• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة ـ ج 1 ، تأليف : السيد شرف الدين علي الحسيني الاسترابادي النجفي .
                    • الموضوع : سورة المائدة .

سورة المائدة

(5)

(سورة المائدة) (وما فيها من الايات في الائمة الهداة) 

[ علي بن ابراهيم، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، عن ابن أبي عمير عن أبي جعفر الثاني عليه السلام في قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا اوفوا بالعقود) * قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله عقد عليهم لعلي صلوات الله عليه بالخلافة في عشرة مواطن، ثم أنزل الله سبحانه * (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) * التي عقدت عليكم لامير المؤمنين عليه السلام (1).

_____________________________

 1) تفسير القمى: 148 وعنه البحار: 36 / 92 ح 20 والبرهان: 1 / 431 ح 9. (*)

[ 145 ]

وروى ابن طاووس في (سعد السعود) مثله (1). منها قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلم دينا تأويله: * (اليوم أكملت لكم) * فرائضي، وحدودي، وحلالي، وحرامي بتنزيل أنزلته، وإثبات أثبته لكم، فلا زيادة ولا نقصان عنه بالنسخ بعد هذا اليوم وهو يوم الغدير. 2 - على ما رواه الرجال عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما قالا (2): إنما نزلت هذه الآية بعد نصب النبي عليا - صلوات الله عليهما - بغدير خم بعد منصرفه من حجة الوداع وهي آخر فريضة أنزلها الله تعالى (3). 3 - (ومن طريق العامة ما رواه) (4) أبو نعيم عن رجاله، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا الناس إلى علي يوم غدير خم، وأمر بقلع ما تحت الشجر من الشوك، وقام فدعا عليا عليه السلام فأخذ بضبعيه (5) حتى نظر الناس إلى إبطيه. وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، ثم لم يفترقا حتى أنزل الله عزوجل * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) *. فقال النبي صلى الله عليه وآله: الله أكبر علي إكمال الدين وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي وبولاية علي من بعدي (6).

_____________________________

1) سعد السعود: 121 وعنه البحار: 36 / 191، والحديث نقلناه من نسخة (أ).

 2) في نسختي (ج، م) قال.

 3) مجمع البيان: 3 / 159 وعنه البرهان: 1 / 435 ح 4.

 4) في نسخ (ب، ج، م) وروى.

 5) في نسخة (ج) بعضديه.

 6) أخرجه في الطرائف: 146 ح 221 عن أبى بكر بن مردويه وأورده الخوارزمي في في مناقبه: 80 وفى مقتله: 47 وفى فرائد السمطين: 1 / 72 ح 39 وغيرها، راجع احقاق الحق: 6 / 355 - 357 والحديث مكرر مع ح 16 ص 156. وقد ذكر في البحار: 36 / 133 ح 86 في تفسير هذه الاية عن كنز: محمد بن العباس، عن = (*)

[ 146 ]

وقوله تعالى: يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة تأويله: * (وابتغوا) * أي اطلبوا * (إليه الوسيلة) * والوسيلة: درجة هي أفضل درجات الجنة. 4 - ذكر أبو علي الطبرسي (ره) في تفسيره قال: روى سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباته، عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: في الجنة لؤلؤتان إلى بطنان العرش إحديهما بيضاء، والاخرى صفراء، في كل واحدة منهما سبعون ألف غرفة، أبوابها وألوانها (1) من غرف (2) واحد، فالوسيلة البيضاء (3) لمحمد وأهل بيته صلى الله عليهم، والصفراء لابراهيم وأهل بيته عليهم السلام (4). 5 - [ وروى الصدوق وغيره من علمائنا وغيرهم في معنى الوسيلة المشار إليه في قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) * أخبارا متعددة، وفي الخطبة الطويلة المعروفة بخطبة الوسيلة المذكورة في روضة الكافي ما فيه الكفاية ] (5). 6 - وروى الرواة حديثا في معنى الوسيلة قال: هي درجتي في الجنة، وهي ألف مرقاة ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد (7) شهرا، وهي مابين مرقاة جوهر إلى (8) مرقاة زبرجد إلى مرقاة ياقوت إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة، فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب

_____________________________

= محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن الحسن بن موسى، عن على بن حسان، وعن تفسير فرات: 19.

 1) في مجمع البيان: وأكوابها.

 2) في نسختي (أ، م) عرق، وفى البرهان: عرف.

 3) في نسخة (ج) فالبيضاء الوسيلة.

 4) مجمع البيان: 3 / 189 وعنه البرهان: 1 / 470 ح 6 ونور الثقلين: 1 / 519 ح 177 5) أمالى الصدوق: 263 ح 2، والتوحيد: 72 ح 27 وعنهما البحار: 77 / 380 ح والكافي: 8 / 18 ح 4 وعنه البرهان: 3 / 163 ح 57 وما بين المعقوفين من نسخة (أ) 6) ليس في نسخة (ج)، وفى نسخة (ب) إلى.

