• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني ) ، تأليف : الميرزا محمد المشهدي .
                    • الموضوع : من آية (136 - 145) .

من آية (136 - 145)

الآية: 136 - 145

يأيها الذين ء‌امنوا بالله ورسوله والكتب الذى نزل على رسوله والكتب الذى أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضللا بعيدا(136) إن الذين ء‌امنوا ثم كفروا ثم‌ء‌امنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا(137) ]

تعملون خبيرا(1).

ياأيها الذين ء‌امنوا: بألسنتهم وظاهرهم. ء‌امنوا: بقلوبكم وباطنكم.

وقيل: خطاب لمؤمني أهل الكتاب، إذ روي أن ابن سلام وأصحابه قالوا: يا رسول الله إنا نؤمن بك وبموسى والتوراة وعزير، ونكفر بما سواه، فنزلت(2).

فعلى هذا معنى " آمنوا " آمنوا إيمانا عاما يعم الكتب والرسل.

وقيل: خطاب للمسلمين، أي اثبتوا على الايمان بذلك، ودوموا على الايمان(3).

بالله ورسوله والكتب الذى نزل على رسوله والكتب الذى أنزل من قبل: الكتاب الاول القرآن، والثاني الجنس.

وقرأ نافع والكسائي " الذي نزل " و " الذي أنزل " بفتح النون والهمزة والزاي، والباقون بضم النون والهمزة وكسر الزاي. ومن يكفر بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم الاخر: أي من يكفر

___________________________________

(1) غير خفي أن هذا الحديث هو الذي أورده قبل اسطر ولعل نظره رحمه الله إلى ما أوله شراح الاحاديث كما قدمنا نموذجا منه عن المولى صالح المازندراني.

(2 و 3) قالهما البيضاوي: ج 1 ص 250 في تفسيره لآية 136 من سورة النساء. (*)

[653]

بشئ من ذلك.

فقد ضل ضللا بعيدا: عن المقصد بحيث لا يكاد يعود إلى طريقه.

إن الذين ء‌امنوا: كاليهود آمنوا بموسى.

ثم كفروا: حين عبدوا العجل.

ثم‌ء‌امنوا: حين يرجع إليهم.

ثم كفروا: بعيسى.

ثم ازدادوا كفرا: بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: نزلت في الذين آمنوا برسول الله إقرارا، لا تصديقا، ثم كفروا لما كتبوا الكتاب فيما بينهم أن لا يردوا الامر في أهل بيته أبدا، فلما نزلت الولاية وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الميثاق عليهم لاميرالمؤمنين، آمنوا إقرارا، لا تصديقا، فلما مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كفروا وازدادوا كفرا(1).

وفي اصول الكافي: الحسين بن محمد بن، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أو رمة، وعلي بن عبدالله، عن علي بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في هذه الآية، قال: نزلت في فلان وفلان وفلان، آمنوا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أول الامر، وكفروا حين عرضت عليهم الولاية، حين قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من كنت مولاه فعلي مولاه، ثم آمنوا بالولاية لاميرالمؤمنين (عليه السلام) ثم كفروا حيث مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من تابعه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الايمان شئ(2).

وفي تفسير العياشي: عن جابر قال: قلت لمحمد بن علي (عليهما السلام): في قول الله في كتاب " الذين آمنوا ثم كفروا "، قال: هما، والثالث والرابع وعبدالرحمن

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 156 في تفسيره لآية 137 من سورة النساء.

