• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : التبيان في تفسير القرآن ( الجزء العاشر) ، تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي .
                    • الموضوع : سورة اللهب .

سورة اللهب

111 - سورة اللهب

مكية في قول ابن عباس والضحاك، وهي خمس آيات بلا خلاف.

بسم الله الرحمن الرحيم

(تبت يدا أبي لهب وتب(1) ما أغنى عنه ماله وما كسب(2) سيصلى نارا ذات لهب(3) وامرأته حمالة الحطب(4) في جيدها حبل من مسد(5))

خمس آيات.

قرأ عاصم (حمالة الحطب) نصبا على الذم. الباقون بالرفع على أنه خبر الابتداء، ويجوز أن يكون ارتفع (امرأته) على أنه فاعل (سيصلي) فكأنه قال سيصلى أبولهب وامرأته نارا ذات لهب.

وقرأ ابن كثير (يدا ابي لهب) ساكنة الهاء على التخفيف، كما قالوا في نهر: نهر. الباقون بالتثقيل.

وروي أن أبا لهب كان قد عزم على أن يرمي النبي صلى الله عليه واله بحجر فمنعه الله من ذلك، وقال تبت يداه للمنع الذي وقع به.

[427]

ثم قال (وتب) بالعقاب الذي ينزل به فيما بعد، وقيل في قوله (تبت يدا أبي لهب) أنه الدعاء عليه نحو قوله (قاتلهم الله انى يؤفكون)(1) فاما قوله (وتب) فانه خبر محض، كأنه قال: وقد تب.

وقيل: إنه جواب لقول أبي لهب: تبا لهذا من دين، حين نادى النبي صلى الله عليه واله بني عبدالمطلب، فلما اجتمعوا له قال لهم: إن الله بعثني إلى الناس عاما وإليكم خاصا، وأن اعرض عليكم ما إن قبلتموه ملكتم به العرب والعجم قالوا وما ذلك يا محمد صلى الله عليه واله قال: أن تقولوا لا إله إلا الله واني رسول الله.

فقال أبولهب تبا لهذا من دين. فأنزل الله تعالى قوله (تبت يدا أبي لهب) والتباب الخسران المؤدي إلى الهلاك تبه يتب تبا، والتباب الهلاك.

وفي (تبت يدا) مع أنه إخبار ذم لابي لهب لعنة الله. وإنما قال: تبت يداه ولم يقل: تب، مع انه هو الهالك في الحقيقة لانه جار مجرى قوله كسبت يداه، لان اكثر العمل لما كان باليدين أضيف ذلك اليهما) على معنى الخسران الذي أدى اليه العمل بهما.

وقوله (ما اغني عنه ماله وما كسب) معناه ما نفعه ماله ولا الذي كسبه من الاموال، ولا دفع عنه عقاب الله حين نزل به، فالاغناء عنه الدفع عنه، فأما الاغناء بالمال ونحوه فهو دفع وقوع المضار به.

وقوله (سيصلى نارا ذات لهب) خبر من الله تعالى أن أبا لهب سيصلى نارا ذات لهب، وهي نار جهنم المتلهبة. وفى ذلك دلالة على صدق النبي صلى الله عليه واله، لانه اخبر بأنه يموت على كفره، وكان الامر على ذلك.

وقوله (وامرأته حمالة الحطب) قال ابن عباس والضحاك وابن زيد: ان امرأة ابي لهب كانت تحمل الشوك فتطرحه في طريق النبي صلى الله عليه واله إذا خرج إلى الصلاة

___________________________________

(1) سورة 9 التوبة آية 31 وسورة 63 المنافقون آية 4

[428]

وقال عكرمة ومجاهد وقتادة: إنما وصفت بحمالة الحطب، لانها كانت تمشي بالنميمة وقيل: حمالة الحطب في النار. وفى ذلك دلالة أيضا قاطعة على أنها تموت على الكفر. وامرأة أبي لهب أم جميل بنت حرب اخت ابي سفيان عمة معاوية،.

وقوله (في جيدها حبل من مسد) فالمسد حبل من ليف، وجمعه أمساد وإنما وصفت بهذه الصفة تخسيسا لها وتحقيرا والجيد العنق، قال ذو الرمة:

فعيناك عيناها ولونك لونها * وجيدك إلا انه غير عاطل

وقال ابوعبيدة: المسد حبل يكون من ضروب، قال الراجز:

ومسد امر عن أيانق * صهب عناق ذات منح زاهق(1)

والمسد الليف لان من شأنه أن يفتل للحبل. وأصل المسد المحور من حديد، لانه يدور بالفتل.

وقال قوم: هو اليف المفتل.

فان قيل: ما الذي كان يجب على أبي لهب حين سمع هذه السورة؟ أكان يجب عليه ان يؤمن؟ فلو آمن لكان فيه تكذيب خبر الله بأنه سيصلى نارا ذات لهب، وإن لم يجب عليه الايمان فذلك خلاف الاجماع؟ ! ! قيل: خبر الله مشروط بأنه سيصلي نارا ذات لهب إن لم يؤمن، ويجب عليه أن يعلم ذلك، وهذا أبين الاجوبة واظهرها. والله أعلم.

___________________________________

(1) مجاز القرآن 2 / 315

[429]

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1365
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28