• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني ) ، تأليف : الميرزا محمد المشهدي .
                    • الموضوع : من آية (75 - 84) .

من آية (75 - 84)

الآية: 75 - 84

[ وما لكم لا تقتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدن الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا(75) ]

قطرة من دمه مغفور له كل ذنب، والثانية يقع رأسه في حجر زوجيه من الحور العين وتمسحان الغبار عن وجهه، تقولان: مرحبا بك، ويقول هو مثل ذلك لهما، والثالثة يكسى من كسوة الجنة، والرابعة يبتدره خزنة الجنة بكل ريح طيبة أيهم يأخذه منه، والخامسة أن يرى منزله، والسادسة يقال لروحه: اسرح في الجنة حيث شئت، والسابعة أن ينظر في وجه الله وأنها الراحة لكل نبي وشهيد(1). ومالكم: مبتدأ وخبره.

لا تقاتلون في سبيل الله: حال والعامل فيها مافي الظرف من معنى الفعل.

والمستضعفين: عطف على اسم الله، أي وفي سبيل المستضعفين، وهو تخليصهم عن الاسر وصونهم عن العدو، أو على السبيل بحذف المضاف، أي وفي خلاص المستضعفين، ويحتمل النصب على الاختصاص، فإن سبيل الله يعم أبواب الخبر، وتخليص المسلمين من أيدي الكفار أعظمها وأخصها.

من الرجال والنساء والولدن: بيان للمستضعفين، وهم المسلمون الذين يقوا بمكة، لصد المشركين، أو لضعفهم عن الهجرة مبتذلين.

وإنما ذكر الولدان مبالغة في الحث، وتنبيها على تناهي ظلم المشركين بحيث بلغ أذاهم الصبيان، وإن دعوتهم اجيبت بسبب مشاركتهم في الدعاء حتى يشاركوا في استنزال الرحمة واستدفاع البلية.

___________________________________

(1) التهذيب: ج 6 ص 121 كتاب الجهاد باب 54 فضل الجهاد وقروضه ح 3. (*)

[535]

وفي الكشاف: إن المراد به العبيد والاماء، وهو جمع وليد(1).

الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا لدنك نصيرا: فاستجاب الله دعاء‌هم، بأن يسر لبعضهم الخروج إلى المدينة، وجعل لمن بقي منهم خير ولي وناصر، ففتح مكة على نبيه (صلى الله عليه وآله) فتولاهم ونصرهم.

قيل: ثم استعمل عليهم عتاب بن اسيد فحماهم ونصرهم حتى صاروا أعزه أهلها(2).

والقرية، مكة، والظالم صفتها، وتذكيرها لتذكير ما اسند إليه، لان اسم الفاعل أو المفعول إذا أجرى على غير من هوله كان كالفعل يذكر ويؤنث على حسب ما عمل فيه.

في روضة الكافي: ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، في حديث طويل: وقد كانت خديجة (عليهما السلام) ماتت قبل الهجرة بسنة، ومات أبو طالب (عليه السلام) بعد موت خديجة بسنة، فلما فقد هما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سئم المقام بمكة ودخله حزن شديد، وأشفق على نفسه من كفار قريش، فشكى إلى جبرئيل ذلك، فأوحى الله (عزوجل) إليه أن اخرج من القرية الظالم أهلها وهاجر إلى المدينة، فليس لك اليوم بمكة ناصر، وانصب للمشركين حربا، فعند ذلك توجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة(3).

وفي تفسير العياشي: عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه تلا:

___________________________________

(1) الكشاف: ج 1 ص 534 في تفسيره لآية 75 من سورة النساء، قال: (ويجوز أن يراد بالرجال والنساء الاحرار والحرائر، وبالولدان العبيد والاماء، لان العبد والامة يقال لهما الوليد والوليدة).

(2) الكشاف: ج 1 ص 534 في تفسيره لآية 75 من سورة النساء، قال: (ولما خرج استعمل على أهل مكة عتاب بن أسيد فرأوا منه الولاية والنصرة كما أرادوا).

(3) الكافي: ج 8 ص 34، حديث إسلام علي (عليه السلام)، ح 536 س 18. (*)

[536]

[ الذين ء‌امنوا يقتلون في سبيل الله والذين كفروا يقتلون في سبيل الطغوت فقتلوا أوليآء الشيطن إن كيد الشيطن كان ضعيفا(76) ]

" المستضعفين - إلى - نصيرا "، وقال: نحن اولئك(1).

وعن سماعة، عن أبي عبدالله (عليه السلام): مثله(2).

الذين ء‌امنوا يقتلون في سبيل الله: أي فيما يصلون به إلى الله.

