• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني ) ، تأليف : الميرزا محمد المشهدي .
                    • الموضوع : من آية (111 - 120) .

من آية (111 - 120)

الآية: 111 - 120

[ لن يضرو كم إلا أذى وإن يقتلوكم يولوكم الادبار لن يضرو كم إلا أذى وإن يقتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون(111) ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوآ إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباء وبغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بايت الله ويقتلون الانبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون(112) ]

معروف، وأن ماينهى عنه الكل منكر، ولا يفيد أن مايأمر به كل أحد، أو كل جماعة معروف، وأن كل ماينهى عنه كل أحد أو كل جماعة منكر.

ولوء‌امن أهل الكتب: بمحمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به.

لكان خيرا لهم: مما هم عليه.

منهم المؤمنون: كعبدالله بن سلام وأصحابه.

وأكثرهم الفسقون: المتمردون في الكفر.

وهذه الجملة معترضة، ولذا لم يعطف على الشرطية قبلها.

لن يضروكم إلا أذى: أي ضررا يسيرا، كطعن وتهديد.

وهذه أيضا معترضة اخرى، ولم يعطف على الاولى، لبعد بينهما، وكون كل منهما نوعا آخر من الكلام.

وإن يقتلو كم يو لوكم الادبار: ينهزموا ولا يضروكم بقتل وأسر.

ثم لا ينصرون: ثم لا يكون أحد ينصرهم عليكم، أو يدفع بأسكم عنهم.

وقرئ " لا ينصروا " عطفا على " يولوا " على أن " ثم " للتراخي في المرتبة، فيكون عدم النصر مقيدا بقتالهم.

وكان الامر كذلك، إذ كان كذلك حال قريظة والنضير وبني قينقاع ويهود خيبر.

[202]

ضربت عليهم الذلة: تمثيل، أي أحاطت بهم إحاطة البيت المضروب على أهله.

و " الذلة " هدر النفس والمال والاهل، أو ذلة التمسك بالباطل والجزية، أو كلاهما.

أين ماثقفوا: وجدوا.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: " ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا " قال: إنها نزلت في الذين غصبوا حقوق آل محمد (صلى الله عليه وآله)(1).

إلا بحبل من الله وحبل من الناس: استثناء من أعم عام الاحوال، أي ضربت عليهم الذلة في عامة الاحوال إلا في حال اعتصامهم، أو تلبسهم بحبل الله وحبل من الناس.

وفي تفسير العياشي: عن يونس بن عبدالرحمن، عن عدة من أصحابنا رفعوه إلى أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله: " إلا بحبل من الله وحبل من الناس " قال: الحبل من الله كتاب الله، والحبل من الناس علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).

وفي كتاب نهج الامامة: روى أبوعبدالله الحسين بن جبير، صاحب كتاب النخب: حدثناه مسندا إلى أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله: " ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس " قال: حبل من الله كتاب الله وحبل من الناس علي بن أبي طالب (عليه السلام)(3).

وبآء وبغضب من الله: رجعوا به مستوجبين له.

وضربت عليهم المسكنة: واليهود في غالب الامر مساكين فقراء.

___________________________________

(1) لم نعثر عليه في تفسير علي بن إبراهيم في تفسير للآية الشريفة على هذا، نعم وجدناه في ج 1 ص 170 من سورة المائدة عند تفسير لقوله تعالى: " من يرتد منكم عن دينه " قال: هو مخاطبة لاصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين غصبوا آل محمد حقهم وارتدوا عن دين الله.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 196 ح 131.

(3) لم نعثر على كتاب نهج البلاغة ولا على كتاب آخر ينقل عنه ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. (*)

[203]

ذلك: أي عدم إيمانهم المشار إليه بقوله: " وأكثرهم الفاسقون " العلة لضرب الذلة والمسكنة عليهم.

وقيل: إشارة إلى ماذكر من ضرب الذلة والمسكنة والبوء بالغضب.

بأنهم كانوا يكفرون بايت الله: أي اعتياد سابقهم صار سببا لذلك الآن.

ويقتلون الانبياء بغير حق: والتقييد به مع أنه لا يكون إلا كذلك، للدلالة على أنه لم يكن حقا بحسب اعتقادهم أيضا، أو للدلالة على أن القتل إنما يكون قبيحا إذا كان بغير حق، ولو كان بالحق وعلى الحق فليس بقبيح، ولو فرض قتل النبي (صلى الله عليه وآله) بهذه الصفة، لازالة ما يختلج في صدورهم من قتل النبي (صلى الله عليه وآله) الناس على اتباع الحق.

ذلك: أي الكفر والقتل.

بما عصوا وكانوا يعتدون: بسبب عصيانهم واعتدائهم حدود الله، فإن الاصرار على الصغائر يفضي إلى الكبائر، والاستمرار عليها يؤدي إلى الكفر.

