• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الثالث) ، تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني » .
                    • الموضوع : سورة يوسف .

سورة يوسف

التفسير الصافي

الفيض الكاشاني

الجزء الثالث

 [ 2 ]

(هوية الكتاب)

الكتاب: تفسير الصافي

المؤلف: فيلسوف الفقهاء المولى محسن الفيض الكاشاني قدس سره

الطبعة: الثانية العدد: 5000 نسخة

القطع: وزيري

عدد الصفحات مجلدات الخمس: 2288 صفحة

ليتوغراف: آرمان

المطبعة: مؤسسة الهادي - قم المقدسة

تاريخ الطبعة: شهر رمضان 1416 قمرية - 1374 شمسية

الناشر: مكتبة الصدر - بطهران -

[ 3 ]

تفسير الصافي تأليف فيلسوف الفقهاء، وفقيه الفلاسفة، استاذ عصره ووحيد دهره، المولى محسن الملقب ب‍ـ (الفيض الكاشاني) المتوفي سنة 1091 ه‍

                                   الجزء الثالث

[ 4 ]

سورة يوسف عليه السلام

مكية وقال المعدل عن ابن عباس غير أربع آيات نزلن بالمدينة ثلاث من أولها، والرابعة لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين عدد آيها مائة وإحدى عشرة آية.

 بسم الله الرحمن الرحيم (1) الر قد سبق معناه تلك آيات الكتب المبين تلك الايات آيات الكتاب الظاهر أمره في الأعجاز الواضح معانيه لمن يتدبره. (2) إنا أنزلنه قرءنا عربيا بلغتكم لعلكم تعقلون إرادة أن تفقهوه وتحيطوا بمعانيه ولو جعلناه أعجميا لالتبس عليكم في الخصال عن الصادق عليه السلام تعلموا العربية فإنها كلام الله الذي تكلم به خلقه. (3) نحن نقص عليك أحسن القصص أحسن الاقتصاص لانه اقتص على إبدع الأساليب أو أحسن ما يقص لأشتماله على العجائب والحكم والعبر بمآ أوحينا بايحائنا اليك هذا القرءان وإن كنت من قبله لمن الغفلين عن هذه القصة لم تخطر ببالك ولم يقرع سمعك قط. (4) إذ قال يوسف لابيه يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم. القمي عن الباقر عليه السلام وكان يعقوب اسرائيل الله أي خالص الله ابن

[ 5 ]

اسحاق نبي الله ابن ابراهيم خليل الله. وفي الحديث النبوي الكريم ابن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب ابن اسحاق بن ابراهيم يا أبت أصله يا أبي وقرئ بفتح التاء وبالوقف على الهاء إنى رأيت من الرؤيا لا من الرؤية أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين. في الخصال عن جابر بن عبد الله قال أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل من اليهود يقال له بشان اليهودي فقال يا محمد أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف أنها ساجدة فما أسماؤهن فلم يجبه نبي الله يومئذ في شئ قال فنزل جبرئيل فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأسمائها قال فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بشان فلما أن جاء قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل أنت مسلم إن أخبرتك بأسمائها قال نعم فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم حوبان والطارق والذبال وذو الكتفين وقابس ووثاب وعمودان والفليق والمصبح والصدوح وذو الفروع والضياء والنور رآها في افق السماء ساجدة له فلما قصها يوسف على يعقوب قال يعقوب هذا أمر متشتت يجمعه الله من بعد فقال بشان والله إن هذه لأسماؤها ثم أسلم. والقمي والعياشي عن جابر في تسمية النجوم وهي الطارق وحوبان وذكر مثله إلى قوله والضياء والنور قال يعني الشمس والقمر قال وكل هذه الكواكب محيطة بالسماء. والقمي عن الباقر عليه السلام تأويل هذه الرؤيا أنه سيملك مصر ويدخل عليه أبواه وإخوته أما الشمس فأم يوسف راحيل والقمر يعقوب وأما الأحد عشر كوكبا فإخوته فلما دخلوا عليه سجدوا شكرا لله وحده حين نظروا إليه وكان ذلك السجود لله تعالى. أقول ويأتي رواية أخرى بأن التي سجدت له مع أبيه خالته لا أمه. (5) قال يا بنى تصغير ابن صغره للشفقة وصغر السن لا تقصص رؤياك

[ 6 ]

الرؤيا كالرؤية غير أنها مختصة بما يكون في النوم على إخوتك فيكيدوا لك كيدا فيحتالوا لأهلاكك حيلة ضمن يكيدوا معنى يحتالوا فعداه باللام ليفيد معنى الفعلين إن الشيطان للانسان عدو مبين ظاهر العداوة خاف عليه حسد إخوانه وبغيهم عليه لما عرف من دلالة رؤياه على أن يبلغه من شرف الدارين أمرا عظيما. القمي عن الباقر عليه السلام كان له أحد عشر أخا وكان له من امه اخ واحد يسمى بنيامين فرأى يوسف هذه الرؤيا وله تسع سنين فقصها على أبيه فقال يا بنى لا تقصص الاية. أقول: ما دل عليه هذا الحديث من كون يوسف وبنيامين من أم واحد هو المشهور المستفيض رواه العياشي وغيره إلا أن العياشي روى رواية اخرى بأنه ابن خالته. وفي بعض ما يرويه اطلاق ابن ياميل عليه باللام. وفي بعضه أن ياميل إسم خالة يوسف وأنها هي التي سارت مع أبيه إلى مصر وأكثر هذه الروايات يأتي في مواضعها إن شاء الله. وربما يوجد في بعض أخبار العياشي ابن يامين منفصلا وصاحب القاموس ضبط بنيامين قال ولا تقل ابن يامين وأما أسماء ساير اخوته فلم أجدها في رواية معصومية بتمامها معدودة وقد قيل هم يهودا وروبيل وشمعون ولاوي وزبالون ويشجر والستة من بنت خالته ليا تزوجها يعقوب أولا ثم تزوج اختها راحيل فولدت له بنيامين ويوسف وأربعة آخرون دان ونفتالي وحاد وآشر من سريتين زلفة وبلهة. (6) وكذلك يجتبيك يصطفيك ربك ويعلمك من تأويل الاحاديث من تعبير الرؤيا لأنها أحاديث الملك إن كانت صادقة وأحاديث النفس أو الشيطان إن كانت كاذبة ويتم نعمته عليك وعلئ ال يعقوب أهله ونسله بأن يصل نعمة الدنيا بنعمة الاخرة بأن يجعلهم أنبياء وملوكا ثم ينقلهم إلى نعيم الاخرة والدرجات العلى من الجنة كما أتمها على أبويك من قبل إبرهيم وإسحق إن ربك عليم بمن يستحق

[ 7 ]

الأجتباء حكيم يفعل الأشياء على ما ينبغي. (7) لقد كان في يوسف وإخوته أي في قصتهم آيات دلائل قدرة الله وحكمته وعلامات نبوتك وقرئ آية للسائلين لمن سئل عن قصتهم في الجوامع روي أن اليهود قالوا لكبراء المشركين سلوا محمدا لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر وقصة يوسف قال فأخبرهم بالقصة من غير سماع ولا قراءة كتاب. (8) إذ قالوا ليوسف وأخوه بنيامين خص بالاخوة لأن امهما كانت واحدة أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة والحال إنا جماعة أقوياء أحق بالمحبة من صغيرين لا كفاية فيهما إن أبانا لفي ضلل مبين لتفضيله المفضول وتركه التعديل في المحبة. (9) اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا مجهولة بعيدة من العمران كما يستفاد من تنكيرها وإخلائها عن الوصف يخل لكم وجه أبيكم يصف (1) لكم وجهه فيقبل عليكم بكلية ولا يلتفت عنكم إلى غيركم ولا ينازعنكم في محبة أحد وتكونوا من بعده من بعد يوسف أو بعد قتله قوما صالحين تائبين إلى الله مما جنيتم. في العلل عن السجاد عليه السلام أي تتوبون. (10) قال قائل منهم قيل هو يهودا وكان أحسنهم رأيا. والقمي هو لاوي عن الهادي عليه السلام كما يأتي لا تقتلوا يوسف فإن القتل عظيم وألقوه في غيابت الجب في قعر البئر وقرئ غابات يلتقطه أي يأخذه بعض السيارة بعض الذين يسيرون في الأرض إن كنتم فاعلين ما يفرق بينه وبين أبيه. (11) قالوا يأبانا مالك لا تأمنا على يوسف لم تخافنا عليه وإنا له لناصحون ونحن نشفق عليه ونريد له الخير.


1 - وصفا الماء صفوا من باب قعد وصفاء ممدودا إذا خلص من الكدر (*)

[ 8 ]

(12) أرسله معنا غدا إلى الصحراء يرتع يتسع في أكل الفواكه وغيرها من الرتعة وهي الخصب ويلعب بالأستباق بالأقدام والرمي وانا له لحافظون. (13) قال إنى ليحزنني أن تذهبوا به لشدة مفارقته علي وقلة صبري عنه وأخاف أن يأكله الذئب قيل لأن الأرض كانت مذأبة وأنتم عنه غافلون. (14) قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة جماعة أقوياء إنا إذا لخسرون. في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا تلقنوا الكذب فتكذبوا فإن بني يعقو ب لم يعلموا أن الذئب يأكل الأنسان حتى لقنهم أبوهم. وفي العلل عن الصادق عليه السلام قرب يعقوب لهم العلة فاعتلوا بها في يوسف، العياشي عنه عليه السلام إنما ابتلى يعقوب بيوسف إذ ذبح كبشا سمينا ورجل من أصحابه محتاج لم يجد ما يفطر عليه فأغفله ولم يطعمه فابتلى بيوسف وكان بعد ذلك كل صباح مناديه ينادي من لم يكن صائما فليشهد غداء يعقوب فإذا كان المساء نادى من كان صائما فليشهد عشاء يعقوب وفي المجمع والعلل والعياشي عن السجاد عليه السلام مثله ببسط وتفصيل. (15) فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وعزموا على إلقائه فيها جوابه محذوف أي فعلوا به ما فعلوا. في العلل والعياشي عن السجاد عليه السلام لما خرجوا من منزلهم لحقهم أبوهم مسرعا فانتزعه من أيديهم فضمه إليه واعتنقه وبكى ودفعه إليهم فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم ولا يدفعه إليهم فلما أيقنوا به أتوا به غيضة (1) أشجار فقالوا نذبحه ونلقيه تحت هذه الشجرة فيأكله الذئب الليلة فقال كبيرهم لا تقتلوا يوسف ولكن القوة في غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين فانطلقوا به إلى الجب وألقوه فيه وهم يظنون أنه يغرق فيه فلما صار في قعر الجب ناداهم يا ولد رومين أقرؤوا يعقوب


1 - الغيض بالفتحة الاجمة ومجتمع الشجر في مغيض ماء أو خاص بالغرب لا كل شجر جمعه غياض واغياض (*)

[ 9 ]

السلام مني فلما سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض لا تزالوا من هاهنا حتى تعلموا أنه قد مات فلم يزالوا بحضرته حتى أيسوا ورجعوا. والقمي فأدنوه من رأس الجب وقالوا له انزع قميصك فبكى وقال يا إخوتي تجردوني فسل واحد منهم عليه السكين وقال لئن لم تنزعه لأقتلنك فنزعه فدلوه في اليم وتنحوا عنه فقال يوسف في الجب يا إله إبراهيم وإسحق ويعقوب ارحم ضعفي وقلة حيلتي وصغري. ثم قال القمي ونسب ابن طاوس قوله هذا إلى الصادق عليه السلام ورجع إخوته فقالوا نعمد إلى قميصه فنلطخه بالدم ونقول لأبينا إن الذئب أكله فقال لهم أخوهم لاوي يا قوم ألسنا بني يعقوب إسرائيل الله ابن اسحاق نبي الله ابن ابراهيم خليل الله أفتظنون أن الله عز وجل يكتم هذا الخبر عن أنبيائه عليهم السلام فقالوا وما الحيلة قالوا نقوم ونغتسل ونصلي جماعة ونتضرع إلى الله أن يكتم ذلك عن أنبيائه عليهم السلام فإنه جواد كريم فقاموا واغتسلوا وكانت في سنة ابراهيم واسحاق ويعقوب عليهم السلام أنهم لا يصلون جماعة حتى يبلغوا أحد عشر رجلا فيكون واحدا منهم إماما وعشرة يصلون خلفه قالوا وكيف نصنع وليس لنا إمام فقال لاوي نجعل الله إمامنا فصلوا وتضرعوا وبكوا وقالوا يا رب اكتم علينا هذا وأوحينا إليه أوحى الله تعالى إليه في صغره كما أوحى إلى يحيى وعيسى لتنبئنهم بأمرهم هذا لتحدثنهم بمافعلوا بك وهم لا يشعرون إنك يوسف لعلو شأنك وطول العهد المغير للهيئات إشارة إلى ما قال لهم بمصرحين دخلوا عليه ممتارين فعرفهم وهم له منكرون بشره بما يؤول إليه أمره إيناسا له وتطييبا لقلبه. القمي عن الباقر عليه السلام يقول لا يشعرون إنك أنت يوسف أتاه جبرئيل فأخبره بذلك. في العلل والعياشي عن الصادق عليه السلام وكان ابن سبع سنين. (16) وجآءو أباهم عشاء آخر النهار يبكون متباكين قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق نتسابق في العدو وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا

[ 10 ]

