• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : سلامة القرآن من التحريف ، تأليف : مركز الرسالة .
                    • الموضوع : أهل السنة ينفون التحريف .

أهل السنة ينفون التحريف

أهل السنة ينفون التحريف

إنّ المعروف من مذهب أهل السنة هو تنزيه القرآن الكريم عن الخطأ والنقصان، وصيانته عن التحريف، وبذلك صرّحوا في تفاسيرهم وفي كتب علوم القرآن، إلاّ أنّه رويت في صحاحهم أحاديث يدلّ ظاهرها على التحريف، تمسّك بها الحشوية منهم، فذهبوا إلى وقوع التحريف في القران تغييراً أو نقصاناً، كما أشار إلى ذلك الطبرسي في مقدمة تفسيره (مجمع البيان) (1)، وقد تقدّم قوله في تصريحات أعلام الاِمامية.

ولا شكّ أنّ ما كان ضعيفاً من هذه الاَحاديث فهو خارج عن دائرة البحث، وأمّا التي صحّت عندهم سنداً، فهي أخبار آحاد، ولا يثبت القرآن بخبر الواحد، على أنّ بعضها محمولٌ على التفسير، أو الدعاء، أو السُنّة، أو الحديث القدسي، أو اختلاف القراءة، وأمّا مالا يمكن تأويله على بعض الوجوه، فقد حمله بعضهم على نسخ التلاوة، أي قالوا بنسخه لفظاً وبقائه حكماً، وهذا الحمل باطلٌ، وهو تكريسٌ للقول بالتحريف، وقد نفاه أغلب محققيهم وعلمائهم على ما سيأتي بيانه في محلّه إن شاء الله تعالى، وذهبوا إلى تكذيب وبطلان هذه الاَحاديث لاستلزامها للباطل، إذ إنّ القول بها يفضي إلى القدح في تواتر القرآن العظيم.

يقول عبد الرحمن الجزيري: «أمّا الاَخبار التي فيها أنّ بعض القران المتواتر ليس منه، أو أنّ بعضاً منه قد حُذِف، فالواجب على كلِّ مسلم

____________

(1) مجمع البيان 1: 83.


الصفحة 54
تكذيبها بتاتاً، والدعاء على راويها بسوء المصير» (1).

ويقول ابن الخطيب: «على أنّ هذه الاَحاديث وأمثالها، سواء صحّ سندها أو لم يصحّ، فهي على ضعفها وظهور بطلانها، قلّة لا يعتدّ بها، مادام إلى جانبها إجماع الاَُمّة، وتظاهر الاَحاديث الصحيحة التي تدمغها وتظهر أغراض الدين والمشرّع بأجلى مظاهرها» (2).

وجماعة منهم قالوا بوضع هذه الاَحاديث واختلاقها من قبل أعداء الاِسلام والمتربصّين به، يقول الحكيم الترمذي: «ما أرى مثل هذه الروايات إلاّ من كيد الزنادقة».

ويقول الدكتور مصطفى زيد: «وأمّا الآثار التي يحتجّون بها.. فمعظمها مروي عن عمر وعائشة، ونحن نستبعد صدور مثل هذه الآثار بالرغم من ورودها في الكتب الصحاح، وفي بعض هذه الروايات جاءت العبارات التي لا تتّفق ومكانة عمر وعائشة، ممّا يجعلنا نطمئنّ إلى اختلاقها ودسّها على المسلمين» (3).

إذن، فهم موافقون للشيعة الاِمامية في القول بنفي التحريف، فيكون ذلك ممّا اتّفقت عليه كلمة المسلمين جميعاً، يقول الدكتور محمّد التيجاني: «إنّ علماء السنة وعلماء الشيعة من المحقّقين، قد أبطلوا مثل هذه الروايات واعتبروها شاذّة، وأثبتوا بالاَدلّة المقنعة بأنّ القرآن الذي بأيدينا هو نفس القرآن الذي أُنزل على نبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وليس فيه زيادةٌ ولا نقصان ولا تبديل ولا تغيير» (4).

____________

(1) الفقه على المذاهب الاَربعة 4: 260.

(2) الفرقان: 163.

(3) النسخ في القرآن 1: 283.

(4) لاَكون مع الصادقين: 168 ـ 176.


الصفحة 55


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=552
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 30