى (عليه السلام) نفسه، ومن الثاني الإنجيل، فلا يكون تكراراًَ.

 

 ((وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً...))(47- 48). 

س 245 ـ كيف يؤمرون بالحكم بما في الإنجيل مع أنه نسخ بشريعة الإسلام؟

ج ـ ليس المقصود بأهل الإنجيل النصارى المعاصرين للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بل الذين هم قبل الإسلام، فانه بعد أن بيّن في الآية السابقة إرسال عيسى بالإنجيل ذكر أن النصارى مأمورون بالحكم بما في الإنجيل، كما كان اليهود مأمورين قبل النصرانية بالحكم بما في التوراة. ويتجلّى هذا المعنى على قراءة حمزة: (ولِْيَحْكُمَ أَهْلُ الإِنجِيلِ) بلام التعليل المكسورة ونصب الفعل.

ومما يؤكّد أن الاحتكام للإنجيل بالنسبة لمن كان قبل الإسلام فحسب قولـه تعالى: ((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ)) حيث أكّد على لزوم الحكم ـ بعد الإسلام ـ طبقاً للشريعة الإسلامية، مبينّاًَ مشئية الله تعالى وحكمته في اختلاف التشريع لكل عصر وكلّ أمة.

 

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))(51). 

س 246 ـ كيف يقول: ((وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)) مع أنّ ولاءهم لا يُخرج المسلم عن الإسلام؟

ج ـ ليس المراد أنه يصير يهودياً أو نصرانياً، وإنّما بولائه لهم ينتسب إلى جماعتهم ومعسكرهم المعادي للإسلام.

 

((فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ...))(52). 

س 247 ـ لماذا قال: ((يُسَارِعُونَ فِيهِمْ)) مع أنّ سارعَ تتعدى بـ (إلى) فيقال سارعت إلى السفر؟

ج ـ لعله باعتبار أنه ليس المقصود المسارعة إليهم، وإنما المسارعة في إظهار الولاء لهم.

 

((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ))(55). 

س 248 ـ كيف ينسجم ما يذكره شيعة آل البيت (عليهم السلام) من تفسير هذه الآية بعلي (عليه السلام) حيث أعطى السائل خاتمه أثناء ركوعه مع أنّ لفظ الآية: ((الَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ...)) يدلُّ على الجماعة؟

ج ـ أولاً: انّ إطلاق لفظ الجماعة وإرادة الواحد مألوف في القرآن الكريم وغيره مثل قولـه تعالى: ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) وقولـه تعالى: ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)) وكذلك قولـه تعالى: ((الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ)) حيث ذكر بعض المفسرين أنها نزلت في نعيم بن مسعود.

وثانياً: ان تفسير هذه الآية بالإمام علي (عليه السلام) لا يختص به الشيعة، بل ذكره كثير من المفسرين والمحدّثين كالطبري والثعلبي والقرطبي، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة، والشوكاني في فتح القدير وابن كثير في تفسيره وغيرهم. حتى أنّ حسان بن ثابت نظم في ذلك شعراً، فقال فيه:

أبا حسـن تفديـك نفسي ومهجـتي      وكل بطيء في الهدى ومسارع

فأنتَ الذي أعطيتَ اذ كنتَ راكـعـاً     زكاةً فدتك النفسُ يا خير راكع

فأنـزل فـيـك الله خيـر ولايـة       وأثبتها مثنى كتابُ الشرائع(8)

 

س 249 ـ ألا ينافي التفات الإمام علي (عليه السلام) لسؤال السائل ـ بناءً على نزول الآية منه ـ الخشوع لله تعالى المطلوب والمحبَّذ في الصلاة؟

ج ـ أولاّ أشارت بعض النصوص إلى أن الأمام عليّاً قد أعطى السائل خاتمة بعد أن طلب منه وهو في أثناء الصلاة.

