ما هي سبل النجاح في الإختبارات الإلهية؟

السؤال :

ما هي سبل النجاح في الإختبارات الإلهية؟



الجواب :

يمكن  الحصول على جواب هذا السؤال من خلال التمعن في آيات القرآن الكريم. هنا يتعرض الإنسان لاستفهام آخر، وهو أنه إذا كان القرار أن يتعرض جميع أفراد البشر للامتحان الإلهي، فما هو السبيل لاحراز النجاح والتوفيق في هذا الامتحان؟ القرآن يعرض هذه السبل في القسم الأخير من آية بحثنا وفي آيات اُخرى:

1ـ أهمّ عامل للانتصار أشارت إليه الآية بعبارة: (وبشِّر الصّابرين)، فالآية تبشّر بالنجاح اُولئك الصابرين المقاومين، ومؤكدة أن الصبر رمز الإنتصار.

2ـ الإلتفات إلى أنّ نكبات الحياة ومشاكلها مهما كانت شديدة وقاسية فهي مؤقّتة وعابرة وهذا الإدراك يجعل كل المشاكل والصعاب عرضاً عابراً وسحابة صيف، وهذا المعنى تضمنته عبارة: (إنّا لله وإنّا إليه راجعون).

«كلمة الاسترجاع» هذه خلاصة كل دروس التوحيد، والإنقطاع إلى الله، والاعتماد على ذاته المقدسة في كل شيء وفي كل زمان. وأولياء الله ينطلقون من هذا التعليم القرآني، فيسترجعون لدى المصائب كي لا تهزمهم الشدائد، وكي يجتازوا مرحلة الاختبار بسلام في ظل الإيمان بمالكية الله والرجوع إليه.

قال أمير المؤمنين علي(عليه السلام) في تفسير الإسترجاع: «إنَّ قَوْلَنَا: إنّا للهِ إقْرَارٌ عَلى أَنْفُسِنَا بِالْمُلْكِ، وَقَوْلَنَا: إنَا إلَيْهِ رَاجِعُونَ إقْرَارٌ عَلى أَنْفُسِنَا بِالْهُلْكِ».(1)

3ـ الإستمداد من قوّة الإيمان والألطاف الإلهيّة عامل مهم آخر في اجتياز الاختبار دون اضطراب وقلق وفقدان للتوازن، فالسائرون على طريق الله يتقدّمون بخطوات ثابتة وقلوب مطمئنة لوضوح النهج والهدف لديهم. وترافقهم الهداية الإلهيّة في اختيار الطريق الصحيح، يقول سبحانه: (والَّذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سبلنا)(2).

4ـ التدقيق في تأريخ الأسلاف، وإمعان النظر في مواقفهم من الاختبارات الإلهيّة، عامل مؤثر في إعداد الإنسان لاجتياز الامتحان الإلهي بنجاح.

لو عرف الإنسان بأن ما اُصيب به ليس حالة شاذّة، وإنما هو قانون عام شامل لكل الأفراد والجماعات، لهان الخطب عليه، ولتفهم الحالة بوعي، ولاجتاز المرحلة بمقاومة وثبات، ولذلك يثبّت الله سبحانه قلب نبيّه والمؤمنين باستعراض تأريخ الماضين، وما واجهه الأنبياء، والفئات المؤمنة من محن ومصائب خلال مراحل دعوتهم، يقول سبحانه: (ولقد استهزىء برسل من قبلك).(3)

ويقول تعالى: ( ولقد كذِّبت رسلٌ من قبلك فصبروا على ما كذِّبوا واوذوا حتّى أتاهم نصرنا)(4).

5ـ الإلتفات إلى حقيقة علم الله سبحانه بكل مجريات الاُمور، عامل آخر في التثبيت وزيادة المقاومة.

المتسابقون في ساحة اللعب يشعرون بالإرتياح حينما يعلمون أنّهم في معرض أنظار أصدقائهم من المتفرجين، ويندفعون بقوّة أكثر في تحمل الصعاب.

إذا كان تأثير وجود الأصدقاء كذلك، فما بالك بتأثير استشعار رؤية الله لما يجري على الانسان وهو على ساحة الجهاد والمحنة؟! ما أعظم القوّة التي يمنحها هذا الإستشعار لمواصلة طريق الجهاد وتحمل مشاقّ المحنة!

حين واجه نوح(عليه السلام) أعظم المصائب والضغوط من قومه وهو يصنع الفلك، جاءه نداء التثبيت الإلهي ليقول له: (واصنع الفلك بأعيننا)(5).

وعبارة «بِأَعْيُنِنَا» كان لها ـ دون شك ـ وقع عظيم في نفس هذا النبي الكريم، فاستقام وواصل عمله حتى المرحلة النهائية دون الالتفات إلى تقريع الاعداء واستهزائهم.

وَرَدَ عن سيّد الشهداء الحسين بن علي(عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ بعد أن تفاقم الخطب أمامه في كربلاء، واستشهد أصحابه وأهل بيته: «هَوَّنَ عَلَيَّ مَا نَزَلَ بِي أَنَّهُ بِعَيْنِ اللهِ»(6).(7)

 

ــــــــــــــــــــــــــــــ

1. نهج البلاغة، الكلمات القصار، الكلمة 99.

2. العنكبوت، 69.

3. الأنعام، 10.

4. الانعام، 34.

5. هود، 37.

6. بحار الأنوار، ج 45، ص 46.

7.الأمثل، ج 1،ص 367.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=440