• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء العشرون) ، تأليف : سماحة آية الله العظمى الشيخ مكارم الشيرازي .
                    • الموضوع : سورة الماعون من أول السورة ـ آخر السورة من ( ص 481 ـ 490 ) .

سورة الماعون من أول السورة ـ آخر السورة من ( ص 481 ـ 490 )

[481]

سُورَة الماعُون

مَكيَّة

وَعَدَدُ آيَآتِهَا سَبع آيات

[483]

«سورة الماعون»

محتوى السّورة

هذه السّورة ـ على رأي أكثر المفسّرين ـ مكّية، ولحنها الذي يتحدث عن القيامة وأعمال منكري القيامة بمقاطع قصيرة وقارعة يويد ذلك.

السّورة بشكل عام تذكر صفات وأعمال منكري القيامة في خمس مراحل. فهؤلاء نتيجة لتكذيبهم بذلك اليوم، لا ينفقون في سبيل اللّه وعلى طريق مساعدة اليتامى والمساكين. ثمّ هم يتساهلون في الصلاة، ويعرضون عن مساعدة المحتاجين.

وفي سبب نزول السّورة قيل إنّها نزلت في «أبي سفيان» الذي كان ينحر في اليوم اثنين من الإبل ويطعم أصحابه، ولكن يتيماً جاءه يوماً يطلب منه شيئاً فضربه بعصاه وطرده.

وقيل: إنّها نزلت في «الوليد بن المغيرة»، وقيل: في «العاص بن وائل».

فضيلة السّورة:

ورد في فضيلة هذه السّورة عن الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام) قال:

«من قرأ (أرأيت الذي يكذب بالدين) في فرائضه ونوافله قبل اللّه صلاته وصيامه، ولم يحاسبه بما كان منه في الحياة الدنيا»(1).

* * *

_______________________________________

1 ـ مجمع البيان، ج10، ص546.

[484]

الآيات

أَرَءَيْتَ الَّذِى يُكَذِّبُ بالدِّينِ(1) فَذَلِكَ الَّذِى يَدُعُ الْيَتِيمَ2 وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ(3) فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ(4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ(5) الَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ(6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ(7)

التّفسير

إنكار المعاد وآثاره المشؤومة:

هذه السّورة المباركة تبدأ بسؤال موجّه للنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) عن الآثار المشؤومة لإنكار المعاد وتقول:

(أرأيت الذي يكذب بالدين).

وتجيب عن السؤال:

(فذلك الذي يدع اليتيم، ولا يحضّ على طعام المسكين)

«الدين» هنا «الجزاء» أو يوم الجزاء، وإنكار يوم الجزاء له عواقبه الوخيمة وانعكاسات على أعمال الإنسان. وفي هذه السّورة ذكرت خمسة آثار لهذا

[485]

الإنكار منها: «طرد اليتيم، وعدم الحثّ على إطعام المسكين». أي إنّ الشخص المنكر للمعاد لا يطعم المساكين، ولا يدعو الآخرين إلى إطعامهم.

واحتمل بعض أن يكون المقصود من الدين هنا القرآن أو الإسلام.

والمعنى الأوّل أنسب. ونظيره ورد في قوله تعالى: (كلاّ بل تكذبون بالدين)(1) وقوله سبحانه: (فما يكذّبك بعد بالدين)(2). وفي هذه الآيات ورد «الدين» بمعنى يوم الجزاء أيضاً بقرينة الآيات الأُخرى.

«يدع» أي يدفع دفعاً شديداً، ويطرد بخشونة.

و«يحضّ» أي يحرضّ ويرغب الآخرين على شيء، والحضّ مثل الحثّ، إلاّ أن الحث ـ كما يقول الراغب ـ يكون بسوق وسير، والحضّ لا يكون بذلك.

وصيغة المضارع في الفعلين (يدع) و(يحضّ) تدل على استمرارهم على مثل هذا العمل في حق الأيتام والمساكين.

ويلاحظ هنا بشأن الأيتام، أنّ العواطف الإنسانية تجاه هؤلاء أكثر أهمية من إطعامهم وإشباعهم. لأنّ آلام اليتيم تأتي من فقدانه مصدر العاطفة والغذاء الروحي والتغذية الجسمية تأتي في المرحلة التالية.

ومرّة اُخرى نرى القرآن يتحدث عن إطعام المساكين، وهو من أهم أعمال البرّ، وفي الآية إشارة إلى أنّك إذا لم تستطع إطعام المساكين، فشجّع الآخرين على ذلك.

الفاء في «فذلك» لها معنى السببية، وتعني أنّ التكذيب بالمعاد هو الذي يسبب هذه الإنحرافات. والحقّ أنّ المؤمن بالمعاد وبتلك المحكمة الإلهية الكبرى وبالحساب والجزاء يوم القيامة، إيماناً راسخاً تظهر عليه الآثار الإيجابية لهذا الإيمان في كلّ أعماله. ولكن فاقد الإيمان والمكذب بيوم الدين تظهر آثار

_______________________________________

1 ـ الإنفطار، الآية 9.

2 ـ التين، الآية 7.

[486]

التكذيب عليه متمثلة في الجرأة على ارتكاب الذنوب والجرائم بشكل محسوس.

ويتواصل وصف هؤلاء المكذبين بالدين فتقول الآيات التالية: (فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون).

لا يقيمون للصلاة وزناً، ولا يهتمون بأوقاتها، ولا يراعون أركانها وشروطها وآدابها.

«ساهون» من السهو، وهو في الأصل الخطأ الذي يصدر من الإنسان عن غفلة، سواء كان مقصراً في المقدمات أم لم يكن. في الحالة الاُولى لا يكون الساهي معذوراً، وفي الحالة الثّانية معذور. والمقصود في الآية السهو المقرون بالتقصير.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=942
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18