00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (95 - 104) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية: 95 - 104

[ لا يستوى القعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجهدون في سبيل الله بأمولهم وأنفسهم فضل الله المجهدين بأمولهم وأنفسهم على القعدين درجة وكلا وعدالله الحسنى وفضل الله المجهدين على القعدين أجرا عظيما(95) درجت منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما(96) ]

وفي رواية العامة: أن مرداس أضاف إلى الكلمتين: السلام عليكم(1). وهي تؤيد قراء‌ة (السلام) وتفسيره بتحية السلام.

لا يستوى القعدون: عن الحرب.

من المؤمنين: في موضع الحال من " القاعدون " أو من الضمير الذي فيه، ويحتمل الصفة.

غير أولى الضرر: الاصحاء بالرفع صفة للقاعدين، لانه لم يقصد قوم بأعيانهم، أو بدل منه.

وقرأ نافع وابن عامر والكسائي بالنصب على الحال، أو الاستثناء. وقرئ بالجر على أنه صفة للمؤمنين أو بدل منه.

في مجمع البيان: نزلت في كعب بن مالك من بني سملة، ومرارة بن ربيع من بني عمروبن عوف وهلال بن امية من بني واقف، تخلفوا عن رسول الله (صلى الله

___________________________________

(1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور: ج 2 ص 634 في تفسيره لآية 94 من سورة النساء، وفيه (فقال: السلام عليكم، أشهد أن لا إله إلا الله الخ). (*)

[582]

عليه وآله وسلم) يوم تبوك، وعذر الله اولي الضرر، وهو عبدالله بن ام مكتوم، قال: رواه أبوحمزة الثمالي في تفسيره(1).

وفي عوالي اللآلئ: روى زيد بن ثابت أنه لم يكن في آية نفي المساواة بين المجاهدين والقاعدين استثناء " غير اولي الضرر " فجاء ابن ام مكتوم وكان أعمى وهو يبكي، فقال: يا رسول الله كيف لمن لا يستطيع الجهاد؟ فغشيه الوحي ثانيا، ثم سرى عنه فقال: اقرأ " غير اولي الضرر " فألحقتها، والذي نفسي بيده، لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في الكتف(2).

والمجهدون في سبيل الله بأمولهم وأنفسهم: أي لا مساواة بينهم وبين من قعد عن الجهاد من غير علة.

وفائدته تذكير ما بينهما من التفاوت، ليرغب القاعد في الجهاد، رفعا لرتبته، وإنفة عن انحطاط منزلته.

فضل الله المجهدين بأمولهم وأنفسهم على القعدين درجة: جملة موضحة لما نفي الاستواء فيه والقاعدون على التقيد السابق.

و " درجة " نصب بنزع الخافض، أو على المصدر، لانه تضمن معنى التفضيل ووقع موقع المرة منه، أو الحال بمعنى ذوي درجة. وكلا: من القاعدين والمجاهدين.

وعدالله الحسنى: المثوبة الحسنى، وهي الجنة، لحسن عقيدتهم وخلوص نيتهم، وإنما التفاوت في زيادة العمل المقتضي لمزيد الثواب.

في الجوامع: عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد خلفتم في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، وهم الذين صحت نياتهم، ونصحت جيوبهم، وهوت أفئدتهم إلى الجهاد وقد منعهم من المسير ضررا وغيره(3).

وفضل الله المجهدين على القعدين أجرا عظيما: نصب على المصدر، لان فضل

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 3 ص 96 في نقله سبب نزول آية 95 من سورة النساء.

(2) عوالي اللآلئ: ج 2 ص 99 ح 272.

(3) جوامع الجامع: ص 94 في تفسيره لآية 95 من سورة النساء. (*)

[583]

بمعنى أجرا، والمفعول الثاني له، لتضمنه معنى الاعطاء، كأنه قيل: وأعطاهم زياد على القاعدين أجرا عظيما.

درجت منه ومغفرة ورحمة: كل واحدة منهما بدل من " أجر " ويجوز أن ينتصب " درجات " على المصدر، كقولك: ضربته أسواطا، و " أجرا " على الحال عنها، تقدمت عليها، لانها نكرة، و " رحمة ومغفرة " على المصدر بإضمار فعليهما.

في مجمع البيان: وجاء في الحديث أن الله سبحانه فضل المجاهدين على القاعدين سبعين درجة، بين كل درجتين مسيرة سبعين خريفا للفرس الجواد المضمر(1).

كرر تفضيل المجاهدين وبالغ فيه إجمالا وتفصيلا، وتعظيما وترغيبا فيه.

وقيل: الاول ما حق لهم في الدنيا من الغنيمة والظفر وجميل الذكر. والثاني ما جعل لهم في الآخرة.

وقيل: المراد بالدرجة الاولى ارتفاع منزلتهم عندالله تعالى، والدرجات منازلهم في الجنة.

وقيل: القاعدون الاول، هم الاضرار، والقاعدون الثاني، هم الذين أذن لهم في التخلف اكتفاء بغيرهم.

وقيل: المجاهدون الاولون من جاهد الكفار، والآخرون من جاهد نفسه، كما في الحديث: رجعنا من الجهاد الاصغر إلى الجهاد الاكبر(2).

وقيل: يحتمل أن يكون المراد بالاول، قوما، وبالآخر، آخرين، فإن مابين القاعد والمجاهد كما بين السماء والارض. وكان الله غفورا: لما عسى أن يفرط منهم.

رحيما: يرحمهم بإعطاء الثواب.

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 3 ص 97 في تفسيره لآية 95 من سورة النساء.