والذين كفروا يقتلون في سبيل الطغوت: فيما يبلغ بهم إلى الشيطان.

فقتلوا أولياء الشيطن: لما ذكر مقصد الفريقين أمر أولياء‌ه أن يقاتلوا أولياء الشيطان، ثم شجعهم بقوله.

إن كيد الشيطن كان ضعيفا: أي إن كيده للمؤمنين بالاضافة إلى كيد الله للكافرين، ضعيف لايؤبه به(3) فلا تخافوا أولياء‌ه، فإن اعتماد هم على أضعف شئ وأوهنه واعتماد كم على أقوى شئ وأحكمه.

وبما سبق من دلالة سبب نزول آية " يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت " من نقل البيضاوي عن ابن عباس، من أن الطاغوت فلان، وبهذه الآية يثبت كفر أوليائه ووجوب مقاتلهم وكونهم أولياء الشيطان.

وفي اصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إذا سمعتم العلم فاستعملوه، ولتتسع قلوبكم فإن العلم إذا

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 257 ح 193.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 257 ح 194.

(3) يقال: فلان لايؤبه له ولايؤبه به، أي لايبالى به، وعن ابن السكيت: ماوبهت له، أي مافطنت له (مجمع البحرين: ج 6 ص 365 لغة وبه). (*)

[537]

[ ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلوة وء‌اتوا الزكوة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لو لا أخرتنا إلى أجل - قريب قل - متع الدنيا - قليل - والاخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا(77) ]

كثر في قلب رجل لا يحتمله، قدر الشيطان عليه، فإذا خاصمكم الشيطان فاقبلوا عليه بما تعرفون، فإن كيد الشيطان كان ضعيفا، فقلت: وما الذي نعرفه؟ قال: خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله (عزوجل)(1)(2).

ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم: عن القتال.

___________________________________

(1) الكافي: ج 1 ص 45 باب استعمال العلم، ح 7.

(2) قوله: (إذا سمعتم العلم) المراد بالعلم المذعن به، لانفس التصديق، والمقصود أنه بعد حصول العلم ينبغي الاشتغال بأعماله والعمل على وفقه عن طلب علم آخر، وقوله (عليه السلام): (ولتتسع قلوبكم) أي يجب أن يكون طلبكم للعلم بقدر تتسعه قلوبكم ولا تستكثروا منه، ولا تطلبوا ما لا تقدرون على الوصول إلى كنهه، فإنه حينئذ يستولي الشيطان عليكم ويوقعكم في الشبهات.

وقيل ينبغي أن يكون اهتمامكم بالعمل، لابكثرة السماع والحفظ إلى حد يضيق قلوبكم عن احتماله، وذلك إنما يكون بترك العمل، لان العالم إذا عمل بعلمه، لا يضيق قلبه عن احتمال العلم.

وقوله (عليه السلام): (فإذا خاصمكم) تنبيه على دفع ما يتوهم من أن القناعة من العلم بما يسعه القلب يؤدي إلى العجز عن مخاصمة الشيطان، بأن الاقبال على الشيطان بما تعرفون من العقائد المعتبرة في أصل الايمان يكفي في رفعه، فإن كيد الشيطان كان ضعيفا.

والمراد بقوله: (خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله عزوجل) خاصموه بآثار قدرته الظاهرة في الرسول، أو على يده الدالة على رسالته، وبآثار قدرته الظاهرة في الوصي من فطانته وعلمه وصلاحه بعد تنصيص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على عينه أو صفاته، وبما ظهر من قدرته تعالى في كل شئ، فإنه يدل على قدرته على إنشاء النشأة الآخرة وإثابة المطيع وتعذيب العاصي، فإن بهذه المعرفة تنبعث النفس على فعل الطاعات وترك السيئات، ثم كلما ازداد علما وسيعا ازداد بصيرة ويقينا (مرآة العقول: ج 1 ص 146).

[538]

وأقيموا الصلوة وء‌اتوا الزكوة: واشتغلوا بما امرتم به منهما.

قيل: وذلك حين كانوا بمكة وكانوا يتمنون أن يؤذن لهم في ذلك(1).

وفي مجمع البيان: المروي عن أئمتنا (عليهم السلام) أن هذه الآية منسوخة بقوله: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم "(2)(3).

وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل ابن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبدالحميد، عن عبدالله بن علي الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في هذه الآية " كفوا ألسنتكم "(4).

فعلى هذه الرواية تكون الآية فيمن لا يصح له القتال، ويكون المراد بكف الايدي، كف الالسن عما يوجب القتال، ولم تكن الآية منسوخة.