(2) الكافي: ج 1 ص 420 كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح 42. (*)

[654]

وطلحة، وكانوا سبعة عشر رجلا، قال: لما وجه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر (رحمه الله) إلى أهل مكة، قالوا: بعث هذا الصبي ولو بعث غيره يا حذيفة إلى أهل مكة، وفي مكة صناديدها - وكانوا في مكة يسمون عليا، الصبي لانه كان اسمه في كتاب الله الصبي لقول الله (عزوجل): " ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا " وهو صبي، " وقال إنني من المسلمين " -(1) والله الكفر بنا أولى مما نحن فيه، فساروا فقالوا لهما وحرفوهما بأهل مكة، فعرضوا لهما وخوفو هما وغلظوا عليهما الامر، فقال علي (صلوات الله عليه): " حسبنا الله ونعم الوكيل "(2) ومضى، فلما دخلا مكة، أخبر الله نبيه بقولهم لعلي، ويقول على لهم، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه، وذلك قول الله: " ألم تر إلى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " إلى قوله " والله ذو فضل عظيم "(3) وإنما نزلت: ألم تر إلى فلان وفلان لقوا عليا وعمارا فقالا: إن أبا سفيان وعبدالله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم، فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، وهما اللذان قال الله: " إن الذين آمنوا ثم كفروا "، إلى آخر الآية، فهذا أول كفرهم، والكفر الثاني قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يطلع عليكم من هذا الشعب رجل، فيطلع عليكم بوجهه، فمثله عندالله كمثل عيسى، لم يبق منهم أحد إلا تمنى أن يكون بعض أهله، فإذا بعلي قد خرج وطلع بوجهه، قال: هو هذا، فخرجوا غضابا، وقالوا: ما بقي إلا أن يجعله نبيا، والله الرجوع إلى آلهتنا خير مما نسمع منه في ابن عمه، وليصدنا علي إن رام هذا، فأنزل الله " ولماضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون "(4) إلى آخر الآية، فهذا الكفر الثاني، وزادوا الكفر حين قال الله: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية "(5) وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي أصبحت وأمسيت خير البرية، فقال له ناس: هو خير من نوح وإبراهيم ومن

___________________________________

(1) فصلت: 33.

(2) آل عمران: 173.

(3) آل عمران: 174.

(4) الزخرف: 57.

(5) البينة: 7. (*)

[655]

الانبياء، فأنزل الله: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم " إلى " سميع عليم " قالوا: فهو خير منك يا محمد؟ قال: (قال - ظ) الله: " قل إني رسول الله إليكم جميعا "(2).

ولكنه خير منكم وذريته خير من ذريتكم، ومن اتبعه خير ممن اتبعكم، فقاموا غضابا وقالوا زيادة: الرجوع إلى الكفر أهون علينا مما يقول في ابن عمه، وذلك قول الله: " إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا "(3).

عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) في هذه الآية قال: نزلت في عبدالله بن أبي سرح(4) الذي بعثه عثمان إلى مصر، قال: وازدادوا كفرا، حتى لم يبق فيه من الايمان شئ(5).

عن أبي بصير قال: سمعته يقول في هذه الآية: من زعم أن الخمر حرام، ثم شربها، ومن زعم أن الزنا حرام، ثم زنا، ومن زعم أن الزكاة حق ولم يؤدها(6).

لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا: إذ يستبعد منهم أن يتولوا عن الكفر ويثبتوا على الايمان، فإن قلوبهم ضربت بالكفر وبصائرهم عميت، لا أنهم لو أخلصوا الايمان لم يقبل منهم ولم يغفر لهم.

وخبر كان في أمثال ذلك محدوف، وتعلق به اللام، مثل لم يكن الله مريدا ليغفر لهم.

___________________________________

(1) آل عمران: 33.

(2) الاعراف: 158.

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 279 ح 289.

(4) عبدالله بن سعد بن أبي سرح، أسلم قبل الفتح وهاجر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان يكتب له ثم ارتد مشركا وسار إلى قريش بمكة فلما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتله أينما وجد حتى لحق استار الكعبة، ففر إلى عثمان بن عفان فغيبه حتى أتى به إلى رسول الله وأسلم ثانيا، وولاه عثمان في زمانه مصر سنة خمس وعشرين وفتح إفريقية فأعطاه عثمان جميع ما أفاء الله على المسلمين من فتح إفريقية بالمغرب، وهو أخو عثمان من الرضاع، وأسوأ أحواله خاتمته حيث شهد صفين مع معاوية على ما قيل (تلخيص من تنقيح المقال: ج 2 ص 184 تحت رقم 6876).

