00989338131045
 
 
 
 
 
 

 والتقية في مذاهب السنة كما في مذهب الشيعة 

القسم : علوم القرآن   ||   الكتاب : تدوين القرآن   ||   تأليف : الشيخ علي الكوراني

والتقية في مذاهب السنة كما في مذهب الشيعة

قال البخاري في صحيحه ج 8 ص 55 ( كتاب الإكراه . وقول الله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم وقال إلا أن تتقوا منهم تقاة وهي تقية ، وقال إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض .. الى قوله واجعل لنا من لدنك نصيراً فعذر الله المستضعفين الذين لا يمتنعون من ترك ما أمر الله به. والمكره لا يكون إلا مستضعفاً غير ممتنع من فعل ما أمر به . وقال الحسن ـ يقصد البصري ـ : التقية الى يوم القيامة ) . وقال في ج 5 ص 165 ( تقاة وتقية واحدة .. ) انتهى .

وروى البيهقي في سننه ج 8 ص 209 تفسير ابن عباس لهذه الآية وفيه ( ... فأما من أكره فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه فلا حرج عليه ، إن الله سبحانه إنما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم ) .

ورواه السيوطي في الدر المنثور ج 2 ص 16 وذكر ما يوافق مذهبنا من عدم التقية في الدماء قال ( ... ولا يبسط يده فيقتل ولا الى إثم فإنه لا عذر له ) ثم نقل كلام الحسن البصري وقراءة قتادة وغيره : تتقوا منهم تقية ، بالياء .

وقال النووي في المجموع ج 18 ص 8 ( ... إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان ، ولا تبين منه زوجته ولا يحكم عليه بحكم الكفر . هذا قول مالك والشافعي والكوفيين غير محمد بن الحسن فإنه قال : إذا أظهر الشرك كان مرتداً في الظاهر ، وفيما بينه وبين الله تعالى على الإسلام ، وتبين منه امرأته ولا يصلى عليه إن مات ولا يرث أباه إن مات مسلماً . قال القرطبي : وهذا قول يرده الكتاب والسنة قال تعالى : إلا من أكره .. الآية وقال : إلا أن تتقوا منهم تقاة . ( ثم نقل كلام البخاري وقال : فلما سمح الله عز وجل بالكفر به لمن أكره وهو أصل الشريعة ولم يؤاخذ به ، حمل عليه أهل العلم ) انتهى .

وروى في المدونة الكبرى ج3 ص 29 عن عبدالله بن مسعود أنه قال ( ما من كلام كان يدرأ عني سوطين من سلطان إلا كنت متكلماً به ) .

وروى عبدالرزاق في المصنف ج 4 ص 47 عن عبدالله بن عمر أنه كان يستعمل التقية مع خلفاء بني أمية .. ! قال ( عن ميمون بن مهران قال دخلت على ابن عمر أنا وشيخ أكبر مني ، قال حسبت أنه قال ابن المسيب ، فسألته عن الصدقة أدفعها الى الأمراء؟ فقال نعم ، قلت وإن اشتروا به الفهود والبيزان ( الصقور ) ؟! قال نعم .

... وعن محمد بن راشد قال أخبرني أبان قال : دخلت على الحسن وهو متوارٍ زمان الحجاج في بيت أبي خليفة فقال له رجل : سألت ابن عمر هل أدفع الزكاة الى الأمراء ؟ فقال ابن عمر : ضعها في الفقراء والمساكين . قال فقال لي الحسن : ألم أقل لك إن ابن عمر كان إذا أمن الرجل قال : ضعها في الفقراء والمساكين ) انتهى .

وقال السرخسي في المبسوط ج 24 ص 45 ( ... وعن الحسن البصري رحمه الله : التقية جائزة للمؤمن الى يوم القيامة ، إلا أنه كان لا يجعل في القتل تقية ، وبه نأخذ . والتقية أن يقي نفسه من العقوبة بما يظهره وإن كان يضمر خلافه . وقد كان بعض الناس يأبى ذلك ويقول إنه من النفاق ، والصحيح أن ذلك جائز لقوله تعالى : إلا أن تتقوا منهم تقاة ، وإجراء كلمة الشرك على اللسان مكرهاً مع طمأنينة القلب بالإيمان من باب التقية، وقد بينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص فيه لعمار بن ياسر رضي الله عنه ) .

وقال في ص 154 (.. وذلك على المكره دون المكره عند التهديد بالقتل ( يقصد أن كفارة القتل تكون على من أجبره على القتل لا على المنفذ ) وإن توعده بالحبس كانت الكفارة على القاتل خاصة ، بمنزلة ضمان المال وبمنزلة الكفارة في قتل الآدمي خطأ ... ولو أن رجلاً وجب عليه أمر بمعروف أو نهي عن منكر فخاف إن فعل أن يقتل، وسعه أن لا يفعل . وإن فعل فقتل كان مأجوراً ، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض مطلقاً . قال الله تعالى : وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك الآية .. والترك عند خوف الهلاك رخصة ، قال الله تعالى : إلا أن تتقوا منهم تقاة ، فإن ترخص بالرخصة كان في سعة وإن تمسك بالعزيمة كان مأجوراً ) انتهى .

فما هو الفرق بين التقية التي يفتي بها الشيعة، وهذه التي يفتي بها السنة ؟

لا فرق ، إلا أن الشيعة يحتاجون إليها أكثر بسبب الظلم والإضطهاد الذي كان وما زال ينصب عليهم !!

ولا فرق ، إلا أن خصوم الشيعة يبحثون عن أي شئ لينبزوا به الشيعة وقد وجدوا التقية ، ولم يعرفوا أنها أمر مشترك ، أو عرفوا وحرفوا !

جرى نقاش عن التقية بيني وبين بعض علماء الوهابية وكان على مذهب إحسان ظهير في تكفير الشيعة وكرههم الى آخر نفس ، فوجدت أنه لا يدرك أنه يستعمل التقية مع دولته ومن يخاف منهم ، ولا يريد أن يدرك ! لأنه كان يصر على أنها جائزة فقط مع الكفار وليس مع المسلمين . ولم يقتنع بكلامي بأن ملاك التقية الخطر وخوف الضرر، سواء توجه إليك من كافر أو مسلم .. فأردت أن يلمس أنه يستعمل التقية مثلي وأكثر ، فجررت الحديث الى حكومته ورأيه فيها وفي رئيسها ، وواصلت أسئلتي له ، وواصل استعمال التقية في الجواب حتى أحس بالحرج فودعني ، فشكرته على أنه استعمل التقية من دولته وصار على مذهب الشيعة في هذه المسألة الفقهية !

إن التقية موجودة في حياتنا جميعاً أيها الإخوة ، ولكنها أمر نسبي حسب أجواء الأمن والحرية التي توجد لإنسان ولا توجد لآخر ، وتوجد في بلد ولا توجد في آخر ، وتوجد لطائفة ولا توجد لأخرى .. فهل تتركون نبز الشيعة بها ؟!




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21401207

  • التاريخ : 19/04/2024 - 05:30

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net