بمصدق لنا ولو كنا صادقين لسوء ظنك بنا وفرط محبتك ليوسف. (17) وجاؤا على قميصه بدم كذب مكذوب فيه وصف بالمصدر للمبالغة. القمي عن الباقر عليه السلام ذبحوا جديا على قميصه والعياشي عن الصادق عليه السلام لما أوتي بقميص يوسف على يعقوب قال اللهم لقد كان ذئبا رفيقا حين لم يشق القميص قال وكان به نضح [ فضح (1) خ ل ] من دم والقمي قال ما كان أشد غضب ذلك الذئب على يوسف وأشفقه على قميصه حيث أكل يوسف ولم يمزق قميصه قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا أي سهلت لكم وهونت في أعينكم أمرا عظيما من السول وهو الاسترخاء فصبر جميل فأمري صبر جميل وفي الحديث النبوي صلى الله عليه وآله وسلم الصبر الجميل الذي هو لا شكوى فيه إلى الخلق ورواه ابن عقدة عن الصادق عليه السلام والعياشي عن الباقر عليه السلام والله المستعان على ما تصفون على احتمال ما تصفونه من هلاك يوسف. في العلل والعياشي عن السجاد عليه السلام إنه لما سمع مقالتهم استرجع واستعبر وذكر ما أوحى الله إليه من الاستعداد للبلاء وأذعن للبلوى - يعني بسبب غفلته عن إطعامه الجار الجائع - فقال لهم بل سولت لكم أنفسكم أمرا وما كان الله ليطعم لحم يوسف للذئب من قبل أن اري تأويل رؤياه الصادقة (18) وجاءت سيارة رفقة يسيرون فنزلوا قريبا من الجب فأرسلوا واردهم الذي يرد الماء ويستسقي لهم فأدلى دلوه فأرسلها في الجب ليملأها فتدلى بها يوسف فلما رآه قال يا بشرى هذا غلام بشر نفسه أوقومه وقرئ يا بشراي بالأضافة وأسروه بضاعة أخفوه متاعا للتجارة أي الوارد وأصحابه من سائر الرفقة أو أخوة يوسف من الرفقة جميعا والله عليم بما يعملون لم يخف عليه أسرارهم. (19) وشروه بثمن بخس مبخوس ناقص درهم معدودة قليلة كانوا


1 - الفضح محركة ما تعلوه حمرة (*)

[ 11 ]

يزنون الكثير ويعدون القليل وكانوا فيه في يوسف من الزهدين الراغبين عنه العياشي. عن الصادق عليه السلام كانت عشرين درهما والقمي والعياشي عن الرضا عليه السلام مثله وزاد والبخس النقص وهي قيمة كلب الصيد إذا قتل. وفي المجمع عن الصادق عليه السلام كانت ثمانية عشر درهما والقمي مثله وفي العلل والعياشي عن السجاد عليه السلام أنهم لما أصبحوا قالوا انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف أمات أم هو حي ؟ فلما انتهو إلى الجب وجدوا بحضرة الجب سيارة وقد أرسلوا واردهم وأدلى دلوه فلما جذب دلوه فإذا هو بغلام متعلق بدلوه فقال لأصحابه يا بشرى هذا غلام فلما أخرجوه أقبل إليهم إخوة يوسف فقالوا هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا الجب وجئنا اليوم لنخرجه فانتزعوه من أيديهم وتنحوا به ناحية فقالوا إما أن تقر لنا أنك عبدنا فنبيعك بعض هذه السيارة أو نقتلك فقال لهم يوسف لا تقتلوني واصنعوا ما شئتم فأقبلوا به إلى السيارة فقالوا منكم من يشتري منا هذا العبد فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما وكان إخوته فيه من الزاهدين. في الكافي والقمي عن الصادق عليه السلام لما طرح إخوة يوسف يوسف في الجب أتاه جبرئيل فدخل عليه فقال يا غلام ما تصنع هيهنا فقال إن إخوتي ألقوني في الجب قال فتحب أن تخرج منه قال ذاك إلى الله عز وجل إن شاء أخرجني قال فقال له إن ألله يقول لك أدعني بهذا الدعاء حتى اخرجك من الجب فقال له وما الدعاء قال قل اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض ذو الجلال والأكرام أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل لي مما أنا فيه فرجا ومخرجا. وزاد القمي وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب فدعا ربه فجعل له من الجب فرجا ومن كيد المرأة مخرجا وأتاه ملك مصر من حيث لا يحتسب. وفي المجمع والعياشي ما في معناه. وفي المجالس عنه عليه السلام أنه سئل ما كان دعاء يوسف عليه السلام في الجب فإنا قد

[ 12 ]

اختلفنا فيه فقال إن يوسف عليه السلام لما صار في الجب وأيس من الحياة قال اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتا ولن تستجيب لي دعوة فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب عليه السلام فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه فقد علمت رقته علي وشوقي إليه. القمي فحملوا يوسف إلى مصر وباعوه من عزيز مصر. وفي العلل عن السجاد عليه السلام إنه سئل كم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر فقال مسيرة إثني عشر يوما. وفي الكافي والأكمال عن الصادق عليه السلام في حديث يذكر فيه يوسف وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما قال ولقد سار يعقوب وولده عند البشارة مسيرة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر (20) وقال الذى اشتريه من مصر قيل هو العزيز الذي كان على خزائن مصر وكان إسمه قطفير أو اظفير وكان الملك يومئذ ريان بن الوليد العمليقي وقد امن بيوسف ومات في حياته لامرأته وكان اسمها زليخا كما يأتي عن الهادي عليه السلام أكرمي مثواه إجعلي مقامه عندنا كريما أي حسنا والمعنى إحسني تعهده عسى أن ينفعنا في ضياعنا وأموالنا ونستظهر به في مصالحنا أو نتخذه ولدا نتبناه وذلك لما تفرس منه الرشد. القمي ولم يكن له ولد فأكرموه وربوه فلما بلغ أشده هوته إمرأة العزيز وكانت لا تنظر إلى يوسف امرأة إلا هوته ولا رجل إلا أحبه وكان وجهه مثل القمر ليلة البدر (21) وكذلك مكنا ليوسف في الارض ولنعلمه من تأويل الاحاديث والله غالب على أمره لا يمنع مما يشاء ولكن أكثر الناس لا يعلمون لطائف صنعه وإن الأمر كله بيده.


1 - وتقدير الاية فحملوه الى مصر وباعوه وحذف ذلك للدلالة عليه (*)

[ 13 ]

(22) ولما بلغ أشده منتهى إشتداد جسمه وقوته آتيانه حكما حكمة وعلما وكذلك نجزى المحسنين تنبيه على أنه تعالى إنما أتاه ذلك جزاء على إحسانه في عمله واتقائه في عنفوان أمره. (23) وراودته التى هو في بيتها عن نفسه طلبت منه وتمحلت أن يواقعها من راد يرود إذا جاء وذهب لطلب شئ وغلقت الابواب وقالت هيت لك أي أقبل وبادر وقرئ بالضم وبالفتح وكسر الهاء. وفي المجمع عن علي عليه السلام بالهمزة وضم التاء بمعنى تهيأت لك قال معاذ الله أعوذ بالله معاذا إنه ربى أحسن مثواى سيدي قطفير أحسن تعهدي فليس جزاؤه أن أخونه في أهله أو إن الله خالقي وأحسن منزلتي بأن عطف علي قلبه فلا اعصيه إنه لا يفلح الظلمون (24) ولقد همت به قصدت مخالطته وهم بها لولا أن رأى برهان ربه معناه لولا أن رأى برهان ربه لهم بها فحذف جواب لولا لدلالة المذكور سابقا عليه هذا عند من لم يجوز تقدم الجزاء على الشرط ومن جوزه فلا حاجة له إلى هذا التقدير في المجمع عن الصادق عليه السلام البرهان النبوة المانعة من ارتكاب الفواحش والحكمة الصارفة عن القبايح كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين الذين أخلصهم الله لطاعته وقرئ بكسر اللام أي الذين أخلصوا دينهم لله. في العيون عن الرضا عليه السلام وقد سأله المأمون عن عصمة الأنبياء لقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها كما همت به لكنه كان معصوما والمعصوم لا يهم بذنب ولا يأتيه. وقال ولقد حدثني أبي عن الصادق عليه السلام إنه قال همت بأن تفعل وهم بأن لا يفعل وفي رواية أنها همت بالمعصية وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما تداخله

[ 14 ]

فصرف الله عنه قتلها والفاحشة وهو قوله تعالى كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء يعني القتل والزنا. وعن السجاد عليه السلام قامت إمرأة العزيز إلى الصنم فألقت عليه ثوبا فقال لها يوسف أتستحيين ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه ولا يأكل ولا يشرب ولا استحي أنا مم خلق الأنسان وعلمه فذاك قوله تعالى لولا أن رأى برهن ربه. والعياشي مثله عن الباقر عليه السلام بعدما كذب قول الناس أنه رأى يعقوب عاضا على أصبعه. والقمي أيضا روى قيامها إلى الصنم عن الصادق عليه السلام. وفي المجالس عنه عليه السلام إن رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط وكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحجج الله ألم ينسبوا يوسف إلى أنه هم بالزنا. أقول: وقد نسبت العامة خذلهم الله إلى يوسف في هذا المقام امورا ورووا بها روايات مختلقة لا يليق للمؤمن من نقلها فكيف باعتقادها ونعم ما قيل إن الذين لهم تعلق بهذه الواقعة هم يوسف والمرأة وزوجها والنسوة والشهود ورب العالمين وإبليس وكلهم قالوا ببراءة يوسف عن الذنب فلم يبق لمسلم توقف في هذا الباب أما يوسف فقوله هي راودتني عن نفسي وقوله رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه وأما المرأة فلقولها ولقد راودته عن نفسه فاستعصم وقالت الان حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وأما زوجها فلقوله إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم وأما النسوة فلقولهن امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين وقولهن حاش لله ما علمنا عليه من سوء وأما الشهود قوله تعالى وشهد شاهد من أهلها الاية وأما شهادة الله بذلك فقوله عز من قائل كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين وأما اقرار ابليس بذلك فلقوله فبعزتك لاءغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين فأقر بأنه لا يمكنه إغواء العباد المخلصين وقد قال الله تعالى إنه من عبادنا المخلصين فقد أقر إبليس

[ 15 ]

بأنه لم يغوه وعند هذا نقول إن هؤلاء الجهال الذين نسبوا إلى يوسف الفضيحة إن كانوا من أتباع دين الله فليقبلوا شهادة الله بطهارته وإن كانوا من أتباع إبليس وجنوده فليقبلوا اقرار ابليس بطهارته (25) واستبقا الباب أي تسابقا إليه وذلك أن يوسف فر منها ليخرج وأسرعت وراءه لتمنعه الخروج وقدت قميصه من دبر اجتذبته من ورائه فانقد قميصه والقد الشق طولا والقط الشق عرضا وألفيا سيدها وصادفا زوجها لدا الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم بادرت إلى هذا القول إيهاما بإنها فرت منه تبرءة لساحتها عند زوجها وما نافية أو استفهامية. (26) قال هي رودتنى عن نفسي طالبتني بالمواتاة وإنما قال ذلك دفعا لما عرضته له من السجن والعذاب ولو لم تكذب عليه لما قاله وشهد شاهد من أهلها وهو صبي (1) من أهلها زائر لها كما يأتي عن السجاد عليه السلام. والقمي عن الصادق عليه السلام ألهم الله عز وجل يوسف أن قال للملك سل هذا الصبي في المهد فإنه سيشهد أنها راودتني عن نفسي فقال العزيز للصبي فأنطق الله الصبي في المهد ليوسف فقال إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين لأنه يدل على أنها قدت قميصه من قدامه بالدفع عن نفسها أو أنه أسرع خلفها فتعثر بذيله فانقد جيبه. (27) وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصدقين لأنه يدل على أنها تبعته فاجتذبت ثوبه فقدته. (28) فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن من حيلتكن والخطاب لها ولأمثالها من النساء إن كيدكن عظيم لأنه يعلق بالقلب ويؤثر في النفس لمواجهتهن به بخلاف كيد الشيطان فإنه يوسوس به مسارقة.


1 - قيل كان الصبي ابن اخت زليخا وهو ابن ثلاثة اشهر من. (*)

[ 16 ]

يوسف يا يوسف أعرض عن هذا اكتمه ولا تذكره واستغفرى لذنبك يا زليخا إنك كنت من الخاطئين من القوم المذنبين من خطئ إذا أذنب متعمدا والتذكير للتغليب. (30) وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتيها عن نفسه تطلب مواقعة غلامها إياها قد شغفها حبا شق شغاف قلبها وهو حجابه حتى وصل إلى فؤادها حبا. القمي عن الباقر عليه السلام يقول قد حجبها حبه عن الناس فلا يعقل غيره والشغاف هو حجاب القلب وقرئ شعفها بالمهملة أي أحرقها كما يحرق البعير بالقطران إذا هنئ به ونسبها في المجمع والجوامع إلى أهل البيت عليهم السلام إنا لنريها في ضلل عن الرشد وبعد عن الصواب مبين ظاهر. القمي وشاع الخبر بمصر وجعلن النساء يتحدثن بحديثها ويعذلنها ويذكرنها. (31) فلما سمعت بمكرهن باغتيابهن وتعييرهن وإنما سماه مكرا لأنهن أخفينه كما يخفي الماكر مكره أرسلت إليهن تدعوهن وأعتدت لهن متكئا طعاما ومجلس طعام كما يأتي عن السجاد عليه السلام فإنهم كانوا يتكئون للطعام والشراب تترفا ولذلك نهى عنه والقمي متكئا أي اترجة كأنه قرأ باسكان التاء وحذف الهمزة وآتت أعطت كل واحدة منهن سكينا. القمي بعثت إلى كل أمرأة رئيسة فجمعن في منزلها وهيأت لهن مجلسا ودفعت إلى كل إمرأة أترجة وسيكنا فقالت إقطعن وقالت اخرج عليهن. القمي وكان في بيت فلما رأينه أكبرنه عظمنه وهبن حسنه الفايق. في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله رأيت في السماء الثانية رجلا صورته صورة القمر ليلة البدر فقلت لجبرئيل من هذا قال هذا أخوك يوسف يعني حين أسرى به.

