( معنى قوله تعالى (والله يعصمك من الناس) )

السؤال : من المؤكد ان العصمه الموعودة من الله تعالى لنبيه الكريم في آية ((يا أيها الرسول بلغ ما افنزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس)) لا تشير إلى خوف من النبي على نفسه وإنما خوف من التكذيب وعدم نفاذ هذا الأمر, فكيف استطاع عمر بن الخطاب أن يمنعه بقوله (إنه ليهجر) 
 


الجواب :

ان الروايات الواردة في تفسير هذه الآية عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام)، وكذلك أقوال المفسرين من الامامية وغيرهم تشير الى أن العصمة التي وعد الله نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الآية تدور بين أمرين؛ إما العصمة من القتل، أو العصمة من التكذيب حين تبليغ ما أمر الله عزوجل بتبليغه، وكلاهما قد وفى الله سبحانه بهما لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم).
   ففي (أمالي الصدوق ص435) في حديث طويل عن ابن عباس: ... (فانزل الله تبارك وتعالى عليه ((يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس))، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): تهديد بعد وعيد، لأمضين أمر الله عزوجل، فان يتهموني ويكذبوني، فهو أهون عليَّ من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة).
   وفي (شرح أصول الكافي للمولى محمد صالح المازندراني 6 / 119): قوله ((بلّغ ما انزل اليك)) من ولاية علي (عليه السلام)، ((وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)) ، لأن الولاية أصل الدين وسائر الشرائع فروع وتوابع لها وعدم تبليغ الأصل موجب لعدم تبليغ الفرع قطعاً، (والله يعصمك من الناس) قد وفى الله تعالى بما وعده حيث أنهم عن آخرهم قبلوا منه ذلك وصدقوه يومئذ وحيوه بأحسن تحيه وباركوه.
   وفي (بحار الانوار 37 / 250) عن الطبرسي (رحمه الله) قال: روى العياشي في تفسيره بإسناده عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس وجابر بن عبد الله قال: (أمر الله تعالى أن ينصب علياً للناس فيخبرهم بولايته، فتخوف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقولوا: حابى ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه الآية...).
   وفي المصدر ذاته: وقد اشتهرت الروايات عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) ان الله أوحى الى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يستخلف علياً (عليه السلام) فكان يخاف ان يشق ذلك على جماعة من أصحابه، فانزل الله سبحانه هذه الآية تشجيعاً له على القيام بما أمره بأدائه.
   وقد وردت بعض الأقوال في تفسير هذه الآية بالعصمة من القتل (أنظر بحار الانوار ج89 ص160، 164، وكذلك كتاب الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي ج3 ص1045).
   ومن خلال ذلك نعلم انَّ العصمة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تحققت بشقّيها ـ سواء الخشية من القتل أو الخشية من التكذيب ـ حيث سلم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من المنافقين والحاقدين من أن يعتدوا عليه لتنصيب علي (عليه السلام)، وهو في هذا الموقف يشابه موقف موسى (عليه السلام) حيث توقف عن التبليغ خشية القتل كما حكى الله تعالى عنه: ((قَالَ رَبّ إنّي قَتَلت منهم نَفسًا فأَخَاف أَن يَقتلون )) (القصص: 22) وقد قتل عليّاً من قريش نفوساً كثيرة، وأيضاً تحقق له أمر تصديقهم له وتسليمهم لعلي (عليه السلام) بامرة المؤمنين والولاية في وقتها في أحاديث مشهورة متضافرة نقلت وقائع تلك الحادثة، وهذا لا ينافي حصول المعارضة بعد ذلك، لان الذي يفهم من الآية وحسب ظاهرها ان العصمة كانت في آن التبليغ بولاية علي (عليه السلام)، وقد تحقق ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم).. والله العالم بحقائق الامور.

الرابط : http://www.aqaed.com/faq/questions.php?sid=234


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=332