 7) جواد كغراب: العطش وشدته (قاموس).

 8) في نسخة (ج) أي. (*)

[ 147 ]

مع درجات النبيين (وهي بين درج (1) النبيين كالقمر بين الكوكب، فلا يبقى يومئذ نبي ولا صديق ولا شهيد إلا قال: طوبى لمن كانت هذه (الدرجة) (2) درجته. فيأتي النداء من عند الله عزوجل، فيسمع النبيون وجميع الخلق: هذه درجة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله. فأقبل وأنا يومئذ منور (3) بريطة (4) من نور، علي تاج الملك وإكليل الكرامة، وأخي علي بن أبي طالب أمامي، وبيده لوائي، وهو لواء الحمد. مكتوب عليه: لا إله إلا الله، المفلحون هم الفائزون بالله. فإذا مررنا بالنبيين قالوا: هذان ملكان مقربان لم نعرفهما ولم نرهما. وإذا مررنا بالملائكة قالوا: هذان نبيان مرسلان، حتى أعلو الدرجة وعلي يتبعني حتى إذا صرت في أعلى درجة وعلي أسفل مني بدرجة، فلا يبقى يومئذ نبي، ولا صديق، ولا شهيد إلا قال: طوبى لهذين الغلامين (5) ما أكرمهما على الله ! فيأتي النداء من قبل الله يسمع النبيون، والصديقون، والشهداء: هذا حبيبي محمد، وهذا وليي علي، طوبى لمن أحبه، وويل لمن أبضغه وكذب عليه. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فلا يبقى يومئذ أحد أحبك يا علي إلا استراح إلى هذا الكلام وابيض وجهه، وفرح قلبه، ولا يبقي يومئذ أحد عاداك، ونصب لك حربا، أو جحد لك حقا إلا اسود وجهه واضطرب قلبه (6). فبينا أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا إلي، أما أحدهما فرضوان خازن الجنة. وأما الآخر فمالك خازن النار، فيدنو رضوان، فيقول: السلام عليك يا أحمد (7) فأقول: وعليك السلام أيها الملك من أنت، فما أحسن وجهك وأطيب ريحك ؟ فيقول: أنا رضوان خازن الجنة، وهذه مفاتيح الجنة بعث بها إليك رب العزة

_____________________________

1) في البحار: فهى في درجة.

 2) ليس في نسخة (ج).

 3) في نسخة (ب) مبرر، وفى البحار: متزرا.

 4) الريطه: كل ملاءة إذا كانت قطعة واحدة وليست لفقين أي قطعتين. مجمع البحرين: 4 / 250.

 5) في البحار وفى نسخة (ج) خ ل: (العبدين).

 6) في البحار: واضطربت قدماه.

 7) في البحار: يا رسول الله.

[ 148 ]

فخذها يا أحمد (1). فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما فضلني به فاخذها، وأدفعها إلى علي، ثم يرجع رضوان. فيدنو مالك، فيقول: السلام عليك يا أحمد (2). فأقول: وعليك السلام أيها الملك من أنت فما أقبح وجهك وأنكر رؤيتك ! فيقول: أنا مالك خازن النار، وهذه مقاليد النار بعث بها إليك رب العزة فخذها يا أحمد. فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما فضلني به فاخذها وأدفعها إلى علي (3). ثم يرجع مالك، فيقبل علي يومئذ، ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار حتى يقف على حجرة (4) جهنم وقد تطاير شررها، وعلا زفيرها، واشتد حرها وعلي آخذ بزمامها فتقول جهنم (جزني) (5) يا علي فقد أطفأ نورك لهبي، فيقول علي: قري يا جهنم خذي هذا عدوي، وذري (6) هذا وليي. فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه، فان شاء يذهبها يمنة وإن شاء يذهبها يسرة، فهي أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق (7). قوله تعالى: يأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكفرين يجهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لآئم ذلك فضل الله يؤتيه من يشآء والله وسع عليم [ 54 ] معنى تأويله: قوله: * (من يرتد منكم عن دينه) * أي: يرجع عن دين

_____________________________

1) في البحار: يا محمد.

 2) في البحار: يا حبيب الله.

 3) في البحار: ادفعها إلى أخى على بن أبى طالب، فيدفعها إليه.

 4) الموضع المنفرد.

 5) في نسخة (ب) حينئذ.

 6) في نسخة (م) واتركى.