[ 17 ]

والقمي عن الصادق عليه السلام ما يقرب منه وقطعن أيديهن جرحنها بالسكاكين من فرط الدهشة وقلن حاش لله تنزيها لله من صفات العجز وتعجبا من قدرته على خلق مثله ما هذا بشرا لأن هذا الجمال غير معهود للبشر إن هذا إلا ملك كريم لأن جماله فوق جمال البشر ولأن الجمع بين الجمال الرايق والكمال الفايق والعصمة البالغة من خواص الملائكة. (32) قالت فذلكن الذى لمتننى فيه أي فهو ذلك العبد الكنعاني الذي لمتنني في الأفتتان به قبل أن تتصورنه حق تصوره ولو تصورتن بما عاينتن لعذرتنني ولقد راودته عن نفسه فاستعصم فامتنع طالبا للعصمة أقرت لهن حين عرفت أنهن يعذرنها كي يعاونها على إلانة عريكته ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين الأذلاء. (33) قال رب السجن أحب إلى مما يدعونني (1) إليه أي آثر عندي من مواتاتها (2) نظرا إلى العاقبة وإسناد الدعوة إليهن جميعا لأنهن خوفنه عن مخالفتها وزين له مطاوعتها. والقمي فما أمسى يوسف في ذلك البيت حتى بعثت إليه كل إمرأة تدعوه إلى نفسها فضجر يوسف في ذلك البيت فقال رب السجن أحب إلي الاية وإلا تصرف عنى وإن لم تصرف عني كيدهن في تحبيب ذلك إلي وتحسينه عندي بالتثبيت على العصمة أصب إليهن أمل إلى إجابتهن أو إلى أنفسهن بطبعي ومقتضى شهوتي والصبو الميل إلى الهوى وأكن من الجهلين من السفهاء بإرتكاب ما يدعونني إليه (34) فاستجاب له ربه فأجاب (3) الله دعائه الذي تضمنه قوله وإلا تصرف


1 - في الحديث المؤمن لين العريكة الطبيعة يقال فلان لين العريكة إذا كان سلسا مطواعا منقادا قليل الخلاف والنفور ولانت عريكته إذا انكسرت نخوته م‍ 2 - المواتاة حسن المطاوعة والموافقة واصله الهمزة وخففت وكثر حتى صار يقال بالواو الخالصة م‍ 3 - فان قيل ما معنى سؤال يوسف اللطف من الله وهو عالم بان الله يفعله لا محالة فالجواب انه يجوز ان يتعلق المصلحة بالالطاف عند الدعاء المجدد ومتى قيل كيف علن انه لولا اللطف لركب الفاحشة وإذا وجد اللطف امتنع قلنا لما = (*)

[ 18 ]

عنى فصرف عنه كيدهن فثبته بالعصمة حتى وطن نفسه على مشقة السجن وآثرها على اللذة المتضمنة للعصيان إنه هو السميع لدعاء الملتجئين إليه العليم بأحوالهم وما يصلحهم. في العلل عن السجاد عليه السلام وكان يوسف عليه السلام من أجمل أهل زمانه فلماراهق يوسف عليه السلام راودته إمرأة الملك عن نفسه فقال لها معاذ الله أنا من أهل بيت لا يزنون فغلقت الأبواب عليها وعليه وقالت لا تخف وألقت نفسها عليه فأفلت (1) منها هاربا إلى الباب ففتحه فلحقته فجذبت قميصه من خلفه فأخرجته منه فأفلت منها يوسف عليه السلام منها في ثيابه وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم قال فهم الملك بيوسف ليعذبه فقال له يوسف وآله يعقوب ما أردت بأهلك سوءا بل هي راودتني عن نفسي فسل هذا الصبي أينا راود صاحبه عن نفسه قال وكان عندها صبي من أهلها زاير لها فأنطق الله الصبي لفصل القضاء فقال أيها الملك انظر إلى قميص يوسف فإن كان مقدودا من قدامه فهو الذي راودها وإن كان مقدودا من خلفه فهي التي راودته فلما سمع الملك كلام الصبي وما اقتص أفزعه ذلك فزعا شديدا فجيئ بالقميص فنظر إليه فلما رآه مقدودامن خلفه قال لها إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم وقال ليوسف أعرض عن هذا ولا يسمعه منك أحد وأكتمه قال فلم يكتمه يوسف وأذاعه في المدينة حتى قلن نسوة منهن امرأت العزيز ترود فتيها عن نفسه فبلغها ذلك فارسلت إليهن وهيأت لهن طعاما ومجلسا ثم أتتهن بأترج وأتت كل واحدة منهن سكينا ثم قالت ليوسف أخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن ما قلن فقالت لهن هذا الذي لمتنني فيه تعني في حبه وخرجن النسوة من عندها فأرسلت كل واحدة منهن إلى يوسف سرا من صواحبها تسأله الزيارة فأبى


= وجد في نفسه من الشهوة وعلم أنه لولا لطف الله لارتكب القبيح وعلم ان الله سبحانه يعصم انبيائه بالالطاف وان من لا يكون له لطف لا يبعثه الله نبيا م‍ ن 1 - التقلت والافلات التخلص يقال افلت الطائر وغيره افلاتا إذا تخلص وفلت الطائر فلتا من باب ضرب لغة م‍ (*)

[ 19 ]

عليهن وقال إلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن وأكن من الجهلين فصرف الله عنه كيدهن. (35) ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الاءيت من بعد ما رأوا الشواهد الدالة على براءة يوسف ليسجننه حتى حين (1) وذلك لأنها خدعت زوجها وحملته على سجنه زمانا حتى تبصر ما يكون منه أو يحسب الناس أنه المجرم. القمي عن الباقر عليه السلام الايات شهادة الصبي والقميص المخرق من دبر واستباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب فلما عصاها لم تزل مولعة بزوجها حتى حبسه. وعن الرضا عليه السلام قال السجان ليوسف إني لأحبك فقال يوسف ما أصابني إلا من الحب إن كانت خالتي أحبتني سرقتني (2) وإن كان أبي أحبني حسدني إخوتي وإن كانت إمرأة العزيز أحبتني حبستني والعياشي مثله إلا أنه ذكر العمة مكان الخالة. وزاد القمي وشكا في السجن إلى الله فقال يا رب بما استحققت السجن فأوحى الله إليه أنت إخترته حين قلت رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه هلا قلت العافية أحب إلي مما يدعونني إليه. في الخصال عن الصادق عليه السلام البكاؤن خمسة إلى أن قال وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن فقالوا له إما أن تبكي الليل وتسكت بالنهار وإما أن تبكي النهار وتسكت بالليل فصالحهم على واحد منهما. والعياشي عنه عليه السلام ما بكى أحد بكاء ثلاثة إلى قوله وأما يوسف فإنه كان يبكى على أبيه يعقوب وهو في السجن فصالحهم على أن يبكي يوما ويسكت يوما.


1 - قيل الى سبع سنين وقيل الى وقت يتسع حديث المرأة معه وينقطع فيه عن الناس خبره م‍ ن 2 - سرقه اي نسبه الى السرقة ص (*)

[ 20 ]

وفي الكافي عنه عليه السلام جاء جبرئيل الى يوسف عليه السلام وهو في السجن فقال له يا يوسف قل في دبر كل صلاة اللهم اجعل لي فرجا ومخرجا وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب وفي المجمع عنه عليه السلام ما في معنى الروايتين. (36) ودخل معه السجن فتيان. القمي عبدان للملك أحدهما خباز والاخر صاحب الشراب قال أحدهما إنى أرانى أي أرى في المنام وهي حكاية حال ماضية أعصر خمرا أي عنبا سماه بما يؤول إليه وقال الاخر إنى أرانى أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه العياشي عن الصادق عليه السلام قال أحمل فوق رأسي جفنة فيها خبز تأكل الطير منه نبئنا بتأويله العياشي عن الصادق عليه السلام لما أمر الملك بحبس يوسف في السجن ألهمه الله تعالى علم تأويل الرؤيا فكان يعبر لأهل السجن رؤياهم وإن فتيين أدخلا معه السجن يوم حبسه لما باتا أصبحا فقالا له إنا رأينا رؤيا فعبرها لنا فقال وما رأيتما فقال أحدهما إنى أريني الاية إنا نريك من المحسنين. في الكافي عن الصادق عليه السلام كان يوسع المجلس ويستقرض للمحتاج ويعين الضعيف. والقمي عنه عليه السلام كان يقوم على المريض ويلتمس للمحتاج ويوسع على المحبوس وقيل ممن يحسن تأويل الرؤيا أي يعلمه. (37) قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما أراد أن يدعوهما إلى التوحيد ويرشدهما الطريق القويم قبل أن يسعف إلى ما سألا عنه كما هو طريقة الأنبياء والأوصياء عليهم السلام في الهداية والأرشاد فقدم ما يكون معجزة له من الأخبار بالغيب ليدلهما على صدقه في الدعوة والتعبير ذلكما أي ذلك التأويل مما علمني ربى بالألهام والوحي وليس من قبيل التكهن والتنجم إنى تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالاخرة هم كافرون.

[ 21 ]

(38) واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب تعليل لما قبله وتمهيد للدعوة وإظهار أنه من أهل بيت النبوة لتقوى رغبتهما في الأستماع إليه والوثوق عليه ما كان لنا ما صح لنا معشر الأنبياء أن نشرك بالله من شئ أي شئ كان ذلك أي التوحيد من فضل الله علينا بالوحي وعلى الناس وعلى سائر الناس ببعثنا لأرشادهم وتنبيههم عليه ولكن أكثر الناس المبعوث إليهم لا يشكرون هذا الفضل والنعمة فيعرضون عنه ولا ينتهون. (39) يصحبى السجن يا ساكنيه أو يا صاحبي فيه كقولهم يا سارق الليلة ء أرباب متفرقون شتى متعددة متساوية الأقدام خير أم الله الوحد المتوحد بالألوهية القهار الغالب الذي لا يعادله شئ ولا يقاومه غيره. (40) ما تعبدون من دونه خطاب لهما ولمن على دينهما من أهل مصر إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان يعني الاشياء سميتموها آلهة من غير حجة تدل على استحقاقها الألهية وإنما تعبدونها باعتبار ما تطلقون عليها فكأنكم لا تعبدون إلا الأسماء المجردة إن الحكم في أمر العبادة إلا لله لأنه المستحق لها بالذات أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم الحق ولكن أكثر الناس لا يعلمون فيخبطون في جهالاتهم. (41) يصحبى السجن أما أحدكما يعني صاحب الشراب فيسقى ربه خمرا كما يسقيه قبل. القمي قال له يوسف عليه السلام تخرج من السجن وتصير على شراب الملك وترتفع منزلتك عنده وأما الاخر يعني الخباز فيصلب فتأكل الطير من رأسه القمي ولم يكن رأى ذلك وكذب فقال له يوسف إنك يقتلك الملك ويصلبك وتأكل الطير من دماغك فجحد الرجل فقال إني لم أر ذلك فقال يوسف عليه السلام قضى الامر الذى


1 - وفي هذا دلالة على انه كان يقول ذلك على جهة الاخبار عن الغيب بما يوحى إليه لا كما يعبر احدنا الرؤيا على جهة التأويل م‍ ن (*)

[ 22 ]

فيه تستفتيان وهوما يؤول إليه أمركما يعني قطع وفرغ منه صدقتما أوكذبتما. (42) وقال للذى ظن أنه ناج منهما علم نجاته اذكرني عند ربك اذكر حالي عند الملك وإني حبست ظلما لكي يخلصني من السجن فأنسه الشيطان ذكر ربه قيل فأنسى الشيطان صاحب الشراب أن يذكره لربه أوأنسى يوسف ذكر الله حتى استعان بغيره فلبث في السجن بضع سنين. العياشي عن الصادق عليه السلام قال سبع سنين. وعنه عليه السلام لم يفزع يوسف في حاله إلى الله فيدعوه فلذلك قال الله تعالى فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين قال فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك يا يوسف من أراك الرؤيا التي رأيتها فقال أنت يا ربي قال فمن حببك إلى أبيك قال أنت يا ربي قال فمن وجه السيارة إليك فقال أنت يا رب قال فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجب فرجا قال أنت يا ربي قال فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا قال أنت يا ربي قال فمن أنطق لسان الصبي بعذرك قال أنت يا ربي قال فمن صرف كيد امرأة العزيز والنسوة قال أنت يا ربي قال فمن ألهمك تأويل الرؤيا قال أنت يا ربي قال فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي وتسألني أن اخرجك من السجن واستعنت وأملت عبدا من عبادي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي في قبضتي ولم تفزع إلي البث في السجن بذنبك بضع سنين بإرسالك عبدا إلى عبد. وفي رواية اخرى عنه عليه السلام اقتصر على بعضها وزاد في كل مرة فصاح ووضع خده على الأرض ثم قال أنت يا رب. والقمي مثله وفي رواية اخرى عنه عليه السلام فقال يوسف أسألك بحق آبائي عليك إلا فرجت عني فأوحى الله إليه يا يوسف وأي حق لابائك وأجدادك علي إن كان أبوك آدم خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي وأسكنته جنتي وأمرته أن لا يقرب شجرة منها فعصاني وسألني فتبت عليه وإن كان أبوك نوح انتجبته من بين خلقي

[ 23 ]

وجعلته رسولا إليهم فلما عصوا دعاني فاستجبت له وغرقتهم وأنجيته ومن معه في الفلك وإن كان أبوك ابراهيم اتخذته خليلا وانجيته من النار وجلعتها عليه بردا وسلاما وإن كان يعقوب وهبت له إثني عشر ولدا فغيبت عنه واحدا فما زال يبكي حتى ذهب بصره وقعد على الطريق يشكوني إلى خلقي فأي حق لابائك علي قال فقال له جبرئيل قل يا يوسف أسألك بمنك العظيم واحسانك القديم فقالها فرأى الملك الرؤيا وكان فرجه فيها. وفي المجمع والقمي والعياشي عنه عليه السلام لما انقضت المدة وأذن الله له في دعاء الفرج وضع خده على الأرض ثم قال اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فإني أتوجه إليك بوجوه آبائي الصالحين إبراهيم وإسمعيل وإسحاق ويعقوب ففرج الله عنه، قيل أندعو نحن بهذا الدعاء قال ادعوا بمثله اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فإني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام. (43) وقال الملك إنى أرى سبع بقرت سمان يأكلهن سبع عجاف (1) وسبع سنبلت في المجمع والعياشي عن الصادق عليه السلام إنه قرأ وسبع سنابل خضر وأخر يابست وسبع يابسات التوت على الخضر حتى غلبن عليها واستغنى عن بيان حالها بذكر حال البقرات يا أيها الملاء أفتوني في رؤياي عبروها إن كنتم للرؤيا تعبرون إن كنتم عالمين بتأويلها. (44) قالوا أضغث أحلام أي هذه اضغاث أحلام وهي مخاليطها وأباطيلها وما يكون منها من وسوسة أو حديث نفس جمع ضغث (2) وأصله ما جمع من أخلاط النبات وحزم فاستعير للرؤيا الكاذبة. في الكافي عن الصادق عليه السلام الرؤيا على ثلاثة وجوه بشارة من الله