والجمع بينها وبين الرواية الاولى: أنها منسوخة ببعض معانيها محكمة ببعض آخر.

وفي روضة الكافي: علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسين بن عبدالرحمان، عن منصور، عن حريز، عن عبدالله(5)، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يافضيل أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا ألسنتكم وتدخلوا الجنة، ثم قرأ " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا

___________________________________

(1) قال في الكشاف: ج 1 ص 535 عند تفسيره لآية 77 من سورة النساء (وذلك أن المسلمين كانوا مكفوفين عن مقاتلة الكفار ماداموا بمكة وكانوا يتمنون أن يودى لهم فيه).

(2) البقرة: 190.

(3) مجمع البيان: 2 ص 285 عند تفسيره لآية 189 من سورة البقرة قال: واختلف في الآية (أي قوله تعالى: " وقاتلوا في سبيل الله " هل هي منسوخة أم لا، إلى أن قال: وروي عن أئمتنا أن أن هذه الآية ناسخة لقوله: " كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة ".

(4) الكافي: ج 2 ص 114 كتاب الايمان والكفر، باب الصمت وحفظ اللسان، ح 8.

(5) سند الحديث في الروضة هكذا (عنه، عن علي بن الحسين، عن منصور، عن حريز بن عبدالله، عن الفضيل). (*)

[539]

الصلاة وآتوا الزكاة " أنتم والله أنتم والله أهل هذه الآية(1).

يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني قال: قال لي أبوعبدالله (عليه السلام): يا مالك اما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا وتدخلوا الجنة(2) فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله: يخشون الكفار أن يقتلوهم، كما يخشون الله أن ينزل عليهم بأسه.

و " اذا " للمفاجأة، جواب " لما " و " فريق " مبتدأ " منهم " صفته " يخشون " خبره " كخشية الله " من اضافة المصدر إلى المفعول وقع موقع المصدر، أو الحال من فاعل " يخشون " على معنى يخشون مثل أهل خشية الله منه.

أو أشد خشية: عطف عليه إن جعلته حالا، مصدرا فلا، لان أفعل التفضيل إذا نصب ما بعده لم يكن من جنسه، بل هو معطوف على اسم الله، أي كخشية الله، أو كخشية أشد خشية منه على الفرض، اللهم إلا أن يجعل الخشية ذات خشية، كقولهم: جد جده، على معنى يخشون الناس خشية مثل خشية الله، أو خشية أشد خشية من خشية الله.

وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لو لآ أخرتنا أجل قريب: استزادة في مدة الكف عن القتال حذرا عن الموت.

ويحتمل أنهم ما تفوهوا به، ولكن قالوه في أنفسهم، فحكى الله عنهم(3).

وفي تفسير العياشي عنه: " كفوا أيديكم واقيموا الصلاة " قال: نزلت في الحسن بن علي أمره الله بالكف " فلما كتب عليهم القتال " نزلت في الحسين بن على كتب الله عليه وعلى أهل الارض أن يقاتلوا معه(4).

___________________________________

(1) الكافي: ج 8 ص 289 ح 434 س 2.

(2) الكافي: ج 8 ص 146 ح 122.

(3) من قوله (وإذا للمفاجأة) إلى هنا مقتبس من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 231.

(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 258 ح 198. (*)

[540]

علي بن اسباط يرفعه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لو قاتل معه أهل الارض لقتلوا كلهم(1).

عن إدريس مولى لعبدالله بن جعفر، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في تفسير هذه الآية: " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم " وهو الاصح مع الحسن (عليه السلام)، " فلما كتب عليهم القتال " مع الحسين (عليه السلام) " قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا اخرتنا إلى أجل قريب " إلى خروج القائم (عليه السلام) فإن معه النصر والظفر(2).

وفي روضة الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الصباح بن عبدالحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: والله للذي صنعه الحسن بن علي (عليهما السلام) كان خيرا لهذه الامة مما طلعت عليه الشمس، والله لقد نزلت هذه الآية: " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " إنما هي طاعة الامام وطلبوا القتال فلما كتب عليهم القتال مع الحسين (عليه السلام) قالوا: " ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل " أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عليه السلام)(3). قل متع الدنيا قليل: سريع التقضى.

والاخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا: أي ولا تنقصون أدنى شئ من ثوابكم، فلا ترغبوا عنه، أو من آجالكم المقدرة.

والفتيل حبل دقيق من ليف، والسحاة التي في شق النواة، وما فتلته بين أصابعك من الوسخ، يكنى به عن القليل، كقولهم: وما أغنى عنك فتيلا. وقرأ ابن كثير والكسائي بالياء لتقدم الغيبة.

