ما هو المقصود من «العرش» في الآية «استوى على العرش»؟

السؤال :

ما هو المقصود من «العرش» في الآية «استوى على العرش»؟



الجواب :

العرش» في اللغة هو ما له سقف، وقد يطلق العرش على نفس السقف، مثل قوله تعالى: (أو كالذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها)(1).

وربّما يأتي بمعنى الأسرة الكبيرة المرتفعة، مثل اُسرة الملوك والسلاطين، كما جاء في قصة سليمان: (أيّكم يأتيني بعرشها)(2).

وهكذا يطلق لفظ العرش على الأسقف التي يقيمها المزارعون لحفظ بعض الأشجار، وبخاصّة المتسلقة منها، كما نقرأ في القرآن الكريم (وهو الذي أنشأ جنّات معروشات وغير معروشات)(3).

ولكن عندما ينسب الى الله سبحانه وتعالى ويقال: عرش الله، يراد منه مجموعة عالم الوجود، الذي يعدّ في الحقيقة سرير حكومة الله تعالى.

وأساساً فإنّ عبارة (استوى على العرش) كناية عن سيطرة حاكم من الحكام على اُمور بلده، كما أنّ المراد من جملة «ثلّ عرشه» هو خروج زمام الأمر من يده وفقدان السيطرة عليه، وقد استعملت هذه الكناية في اللغة بكثرة إذ يقال: إنّ جماعة من الناس ثارت في البلد الفلاني، وأنزلت حاكمه من سريره وعرشه، في حين من الممكن أن لا يكون لذلك الزعيم والحاكم تخت أصلا.

أو يقال: إنّ جماعة من الناس أيدوا فلاناً، وأجلسوه على العرش، فكل هذه كناية عن امتلاك السلطة أو فقدانها.

وعلى هذا تكون عبارة (استوى على العرش) كناية عن الإحاطة الكاملة لله تعالى وسيطرته على تدبير أمور الكون ـ سماءاً وأرضاً ـ بعد خلقها.

ومن هنا يتّضح أنّ الذين أخذوا هذه الجملة دليلا على «جسمانيّة الله» كأنّهم لم يلتفتوا إلى موارد استعمال هذه الجملة العديدة في هذا المعنى الكنائي.

وهناك معنى آخر للعرش، وهو أنّه قد ورد أحياناً في قبال «الكرسي» وفي مثل هذه الموارد يمكن أن يكون الكرسي (الذي يطلق عادة على المقعد القصير القوائم) كناية عن العالم المادي، والعرش كناية عن عالم ما فوق المادة (أي عالم الأرواح والملائكة).(4)

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 . البقرة، 259.

2. النمل، 38.

3. الأنعام، 141.

4.الأمثل، ج 4، ص 393.

 

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=410