• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : دروس منهجية في علوم القرآن ( الجزء الثاني) ، تأليف : السيد رياض الحكيم .
                    • الموضوع : الدرس الخامس والثلاثون .

الدرس الخامس والثلاثون

"الدرس الخامس والثلاثون"

 

"التفسير والمفسّرون"

1 ـ التفسير

التفسير في اللغة: الإيضاح والإبانة.

قال الفيروزآبادي: الفسر الابانة وكشف المغطى كالتفسير(46).

وقال ابن منظور: "الفسر كشف المغطى، والتفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل"(47).

وأمّا علم تفسير القرآن فقد عرّفه أبو حيان بأنه: "علم يبحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها واحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك"(48).

وقد اهتمّ الباحثون في علوم القرآن، وكذلك المفسّرون في التفريق بين التفسير والتأويل. ويفترض الرجوع الى اللغة أولاً لمعرفة المعنى اللغوي للتأويل والمعنى الاصطلاحي لهم فيه، ثم بحث الفرق بينهما...

فالتأويل في اللغة مأخوذ من الأوْل وهو الرجوع، قال في القاموس: آل إليه أوْلاً ومآلاً رجع... ثم قال: وأوّل الكلام تأويلاً وتأوّله تدبّره وقدّره وفسّره(49).

فجعلُ التأويلِ بمعنى التفسير كأنه باعتبار أن المؤوِّل ـ اي المفسِّر ـ يُرجع اللفظ الى معناه.

امّا في الاصطلاح فقد قيل ان ما هو المقصود عند السلف غير ما هو المقصود عند المتأخرين، قال محمد حسين الذهبي: التأويل عند السلف له معنيان:

احدهما: تفسير الكلام وبيان معناه، سواء وافق ظاهره أم خالفه فيكون التأويل والتفسير ـ على هذا ـ مترادفين، وهذا ما عناه مجاهد من قوله: ان العلماء يعلمون تأويله، يعني القرآن، وما يعنيه ابن جرير الطبري بقوله في تفسيره: القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا، وبقوله: اختلف أهل التأويل في هذه الآية" ونحو ذلك، فإن مراده التفسير.

ثانيهما: هو نفس المراد بالكلام فإن كان الكلام طلباً كان تأويله نفس الفعل المطلوب، وإن كان خبراً كان تأويله نفس الشيء المخبر به.. فإذا قيل طلعت الشمس فتأويل هذا هو نفس طلوعها.

المعنى الثالث: التأويل عند المتأخرين من المتفقهة والمتكلمة والمحدّثة والمتصوفة... هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح ـ أي الظاهر ـ الى المعنى المرجوح لدليل يقترن به(50).

والصحيح ان التأويل لا يشترط فيه وجود الدليل او القرينة على المعنى المرجوح دائماً، ولذلك يطلق التأويل على التفسير بالباطن مع أنّه خال عن الدليل غالباً، اذن التأويل بهذا المعنى يطلق على حمل اللفظ على غير المعنى الظاهر فيه ولو من دون دلالة على ذلك، نعم ربما تكون هناك ادلة او قرائن خفية يعرفها العارف بالتأويل، يكون هذا هو المعنى الثالث للتأويل.

المعنى الرابع: حكمة ومغزى بعض الأفعال مما يخفى على الناس عامة، كما في قضية الخضر(عليه السلام) مع النبي موسى(عليه السلام) (ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبراً) (51).

وأمّا التفسير فقد شاع استعماله في كلمات العلماء والمفسرين في معنيين..

1 ـ مطلق حمل اللفظ على المعنى، سواء كان ظاهراً فيه أم لم يكن، وسواء كانت هناك قرينة عليه أم لا. وبهذا المعنى يسمون حمل اللفظ على المعنى الباطن تفسيراً. فيقولون عنه: انه تفسير بالباطن.

2 ـ خصوص حمل اللفظ على المعنى الظاهر منه، ـ الذي قد يخفى على البعض ـ وان كان سبب هذا الظهور التأمل والتمعّن في نفس الكلام أو القرينة المحيطة بالكلام. فيكون التفسير ـ بهذا المعنى ـ في مقابل (التأويل) الذي هو حمل اللفظ على غير المعنى الظاهر، وهو اخصّ من التفسير بالمعنى الأول.

 

ــــــــــــــــ

(46) القاموس المحيط: 2 / 110.

(47) لسان العرب: 6: 361.

(48) مباحث في علوم القرآن: 324، تأليف مناع القطان.

(49) القاموس: 3 / 331.

(50) التفسير والمفسّرون: 1 / 17 ـ 18.

(51) سورة الكهف: 82.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=413
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28