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 258 ح 199.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 257 ح 195.

(3) الكافي: ج 8 ص 330 ح 506. (*)

[541]

[ أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم - حسنة - يقولوا - هذه - من عندالله - وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل - من عندالله فمال هؤلآء القوم لا يكادون يفقهون حديثا(78) مآ - أصابك - من حسنة فمن الله ومآ أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلنك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا(79) ]

أينما تكونوا يدرككم الموت: وقرئ بالرفع على حذف الفاء، أو على أنه كلام مبتدأ، و " أينما " متصل بلا تظلمون.

ولو كنتم في بروج مشيدة: في قصور أو حصون مرتفعة، والبروج في الاصل بيوت على أطراف القصر، من تبرجت المراة، إذا ظهرت.

وقرئ مشيدة بصيغة اسم الفاعل، وصف لها بوصف فاعلها، كقولهم: قصيدة شاعرة ومشيدة، من شاد القصر، إذا رفعه.

لو إن تصبهم حسنة: نعمة، كخصب.

يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة: أي بلية، كقحط.

يقولوا هذه من عندك: يطيروا بك، ويقولون: إن هي إلا بشؤمتك، كما قالت اليهود حين دخل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة نقصت ثمارها وغلت قل كل من عند الله: يبسط ويقبض حسب إرادته.

فمال هؤلآء القوم لا يكادون يفقهون حديثا: يوعظون به، وهو القرآن، فإنهم لو فهموه وتدبروا معانيه، لعلموا أن الكل من الله، أو حديثا ما، كبائهم لا أفهام لها، أو حادثا من صروف الزمان، فيتفكروا فيها، فيعلموا أنه الباسط والقابض. (*)

[542]

مآ أصابك: يا إنسان. من حسنة: من نعمة.

فمن الله: تفضلا، فإن كل ما يفعله الانسان من عبادة فلا يكافئ صغرى نعمة من أياديه.

ومآ أصابك من سيئة: من بلية.

فمن نفسك: لانها السبب فيها، لاستجلابها بالمعاصي، وهو لا ينافي قوله: " كل من عندالله " فإن الكل منه إيجادا وإيصالا، غير أن الحسنة إحسان والسيئة مجازاة وانتقام، قال الله: " ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوعن كثير "(1).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: عن الصادقين (عليهما السلام) أنهم قالوا: إن الحسنات في كتاب الله على وجهين، أحدهما الصحة والسلامة والامن والسعة في الرزق، والآخر الافعال كما قال: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "(2) وكذلك السيئات، فمنها الخوف والمرض والشدة، ومنها الافعال التي يعاقبون عليها(3).

وفي كتاب التوحيد: بإسناده إلى زرارة قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: كما أن بادي النعم من الله (عزوجل) وقد نحلكموه، فكذلك الشر من أنفسكم، وإن جرى به قدره(4).

وفي اصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال أبوالحسن الرضا (عليه السلام): قال الله: ابن آدم بمشيئتي كنت، أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبقوتي أديت فرائضي، وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعا بصيرا قويا، ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وذاك أني أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك مني،

___________________________________

(1) الشورى: 30.

(2) الانعام: 160.

(3) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 144 س 12 في تفسيره لآية 79 من سورة النساء.

(4) التوحيد: ص 368 باب 60 القضاء والقدر والفتنة والارزاق والاسعار والاجال ح 6. (*)

[543]

[ من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فمآ أرسلنك عليهم حفيظا(80) ]

وذاك أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون(1).

وفي كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى ربعي بن عبدالله بن الجارود، عمن ذكره، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليه وآبائه) قال: إن الله (عزوجل) خلق النبيين من طينة عليين وأبدانهم، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة وخلق أبدانهم من دون ذلك، وخلق الكافرين من طينة سجين وقلوبهم وأبدانهم فخلط بين الطينتين، فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن، ومن ههنا يصيب المؤمن السيئة ويصيب الكافر الحسنة، فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه، وقلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه(2).

وأرسلنك للناس رسولا: حال قصد بها التأكيد، إن علق الجار بالفعل، والتعميم إن علق بها، أي رسولا للناس جميعا، ويجوز نصبه على المصدر.

وكفى بالله شهيدا: على رسالتك بنصب المعجزات، فما ينبغي لاحد أن يخرج من طاعتك.

من يطع الرسول فقد أطاع الله: لانه في الحقيقة مبلغ، والآمر والناهي هو الله.

