هل يوجد في كتب أهل السنة أحاديث تدل على تحريف القرآن؟

السؤال : هل يوجد في كتب أهل السنة أحاديث تدل على تحريف القرآن؟

الجواب :

 

"عن عبد الله بن عباس ، أن عمر يعنى ابن الخطاب رضي الله عنه خطب فقال : إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم ، فقرأناها ووعيناها ، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا من بعده ، وإني خشيت إن طال بالناس الزمان أن يقول قائل : ما نجد آية الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى ، فالرجم حق على من زنى من الرجال والنساء إذا كان محصنا إذا قامت البينة أو كان حمل أو اعتراف ، وأيم الله لولا أن يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله عز وجل ، لكتبتها"(1)

هذا الحديث مع التفاوت ببعض الألفاظ نقل في مسند أحمد بن حنبل وصحيح مسلم والبخاري وسنن الترمذي والموطأ وسنن ابن ماجة وفي سنن الدارمي كذلك نقل.

في شرح النووي على صحيح مسلم يقول: المراد من آية الرجم هذه الآية:

"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبته"(2)

متى ما زنا الرجل المسن والمرأة المسنة إذن أرجموهم قطعاً.

ثم يتطرق إلى توجيه هذا المطلب، انّ هذه الآية نسخت ولكن حكمها باقي. ذيل الآية في سورة البينة ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ في تفسير الدر المنثور أخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححاه عن أبي بن كعب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله أمرني ان أقرأ عليك القرآن لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب فقرأ فيها ولو أن ابن آدم سال واديا من مال فاعطيه لسأل ثانيا ولو سأل ثانيا فاعطيه لسأل ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب وان ذات الدين عند الله الحنيفية غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل ذلك فلن يكفره".(3)

في هذا الحديث الذي عن أبي بن كعب وكبار من علماء أهل السنة مثل أحمد بن حنبل نقلوه وصرح الحاكم في المستدرك بالحديث الأول انّ هذا الحديث صحيحاً، انّه أضيفت آيات على سورة البينة وإذا كان هذا الكلام صحيحاً لابد من القول انّ هذه الآيات حذفت من سورة البينة.

إحدى سور القرآن الكريم سورة الأحزاب التي تحتوي على 73 آية ولكن الروايات الموجودة في كتب أهل السنة مضمونها هو انّ هذه السورة كانت آياتها أكثر من هذا المقدار؛ عن جماعة عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت "كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن"(4).

السيوطي في الدرّ المنثور كذلك ينقل في خصوص هذا المورد:

"ينقل أحمد بن حنبل عن زر بن حبيش قال قال لي أبي بن كعب كأي تعد سورة الأحزاب قلت اثنتين وسبعين آية أو ثلاثة وسبعين آية قال إن كانت لتعدل سورة البقرة وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم".(5)

كذلك بخصوص سورة التوبة توجد أحاديث تدل على نقصان هذه السورة في كتب أهل السنة من جملتها:

ألف: ينقل السيوطي من طرق عديدة عن حذيفة بن اليماني: "ولا تقرؤن منها - سورة التوبة - مما كنا نقرأ إلا ربعها".(6)

ب: ينقل عن حذيفة: "قال ما تقرؤن ثلثها يعني سورة التوبة".(7)

ج: في مكان آخر ينقل عن مالك بن أنس "انّ سورة البرائة أولها لما سقط سقط معه البسملة فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها".(8)

- ابن ماجة في سنته ينقل عن عائشة:

"عن عائشة قالت لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها".(9)

وفي صحيح مسلم وسنن الدارمي ينقل عن عائشة:

"كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآن عَشْر رَضَعَات مَعْلُومَات يُحَرِّمْنَ ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَات ، فَتُوُفِّيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأ مِنْ الْقُرْآن"(10).

الآن سؤالنا من الأخوة أهل السنة هو: ماذا يقولون في قبال كل هذه المدارك المحكمة؟ لماذا يتهمون الشيعة الإمامية فقط بأنهم قائلين بتحريف القرآن مع انّ هذه الكتب والمدارك والجوامع الحديثية التابعة لهم والممتلئة من الروايات التي تدل على تحريف القرآن علماً انّ بعضاً منهم يصرح انّ كل ما موجود في كتبنا وكل ما نقلناه صحيح وقطعي الصدور؟!(11)

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. سنن أبي داود، كتاب الحدود، ج 4، ص 144 – 145، باب في الرّجم، سنن الترمذي، ج 4، ص 38، ح 1432، كتاب الحدود باب ما جاء في تحقيق الرجم، صحيح مسلم بشرح النووي، ج 11، ص 191، كتاب الحدود، باب حدّ الزنا، الموطأ، ج 2، ص 824، كتاب الحدود باب ما جاء في الرجم، السنن، ج 2، ص 179، كتاب الحدود، باب في حد المحصنين بالزنا، أتى به البخاري من الصحيح، ج 8، ص 208، كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت وسنن ابن ماجة، ج 2، ص 835، ح 2553، كتاب الحدود باب الرجم.

2.صحيح مسلم بشرح النووي، ج 11، ص 191، كتاب الحدود، باب حدّ الزنا.

3. مسند أحمد بن حنبل، ج 1، ص 131، الدر المنثور، ج 6، ص 378، تفسير سورة البينة، المستدرك، ج 2، ص 531، كتاب التفسير، تفسير سورة البينة.

4. مسند أحمد بن حنبل، ج 5، ص 180، تفسير سورة الأحزاب، الإتقان، ج 3، ص 82، النوع السابع والأربعون في الناسخ والمنسوخ.

5. نفسه، ج 5، ص 179، تفسير سورة الأحزاب.

6. الدر المنثور، ج 3، ص 208، تفسير سورة التوبة، مستدرك الحاكم، ج 2، ص 331، كتاب التفسير، تفسير سورة التوبة.

7. نفسه.

8. الإتقان، ج 1، ص 65، النوع التاسع عشر في عدد السور وآياته وكلماته وحروفه.

9. سنن ابن ماجة، ج 1، ص 625، ح 1944، كتاب النكاح، باب رضاع الكبير.

10. شرح مسلم بشرح النووي، ج 29، 10 كتاب الرضاع وسنن الدارمي، ج 2، ص 157، كتاب الرضاع.

11. طاهري خرم آبادي، عدم تحريف القرآن، ص 75، 64.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=470