 7) أخرجه في البحار: 7 / 326 ح 2 عن معاني الاخبار: 116 ح 1 وأمالى الصدوق: 102 ح 4 وعلل الشرائع: 1 / 164 ح 6 وبصائر الدرجات: 416 ح 11 وتفسير القمى: 644 بأسانيدهم عن ابن سنان، عن أبى عبد الله عليه السلام. (*)

[ 149 ]

الايمان الحديث إلى دين الكفر القديم، فان الله سبحانه لا يخلي دينه من أعوان وأنصار يحمونه (1) ويذبون عنه وإن تماد الامد، * (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين) * لينين عليهم، رحماء بينهم * (أعزة على الكافرين) * أي: عزيزين عليهم، وذلك من جهة السلطان والشدة والبأس والسطوة، يجاهدون في سبيل الله لاعلاء كلمته، وإعزاز دينه، ولا يخافون في ذلك لومة لائم يلومهم عليه، وإذا انتقدنا الناس، فلم نر من له هذه الصفات إلا أمير المؤمنين عليه السلام: 7 - لما ذكره أبو علي الطبرسي في تفسيره قال: إن المعني به هو أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه المقاتلون معه الناكثون والقاسطون والمارقون. قال: وروي ذلك عن عمار بن ياسر وحذيفة وابن عباس، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام. قال: ويؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وآله يوم خيبر لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه. وقوله (2) صلى الله عليه وآله لتنتهين [ يا ] معشر قريش أو ليبعثن الله عليكم رجلا يضرب رقابكم على تأويل القرآن كما ضربتكم (3) على تنزيله. فقال بعض أصحابه: من هو يا رسول الله، أبو بكر ؟ قال: لا. قال: فعمر ؟ قال: لا، ولكنه خاصف النعل في الحجرة، وكان علي عليه السلام يخصف نعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (4). 8 - وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال يوم البصرة: ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم (5). يعني: أنهم الذين ارتدوا عن الدين وهو وأصحابه القوم الذين يحبون الله ويحبهم، فافهم ذلك.

_____________________________

1) في نسخة (ب) يحبونه.

 2) في الاصل لقوله.

 3) في نسخة (م) ضربكم.

 4) مجمع البيان: 3 / 208 وعنه البحار: 36 / 32.

 5) مجمع البيان: 3 / 208 وعنه البحار: 36 / 33 والبرهان: 1 / 479 ح 4. (*)

[ 150 ]

وذكر علي بن إبراهيم أن المخاطبة لقوله عزوجل * (من يرتد منكم عن دينه) *، لاصحاب النبي صلى الله عليه وآله الذين ارتدوا بعد وفاته فغصبوا (1) آل محمد - سلام الله عليهم - حقوقهم وقوله * (فسوف يأتي الله بقوم) * الآية فإنها نزلت في القائم من آل محمد صلوات الله عليهم (2). ويدل على ذلك قوله * (فسوف يأتي الله) * في المستقبل، وأن المعني به غير موجود في زمن النبي صلى الله عليه وآله بل منتظرا وهو القائم المنتظر عليه السلام وعلى آبائه (السادة الغرر) ما رفع سحاب وهمر، وغاب نجم وظهر. واعلم أنه لما أخبر الله سبحانه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله بأن الذي يرتد عن دينه أن سوف يأتي الله بقوم، ثم وصفهم بصفات ليست في (3) المرتدين منهم، ثم إن النبي صلى الله عليه وآله عرفهم من القوم المعينين، وأنهم علي أمير المؤمنين وذريته الطيبين. فقال سبحانه للمرتدين: إن شئتم أو أبيتم ولاية أمير المؤمنين أيها المرتدون. قوله تعالى: إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم ركعون [ 55 ] ومن يتول الله ورسوله والذين ءامنوا فإن حزب الله هم الغلبون [ 56 ] معنى تأويله: أنه لما أراد الله سبحانه أن يبين لخلقه من الاولياء قال: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) * فالولي هنا هو الاولى بالتصرف لقوله تعالى * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * والولي أيضا هو الذي تجب طاعته ومن تجب طاعته تجب معرفته لانه لا يطاع إلا من يعرف، ولان الولي ولي نعمة والمنعم يجب شكره ولا يتم شكره إلا بعد معرفته، فلما بين سبحانه الاولياء بدأ بنفسه ثم ثنى برسوله، ثم ثلث بالذين آمنوا، فلما علم سبحانه أن الامر يشتبه على الناس وصف الذين آمنوا بصفات خاصة لم يشركهم بها أحد فقال * (الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون) *.

_____________________________

1) في نسختي (ج، م) وغصبوا.

 2) تفسير القمى: 158 وعنه البرهان: 1 / 479 ح 6.