ثانياً: ان الذي ينافي الخشوع في الصلاة هو الانشغال عن التوجه لله تعالى تأثراً بموثرات دنيوية دون مجرد سماع طلب السائل والتصدّق عليه الذي هو مقرِّب لله أيضاً. وقد روى البخاري بسنده عن ابن عمر انه قال: ((رأى النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) نخامة في قبلة المسجد وهو يصلي بين يدي الناس فختمّها. ثم قال حين انصرف: ((إن أحدكم إذا كان في الصلاة فانّ الله قِبَلَ وجهه فلا يتنخّمنَّ أحد قِبََلَ وجهه في الصلاة)) رواه موسى بن عُقبه وان أبي روّاد عن نافع (9))).

 

((قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ))(60). 

س 250ـ ما هو الشرّ الأول الذي يشير إليه لفظ (ذلك)؟

ج ـ إنّه الشرّ بنظر أهل الكتاب، وهو الإيمان بالله وما اُنزل على النبي ومن قبله من الرسل، الذي تشير إليه الآية السابقة: ((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ...))

 

((وَإِذَا جَآؤُوكُمْ قَالُوَاْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ))(61). 

س 251 ـ ما معنى دخولهم بالكفر وخروجهم به؟

ج ـ دخولهم بالكفر هو كفرهم، وخروجهم به هو ملازمتهم له رغم إظهار الإيمان، فيكون إشارة لنفاقهم.

 

((لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قولـهمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ))(63). 

س 252 ـ هل كان علماؤهم ينهونهم عن قول الإثم وأكل السحت كما قد توحي به الآية؟

ج ـ كلا، الآية تدلّ على أنّ علماءهم لم يكونوا ينهونهم عن ذلك، لأن (لولا) الداخلة على الفعل تدلّ على الحث والتحضيض، فهي هنا بمعنى (هلاّ) وفيها إشارة إلى تأنيب هؤلاء العلماء بسبب عدم نهيهم عن المنكر.

 

((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ))(69). 

س 253 ـ لماذا((الصَّابِئُونَ)) والمفروض أن يكون منصوباً، لأنه معطوف على اسم إن المنصوب؟

ج ـ أولاً: هذا ليس من عطف المرفوع ((الصَّابِئُونَ)) على المنصوب ((الَّذِينَ آمَنُوا))، لأنّ قولـه ((الصَّابِئُونَ)) مبتدأ، خبره ((مَنْ آمَنَ بِاللّهِ... )) وخبر ((إنّ)) محذوف بقرينة خبر الجملة الثانية، والعطف من عطف الجملة على الجملة لا عطف المفرد، ونظير ذلك قول الشاعر:

نحن بما عندنا وأنت بما     عندك راض والرأي مختلف

 

أي نحن بما عندنا راضون، فحذف الخبر اعتماداً على قرينة خبر الجملة الثانية.

ويجوز أن يكون الخبر الموجود خبراً لـ((إنّ)) وخبر ((الصابئون)) محذوف بقرينة خبر ((إنّ)) كما قال ضابىء البرجمي:

فمن يك أمسى بالمدينة           رحله فإنّي وقيّار بها لغريب

 

أي وقيّار غريب، فحذف الخبر اعتماداً على خبر ((إنّ)).

وهناك رأي ثالث على رأي بعض النحاة بأن يكون ((الصَّابِئُونَ)) عطفاً على اسم ((إنّ)) من باب العطف على المعنى كما قال الشاعر:

بدا لي أنّي لستُ مدركَ ما مضى       ولا سابق شيئاً اذا كان جائياً

 

فعطف ((سابق)) على ((مدركَ)) من باب العطف على المعنى رغم ان المعطوف مجرور والمعطوف عليه منصوب، وتفصيله في علم النحو. وعلى كل حال فليس ذلك غلطاً.

ثانياً: كيف يكون غلطاً والنبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) عربي أصيل والبيئة عربيةٌ أصيلة قبل الاختلاط والتأثر بالأعاجم، ولذلك يستشهد النحويون بكلام العرب ـ إلى أواخر الدولة الأموية وبدايات العصر العباسي ـ من دون خلاف بينهم، ولو فتحت الباب لتخطئة العرب الأوائل لبطلت علوم العربية.

ثالثاً: كيف يفرض في القرآن هذا اللحن المكشوف من دون أن يعترض عليه العرب، رغم التحدّي القرآني لهم؟ 

 

((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ))(77). 

