مِن أين جاءتنا شبهة تحريف القرآن الكريم ؟

السؤال : مِن أين جاءتنا شبهة تحريف القرآن الكريم ؟

الجواب : أجمع المسلمون على أنّ القرآن الكريم الذي بين أيدينا هو كتاب الله الذي لم يأتهِ الباطلُ مِن يديه ولا مِن خلفه، تنزيلٌ مِن حكيمٍ حميد، وقد حَفِظه الله جلّ وعلا في حفظه الخاصّ، فقال عزّ مِن قائل: إنّا نحنُ نَزّلْنا الذِّكْرَ وإنّا له لَحافِظُون ( سورة الحِجْر:9 ).
وقد وصَفَ القرآنَ الكريم ربيبُه أميرُ المؤمنين عليٌّ عليه السّلام فقال: « ثمّ أنزلَ عليهِ الكتابَ نوراً لا تُطفأُ مَصابيحُه، وسِراجاً لا يَخبو تَوقُّده، وبَحْراً لا يُدرَكُ قَعرُه، ومِنْهاجاً لا يُضِلّ نهجُه، وشُعاعاً لا يُظْلِم ضَوْؤُه، وفُرقاناً لا يُخمَدُ برهانُه، وتِبياناً لا تُهدَمُ أركانُه، وشِفاءً لا تُخشى أسقامُه، وعِزّاً لا تُهزَمُ أنصارُه، وحقّاً لا تُخذَلُ أعوانُه، فهوَ مَعدِنُ الإيمانِ وبُحبوحتُه، وينابيعُ العِلْم وبُحورُه، ورياضُ العدلِ وغُدْرانُه، وأَثافِيُّ الإسلامِ وبُنْيانُه،... جعَلَه اللهُ رِيّاً لعَطَشِ العلماء، وربيعاً لقلوبِ الفقهاء، ومَحاجَّ لِطُرقِ الصُّلحاء، ودواءً ليس بَعدَه داء، ونوراً ليس بَعدَه ظُلْمة، وحَبْلاً وثيقاً عُروتُه، ومَعْقِلاً مَنيعاً ذِرْوتُه، وعِزّاً لمَن تَولاّه، وسِلْماً لمَن دخَلَه، وهُدىً لمَنِ آئْتَمّ به، وعُذْراً لمَنِ آنْتَحَله، وبُرهاناً لمَن تكلّم به، وشاهداً لمَن خاصَمَ به... وعِلْماً لمَن وعى، وحديثاً لمَن روى، وحُكْماً لمَن قضى »( الخطبة 198 من نهج البلاغة ).
بعد هذه الخصائص العظيمة لكتاب الله تبارك وتعالى، أيَصحّ أن يُحرَّف حتى لا يُميَّزَ فيه حقٌّ من باطل، وخيرٌ من شرّ، وعدلٌ من ظلم، وهُدىً من ضلال ؟! وأمير المؤمنين عليه السّلام يصف القرآن الكريم بقوله: « وآعلموا أنّ القرآنَ هو الناصحُ الذي لا يَغُشّ، والهادي الذي لا يُضِلّ، والمحدِّثُ الذي لا يَكذِب... فاستَشْفُوه مِن أدوائِكم، وآستَعينوا به على لأْوائِكم؛ فإنّ فيه شفاءً مِن أكبر الداء: وهو ( أي الداء ): الكفرُ والنفاق، والغَيُّ والضَّلال »( الخطبة 176 من نهج البلاغة ).
فكتابٌ هذا شأنُه وتلك منزلته وذاك دَورُه في حياة الأمّة، أيُسمح للأيدي المحرّفة أن تشوّهَه ؟! كلاّ، وإنّما أُلقيت شبهةُ التحريف من أعداء القرآن، بل ومِن مُحرّفيه، الذين أرادوا أمرينِ خبيثين بإلقائهم هذه الشبهة الضالّة المضلّة:
الأُولى: أن يفقد المسلمون ثقتَهُم المطلقة بكتاب الله العزيز، فينصرفوا عنه بدعوى أنّه محرّف.
والثانية: أن يتراشق المسلمون فيما بينهم.. كلُّ فِرْقةٍ تتّهم الأخرى أنّها تذهب إلى تحريف القرآن الكريم، فيشبّ النزاع بينهم، والله تبارك وتعالى يقول: « ولا تَنازَعُوا فتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُم وآصبِرُوا، إنّ اللهَ مَعَ الصابرين »( سورة الأنفال:46).
والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمّدٍ وآله الطيّبين.

  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=556