(2) من قوله: (كرر تفضيل المجاهدين) والاقوال المذكورة إلى هنا، مأخوذ من اليضاوي، لا حظ تفسير (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) ج 1 ص 238 في تفسيره لآية 96 من سورة النساء. (*)

[584]

[ * إن الذين توفهم الملئكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض قالوا ألم تكن أرض الله وسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأوهم جهنم وسآء‌ت مصيرا(97) ] .

إن الذين توفهم الملئكة: يحتمل الماضي والمضارع.

وقرئ " توفتهم وتوفاهم " على مضارع وفيت، بمعنى أن الله يوفي الملائكة أنفسهم فيتوفونها، أي يمكنهم من استيفائها، فيتوفونها.

ظالمى أنفسهم: في حال ظلمهم أنفسهم بترك الهجرة وموافقة الكفرة.

في كتاب الاحتجاج: عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله تعالى: " الله يتوفى الانفس حين موتها "(1) وقوله: " قل يتوفاكم ملك الموت "(2) وقوله (عزوجل): " توفته رسلنا "(3) وقوله: " الذين توفاهم الملائكة " فمرة يجعل الفعل لنفسه، ومرة لملك الموت، ومرة للرسل، ومرة للملائكة؟ ! فقال: إن الله (تبارك وتعالى) أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، وفعل رسله وملائكته، فعله، لانهم بأمره يعملون، فاصطفى من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه، وهم الذين قال الله فيهم: " الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس "(4) فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة، ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة، يصدرون عن أمره وفعلهم فعله وكل ما يؤته منسوب إليه، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت، ففعل ملك الموت فعل الله، لانه يتوفى الانفس على يد من يشاء، ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء، وإن فعل امناؤه فعله، كما قال:

___________________________________

(1) الزمر: 42.

(2) السجدة: 11.

(3) الانعام: 61.

(4) الحج: 75. (*)

[585]

" وما تشاؤون إلا أن يشاء الله "(1)(2).

وفي من لا يحضره الفقيه: عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن ذلك، فقال: إن الله (تبارك وتعالى) جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الارواح بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الانس يبعثهم في حوائجه، فيتوفاهم الملائكة، ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة، مع ما يقبض هو ويتوفاها الله من ملك الموت(3).

وفي كتاب التوحيد: سئل أميرالمؤمنين (عليه السلام) عن ذلك فقال: إن الله (تبارك وتعالى) يدبر الامور كيف شاء، ويوكل من خلقه من يشاء بما يشاء، أما ملك الموت فإن الله يوكله بخاصة من يشاء، ويوكل رسله من الملائكة خاصة بمن يشاء من خلقه، والملائكة الذين سماهم الله (عز ذكره) وكلهم بخاصة من يشاء من خلقه والله (تبارك وتعالى) يدبر الامور كيف يشاء، وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس، لان منهم القوي والضعيف، ولان منه ما يطاق حمله ومنه مالا يطيق حمله إلا من يسهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه، وإنما يكفيك أن تعلم أن الله المحيي والمميت، وأنه يتوفى الانفس على يدي من يشاء من خلقه من ملائكته وغيرهم(4).

قالوا: أي الملائكة توبيخا لهم.

فيم كنتم: في أي شئ كنتم من أمر دينكم.

قالوا كنا مستضعفين في الارض: اعتذار عما وبخوابه، بضعفهم عن إظهار الدين وإعلاء كلمته، لقلة الغدد وكثرة العدو(5).

___________________________________

(1) الانسان: 30.

(2) الاحتجاج: ج 1 ص 244، احتجاجه على زنديق جاء مستدلا بآي من القرآن متشابهة تحتاج إلى التأويل، والاسئلة س 26، والاجوبة في ص 247 س 8.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 82 باب 23 غسل الميت، قطعة من ح 26.

(4) التوحيد: ص 268 باب 26 الرد على الثنوية والزنادقة، س 16.

(5) وفي هامش النسخة: وفسر البيضاوي الاستضعاف بالعجز عن الهجرة، وفيه أنه لا يكون قوله: (ألم تكن أرض الله واسعة) إلى آخره واردا عليهم - منه دام عزه - .

[586]

قالوا: أي الملائكة تكذيبا لهم.

ألم تكن أرض الله وسعة فتهاجروا فيها: إلى قطر آخر كما فعل المهاجرون إلى المدينة والحبشة.

فأولئك مأوهم جهنم: لتركهم الواجب ومساعدتهم الكفار وكفرهم.

وهو خبر (إن) والفاء فيه لتضمن الاسم معنى الشرط، و " قالوا فيم كنتم " حال من الملائكة بإضمار (قد)، أو الخبر (قالوا) والعائد محذوف، أي قالوا لهم، وهو جملة معطوفة على الجملة مستنتجة منها.

وسآء‌ت مصيرا: أي مصيرهم، أو جهنم.

وقيل: الآية نزلت في ناس من مكة أسلموا ولم يهاجروا حين كانت الهجرة واجية(1).

والظاهر أنها في الكفرة.

وفي مجمع البيان: عن الباقر (عليه السلام)، هم قيس بن الفاكهة بن المغيرة والحارث بن زمعة بن الاسود وقيس بن الوليد بن المغيرة وأبوالعاص بن منبه بن الحجاج وعلي بن امية بن خلف(2).