س 254 ـ ما الفائدة من تكرير بيان ضلالهم؟

ج ـ لعلّ ضلالهم الأول بالتزامهم التعاليم المحرَّفة في دينهم وعدم اتبّاع تعاليم أنبيائهم، والضلال الثاني إشارة إلى عدم إيمانهم بالاسلام الذي هو خاتم الأديان. والله العالم.

 

((... وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ))(82- 83). 

س 255ـ كما انّ للنصارى قسيسين ورهباناً كذلك لليهود أحبار، وجلّ الفريقين لم يؤمن بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) فما الذي يمّيز النصارى عن اليهود حتى صاروا أقرب مودةً للمؤمنين؟

ج ـ تميّزَ النصارى المعاصرون للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن معاصريهم من اليهود والمشركين بسلوكهم السلمي مع المسلمين، بعكس المشركين واليهود الذين واجهوا المسلمين بالعدوان المسلّح والفتنة والخيانة. ويبدو أنّ لعلماء النصارى دوراً في موقفهم السلمي، حيث لم يوجّهوا أتباعهم لإثارة الفتنة والعدوان، حتى إنّ بعضهم آمن برسالة الإسلام ولم يستكبر في مواجهة الحق، وهم الذين أشارت اليهم الآية الكريمة بالثناء والمدح.

 

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ))(90- 91). 

س 256 ـ لماذا تحدثت الآية الثانية عن خصوص الخمر والميسر دون الأنصاب والأزلام التي ذكرتها الآية الأولى؟

ج ـ أولاً: باعتبار أن الذي يوجب العداوة والبغضاء والصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة هو الخمر والميسر دون الأنصاب والأزلام.

وثانياً: انّ ترك الأنصاب والأزلام أيسر من ترك الخمر والميسر، لأنّ هذين يوجبان الاعتياد بخلاف الأولين، ولعلّ قولـه تعالى: ((فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)) إشارة لذلك.

 

س 257 ـ إذا كان الخمر من عمل الشيطان فكيف يوفره الله للمؤمنين في الجنة، كما قال تعالى: ((يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)) (10).

ج ـ انّ خمر الجنّة تختلف أوصافه جذرياً مع خمر الدنيا، فالصفة البارزة في خمر الدنيا هو ما يلازمه من فقدان الوعي الذي يجرّ عادةً إلى المفاسد كاللغو والجريمة والإثم، حيث كان لذلك الدور الحاسم في تحريمه ((يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)) (11). بالإضافة إلى النصوص التي أكّدت أنّ إسكار الخمر هو السبب في تحريمه، بينما خمر الآخرة فاقد لهاتين الصفتين، كما قال تعالى ((يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ)) (12). وقال تعالى ((لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً)) (13).

 

((لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ))(93). 

س 258 ـ لماذا كرّر قولـه تعالى: ((اتَّقَواْ)) ثلاث مرات؟

ج ـ كأن الآية الكريمة بصدد التأكيد على التقوى وإيمان الإنسان واستقامته، وجاء تكرير الأمر بالتقوى، لأنها منشأ الخير والاستقامة، خاصة إذا كان الأمر مرتبط بالتخلّص من عادة شرب الخمر والسكر المستحكمة في النفس والمألوفة في المجتمع، حيث ورد في سبب نزول الآية من حديث علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال في قولـه تعالى: ((لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ...)) قالوا: يا رسول الله، ما تقول في إخواننا الذين ماتوا، كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر، فأنزل الله الآية (14).

 

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ...))(94). 

س 259 ـ لماذا خصّ الاختبار ببعض الصيد فقط؟ وما هو ذلك البعض؟

ج ـ لأن المحرَّم هو بعض الصيد لا كلّه، وذلك البعض إما إشارة لصيد البَرَّ؛ لأنّ صيد البحر حلال للمحرم، أو نقول: بما أنّ الحديث عن صيد البّر فقط بقرينة قولـه: ((تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ)) فيكون البعضَ إشارة إلى الصيد حين الإحرام دون صيد غير المحرِم.

 

((جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))(97). 

س 260 ـ ما هو وجه دلالة هذه التشريعات على علم الله المطلق بالأشياء؟

ج ـ لعلّ ذلك بمعونة التأمل الدقيق في حكمة هذه التشريعات، وتناول التشريع الإلهي لكل التفاصيل، فانّ ذلك يوجب العلم بأن الله تعالى محيط بكل شيء.

