00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الشورى 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 1122 ]

سورة الشورى [ مكية، وهي ثلاث وخمسون آية ] (1)

 بسم الله الرحمن الرحيم (حم). (عسق). قال: (عس): عدد سني القائم، وقاف (جبل محيط بالدنيا من زمردة خضراء، فخضرة السماء من ذلك الجبل، وعلم كل شئ في) عسق (2). (كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم). (له ما في السموات وما في الأرض وهو العلي العظيم). (تكاد السموات يتفطرن من فوقهن) قال: (أي: يتصدعن) (3). أقول: يعني من عظمة الله (والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض) قال: (من المؤمنين) (4). القمي: للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة، ولفظ الاية عام والمعنى خاص (5). (ألا إن الله هو الغفور الرحيم).

__________________________

(1) - ما بين المعقوفتين من(ب).

(2) و(3) - القمي 2: 268، عن أبي جعفر عليه السلام.

(4) - جوامع الجامع: 427، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(5) - القمي 2: 268.(*)

[ 1123 ]

(والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم): رقيب على أحوالهم وأعمالهم، فيجازيهم بها (وما أنت عليهم بوكيل). (وكذلك أوحينا إليك قرانا عربيا لتنذر أم القرى) أي: أهلها، وهي مكة (ومن حولها): سائر الأرض (وتنذر يوم الجمع): يوم القيامة يجمع فيها الخلائق (لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير). (ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة) مهتدين (ولكن يدخل من يشاء في رحمته بالهداية (والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير) أي: ويدعهم بغير ولي ولا نصير في عذابه. (أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولى X وهو يحي الموتى وهو على كل شئ قدير). (وما اختلفتم فيه من شئ) القمي: من المذاهب والأديان (1). (فحكمه إلى الله) يوم القيامة. وقيل: وما اختلفتم فيه من تأويل متشابه، فارجعوا إلى المحكم من كتاب الله (2). (ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب). (فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا) يعني النساء (ومن الأنعام أزواجا) يعني ذكرا وأنثى (يذرؤكم فيه): يبثكم ويكثركم فيه، يعني النسل الذي يكون من الذكور والأناث (ليس كمثله شئ) قال: (إذا كان الشئ من مشيئته فكان لا يشبه مكونه) (3). القمي: رد الله على من وصف الله (4). قيل: الكاف زائدة (5) المراد المبالغة في نفي المثل عنه. فإنه إذا نفى عمن يناسبه ويسد مسده كان نفيه عنه

__________________________

(1) القمي 2: 273.

(2) - البيضاوي 5: 51.

(3) - المصباح المتهجد: 697، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(4) - القمي 2: 273.

(5) - مجمع البيان 9 - 10: 24، البيضاوي 5: 52.(*)

[ 1124 ]

أولى (1). (وهو السميع البصير) لكل ما يسمع ويبصر. (له مقاليد السموات والأرض): خزائنهما (يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر): يوسع ويقتر على وفق مشيئته (إنه بكل شئ عليم) فيفعله على ما ينبغي. (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين) يعني: الأصل المشترك فيما بينهم، ومنه الولاية (ولا تتفرقوا فيه): ولا تختلفوا فيه (كبر على المشركين): عظم عليهم (ما تدعوهم إليه) من هذه الشرائع (الله يجتبي إليه من يشاء): يختار ويجتلب إلى الدين (ويهدي إليه) بالارشاد والتوفيق (من ينيب): من يقبل إليه. قال: (نحن الذين شرع الله لنا دينه، فقال في كتابه:) شرع لكم (يا آل محمد) من الدين (الاية. قال: فقد علمنا وبلغنا علم ما علمنا، واستودعنا علمهم، نحن ورثة أولي العزم من الرسل،) أن أقيموا الدين (يا آل محمد) ولا تتفرقوا فيه (: وكونوا على جماعة،) كبر على المشركين (: من أشرك بولاية علي،) ما تدعوهم إليه (، من ولاية علي - وزيد في رواية أخرى: هكذا في الكتاب مخطوطة قال: (إن الله يا محمد) (2) - يهدي إليه من ينيب: من يجيبك إلى ولاية علي) (3). (وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم). القمي: لم يتفرقوا بجهل، ولكنهم تفرقوا لما جاءهم وعرفوه، فحسد بعضهم بعضا، وبغى بعضهم على بعض، لما رأوا من تفاضيل أمير المؤمنين عليه السلام بأمر الله، فتفرقوا في المذاهب، وأخذوا بالاراء والأهواء (4).