 3) في نسخة (ج) من. (*)

[ 151 ]

واتفقت روايات العامة والخاصة [ على ] أن المعني بالذين آمنوا أنه أمير المؤمنين عليه السلام لانه لم يتصدق أحد وهو راكع غيره. (وجاء في ذلك روايات منها): 9 - ما ذكره أبو علي الطبرسي (ره) بحذف الاسناد عن عباية بن ربعي قال: بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم وهو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذ أقبل رجل معتم بعمامة، فجعل ابن عباس لا يقول (قال رسول الله صلى الله عليه وآله) إلا قال ذلك الرجل: قال رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: ابن عباس سألتك بالله من أنت ؟ فكشف العمامة عن وجهه، وقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله بهاتين، وإلا صمتا، ورأيته بهاتين وإلا عميتا يقول: علي قائد البررة، قاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله. أما إني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله يوما من الايام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا، فرفع السائل يده إلى السماء، وقال: أللهم إني سألت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يعطني أحد شيئا، وكان علي راكعا، فأومى بخنصره اليمنى وكان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعيني رسول الله صلى الله عليه وآله. فلما فرغ النبي صلى الله عليه وآله من صلاته رفع رأسه إلى السماء، وقال: أللهم إن أخي موسى سألك فقال * (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري) * (1) فأنزلت عليه قرآنا ناطقا * (سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما) * (2). أللهم وأنا محمد صفيك ونبيك، [ اللهم ] (3) فاشرح لي صدري ويسر لي أمري، واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي، اشدد به أزري.

_____________________________

1) سورة طه: 25 - 32.

 2) سورة القصص: 35.

 3) من البحار. (*)

[ 152 ]

قال أبو ذر: فوالله ما استتم الكلام حتى نزل عليه جبريل من الله تعالى، فقال: يا محمد اقرأ. قال: وما أقرأ ؟ قال: اقرأ * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون) * (1). 10 - ومنها ما رواه الشيخ الصدوق محمد بن بابويه (ره)، عن علي بن حاتم عن أحمد بن محمد، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله، قال: حدثنا كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) * الآية، قال: إن رهطا من اليهود أسلموا، منهم عبد الله بن سلام، وأسد وثعلبة، وابن يامين، وابن صوريا، فأتوا النبي صلى الله عليه وآله. فقالوا: يا نبي الله إن موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيك يا رسول الله ؟ ومن ولينا بعدك ؟ فنزلت هذه الآية * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون) *. [ ثم ] قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قوموا، فقاموا فأتوا المسجد، فإذا سائل خارج، فقال: يا سائل أما أعطاك أحد شيئا ؟ قال: نعم، هذا الخاتم. قال: من أعطاك ؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي. قال: علي أي حال أعطاك ؟ قال: كان راكعا. فكبر النبي صلى الله عليه وآله، وكبر أهل المسجد. فقال النبي صلى الله عليه وآله: علي بن أبي طالب وليكم بعدي. قالوا: رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا وبعلي بن أبي طالب وليا. فأنزل الله عزوجل * (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) *. فروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: والله لقد تصدقت بأربعين خاتما وأنا راكع لينزل في ما نزل في علي بن أبي طالب، فما نزل (2).

_____________________________

1) مجمع البيان: 3 / 210 وعنه البرهان: 1 / 481 ح 10 واثبات الهداة: 3 / 511 ح 496 وفى البحار: 35 / 194 ح 15 عنه وعن المناقب: 2 / 208 وكشف الغمة: 1 / 166.

 2) أمالى الصدوق: 107 ح 4 وعنه الوسائل: 6 / 355 ح 4 والبرهان: 1 / 480 ح 6 وفى البحار: 35 / 183 ح 1 عنه وعن المناقب: 2 / 209. (*)

[ 153 ]

11 - [ ونقل ابن طاووس في الكتاب الذي ذكرناه: أن محمد بن العباس روى حكاية نزول الآية الكريمة، والولاية العظيمة من تسعين طريقا، بأسانيد متصلة، كلها من رجال المخالفين لاهل البيت عليهم السلام، ثم عدد الرواة وسماهم. ثم نقل ثلاثة أحاديث منها بلفظها: أحدها عن أبي رافع وفيه مناقب جليلة ومواهب جزيلة. والثانى ينتهى إسناده إلى عمر أنه قال: أخرجت من مالي صدقة يتصدق بها عني وأنا راكع أربعا وعشرين مرة على أن ينزل في ما نزل في علي عليه السلام فما نزل. والثالثة تتضمن أن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين عليه السلام حلقة فضة منقوش عليها (الملك لله) ] (1). 12 - وروى الشيخ محمد بن يعقوب تأويلا طريفا عن الحسين بن محمد باسناده عن رجاله، عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبد الله عليه السلام (2) في قوله عزوجل * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون) * قال: إنما قال * (وليكم) * يعني أولى بكم وأحق بأموركم وأنفسكم وأموالكم، (والذين آمنوا) يعني عليا وأولاده الائمة إلى يوم القيامة، ثم وصفهم الله عز وجل فقال * (الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * وكان أمير المؤمنين عليه السلام يصلي الظهر وقد صلى ركعتين وهو راكع وعليه حلة قيمتها ألف دينار، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله قد كساه إياها، وكان النجاشي قد أهداها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فجاءه سائل فقال: السلام عليك يا ولي الله و (من هو) (3) أولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدق على مسكين. فطرح الحلة وأومى إليه (4) أن احملها. فأنزل الله عزوجل هذه الآية. (وصيرها نعمة وقرن أولاده بنعمته) (5)، فكل من بلغ من أولاده مبلغ الامامة