نقل أنه (عليه السلام) قال: من أحبني فقد أحب الله، ومن أطاعني فقد أطاع

___________________________________

(1) الكافي: ج 1 ص 159 كتاب التوحيد، باب الجبر والقدر والامر بين الامرين ح 12 وصدر الحديث (أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لابي الحسن الرضا (عليه السلام): إن بعض أصحابنا يقول بالجبر وبعضهم يقول بالاستطاعة قال: فقال لي: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال علي بن الحسين: قال الله (عزوجل): يابن آدم إلخ، وتمامه (قد نظمت لك كل شئ تريد).

(2) علل الشرائع: ج 1 ص 78 باب 77 العلة في خروج المؤمن من الكافر وخروج الكافر من المؤمن ح 2. (*)

[544]

الله، فقال المنافقون: لقد قارف الشرك وهو ينهى عنه، ما يريد إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى، فنزلت(1).

وفي اصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد أبي زاهر، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن أبي إسحاق النحوي قال: دخلت على أبي عبدالله (عليه السلام) فسمعته يقول: إن الله (عزوجل) أدب نبيه على محبته، فقال: " إنك لعلى خلق عظيم "(2) ثم فوض إليه فقال (عزوجل): " وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا "(3) وقال (عزوجل): " من يطع الرسول فقد أطاع الله " ثم قال: وإن نبي الله فوض إلى علي وائتمنه، فسلمتم وجحد الناس، فوالله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا، وأن تصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله (عزوجل) ما جعل الله خيرا في خلاف أمرنا(4).

عدة من أصحابنا: عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول، ثم ذكر مثله(5)(6).

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ذروة الامر وسنامه، ومفتاحه، وباب الاشياء، ورضا الرحمان (تبارك وتعالى)، الطاعة للامام بعد معرفته، ثم قال: إن الله (تبارك وتعالى) يقول: " من يطع الرسول " إلى قوله: " حفيظا "(7).

___________________________________

(1) نقله البيضاوي في تفسيره (أنوار التنزيل وأسرار التأويل): ج 1 ص 232 عند تفسيره لآية 80 من سورة النساء.

(2) القلم: 4.

(3) الحشر: 7.

(4) الكافي: ج 1 ص 265، كتاب الحجة باب التفويض إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلى الائمة (عليهم السلام) في أمر الدين ح 1.

(5) الكافي: ج 1 ص 265، كتاب الحجة، باب التفويض ذيل ح 1.

(6) وللعلامة المجلسي (قدس سره) بحث دقيق وتحقيق لطيف هنا في معنى التفويض فراجع إن شئت (مرآة العقول: ج 3 ص 142).

(7) (ذروة الامر) بالضم والكسر: أعلاه، والامر، الايمان، أو جميع الامور الدينية، أو الاعم منها ومن الدنيوية (وسنامه) بالفتح، أي أشرفه وأرفعه، مستعارا من سنام البعير، لانه أعلى عضو منه: (ومفتاحه) أي ما يفتح به ويعلم به سائر امور الدين (وباب الاشياء) أي سبب علمها، أو ما ينبغي أن يعلم قبل الدخول فيها، أو ما يصير سببا للدخول في منازل الايمان.

وعلى بعض الوجوه تعميم بعد التخصيص، (ورضا الرحمان) بالكسر والقصر بمعنى ما يرضى به (بعد معرفته) أي الامام، أو الرحمن تعالى شأنه، والاول أظهر (ومن تولى) أي عن طاعته (حفيظا) أي تحفظ أعمالهم وتحاسبهم عليها: " إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب " والاستشهاد بالآية إما لان طاعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما كانت تجب من حيث الخلافة والامامة التي هي رئاسة عامة، فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إماما على الناس في زمانه مع رسالته، فبهذه الجهة تجب طاعة الامام بعده، أو لعلمه (عليه السلام) بأن المراد بالرسول فيها أعم من الامام، أو لان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بطاعة الائمة (عليهم السلام) بالنصوص المتواترة، فطاعتهم طاعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وطاعته طاعة الله، فطاعتهم طاعة الله، أو علم (عليه السلام) أن المراد بطاع الرسول طاعته في تعيين اولي الامر بعده وأمره بطاعتهم، أو لانهم لما كانوا نواب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلفائه فحكمهم حكمه في جميع الاشياء إلا ما يعلم اختصاصه بالرسالة، وهذا ليس منه (مرآة العقول: ج 2 ص 323).

الكافي: ج 1 ص 185، كتاب الحجه، باب فرض طاعة الائمة، ح 1.

[545]

علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعبدالله بن الصلت جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبدالله، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله، وزاد في آخره: أما لو أن رجلا قام ليله وصام نهاره، وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله، فيواليه، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله حق في ثوابه، ولا كان من أهل الايمان(1).