__________________________

(1) - البيضاوي 5: 51.

(2) - الكافي 1: 418، الحديث: 32، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

(3) - الكافي 1: 224، الحديث: 1، بصائر الدرجات: 118، الباب: 3، الحديث: 1، تأويل الايات الظاهرة: 530، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

(4) - القمي 2: 273.(*)

[ 1125 ]

(ولولا كلمة سبقت من ربك) بالامهال (إلى أجل مسمى لقضى بينهم): لأهلكهم، ولم ينظرهم إذا اختلفوا (وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب). (فلذلك فادع). القمي: يعني لهذه الأمور، والدين الذي تقدم ذكره، وموالاة أمير المؤمنين عليه السلام فادع (1). وورد: (يعني إلى ولاية أمير المؤمنين) (2). (واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم) فيه (وقل امنت بما أنزل الله من كتاب) يعني جميع الكتب المنزلة (وأمرت لاعدل بينكم الله ربنا وربكم): خالق الكل ومتولي أمره (لنا أعمالنا ولكم أعمالكم): وكل مجازى بعمله (لا حجة بيننا وبينكم): لا حجاج، بمعنى لا خصومة. إذ الحق قد ظهر ولم يبق للمحاجة مجال. (الله يجمع بيننا) يوم القيامة (وإليه المصير): مرجع الكل. (والذين يحاجون في الله): في دينه (من بعد ما استجيب له) لدينه أو لرسوله (حجتهم داحضة عند ربهم). القمي: أي: يحتجون على الله بعد ما شاء الله أن يبعث عليهم الرسل، فبعث الله إليهم الرسل والكتب، فغيروا وبدلوا، ثم يحتجون يوم القيامة، فحجتهم على الله داحضة، أي: باطلة عند ربهم (3). (وعليهم غضب ولهم عذاب شديد) بمعاندتهم. (الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان). القمي: (الميزان أمير المؤمنين عليه السلام) (4). أقول: قد مضى تحقيقه في الأعراف (5). (وما يدريك لعل الساعة

__________________________

(1) - القمي 2: 273.

(2) - 3 - المصدر: 274.

(3) - القمي 2: 343، ذيل الاية: 7 من سورة الرحمن، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

(4) - ذيل الاية: 8.(*)

[ 1126 ]

قريب). (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين امنوا مشفقون منها): خائفون منها مع اعتناء بها لتوقع الثواب (ويعلمون أنها الحق) الكائن لا محالة (ألا إن الذين يمارون في الساعة) القمي: أي: يخاصمون، فإنهم كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أقم لنا الساعة وأتنا بما تعدنا، إن كنت من الصادقين (1). (لفي ضلال بعيد). (الله لطيف بعباده): بر بهم بصنوف من البر (يرزق من يشاء): يرزقه لما يشاء، فيخص كلا من عباده بنوع من البر على ما اقتضته حكمته. (وهو القوي العزيز): المنيع الذي لا يغلب. (من كان يريد حرث الاخرة): ثوابها. شبهه بالزرع، من حيث إنه فائدة تحصل بعمل الدنيا، ولذلك قيل: الدنيا مزرعة الاخرة (2). (نزد له في حرثه) فنعطه بالواحد عشرا إلى سبعمائة فما فوقها. (ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها): شيئا منها، على ما قسمنا له (وما له في الاخرة من نصيب) إذ الاعمال بالنيات. وإنما لكل امرئ ما نوى. ورد: (المال والبنون حرث الدنيا، والعمل الصالح حرث الاخرة، وقد يجعلهما الله لأقوام) (3). (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) كالشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا (ولولا كلمة الفصل لقضى بينهم). قال: (لولا ما تقدم فيهم من الله عز ذكره، ما أبقى القائم منهم أحدا) (4). أقول يعني قائم كل عصر. (وإن الظالمين لهم

__________________________

(1) - القمي 2: 274، ومنتهى كلامه اقتباس من الاية: 70، من سورة الأعراف.

