لقد غلقت الأبواب... فمن هو الشاهد الذي أوضح براءة يوسف (عليه السلام) بالإشارة إلى مكان تمزيق قميصه؟

السؤال :

{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ * وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [سورة يوسف، 23-26]
لقد غلقت الأبواب فلا يوجد أحد معهما!!
س: فمن هو الشاهد الذي أوضح براءة يوسف (عليه السلام) بالإشارة إلى مكان تمزيق قميصه؟؟



الجواب :

قد يدلي الشاهد بشهادة يكون فيها فصل القضاء وتكون مستندة إلى حس، وليس بالضرورة أن يكون حاضراً وقت ارتكاب الجريمة، بل إنه ـ حسب ما يستفاد من الآيات الكريمة محل البحث ـ قد كان حاضراً في أجواء الحادثة حينما دار النزاع الكلامي بين يوسف (ع) والملك، وهو ما حدث بعد فتح الباب.
حيث أعطى الشاهد ملاكاً يُعرف به الصادق من الكاذب؛ فقال: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ} وهو أمر متعلّق حسّاً بالحالة التي كانا عليها وقت الخروج، ولم يكن هذا في صالح امرأة العزيز؛ لأنهم قد شاهدوا قميصه قُدّ من دبر، فلم يملكوا إلا تصديق نبي الله يوسف (ع).
يقول صاحب الميزان في تفسيره للآية الشريفة: >... ليس من البعيد أن يكون في التعبير عن قول هذا القائل بمثل «وَشَهِدَ شاهِدٌ» إشارة إلى كون ذلك كلاماً صدر عنه من غير ترو وفكر فيكون شهادة لعدم اعتماده على تفكر وتعقل لا قولاً يعبر به عرفاً عن البيان الذي يبتني على ترو وتفكر، وبهذا يتأيد ما ورد من الرواية أنه كان صبياً في المهد فقد كان ذلك بنوع من الإعجاز أيد الله سبحانه به قول يوسف (ع) <. [الميزان في تفسير القرآن، ج‏11، ص 142 - 143]
فقد جاء من طرق أهل البيت (ع) وبعض طرق أهل السنة أن الشاهد كان صبياً في المهد من أهلها، فعن الإمام السجاد (ع) ـ في حديث ـ أن يوسف (ع) قال للملِك: ما أردت بأهلك سوءاً- بل هي راودتني عن نفسي- فسل هذا الصبي أينا راود صاحبه عن نفسه؟ قال: وكان عندها من أهلها صبي زائر لها- فأنطق الله الصبي لفصل القضاء- فقال: أيها الملك انظر إلى قميص يوسف- فإن كان مقدوداً من قدامه فهو الذي راودها، وإن كان مقدوداً من خلفه فهي التي راودته. فلما سمع الملك كلام الصبي وما اقتصه- أفزعه ذلك فزعاً شديداً فجي‏ء بالقميص- فنظر إليه فلما رآه مقدوداً من خلفه قال لها: إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم. وقال ليوسف: أعرض عن هذا ولا يسمعه منك أحد واكتمه. [تفسير أبي حمزة الثمالي، ص208]


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=868