وفي روضة الكافي: خطبة لاميرالمؤمنين (عليه السلام)، وهي خطبة الوسيلة، يقول فيها (عليها السلام): ولا مصيبة عظمت، ولا رزية جلت كالمصيبة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لان الله ختم به الانذار والاعذار، وقطع به الاحتجاج، والعذر بينه وبين خلقه، وجعله بابه الذي بينه وبين عباده، ومهيمنه الذي لا يقبل إلا به ولا قربة إليه إلا بطاعته، وقال في محكم كتابه: " من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا " فقرن طاعته بطاعته

___________________________________

(1) الكافي: ج 2 ص 18 كتاب الايمان والكفر، باب دعائم الاسلام، قطعة من ح 5. (*)

[546]

ومعصيته بمعصيته، فكان ذلك دليلا على ما فوض إليه، وشاهدا له على من اتبعه وعصاه، وبين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم(1).

وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي (رحمه الله): عن أميرالمؤمنين (عليه السلام)، حديث طويل، وفيه: وأجرى فعل بعض الاشياء على ايدي من أصطفى من امنائه، فكان فعلهم فعله وأمرهم أمره، كما قال: " من يطع الرسول فقد أطاع الله "(2).

وفي عيون الاخبار: بإسناده إلى عبدالسلام بن صالح الهروي قال: قلت لعلي ابن موسى الرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث: أن المؤمنين يرون ربهم من منازلهم في الجنة؟ فقال (عليه السلام): يا أبا الصلت إن الله تعالى فضل نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) على جميع خلقه من النبيين والملائكة، وجعل طاعته طاعته ومبايعته مبايعته وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته، فقال (عزوجل): " من يطع الرسول فقد أطاع الله " وقال: " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم "(3).

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله) ودرجة النبي (صلى الله عليه وآله) في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره في درجته في الجنة من منزله، فقد زارالله (تبارك وتعالى)(4). ومن تولى: عن طاعته.

فمآ أرسلنك عليهم حفيظ: تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها، إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب وهو حال من الكاف.

___________________________________

(1) الكافي: ج 8 ص 26، خطبة لاميرالمؤمنين (عليه السلام)، وهي خطبة الوسيلة س 4.

(2) كتاب الاحتجاج: ج 1 ص 374، احتجاجه (عليه السلام) على زنديق جاء مستدلا عليه بآي من القرآن متشابهة تحتاج إلى التأويل. س 21.

(3) الفتح: 10.

(4) عيون الاخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 15 باب 11 ماجاء عن الرضا (عليه السلام) من الاخبار في التوحيد ح 3. (*)

[547]

[ ويقولون طآعة فإذا برزوا من عندك بيت طآئفة منهم غير الذى تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتو كل على الله وكفى بالله وكيلا(81) أفلا يتدبرون القرء‌ان - ولوكان - من عند - غير الله - لوجدوا - فيه - اختلفا كثيرا(82) ]

ويقولون: إذا أمرتهم.

طاعة: أي أمرنا طاعة، أو منا طاعة.

وأصلها النصب على المصدر، والرفع للدلالة على الثبات.

فإذا برزوا من عندك: خرجوا.

بيت طآئفة منهم غير الذى تقول: زورت خلاف ما قلت لها، أو ما قالت لك من القبول وضمان الطاعة.

والتبييت إما من البيتوتة، لان الامور تدبر بالليل، أو من بيت الشعر، أو البيت المبني، لانه يسوى ويدبر.

وقرأ حمزة وأبوعمر و " بيت طائفة " بالادغام لقربهما في المخرج.

والله يكتب ما يبيتون: يثبته في صحائفهم للمجازاة، أو في جملة ما يوحى إليك لتطلع على أسرارهم أو في كليهما. فأعرض عنهم: قلل المبالاة بهم، أو تجاف عنهم.

وتوكل على الله: في الامور كلها، خصوصا في شأنهم.

وكفا بالله وكيلا: يكفيك معرتهم وينتقم لك منهم.

أفلا يتدبرون القرء‌ان: يتأملون في معانيه، ويتبصرون مافيه.

وأصل التدبر النظر في أدبار الشئ. (*)

[548]

[ وإذا جآء‌هم أمر من الامن أو الخوف أذا عوابه ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولو لا فضل الله عليكم ورحمته لا تبعتم الشيطن إلا قليلا(83) ]

ولو كان من عند غير الله: لو كان كلام البشر كما زعم الكفار.

