• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : الامثال في القرآن ، تأليف : العلامة المحقق جعفر سبحاني .
                    • الموضوع : فاطر .

فاطر

( 224 )

فاطر
40

التمثيل الاَربعون


(وَما يَسْتَوي البَحْران هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمن كُلّ تَأْكُلُون لَحْماً طَريّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِليةً تَلْبَسُونَها وَتَرى الفُلكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون ). (1)
تفسير الآية
"الفرات": الماء العذب، يقال للواحد والجمع ، قال سبحانه: (وأَسْقَيناكُمْ ماءً فُراتاً)، وعلى هذا يكون عذب قيداً توضيحياً.
"الاَُجاج" : هو شديد الملوحة والحرارة من قولهم أجيج النار.
"مواخر" من مخر، يقال مخرت السفينة مخراً، إذا شقت الماء بجوَجئها مستقبلة له.
فالآية بصدد ضرب المثل في حقّ الكفر والاِيمان، أو الكافر والموَمن.
وحاصل التمثيل: انّ الاِيمان والكفر متمايزان لا يختلط أحدهما بالآخر، كما أنّ الماء العذب الفرات لا يختلط بالملح الاَُجاج.
وفي الوقت نفسه لا يتساويان في الحسن والنفع ، قال سبحانه: (وَما يَسْتَوى البَحْران هذا عَذبٌ فُراتٌ سائِغٌ شرابهُ وَهذا مِلحٌ أُجاج ) بل انّ الكافر أسوأ
____________
1 ـ فاطر:12.

===============

( 225 )

حالاً من البحر الاَُجاج الذي يشاطر البحر الفرات في أمرين:
أ: يستخرج من كلّ منهما لحماً طرياً يأكله الاِنسان، كما قال سبحانه: (وَمن كلٍّ تأكُلون لَحماً طَرياً ).
ب: يستخرج من كلّ منهما اللآليَ التي تخرج من البحر بالغوص وتلبسونها وتتزينون بها.
إلى هنا تمَّ التمثيل، ثمّ إنّه سبحانه شرع لبيان نعمه التي نزلت لاَجلها السورة، وقال:
(وَتَرى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله لعلّكم تشكرون )، والدليل على أنّه ليس جزء المثل تغير لحن الكلام، حيث إنّ المثل ابتدأ بصيغة الماضي، و قال: (وَما يستوى البحران ) ولكن ذيله جاء بصيغة المخاطب (وترى الفلك ) وهذا دليل على أنّه ليس جزء المثل.
مضافاً إلى أنّ مضمون الجملة جاء في سورة النحل، وقال: (وَهُوَ الّذي سَخَّرَ البَحْرَ لتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ). (1)
وبذلك يظهر انّ وزان الآية، وزان قوله سبحانه: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوُبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهى كَالحِجارة أَو أَشَدُّ قَسوةً وانّ مِنَ الحِجارةِ لَمَا يَتفجّرُ مِنْهُ الاََنْهارُ وَإنّ مِنْها لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنهُ الماءُ وإِنّ مِنْها لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَما اللهُ بِغافلٍ عَمّا تعْمَلُون ). (2)
فكما أنّ الحجارة ألين من قلوبهم، فهكذا الملح الاَُجاج أفضل من الكافر ، حيث إنّه يفيد.

____________
1 ـ النحل:14.
2 ـ البقرة: 74.

===============

( 226 )

فاطر
41

التمثيل الواحد و الاَربعون


(وَما يَسْتَوِي الاََعْمى وَالبَصِير * وَلا الظُّلُماتُ وَلاَ النُّورُ * وَلاَ الظِلُّ وَلاَ الْحَرُورُ * وَما يَسْتَوِي الاَحْياءُ وَلاَ الاََمْواتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَ ما أَنْتَ بِمُسْمعٍ مَنْ فِي الْقُبُور ). (1)
تفسير الآيات
"الحرور": شدة حرّ الشمس، وقيل: هو السموم.وقال الراغب: الحرور: الريح الحارة.
هذا تمثيل للكافر والموَمن، أمّا الكافر فقد شبّهه بالصفات التالية:
1.الاَعمى، 2. الظلمات، 3. الحرور، 4. الاَموات.
كما شبّه الموَمن بأضدادها التالية:
1. البصير، 2. النور، 3. الظل، 4. الاَحياء.
وما ذلك إلاّ لاَنّ الكافر لاَجل عدم إيمانه بالله سبحانه وصفاته وأفعاله، فهو أعمى البصر تغمره ظلمة دامسة لا يرى ما وراء الدنيا شيئاً، وتحيط به نار ،
____________
1 ـ فاطر:19ـ 22.

===============

( 227 )

قال سبحانه: (انّ جَهَنّم لَمُحيطَةٌ بِالكافِرين ) (1) وظاهر الآية انّ النار محيطة بهم في هذه الدنيا و إن لم يشعروا بها، كما أنّه ميت لا يسمع نداء الاَنبياء وإن كان حياً يمشي، وهذا بخلاف الموَمن فانّه يبصر بنور الله يغمره نور زاهر. يرى دوام الحياة إلى ما بعد الموت، فهو في ظلّ ظليل رحمته، وانّه يسمع نداء الاَنبياء ويوَمن به.
وبعبارة واضحة: الكافر مجالد مكابر، والموَمن واعٍ متدبر.

____________
1 ـ التوبة:49.

===============


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=140
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19