• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : تفسير القمي ج 1 ، تأليف : علي بن إبراهيم القمي (رحمه الله) .
                    • الموضوع : سورة هود .

سورة هود

سورة هود مكية مأة واثنتان وعشرون آية (بسم الله الرحمن الرحيم الرا كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) يعني من عند الله (ألا تعبدوا إلا الله انني لكم منه نذير وبشير وأن استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يمتعكم متاعا حسنا إلى اجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله) وهو محكم، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) " الرا كتاب احكمت آياته " قال هو القرآن " من لدن حكيم خبير " قال من عند حكيم خبير " وان استغفروا ربكم " يعني المؤمنين قوله " ويؤت كل ذي فضل فضله " فهو علي بن ابي طالب (عليه السلام) وقوله (وان تولوا فاني اخاف عليكم عذاب يوم كبير) قال الدخان والصيحة وقوله (ألا انهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه) يقول يكتمون ما في صدورهم من بغض على، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان آية المنافق بغض علي فكان قوم يظهرون المودة لعلي (عليه السلام) عند النبي (صلى الله عليه وآله) ويسرون بغضه فقال (ألا حين يستغشون ثيابهم) فانه كان اذا حدث بشئ من فضل علي بن ابي طالب (عليه السلام) او تلا عليهم ما انزل الله فيه نفضوا ثيابهم ثم قاموا يقول الله (يعلم ما يسرون وما يعلنون) حين قاموا (انه عليم بذات الصدور) وقوله (وما الجزء (12) من دابة في الارض إلا على الله رزقها) يقول يكفل بارزاق الخلق قوله (ويعلم مستقرها) يقول حيث يأوي بالليل (ومستودعها) حيث يموت وقوله (وهو الذي خلق السموات والارض في ستة ايام وكان عرشه على الماء) وذلك في مبتداء الخلق،  ان الرب تبارك وتعالى خلق الهواء ثم خلق القلم فامره ان يجري فقال يارب بما

 

===============

(322)

اجري؟ فقال بما هو كائن ثم خلق الظامة من الهواء وخلق النور من الهواء وخلق الماء من الهواء وخلق العرش من الهواء وخلق العقيم من الهواء وهو الريح الشديد وخلق النار من الهواء وخلق الخلق كلهم من هذه الستة التي خلقت من الهواء فسلط العقيم على الماء فضربته فاكثرت الموج والزبد وجعل يثور دخانه في الهواء فلما بلغ الوقت الذي اراد قال للزبد اجمد فجمد وقال للموج اجمد فجمد فجعل الزبد ارضا وجعل الموج جبالا رواسي للارض فلما اجمدها قال للروح والقدرة سويا عرشي إلى السماء فسويا عرشه إلى السماء وقال للدخان اجمد فجمد

ثم قال له ازفر فزفر (1) فناداها والارض جميعا ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين ففضاهن سبع سموات في يومين ومن الارض مثلهن، فلما اخذ في رزق خلقه خلق السماء وجناتها والملائكة يوم الخميس وخلق الارض يوم الاحد وخلق دواب البحر والبر يوم الاثنين وهما اليومان اللذان يقول الله انكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وخلق الشجر ونبات الارض وانهارها وما فيها والهوام في يوم الثلاثاء وخلق الجان وهو ابوالجن في يوم السبت وخلق الطير يوم الاربعاء وخلق آدم في ست ساعات من يوم الجمعة فهذه الستة الايام خلق الله السموات والارض وما بينهما.

قال علي ابراهيم في قوله (ليبلوكم ايكم احسن عملا) معطوف على قوله " الرا كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ليبلوكم ايكم احسن عملا " وقوله (ولئن اخرنا عنهم العذاب إلى امة معدودة) قال ان متعناهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم فنردهم ونعذبهم (ليقولن ما يحبسه) اي يقولون

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) زفر زفيرا: اخرج نفسه والمراد هنا اخرج الصوت من اعماق النفس. ج. ز (*)

 

===============

(323)

اما لا يقوم القائم ولا يخرج، على حد الاستهزاء فقال الله (الا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن) اخبرنا احمد بن ادريس قال حدثنا احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف عن حسان عن هشام بن عمار عن ابيه وكان من اصحاب على ع عن على ع في قوله تعالى " لئن اخرنا عنهم العذاب الي امة معدودة ليقولن ما يحبسه " قال الامة المعدودة اصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر، قال علي بن ابراهيم والامة في كتاب الله على وجوه كثيرة فمنه المذهب وهو قوله " كان الناس امة واحدة " اي على مذهب واحد، ومنه الجماعة من الناس وهو قوله " وجد عليه امة من الناس يسقون " اي جماعة، ومنه الواحد قد سماه الله امة قوله " ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا " ومنه جميع اجناس الحيوان وهو قوله " وان من امة إلا خلا فيها نذير " ومنه امة محمد (صلى الله عليه وآله) وهو قوله " وكذلك ارسلناك في امة قد خلت من قبلها امم " وهى امة محمد (صلى الله عليه وآله) ومنه الوقت وهو قوله " وقال الذي نجا منهما وادكر بعد امة " اي بعد وقت وقوله:

إلى امة معدودة، يعني به الوقت ومنه الخلق كله وهو قوله " وترى كل امة جاثية وكل امة تدعى إلى كتابها "، وقوله " يوم نبعث من كل امة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون " ومثله كثير.