وفي نهج البلاغة قال (عليه السلام): ولا يقع استضعاف على من بلغته الحجة فسمعتها اذنه ووعاها قلبه(3).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: نزلت في من اعتزل أميرالمؤمنين (عليه السلام) ولم يقاتلوا معه، فقال الملائكة لهم عند الموت: " فيم كنتم "؟ قالوا كنا مستضعفين في الارض " أي لم نعلم مع من الحق، فقال الله: " ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا

___________________________________

(1) قاله البيضاوي في تفسيره أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1 ص 239 في تفسيره لآية 97 من سورة النساء.

(2) مجمع البيان: ج 3 ص 98 في نقله سبب نزول آية 97 من سورة النساء نقلا عن أبي جعفر (عليه السلام).

(3) نهج البلاغة: ص 279 ومن كلام له (عليه السلام) في الايمان ووجوب الهجرة صبحي الصالح. (*)

[587]

[ إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدن لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا(98) ]

فيها " أي دين الله وكتابه واسع فتنظروا فيه(1).

والجمع بينه وبين الاول: أنها نزلت في الاول وجرت في الثاني وفي الآية دلالة على وجوب الهجرة من موضع لا يتمكن الرجل فيه من إقامة دينه.

وفي مصباح الشريعة: قال الصادق (عليه السلام) بعد أن أمر بالكلام بما ينفع ولا يضر: فإن لم تجد السبيل إليه، فالانقلاب والسفر من بلد إلى بلد وطرح النفس في براري(2) التلف، بسر صاف وقلب خاشع وبدن صابر، قال الله تعالى: " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها "(3).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن يسار، عن معروف بن خربوذ، عن الحكم بن المستنير، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: قال أميرالمؤمنين (عليه السلام): الارض مسيرة خمسمائة عام، الخراب منها مسيرة أربعمائة، والعمران منها مسيرة مائة عام، والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة(4).

إلا المستضعفين من الرجال والنسآء والولدان: استثناء منقطع لعدم دخولهم

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 149 في تفسيره لآية 97 من سورة النساء.

(2) بوادي خ ل.

(3) مصباح الشريعة: ص 18 الباب الثالث والعشرون س 13.

(4) تفسير علي بن إبراهيم: ج 2 ص 17 س 1 في تفسيره لآية 97 من سورة بني إسرائيل وصدره (قال: وقال أميرالمؤمنين (عليه السلام): الارض مسيرة الخ وصدر الحديث في ص 14 س 22. (*)

[588]

في الموصول بظلموا ولا في ضميره، ولا في الاشارة إليه.

وذكر الولدان، إن اريد به المماليك فظاهر، وإن اريد به الصبيان فللمبالغة في الامر، والاشعار بأنهم على صدد وجوب الهجرة، فإنهم إذا بلغوا وقدروا على الهجرة، فلا محيص لهم عنها، وإن قوامهم يجب عليهم أن يهاجروا بهم متى أمكنت.

لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا: صفة للمستضعفين، إذ لا توقيت فيه، أو حال عنه، أو عن المستكن فيه.

واستطاعة الحيلة، قدرة وجدان أسباب دفع الكفر. واهتداء السبيل، وجدان سبيل الايمان بنفسه أو بدليل.

في كتاب معاني الاخبار: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، وفضالة بن أيوب جميعا، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله (عزوجل): " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان " فقال " هو الذي لا يستطيع الكفر فيكفر، ولا يهتدي سبيل الايمان فيؤمن.

والصبيان ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان، مرفوع عنهم القلم(1).

قوله: " هو الذي لا يستطيع الكفر " يعني ليس له من العقل ما به يطلع على الكفر، فيكفر أو يدفعه عن نفسه.

وبإسناده إلى سالم بن مكرم الجمال، عن أبي عبدالله (عليه السلام) عن قوله (عزوجل): " إلا سالم بن مكرم الجمال، عن أبي عبدالله (عليه السلام) عن قوله (عزوجل): " إلا المستضعفين " إلى قوله " سبيلا " فقال: لا يستطيعون حيلة إلى النصب، فينصبون، ولا يهتدون، سبيلا الحق فيدخلون فيه.

وهؤلاء يدخلون الجنة بأعمال حسنة وباجتناب المحارم التي نهى الله (عزوجل) عنها، ولا ينالون منازل الابرار(2).

حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال: حدثنا الحسين

___________________________________

(1) و(2) معاني الاخبار: ص 201، باب معنى المستضعف ح 4 و 5. (*)

[589]

ابن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن حجر بن زائدة، عن حمران قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله (عزوجل): " إلا المستضعفين " الآية، قال: هم أهل الولاية: قلت: وأي ولاية؟ فقال أما إنها ليست بولاية في الدين، لكنها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة، وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفار، وهم الرجون لامر الله(1).

حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن عبدالكريم بن عمروا الخثعمي، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله (عزوجل): " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان " الآية؟ قال: يا سليمان في هؤلاء المستضعفين من هو أثخن رقبة منك، المستضفعون قوم يصومون ويصلون تعف بطونهم وفروجهم لا يرون أن الحق في غيرنا، آخذين بأغصان الشجرة فاولئك عسى الله أن يعفو عنهم إذا كانوا آخذين بالاغصان، وإن لم يعرفوا اولئك فإن عفى الله عنهم فبرحمته وإن عذبهم فبضلالتهم عما عرفهم(2).

أبي (رحمه الله) قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال في المستضعفين الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا: لا يسطيعون حيلة فيدخلوا في الكفر، ولم يهتدوا فيدخلوا في الايمان، فليس هم من الكفر والايمان في شئ(3).