1 - العجف محركة ذهاب السمن وهو اعجف وهي عجفاء ج عجاف شاذ لان افعل افعل وفعلاء لا يجمع على فعال لكنهم بنوه على سمان لانهم قد يبنون الشئ على ضده كقولهم عدوة لمكان صديقة وفعول بمعنى فاعل لا يدخله الهاء وقد عجف كفرح وكرم ق 2 - الضغث بالكسر والفتح قبضة الحشيش المختلطة رطبها ويابسها واضغاث احلام مثل اضغاث الحشيش يجمعها فيكون منها ضروب مجتمعة م‍ (*)

[ 24 ]

للمؤمن وتحذير من الشيطان وأضغاث أحلام وما نحن بتأويل الاحلام بعلمين يعنون الأحلام الباطلة خاصة إعتذارا لجهلهم بتأويله بأنه مما ليس له تأويل (45) وقال الذى نجا منهما من صاحبي السجن وهو الشرابي وادكر بعد أمة وتذكر يوسف بعد جماعة من الزمان مجتمعة أي مدة طويلة. القمي عن أمير المؤمنين عليه السلام أي بعد وقت أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون أي إلى من عنده علمه. (46) يوسف أيها الصديق أي فأرسلوه إلى يوسف فأتاه وقال له يا يوسف أيها الصديق أيها البليغ في الصدق وإنما قاله لأنه جرب أحواله وعرف صدقه في تأويل رؤياه ورؤيا صاحبه أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات أي في رؤيا ذلك لعلى أرجع إلى الناس أعود إلى الملك ومن عنده لعلهم يعلمون تأويلها أو مكانك وفضلك. (47) قال تزرعون سبع سنين دأبا أي على عادتكم المستمرة وقرئ بسكون الهمزة فما حصدتم فذروه في سنبله لئلا تأكله السوس نصيحة خارجة عن التعبير إلا قليلا مما تأكلون في تلك السنين. (48) ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن أي يأكل أهلهن ما أدخرتم لأجلهن فاسند إليهن على المجاز تطبيقا بين المعبر والمعبر به. وفي المجمع عن الصادق عليه السلام إنه قرأما قربتم لهن والقمي عنه عليه السلام إنما أنزل ما قربتم لهن إلا قليلا مما تحصنون تحرزون لبذور الزراعة. (49) ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس يمطرون من الغيث أو يغاثون من القحط من الغوث وفيه يعصرون ما يعصر من الثمار والحبوب والزروع وقرئ بالتاء والياء على البناء للمفعول أي يمطرون أو ينجون من عصره إذا أنجاه. وفي المجمع والعياشي نسب هذه القراءة إلى الصادق عليه السلام.

[ 25 ]

وزاد العياشي أنه قال أما سمعت قوله تعالى وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا. والقمي عنه عليه السلام قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه السلام ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون يعني على البناء للفاعل فقال ويحك وأي شئ يعصرون يعصرون الخمر قال الرجل يا أمير المؤمنين كيف أقرؤها فقال إنما انزلت عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون يعني على البناء للمفعول أي يمطرون بعد المجاعة والدليل على ذلك قوله تعالى وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا. (50) وقال الملك ائتونى به بعد ما جاءه الرسول بالتعبير فلما جاءه الرسول ليخرجه قال ارجع إلى ربك العياشي مضمرا يعني العزيز فاسأله ما بال النسوة اللاتى قطعن أيديهن تأنى في إجابة الملك وقدم سؤال النسوة وفحص حاله ليظهر براءة ساحته ويعلم أنه سجن ظلما ولم يتعرض لأمرأة العزيز مع ما صنعت به كرما ومراعاة للأدب. في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى اشترط أن يخرجوني من السجن ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له حين أتاه الرسول فقال ارجع إلى ربك ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبث لأسرعت الأجابة وبادرتهم إلى الباب وما ابتغيت العذر أنه كان لحليما ذا إناة. والعياشي عنهما عليهما السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لو كنت بمنزلة يوسف حين أرسل إليه الملك رسوله يسأله عن رؤياه ما حدثته حتى أشترط عليه أن يخرجني من السجن وتعجبت لصبره عن شأن إمرأة الملك حتى أظهر الله عذره إن ربى بكيدهن عليم استشهد بعلم الله عليه وعلى أنه بريئ مما قذفته به. (51) قال ما خطبكن قال الملك ما شأنكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله تعجبا من عفته ونزاهته عن الريبة [ الزنية خ ل ] ومن قدرة الله على خلق

[ 26 ]

عفيف مثله وقرئ حاشا ما علمنا عليه من سوء من ذنب قالت امرأت العزيز الان حصحص الحق ثبت واستقر من حصحص البعير إذا ألقى ثفناته ليناخ أو أظهر من حص شعره إذا استأصله بحيث ظهر بشرة رأسه أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين في قوله هي راودتني عن نفسي ولا مزيد على شهادة الخصم بأن صاحبه على الحق وهو على الباطل. (52) ذلك التثبت ليعلم العزيز أنى لم أخنه بالغيب بظهر الغيب في حرمته قاله يوسف لما عاد إليه الرسول وأخبره بكلامهن وان الله لا يهدي كيد الخائنين لا ينفذه ولا يسدده وفيه تعريض بإمرأة العزيز وتأكيد لأمانته. (53) وما أبرئ نفسي أي لا انزهها تواضع لله وتنبيه على أنه لم يرد بذلك تزكية نفسه والعجب بحاله بل إظهار ما أنعم الله عليه من العصمة والتوفيق إن النفس لامارة بالسوء من حيث أنها بالطبع ما يلة إلى الشهوات إلا ما رحم ربى إلا وقت رحمة ربي والا ما رحمه الله من النفوس فعصمه عن ذلك ويحتمل انقطاع الاستثناء أي ولكن رحمة ربي هي التي تصرف السوء وربما يقال إن الايتين من تتمة كلام إمرأة العزيز أي ذلك الذي قلت ليعلم يوسف أني لم أكذب عليه في حال الغيب وصدقت فيما سألت عنه وما أبرئ مع ذلك من الخيانة فإني خنته حين قذفته وسجنته تريد الأعتذار مما كان فيها وهذا التفسير هو المستفاد من كلام القمي حيث قال في قوله لم أخنه بالغيب أي لا أكذب عليه الان كما كذبت عليه من قبل إن ربى غفور رحيم يغفر ميل النفس ويرحم من يشاء بالعصمة. (54) وقال الملك ائتونى به أستخلصه لنفسي أجعله خالصا لنفسي فلما كلمه فلما أتوا به وكلمه وشاهد منه الرشد والأمانة واستدل بكلامه على عقله وبعفته على أمانته قال إنك اليوم لدينا مكين ذو مكانة ومنزلة أمين مؤتمن على كل شئ. (55) قال اجعلني على خزائن الارض ولني أمرها والأرض أرض مصر.

[ 27 ]

والقمي يعني الكناريج (1) والأنابير إنى حفيظ أحفظها من أن تجري عليها الخيانة عليم بوجوه التصرف في العلل عن الصادق عليه السلام. وفي العيون والعياشي عن الرضا عليه السلام قال حفيظ بما تحت يدي عليم بكل لسان وإنما طلب الولاية ليتوصل بها إلى إمضاء أحكام الله وبسط الحق ووضع الحقوق مواضعها. في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اجعلني على خزائن الارض لولاه من ساعته ولكنه أخر ذلك سنة. والعياشي عن الصادق عليه السلام يجوز أن يزكي الرجل نفسه إذا اضطر إليه أما سمعت قول يوسف اجعلني على خزائن الارض إنى حفيظا عليم وقول العبد الصالح وأنا لكم ناصح أمين. وفي الكافي عنه عليه السلام لما صارت الأشياء ليوسف بن يعقوب عليهما السلام جعل الطعام في بيوت وأمر بعض وكلائه فكان يقول بع بكذا وكذا والسعر قائم فلما علم أنه يزيد في ذلك اليوم كره أن يجري الغلاء على لسانه فقال له إذهب وبع ولم يسم له سعرا فذهب الوكيل غير بعيد ثم رجع إليه فقال له إذهب فبع وكره أن يجري الغلاء على لسانه فذهب الوكيل فجاء أول من اكتال فلما بلغ دون ما كان بالأمس بمكيال قال المشتري حسبك إنما أردت بكذا وكذا فعلم الوكيل أنه قد غلا بمكيال ثم جاءه آخر فقال له كل لي فكال فلما بلغ دون الذي كان للأول بمكيال قال له المشتري حسبك إنما أردت بكذا وكذا فعلم الوكيل أنه قد غلا بمكيال حتى صار إلى واحد واحد. والعياشي عنه عليه السلام في حديث أن الغلاء إنما حدث بتكاذب المشترين بعضهم بعضا. وفي المجمع عن الرضا عليه السلام وأقبل يوسف على جمع الطعام فجمع في


1 - الكرنج كقرطق الحانوت أو متاع حانوت البقال ق (*)

[ 28 ]

السبع السنين المخصبة فكبسه (1) في الخزائن فلما مضت تلك السنون وأقبلت السنون المجدبة (2) أقبل يوسف على بيع الطعام فباعهم في السنة الأولى بالدراهم والدنانير حتى لم يبق بمصر وما حولها دينار ولا درهم إلا صار في ملكية يوسف وباعهم في السنة الثانية بالحلي والجواهر حتى لم يبق بمصر وما حولها حلي ولا جوهر إلا صار في ملكية يوسف وباعهم في السنة الثالثة بالدواب والمواشي حتى لم يبق بمصر وما حولها دابة ولا ماشية إلا صارت في ملكية يوسف وباعهم في السنة الرابعة بالعبيد والأماء حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا أمة إلا صار في ملكية يوسف وباعهم في السنة الخامسة بالدور والعقار حتى لم يبق بمصر وما حولها دار ولا عقار حتى صار في ملكية يوسف وباعهم في السنة السادسة بالمزارع والأنهار حتى لم يبق بمصر وما حولها نهر ولا مزرعة حتى صار في ملكية يوسف وباعهم في السنة السابعة برقابهم حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا حر حتى صار عبد يوسف فملك أحرارهم وعبيدهم وأموالهم وقال الناس ما رأينا وما سمعنا بملك أعطاه الله من الملك ما أعطى هذا الملك حكما وعلما وتدبيرا ثم قال يوسف للملك أيها الملك ما ترى فيما خولني ربي من ملك مصر وأهلها أشر علينا برأيك فإني لم أصلحهم لأفسدهم ولم أنجهم من البلاء لأكون وبالا عليهم ولكن الله نجاهم على يدي قال له الملك الرأي رأيك قال يوسف إني أشهد الله واشهدك أيها الملك إني قد اعتقت أهل مصر كلهم ورددت عليهم أموالهم وعبيدهم ورددت عليك أيها الملك خاتمك وسريرك وتاجك على أن لا تسير إلا بسيرتي ولا تحكم إلا بحكمي قال له الملك إن ذلك لشرفي وفخري ألا أسير إلا بسيرتك ولا أحكم إلا بحكمك ولولاك ما قويت عليه ولا اهتديت له ولقد جعلت سلطاني عزيزا ما يرام وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسوله فأقم على ما وليتك فإنك لدينا مكين أمين (56) وكذلك ومثل ذلك التمكين الظاهر مكنا ليوسف في الارض أرض مصر


1 - كبس البئر والنهر يكبسهما طمهما بالتراب وذلك التراب كبس بالكسر ورأسه في ثوبه اخفاه وادخله فيه ق 2 - روي ان يوسف عليه السلام كان لا يمتلي شبعا من الطعام في تلك الايام المجدبة فقيل له تجوع وبيدك خزائن الارض فقال عليه السلام أخاف أن أشبع فأنسى الجياع (*)

[ 29 ]

العياشي عن الباقر عليه السلام ملك يوسف مصر وبراريها لم يتجاوزها إلى غيرها ويأتي فيه حديث آخر يتبوأ منها حيث يشآء ينزل من بلادها حيث يهوى لاستيلائه على جميعها وقرئ نشاء بالنون نصيب برحمتنا من نشاء في الدنيا والاخرة ولا نضيع أجر المحسنين بل نوفي أجورهم عاجلا وآجلا. (57) ولاجر الاخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون الشرك والفواحش لعظمه ودوامه. (58) وجاء إخوة يوسف للميرة (1) وذلك لأنه أصاب كنعان ما أصاب سائر البلاد من الجدب فأرسل يعقوب بنيه غير بنيامين إليه فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون أي عرفهم يوسف لأن همته كانت معقودة بهم ولم يعرفوه لطول العهد (2) ومفارقتهم إياه في سن الحداثة ونسيانهم إياه وتوهمهم أنه هلك وبعد حاله التي رأوه عليها من حاله حيث فارقوه وقلة تأملهم في حلاه (3) من التهيب والاستعظام. العياشي عن الباقر عليه السلام ولم يعرفه إخوته لهيبة الملك وعزه. القمي أمر يوسف أن يبني له كناريج من صخر وطينها بالكلس (4) ثم أمر بزرع مصر فحصدت ودفع إلى كل إنسان حصتة وترك في سنبله لم يدسه فوضعها في الكناريج ففعل ذلك سبع سنين فلما جاءت سنوات الجدب كان يخرج السنبل فيبيع بما شاء وكان بينه وبين أبيه ثمانية عشر يوما وكان في بادية وكان الناس من الافاق يخرجون إلى مصر ليمتاروا به طعاما وكان يعقوب وولده نزولا في بادية فيها مقل (5) فأخذ إخوة يوسف


1 - يقال فلان يمير اهله إذا حمل إليهم أقواتهم من غير بلدهم من الميرة بالكسر فالسكون طعام يمتاره الانسان اي يجلبه من بلد الى بلد ومارهم ميرة من باب باع بالميرة والميتار جالب الميرة م‍ 2 - قيل كان بين ان قذفوه في الجب وبين ان دخلوا عليه أربعين سنة فلذلك أنكروه لانهم رأوه جالسا على السرير وعليه ثياب الملوك ولم يكن يخطر ببالهم انه يصير الى تلك الحالة وكان يوسف ينتظر قدومهم عليه فكان اثبت لهم 3 - الحلية بالكسر الخلقة والصورة والصفة 4 - الكلس بالكسر الصاروج ق الصاروج النورة وأخلاطها معرب وصرج الحوض تصريجا ق 5 - المقل بالضم الكندر الذي يتدخن به اليهود وهو صمغ شجرة ومنه هندي وعربي وصقلي والكل نافع للسعال ونهش الهوام والبواسير وتنقية الرحم اه ق (*)