وقوله (ولان اذقنا الانسان منا رحمة ثم نزعناها منه انه ليؤس كفور ولان اذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني انه لفرح فخور) قال اذا اغنى الله العبد ثم افتقر اصابه الاياس والجزع والهلع فاذا كشف الله عنه ذلك فرح وقال ذهب السيئات عني انه لفرح فخور ثم قال (إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات) قال صبروا في الشدة وعملوا الصالحات في الرخاء.

قوله (فلعلك تارك بعض ما يوحى اليك وضائق به صدرك ان يقولوا لو لا انزل عليه كنز او جاء معه ملك إنما أنت نذير والله علي كل شئ وكيل) فانه

 

===============

(324)

حدثني ابي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن عمارة بن سويد عن ابي عبدالله (عليه السلام) انه قال سبب نزول هذه الآية ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج ذات يوم فقال لعلي يا علي اني سألت الله الليلة بان يجعلك وزيري ففعل وسألته ان يجعلك وصيي ففعل وسألته ان يجعلك خليفتي في امتي ففعل، فقال رجل من اصحابه المنافقين والله لصاع من تمر في شن (1) بال احب الي مما سأل محمد ربه ألا سأله ملكا يعضده او مالا يستعين به علي ما فيه ووالله ما دعا عليا (2) قط إلى حق او إلى باطل إلا اجابه فانزل الله علي رسوله الله " فلعلك تارك بعض ما يوحي اليك الآية " وقوله (أم يقولون افتريه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين) يعني قولهم ان الله لم يأمره بولاية علي (عليه السلام) وإنما يقول من عنده فيه فقال الله عزوجل (فان لم يستجيبوا لكم فاعلموا إنما انزل بعلم الله) اي ولاية امير المؤمنين (عليه السلام) من عند الله وقوله (من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون اولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار) قال من عمل الخير على ان يعطيه الله ثوابه في الدنيا اعطاه ثوابه في الدنيا وكان له في الآخرة النار وقوله (أفمن كان علي بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى اماما ورحمة اولئك يؤمنون به ـ إلى قوله ـ لا يؤمنون) فانه حدثني ابي عن يحيى بن ابي عمران عن يونس عن ابي بصير والفضيل عن ابي جعفر (عليه السلام) قال انما نزلت افمن كان على بينة من ربه، يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويتلوه شاهد منه اماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى اولئك يؤمنون به فقدموا واخروا في التأليف وقوله (ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا اولئك يعرضون علي ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) الشن القربة.

(2) كذا في النسخ والمظنون ان يكون لفظ " ربه " مكان " عليا " ج ز (*)

 

===============

(325)

علي ربهم) يعني بالاشهاد الائمة (عليهم السلام) (ألا لعنة الله على الظالمين) لآل محمد صلى لله عليه وآله حقهم وقوله (الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا) يعني يصدون عن طريق الله وهى الامامة " ويبغونها عوجا " يعنى حرفوها الي غيرها وقوله (ما كانوا يستطيعون السمع) قال ما قدروا ان يسمعوا بذكر امير المؤمنين (عليه السلام) وقوله (اولئك الذين خسروا انفسهم وضل) اي بطل (عنهم ما كانوا يفترون) يعني يوم القيامة بطل الذين دعوا غير امير المؤمنين (عليه السلام) (وقال ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات واخبتوا الي ربهم) اي تواضعوا لله وعبدوه وقوله (مثل الفريقين كالاعمى والاصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون) يعني المؤمنين والخاسرين وقوله (إلا الذين هم اراذلنا بادى الرأي وما نرى لكم علينا من فضل) يعني الفقراء والمساكين الذين تراهم بادي الرأي (فعميت عليكم) الانباء اي اشتبهت عليكم حتى لم تعرفوها ولم تفهموها (ويا قوم لا اسئلكم عليه مالا ان اجري إلا على الله وما انا بطارد الذين آمنوا انهم ملاقوا ربهم) اي الفقراء الذين آمنوا به قوله (وياقوم من ينصرني من الله ان طردتهم أفلا تذكرون ولا اقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب ـ إلى قوله ـ للذين تزدري اعينكم) اي تقصر اعينكم عنهم وتستحقرونهم (لن يؤتيهم الله خيرا الله اعلم بما في انفسهم اني اذا لمن الظالمين) وقوله (واوحي إلى نوح انه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) فانه حدثني ابي عن ابن ابي عمير من ابن سنان عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال بقي نوح في قومه ثلاثمائة سنة يدعوهم الي الله فلم يجيبوه فهم ان يدعو عليهم، فوافاه عند طلوع الشمس اثنا عشر الف قبيل من قبائل ملائكة سماء الدنيا وهم العظماء من الملائكة، فقال لهم نوح من انتم؟ فقالوا نحن اثنا عشر الف قبيل من قبائل ملائكة سماء الدنيا وان مسيرة غلظ سماء الدنيا خمسمائة عام ومن سماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام

 

===============

(326)

وخرجنا (اخرجنا الله ك) عند طلوع الشمس ووافيناك في هذا الوقت فنسألك ان لا تدعو علي قومك، فقال نوح قد اجلتهم ثلاثمائة سنة، فلما اتى عليهم ستمائة سنة ولم يؤمنوا هم ان يدعو عليهم فوافاه اثنا عشر الف قبيل من قبايل ملائكة السماء الثانية فقال نوح من انتم قالوا نحن اثنا عشر الف قبيل من قبايل ملائكة السماء الثانية وغلظ السماء الثانية مسيرة خمسمائة عام ومن السماء الثانية الي سماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام وغلظ سماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام ومن سماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام خرجنا عند طلوع الشمس ووافيناك ضحوة نسألك ان لا تدعو على قومك فقال نوح قد اجلتهم ثلاثمائة سنة.

فلما اتى عليهم تسعمائة سنة هم ان يدعو عليهم فانزل الله عزوجل " انه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون " فقال نوح " رب لا تذر علي الارض من الكافرين ديارا انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا " فامره الله ان يغرس النخل فكان قومه يمرون به فيسخرون منه ويستهزؤن به ويقولون شيخ قد اتى له تسعمائة سنة يغرس النخل وكانوا يرمونه بالحجارة فلما اتى لذلك خمسون سنة وبلغ النخل واستحكم أمر بقطعه فسخروا منه وقالوا بلغ النخل مبلغه وهو قوله (وكلما مر عليه ملا من قومه سخروا منه وقال ان تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعملون) فامره الله ان ينحت السفينة وامر جبرئيل ان ينزل عليه ويعلمه كيف يتخذها فقدر طولها في الارض الفا ومائتي ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع، وطولها في السماء ثمانون ذراعا فقال يا رب من يعينني على اتخاذها؟ فاوحى الله اليه ناد في قومك من اعانني عليها ونجر منها شيئا صار ما ينجره ذهبا وفضة، فنادى نوح فيهم بذلك فاعانوه عليها وكانوا يسخرون منه ويقولون ينحت سفينة في البر.

قال حدثني ابي عن صفوان عن ابي بصير عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال لما

 

===============

(327)

اراد الله عزوجل هلاك قوم نوح عقم ارحام النساء اربعين سنة فلم يولد فيهم مولود فلما فرغ نوح من اتخاذ السفينة امره الله ان ينادي بالسريانية لا يبقى بهيمة ولا حيوان إلا حضر، فادخل من كل جنس من اجناس الحيوان زوجين في السفينة وكان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانين رجلا فقال الله عزوجل:

(احمل فيها من كان زوجين اثنين واهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه الا قليل) وكان نجر السفينة في مسجد الكوفة (المدينة ك) فلما كان في اليوم الذي اراد الله هلاكهم كانت امرأة نوح تخبز في الموضع الذي يعرف بفار التنور في مسجد الكوفة وقد كان نوح اتخذ لكل ضرب من اجناس الحيوان موضعا في السفينة وجمع لهم فيها ما يحتاجون من الغذاء، فصاحت امرأته لما فارالتنور فجاء نوح إلى التنور فوضع عليها طينا وختمه حتى ادخل جميع الحيوان السفينة ثم جاء الي التنور ففض الخاتم ورفع الطين وانكسفت الشمس وجاء من السماء ماء منهمر صب بلا قطر وتفجرت الارض عيونا وهو قوله عز وجل " ففتحنا ابواب السماء بماء منهمر وفجرنا الارض عيونا فالتقى الماء علي امر قد قدر وحملناه على ذات الواح ودسر " فقال الله عزوجل (اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها) يقول مجربها اي مسيرها ومرسيها اى موقفها فدارت السفينة ونظر نوح إلى ابنه يقع ويقوم فقال له (يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين) فقال ابنه كما حكى الله عزوجل (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء) قال نوح (لا عاصم اليوم من امر الله الا من رحم) الله ثم قال نوح:

(رب ان ابني من اهلي وان وعدك الحق وانت احكم الحاكمين) فقال الله (يانوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم اني اعظك ان تكون من الجاهلين) فقال نوح كما حكى الله (رب اني اعوذ بك ان اسئلك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني اكن من الخاسرين) فكان كما حكى الله

 

===============

(328)