_____________________________

1) سعد السعود: 96 وعنه البحار: 35 / 201 ح 24 مفصلا، وهذا الحديث نقلناه من نسخة (أ).

 2) في الكافي: عن أبيه، عن جده عليهم السلام.

 3) ليس في الكافي.

 4) في الكافي: وأمأ بيده إليه.

 5) في الكافي: وصير نعمة أولاده بنعمته. (*)

[ 154 ]

يكون بهذه النعمة مثله، فيتصدقون وهم راكعون، والسائل الذي سأل أمير المؤمنين كان من الملائكة، (وكذلك الذي يسأل أولاده يكون) (1) من الملائكة (2). إعلم أن الله سبحانه لما بين للناس من الاولياء ووكدهم، وبينهم وعرفهم أن من يتولاهم يكون من حزب الله قال * (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون) * لاعدائهم، المخالفين لهم في الولاية، أي هم الظاهرون عليهم والظافرون بهم. وهذا البيان يدل على أن المراد ب‍ (الذين آمنوا) أمير المؤمنين، وذريته الطيبين ويكون لفظ الجمع مطابقا للمعنى وإن كان المراد بالجمع الافراد * (والذين آمنوا) * أمير المؤمنين خاصة وذلك جائز، وقد جاء في الكتاب العزيز، وكثير منه على وجهة التعظيم مثل قوله تعالى * (نحن نقص عليك) *. وأما بيان أن المراد ب‍ * (الذين آمنوا) * أمير المؤمنين وذريته الطيبين ما تقدم من خبر الحلة (3) ولان الله سبحانه لما قال * (إنما وليكم الله) * خاطب بذلك جميع المؤمنين ودخل في الخطاب النبي صلى الله عليه وآله، فلما قال * (ورسوله) * خرج الرسول من جملتهم لكونه مضافا إلى ولايته، ولما قال * (والذين آمنوا) * وجب أن يكون المخاطب بهذه الآية غير الذي حصلت له الولاية وإلا لكان كل واحد من المؤمنين ولي نفسه وهو محال. فلم يبق إلا أن يكون المعني به أمير المؤمنين وذريته الطاهرين الذين اختارهم الله على علم على العالمين، وفضلهم على الخلق أجمعين، صلى الله عليهم صلاة باقية إلى يوم الدين. قوله تعالى: ولو أنهم أقاموا التورة والانجيل وما أنزل إليهم من ربهم لاكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون [ 66 ]

_____________________________

1) في الكافي: والذين يسألون الائمة من أولاده يكونون.

 2) الكافي: 1 / 288 ح 3 وعنه الوسائل: 6 / 334 ح 1 والبرهان: 1 / 480 ح 4 وجامع الاحاديث: 8 / 441 ح 1276.

 3) ص 153 / 12.

[ 155 ]

13 - تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (ره)، عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزوجل: * (ولو أنهم أقاموا التورية والانجيل وما انزل إليهم من ربهم) * قال: الولاية (1). معنى هذا التأويل: أن الضمير في * (أنهم) * يرجع إلى بني إسرائيل لانهم أهل التوراة والانجيل الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وآله أي لو (أنهم أقاموا) هذين الكتابين (وما انزل (إليهم من) (2) ربهم) فيها ولم يحرفوها لوجدوا فيها ذكر محمد وصفته وأنه رسول الله حقا، وذكر علي وصفته (3) وأن ولايته حق وفرض أوجبها الله على الخلق. وقد جاء فيما تقدم في سورة البقرة من تفسير الامام العسكري عليه السلام كثير من هذا. 14 - ويؤيده ما رواه أيضا محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن سيف، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ولايتنا ولاية الله [ التي ] (4) لم يبعث الله نبيا [ قط ] (5) إلا بها (6). 15 - وروى أيضا عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام قال: ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الانبياء، ولم يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد، ووصيه علي عليه السلام (7).

_____________________________

1) الكافي: 1 / 413 ح 6 وعنه البحار: 24 / 387 ح 110 والبرهان: 1 / 487 ح 1، 2، 3 وعن بصائر الدرجات: 76 ح 2 وتفسير العياشي: 1 / 330 ح.

 2) ليس في نسختي (ب، م) وفى نسخة (ب) فينا، بدل: فيها.