[ 30 ]

من ذلك المقل وحملوه إلى مصر ليمتاروا به طعاما وكان يوسف يتولى البيع بنفسه فلما دخل إخوته عليه عرفهم ولم يعرفوه كما حكى الله عز وجل. والعياشي عن الباقر عليه السلام لما فقد يعقوب يوسف اشتد حزنه عليه وبكاؤه حتى ابيضت عيناه من الحزن واحتاج حاجة شديدة وتغيرت حاله وكان يمتار القمح من مصر في السنة مرتين الشتاء والصيف وأنه بعث عدة من ولده ببضاعة يسيرة إلى مصر مع رفقة خرجت الحديث. (59) ولما جهزهم بجهازهم أصلحهم بعدتهم وأوقر ركايبهم بما جاؤوا لأجله وأصل الجهاز ما يعد من الأمتعة قال ائتونى بأخ لكم من أبيكم. القمي أحسن لهم في الكيل وقال لهم من أنتم قالوا نحن بنو يعقوب ابن إسحق بن إبراهيم خليل الله الذي ألقاه نمرود في النار فلم يحترق فجعلها الله عليها بردا وسلاما قال فما فعل أبوكم قالوا شيخ ضعيف قال فلكم أخ غيركم قالوا لنا أخ من أبينا لا من أمنا قال فإذا رجعتم إلي فأتوني به. والعياشي عن الباقر عليه السلام قال لهم يوسف قد بلغني أن لكم أخوين من أبيكم فما فعلا قالوا أما الكبير منهما فإن الذئب أكله وأما الصغير فخلفناه عند أبيه وهو به ضنين وعليه شفيق قال فإني أحب أن تأتوني به معكم إذا جئتم تمتارون ألا ترون أنى أوف الكيل أتمه ولا أبخس أحدا شيئا وأنا خير المنزلين المضيفين وكان أحسن إنزالهم وضيافتهم. (60) فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون ولا تدخلوا دياري نهي أو نفي. (61) قالوا سنراود عنه أباه سنجتهد في طلبه من أبيه وإنا لفعلون ذلك لا نتوانى فيه. (62) وقال لفتيانه لغلمانه الكيالين وقرئ لفتيته اجعلوا بضاعتهم يعني ثمن

[ 31 ]

طعامهم وما كانوا جاؤوا به في رحالهم في أوعيتهم وإنما فعل ذلك توسيعا وتفضلا عليهم وترفعا من أن يأخذ ثمن الطعام منهم وخوفا من أن لا يكون عند أبيه ما يرجعون به لعلهم يعرفونها لعلهم يعرفون حق ردها والتكرم باعطاء بدلين إذا انقلبوا إلى أهلهم وفتحوا أوعيتهم لعلهم يرجعون لعل معرفتهم ذلك تدعوهم إلى الرجوع (63) فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يأبانا منع منا الكيل أرادوا قول يوسف فلا كيل لكم عندي لأنه إذا أعلمهم بمنع الكيل إذ لم يذهبوا ببنيامين فقد منعهم الكيل حينئذ فأرسل معنا أخانا نكتل نرفع المانع من كيل ما نحتاج إليه من الطعام وقرئ يكتل بالياء أي يكتل أخونا لينضم إكتياله إلى إكتيا لنا وإنا له لحافظون عن أن يناله مكروه. (64) قال هل آمنكم عليه أي لا آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه يوسف من قبل وقد قلتم فيه إنا له لحافظون ثم لم تفوا بضمانكم فالله خير حافظا فأتوكل على الله وافوض أمري إليه وهو أرحم الرحمين يرحم ضعفي وكبر سني فيحفظه ويرده علي ولا يجمع علي مصيبتين. في المجمع في الخبر أن الله سبحانه قال فبعزتي لأردنهما إليك بعد ما توكلت علي (65) ولما فتحوا متاعهم أي أوعية متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغى ماذا نطلب هل من مزيد على ذلك أكرمنا وأحسن مثوانا وباع منا ورد علينا متاعنا أو المعنى لا نطلب وراء ذلك إحسانا أو ما نريد منك بضاعة أخرى هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا فنستظهر بها ونمير أهلنا بالرجوع إلى الملك ونحفظ أخانا عن المخاوف في ذهابنا وإيابنا ونزداد كيل بعير وسق بعير باستصحاب أخينا ذلك كيل يسير أي مكيل قليل لا يكفينا استقلوا ما كيل لهم فأرادوا أن يزدادوا إليه ما يكال لأخيهم أو أرادوا أن كيل بعير يسير لا يضايقنا فيه الملك. (66) قال لن أرسله معكم إذ رأيت منكم ما رأيت حتى تؤتون موثقا من

[ 32 ]

الله حتى تعطوني [ تؤتوني خ ل ] ما أتوثق به من عند الله أي عهدا مؤكدا بذكر الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم إلا أن تغلبوا فلا تطيقوا ذلك أو إلا أن تهلكوا جميعا فلما أتوه موثقهم عهدهم قال الله على ما نقول وكيل رقيب مطلع إن أخلفتم أنتصف لي منكم. (67) وقال يبنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة لأنهم كانوا ذوي جمال وبهاء وهيئة حسنة وقد شهروا في مصر بالقربة من الملك والتكرمة الخاصة التي لم تكن لغيرهم فخاف عليهم العين وما أغنى عنكم من الله من شئ يعني وإن أراد الله بكم سوء لم ينفعكم ولم يدفع عنكم ما أشرت به عليكم من التفرق وهو مصيبكم لا محالة فإن الحذر لا يمنع القدرإن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون. (68) ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم أي من أبواب متفرقة ما كان يغنى عنهم رأي يعقوب واتباعه من الله من شئ مما قضيناه عليهم كما قاله يعقوب فسرقوا وأخذ بنيامين وتضاعفت المصيبة على يعقوب إلا حاجة في نفس يعقوب استثناء منقطع أي ولكن حاجة في نفسه يعني شفقته عليهم وحرازته من أن يعانوا قضاها أظهرها ووصى بها وإنه لذو علم لما علمناه لذو يقين ومعرفة بالله من أجل تعليمنا إياه ولذلك قال ما أغني عنكم من الله من شئ ولم يغتر بتدبيره ولكن أكثر الناس لا يعلمون سر القدر وأنه لا يغني عنه الحذر. (69) ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه ضم إليه بنيامين قال إنى أنا أخوك فلا تبتئس فلا تحزن من البؤس بما كانوا يعملون في حقنا فإن الله قد أحسن إلينا وجمعنا. في المجمع والعياشي عن الصادق عليه السلام وقد كان هيأ لهم طعاما فلما دخلوا عليه قال ليجلس كل بني ام على مائدة قال فجلسوا وبقي بنيامين قائما فقال له يوسف مالك لا تجلس قال له إنك قلت ليجلس كل بني ام على مائدة وليس لي

[ 33 ]

فيهم ابن ام فقال أما كان لك ابن ام قال له بنيامين بلى قال يوسف فما فعل قال زعم هؤلاء إن الذئب أكله قال فما بلغ من حزنك عليه قال ولد لي أحد عشر ابنا كلهم اشتققت له اسما من إسمه فقال له يوسف أراك قد عانقت النساء وشممت الولد من بعده قال له بنيامين إن لي أبا صالحا وإنه قال تزوج لعل الله أن يخرج منك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح فقال له تعال فاجلس معي على مائدتي فقال إخوة يوسف لقد فضل الله يوسف وأخاه حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته وفي رواية اخرى أنه حين أجلسه معه على المائدة تركوا الأكل وقالوا إنا نريد أمرا ويأبى الله إلا أن يرفع ولد ياميل علينا. والقمي فخرجوا وخرج معهم بنيامين وكان لا يؤاكلهم ولا يجالسهم ولا يكلمهم فلما وافوا مصر دخلوا على يوسف وسلموا فنظر يوسف إلى أخيه فعرفه فجلس منهم بالبعيد فقال يوسف أنت أخوهم قال نعم قال فلم لا تجلس معهم قال لأنهم أخرجوا أخي من امي وأبي ثم رجعوا ولم يردوه وزعموا أن الذئب أكله فآليت على نفسي أن لا اجتمع معهم على أمر ما دمت حيا قال فهل تزوجت قال بلى قال فولد لك ولد قال بلى قال كم ولد لك قال ثلاثة بنين قال فما سميتهم قال سميت واحدا منهم الذئب وواحدا القميص وواحدا الدم قال وكيف اخترت هذه الأسماء قال لئلا أنسى أخي كلما دعوت واحدا من ولدي ذكرت أخي قال لهم يوسف اخرجوا وحبس بنيامين فلما خرجوا من عنده قال يوسف لأخيه أنا أخوك يوسف فلا تبتئس بما كانوا يعملون ثم قال له أنا احب أن تكون عندي فقال لا يدعوني إخوتي فإن أبي قد أخذ عليهم عهد الله وميثاقه أن يردوني إليه قال أنا أحتال بحيلة فلا تنكر إذا رأيت شيئا ولا تخبرهم فقال لا. (70) فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية المشربة في رحل أخيه ثم أذن مؤذن نادى مناد أيتها العير أي القافلة وهي إسم الأبل التي عليها الأحمال فقيل لأصحابها. القمي معناه يا أهل العير ومثله قولهم لأبيهم واسأل القرية التى كنا فيها

[ 34 ]

والعير التى أقبلنا فيهاإنكم لسارقون القمي عن الصادق عليه السلام ما سرقوا وما كذب يوسف فإنما عنى سرقتهم يوسف من أبيه. وفي الكافي عنه عليه السلام قال يوسف إرادة الأصلاح وعنه عليه السلام الكلام ثلاثة صدق وكذب وإصلاح بين الناس. وعنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا كذب على مصلح ثم تلا أيتها العير إنكم لسارقون ثم قال والله ما سرقوا وما كذب وعن الباقر عليه السلام والله ما كانوا سارقين وما كذب. وزاد في العلل والعياشي ألا ترى قال لهم حين قالوا ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ولم يقولوا سرقتم صواع الملك إنما عنى سرقتم يوسف من أبيه. (71) قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون أي شئ ضاع منكم. (72) قالوا نفقد صواع الملك يعني صاعه المعبر عنه آنفا بالسقاية لأنه كان مشربته أيضا. العياشي عن الباقر عليه السلام قال صواع الملك الطاس الذي يشرب منه. وعن الصادق عليه السلام كان قدحا من ذهب وكان صواع يوسف إذا كيل كيل به. والقمي وكان الصاع الذي يكيلون به من ذهب فجعلوه في رحله من حيث لم يقف عليه إخوته ولمن جاء به حمل بعير من الطعام جعلا له وأنا به زعيم كفيل اؤديه إلى من رده. (73) قالوا تالله قسم فيه معنى التعجب لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الارض وما كنا سارقين استشهدوا بعلمهم على براءة أنفسهم لما ثبت عندهم دلائل دينهم وأمانتهم وحسن سيرتهم ومعاملتهم معهم مرة بعد اخرى. (74) قالوا فما جزاؤه فما جزاء السرق أو السارق أو الصواع بمعنى سرقته

[ 35 ]

بحذف المضاف إن كنتم كاذبين في إدعائكم البراءة منه. (75) قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه أي جزاء سرقته أخذ من وجد في رحله واسترقاقه وهكذا كان شرع يعقوب. القمي من وجد في رحله فأحبسه. والعياشي عن الصادق عليه السلام يعنون السنة التي كانت تجري فيهم أن يحبسه كذلك نجزي الظالمين بالسرقة. (76) فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه بنيامين دفعا للتهمة ثم استخرجها أي السقاية من وعاء أخيه. القمي فتشبثوا بأخيه فحبسوه كذلك مثل هذا الكيد كدنا ليوسف بأن علمناه إياه ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ملك مصر لأن حكم السارق في دينه أن يضرب ويغرم لا أن يستعبد إلا أن يشآء الله أن يجعل ذلك الحكم حكم الملك نرفع درجات من نشاء بالعلم كما رفعنا درجة يوسف فيه وفوق كل ذى علم عليم أرفع درجة منه في علمه. (77) قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل. القمي يعنون يوسف. والعياشي عن الرضا عليه السلام يعنون المنطقة وعنه عليه السلام قال كانت لأسحق النبي عليه السلام منطقة يتوارثها الأنبياء والأكابر وكانت عند عمة يوسف وكان يوسف عندها وكانت تحبه فبعث إليها أبوه أن أبعثيه إلى وأرده إليك فبعثت إليه أن دعه عندي الليلة أشمه ثم أرسله إليك غدوة فلما أصبحت أخذت المنطقة فربطتها في حقوه (1) وألبسته قميصا وبعثت به إليه وقالت سرقت المنطقة فوجدت عليه وكان إذا سرق


1 - الحقو بفتح المهملة وسكون القاف موضع شد الازار وهو الخاصرة ثم توسعوا حتى سموا الازار الذي يشد على العورة حقوا والجمع حق وحقي فلس وفلسى وفلوس م‍ (*)

[ 36 ]

أحد في ذلك الزمان دفع به إلى صاحب السرقة فأخذته فكان عندها. وفي العيون والقمي والعياشي أيضا عنه عليه السلام في معناه ما يقرب منه وكذا في الخرائج عن أبي محمد عليه السلام ببيان أبسط وفي آخره فقال لها يعقوب فإنه عبدك على أن لا تبيعية ولا تهبيه قالت فأنا أقبله على أن لا تأخذه مني وأعتقه الساعة فأعطاها إياه أعتقته فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم أكنها ولم يظهرها لهم قال في نفسه أنتم شر مكانا منزلة في سرقتكم أخاكم وسوء صنيعكم به والله أعلم بما تصفون وهو يعلم أن الأمر ليس كما تصفون وأنه لم يسرق. (78) قالوا يأيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا في السن أو القدر وذكروا له حاله إستعطافا له عليه فخذ أحدنا مكانه بدله فإن أباه ثكلان (1) على أخيه الهالك مستأنس به إنا نريك من المحسنين عادتك الأحسان. العياشي عن الباقر عليه السلام نراك من المحسنين إن فعلت. (79) قال معاذ الله نعوذ بالله معاذا أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده أخذ غيره ظلم على فتواكم فلو أخذ أحدكم مكانه إنا إذا لظالمون عندكم هذا ظاهر كلامه وباطنه أنه تعالى أمرني بأخذ بنيامين واحتباسه لمصالح علمها في ذلك فلو أخذت غيره كنت ظالما عاملا بخلاف ما أمرت به. القمي قال إلا من وجدنا متاعنا عنده ولم يقل إلا من سرق متاعنا قال فاجتمعوا إلى يوسف عليه السلام وكانوا يجادلونه في حبسه وكانوا إذا غضبوا خرج من ثيابهم شعر وتقطر من رؤوسها دم أصفر وهم يقولون له خذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين فاطلق عن هذا. والعياشي عن الصادق عليه السلام ما يقرب منه.