(وحال بينهما الموج فكان من المغرقين) فقال ابوعبدالله (عليه السلام) فدارت السفينة وضربتها الامواج حتى وافت مكة وطافت بالبيت وغرق جميع الدنيا إلا موضع البيت إنما سمي البيت العتيق لانه اعتق من الغرق فبقي الماء ينصب من السماء اربعين صباحا ومن الارض العيون حتى ارتفعت السفينة فمسحت السماء قال فرفع نوح يده فقال يارهمان اخفرس (اتغرك) تفسيرها رب احسن فامر الله الارض ان تبلع ماءها وهو قوله (وقيل يا ارض ابلعي ماءك وياسماء اقلمي) يعني امسكي (وغيض الماء وقضي الامر واستوت على الجودي) فبلعت الارض ماءها فاراد ماء السماء ان يدخل في الارض فامتنعت الارض من قبولها وقالت إنما امرني الله عزوجل ان ابلع مائي فبقي ماء السماء على وجه الارض واستوت السفينة على جبل الجودي وهو بالموصل جبل عظيم، فبعث الله جبرئيل فساق الماء الي البحار حول الدنيا وانزل الله على نوح (يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى امم من معك وامم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب اليم) فنزل نوح بالموصل من السفينة مع الثمانين وبنوا مدينة الثمانين وكانت لنوح ابنة ركبت معه في السفينة فتناسل الناس منها وذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله) نوح احد الابوين ثم قال

الله عزوجل لنبيه (تلك من انباء الغيب نوحيها اليك ما كنت تعلمها انت ولا قومك من قبل هذا فاصبر ان العاقبة للمتقين) وروي في الخبر ان اسم نوح عبدالغفار وانما سمي نوحا لانه كان ينوح علي نفسه اخبرنا احمد بن ادريس قال حدثنا احمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد بن ابي نصر عن ابان بن عثمان الاحمر عن موسى بن اكيل النميري عن العلا بن سيابة عن ابي عبدالله (عليه السلام) في قول الله ونادى نوح ابنه فقال ليس بابنه إنما هو ابنه من زوجته علي لغة طي يقولون لابن المرأة ابنه.

قال علي بن ابراهيم ثم حكى الله عزوجل خبر هود (عليه السلام) وهلاك قومه

 

===============

(329)

فقال (والي عاد اخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ان انتم إلا مفترون يا قوم لا اسئلكم عليه اجرا ان اجري إلا علي الذي فطرني أفلا تعقلون) قال ان عادا كانت بلادهم في البادية من الشقيق إلى الاجفر اربعة منازل وكان لهم زرع ونخيل كثير ولهم اعمار طويلة واجسام طويلة فعيدوا الاصنام فبعث الله اليهم هودا يدعوهم إلى الاسلام وخلع الانداد فأبوا ولم يؤمنوا بهود وآذوه فكفت السماء عنهم سبع سنين حتى قحطوا وكان هود زراعا وكان يسقي الزرع فجاء قوم إلى بابه يريدونه، فخرجت عليهم امرأة شمطاء عوراء (1) فقالت من انتم؟ فقالوا نحن من بلاد كذا وكذا اجدبت بلادنا فجئنا إلى هود نسأله ان يدعو الله حتى تمطر وتخصب بلادنا، فقالت لو استجيب لهود لدعا لنفسه فقد احترق زرعه لقلة الماء، قالوا فاين هو؟ قالت هو في موضع كذا وكذا فجاؤا اليه فقالوا يانبي الله قد اجدبت بلادنا ولم تمصر؟ فاسأل الله ان يخصب بلادنا وتمطر فتهيأ للصلاة وصلى ودعا لهم فقال لهم ارجعوا فقد امطرتم واخصبت بلادكم، فقالوا يانبي الله انا رأينا عجبا قال وما رأيتم؟ فقالوا رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء قالت لنا من انتم وما تريدون قلنا جئنا إلى هود ليدعو الله فنمطر فقالت لو كان هود داعيا لدعا لنفسه فان زرعه قد احترق فقال هود تلك اهلي وانا ادعوا الله لها بطول البقاء فقالوا وكيف ذلك قال لانه ما خلق الله مؤمنا إلا وله عدو يؤذيه وهى عدوتي فلان يكون عدوى ممن املكه خير من ان يكون عدوي ممن يملكني، فبقي هود في قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن عبادة الاصنام حتى تخصب بلادهم وانزل الله عليهم المطر وهو قوله عزوجل (ياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم

ولا تتولوا مجرمين) فقالوا كما حكى الله (ياهود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إلى آخر الآية) فلما لم يؤمنوا ارسل الله

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) الشمط محركة بياض الراس خالطه سواد والعور: محركة ذهاب حس احدى العينين ق (*)

 

===============

(330)

عليهم " الريح الصرصر يعني الباردة وهو قوله في سورة اقتربت " كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر انا ارسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر " وحكى في سورة الحاقة فقال " واما عاد فاهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " قال كان القمر منحوسا بزحل سبع ليال وثمانية أيام.