 3) في نسخة (م) وصيه.

 4 - 5) من الكافي.

 6) الكافي: 1 / 437 ح 3 وعنه البرهان: 4 / 148 ح 6، وأخرجه في البحار: 26 / 281 ح 30 - 33 عن بصائر الدرجات: 75 ح 6 - 9 عن سلمة بن الخطاب وبأسانيد اخر.

 7) الكافي: 1 / 437 ح 6 وعنه البرهان: 4 / 148 ح 7 وأخرجه في البحار: 26 / 280 = (*)

[ 156 ]

وقوله * (لاكلوا من فوقهم) * بارسال السماء عليهم مدرارا * (ومن تحت أرجلهم) * باعطاء الارض خيراتها وبركاتها. ومثله * (وأن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا) * (1). قوله تعالى: يأيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدى القوم الكفرين [ 67 ] تأويله: أن الله سبحانه أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالتبليغ وتوعده إن لم تفعل، ووعده العصمة والنصرة، فقال * (يا أيها الرسول بلغ) * أي أوصل إلى امتك ما انزل إليك في ولاية علي عليه السلام وطاعته، والنص عليه بالخلافة العامة الجلية (2) من غير خوف ولا تقية * (وإن لم تفعل) * - ذلك - * (فما بلغت رسالته) * لان هذه الرسالة من أعظم الرسائل التي بها كمل الدين، وتمت نعمة رب العالمين، وانتظمت امور المسلمين، فإذا لم تبلغها لم تتم الغرض بالتبليغ لغيرها، فكأنك ما بلغت شيئا من رسالاته جميعا لان هذه الفريضة آخر فريضة نزلت، وهذا تهديد عظيم لا تحتمله الانبياء. وقد جاء في هذه الآية الكريمة خمسة أشياء: أولها: إكرام وإعظام بقوله * (يا أيها الرسول) *. وثانيها: أمر بقوله * (بلغ) *. وثالثها: حكاية بقوله * (ما انزل اليك) *. ورابعها: عزل ونفي بقوله * (وإن لم تفعل فما بلغت) *. وخامسها: عصمة بقوله * (والله يعصمك من الناس) *. وقصة الغدير مشهورة من طريق الخاصة والعامة، (ولنورد مختصرا من ذلك): 16 - وهو ما رواه: أحمد بن حنبل في مسنده باسناده عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وآله دعا الناس يوم غدير خم، وأمر ب‍ [ قلع ] ما تحت الشجر من الشوك فقا ؟ (وذلك يوم الخميس) (3).

_____________________________

= ح 24 عن بصائر الدرجات: 72 ح 1.

 1) سورة الجن: 16.

 2) في نسخة (م) الجليلة.

 3) ليس في نسخة (ج). (*)

[ 157 ]

ثم دعا الناس إلى علي فأخذ بضبعيه (1)، ثم رفعهما حتى بان بياض إبطيه. وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، قال: فقال عمر بن الخطاب: هنيئا لك يابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة (2). [ ونقل ابن طاووس في (الطرائف) و (سعد السعود) وغيرهما روايات متعددة من طريق الجمهور في هذا الباب مما يفضي إلى العجب العجاب. وذكر أن محمد بن العباس رحمه الله روى ذلك من أحمد وثلاثين طريقا ] (3). 17 - وروى (4) الشيخ الصدوق محمد بن بابويه (ره) في أماليه حديثا صحيحا لطيفا يتضمن قصة الغدير مختصرا (5) قال حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد ابن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن الاعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس قال: إن رسول الله لما اسري به إلى السماء انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له (النور) وهو قول الله عزوجل * (وجعل الظلمات والنور) * (6) فلمها انتهى به إلى ذلك النهر، قال له جبرئيل: يا محمد اعبر على بركة الله، فقد نور الله لك بصرك، ومد لك أمامك فان هذا نهر لم يعبره أحد، لاملك مقرب، ولا نبي مرسل، غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه ثم أخرج منه فأنفض أجنحتي، فليس من قطرة تقطر (من أجنحتي) (7) إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا مقربا، له عشرون ألف وجه، و

_____________________________

1) في نسخة (ج) بعضده (خ ل بضبعيه).

 2) لم نجده في مسند أحمد ولم ينقله عنه لافى الاحقاق ولافى الطرائف ولافى فضائل الخمسة والحديث مكرر مع ح 3 ص 145 وله تخريجات ذكرناها هناك.

 3) الطرائف: 139 - 153، سعد السعود: 71 وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة (أ).

 4) في نسخة (ج) رواه.

 5) في نسخة (ب) مختصرة.

 6) سورة الانعام: 1.