(2) - عوالي اللئالي 1: 267، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، البيضاوي 5: 53.

(3) - القمي 2: 274، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(4) - الكافي 8: 287، الحديث: 432، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 1127 ]

عذاب أليم). (ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا): خائفين مما ارتكبوا وعملوا (وهو واقع بهم) أي: ما يخافونه (والذين امنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير). (ذلك الذي يبشر الله عباده الذين امنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه): على ما أتعاطاه من التبليغ (أجرا): نفعا منكم (إلا المودة في القربى) قال: (أن تودوا قرابتي وعترتي، وتحفظوني فيهم) (1). ورد: (جاءت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالوا: إنا آوينا ونصرنا، فخذ طائفة من أموالنا فاستعن بها على ما نابك، فأنزل الله:) قل لا أسألكم عليه أجرا (يعني على النبوة) إلا المودة في القربى (أي: في أهل بيته، ثم قال: ألا ترى أن الرجل يكون له صديق، وفي نفس ذلك الرجل شئ على أهل بيته، فلا يسلم صدره، فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله شئ على أمته، ففرض الله عليهم المودة في القربى. فإن أخذوا أخذوا مفروضا، وإن تركوا تركوا مفروضا) (2). وقال: (هي والله فريضة من الله على العباد لمحمد صلى الله عليه وآله في أهل بيته) (3). وفي رواية: (في علي وفاطمة والحسن والحسين، أصحاب الكساء) (4). وفي أخرى: (هم الأئمة عليهم السلام) (5). وروي إنه: لما نزلت، قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله بمودتهم ؟ قال:

__________________________

(1) - مجمع البيان 9 - 10: 28، عن السجاد والباقر والصادق عليهم السلام.

(2) - القمي 2: 275، عن أبي جعفر عليه السلام.

(3) - المحاسن: 144، الباب: 13، الحديث: 46، عن أبي جعفر عليه السلام.

(4) - الكافي 8: 93، الحديث: 66، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(5) - الكافي 1: 413، الحديث: 7، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 1128 ]

(علي وفاطمة وولدهما) (1). (ومن يقترف حسنة) قال: (اقتراف الحسنة، مودتنا أهل البيت) (2). وفي رواية: (الاقتراف التسليم لنا والصدق علينا، وأن لا يكذب علينا) (3). (نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور). قال: (من توالى (4) الأوصياء، من آل محمد واتبع آثارهم، فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين، حتى يصل ولايتهم إلى آدم) (5). (أم يقولون افترى على الله كذبا) أي: افترى آية المودة، كما يأتي بيانه (6) (فإن يشاء الله يختم على قلبك) قال: (لو افتريت) (7). وفي رواية يقول: (لو شئت حبست عنك الوحي، فلم تكلم بفضل أهل بيتك ولا بمودتهم) (8). (ويمح الله الباطل): المفترى. قال: (يعني يبطله) (9). (ويحق الحق بكلماته) قال: (يعني بالأئمة والقائم من آل محمد صلى الله عليه وآله) (10). وفي رواية يقول: (يحق لأهل بيتك الولاية) (11).

__________________________

(1) - مجمع البيان 9 - 10: 28، عن النبي صلى الله عليه وآله، البيضاوي 5: 53. وفي شواهد التنزيل 2: 130، الحديث: 822، الدر المنثور 7: 348، ابن عباس.

(2) - مجمع البيان 9 - 10: 29، عن حسن بن علي عليهما السلام.

(3) - الكافي 1: 391، الحديث: 4، عن أبي جعفر عليه السلام.

(4) - في المصدر:(من تولى).

(5) - الكافي 8: 379، الحديث: 574، عن أبي جعفر عليه السلام.

(6) - ذيل الاية: 25، من نفس السورة.

(7) - القمي 2: 275، عن أبي جعفر عليه السلام.

(8) - الكافي 8: 379، الحديث: 574، عن أبي جعفر عليه السلام.

(9) و(10) - القمي 2: 275، عن أبي جعفر عليه السلام.