وفي اصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن اسباط، عن سليم طربال قال: حدثني هشام، عن حمزة بن الطيار قال: قال لي أبو

___________________________________

(1) معاني الاخبار: ص 202، باب معنى المستضعف، ح 8.

(2) معاني الاخبار: ص 202، باب معنى المستضعف، ح 9.

(3) معاني الاخبار: ص 203، باب معنى المستضعف، ح 11. (*)

[590]

عبدالله (عليه السلام): الناس على ستة أصناف، قال: قلت: أتأذن لي أن أكتبها؟ قال: نعم، قلت: ما أكتب؟ قال: اكتب " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان "، لا يستطيعون حيلة إلى الكفر، ولا يهتدون سبيلا إلى الايمان، " فاولئك عسى الله أن يعفو عنهم "(1)(2).

علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن زرارة قال: دخلت أنا وحمران، أو أنا وبكير على أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: إنا نمد (المطمار) قال: وما (المطمار)؟ قلت: التر(3) فمن وافقنا من علوي وغيره تولينا، ومن خالفنا من علوي وغيره برئنا منه، فقال لي: يا زرارة قول الله أصدق من قولك، فأين الذين قال الله (عزوجل) " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا " (أين المرجون لامرالله)(4) والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

___________________________________

(1) الكافي: ج 2 ص 381، كتاب الايمان والكفر، باب أصناف الناس، ح 1.

(2) الظاهر أن غرض المؤلف (قدس سره) إيراد الحديث كان الاستشهاد بالآية الشريفة فقط، ولذا أورده مقطعا، ولما كان فهم الحديث موكولا إلى إيراده بتمامه، فتقول: بعد قوله (عليه السلام): (اكتب) (قال: اكتب أهل الوعيد من أهل الجنة وأهل النار، واكتب " آخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا " (التوبة: 102) قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: وحشي منهم (هو الذي قتل حمزة في الجاهلية ومسيلمة الكذاب في الاسلام) قال: واكتب (وآخرون مرجون لامر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) (التوبة: 106) قال: واكتب " إلا المستضعفين من الرجال " إلى قوله: " عسى الله أن يعفو عنهم " قال: واكتب، أصحاب الاعراف، قال: قلت: وما أصحاب الاعراف؟ قال: قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فإن أدخلهم النار فبذنوبهم وإن أدخلهم الجنة فبرحمته).

ثم اعلم أن للعلامة المجلسي (طيب الله رمسه) وللمولى صالح المازندراني (قدس سره) تحقيقات أنيقة في شرج الحديث ولوجه الحصر في ستة أصناف، فلا حظ إن شئت (شرح اصول الكافي للمازندراني: ج 10 ص 41، ومرآة العقول: ح 11 ص 100).

(3) في النسخة - أ: (المضار) بدل (المطمار) و (النز) بدل (التر) والصحيح ما أثبتناه والتر بالضم والتثقيل خيط البناء، والمطمر مثله (مجمع البحرين: ج 3 ص 233 لغة ترر).

(4) الكافي: ج 2 ص 382 كتاب الايمان والكفر، باب أصناف الناس ح 3. (*)

[591]

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: المستضعفون الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا، قال: لا يستطيعون حيلة إلى الايمان ولا يكفرون، الصبيان وأشباه عقول الصبيان من الرجال والنساء(1).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المستضعف؟ فقال: هو الذي لا يستطيع حيلة يدفع بها عنه الكفر ولا يهتدي بها سبيلا إلى الايمان، لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر، قال: والصبيان ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان(2).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبدالله ابن جندب، عن سفيان بن السمط البجلي قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): ما تقول في المستضعفين؟ فقال لي شبيها بالفزع(3): فتركتم أحدا يكون مستضعفا،

___________________________________

(1) الكافي: ج 2 ص 404 كتاب الايمان والكفر، باب المستعف ح 2.

(2) الكافي: ج 2 ص 404 كتاب الايمان والكفر، ح 3.

(3) (شبيها بالفزع) بكسر الزاي، أي الخائف المضطرب، وكان ذلك غيظا وإنكارا على أهل الاذاعة من الشيعة، فإنهم لتركهم التقية أفشوا هذا الامر حتى عرف الناس كلهم مذهب الشيعة حتى الجواري الباكرات المخدرات مع عدم خروجهن من الحذور، والنساء السقايات اللواتي ليس شأنهن تفحص المذاهب.

السقايات بالياء، جمع سقاء‌ة بالهمزة. وهذه الاذاعة صارت سببا للضرر على الائمة وشيعتهم ولم ينفع لهداية الخلق، وصارت سببا لصيرورة المستضعفين نواصب غير معذورين. و (تركتم) استفهام للانكار وكذا (أين).

ثم اعلم أن المستضعف عند أكثر الاصحاب: من لا يعرف الامام ولا ينكره ولا يوالي أحدا بعينه كما ذكره الشهيد (قدس سره) في الذكرى، وحكي عن المفيد في الغرية: أنه عرفه بأنه الذي يعرف بالولاء ويتوقف عن البراء‌ة، وقال ابن إدريس: هو من لا يعرف اختلاف الناس في المذاهب ولا يبغض أهل الحق على اعتقادهم، وهذا اوفق بأخبار هذا الباب (مرآة العقول: ج 11 ص 209). (*)

[592]

وأين المستضعفون؟ فوالله لقد مشى بأمركم هذا العواتق إلى العواتق في خدورهن، وتحدث به السقايات في طريق المدينة(1).

الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشا، عن مثنى، عن إسماعيل الجعفي قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام)، في حديث طويل: فهل سلم أحد لا يعرف هذا الامر؟ فقال: لا إلا المستضعفين، قلت: من هم؟ قال: نساؤكم وأولادكم، ثم قال: أرأيت ام أيمن؟ فإني أشهد أنها من أهل الجنة، وما كانت تعرف ما أنتم عليه(2)(3).

وبإسناده إلى أيوب بن الحر قال: رجل لابي عبدالله (عليه السلام) ونحن عنده: جعلت فداك إنا نخاف أن ننزل بذنوبنا منازل المستضعفين، قال: فقال: لا والله، لا يفعل الله ذلك بكم أبدا(4).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد بن منصور الخزاعي، عن علي بن سويد، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: سألته عن الضعفاء؟ فكتب إلى، الضعيف من لم يرفع إليه حجة ولم يعرف الاختلاف، فإذا عرف الاختلاف فليس بضعيف(5).

___________________________________

(1) الكافي: ج 2 ص 404 كتاب الايمان والكفر، باب المستضعف، ح 4.

(2) ام أيمن مولاة رسولا الله (صلى الله عليه وآله)، وهي من شهود فدك، وروى الخاصة والعامة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنها من أهل الجنة، قال في المغرب: الايمن خلاف الايسر وهو جانب اليمنى، أو من فيه، وبه سمي ام أيمن حاضنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أي حافظته، وهو أخو اسامة بن زيد لامه، انتهى. (وما كانت تعرف ما أنتم عليه) أي إمامة سائر الائمة سوى أميرالمؤمنين (عليه السلام) وكانت معذورة في ذلك لعدم سماعها ذلك وعدم تمام الحجة عليها، فكذا المستضعف، معذور لذلك، أو صفات الائمة وكمالهم، أو لم تكن تعرف ذلك بالدليل بل بالتقليد، وأما أصل معرفة إمامة أميرالمؤمنين، فعدم معرفتها ذلك بعيد جدا، وكون ام أيمن امرأة اخرى معروفة للمخاطب سوى الخاضنة، فأبعد. (مرآة العقول: ج 11 ص 211).

(3) الكافي: ج 2 ص 405 كتاب الايمان والكفر، باب المستضعف، قطعة من ح 6.

(4) الكافي: ج 2 ص 406 كتاب الايمان والكفر، باب المستضعف، ح 9.

(5) الكافي: ج 2 ص 406 كتاب الايمان والكفر، باب المستضعف، ح 11. (*)

[593]

وفي الكافي: أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عبدالله بن مسكان، عن يحيى الحلبي، عن عبدالحميد الطائي، عن زرارة بن أعين قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): أتزوج بمرجئة أو حرورية(1)؟ قال: لا، عليك بالبله من النساء، قال زرارة: فقلت: والله ماهي إلا مؤمنة أو كافرة، فقال أبوعبدالله (عليه السلام): وأين أهل ثنوي الله(2) (عزوج)؟ قول الله أصدق من قولك " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا "(3).

وفي تفسير العياشي: عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن المستضعفين؟ فقال: البلهاء في خدرها، والخادم تقول لها: صلي، فتصلي، لا تدري إلا ما قلت لها، والجليب الذي لا يدري إلا ما قلت له(4)، والكبير الفاني، والصبي والصغير، هؤلاء المستضعفين(5).

___________________________________

(1) المرجئة بالميم ثم الراء ثم الهمزة بغير تشديد من الارجاء بمعنى التأخير، وقد وقع الخلاف في تفسير اللفظة فقيل: هم فرقة من المسلمين يقولون: الايمان قول بلا عمل، كأنهم قدموا القول وأرجؤوا العمل أي أخروه، لانهم يريدون أنهم لولم يصوموا لنجاهم إيمانهم، وقيل: هم فرقة من المسلمين يعتقدون أنه لا يضر مع الايمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، سموا مرجئة، لاعتقادهم أن الله تعالى أرجأ تعذيبهم عن المعاصي، أي أخره عنه، وقيل: هم الفرقة الجبرية، وقيل: هم الذين يقولون كل الافعال من الله تعالى، وقيل: المرجئ هو الاشعري، وربما يطلق على أهل السنة لتأخيرهم عليا (عليه السلام) عن الثلاثة.

والحرورية، هم الذين تبرؤوا من علي (على السلام) وشهدوا عليه بالكفر لعنهم الله، والحرورية نسبة إلى حروراء موضع بقرب الكوفة كان أول مجمعهم فيه (تلخيص من مقياس الهداية: ص 85 - 86).

(2) قوله (ثنوي الله) استثناء الله (مرآة العقول ط حجري: ج 3 ص 450).

(3) الكافي: ج 5 ص 348 كتاب النكاح، باب مناكحة النصاب والشكاك ح 2.

(4) الجليب الذي يجلب من بلد إلى آخر غيره، وعبد جليب (لسان العرب: ج ص 268 لغة جلب).

(5) تفسير العياشي: ج 1 ص 270 قطعة من ح 251. (*)

[594]

[ فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا(99) * ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الارض مرغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما(100) ] .

فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم: دكر بكلمة الاطماع ولفظ العفو إيذانا بأن ترك الهجرة أمر خطير حتى المضطر من حقه أن لا يأمن ويترصد الفرصة ويعلق بها قلبه.

وكان الله عفوا غفورا: ذا صفح عن ذنوب عباده، ساتر عليهم ذنوبهم.

ومن يهاجر: يفارق أهل الشرك ويهرب بدينه من وطنه إلى أرض الاسلام.