وقيل: إن معناه: أن ضرب الذلة في الدنيا واستيجاب العذاب في الآخرة، كما هو مسبب بكفرهم وقتلهم، فهو مسبب عن عصيانهم واعتدائهم من حيث أنهم مخاطبون بالفروع أيضا(1).

وفي اصول الكافي: يونس، عن ابن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) وتلا هذه الآية: " ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله " الآية، قال: والله ما قتلوهم بأيديهم، ولا ضربوهم بأسيافهم، ولكنهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فاخذوا عليها فقتلو فصار اعتداء ومعصية(2)(3).

___________________________________

(1) أنوار التنزيل واسرار التاويل (تفسير البيضاوي): ج 1 ص 177 نقله في تفسيره لقوله تعالى: " ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ".

(2) قوله: ولكنهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها إلخ أي فصارت الاذاعة من حيث أنه سبب القتل، قتلا، ومن حيث أنه ظلم على المقتول وإعانة للقاتل، اعتداء، ومن حيث أنه لا يجوز عند احتمال الضرر، معصية، فالمذيع متصف بهذه الثلاثة (شرح اصول الكافي للعلامة المازندراني: ج 10 ص 27).

(3) الكافي: ج 2 ص 371 باب الاذاعة، ح 6. (*)

[204]

[ ليسوا سواء من أهل الكتب أمة قائمة يتلون ء‌ايت الله ء‌انآء الليل وهم يسجدون(113) يؤمنون بالله واليوم الاخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسرعون في الخيرت وأولئك من الصلحين(114) وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين(115) ]

ليسوا سوآء: في المساء‌ة والحسنة، والضمير لاهل الكتب.

من أهل الكتب أمة قآئمة: استئناف لبيان نفي الا ستواء، والقائمة: المستقيمة العادلة، من أقمت العود فقام، وهم الذين أسلموا منهم، ووضع المظهر موضع المضمر، تنبيها على أن كونهم من أهل الكتاب لا يصير سبب ما صيروه سببا له، بل سبب الانقياد والاسلام كما فعله اضرابهم.

يتلون ء‌ايت الله ء‌انآء اليل وهم يسجدون: يتلون القرآن في تهجدهم، عبر عنه بالتلاوة في ساعات الليل مع السجود ليكون أبين وأبلغ في المدح.

وقيل: المراد صلاة العشاء، لان أهل الكتاب لا يصلونها(1).

وفي كتاب الخصال: عن سالم، عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا حسد إلا في اثنين، رجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل وأطراف النهار، ورجل اتاه الله القرآن، فهو يقوم آناء الليل وآناء النهار(2). يؤمنون بالله واليوم الاخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 2 ص 489 في تفسيره لقوله تعالى: " يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ".

(2) الخصال: ص 76 باب الاثنين، ح 119. (*)

[205]

المنكر ويسرعون في الخيرت: صفات اخر لامة وصفهم بصفات ليست في اليهود، فإنهم منحرفون عن الحق، غير متعبدين بالليل، مشركون بالله، ملحدون في صفاته، واصفون اليوم الآخر بخلاف صفته، مداهنون في الاحتساب، متباطئون في الخيرات.

وأولئك من الصلحين: أي الموصوفون بتلك الصفات ممن صلحت أحوالهم عندالله واستحقوا رضاه وثناء‌ه.

وما يفعلوا من خير فلن يكفروه: فلن يضيع ولا ينقص ثوابه.

سمى ذلك كفرانا كما سمى توفية الثواب شكرا.

وتعديته إلى المفعولين لتضمنه معنى الحرمان.

وقرأ حفص وحمزة والكسائي " وما يفعلوا من خير فلن يكفروه " بالياء والباقون بالتاء(1).

وفي كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى أحمد بن أبي عبدالله البرقي يرفعه إلى أبى عبدالله (عليه السلام) أنه قال: إن المؤمن مكفر، وذلك أن معروفه يصعد إلى الله فلا ينتشر في الناس، والكافر مشهور، وذلك أن معروفه للناس، ينتشر في الناس ولا يصعد إلى السماء(2).

وبإسناده إلى السكوني: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يدالله تعالى فوق رؤوس المكفرين ترفرف بالرحمة(3).

أخبرني علي بن حاتم قال: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثني الحسين بن موسى، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده(4) علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال:

___________________________________

(1) وقرئ " يفعلوا ويكفروه " بالياء والتاء، الكشاف: ج 1 ص 403.

(2 و 3) علل الشرائع: ج 2 ص 560 باب 353 العلة التي من أجلها صار المؤمن مكفرا، ح 1 و 2.