(11) - الكافي 8: 380، الحديث: 574، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 1129 ]

(إنه عليم بذات الصدور). قال: (يقول: بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك، والظلم بعدك) (1). (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون). روي: (لما نزلت آية المودة بعد مقالة الأنصار - كما مر (2) - فقرأها عليهم، وقال: تودون قرابتي من بعدي. فخرجوا من عنده مسلمين لقوله. فقال المنافقون: إن هذا لشئ افتراه في مجلسه، أراد أن يذللنا لقرابته من بعده. فنزلت:) أم يقولون افترى على الله كذبا (فأرسل إليهم، فتلاها عليهم، فبكوا واشتد عليهم، فأنزل الله:) وهو الذي يقبل التوبة عن عباده (الاية، فأرسل في أثرهم، فبشرهم) (3). وورد مثله برواية الخاصة (4)، إلا أنه ذكر مكان: (أم يقولون افترى على الله كذبا،) أم يقولون افتريه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا (الاية، كما في الأحقاف (5). (ويستجيب الذين امنوا وعملوا الصالحات) روي: (إنهم الذين سلموا لقوله) (6). وفي رواية الخاصة: (هو المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب، فيقول له الملك: آمين، قول العزيز الجبار: ولك مثلا ما سألت، وقد أعطيت ما سألت بحبك إياه) (7). (ويزيدهم من فضله). قال: (الشفاعة لمن وجبت له النار، ممن أحسن إليهم في الدنيا) (8). (والكافرون لهم عذاب شديد).

__________________________

(1) - الكافي 8: 380، الحديث: 574، عن أبي جعفر عليه السلام.

(2) - ذيل الاية: 23، من نفس السورة.

(3) - مجمع البيان 9 - 10: 29، وتأويل الايات الظاهرة: 531.

(4) - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 235، الباب: 23، ذيل الحديث الطويل: 1، عن أبي الحسن الرضا، عن آبائه، عن حسين بن علي عليهم السلام.

(5) - الاحقاف(46): 8.

(6) - مجمع البيان 9 - 10: 29.

(7) - الكافي 2: 507، الحديث: 3، عن أبي جعفر عليه السلام.

(8) - مجمع البيان 9 - 10: 30، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1130 ]

(ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض): لتكبروا وأفسدوا بطرا. قال: (لو فعل لفعلوا، ولكن جعلهم محتاجين بعضهم إلى بعض، واستعبدهم بذلك، ولو جعلهم كلهم أغنياء لبغوا) (1). (ولكن ينزل بقدر ما يشاء) قال: (بما يعلم أنه يصلحهم في دينهم ودنياهم) (2). (إنه بعباده خبير بصير). في الحديث القدسي: (إن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده، وذلك أني أدبر عبادي، لعلمي بقلوبهم) (3). (وهو الذي ينزل الغيث): المطر الذي يغيثهم من الجدب (4)، ولذلك خص بالنافع. (من بعد ما قنطوا): أيسوا منه (وينشر رحمته) في كل شئ، من السهل والجبل والنبات والحيوان (وهو الولي): الذي يتولى عباده بإحسانه ونشر رحمته (الحميد): المستحق للحمد. (ومن اياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير). (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم): فبسبب معاصيكم (ويعفو عن كثير) من الذنوب، فلا يعاقب عليها. ورد: (خير آية في كتاب الله، هذه الاية. يا علي ما من خدش عود، ولا نكبة قدم إلا بذنب، وما عفا الله عنه في الدنيا فهو أكرم من أن يعود فيه، وما عاقب عليه في الدنيا فهو

__________________________

(1) و(2) - القمي 2: 276، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) - علل الشرائع 1: 12، الباب: 9، الحديث: 7، مجمع البيان 9 - 10: 30.