(5) تفسير العياشي: ج 1 ص 280 ح 287.

(6) تفسير العياشي: ج 1 ص 281 ح 288. (*)

[656]

[ بشر المنفقين بأن لهم عذابا أليما(138) الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا(139) وقد نزل عليكم في الكتب أن إذا سمعتم ء‌ايت الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنفقين والكفرين في جهنم جميعا(140) ]

بشر المنفقين بأن لهم عذابا أليما: وضع " بشر " موضع " أنذر " تهكما لهم.

الذين يتخذون الكفرين أوليآء من دون المؤمنين: في محل النصب أو الرفع على الذم، يعنى اريد الذين، أوهم الذين. أيبتغون عندهم العزة: أيتعززون بموالاتهم.

فإن العزة لله جميعا: لا يتعزز إلا من أعزه، وقد كتب العزة لاوليائه، قال " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين "(1) لا يؤبه بعز غيرهم بالاضافة إليهم.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: نزلت في بني امية حيث خالفوهم على أن لا يردوا الامر في بني هاشم(2).

وقد نزل عليكم في الكتب: يعني القرآن. وقرأ غير عاصم " نزل " على البناء للمفعول، والقائم مقام فاعله.

أن إذا سمعتم ء‌ايت الله: وهي المخففة، والمعنى أنه إذا سمعتم.

يكفر بها ويستهزأ بها: حالان من الآيات، جئ بهما لتقييد النهي (عن

___________________________________

(1) المنافقين: 8.

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 156 س 14 في تفسيره لآية 139 من سورة النساء. (*)

[657]

المجالسة)(1) في قوله: فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره: الذي هو جزاء الشرط بما إذا كان من (يجالسه)(2) هازئا معاندا غير (مرجو)(3)، ويؤيده الغاية.

والضمير في " معهم " للكفرة المدلول عليهم بقوله: " يكفر بها ويستهزأ بها ".

وفي تفسير علي بن إبراهيم: آيات الله هم الائمة (عليهم السلام)(4).

وفي تفسير العياشي: عن محمد بن الفضل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في تفسيرها: إذا سمعت الرجل يجحد الحق ويكذب به ويقع في اهله فقم من عنده ولا تقاعده(5).

وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن (القاسم بن بريد)(6) قال: حدثنا أبوعمرو الزبيري، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال في حديث طويل: إن الله (تبارك وتعالى) فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها.

وفرض على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله، وأن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله (عزوجل) عنه، والاصغاء إلى ما أسخط الله (عزوجل) فقال في ذلك: " وقد نزل " إلى قوله " حتى يخوضوا في حديث غيره " ثم استثنى الله (عزوجل) موضع النسيان فقال: " واما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين "(7)(8).

عدة من أصحابنا: عن أحمد بن محمد، عن شعيب العقر قوفي قال: سألت أبا

___________________________________

(1 و 2) في النسخة - أ: (من المجانسة) و (يجانسه).

(3) في النسخة - أ -: (موجود).

(4) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 156 س 17 في تفسيره لآية 140 من سورة النساء.

(5) تفسير العياشي: ج 1 ص 281 ح 290.

(6) في النسخة أ: (القاسم بن يزيد)، وهو اشتباه والصحيح ما اثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال.

(7) الانعام: 68.

(8) الكافي: ج 2 ص 33 كتاب الايمان والكفر، باب في أن الايمان مبثوث لجوارح البدن كلها، قطعة من ح 1. (*)

[658]

عبدالله (عليه السلام) عن قول الله (عزوجل): " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها " إلى آخر الآية(1) فقال: إنما عن بهذه الرجل يجحد الحق ويكذب به، ويقع في الائمة، فقم من عنده ولا تقاعده كائنا من كان(2).