(4) في النسخة - ا -: (.. عن جده عن علي بن الحسين) وهو خطأ والصحيح ما اثبتناه. (*)

[206]

[ إن الذين كفروا لن تغنى عنهم أمولهم ولا أولدهم من الله شيئا وأولئك أصحب النارهم فيها خلدون(116) مثل ما ينفقون في هذه الحيوة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون(117) ]

كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكفرا لا يشكر معروفه، ولقد كان معروفه على القرشي والعربي والعجمي، ومن كان أعظم معروفا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) على هذا الخلق؟ وكذلك نحن أهل البيت مكفرون لا يشكر معروفنا، وخيار المؤمنين مكفرون لا يشكر معروفهم(1).

فما في الآية من أن " ما يفعلوا من خير فلن يكفروه " بمعنى ترك الجزاء على الخير كما بين، وإلا فالخير من المؤمنين مكفر كما في الخبر.

والله عليم بالمتقين: بشارة لهم، وإشعار بأن التقوى مبدأ الخير و حسن العمل.

إن الذين كفروا لن تغنى عنهم أمولهم ولآ أولدهم من الله شيئا: من النفع، وأو شيئا من الغنى، وهو بالفتح بمعنى النفع، فيكون مصدرا.

وقيل: من العذاب، وهو يصح بتضمين معنى الابعاد.

وأولئك أصحب النار: ملازموها.

هم فيها خلدون: وعيد لهم.

مثل ما ينفقون: ما ينفق الكفرة قربة أو مفاخرة وسمعة، أو المنافقون رياء و خوفا.

___________________________________

(1) علل الشرائع: ج 2 ص 560 باب 353 العلة التي من أجلها صار المؤمن مكفرا ح 3.

[207]

[ يأيها الذين ء‌امنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودواما عنتم قد بدت البغضآء من أفوههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الايت إن كنتم تعقلون(118) ]

في هذه الحيوة الدنيا: أي لاجلها.

كمثل ريح فيها صر: برد شديد، والشائع إطلاقه للريح الباردة كالصرصر، فهو في الاصل مصدر نعت به، أو نعت وصف به البرد للمبالغة كقولك: برد بارد.

أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم: بالكفر والمعاصي.

فألهكته: عقوبة لهم، لان إهلاك من سخط أشد.

والمراد تشبيه ما أنفقوا في ضياعه، بحرث كفار ضربته صر، فاستأصلته ولم يبق لهم منفعة في الدنيا والآخرة، وهو من التشبيه المركب، ولذلك لم يبال بإيلاء كلمة التشبيه بالريح دون الحرث.

ويجوز أن يقدر كمثل مهلك ريح وهو الحرث.

وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون: أي ما ظلم المنفقين بضياع نفقاتهم، ولكنهم ظلموا أنفسهم لما لم ينفقوها بحيث يعتد بها، أو ما ظلم أصحاب الحرث بإهلاكه ولكنهم ظلموا أنفسهم بارتكاب ما استحقوا به العقوبة، أو ما ظلم المنفقين وأصحاب الحرث كليهما ولكنهم ظلموا أنفسهم.

وقرئ ولكن أي ولكن أنفسهم يظلمونها، ولا يجوز أن يقدر ضمير الشأن، لانه لا يخذف إلا في الشعر كقوله: ولكن من يبصر جفونك يعشق(1).

يأيها الذين ء‌امنوا لا تتخذوا بطانة: وليجة وهو الذي يعرفه الرجل أسراره

___________________________________

(1) تمامه:

وما كنت ممن يدخل العشق قلبه *** ولكن من يبصر جفونك يعشق

وقال محيي الدين شيخ زاده في حاشيته على تفسير القاضي البيضاوي: ج 1 ص 664: إن البيت للمتنبي ولم نعثر عليه في ديوانه.

[208]

ثقة به، شبه ببطانة الثوب كما شبه بالشعار في قوله (صلى الله عليه وآله): الانصار شعار والناس دثار(1).

من دونكم: من دون المسلمين، وهو متعلق ب‍ " لا تتخذوا " أو بمحذوف هو صفة " بطانة " أي بطانة كائنة من دونكم، أو حالا عن بطانة، إن جوز تنكير ذي الحال.

لا يألونكم خبالا: أي لا يقصرون لكم في الفساد، والالو، التقصير، وأصله أى يعدى بالحرف ثم عدي إلى مفعولين كقوله: لا آلوك نصحا على تضمين معنى

___________________________________

(1) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما وابن ماجة وأحمد في سننه ومسنده، بألفاظ وتعابير مختلفة، وإليك بعض ما نتلوه عليك: (عن زيد بن عاصم قال: لما أفاء الله على رسوله يوم حنين ما أفاء قال: قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم، ولم يقسم ولم يعط الانصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: يا معشر الانصار ألم أجد كم ضلالا فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فجمعكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟ قال: فكلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله آمن، قال: ما يمنعكم أن تجيبوني ! قالوا: الله ورسوله آمن قال: لو شئتم لقلتم جئتنا كذا وكذا، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرئ من الانصار، لو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الانصار وشعبهم، الانصار شعار والناس دثار، وإنكم ستلقون بعدي إثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض (مسند أحمد بن حنل: ج 4 ص 42).