(3) - الجدب: نقيض الخصب. الصحاح 1: 97(جدب).(*)

[ 1131 ]

أعدل من أن يثني على عبده) (1). أقول: الآية مخصوصة بغير أولياء الله، فقد ورد: (إن الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب) (2). (وما أنتم بمعجزين في الأرض): فائتين ما قضى عليكم من المصائب (وما لكم من دون الله من ولي) يحرسكم عنها (ولا نصير) يدفعها عنكم. (ومن اياته الجوار): السفن الجارية (في البحر كالأعلام): كالجبال. (إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره): فيبقين ثوابت على ظهر البحر (إن في ذلك لايات لكل صبار شكور) قيل: لكل من حبس نفسه على النظر في آيات الله، والتفكر في آلائه (3). وقد مر له معنى آخر في لقمان (4). (أو يوبقهن): يهلك أهلهن (بما كسبوا ويعف عن كثير) بإنجائهم. (ويعلم الذين يجادلون في اياتنا) قيل: عطف على علة مقدرة، مثل: لينتقم منهم ويعلم (5). (ما لهم من محيص) محيد (6) من العذاب. (فما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا) تمتعون به مدة حياتكم (وما عند الله) من ثواب الاخرة لخلوص (خير وأبقى) نفعه ودوامه (للذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون. (والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش). قد سبق تفسير الكبائر في سورة

__________________________

(1) - مجمع البيان 9 - 10: 31، عن أمير المؤمنين عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله.

(2) - الكافي 2: 450، الحديث: 2، القمي 2: 277، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(3) - البيضاوي 5: 55.

(4) - لقمان(31): 31.

(5) - البيضاوي 5: 55، الكشاف 3: 472.

(6) - حاد، يحيد حيدة عن الشئ: تنحى وبعد. المصباح المنير 1: 194(حيد).(*)

[ 1132 ]

النساء (1). (وإذا ما غضبوا هم يغفرون). ورد: (من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه، حشا الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة) (2). (والذين استجابوا لربهم): قبلوا ما أمروا به (وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم): تشاور بينهم، لا ينفردون برأي حتى يتشاوروا ويجتمعوا عليه، وذلك من فرط تيقظهم في الأمور. ورد: (ما من رجل يشاور أحدا إلا هدي إلى الرشد) (3). (ومما رزقناهم ينفقون) في سبيل الخير. (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) على ما جعله الله لهم، كراهة التذلل، وهو وصفهم بالشجاعة بعد وصفهم بسائر أمهات الفضائل، وهو لا ينافي وصفهم بالغفران، فإن الغفران ينبئ عن عجز المغفور، والانتصار يشعر عن مقاومة الخصم، والحلم عن العاجز محمود، وعن المتغلب مذموم، لأنه إجراء وإغراء على البغي. (وجزاء سيئة سيئة مثلها). سمى الثانية سيئة للازدواج، ولأنها تسوء من تنزل به، وهذا منع عن التعدي في الانتصار. (فمن عفا وأصلح) بينه وبين عدوه (فأجره على الله) إبهامه يدل على عظمه. ورد: (إذا كان يوم القيامة نادى مناد: من كان أجره على الله فليدخل الجنة. فيقال: من ذا الذي أجره على الله ؟ فيقال: العافون عن الناس يدخلون الجنة بغير حساب) (4). (إنه لا يحب الظالمين): المبتدئين بالسيئة، والمتجاوزين في الانتقام. (ولمن انتصر بعد ظلمه): بعد ما ظلم (فأولئك ما عليهم من سبيل) بالمعاتبة والمعاقبة.

__________________________

(1) - ذيل الاية: 31.

(2) - القمي 2: 277، عن أبي جعفر عليه السلام.

(3) - مجمع البيان 9 - 10: 33، عن النبي صلى الله عليه وآله.

(4) - مجمع البيان 9 - 10: 34، عن النبي صلى الله عليه وآله.(*)

[ 1133 ]

ورد: (حق من أساءك أن تعفو عنه، وإن علمت أن العفو يضر انتصرت، ثم تلا هذه الاية) (1). (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس): يبتدؤونهم بالإضرار، ويطلبون ما لا يستحقونه تجبرا عليهم (ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم). (ولمن صبر) على الأذى (وغفر) ولم ينتصر (إن ذلك) منه (لمن عزم الأمور). (ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده): من بعد خذلان الله إياه (وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل) أي: إلى رجعة إلى الدنيا. (وتراهم يعرضون عليها) أي: على النار، ويدل عليها العذاب. (خاشعين من الذل): متذللين متقاصرين مما يلحقهم من الذل (ينظرون من طرف خفي) يبتدئ نظرهم إلى النار، من تحريك لأجفانهم ضعيف، كالمصبور ينظر إلى السيف. (وقال الذين امنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم) بالتعريض للعذاب المخلد (يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مقيم). (وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل) إلى الهدى والنجاة. (هذه الايات من قوله:) ولمن انتصر (إلى آخرها نزلت في القائم وأصحابه، وانتصارهم من أعدائهم). كذا ورد (2). قال: (و) الظالمين (يعني آل محمد حقهم. وعلي عليه السلام هو العذاب، ينظرون إليه من طرف خفي) (3). (إستجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجاء يومئذ