1 - الثكل بالضم الموت والهلاك وفقدان الولد أو الحبيب ويحرك وقد ثكله كفرح وهو ثاكل وثكلان وهي ثاكل وثكلانة قليلة وثكول وثكلى ق (*)

[ 37 ]

(80) فلما استيئسوا منه يئسوا من يوسف وإجابته إياهم وزيادة السين والتاء للمبالغة خلصوا انفردوا واعتزلوا نجيا متناجين قال كبيرهم. العياشي عن الصادق عليه السلام قال لهم يهودا وكان أكبرهم. والقمي قال لهم لاوي ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله عهدا وثيقا ومن قبل ومن قبل هذا ما فرطتم في يوسف قصرتم في شأنه فلن أبرح الارض فلن افارق أرض مصر حتى يأذن لى أبى في الرجوع إليه أو يحكم الله لى أو يقضي الله لي بالخروج وهو خير الحاكمين لأنه لا يحكم إلا بالحق العياشي عن الصادق عليه السلام. والقمي قال فرجع إخوة يوسف إلى أبيهم وتخلف يهودا فدخل على يوسف يكلمه في أخيه حتى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا وكان على كتفه شعرة إذا غضب قامت الشعرة فلا تزال تقذف بالدم حتى يمسه بعض ولد يعقوب قال وكان بين يدي يوسف ابن له صغير في يده رمانة من ذهب يلعب بها فلما رآه يوسف قد غضب وقامت الشعرة تقذف بالدم أخذ الرمانة من يد الصبي ثم دحرجها نحو يهودا وتبعها الصبي ليأخذها فوقعت يده على يهودا فذهب غضبه قال فارتاب يهودا ورجع الصبي بالرمانة إلى يوسف ثم عاد يهودا إلى يوسف فكلمه في أخيه حتى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا وقامت الشعرة فجعلت تقذف بالدم فلما رأى ذلك يوسف دحرج الرمانة نحو يهودا وتبعها الصبي ليأخذها فوقعت يده على يهودا فسكن غضبه قال فقال يهودا إن في البيت معنا لبعض ولد يعقوب حتى صنع ذلك ثلاث مرات. (81) ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق على ما شاهدنا من ظاهر الامر وما شهدنا عليه إلا بما علمنا بأن رأينا أن الصواع استخرج من وعائه وما كنا للغيب لباطن الحال حافظين فلا ندري أنه سرق أو دس الصاع في رحله. (82) واسأل القرية التى كنا فيها أرسل إلى أهلها واسألهم عن القصة

[ 38 ]

والعير التى أقبلنا فيها وأصحاب العير التي توجهنا فيهم وكنا معهم وإنا لصادقون تأكيد في محل القسم. (83) قال بل سولت يعني فلما رجعوا إلى أبيهم وقالوا له ما قال لهم أخوهم قال بل سولت أي زينت وسهلت لكم أنفسكم أمرا أردتموه لتعليمكم إياه إن السارق يؤخذ بسرقته فصبر جميل فأمري صبر جميل لا شكوى فيه إلى الناس عسى الله أن يأتيني بهم جميعا بيوسف وبنيامين ويهودا إنه هو العليم بحالي وحالهم الحكيم في تدبيرها. (84) وتولى عنهم وأعرض عنهم وقال يا أسفي على يوسف تعال فهذا أوانك والأسف أشد الحزن والحسرة والألف بدل من ياء المتكلم تأسفه على يوسف دون غيره دليل على أنه لم يقع فايت عنده موقعه وإن مصابه به كان عنده غضا طريا مع طول العهد. العياشي والقمي عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف قال حزن سبعين ثكلى بأولادها وزاد العياشي قيل له كيف يحزن يعقوب على يوسف وقد أخبره جبرئيل أنه لم يمت وأنه سيرجع إليه فقال له إنه نسى ذلك وزاد القمي وإن يعقوب لم يعرف الاسترجاع فمن هنا قال وا أسفي على يوسف وفي الحديث النبوي لم يعط امة من الأمم إنا لله وإنا إليه راجعون عند المصيبة إلا امة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الا ترى إلى يعقوب حين أصابه ما أصاب لم يسترجع وقال يا أسفي الاية وابيضت عيناه من الحزن لكثرة بكائه من الحزن وكان العبرة محقت سوادها. والقمي يعني عميت من البكاء فهو كظيم مملو من الغيظ على أولاده ممسك له في قلبه ولا يظهره (85) قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف أي لا تفتؤ ولا تزال تذكره تفجعا عليه حذف لا لعدم الألتباس بالاثبات حتى تكون حرضا مريضا من الهم مشفيا على

[ 39 ]

الهلاك أو تكون من الهلكين الميتين. في الخصال عن الصادق عليه السلام البكاؤون خمسة إلى أن قال وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره حتى قيل له تا لله تفتؤا الاية. (86) قال إنما أشكوا بثي وحزني همي الذي لا أقدر الصبر عليه إلى الله لا إلى غيره فخلوني وشكايتي وأعلم من الله من صنعه ورحمته ما لا تعلمون وحسن ظني به أن يأتيني بالفرج من حيث لا أحتسب. في الكافي عن الصادق عليه السلام إن يعقوب عليه السلام لما ذهب عنه بنيامين نادى يا رب أما ترحمني أذهبت عيني وأذهبت ابني فأوحى الله تعالى لو أمتهما لأحييتهما لك حتى أجمع بينك وبينهما ولكن تذكر الشاة التي ذبحتها وشويتها وأكلت وفلان وفلان إلى جانبك صائم لم تنله منها شيئا. (87) يا بنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه تفحصوا من حالهما وتطلبوا خبرهما ولا تيأسوا من روح الله لا تقنطوا من فرجه وتنفيسه ورحمته إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكفرون لأن المؤمن من الله على خير يرجوه عند البلاء ويشكره في الرخاء. في الكافي والعلل والعياشي والقمي عن الباقر عليه السلام إنه سئل أن يعقوب حين قال لولده اذهبوا فتحسسوا من يوسف أكان علم أنه حي وقد فارقه منذ عشرين سنة وذهبت عيناه من الحزن قال نعم علم أنه حي قيل وكيف علم قال أنه دعا في السحر أن يهبط عليه ملك الموت فهبط عليه ترابال وهو ملك الموت فقال له ترابال ما حاجتك يا يعقوب قال أخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرقة فقال بل متفرقة روحا روحا قال فمر بك روح يوسف قال لا فعند ذلك علم أنه حي فقال لولده اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه. وفي الأكمال عن الصادق عليه السلام مثله باختصار وفي الخرايج عنه عليه السلام إن اعرابيا اشترى من يوسف طعاما فقال له إذا مررت بوادي كذا فناد يا

[ 40 ]

يعقوب فإنه يخرج إليك شيخ فقل له إني رأيت رجلا بمصر يقرؤك السلام ويقول إن وديعتك عند الله محفوظة لن تضيع فلما بلغه الأعرابي خر يعقوب مغشيا عليه فلما أفاق قال هل لك من حاجة قال لي إبنة عم وهي زوجتي لم تلد فدعا له فرزق منها أربعة أبطن في كل بطن اثنين. وفي الأكمال مثله بأبسط منه وقال سيخرج إليك رجل عظيم جميل وسيم وقال في آخره فكان يعقوب يعلم أن يوسف حي لم يمت وأن الله سيظهره له بعد غيبته وكان يقول لبنيه إني أعلم من الله ما لا تعلمون وكان أبناؤه وأهله وأقرباؤه يفندونه على ذكر يوسف. (88) فلما دخلوا عليه بعدما رجعوا إلى مصر قالوا يأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر الشدة وجئنا ببضعة مزجاة ردية. العياشي عن الرضا عليه السلام كانت المقل وكانت بلادهم بلاد المقل وهي البضاعة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا وتفضل علينا بالمسامحة وزدنا على حقنا أو بأخينا بنيامين كما يأتي إن الله يجزى المتصدقين يثيبهم على صدقاتهم بأفضل منها فرق لهم يوسف ولم يتمالك أن عرفهم نفسه. (89) قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قاله شفقة ونصحا لما رأى من عجزهم وتمسكنهم لا معاتبة وتثريبا إيثارا لحق الله على حق نفسه في ذلك المقام الذي ينفث فيه المصدور ولعل فعلهم بأخيه إفراده عن يوسف قيل وإذلاله حتى لا يستطيع أن يكلمهم إلا بعجز وذلة. في المجمع عن الصادق عليه السلام كل ذنب عمله العبد إن كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه معصية ربه فقد حكى الله سبحانه قول يوسف لأخوته قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله.

[ 41 ]

(90) قالوا (1) ءأنك لاءنت يوسف استفهام تقرير وقرئ على الأيجاب قال أنا يوسف وهذا أخي من أبي وأمي ذكره تعريفا لنفسه وتفخيما لشأنه قد من الله علينا أي بالسلامة والكرامة إنه من يتق أي من يتق الله ويصبر على البليات وعن المعاصي فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. (91) قالوا تالله لقد آثرك الله علينا اختارك علينا بحسن الصورة وكمال السيرة وإن كنا لخطئين وإن شأننا وحالنا إنا كنا مذنبين بما فعلنا معك لا جرم أن الله أعزك واذلنا. العياشي عن الباقر عليه السلام قالوا فلا تفضحنا ولا تعاقبنا اليوم واغفر لنا (92) قال لا تثريب لا عيب ولا تعيير ولا تأنيب عليكم اليوم فيما فعلتم يغفر الله لكم وهو أرحم الرحمين. في المجمع عن الصادق عليه السلام في حديث طويل أن يعقوب كتب إلى يوسف بسم الله الرحمن الرحيم الى عزيز مصر ومظهر العدل وموفي الكيل من يعقوب بن إسحق بن إبراهيم خليل الرحمن صاحب نمرود الذي جمع له النار ليحرقه بها فجعلها الله عليه بردا وسلاما وأنجاه منها اخبرك أيها العزيز إنا أهل بيت لم يزل البلاء إلينا سريعا من الله ليبلونا عند السراء والضراء وإن المصائب تتابعت علي منذ عشرين سنة أولها أنه كان لي ابن سميته يوسف وكان سروري من بين ولدي وقرة عيني وثمرة فؤادي وأن إخوته من غير امه سألوني أن أبعثه معهم يرتع ويلعب فبعثته معهم بكرة فجاؤني عشيا يبكون وجاؤوا على قميصه بدم كذب وزعموا أن الذئب أكله فاشتد لفقده حزني وكثر على فراقه بكائي حتى ابيضت عيناي من الحزن وأنه كان له أخ وكنت به معجبا وكان لي أنيسا وكنت إذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري وأن إخوته ذكروا أنك سألتهم عنه وأمرتهم أن يأتوك به وإن لم يأتوك به منعتهم الميرة فبعثته معهم


1 - قيل ان يوسف لما قال لهم هل علمتم الاية تبسم فلما ابصروا ثناياه وكانت كاللؤلؤ المنظوم شبهوه بيوسف وقالوا له إنك لانت يوسف وقيل يرفع التاج عن رأسه فعرفوه م‍ ن (*)

[ 42 ]

ليمتاروا لنا قمحا فرجعوا إلي وليس هو معهم وذكروا أنه سرق مكيال الملك ونحن أهل بيت لا نسرق وقد حبسته عني وفجعتني به وقد اشتد لفراقه حزني حتى تقوس لذلك ظهري وعظمت به مصيبتي مع مصائب تتابعت علي فمن علي بتخلية سبيله وإطلاقه من حبسك وطيب لنا القمح واسمح لنا في السعر وأوف لنا الكيل وعجل سراح (1) آل إبراهيم قال فمضوا بكتابه حتى دخلوا على يوسف في دار الملك وقالوا يأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر إلى آخر الاية وتصدق علينا بأخينا بنيامين وهذا كتاب أبينا يعقوب أرسله إليك في أمره يسألك تخلية سبيله فمن به علينا فأخذ يوسف كتاب يعقوب وقبله ووضعه على عينيه وبكى وانتحب (2) حتى بلت دموعه القميص الذي عليه ثم أقبل عليهم وقال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه من قبل. والعياشي عن الباقر عليه السلام في حديث له قال واشتد حزن يعقوب حتى تقوس (3) ظهره وأدبرت الدنيا عنه وعن ولده حتى احتاجوا حاجة شديدة وفنيت ميرتهم فعند ذلك قال يعقوب لولده اذهبوا فتحسسوا الاية فخرج منهم نفر وبعث منهم ببضاعة يسيرة وكتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يتعطفه على نفسه وولده وأوصى ولده أن يبدؤا بدفع كتابه قبل البضاعة فكتب وذكر صفة الكتاب مثل ما ذكر في المجمع إلى قوله وعجل سراح آل إبرهيم وأورد آل يعقوب بدل آل إبراهيم ثم قال فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه نزل جبرئيل على يعقوب فقال له يا يعقوب إن ربك يقول لك من ابتلاك بمصائبك التي كتبت بها إلى عزيز مصر قال يعقوب أنت بلوتني بها عقوبة منك وأدبالي قال الله فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيري قال يعقوب اللهم لا قال فما استحييت مني حين شكوت مصائبك إلى غيري ولم تستغث بي وتشكو ما بك إلي فقال يعقوب أستغفرك يا إلهي وأتوب إليك وأشكو بثي وحزني