وعن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطى أبا سفيان وعيينة والاقرع وسهل بن عمرو في الآخرين يوم حنين، فقالت الانصار: يا رسول الله سيوفنا تقطر من دمائهم وهم يذهبون بالغنم، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فجمعهم في قبة له حتى فاضت، فقال: أفيكم أحد من غيركم؟ قالوا: لا، إلا ابن اختنا قال: ابن اخت القوم منهم، ثم قال: أقلتم كذا وكذا؟ قالوا: نعم، قال: أنتم الشعار والناس الدثار، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله إلى دياركم؟ قالوا: بلى، قال: الانصار كرشي وعيبتي، لو سلك العاس واديا وسلكت الانصار شعبا لسلكت شعبهم، ولولا الهجرة لكنت امرى من الانصار، وقال حماد: أعطى مائة من الابل يسمي كل واحد من هؤلاء (مسند أحمد بن حنبل: ج 3 ص 346). (*)

[209]

[ هأنتم أولآء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتب كله وإذا لقوكم قالوا ء‌امنا وإذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليهم بذات الصدور(119) إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط(120) ]

المنع أو النقص.

ودواما عنتم: تمنوا عنتكم، وهو شدة الضرر والمشقة، و " ما " مصدرية.

قد بدت البغضآء من أفوههم: أي في كلامهم، لانهم لا يتمالكون أنفسهم لفرط بغضهم.

وما تخفى صدورهم أكبر: مما بدا، لان بدوه ليس عن روية واختيار.

قد بينا لكم الايت: الدالة على وجوب الاخلاص، وهو موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين.

إن كنتم تعقلون: ما بين لكم، أو كنتم من أهل العقل والفهم.

والجمل الاربع مستأنفات على التعليل، ويجوز أن يكون الثلاث الاول صفات ل‍ " بطانة " وحينئذ فالانسب أن تكون الرابعة حالا من الضمير المضاف إليه، للافواه.

هأنتم أولآء تحبونهم ولا يحبونكم: أي أنتم اولاء المخاطبون في موالاة الكفار وتحبونهم، ولا يحبونكم.

بيان لخطئهم في موالاتهم، أو خبر ثان، أو خبر لاولاء، والجملة خبر (أنتم) كقولك: أنت زيد تحبه، أو صلته، أو حال والعامل فيها معنى الاشارة. ويجوز أن ينتصب بفعل يفسره ما بعده وتكون الجملة خبرا.

[210]

وتؤمنون بالكتب: بجنس الكتاب.

كله: كتابكم وكتابهم، معطوف على ما قبله، وقيل: حال من " لا يحبونكم " والمعنى أنهم لا يحبونكم والحال أنكم تؤمنون بكتابهم أيضا، فما بالكم تحبونهم وهم لا يؤمنون بكتابكم.

وفيه توبيخ بأنهم في باطلهم أصلب منكم في حقكم.

ويحتمل أن يكون المعنى، والله أعلم، أنكم تؤمنون بالكتاب كله وهم ليسوا بمؤمنين بكتابهم أيضا، فضلا عن كتابكم، فهذا منشأ العداوة في الدين، لا المحبة، فلم تحبونهم؟ وإذا لقوكم قالوا ء‌امنا: نفاقا وتغريرا.

وإذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ: من أجل الغيظ تأسفا وتحسرا، حيث رأوا إئتلافكم واجتماع كلمتكم ولم يجدوا إلى التشفي سبيلا.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: قوله: " عضوا عليكم الانامل من الغيظ " قال: أطراف الاصابع(1).

قل موتوا بغيظكم: دعاء عليهم بدوام الغيظ وزيادته بتضاعف قوة الاسلام وأهله حتى يهلكوا به.

إن الله عليم بذات الصدور: من خير أو شر فيعلم ما في صدورهم من البغضاء والحنق، وهو يحتمل أن يكون من المقول، أي وقل لهم: إن الله عليم بما هو أخفى مما تخفونه من عض الانامل غيظا، وأن يكون خارجا عنه، بمعنى قل لهم ذلك ولا تتعجب من اطلاعي إياك على أسرارهم فإني عليم بالاخفى من ضمائرهم.

و " ذات الصدور " الصور العلمية المتمكنة في الصدور، والمراد بالصدور، محل العلوم.

إن تمسسكم حسنة: نعمة من (الفقه)(2) أو ظفر على الاعداء.

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 110.

(2) كذا في النسخة - أ - والظاهر أنها تصحيف، والصحيح (إلفة). (*)

[211]


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1680
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19