__________________________

(1) - الخصال 2: 570، قطعة من حديث: 1، عن علي بن الحسين عليهما السلام.

(2) - و(3) - القمي 2: 278، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 1134 ]

وما لكم من نكير). إنكار لما اقترفتموه، لأنه مثبت في صحائف أعمالكم، يشهد عليه جوار حكم. (فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا): رقيبا (إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور): بليغ الكفران، ينسي النعمة رأسا ويذكر البلية ويعظمها، ولم يتأمل سببها. وإنما صدر الأولى ب‍ (إذا) والثانية ب‍ (إن) لأن إذاقة النعمة محققة، بخلاف إصابة البلية. وإنما أقام علة الجزاء مقامه في الثانية، ووضع الظاهر موضع المضمر، للدلالة على أن هذا الجنس موسوم بكفران النعمة. (لله ملك السموات والأرض) فله أن يقسم النعمة والبلية كيف شاء (يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا) قال: (يعني ليس معهن ذكر) (1). (ويهب لمن يشاء الذكور) قال: (يعني ليس معهم أنثى) (2). (أو يزوجهم ذكرانا وإناثا) قال: (أي: يهب لمن يشاء ذكرانا وإناثا جميعا، يجمع له البنين والبنات، أي: يهبهم جميعا لواحد) (3). (ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير). (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا): كلاما يسمعه من ملك يشاهده، أو يقع في قلبه. القمي: وحي مشافهة، ووحي إلهام، وهو الذي يقع في القلب (4). (أو من وراء حجاب): كلاما لا يشاهد قائله. القمي: كما كلم الله نبيه، وكما كلم الله موسى من النار (5). (أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء) فيسمع من الرسول. القمي: وحي مشافهة،

__________________________

(1) و(2) و(3) - القمي 2: 278، عن أبي جعفر عليه السلام.

(4) و(5) - المصدر: 279.(*)

[ 1135 ]

يعني إلى الناس (1). (إنه علي) عن صفات المخلوقين (حكيم): يفعل ما يقتضيه حكمته. (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا) أي: أرسلناه إليك بالوحي. قال: (خلق من خلق الله أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله يخبره ويسدده، وهو مع الأئمة من بعده) (2). وفي رواية: (فلما أوحاها إليه علم بها العلم والفهم، وهي الروح التي يعطيها الله عزوجل من شاء، فإذا أعطاها عبدا علمه الفهم) (3). (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) أي: قبل الوحي (ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا). قال: (بلى قد كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان، حتى بعث الله عزوجل الروح التي ذكر في الكتاب، فلما أوحاها علم بها العلم والفهم) (4). وفي رواية: (علي هو النور، هدى به من هدى من خلقه) (5). (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) قال: (يقول: تدعو) (6). وفي رواية: (إنك لتأمر بولاية علي وتدعو إليها، وعلي هو الصراط المستقيم) (7). (صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض) قال: (يعني عليا، إنه جعله خازنه على ما في السماوات وما في الأرض من شئ، وائتمنه عليه) (8). (ألا إلى الله تصير الأمور) بارتفاع الوسائط والتعلقات.

__________________________

(1) - القمي 2: 279.

(2) - الكافي 1: 273، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(3) و(4) - المصدر، 274، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(5) - القمي 2: 280، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه:(به هدى من هدى).

(6) - الكافي 5: 13، قطعة من حديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(7) - القمي 2: 280، بصائر الدرجات: 78، ذيل الحديث: 5، عن أبي جعفر عليه السلام.

(8) - القمي 2: 280، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21335641

  • التاريخ : 28/03/2024 - 16:35

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net