إنكم إذا مثلهم: في الكفر إن رضيتم به، وإلا ففي الاثم لقدرتكم على الانكار والاعراض.

وفي من لا يحضره الفقيه: قال أميرالمؤمنين (عليه السلام) في وصية لا بنه محمد ابن الحنفية: ففرض على السمع أن لا تصغي به إلى المعاصي فقال (عزوجل): " وقد نزل عليكم في الكتاب ان إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم "(3).

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

إن الله جامع المنفقين والكفرين في جهنم جميعا: فإذا كان لقاعد معهم مثلهم، والله جامعهم في جهنم، فيجمع القاعد معهم فيها.

وقيل: إن هذا يؤيد أن يكون المراد بالقاعدين قوما من المنافقين، فعلى هذا يكون معناه: إن الله يجمع المنافقين، أي القاعدين والكافرين، أي المقعود معهم في جهنم جميعا، وعلى هذا يلزم أن يكون قوله: " إذا " مستدركا، لان المنافقين مثل الكافرين، قعدوا معهم أم لم يقعدوا، و " إذا " ملغاة، لوقوعها بين الاسم والخبر، ولذلك لم يذكر بعدها الفعل: وإفراد " مثلهم " لانه كالمصدر، أو بالاستغناء بالاضافة إلى الجمع.

وقرئ بالفتح على البناء لاضافته إلى مبني، كقوله: " مثل ما أنكم

___________________________________

(1) وفي الآية إيماء إلى من يجالسهم ولا ينهاهم هو من المنافقين كائنا من كان، أي سواء كان من أقا ربك أم من الاجانب، وسواء كان ظاهرا من أهل ملتك أم لا وسواء كان ظاهرا من أهل العلم أم لا، وسواء كان من الحكام أو غيرهم إذا لم تخف ضررا (مرآة العقول: ج 11 ص 90).

(2) الكافي: ج 2 ص 377 كتاب الايمان والكفر، باب مجالسة أهل المعاصي، ح 8.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 382 باب 227 الفروض على الجوارح قطعة من ح 1. (*)

[659]

[ الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكفرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكفرين على المؤمنين سبيلا(141) إن المنفقين يخدعون الله وهو خدعهم وإذا قاموا إلى الصلوة قاموا كسالى يرآء‌ون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا(142) ]

تنطقون "(1).

الذين يتربصون بكم: ينتظرون وقوع أمر بكم، وهو بدل من " الذين يتخذون " أو صفة للمنافقين والكافرين، أو ذم مرفوع، أو منصوب، أو متبدأ خبره: فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم: مظاهرين لكم، فاسهموا لنا فيما غنمتم.

وإن كان للكفرين نصيب: من الحرب، فإنها سجال(2).

قالوا ألم نستحوذ عليكم: أي ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم فأبقينا عليكم.

ولاستحواذ، الاستيلاء، وكان القياس استحاذ يستحيذ استحاذة، فجاء‌ت على الاصل.

___________________________________

(1) الذاريات: 23.

(2) وفي الحديث: عليكم بالتحامي فإن الحرب سجال، أي مرة علينا، ومثله في خبر أبي سفيان وهر قل، والحرب بيننا سجال (مجمع البحرين: ج 5 س 393 لغة سجل). (*)

[660]

ونمنعكم من المؤمنين: بأن خذلناهم عنكم، بتخييل ما ضعفت به قلوبهم وتوانينا في مظاهرتهم، فاشركونا فيما أصبتم.

سمى ظفر المسلمين فتحا وظفر الكافرين نصيبا، لخسة نصيبهم، فإنه مقصور على أمر دنيوي سريع الزوال.

فالله يحكم بينكم يوم القيمة: يفصل بينكم بالحق.