قال فحدثني ابي عن ابن ابي عمير عن عبدالله بن سنان عن معروف بن خربوذ عن ابي جعفر (عليه السلام) قال الريح العقيم تخرج من تحت الارضين السبع وما يخرج منها شئ قط إلا على قوم عاد حين غضب الله عليهم فامر الخزان ان يخرجوا منها مثل سعة الخاتم فعصت علي الخزنة فخرج منها مثل مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد فضج الخزنة إلى الله من ذلك وقالوا يا ربنا انها قد عتت علينا ونحن نخاف ان يهلك من لم يعصك من خلقك وعمار بلادك فبعث الله جبرئيل فردها بجناحه وقال لها اخرجي علي ما امرت به فرجعت وخزجت علي ما امرت به فاهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم واما قوله (والى ثمود اخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره هو انشأكم من الارض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا اليه ان ربى قريب مجيب) إلى قوله (واما لفي شك مما تدعونا اليه مريب) فان الله تبارك وتعالى بعث صالحا إلى ثمود وهو ابن ستة عشر سنة لا يجيبوه إلى خير وكان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون الله فلما رأى ذلك منهم قال لهم ياقوم بعثت اليكم وانا ابن ستة عشر سنة وقد بلغت عشرين ومائة سنة وانا اعرض عليكم امرين ان شئتم فاسألوني مهما اردتم حتى اسأل إلهي فيجيبكم وان شئتم سألت آلهتكم فان اجابتني خرجت عنكم، فقالوا انصفت فامهلنا فاقبلوا يتعبدون ثلاثة ايام ويتمسحون بالاصنام ويذبون لها واخرجوها إلى سفح الجبل واقبلوا يتضرعون اليها، فلما كان اليوم

 

===============

(331)

الثالث قال لهم صالح (عليه السلام) قد طال هذا الامر فقالوا له سل من شئت، فدنا إلى اكبر صنم لهم، فقال ما اسمك؟ فلم يجبه، فقال لهم ما له لا يجبيني؟ قالوا له تنح عنه فتنحى عنه واقبلوا اليه ووضعوا على رؤوسهم التراب وضجوا وقالوا فضحتنا ونكست رؤوسنا وقال صالح قد ذهب النهار، فقالوا سله فدنا منه فكلمه فلم يجبه فبكوا وتضرعوا حتى فعلوا ذلك ثلاث مرات فلم يجبهم بشئ،  فقالوا ان هذا لا يجيبك ولكنا نسأل إلهك، فقال لهم سلوا ما شئتم فقالوا سله ان يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء عشراء اي حاملة تضرب بمنكبيها طرفي الجبلين وتلقى فصيلها من ساعتها وتدر لبنها، فقال صالح ان الذي سألتموني عندي عظيم وعند الله هين، فقام وصلي ركعتين ثم سجد وتضرع إلى الله فما رفع رأسه حتى تصدع الجبل وسمعوا له دويا شديدا ففزعوا منه وكادوا ان يموتوا منه فطلع رأس الناقة وهى تجتر فلما خرجت القت فصيلها ودرت لبنها فبهتوا وقالوا قد علمنا ياصالح ان ربك اعز واقدر من آلهتنا التي نعبدها.

وكان لقريتهم ماء وهى الحجر التي ذكرها الله تعالى في كنابه وهو قوله " كذب اصحاب الحجر المرسلين " فقال لهم صالح لهذه الناقة شرب اي تشرب ماءكم يوما وتدر لبنها عليكم يوما وهو قوله عزوجل " لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم " فكانت تشرب ماءهم يوما وإذا كان من الغد وقفت وسط قريتهم فلا يبقى في القرية احد إلا حلب منها حاجته وكان فيهم تسعة من رؤسائهم كما ذكر الله في سورة النمل " وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون " فعقروا الناقة ورموها حتى قتلوها وقتلوا الفصيل فلما عقروا الناقة قالوا لصالح " ائتنا بما تعدنا ان كنت من المرسلين " قال صالح (تمتعوا في داركم ثلاثة ايام ذلك وعد غير مكذوب)

 

===============

(332)

ثم قال لهم وعلامة هلاككم انه تبيض وجوهكم غدا وتحمر بعد غد وتسود في اليوم الثالث فلما كان من الغد نظروا إلى وجوههم وقد ابيضت مثل القطن فلما كان اليوم الثاني احمرت مثل الدم فلما كان اليوم الثالث اسودت وجوههم فبعث الله عليهم صيحة وزلزلة فهلكوا وهو قوله " فاخذتهم الرجفة فاصبحوا في ديارهم جاثمين " فما تخلص منهم غير صالح وقوم مستضعفين مؤمنين وهو قوله (فلما جاء امرنا نجينا صالحا ـ إلى قوله ـ ألا ان ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود).

واما قوله (ولقد جاءت رسلنا ابراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث ان جاء بعجل حنيذ) اي مشوي نضج فانه لما القى نمرود ابراهيم (عليه السلام) في النار فجعلها الله عليه بردا وسلاما بقي ابراهيم مع نمرود وخاف نمرود من ابراهيم فقال ياابراهيم اخرج من بلادي ولا تساكني فيها، وكان ابراهيم (عليه السلام) قد تزوج بسارة وهى بنت خاله وقد كانت آمنت به، وآمن له لوط وكان غلاما،  وقد كان ابراهيم (عليه السلام) عنده غنيمات وكان معاشه منها فخرج ابراهيم من بلاد نمرود ومعه سارة في صندوق وذلك انه كان شديد الغيرة، فلما اراد الخروج من بلاد نمرود منعوه وارادوا ان يأخذوا منه غنيماته، وقالوا له هذا ما كسبته في سلطان الملك وبلاده وانت مخالف له فقال لهم ابراهيم بيني وبينكم قاضي الملك سدوم (سندوم ك) فصاروا اليه وقالوا ان هذا مخالف لدين الملك وما معه كسبه في بلاد الملك ولا ندعه يخرج معه شيئا فقال سندوم صدقوا خل عما في في يديك، فقال ابراهيم (عليه السلام) انك ان لم تقض بالحق تمت الساعة، قال وما الحق قال قل لهم يردوا علي عمري الذي افنيته في كسب ما معي حتى ارد عليهم، فقال سندوم يجب ان تردوا عمره فخلوا عنه عما كان في يده فخرج ابراهيم وكتب نمرود في الدنيا ألا تدعوه يسكن العمران فمر ببعض عمال نمرود وكان كل من مر به يأخذ عشر ما معه وكانت سارة مع ابراهيم في الصندوق، فاخذ