1 - سرحت فلانا الى موضع كذا إذا أرسلته وتسريح المرأة تطليقها والاسم السراح مثل التبليغ والبلاغ وتسريح الشعر إرساله وحله قبل المشق 2 - النحب أشد البكاء كالنحيب وقد نحب كمنع وانتحب 3 - قوس تقويسا انحنى كتقوس (*)

[ 43 ]

إليك فقال الله وتعالى قد بلغت بك يا يعقوب وبولدك الخاطئين الغاية في أدبي ولو كنت يا يعقوب شكوت مصائبك إلي عند نزولها بك واستغفرت وتبت إلي من ذنبك لصرفتها عنك بعد تقديري إياها عليك ولكن الشيطان أنساك ذكري فصرت إلى القنوط من رحمتي وأنا الله الجواد الكريم أحب عبادي المستغفرين التائبين الراغبين إلي فيما عندي يا يعقوب أنا راد إليك يوسف وأخاه ومعيد إليك ما ذهب من مالك ولحمك ودمك وراد إليك بصرك ومقوم لك ظهرك وطب نفسا وقر عينا وإنما الذي فعلته بك كان أدبا مني لك فأقبل أدبي قال ومضى ولد يعقوب بكتابه إلى آخر ما ذكر في المجمع إلا أنه قال وأنه كان له أخ من خالته وكنت به معجبا ثم ذكر صفة الكتاب برواية اخرى أخصر منه وقال في آخره فلما اوتي يوسف عليه السلام بالكتاب فتحه وقرأه فصاح ثم قام فدخل منزله فقرأه وبكى ثم غسل وجهه ثم خرج إلى إخوته ثم عاد فقرأه فصاح وبكى ثم قام فدخل منزله فقرأه وبكى ثم غسل وجهه وعاد إلى اخوته فقال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون وأعطاهم قميصه وهو قميص إبراهيم وكان يعقوب بالرملة. (93) اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبى يأت بصيرا وأتوني أنتم وأبي بأهلكم أجمعين. (94) ولما فصلت العير من مصر وخرجت من عمرانها قال أبوهم لمن حضره إنى لاجد ريح يوسف لو لا أن تفندون تنسبوني إلى الفند وهو نقصان عقل يحدث من الهرم وجواب لولا محذوف وتقديره لصدقتموني. (95) قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم لفي ذهابك عن الصواب قدما بإفراطك في محبة يوسف واكثارك ذكره والتوقع للقائه. (96) فلما أن جاء البشير في الأكمال عن الصادق عليه السلام وهو يهودا إبنه ألقيه على وجهه طرح القميص على وجهه فارتد بصيرا عاد بصيرا لما انتعش فيه من القوة قال ألم أقل لكم إنى أعلم من الله ما لا تعلمون من حياة يوسف وإنزال

[ 44 ]

الفرج من الله ويحتمل أن يكون إني أعلم مستأنفا والمقول محذوفا دل عليه الكلام السابق. العياشي عن الصادق عليه السلام كتب عزيز مصر إلى يعقوب أما بعد فهذا ابنك يوسف اشتريته بثمن بخس دراهم معدودة واتخذته عبدا وهذا ابنك بنيامين قد سرق فاتخذته عبدا قال فما ورد على يعقوب بشئ أشد عليه من ذلك الكتاب فقال للرسول مكانك حتى أجيبه فكتب إليه يعقوب أما بعد فقد فهمت كتابك إنك أخذت ابني بثمن بخس وأخذته عبدا وإنك أتخذت ابني بنيامين وقد سرق واتخذته عبدا فإنا أهل بيت لا نسرق ولكنا أهل بيت نبتلى وقد ابتلى أبونا ابراهيم بالنار فوقاه الله وابتلى أبونا اسحاق بالذبح فوقاه الله وإني قد ابتليت بذهاب بصري وذهاب ابني وعسى الله أن يأتيني بهم جميعا قال فلما ولى الرسول عنه رفع يده إلى السماء ثم قال يا حسن الصحبة يا كريم المعونة يا خيرا كله إئتني بروح وفرج من عندك قال فهبط عليه جبرئيل فقال ليعقوب ألا اعلمك دعوات يرد الله عليك بها بصرك ويرد عليك ابنيك فقال بلى فقال قل يا من لا يعلم أحد كيف هو وحيث هو وقدرته إلا هو يامن سد الهواء بالسماء وكبس الأرض على الماء واختار لنفسه أحسن الأسماء إئتني بروح منك وفرج من عندك فما انفجر عمود الصبح حتى اتي بالقميص وطرح على وجهه فرد الله عليه بصره ورد عليه ولده. والقمي أورد هذا الحديث بأبسط من هذا وذكر في كتاب العزيز مكان قد سرق قد وجدت متاعي عنده وذكر في جواب يعقوب ابتلاءه بإبنيه على نحو كتابه الذي قد سبق ذكره. وقال فيه وقد كان له أخ من امه كنت انس به فخرج مع إخوته إلى أن قال وقد حبسته وأنا أسألك بإله ابراهيم وإسحق ويعقوب إلا مننت علي به وتقربت إلى الله ورددته إلي قال فلما ورد الكتاب على يوسف أخذه ووضعه على وجهه وقبله وبكى بكاء شديدا ثم نظر إلى إخوته فقال هل علمتم ما فعلتم بيوسف الايات قال فلما ولى الرسول الحديث.

[ 45 ]

والعياشي عن الباقر عليه السلام قال اذهبوا بقميصي هذا الذي بلته دموع عيني فألقوه على وجه أبي يرتد بصيرا لو قد شم ريحي وأتوني بأهلكم أجمعين وردهم إلى يعقوب في ذلك اليوم وجهزهم بجميع ما يحتاجون إليه فلما فصلت عيرهم من مصر وجد يعقوب ريح يوسف فقال لمن بحضرته من ولده إني لاجد ريح يوسف لولا أن تفندون قال وأقبل ولده يحثون السير بالقميص فرحا وسرورا بما رأوا من حال يوسف والملك الذي أعطاه الله والعز الذي صاروا إليه في سلطان يوسف وكان مسيرهم من مصر إلى يعقوب تسعة أيام فلما أن جاء البشير ألقى القميص على وجهه فارتد بصيرا وقال لهم ما فعل ابن ياميل قالوا خلفناه عند أخيه صالحا قال فحمد الله يعقوب عند ذلك وسجد لربه سجدات الشكر ورجع إليه بصره وتقوم له ظهره وقال لولده تحولوا إلى يوسف في يومكم هذا بأجمعكم فصاروا إلى يوسف ومعهم يعقوب وخالة يوسف ياميل فحثوا السير فرحا وسرورا فساروا تسعة أيام إلى مصروعن الصادق عليه السلام وجد يعقوب ريح قميص ابراهيم حين فصلت العير من مصر وهو بفلسطين. وفي الكافي والأكمال والقمي والعياشي عنه عليه السلام أتدري ما كان قميص يوسف قيل لا قال إن إبراهيم لما أوقدت له النار نزل إليه جبرئيل بالقميص. والقمي بثوب من ثياب الجنة وألبسه إياه فلم يضر معه حر ولا برد فلما أحضرته الوفاة جعله في تميمة وعلقه على اسحاق وعلقه إسحاق على يعقوب عليه السلام فلما ولد يوسف علقه عليه وكان في عضده حتى كان من أمره ما كان فلما أخرجه يوسف عليه السلام بمصر من التميمة وجد يعقوب ريحه وهو قوله عز وجل حكاية عنه إنى لاجد ريح يوسف لولا أن تفندون وهو ذلك القميص الذي انزل من الجنة قيل جعلت فداك فإلى من صار هذا القميص قال إلى أهله ثم يكون مع قائمنا إذا خرج ثم قال كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وزاد القمي وكان يعقوب بفلسطين وفصلت العير من مصر فوجد يعقوب ريحه وهو من ذلك القميص الذي انزل من الجنة ونحن ورثته.

[ 46 ]

والعياشي مرفوعا إن يعقوب وجد ريح قميص يوسف من مسيرة عشرة ليال وكان يعقوب ببيت المقدس ويوسف بمصر وهو القميص الذي نزل على إبراهيم من الجنة في قصبة من فضة وكان إذا لبس كان واسعا كبيرا فلما فصلوا ويعقوب بالرملة ويوسف بمصر قال يعقوب إنى لاجد ريح يوسف يعني ريح الجنة حين فصلوا بالقميص لأنه كان من الجنة. أقول: يعني إنه كان من عالم الملكوت والباطن قد برز إلى عالم الملك والظاهر وصار محسوسا. (97) قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين. (98) قال سوف أستغفر لكم ربى إنه هو الغفور الرحيم. في الكافي عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير وقت دعوتم الله فيه الأسحار وتلا هذه الاية في قول يعقوب سوف أستغفر لكم ربي وقال أخرهم إلى السحر. وفي الفقيه والمجمع والعياشي عنه عليه السلام اخره الى السحر ليلة الجمعة. والعياشي عنه عليه السلام أخره إلى السحر وقال يا رب إنما ذنبهم فيما بيني وبينهم فأوحى الله قد غفرت لهم. وفي العلل عنه عليه السلام إنه سئل عن يعقوب إنه لما قال له بنوه يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال سوف أستغفر لكم ربي فأخر الاستغفار لهم ويوسف عليه السلام لما قالوا له تا لله لقد آثرك علينا وإن كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الرحمين قال لأن قلب الشاب ارق من قلب الشيخ وكانت جناية ولد يعقوب على يوسف وجنايتهم على يعقوب إنما كانت بجنايتهم على يوسف فبادر يوسف إلى العفو عن حقه وأخر يعقوب العفو لأن عفوه إنما كان عن حق غيره فأخرهم إلى السحر ليلة الجمعة. في الكافي عن الباقر عليه السلام أنه سئل ما كان أولاد يعقوب أنبياء قال لا

[ 47 ]

ولكنهم كانوا أسباطا أولاد الأنبياء ولم يكن يفارقوا الدنيا إلا سعداء تابوا وتذكروا ما صنعوا وإن الشيخين فارقا الدنيا ولم يكن يتوبا ولم يذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين عليه السلام فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. والعياشي عن الصادق عليه السلام إنه سئل أكان إخوة يوسف أنبياء قال لا ولكن بررة أتقياء كيف وهم يقولون لأبيهم يعقوب تا لله إنك لفي ضلالك القديم. وعنه عليه السلام إنه سئل ما حال بني يعقوب هل خرجوا من الأيمان فقال نعم قلت فما تقول في آدم قال. (99) فلما دخلوا على يوسف ءاوى إليه أبويه ضم إليه أباه وامه راحيل كما مضى عن الباقر عليه السلام في أول السورة في تأويل الرؤيا أو أباه وخالته ياميل لما سبق في رواية العياشي إنها هي التي صارت معهم إلى مصر ولما يأتي في روايته أنه رفع أباه وخالته على سرير الملك فإن صحت هذه الرواية فلعلها نزلت منزلة الام كما نزل العم منزلة الأب في قوله وإله آبائك إبراهيم وإسمعيل ولما روى أنها ربته بعد أمه والرابة تدعى اما وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين يعني (1) إن شاء الله دخلتموه آمنين وإنما دخلوا عليه قبل دخولهم مصر لأنه استقبلهم يوسف ونزل لهم في بيت أو مضرب هناك فدخلوا عليه وضم إليه أبويه. في الكافي عن الصادق عليه السلام إن يوسف لما قدم عليه الشيخ يعقوب دخله عز الملك فلم ينزل إليه فهبط عليه جبرئيل عليه السلام فقال يا يوسف إبسط راحتك فخرج منها نور ساطع فصار في جو السماء فقال يوسف يا جبرئيل ما هذا النور الذي خرج من راحتي فقال نزعت النبوة من عقبك عقوبة لما لم تنزل إلى الشيخ يعقوب فلا يكون من عقبك نبي. وفي العلل عنه عليه السلام لما تلقى يوسف يعقوب ترجل له يعقوب ولم


1 - والاستثناء يعود الى الامن وإنما قال آمنين لانهم كانوا فيما خلا يخافون ملوك مصر ولا يدخلونها إلا بجوازهم قال وهب إنهم دخلوا مصر وهم ثلاث وسبعون إنسانا وخرجوا مع موسى وهم ستمائة الف وخمسمائة وبضع وسبعون رجلا مجمع البيان (*)

[ 48 ]

يترجل له يوسف فلم ينفصلا من العناق حتى أتاه جبرئيل فقال له يا يوسف ترجل لك الصديق ولم تترجل له إبسط يدك وذكر مثل ما في الكافي وفي رواية اخرى هم بأن يترجل ليعقوب ثم نظر إلى ما هو فيه من الملك فلم يفعل الحديث. القمي لما وافى يعقوب وأهله وولده مصر قعد يوسف على سريره ووضع تاج الملك على رأسه فأراد أن يراه أبوه على تلك الحالة فلما دخل عليه أبوه لم يقم له فخروا كلهم سجداثم روى عن الهادي عليه السلام إخراج جبرائيل نور النبوة من بين أصابعه ومحوها من صلبه وجعلها في ولد لاوى أخيه لأنه نهى إخوته عن قتله ولأنه قال لن أبرح الارض الاية قال فشكر الله له ذلك وكان أنبياء بني اسرائيل من ولده وكان موسى من ولده وهو موسى ابن عمران بن يصهر بن واهث بن لاوي بن يعقوب. (100) ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا. العياشي عن الصادق عليه السلام العرش السرير وكان سجودهم ذلك عبادة لله وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل رأيتها في أيام الصباقد جعلها ربى حقا صدقا. العياشي عن الكاظم عليه السلام إنه سئل في كم دخل يعقوب من ولده على يوسف قال في أحد عشر إبنا له فقيل له أسباط قال نعم. وعن الباقر عليه السلام لما دخلوا على يوسف في دار الملك إعتنق أباه وبكى ورفعه ورفع خالته على سرير الملك ثم دخل منزله فادهن واكتحل ولبس ثياب العز والملك ثم خرج إليهم فلما رأوه سجدوا له إعظاما له وشكرا لله فعند ذلك قال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قال ولم يكن يوسف في تلك العشرين سنة يدهن ولا يكتحل ولا يتطيب ولا يضحك ولا يمس النساء حتى جمع الله بيعقوب شمله وجمع بينه وبين يعقوب واخوته وفي المجمع عنه عليه السلام مثله. أقول: لعل المراد بنفي مسه النساء عدم مسهن للألتذاذ والشهوة فلا ينافي ما