ولن يجعل الله للكفرين على المؤمنين سبيلا: بالحجة وإن جاز أن يغلبوهم بالقوة.

وفي عيون الاخبار: حدثنا تميم بن عبدالله بن تميم القرشي (رضي الله عنه) قال: حدثني أحمد بن علي الانصاري، عن أبي الصلت الهروي قال: قلت للرضا (عليه السلام): يابن رسول الله إن في سواد الكوفة قوم يزعمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقع عليه السهو في صلاته؟ فقال: كذبوا لعنهم الله، إن الذي لا يسهو هو الله لا إله إلا هو، قال: قلت: يابن رسول الله وفيهم قوم يزعمون أن الحسين بن علي (عليهما السلام) لم يقتل، وأنه ألقى سهمه على حنظلة بن أسعد الشامي، وأنه رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم (عليه السلام)، ويحتجون بهذه الآية: " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " فقال: كذبوا عليهم غضب الله ولعنته، وكفروا بتكذيبهم لنبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أخباره بأن الحسين (عليه السلام) سيقتل، والله لقد قتل الحسين وقتل من كان خيرا من الحسين، أميرالمؤمنين والحسن بن علي (عليهم السلام)، وما منا إلا مقتول، وإني والله لمقتول بالسم باغتيال من يغتالني، أعرف ذلك بعهد معهود إلي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبره به جبرئيل عن رب العالمين (عزوجل)، فأما قوله (عزوجل) " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " فإنه يقول: لن يجعل الله لهم على أنبيائه (عليهم السلام) سبيلا من طريق الحجة(1).

___________________________________

(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 2 ص 203 ب 46 ماجاء عن الرضا (عليه السلام) في وجه دلائل الائمة والرد على الغلاة والمفوضة لعنهم الله ح 5. (*)

[661]

إن المنفقين يخدعون الله وهو خدعهم: سبق في سورة البقرة.

وإذا قاموا إلى الصلوة قاموا كسالى: متثاقلين على نحو المكره على الفعل.

وقرئ " كسالى " بالفتح، وهما جمع كسلان.

في الكافي: سهل، عن ابن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قال أبي لبعض ولده: إياك والكسل والضجر، فإنهما يمنعانك من حظك من الدنيا والآخرة(1).

على بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: من كسل عن طهوره وصلاته فليس فيه خير لامر آخرته، ومن كسل عما يصلح به أمر معيشته فليس فيه خير الامر دنياه(2).

علي بن محمد رفعه قال: قال أميرالمؤمنين علي (صلوات الله عليه): إن الاشياء لما ازدوجت، ازدوج الكسل والضجر، فنتجا بينهما الفقر(3). يرآء‌ون الناس: ليخالوهم مؤمنين.

والمراء‌اة، المفاعلة، بمعنى التفعيل، كنعم وناعم، أو للمقابلة، فإن المرائي يرى من يرائيه عمله وهو يريه استحسانه.

ولا يذكرون الله إلا قليلا: إذ المرائي لا يفعل إلا بحضرة من يرائيه، وهو أقل أحواله، أو لان ذكره باللسان قليل بالاضافة إلى الذكر بالقلب، ولا يذكرونه بالقلب، وإنما يذكرونه باللسان فقط للمراء‌اة، أو لان ذكرهم الله بالقلب قليل بالقياس إلى ما يخطر ببالهم من مراء‌اة من يراؤونه.

وقيل: المراد بالذكر الصلاة.

وقيل: الذكر فيها، فإنهم لا يذركون فيها غير التكبير(4).

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 85 كتاب المعيشة، باب كراهية الكسل ح 2.

(2) الكافي: ج 5 ص 85 كتاب المعيشة، باب كراهية الكسل ح 3.

(3) الكافي: ج 5 ص 86 كتاب المعيشة، باب كراهية الكسل ح 8.