في سبيل الله: في منهاج دينه.

يجد في الارض مرغما كثيرا: متحولا، من الرغام وهو التراب(1).

وقيل: طريقا يراغم قومه بسلوكه، أي يفارقهم على رغم انوفهم، وهو أيضا من الرغام.

وسعة: في الرزق وإظهار الدين، فيرغم بذلك انوف قومه ممن ضيق عليه.

ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت: وقرئ يدركه على

___________________________________

(1) (قوله: متحولا) عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أنه فسر (مراغما) بقوله: (متحولا) يتحول إليه، وقال الجوهري: المراغم، المذهب والمهرب، ثم نقل عن الفراء أنه قال: المراغم، المضروب والمذهب في الارض، والرغام بالفتح التراب.

ولما كانت الانف من جملة الاعضاء في غاية العزة والتراب في غاية الذلة، جعل قولهم: (رغم أنفه) كناية عن الذلة، وسميت المفارقة عن القوم بغضا لهم بالمراغمة، لان من يهاجر قومه، يراغمهم، لانه يجد في البلد الذي هاجر إليه من النعمة والخير ما يكون سببا لرغم أنف أعدائه (من حاشية محيي الدين شيخ زاده على البيضاوي). (*)

[595]

أنه خبر مبتدأ محذوف، أي ثم هو يدركه، وبالنصب على إضمار (أن) كقوله: (وألحق بالحجاز فأستريحا)(1).

فقد وقع أجره على الله: الوقوع والوجوب متقاربان، وفي لفظ الوقوع زيادة مبالغة لاشعاره بأن أجره وقع.

وكان الله غفورا رحيما: في مجمع البيان: عن أبي حمزة الثمالي، لما نزلت آية الهجرة سمعها رجل من المسلمين، وهو جندع، أو جندب بن حمزة، وكان بمكة، فقال: والله ما أنا ممن استثنى الله، إني لاجد قوة، وإني لعالم بالطريق، وكان مريضا شديد المرض، فقال لبنيه: والله لا أبيت بمكة حتى أخرج منها، فإني أخاف أن أموت فيها، فخرجوا يحملونه على سرير حتى إذا بلغ النعيم مات، فنزلت الآية(2).

ومما جاء في معنى الآية من الحديث.

ما رواه الحسن، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الارض، استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم ومحمد (عليهما السلام)(3).

وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمان قال: حدثنا حماد، عن عبدالاعلى قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول العامة(4): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من

___________________________________

(1) وقبله: سأترك منزلي لبني تميم.

هو لمغيرة بن حنين التميمي الحنظلي، قوله: (بني تميم) قبيلة معروفة و (ألحق) بفتح الحاء المهملة والقاف متكلم من اللحوق بمعنى الادراك والاتيان، قوله: (بالحجاز) أي بقبيلة في الحجاز، وهو بالحاء المهملة والجيم والزاء المعجمة ككتاب مكة والمدينة، و (أستريح) متكلم من الاستراحة (جامع الشواهد: ج 2 ص 39 باب السين بعده الالف).

(2) مجمع البيان: ج 3 ص 100 في بيان نزول آية 100 من سورة النساء.

(3) مجمع البيان: ج 3 ص 100 في نقله المعنى لآية 100 من سورة النساء، وقد مر نقل الحديث أيضا.

(4) قوله: (سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول العامة) أي عن قول عامة الامة بمعنى جميعهم، أو عن قول أكثر الامة المخالفين للفرقة الناجية القائلين بخلافة الثلاثة، والحديث حجة عليهم في نفي الامام من عترة الرسول في كل عصر، لنقلهم هذا الحديث في كتبهم وقبولهم له وما ذهب إلى قدمائهم، من أن المراد بالامام فيه، صاحب الشوكة والاقتدار من ملوك الامة كائنا من كان، عالما أو جاهلا عدلا أو فاسقا، في غاية السخافة، فأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأمر امته بمتابعة الجاهل الفاسق، لان متابعته يوجب الخروج عن الدين لمخالفة الحق، ولهذا ذهب بعض متأخريهم إلى أن المراد بالامام فيه، الكتاب، وهو في غاية الضعف، إذ لا يمكن الاقتداء بالقرآن إلا بالاقتداء بإمام يفسره، وهذا الامام ليس بقرآن بالضرورة، ولا جاهل فاسق، بالاتفاق، فتعين ما ذهب إليه الفرقة الناجية من أنه ناطق من الله، وهو المطلوب.

قوله: (فقال الحق والله) خبر مبتدأ محذوف، أي هو الحق.

قوله: (لم يسعه ذلك) من باب الاستفهام، وذلك اشارة إلى عدم العلم المفهوم من سياق الكلام.

قوله: (أن الامام إذا هلك) تعليل لما سبق، توضيح ذلك: أن الناس عند موت الامام على صنفين، صنف حاضرون في بلد موته، عالمون بمن هو وصى له، بوصية ظاهرة أو باطنة، فوجب عليهم الاذعان له والاعتقاد به من غير مهلة، وصنف ناؤون عنه قد بلغهم خبر موت الامام دون خبر وصيه، وهذا الصنف يجب عليهم الايمان اجمالا بأن له وصيا يقوم مقامه، ثم يجب عليهم النفر، ليعرفوه باسمه وشخصه، وقوله: (وحق النفر) جملة فعلية، أي وجب النفر والزم، قوله: (قبل أن يصل فيعلم) أي قبل أن يصل إلى بلد موت الامام، وقبل أن يعلم وصي باسمه وشخصه، والجواب يدل على أنه مؤمن عندالله تعالى، وأنه مثاب لاجل الحركة (شرح اصول الكافي للمولى صالح المازندراني: ج 6 ص 338).

