سؤال يتعلق بمكان السماوات نتيجة لحديث المعراج

السؤال : هل السماوات طبقات مادية؟ لدي سؤال يتعلق بمكان السماوات نتيجة لحديث المعراج. فرواية الإسراء والمعراج تتحدث عن أن الرسول كان يرتقي من السماء الأولى إلى السماء الثانية، وبعدها إلى الثالثة، وهكذا دواليك، فهل ذلك يعني أن السماوات مرتبتها مادية فهي تقع فوق رؤوس البشر بمسافات طويلة. وهل نستطيع أن نقول بأن السماوات هي ما يغلّف هذا الكون الفسيح فيكون الكون - كما يعبر البعض عنه بأنه - طبقات طبقات، مثل البصلة بقشرها؟ وبالنتيجة نقول بأن نزول الملائكة هو نزول مكاني من الأعلى إلى الأسفل؟

الجواب : إن الله تعالى قد قال: إن هناك سماء دنيا ( أي قريبة، ودانية ) وهناك سماوات عُلى.. ثم دلت الآيات على أن السماوات العلى سبع سماوات.. وذكر تعالى: أن هناك أيضاً عرشاً، وكرسياً، وسدرة المنتهى..ثم دلت الآيات أيضاً على أن ما نراه من كواكب مضيئة، فهو كله في السماء الدنيا، حتى لو كانت بعيدة عنا مئات آلاف أو ملايين السنين الضوئية، حيث تقدر سرعة الضوء بحوالي ثلاث مئة ألف كيلومتر في كل ثانية..فقد قال تعالى: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [سورة فصلت: 12].وقال: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [سورة الصافات: 6]. ثم دلّت الروايات على أن السماء الدنيا بالقياس إلى السماء الثانية، كحلقة ملقاة في فلاة، وأن الثانية بالقياس إلى الثالثة، أيضاً كحلقة ملقاة في فلاة، ثم الثالثة في الرابعة كذلك، وهكذا.. إلى سبع.. والسماوات السبع في الكرسي كذلك، والكرسي بالنسبة للعرش كذلك [راجع: البحار ج 57 ص 5 و 17 وج 77 ص 71 و 73 عن الأمالي للطوسي وج 2 ص 138 وعن معاني الأخبار ص 233 وعن الخصال ج 2 ص 103 و 104 والدر المنثور ج 1 ص 328 والكافي ج 8 ص 154 والتوحيد للصدوق ص 277 ومستدرك سفينة البحار ج 9 ص 97]. كما أنّ الله تعالى قد قال: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا} [سورة الملك: 3]، وقال: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا} [سورة نوح: 15]. وصرح أيضاً بقوله: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [سورة المعارج: 4].وقال تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [سورة الذاريات: 47]. وبعد كل هذا الذي ذكرناه من حقائق مثيرة وعظيمة وهائلة نقول:لا شك في أن الأرض واقعة في محيط السماء الدنيا، في هذه المجرة، ولكن أين هي السماوات السبع، والكرسي، والعرش، وسدرة المنتهى؟!وكيف يكون موقعها بالقياس إلى الأرض؟! هل تكون مثل طبقات البصلة التي يحيط بعضها ببعض؟! أم هي منظومات هائلة من المجرات المختلفة.. يقع بعضها إلى جانب البعض الآخر، على نحو الاستطالة، أو الاجتماع المنتظم في صعيد واحد.. أو التفرق غير المنتظم ؟ !.. إن تحديد ذلك كله لا يدخل في نطاق قدراتي شخصياً، ولا أدري إن كان ثمة من يستطيع أن يعطي تصوراً حاسماً في هذا المجال، سوى الإمام المهدي المعصوم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطيبين الطاهرين.. غير أن من المقطوع به أن السماء الدنيا محيطة بالأرض، وبكل ما يقع في داخلها.. ولكن إحاطتها لا تعني استدارتها في مجموع تكوينها.. كما أن موقعها بالنسبة إلى سائر السماوات لا يمكن تحديده كم أسلفنا.وأما بالنسبة للعروج، صعوداً، فهو أمر إضافي، يلاحظ فيه حالة شخص بعينه، في موقع ما، أو جهة بعينها..وختاماً نقول: إن الحديث عن السماوات وما فيها، ومن فيها، هو مما لا مجال للعقل فيه، بل لا بد من الاعتماد على النقل. والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين.. *المصدر: كتاب (مختصر مفيد) للسيد جعفر مرتضى العاملي: ج8، ص39 -41، بتصرّف يسير.

  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=738