(4) من قوله (والمراء‌اة) إلى هنا مقتبس من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 251، لا حظ تفسيره لآية 142 من سورة النساء. (*)

[662]

وفي كتاب الخصال: عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال لقمان لابنه: يا بني لكل شئ علامة يعرف بها ويشهد عليها، إلى قوله: وللمنافق ثلاث علامات، يخالف لسانه قلبه، وفعله قوله، وعلانيته سريرته، وللكسلان ثلاث علامات: يتوانى حتى يفرط، ويفرط حتى يضيع، ويضيع حتى يأثم، واللمرائي ثلاث علامات، يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان الناس عنده، ويتعرض في كل أمر للمحمدة(1).

وعن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أربع خصال يفسدون القلب وينبتن النفاق في القلب كما ينبت الماء الشجر: استماع اللهو والبذاء، وإتيان باب السلطان الصيد(2).

وفي كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، حديث طويل يقول فيه: ولا تقم إلى الصلاة متكا سلا ولا متنا عسا ولا متثاقلا، فإنها من خلال النفاق، وقد نهى من خلال النفاق، وقد نهى الله (عزوجل) المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى - يعني من النوم - وقال للمنافقين: " وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا "(3).

وفي كتاب معاني الاخبار: حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن عبدالله بن سنان قال: كنا جلوسا عند أبي عبدالله (عليه السلام) إذ قال له رجل من الجلساء: جعلت فداك يابن رسول الله أخاف على أن أكون منافقا؟ فقال له: إذا خلوت في بيتك ليلا أو نهارا أليس تصلي؟ فقال: بلى، فقال: فلمن تصلي؟ فقال: لله (عزوجل)، فقال: فكيف تكون منافقا وأنت تصلي لله (عزوجل) لا لغيره(4).

___________________________________

(1) الخصال: ص 121، باب الثلاثة العلامات الثلاث، قطعة من ح 113 بتقديم وتأخير بعض الجملات.

(2) الخصال: ص 227، باب الاربعة أربع خصال يفسدن القلب وينبتن النفاق ح 63.

(3) علل الشرائع: ج 2 ص 358 ب 74 علة الاقبال على الصلاة وعلة النهي عن التكفير وعلة النهي عن القيام إلى الصلاة على غير سكون ووقار، قطعة من ح 1.

(4) معاني الاخبار: ص 142 باب معنى المنافق، ح 1. (*)

[663]

[ مذبذ بين بين ذلك لآ إلى هؤلآء ولآ إلى هؤلآء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا(143) ]

وفي اصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن محمد بن أحمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن عمرو، عن أبي المغرا الخصاف رفعه قال: قال أميرالمؤمنين (عليه السلام): من ذكر الله (عزوجل) في السر فقد ذكر الله كثيرا، إن المنافقين كانوا يذكرون الله علانية ولا يذكرونه في السر، فقال الله (عزوجل): " يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا "(1).

الحسين بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبدالله بن عبدالرحمان الاصم، عن الهيثم بن واقد، عن محمد بن مسلم، عن ابن مسكان، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: إن المنافق ينهى ولا ينتهي ويأمر بما لا يأتي، وإذا قام إلى الصلاة اعترض، قلت: يابن رسول الله وما الاعتراض؟ قال: الالتفات، وإذا ركع ربض، يمسي وهمه العشاء وهو مفطر، ويصبح وهمه النوم ولم يسهر، إن حدثك كذبك، وإن ائتمنته خانك، وإن غبت اغتابك وإن وعدك أخلفك(2).

أبوعلي الاشعري، عن الحسين بن علي الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): مثل المنافق مثل جذع أراد صاحبه أن ينتفع به في بعض بنيانه فلم يستقم له في الموضع الذي أراد، فحوله في موضع آخر فلم يستقم، فكان آخر ذلك أن أحرقه بالنار(3).