[596]

مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية؟ قال: الحق والله قلت، فإن إماما هلك ورجل بخراسان لا يعلم من وصيه، لم يسعه ذلك، قال: لا يسعه أن الامام إذا هلك، وقعت حجة وصيه على من هو معه في البلد، وحق النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم، أن الله (عزوجل) يقول: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون "(1) قلت: فنفر قوم فهلك بعضهم قبل أن يصل فيعلم؟ قال إن الله (عزوجل) يقول: " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله "(2). والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

___________________________________

(1) التوبة: 122.

(2) الكافي: ج 1، ص 378، كتاب الحجة، باب ما يجب على الناس عند مضى الامام (عليه السلام)، قطعة من ح 2. (*)

[597]

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن النضر ابن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، عن محمد بن مسلم قال: قلت لابي عبدالله: أصلحك الله، بلغنا شكواك(1) و أشفقنا، فلو أعلمتنا أو علمتنا من؟ فقال: إن عليا (عليه السلام) كان عالما، والعلم يتوارث، فلا يهلك عالم إلا بقي من بعده من يعلم مثل علمه، أو ماشاء الله، قلت أفيسع الناس إذا مات العالم ألا يعرفوا الذي بعده؟ فقال: أما أهل هذه البلدة فلا (يعني المدينة) وأما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم، إن الله يقول: " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " قال: قلت: أرأيت من مات في ذلك؟ هو بمنزلة من خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله(2).

وفي تفسير العياشي: بإسناده عن محمد بن أبي عمير قال: وجه زرارة بن أعين ابنه عبيدا إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن موسى بن جعفر وعبدالله، فمات قبل

___________________________________

(1) قوله (بلغنا شكواك) في النهاية: الشكوى المرض، وفي الصحاح: الشكوى اسم من شكوت فلانا اشكوه شكوا، إذا أخبرت عنه سوء فصله، وقد يطلق الشكوى على المكروه والبلية، والمراد بالاشفاق، الخوف من موته (عليه السلام)، أو من الضلالة بعده والترديد في قوله (أو علمتنا) من الراوي، والمراد بقوله (عليه السلام): (أن عليا كان عالما) هو أن الامام يعرف بعلمه جميع الاشياء ولا يشتبه على غيره، فانه بإضاء‌ة علمه كالنور الساطع، وقد ذكرنا أن القادر على معرفته بسبب علمه هو العالم دون غيره، وقوله: (أو ماشاء الله) يحتمل الترديد من الراوي، وحتم مالم يكن محتوما قبل، فانه قد يحصل لكل إمام علم بالحتم الذي لم يكن قبله، والله أعلم.

قوله: (أرأيت من مات في ذلك) أي أخبرني من مات في حال نفره ووقت طلبه قبل الوصول إلى المطلوب كيف حالة؟ أهو مؤمن أم لا؟ ومحصل الجواب: أنه مؤمن ومثاب لاجل النفر.

وفيه دلالة على أن الايمان بالامام على سبيل الاجمال عند تعذر معرفة اسمه وشخصيه كاف، وهو كذلك، لاستحالة التكليف بالمحال (شرح الاصول للمولى صالح المازندراني: ج 6 ص 342).

(2) الكافي: ج 1 ص 379 كتاب الحجة، باب ما يجب على الناس عند مضي الامام (عليه السلام): قطعة من ح 3. وتمام الحديث: (قال: قلت: فإذا قدموا بأي شئ يعرفون صاحبهم؟ قال: يعطى السكينة والوقار والهيبة). (*)

[598]

[ وإذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلوة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكفرين كانوا لكم عدوا مبينا(101) ] أن يرجع إليه عبيد ابنه، قال محمد بن أبي عمير: حدثني محمد بن حكيم قال: ذكرت لابي الحسن (عليه السلام) زرارة وتوجيهه عبيدا إلى المدينة، فقال: إني لارجو أن يكون زرارة ممن قال الله " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله "(1) الآية.

عن أبي الصباح الكناني قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): ما تقول في رجل دعي إلى هذا الامر فعرفه وهو في أرض منقطعة إذ جاء موت الامام، فبينا هو ينتظر إذ جاء‌ه الموت؟ فقال: هو والله بمنزلة من هاجر إلى الله ورسوله فمات قد وقع أجره على الله(2).

وفي الكافي: علي بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان المديني، عن أبي حجر الاسلمي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أتى مكة حاجا ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة(3)، ومن أتاني زائرا وجبت له شفاعتي، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة، ومن مات في أحد الحرمين مكة والمدينة لم يعرض ولم يحاسب، ومن مات مهاجرا إلى الله تعالى حشره الله تعالى يوم القيامة مع أصحاب بدر(4).

وإذا ضربتم في الارض: سافرتم.

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 270 ح 253.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 270 ح 252.

(3) وإنما نسب الجفاء إلى نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) تجوزا، لان تارك زيارته هو الجاني نفسه، وموصلها بالتأسف والحرمان عن الشفاعة المعبر عنها بالجفاء (الوافي ط حجري: ج 2 ص 193 باب 171 لقاء النبي والامام وزيارة قبورهم).

(4) الكافي: ج 4 ص 548 كتاب الحج، باب زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) ح 5. (*)

[599]

فليس عليكم جناح أن تقسروا من الصلوة: بتنصيف الرباعيات، و " من الصلاة " صفة محذوف، أي شيئا من الصلاة، عند سيبويه. ومفعول " تقصروا " بزيادة " من " عند الاخفش.