 

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ))(105).

 

س 261 ـ كيف ينسجم مدلول هذه الآية مع مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

ج ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنما يجبان بشروط منها: احتمال تأثير الأمر أو تأثير النهي في قطع دابر المنكر بينما المنظور في الآية حالة إصرار الطرف الآخر على الضلال وعدم استجابتهم لدعوة الإيمان والهداية، حيث كان بعض المسلمين يحرصون على دعوة هؤلاء وهدايتهم رغم إصرارهم، وقد روي أن أبا ثعلبة سـأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن هذه الآية، فقال: ((ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيتَ دنيا مؤثرة وشحّاً مطاعاً وهوى متّبعاً، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه فعليك بخويصة نفسك وذر الناس

وعوامهم)) (15).

 

 ((يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ))(109). 

س 262 ـ كيف يقول الرسل((لاَ عِلْمَ لَنَا)) مع أنّ كلّ رسول يعلم بموقف قومه؟

ج ـ الرُسل يرون المواقف المعلنة للجيل المعاصر لهم من أممهم دون كثير من التفاصيل والخفايا، والله سبحانه هو العالِم بالمؤمنين برسالاته ومدى التزام أبناء الجيل المعاصر للرسول، وكذلك الأجيال اللاحقة، لأنه تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد.

 

((إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ))(112). 

س 263 ـ ألا يعبّر هذا الاستفهام عن شكّ الحواريين في قدرة الله تعالى؟

ج ـ مثل هذا إنمّا يعبّر عن عدم استيعابهم ـ آنذاك ـ لعموم قدرة الله تعالى دون الشك المنافي للإيمان، ولذلك عندما حذّرهم عيسى (عليه السلام) من أن يكون طلبهم معبِّراً عن الشك المذكور: ((قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ)) إذن فهدفهم مشاهدة الآية لتطمئن قلوبهم وتقوى حجّتهم أمام قومهم ولذلك قالوا: ((وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ)) ولعلهم لا يقصدون من استطاعة الله قدرته التكوينية، بل انسجام طلبهم مع مصالح التكوين لتتحقق المشيئة الإلهية بذلك، كما تقول لصديقك: (هل تستطيع أن تزورني في العطلة) وتقصد أن ظروفه هل تسمح بذلك. مع علمك بقدرته على زيارتك.

 

((وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ))(116). 

س 264 ـ ما هو توجيه الاستفهام الإلهي مع عيسى مع أنّه منزّه عن احتمال هذا الادّعاء؟

ج ـ الآية تحكي عن الحوار يوم القيامة، والهدف منه توبيخ النصارى الذين ينسبون لعيسى (عليه السلام) هذا الادعاء، وجواب عيسى المتضّمن لتكذيبهم يكون أبلغ في إقامة الحجة عليهم.

 

س 265ـ ما معنى قولـه: ((وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ)) مع أنّ الله تعالى منزّه عن النفس، لأنّها ترتبط بالجسم؟

ج ـ النفس هنا بمعنى الذات وحقيقة الشيء، فكأنه قال: لا أعلم ما تضمره أنت.

 

ــــــــــــــــــ

(1) لمزيد من التفصيل يراج كتاب ((مغني اللبيب عن كتب الأعاريب)) لابن هشام الأنصاري.

(2) سورة آل عمران: 52.

(3) سورة المائدة: 30.

(4) الكتاب المقدس العهد الجديد: ص557.

(5) المصدر: ص 560.

(6) المصدر 657 و660.

(7) سورة المائدة: 45.

(8) يراجع فرائد السمطين للحموي: 1/189، وتذكرة الخواص لسبط بن الجوزي: 15 وغيرهما.

(9) الجامع الصحيح: 1 / 244 حديث: 753.

(10)المطففين:25 ـ 26.

(11)البقرة: 219.

(12)الطور:23.

(13)الواقعة:25.

(14) هامش الكشاف: 1 / 676 عن الطبري.

(15) مجمع البيان: 3/ 392.

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336274

  • التاريخ : 28/03/2024 - 21:19

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net