مذبذ بين بين ذلك: حال من واو " يراؤون " كقوله: " ولا يذكرون " أي

___________________________________

(1) الكافي: ج 2 ص 501 كتاب الدعاء، باب ذكر الله (عزوجل) في السر، ح 2.

(2) الكافي: ج 2 ص 396 كتاب الايمان والكفر باب صفة النفاق والمنافق ح 3.

(3) الكافي: ج 2 ص 396 كتاب الايمان والكفر، باب صفة النفاق والمنافق ح 5. (*)

[664]

[ يأيها الذين ء‌امنوا لاتتخذوا الكفرين أو لياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطنا مبينا(144) إن المنفقين في الدرك الاسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا(145) ]

يراؤونهم غير ذاكرين مذبذبين، أو واو " يذكرون "، أو منصوب على الذم والمعنى، مرددين بين الايمان والكفر، من الذبذبة، وهو جعل الشئ مضطربا، وأصله الذب بمعنى الطرد. وقرئ بكسر الذال بمعنى يذبذبون قلوبهم، أو دينهم.

أو يتذبذبون، كقولهم صلصل بمعنى تصلصل.

وقرئ بالدال الغير المعجمة، بمعنى أخذوا تارة في دبة وتارة في دبة اخرى، وهي الطريقة(1).

لآ إلى هؤلآء ولآ إلى هؤلآء: لا يصيرون إلى المؤمنين بالكلية، ولا إلى الكافرين كذلك يظهرون الايمان كما يظهره المؤمنون، والكن لايضمرونه كما يضمرون، ويضمرون الكفر كما يضمره الكافرون ولكن لا يظهرونه كما يظهرون.

ومن يضلل الله فلن تجدله سبيلا: إلى الحق والصواب، ونظيره قوله تعالى: " ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور "(2).

يأيها الذين ء‌امنوا لا تتخذوا الكفرين أولياء من دون المؤمنين: فإنه صنيع المنافقين وديدنهم، فلا تتشبهوا بهم.

___________________________________

(1) نقل القراء‌ات المذكورة البيضاوي في تفسيره: ج 1 ص 251 لا حظ تفسيره لآية 143 من سورة النساء.

(2) النور: 40. (*)

[665]

أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطنا مبينا: حجة بينة، فإن موالاة الكافرين دليل على النفاق، أو سلطانا يسلط عليكم عقابه.

إن المنفقين في الدرك الاسفل من النار: وهي الطبقة التي في قعر جهنم، لانهم أخبث الكفرة، إذ ضموا إلى الكفر استهزاء بالاسلام وخداع للمسلمين. وللنار دركات وللجنة درجات.

وإنما سميت طبقاتها دركات، لانها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض.

وقرأ الكوفيون بسكون الراء، وهو لغة، كالسطر والسطر، والتحريك أوجه لانه يجمع على إدراك.

وفي كتاب الاحتجاج: عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حديث طويل، وفيه يقول (عليه السلام): معاشر الناس، سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون، معاضر الناس، إن الله وأنا بريئان منهم، معاشر الناس، إنهم وأنصارهم وأشياعهم وأتباعهم في الدرك الاسفل من النار، ولبئس مثوى المتكبرين(1).

ولن تجد لهم نصيرا: يخرجهم منه.

وفي روضة الكافي: بإسناده إلى أبي عبدالله، حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): واعلم أن المنكرين هم المكذبون وأن المكذبين هم المنافقون وأن الله قال للمنافقين - وقوله الحق - " ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار ولن تجدلهم نصيرا "(2).

___________________________________

(1) الاحتجاج: ج 1 ص 26 احتجاج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير على الخلق كلهم وفي غيره من الايام بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومن بعده من ولده من الائمة المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) س 7.

(2) الكافي: ج 8 ص 333 س 15 قطعة من رسالة أبي عبدالله (عليه السلام) إلى جماعة الشيعة ط النجف. (*)

[666]


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1703
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16