 7) ليس في نسخة (ج). (*)

[ 158 ]

أربعون ألف لسان كل لسان، يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر، فعبر رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهى إلى الحجب، والحجب خمسمائة حجاب من الحجاب إلى الحجاب مسير خمسمائة عام. ثم قال له جبرئيل: تقدم يا محمد. فقال له: يا جبرئيل ولم لا تكون معي ؟ قال: ليس لي أن أجوز هذا المكان. فتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله ما شاء الله أن يتقدم حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى (قال) (1): أنا المحمود وانت محمد، شققت إسمك من إسمي، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته (2)، إنزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وأنك رسولي، وأن عليا وزيرك. فهبط رسول الله صلى الله عليه وآله فكره أن يحدث الناس بشئ، كراهته أن يتهموه، لانهم كانوا حديثي (3) عهد بالجاهلية، حتى مضى (4) لذلك ستة أيام. فأنزل الله تبارك وتعالى * (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك) * فاحتمل رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك، حتى كان اليوم الثامن، فأنزل الله تبارك وتعالى * (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) *. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: تهديد بعد وعيد، لامضين أمر ربي، فان يتهموني ويكذبوني [ فهو ] (6) أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة. قال: وسلم جبرئيل على علي بإمرة المؤمنين. فقال علي عليه السلام: يا رسول الله أسمع الكلام ولا أحسن (7) الرؤية. فقال: يا علي هذا جبرئيل أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني.

_____________________________

1) ليس في البحار.

 2) في نسخة (م) بتته (بتكته خ ل) وفى نسخة (أ) والبحار: بتكته، البتك: القطع.

 3) في نسختي (ج، م) حديث.

 4) في نسخة (ب) مضت.

 5) سورة هود: 12.

 6) من المصدر.

 7) في البحار: ولا أحس. (*)

[ 159 ]

ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا فرجلا من أصحابه أن يسلموا عليه بإمرة المؤمنين ثم قال: يا بلال ناد في الناس أن لا يبقي [ غدا ] (1) أحد إلا عليل إلا خرج إلى غدير خم. فلما كان من الغد خرج رسول الله بجماعة أصحابه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إن الله تبارك وتعالى أرسلني إليكم برسالة وإني ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني وتكذبوني، فأنزل الله (2) وعيدا بعد وعيد، فكان تكذيبكم إياي أيسر علي من عقوبة الله إياي، إن الله تبارك وتعالى أسرى بي (3) وأسمعني وقال: يا محمد أنا المحمود، وأنت محمد، شققت إسمك من إسمي، فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتكته (4) إنزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك وإني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وأنك رسولي، وأن عليا وزيرك، ثم أخذ صلى الله عليه وآله بيد علي بن أبي طالب عليه السلام فرفعها، حتى نظر الناس بياض إبطيهما ولم ير قبل ذلك. ثم قال: أيها الناس إن الله تبارك وتعالى مولاي، وأنا مولى المؤمنين، فمن كنت مولاه فعلي مولاه. أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. فقال: الشكاك والمنافقون الذين في قلوبهم مرض وزيع نبرأ إلى الله من مقالته ليس بحتم (5)، ولا نرضى أن يكون علي وزيره، وهذا منه عصبية. فقال سلمان، والمقداد، وأبو ذر، وعمار بن ياسر رضي الله عنهم: والله ما برحنا العرصة حتى نزلت هذه الآية: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) * فكرر رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك، ثلاثا. ثم قال: إن كمال الدين، وتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي إليكم و الولاية (6) بعدي لعلي بن أبي طالب، صلوات الله عليهما وعلى ذريتهما، مادامت المشارق

_____________________________

1) من البحار.

 2) في نسخة (ج) على، بدل: الله.

 3) في نسخة (ب) أسرني به.

 4) في نسخة (ب) قطعته.

 5) في نسخة (ب) لم تختم، بدل: ليس بحتم.

 6) في نسخة (م) رسالتي اليكم بالولاية. (*)

[ 160 ]

والمغارب وهبت الجنوب والشمال، وثارت السحائب (1). وقوله تعالى: وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون [ 71 ] 18 - تأويله: ما ذكره علي بن إبراهيم (ره) في تفسيره قال:: حدثني أبي، عن جدي، عن خالد بن يزيد الضبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى [ فعموا وصموا ] حيث كان رسول الله بين أظهرهم، ثم عموا وصموا، حيث قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم تاب الله عليهم، حين أقام عليا عليه السلام، فعموا وصموا، فيه حتى الساعة (2). 19 - الكليني (ره) عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الحصين عن خالد بن يزيد القمي، عن بعض اصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى * (وحسبوا ألا تكون فتنة) * قال: حيث كان رسول الله صلى الله عليه وآله بين أظهرهم * (فعموا وصموا) * حيث قبض رسول الله صلى الله عليه وآله * (ثم تاب الله عليهم) * حيث قام أمير المؤمنين علي عليه السلام. [ قال ]: ثم عموا وصموا حتى الساعة (3). توجيه هذا التأويل: أن ظاهر القول أنه في بني إسرائيل، لكن الامام عليه السلام وجه معناه إلى صحابة النبي صلى الله عليه وآله لانهم حذوا حذو بني إسرائيل، كما أخبر صلى الله عليه وآله: أن امتي لتحذوا حذو بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل (4).