 

===============

(333)

عشر ما كان مع ابراهيم ثم جاء إلى الصندوق فقال له لابد من ان افتحه فقال ابراهيم (عليه السلام) عده ما شئت وخذ عشره فقال لابد من ان تفتحه ففتحه فلما نظر إلى سارة تعجب من جمالها فقال لابراهيم ما هذه المرأة التى هى معك؟ قال هى اختي وإنما عني اخته في الدين، قال العاشر لست ادعك تبرح من مكانك حتى اعلم الملك بحالك وحالها فبعث رسولا إلى الملك فامر اجناده فحملت الصندوق اليه فهم بها ومد يده اليها فقالت له اعوذ بالله منك فجفت يده والتصقت بصدره واصابته من ذلك شدة، فقال ياسارة ما هذا الذى اصابني منك؟ فقالت بما هممت به،  فقال قد هممت لك بالخير فادعي الله ان يردني الي ما كنت، فقالت اللهم ان كان صادقا فرده كما كان فرجع إلى ما كان وكانت على رأسه جارية فقال ياساره خذي هذه الجارية تخدمك وهى هاجر ام اسماعيل (عليه السلام) فحمل ابراهيم سارة وهاجر فنزلوا البادية علي ممر طريق اليمن والشام وجميع الدنيا فكان يمر به الناس فيدعوهم إلى الاسلام وقد كان شاع خبره في الدنيا ان الملك القاه في النار فلم يحترق وكانوا يقولون له لا تخالف دين الملك فانه يقتل من خالفه، وكان ابراهيم كل من يمر به يضيفه وكان على سبعة فراسخ منه بلاد عامرة كثيرة قالشجر والنبات والخير وكان الطريق عليهم، فكان كل من يمر بتلك البلاد يتناول من ثمارهم وزروعهم فجزعوا من ذلك فجاءهم ابليس في صورة شيخ فقال لهم ادلكم على ما ان فعلتموه لم يمر بكم احد، فقالوا ما هو؟ قال من مر بكم فانكحوه في دبره فاسلبوه ثيابه ثم تصور لهم ابليس في صورة امرد حسن الوجه جميل الثياب فجاءهم فوثبوا عليه ففجروا به كما امرهم فاستطابوه فكانوا يفعلونه بالرجال فاستغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، فشكى الناس ذلك إلى ابراهيم (عليه السلام) فبعث الله اليهم لوطا يحذرهم وينذرهم فلما نظروا إلى لوط قالوا من أنت؟

قال انا ابن خال ابراهيم الذي القاه الملك في النار فلم يحترق وجعلها الله بردا وسلاما وهو بالقرب منكم قاتقوا الله ولا تفعلوا هذا فان الله يهلككم فلم يجسروا

 

===============

(334)

عليه وخافوه وكفوا عنه وكان لوط كلما مر به رجل يريدونه بسوء خلصه من ايديهم وتزوج لوط فيهم وولد له بنات، فلما طال ذلك علي لوط ولم يقبلوا منه قالوا له " لئن لم تنته يالوط لتكونن من المخرجين " الي لنرجمنك ولنخرجنك فدعا عليهم لوط فبينما ابراهيم (عليه السلام) قاعد في موضعه الذي كان فيه وقد كان اضاف قوما وخرجوا ولم يكن عنده شئ فنظر إلى اربعة نفر قد وقفوا عليه لا يشبهون الناس فقالوا سلاما فقال ابراهيم سلام، فجاء ابراهيم إلى سارة فقال لها قد جاء اضياف لا يشبهون الناس قال ما عندنا إلا هذا العجل فذبحه وشواه وحمله اليهم وذلك قول الله عزوجل " ولقد جاءت رسلنا ابراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث ان جاء بعجل حنيذ فلما رأى ايديهم لا تصل اليه نكرهم واوجس منهم خيفة " وجاءت سارة في جماعة معها فقالت لهم مالكم تمتنعون من طعام خليل الله فقالوا لابراهيم (لا تخف انا ارسلنا إلى قوم لوط) ففزعت سارة، وضحكت اي حاضت وقد كان ارتفع حيضها منذ دهر طويل فقال الله عزوجل (فبشرناها باسحق ومن وراء اسحق يعقوب) فوضعت يدها على وجهها فقالت (ياويلتئ الد وانا عجوز وهذا بعلى شيخا ان هذا لشئ عجيب) فقال لها جبرئيل (أتعجبين من امر الله ورحمة الله وبركاته عليكم اهل البيت انه حميد مجيد فلما ذهب عن ابراهيم الروع وجاءته البشرى) باسحق اقبل يجادل كما حكى الله عزوجل (يجادلنا في قوم لوط ان ابراهيم لحليم اواه منيب) فقال ابراهيم لجبرئيل بما اذا ارسلت قال بهلاك قوم لوط فقال ابراهيم " ان فيها لوطا " قال جبرئيل نحن اعلم بمن فيها لننجيه واهله " إلا امرأته كانت من الغابرين " قال ابراهيم ياجبرئيل ان كان في المدينة مائة رجل من المؤمنين يهلكهم الله قال لا قال فان كان فيهم خمسون قال لا قال فان كان فيهم عشرة رجال قال لا قال فان كان واحد قال لا وهو قوله فما وجدنا فيها غير بيت من

