عدّة أهل الكهف

السؤال :

{سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [سورة الكهف: 22]

 

1- لماذا الله عز وجل لم يصرح في الآية بعددهم وقوله في الآية: {مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ}؟

2- من هم الذين يعلمون عددهم؟

3- لماذا يقول الله عز وجل {وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا}؟

4- لمن يقول لا تستفت؟



الجواب :

ينبغي هنا أوّلاً الاشارة إلى أن القرآن الكريم قد يصرّح ببعض الأمور وعلّتها وفلسفتها، وقد لا يصرّح بذلك، لأجل غاية حكيمة، أو لأن أمر تفصيلها يرجع إلى رسول الله وأوصيائه (صلّى الله عليه وآله) {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]. والقرآن الكريم ليس كتاباً قصصياً بل إنه كتاب هداية وعبرة {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111]، فالقصة القرآنية غايتها الاعتبار لذوي العقول والألباب. وأما ذكر بعض الأمور الجزئية فقد يكون مما لا ثمرة فيه ولا عبرة به، فالمعيار: الفائدة والاعتبار لا مجرد السرد القصصي.

وقد بيّن الله تعالى الغاية الأساس من ذكر قصة أهل الكهف في قوله: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا..} [الكهف: 21]  أي: ليستدلوا بما يؤديهم الى العلم بأن الوعد في قيام الساعة حق كما قبضت أرواح هؤلاء الفتية تلك المدة، ثم بعثوا كأنهم لم يزالوا أحياء على تلك الصفة. [التبيان في تفسير القرآن، ج‏7، ص: 25].

وبالرغم من أنّ القرآن لم يشر إلى عددهم بصراحة، لكن ‏نفهم من العلامات الموجودة في الآية أنّ القول الثّالث هو الصحيح المطابق للواقع، حيث إنّ عبارة {رَجْماً بِالْغَيْبِ} وردت بعد القول الأوّل والثّاني، وهي إشارة إلى بطلان هذين القولين، إلا أنّ القول الثّالث لم يتبع بمثل الاستنكار بل استتبع بقوله تعالى: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ} وأيضاً بقوله: {ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ} وهذا بحدّ ذاته دليل على صحة هذا القول (الثّالث). وفي كل الأحوال فإنّ الآية تنتهي بنصيحة تحث على عدم الجدال حولهم إلا الجدل القائم على أساس المنطق والدليل: {فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً}. [انظر: تفسير الأمثل، ج9، ص: 226-227]

وأما مَن هم الذين يعلمون عددهم؟ قال تعالى: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ} أي: قل لهم يا محمد: ربي أعلم بعدتهم، من الخائضين في ذلك والقائلين في عددهم بغير علم. ثم قال تعالى: ليس يعلم عددهم إلا قليل من الناس، وهم النبي ومن أعلمه الله من نبيه‏. [التبيان في تفسير القرآن، ج‏7، ص: 27]

وأما عن قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} ولمَن يقول: لا تستفت؟ فمعناه: ولا تستخبر في أهل الكهف وفي مقدار عددهم من أهل الكتاب أحداً. والخطاب للنبي (صلّى الله عليه وآله) والمراد غيره، لئلا يرجعوا في ذلك إلى مساءلة اليهود فإنه كان واثقاً بخبر الله تعالى‏. [انظر: مجمع البيان في تفسير القرآن، ج‏6، ص: 711]


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=940