لوجدوا فيه اختلافا كثيرا: من تناقض المعنى، وتفاوت النظم، وكون بعضه فصيحا وبعضه ركيكا، وبعضه معجزا وبعضه غير معجز، وبعضه مطابقا للواقع وبعضه غير مطابق لنقصان القوة البشرية.

ولعل ذكره هنا للتنبيه على أن اختلاف ما سبق من الاحكام، ليس لتناقض في الحكم، بل لاختلاف الاحوال في الحكم والمصالح.

وفي نهج البلاغة: قال (عليه السلام): وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا، وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه: " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا "(1).

وإذا جآء‌هم أمر من الامن أو الخوف: مما يوجب الامن أو الخوف.

أذاعوابه: أفشوه.

قيل: كان قوم من ضعفة المسلمين إذا بلغهم خبر عن سرايا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو أخبرهم الرسول بما اوحي إليه من وعد بالظفر، أو تخويف من الكفرة، أذا عوابه، لعدم جزمهم وكانت إذاعتهم مفسدة(2).

___________________________________

(1) نهج البلاغة: ص 61 ومن كلام له (عليه السلام) في ذم اختلاف العلماء في الفتيا، وفيه يذم أهل الرأي ويكل أمر الحكم في امور الدين للقرآن صبحي الصالح.

(2) نقله البيضاوي في تفسيره (أنوار التنزيل وأسرار التأويل): ج 1 ص 233 عند تفسيره لآية 83 من النساء. (*)

[549]

وقيل: كانوا يسمعون أراجيف المنافقين، فيذيعونها، فيعود وبالا على المسلمين.

والباء مزيدة، أو لتضمين الاذاعة معنى التحدث(1).

في اصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان ابن عيسى، عن محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: إن الله (عزوجل) عير أقواما بالاذاعة في قوله (عزوجل): " وإذا جاء‌هم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به " فإياكم والاذاعة(2).

ولو ردوه: ذلك الامر.

إلى الرسول وإلى أولى الامر منهم: أي الائمة المعصومين (عليهم السلام) على ما في الجوامع، عن الباقر (عليه السلام)(3).

لعلمه: في أي وجه يذكره، أو يذكرونه.

الذين يستنبطونه منهم: يستخرجون تدبيره بعقلهم المؤيد بروح القدس.

وأصل الاستنباط اخراج النبط، وهو الماء يخرج من البئر أول ما يحفر.

وفي تفسير العياشي: عن عبدالله بن جندب، عن الرضا (عليه السلام): يعني آل محمد وهم الذين يستنبطون من القرآن، ويعرفون الحلال والحرام، وهم حجة الله على خلقه(4).

عن عبدالله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: هم الائمة (عليهم السلام)(5).

وفي اصول الكافي: بإسناده إلى عبدالحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): وقال (عزوجل): " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم " فقال (عزوجل): " ولو ردوه إلى الله والى

___________________________________

(1) نقله البيضاوي في تفسيره (أنوار التنزيل وأسرار التأويل): ج 1 ص 233 عند تفسيره لآية 83 من النساء.

(2) الكافي: ج 2 ص 369، كتاب الايمان والكفر، باب الاذاعة، ح 1.

(3) جوامع الجامع: ص 92 س 13 عند تفسيره لآية 83 من سورة النساء.

(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 260 قطعة من ح 206.

(5) تفسير العياشي: ج 1 ص 260 ح 205. (*)

[550]

الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " فرد الامر أمر الناس إلى أولي الامر منهم الذين أمر بطاعتهم وبالرد إليهم(1).

وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة: بإسناده إلى محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): ومن وضع ولاية الله وأهل استنباط علم الله، في غير أهل الصفوة من بيوتات الانبياء، فقد خالف أمرالله (عزوجل) وجعل الجهال ولاة أمر الله والمتكلفين بغير هدى وزعموا أنهم أهل استنباط علم الله، فكذبوا على الله وزاغوا عن وصية الله وطاعته، فلم يضعوا فضل الله حيث وضعه الله (تبارك وتعالى)، فضلوا وأضلوا أتباعهم، فلا يكون لهم يوم القيامة حجة(2).

وقال أيضا بعد أن قرأ " فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين "(3) فإن يكفر بها امتك فقد وكلنا أهل بيتك بالايمان الذي الذي أرسلنا له فلا يكفرون بها أبدا ولا أضيع الايمان الذي أرسلناك به وجعلت أهل بيتك بعدك على امتك ولاة من بعدك وعلى الاستنباط الذي ليس فيه كذب ولا إثم ولا زور ولا بطر ولا رياء(4).

ولو لا فضل الله عليكم ورحمته: بإرسال الرسل وإنزال الكتب ونصب الائمة (عليهم السلام).