 

===============

(335)

المسلمين فقال ابراهيم ياجبرئيل راجع ربك فيهم فاوحى الله كلمح البصر (يا ابراهيم اعرض عن هذا انه قد جاء امر ربك وانهم اتاهم عذاب غير مردود) فخرجوا من عند ابراهيم (عليه السلام) فوقفوا على لوط في ذلك الوقت وهو يسقي زرعه فقال لهم لوط من انتم قالوا نحن ابناء السبيل اضفنا الليلة، فقال لهم ياقوم ان اهل هذه القرية قوم سوء لعنهم الله واهلكهم ينكحون الرجال ويأخذون الاموال فقالوا فقد ابطأنا فاضفنا فجاء لوط إلى اهله وكانت منهم فقال لها انه قد اتاني اضياف في هذه الليلة فاكتمي عليهم حتى اعفو عنك جميع ما كان منك الي هذا الوقت، قالت افعل وكانت العلامة بينها وبين قومها اذا كان عند لوط اضياف بالنهار تدخن فوق السطح وإذا كان بالليل توقد النار، فلما دخل جبرئيل والملائكة معه بيت لوط (عليه السلام) وثبت امرأته على السطح فاوقدت نارا فعلم اهل القرية واقبلوا اليه من كل ناحية كما حكى الله عزوجل (وجاءه قومه يهرعون اليه) اي يسرعون ويعدون فلما صاروا الي باب البيت قالوا يالوط أو لم ننهك عن العالمين فقال لهم كما حكى الله (هؤلاء بناتي هن اطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد).

وحدثني ابى عن محمد بن عمرو رحمه الله في قول لوط (عليه السلام) " هؤلاء بناتي هن اطهر لكم " قال عني به ازواجهم وذلك ان النبي ابوامته، فدعاهم إلى الحلال ولم يكن يدعوهم إلى الحرام، فقال ازواجكم هن اطهر لكم (قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وانك لتعلم ما نريد) فقال لوط لما يئس (لو ان لي بكم قوة او آوى إلى ركن شديد) اخبرنا الحسن بن علي بن مهزيار عن ابيه عن ابى ابي عمير عن بعض اصحابه عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال ما بعث الله نبيا بعد لوط إلا في عز من قومه، وحدثني محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن احمد (مسلم ط) عن محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبدالله بن القسم عن صالح عن

 

===============

(336)

ابي عبدالله (عليه السلام) قال في قوله قوة قال القوة القائم (عليه السلام) والركن الشديد ثلاثمائة وثلاثة عشر قال علي بن ابراهيم فقال جبرئيل لو علم ما له من القوة، فقال من انتم؟ فقال جبرئيل انا جبرئيل، فقال لوط بماذا امرت قال بهلاكهم فسأله الساعة قال (موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) فكسروا الباب ودخلوا البيت فضرب جبرئيل بجناحه على وجوههم فطمسها (1) وهو قول الله عزوجل " ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا اعينهم فذوقوا عذابي ونذر " فلما رأوا ذلك وعلموا انهم قد اتاهم العذاب فقال جبرئيل يا لوط (فاسر باهلك بقطع من الليل) واخرج من بينهم انت وولدك (ولا يلتفت منكم احد إلا امرأتك انه مصيبها ما اصابهم) وكان في قوم لوط رجل عالم فقال لهم يا قوم قد جاءكم العذاب الذي كان يعدكم لوط فاحرسوه ولا تدعوه يخرج من بينكم فانه ما دام فيكم لا يأتيكم العذاب،  فاجتمعوا حول داره يحرسونه فقال جبرئيل يا لوط اخرج من بينهم فقال كيف اخرج وقد اجتمعوا حول داري، فوضع بين يديه عمودا من نور فقال له اتبع هذا العمود ولا يلتفت منكم احد فخرجوا من القرية من تحت الارض فالتفتت امرأته فارسل الله عليها صخرة فقتلتها، فلما طلع الفجر صارت الملائكة الاربعة كل واحد في طرف من قريتهم فقلعوها من سبع ارضين إلى تخوم الارض ثم رفعوها في الهواء حتى سمع اهل السماء نباح الكلاب وصراخ الديكة ثم قلبوها عليهم وامطرهم الله (حجارة من سجيل منضودة مسومة عند ربك وما هى من الظالمين ببعيد) قوله " منضود " يعني بعضها على بعض منضدة وقوله " مسومة " اى منقوطة.