_____________________________

1) أمالى الصدوق: 290 ح 10 وعنه البحار: 37 / 109 ح 3 والبرهان: 2 / 211 ح 5 وقطعة منه في البحار: 59 / 248 ح 1 وفى البحار: 18 / 338 ح 40 عنه وعن المحتضر: 148.

 2) تفسير القمى: 163 مرسلا مع اختلاف وعنه البحار: 37 / 345 ذح 2 ح 19 مع 18.

 3) الكافي: 8 / 199 ح 239 وعنه البحار: 28 / 251 ح 34 والبرهان: 1 / 491 ح 1 وح 2 عن تفسير العياشي: 1 / 334 ح 157 عن خالد بن يزيد وهذا الحديث نقلناه من نسخة (أ) ح 18 مع 19.

 4) في نسخة (ب) النصل بالنصل، بدل: النعل بالنعل، ورواه الترمذي في صحيحه: 5 / 26 = (*)

[ 161 ]

فقوله صلى الله عليه وآله حيث كان [ رسول الله صلى الله عليه وآله ] (1) بين أظهرهم، أي عموا عن نور هدايته، وصموا عن سماع وصيته في عترته. وقوله: حين قبض وأقام عليا (أي) (2) أن النبي بصرهم أولا ما عموا عنه وجلا عن أبصارهم سدف (3) العمى وأسمعهم الموعظة في وصيته، وكشف عن أسماعهم غشاوة الصم، ثم بعد ذلك كله عموا وصموا حتى الساعة (أي) (4) إلى قيام القيامة. قوله تعالى: وأطيعوا الله واطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلغ المبين [ 92 ] 20 - تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (ره) عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله عزوجل * (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا) * الآية. فقال: أما والله ما هلك من قبلكم ولا هلك منكم ولا يهلك من بعدكم إلا في ترك ولايتنا وجحود حقنا، وما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا حتى ألزم رقاب هذه الامة حقنا * (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) * (5). معنى هذا التأويل: أن السائل لما سأل الامام عليه السلام أجابه بهذا الجواب وتوجيهه: أن الله سبحانه أمر الخلق بطاعته وطاعة رسوله فيما يأمرهم به من الولاية وينهاهم عن مخالفته في تركها، فإن خالفوه وأبوا إلا تركها وجحودها، فقد ألزم الله ورسوله رقاب هذه الامة بها، وفرضها عليهم إن شاءوا ذلك، أو أبوا، فإنما على رسولنا البلاغ المبين، وقد بلغ ما عليه في عدة مواطن وآخرها غدير خم. فعليه وعلى آله الكرام أفضل التحية والسلام. قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لاعلم لنآ إنك أنت علم الغيوب [ 109 ]

_____________________________

= ح 2641 عن عبد الله بن عمر.

 1) من نسخة (ب).

 2) ليس في نسخة (ج).

 3) في نسخة (ب) صدق.

 4) ليس في نسخة (ج).

 5) الكافي: 1 / 426 ضمن ح 74 وعنه البحار: 23 / 380 ضمن ح 68 والبرهان: 4 / 343 ح 1. (*)

[ 162 ]

21 - تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (ره) باسناده عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن يزيد (1) الكناسي قال: سألت (2) أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل * (يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا: لاعلم لنا إنك أنت علام الغيوب) * قال: فقال: إن لهذا تأويلا، يقول: ماذا أجبتم في أوصيائكم الذين خلفتموهم على اممكم (3). [ قال: ] فيقولون: لاعلم لنا فيما فعلوا من بعدنا، إنك أنت علام الغيوب (4). اعلم أنه قد جاء في هذه السورة من الآيات والذكر الحكيم ما يدل على أن ولاية الائمة الطريق القويم، وأن تاركها في درك الجحيم، وأن المتمسك بها في جنات النعيم، فعليهم من ربهم أفضل الصلاة والتسليم مانسمت هبوب وهبت نسيم.

_____________________________

1) في المصدر ونسخة (ب) بريد، والموجود في كتب الرجال يزيد.

 2) في نسختي (ج، م) سمعت.

 3) في نسخة (ب) امتكم.

 4) الكافي: 8 / 338 ح 535 وعنه البرهان: 1 / 510 ح 2 وفى البحار: 7 / 283 ح 5 عنه وعن تفسير العياشي: 1 / 349 ح 220.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1373
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19