[ 49 ]

سبق أنه كان له ابن يلعب برمانة بين يديه حين خاصمه أخوه في أخيه فلعله إنما مسهن لتثقيل الأرض بتسبيح الولد كما مضى في إعتذار أخيه في مثله. والقمي عن الباقر عليه السلام لما دخلوا عليه سجدوا شكرا لله وحده حين نظروا إليه وكان ذلك السجود لله. وعن الهادي عليه السلام وقد سئل عن سجود يعقوب وولده ليوسف عليه السلام وهم أنبياء قال أما سجود يعقوب وولده فإنه لم يكن ليوسف وإنما كان من يعقوب وولده طاعة لله وتحية ليوسف كما كان السجود من الملائكة لأدم وإنما كان ذلك منهم طاعة لله وتحية لادم فسجد يعقوب وولده ويوسف معهم شكرا لله لأجتماع شملهم ألم تر أنه يقول في شكره ذلك الوقت رب قد آتيتني من الملك الاية. وفي الجوامع عن الصادق عليه السلام إنه قرأ (وخروا لله سجدين) وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن لعله لم يذكر الجب لئلا يكون تثريبا عليهم وجاء بكم من البدو من البادية لأنهم كانوا أصحاب المواشي وأهل البدو ينتقلون في المياه والمناجع (1) من بعد أن نزغ الشيطن بينى وبين إخوتى أفسد بيننا وحرش إن ربى لطيف لما يشاء في تدبير عباده يسهل لهم العسر ويلطفه إنه هو العليم بوجوه المصالح والتدابير الحكيم الذي يفعل كل شئ في وقته وعلى وجه. القمي عن الهادي عليه السلام قال يعقوب لأبنه أخبرني ما فعل بك إخوتك حين أخرجوك من عندي قال يا أبت إعفني من ذلك قال فأخبرني ببعضه قال إنهم لما أدنوني من الجب قالوا انزع القميص فقلت لهم يا إخوتي اتقوا الله ولا تجردوني فسلوا علي السكين وقالوا لئن لم تنزع لنذبحنك فنزعت القميص وألقوني في الجب عريانا قال فشهق يعقوب شهقة واغمي عليه فلما أفاق قال يا بني حدثني قال يا أبت أسألك بإله


1 - في حديث علي عليه السلام هي يعني الدنيا منزل قلعة وليست بدار نجعة قوله منزل قلعة بضم القاف إذا لم تصلح للاستيطان والنجعة بضم النون ايضا طلب الكلاء وحاصله انها ليست دار راحة وطيب عيش والانتجاع طلب الاحسان ومنه انتجعت فلانا إذا اتيته تطلب معروفه والانتجاع طلب النبات والعلف والماء م‍ (*)

[ 50 ]

إبراهيم واسحق ويعقوب إلا أعفيتني فاعفاه. وفي المجمع عن الصادق عليه السلام والعياشي عن الباقر عليه السلام ما في معناه. وفي المجمع روى أن يوسف عليه السلام قال ليعقوب لا تسألني عن صنيع إخوتي واسأل عن صنيع الله بي. (101) رب قد آتيتني من الملك بعض الملك وهو ملك مصر. في الكافي عن الصادق عليه السلام في حديث يذكر فيه يوسف فكان من أمره الذي كان أن اختار مملكة الملك [ مصر ظ ] وما حولها إلى اليمن. وفي الخصال عن الباقر عليه السلام إن الله تبارك وتعالى لم يبعث أنبياء ملوكا في الأرض إلا أربعة إلى أن قال وأما يوسف فملك مصر وبراريها ولم يتجاوزها إلى غيرها وعلمتني من تأويل الاحاديث بعض تأويلها فاطر السموت والأرض مبدعهما أنت ولى ناصري ومتولي أمري في الدنيا والاخرة تتولاني بالنعمة فيهما وتوصل الملك الفاني بالملك الباقي توفنى مسلما وألحقني بالصلحين في الرتبة والكرامة. في الأكمال عن الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عاش يعقوب بن إسحاق مائة وأربعين سنة وعاش يوسف بن يعقوب مائة وعشرين سنة. وفي المجمع عن الصادق عليه السلام قال دخل يوسف السجن وهو إبن اثنتي عشرة سنة ومكث فيها ثماني عشرة سنة وبقي بعد خروجه ثمانين سنة فذلك مائة سنة وعشر سنين. وعن الباقر عليه السلام إنه سئل كم عاش يعقوب مع يوسف بمصر قال عاش حولين قيل فمن كان الحجة لله في الأرض يعقوب أم يوسف قال كان يعقوب وكان الملك ليوسف فلما مات يعقوب حمله يوسف في تابوت إلى أرض الشام فدفن في بيت المقدس

[ 51 ]

فكان يوسف عليه السلام بعد يعقوب الحجة قيل فكان يوسف رسولا نبيا قال نعم أما تسمع قوله عز وجل ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات. والعياشي عنه عليه السلام ما يقرب منه. وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام إن الله أوحى إلى موسى بن عمران أن أخرج عظام يوسف من مصر فاستخرجه من شاطئ النيل وكان في صندوق مرمر فحمله إلى الشام فلذلك يحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشام وهو يوسف بن يعقوب وما ذكر الله يوسف في القرآن غيره. وفي العلل عنه عليه السلام إستأذنت زليخا على يوسف فقيل لها إنا نكره أن نقدم بك عليه لما كان منك إليه قالت إني لا أخاف من يخاف الله فلما دخلت قال لها يا زليخا مالي أراك قد تغير لونك قالت الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا فقال لها ما الذي دعاك إلى ما كان منك قالت حسن وجهك يا يوسف فقال كيف لو رأيت نبيا يقال له محمد صلى الله عليه وآله يكون في آخر الزمان أحسن مني وجها وأحسن مني خلقا وأسمح مني كفا قالت صدقت قال وكيف علمت أني صدقت قالت لأنك حين ذكرته وقع حبه في قلبي فأوحى الله عز وجل إلى يوسف أنها قد صدقت وإني قد أحببتها لحبها محمدا صلى الله عليه وآله فأمره الله عز وجل أن يتزوجها. والقمي عن الهادي عليه السلام لما مات العزيز في السنين الجدبة افتقرت إمرأة العزيز واحتاجت حتى سألت فقالوا لها لو قعدت للعزيز وكان يوسف سمى العزيز وكل ملك كان لهم سمي بهذا الأسم فقالت أستحي منه فلم يزالوا بها حتى قعدت له فأقبل يوسف في موكبه فقامت إليه فقالت سبحان الذي جعل الملوك بالمعصية عبيدا وجعل العبيد بالطاعة ملوكا فقال لها يوسف أنت تيك [ هاتيك خ ل ] فقالت نعم وكان اسمها زليخا فقال لها هل لك في رغبة قالت دعني بعد ما كبرت أتهزأ بي قال لا قالت نعم فأمر بها فحولت إلى منزله وكانت هرمة فقال لها ألست فعلت بي كذا وكذا فقالت يا

[ 52 ]

نبي الله لا تلمني فإني بليت بثلاثة لم يبل [ يبتل خ ك ] بها أحد قال وما هي قالت بليت بحبك ولم يخلق الله لك في الدنيا نظيرا وبليت بأنه لم يكن بمصر إمرأة أجمل مني ولا أكثر مالا مني نزع عني وبليت بزوج عنين (1) فقال لها يوسف فما تريدين فقالت تسأل الله أن يرد علي شبابي فسأل الله فرد عليها شبابها فتزوجها وهي بكر. (102) ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك يا محمد وما كنت لديهم لدى إخوة يوسف إذ أجمعوا أمرهم عزموا على ما هموا به وهم يمكرون لم تعرف ذلك إلا بالوحي. (103) وما أكثر الناس ولو حرصت على إيمانهم وبالغت في إظهار الايات عليهم بمؤمنين لعنادهم وتصميمهم على الكفر. (104) وما تسألهم عليه على التبليغ من أجر من جعل إن هو إلا ذكر عظة من الله للعالمين عامة. (105) وكأين من آية في السموات والارض تدل على حكمة الله وقدرته في صنعه يمرون عليها ويشاهدونها وهم عنها معرضون لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها. (106) وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون في الطاعة وبالنظر إلى الأسباب. في الكافي عن الصادق عليه السلام. والقمي والعياشي عن الباقر عليه السلام شرك طاعة وليس شرك عبادة. وزاد القمي والعياشي والمعاصي التي يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا بالله في الطاعة لغيره وليس باشراك عبادة أن يعبدوا غير الله.


1 - العنين الذي لا يقدر على اتيان النساء ولا يشتهي النساء وامرأة عنينة لا تشتهي الرجال (*)

[ 53 ]

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الاية يطيع الشيطان من حيث لا يعلم فيشرك. وفي التوحيد عنه عليه السلام هم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها. والعياشي عنه عليه السلام هو الرجل يقول لولا فلان لهلكت ولولا فلان لأصبت كذا وكذا ولولا فلان لضاع عيالي ألا ترى أنه قد جعل لله شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه قيل فيقول لولا أن من الله علي بفلان لهلكت قال نعم لا بأس بهذا. وعن الباقر عليه السلام من ذلك قول الرجل لا وحياتك وعنهما عليهما السلام شرك النعم وعن الرضا عليه السلام شرك لا يبلغ به الكفر. (107) أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله عقوبة تغشيهم وتشملهم أو تأتيهم الساعة بغتة فجأة من غير سابقة علامة وهم لا يشعرون بإتيانها غير مستعدين لها. (108) قل هذه سبيلى يعني الدعوة إلى التوحيد والأعداد للمعاد أدعوا إلى الله تفسير للسبيل على بصيرة أنا ومن اتبعنى. في الكافي عن الباقر عليه السلام ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين والأوصياء عليهم السلام من بعدهما. وعنه عليه السلام علي اتبعه. وعن الجواد عليه السلام حين أنكروا عليه حداثة سنه قال وما ينكرون قال الله لنبيه قل هذه سبيلي الاية فوالله ما تبعه إلا علي وله تسع سنين وأنا ابن تسع سنين. والقمي والعياشي ما يقرب من هذه الروايات وسبحن الله وانزهه تنزيها وما أنا من المشركين. في الكافي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن تفسير سبحان الله قال أنفة

[ 54 ]

لله أما ترى الرجل إذا عجب من الشئ قال سبحان الله وفي رواية اخرى قال تنزيه. (109) وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا رد لقولهم لو شاء ربك لانزل ملائكة يوحى إليهم كما أوحى إليك وتميزوا بذلك عن غيرهم وقرئ نوحي بالنون من أهل القرى لأن أهلها أعلم وأحكم من إهل البدو. وفي العيون عن الرضا عليه السلام وما أرسلنا من قبلك يعني إلى الخلق إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى فأخبر أنه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ليكونوا أئمة أو حكاما وإنما أرسلوا إلى أنبياء الله أفلم يسيروا في الارض قد سبق تفسيرها بأرض القرآن فينظروا كيف كان عقبة الذين من قبلهم من المكذبين بالرسل والايات فيحذروا تكذيبك ومن المشغوفين بالدنيا المتهالكين عليها فينقلعوا عن حبها ويزهدوا فيها ولدار الاخرة خير للذين اتقوا الشرك والمعاصي أفلا تعقلون يستعملون عقولهم ليعرفوا أنها خير وقرئ بالتاء حتى إذا استيأس الرسل غاية لكلام محذوف دل عليه الكلام كأنه قيل قد تأخر نصرنا إياهم كما أخرناه عن هذه الامة حتى إذا استيأسوا عن النصر وظنوا أنهم قد كذبوا أي وظن الرسل أنهم قد كذبتهم قومهم فيما وعدوا من العذاب والنصرة عليهم وقرئ كذبوا بالتخفيف في الجوامع أنه قراءة أئمة الهدى عليهم السلام ومعناه وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم من نصرة الله اياهم. والعياشي عن الصادق عليه السلام وظنوا أنهم قد كذبوا مخففة قال ظنت الرسل أن الشياطين تمثل لهم على صورة الملائكة جاءهم نصرنا بارسال العذاب على الكفار فننجى من نشاء فنخلص من نشاء من العذاب عند نزوله وهم المؤمنون وقرئ فنجي على الماضي المبني للمفعول ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين إذا نزل. في العيون عن الرضا عليه السلام فيما سأله المأمون في عصمة الأنبياء يقول الله حتى إذا استيأس الرسل من قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا جاء الرسل نصرنا. والقمي عن الصادق عليه السلام وكلهم الله إلى أنفسهم فظنوا أن الشياطين

[ 55 ]

قد تمثلت لهم في صورة الملائكة. والعياشي عنه عليه السلام وكلهم الله إلى أنفسهم أقل من طرفة عين وعنه عليه السلام أنه سأل كيف لم يخف على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يأتيه من قبل الله أن يكون ذلك ما ينزغ به الشيطان فقال إن الله إذا اتخذ عبدا رسولا أنزل عليه السكينة والوقار وكان يأتيه من قبل الله مثل الذي يراه بعينه. (111) لقد كان في قصصهم قصص الأنبياء واممهم عبرة لاولي الالباب يعني أولي العقول الكاملة ما كان القرآن حديثا يفترى يختلق ولكن تصديق الذى بين يديه قبله من الكتب الألهية. القمي يعني من كتب الأنبياء وتفصيل كل شئ يحتاج إليه في الدين وهدى من الضلال ورحمة ينال بها خير الدارين لقوم يؤمنون يصدقونه. في ثواب الأعمال والعياشي عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة يوسف في كل يوم أو في كل ليلة بعثه الله يوم القيامة وجماله على جمال يوسف ولا يصيبه فزع يوم القيامة وكان من خيار عباد الله الصالحين. وزاد العياشي وأومن في الدنيا أن يكون زانياأو فحاشاوفي ثواب الأعمال قال وكانت في التوراة مكتوبة. وفي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام لا تعلموا نساءكم سورة يوسف عليه السلام ولا تقرؤهن إياه فإن فيها الفتن وعلموهن سورة النور فإن فيها المواعظ. وفي الخصال عن الباقر عليه السلام يكره لهن تعلم سورة يوسف عليه السلام.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1101
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28