حدثني ابي عن سليمان الديلمي عن ابي بصير عن ابي عبدالله (عليه السلام) في قوله " وامطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة " قال ما من عبد يخرج من الدنيا يستحل عمل قوم لوط إلا رماه الله كبده من تلك الحجارة تكون منيته

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) الطموس كالدروس لفظا ومعنى. ج ز (*)

 

===============

(337)

فيها ولكن الخلق لا يرونه.

ثم ذكر عزوجل هلاك اهل مدين فقال (والى مدين اخاهم شعيبا ـ إلى قوله ـ ولا تعثوا في الارض مفسدين) قال بعث الله شعيبا إلى مدين وهى قرية على طريق الشام فلم يؤمنوا به وحكى الله قولهم (قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك ان نترك ما يعبد آباؤنا ـ إلى قوله ـ الحليم الرشيد) قال قالوا انك لانت السفيه الجاهل فكنى الله عزوجل قولهم فقال (انك لانت الحليم الرشيد) وانما اهلكهم الله بنقص المكيال والميزان (قال يا قوم أرأيتم ان كنت علي بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما اريد ان اخالفكم إلى ما انهيكم عنه ان اريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيق إلا بالله عليه توكلت واليه انيب) ثم ذكرهم وخوفهم بما نزل بالامم الماضية فقال (ياقوم لا يجر منكم شقاقي ان يصيبكم مثل ما اصاب قوم نوح او قوم هود او قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد قالوا ياشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وانا لنراك فينا ضعيفا) وقد كان ضعف بصره (ولولا رهطلك لرجمناك وما انت علينا بعزيز ـ إلى قوله ـ اني معكم رقيب) اي انتظروا فبعث الله عليهم صيحة فماتوا وهو قوله (فلما جاء امرنا نجيبنا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا واخذت الذين ظلموا الصيحة فاصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود).

ثم ذكر عزوجل قصة موسى (عليه السلام) فقال (ولقد ارسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين ـ إلى قوله ـ واتبعوا في هذه لعنة) يعني الهلاك والغرق (ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) اي يرفدهم الله بالعذاب ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وآله) (ذلك من انباء القرى) اي اخبارها (نقصه عليك ـ يا محمد ـ منها قائم وحصيد ـ إلى قوله ـ وما زادوهم غير تتبيب) اي غير تخسير (وكذلك اخذ ربك إذ اخذ القرى وهى ظالمة إن اخذه اليم شديد ان في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة

 

===============

(338)

ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود) اي يشهد عليهم الانبياء والرسل (وما نؤخره إلا لاجل معدود يوم يأت لا تكلم نفس إلا باذنه فمنهم شقي وسعيد فاما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والارض) فهذا هو في نار الدنيا قبل القيامة ما دامت السموات والارض وقوله (واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها) يعني في جنات الدنيا التي تنقل اليها ارواح المؤمنين (ما دامت السموات والارض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) يعني غير مقطوع من نعيم الآخرة في الجنة يكون متصلا به وهو رد على من ينكر عذاب القبر والثواب والعقاب في الدنيا في البرزخ قبل يوم القيامة وقوله (وان كلا لما ليوفينهم ربك اعمالهم) قال في القيامة ثم قال لنبيه (فاستقم كما امرت ومن تاب معك ولا تطغوا) اي في الدنيا لا تطغوا (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) قال ركون مودة ونصيحة وطاعة (وما لكم من دون الله من اولياء ثم لا تنصرون) وقوله (أقم الصلاة طرفي النهار) الغداة والمغرب (وزلفا من الليل) العشاء الآخرة (ان الحسنات يذهبن السيئات) فان صلاة المؤمنين في الليل تذهب ما عملوا بالنهار من السيئات والذنوب ثم قال (ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة) اي على مذهب واحد (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) قال في قوله: لا يزالون مختلفين في الدين إلا من رحم ربك يعني آل محمد واتباعهم يقول الله ولذلك خلقهم يعني اهل رحمة لا يختلفون في الدين قوله (وتمت كلمة ربك لاملان جهنم من الجنة والناس اجمعين) وهم الذين سبق الشقاء لهم فحق عليهم القول انهم للنار خلقوا وهم الذين حقت عليهم كلمة ربك انهم لا يؤمنون قال علي بن ابراهيم ثم خاطب الله نبيه فقال (وكلا نقص عليك من انباء الرسل اي اخبارهم (ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق) في القرآن وهذه السورة من اخبار الانبياء وهلاك الامم ثم قال (وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على

 

(339)

مكانكم انا عاملون) اي نعاقبكم (وانتظروا انا منتظرون ولله غيب السموات والارض واليه يرجع الامر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون).


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=170
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29