في الجوامع: عنهم (عليهم السلام): فضل الله ورحمته النبي وعلي (عليهم السلام)(5).

وفي تفسير العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، وحمران، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قالا: فضل الله رسوله، ورحمته الائمة (عليهم السلام)(6).

___________________________________

(1) الكافي: ج 1 ص 295 قطعة من ح 3.

(2) كمال الدين وتمام النعمة: ص 218 باب 22 اتصال الوصية من لدن آدم (عليه السلام)، ح 2 س 6.

(3) الانعام: 89.

(4) كمال الدين وتمام النعمة: ص 219 باب 22 اتصال الوصية من لدن آدم (عليه السلام (. س 6) .

(5) جوامع الجامع: ص 92 س 16.

(6) تفسير العياشي: ج 1 ص 260 ح 207. (*)

[551]

[ فقتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا(84) ]

عن محمد بن الفضيل، عن العبد الصالح (عليه السلام) قال: الرحمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والفضل علي بن أبي طالب (عليه السلام)(1).

لا تبعتم الشيطن: بالكفر والضلالة.

إلا قليلا: منكم تفضل عليه بعقل راجح اهتدى به إلى الحق والصواب، وعصمه عن متابعة الشيطان، أو إلا اتباعا قليلا عن الندور.

وفي تفسير العياشي: عن ابن مسكان، عمن رواه، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته لا تبعتم الشيطان إلا قليلا " فقال أبوعبدالله (عليه السلام): إنك لتسأل عن كلام القدر، وما هو من ديني ولا دين آبائي، ولا وجدت أحدا من أهل بيتي يقول به(2).

فقاتل في سبيل الله: ان تثبطوا وتركوك وحدك.

لا تكلف إلا نفسك: إلا فعل نفسك، لا يضرك مخالفتهم وتقاعدهم، فتقدم إلى الجهاد وإن لم يساعدك أحد، فإن الله ناصرك لا الجنود.

وفي اصول الكافي: بإسناده إلى مرازم(3) عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إن الله كلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لم يكلف أحدا من خلقه،

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 261 ح 209.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 261 ح 210.

(3) مرازم بن حكيم الازدي المدائني: مرازم بالميم المضمومة والراء المهملة والالف والزاء المعجمة المكسورة والميم، وحكيم بضم الحاء المهملة، وفتح الكاف وسكون الياء المثناة من تحت، والميم (تنقيح المقال: ج 3 ص 208 تحت رقم 11622). (*)

[552]

كلفه أن يخرج إلى الناس كلهم وحده بنفسه إن لم يجد فئة تقاتل معه، ولم يكلف أحدا هذا قبله ولا بعده، ثم تلا هذه الآية(1).

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إبراهيم، محمد الثقفي، عن محمد بن مروان جميعا، عن ابان بن عثمان، عمن ذكره، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إن الله (تبارك وتعالى) أعطى محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعدد أشياء كثيرة، وفي آخر الحديث قال (عليه السلام): ثم كلف مالم يكلف أحدا من الانبياء، أنزل عليه سيفا من السماء في غير غمد، وقيل له: قاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك(2).

ونقل أن أبا سفيان يوم احد لما رجع واعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) موسم بدر الصغرى، فكره الناس، وتثاقلوا حين بلغ الميعاد، فنزلت، فخرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما معه إلا سبعون ولو لم يتبعه أحد لخرج وحده(3).

وقرئ " لا تكلف " بالجزم، و " لا نكلف " بالنون على بناء الفاعل، أي لا نكلفك إلا فعل نفسك، لا أنا لا نكلف أحدا إلا نفسك.

وحرض المؤمنين: على القتال إذ ما عليك في شأنهم إلا التحريض.

عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا: يعني قريشا، وقد فعل بأن ألقى في قلوبهم الرعب حتى رجعلوا.

والله أشد بأسا: من قريش.

وأشد تنكيلا: تعذيبا، وهو تقريع وتهديد لمن لم يتبعه.

وفي تفسير العياشي: عن سليمان بن خالد قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): قول الناس لعلي إن كان له حق فما منعه أن يقوم به؟ قال: فقال: إن الله

___________________________________

(1) لم نعثر على الحديث في اصول الكافي، والكنه موجود في الروضة: ص 274 قطعة من ح 414 س 22.

(2) الكافي: ج 2، ص 17 كتاب الايمان والكفر، باب الشرائع قطعة من ح 1.

(3) نقله بوجه أبسط في مجمع البيان: ج 3 ص 83 تحت عنوان (القصة). (*)

[553]


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1697
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29