والقصر واجب، ونفي الجناح لانهم ألقوا التمام وكان مظنة لان يخطر ببالهم.

أن عليهم نقصانا في التقصير، فرفع عنهم الجناح لتطيب نفوسهم بالقصر ويطمئنوا إليه.

وفي من لا يحضره الفقيه وتفسير العياشي: روى عن زرارة ومحمد بن مسلم أنهما قالا: قلنا لابي جعفر (عليه السلام): ما تقول في الصلاة في السفر، كيف هي؟ وكم هي؟ فقال: إن الله (عزوجل) يقول: " وإذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر، قالا: قلنا: إنما قال الله تعالى " فليس عليكم جناح " ولم يقل افعلوا، كيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ فقال (عليه السلام) أو ليس قد قال الله (عزوجل): " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما "(1) ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض، لان الله (عزوجل)، ذكره في كتابه وصنعه نبيه (صلى الله عليه وآله)، وكذلك التقصير في السفر، شئ صنعه النبي (صلى الله عليه وآله) وذكره الله تعالى في كتابه، قالا: قلنا: فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا؟ قال: إن كان قد قرئت عليه آية التقصير وفسرت له وصلى أربعا أعاد، وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه.

والصلاة كلها في السفر الفريضة ركعتان كل صلاة إلا المغرب فإنها ثلاث ليس فيها تقصير تركها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في السفر والحضر ثلاث ركعات وزاد في الفقيه، وقد سافر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذي خشب، وهي مسيرة يوم من المدينة، يكون إليها بريدان أربعة وعشرون ميلا، فقصر وأفطر فصارت سنة، وقد سمى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوما صاموا حين أفطر: العصاة، قال: فهم العصاة إلى يوم القيامة، وإنا

___________________________________

(1) البقرة: 158. (*)

[600]

لنعرف أبناء‌هم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا(1)(2)(3).

وفي عيون الاخبار: في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان أنه سمعها من الرضا (عليه السلام)، فإن قال: فلم قصرت الصلاة في السفر؟ قيل: لان الصلاة المفروضة أولا، إنما هي عشر ركعات، والسبع إنما زيدت فيما بعد، فخفف الله عنه تلك الزيادة لموضع سفره وتعبه ونصبه و اشتغاله بأمر نفسه، وظعنه وإقامته، لئلا يشتغل عما لابد له من معيشته، رحمة من الله تعالى، وتعطفا عليه إلا صلاة المغرب، فإنها لم تقصر، لانها صلاة مقصرة في الاصل.

فإن قال: فلم وجب التقصير من في ثمانية فراسخ؟ لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قيل: لان ثمانية فراسخ ميسرة يوم للعامة والقوافل والاثقال فوجب التقصير في مسيرة يوم، فإن قال: فلم وجب التقصير في مسيرة يوم؟ قيل: لانه لو لم يجب في مسيرة يوم، لما وجب في مسيرة سنة، وذلك أن كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم، فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره إذ كان نظيره مثله لا فرق بينهما(4).

وفي الكافي: علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن علي بن الحكم، عن ربيع ابن محمد السلمي، عن عبدالله بن سليمان العامري، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما عرج برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نزل بالصلاة عشر ركعات، ركعتين ركعتين، فلما ولد الحسن (عليه السلام) والحسين (عليه السلام) زاد رسول

___________________________________

(1) لما دل ظاهر الآية على مدهب المخالفين القائلين بالتخيير بين القصر والاتمام في السفر، تكلم الرجلان مع الامام (عليه السلام) من جانبهم في ذلك، ولما لم يكونوا قائلين بالتخيير في الطواف مع أن الآيتين وردتا على وتيرة واحدة عارضهما (عليه السلام) بآية الطواف وجادلهم بالتي هي أحسن، ثم بين أن الآيتين كلتيهما من المتشابهات التي تأويلهما إنما يستفاد من فعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (الوافي ط حجري: ج 2 باب 2 فرض الصلاة ص 11).

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 278 باب 59 الصلاة في السفر، ح 1.

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 271 ح 254.

(4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 2 ص 111 باب 34 العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها أنه سمعها من الرضا علي بن موسى مرة بعد مرة وشيئا بعد شئ. (*)

[601]

الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبع ركعات شكرا لله، فأجاز الله له ذلك، وترك الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبع ركعات شكرا لله، فأجاز الله له ذلك، وترك الفجر ولم يزد فيها شيئا لضيق وقتها، لانه يحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار، فلما أمره الله بالتقصير في السفر وضع عن امته ست ركعات وترك المغرب لم ينقص منها شيئا(1).

وفي كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى أبي محمد العلوي الدينوي، بإسناده رفع الحديث إلى الصادق (عليه السلام) قال: قلت: لم صارت المغرب ثلاث ركعات وأربعا بعدها، ليس فيها تقصير في حضر ولا في سفر؟ فقال: إن الله (عزوجل) أنزل على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) كل صلاة ركعتين في الحضر، فأضاف إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لكل صلاة ركعتين في الحضر، وقصر فيها في السفر إلاالمغرب، فلما صلى المغرب، بلغه مولد فاطمة (عليهما السلام) فأضاف إليها ركعة شكرا لله (عزوجل) فلما أن ولد الحسن (عليه السلام) أضاف إليها ركعتين شكرا لله (عزوجل)، فلما أن ولد الحسين (عليه السلام) أضاف إليها ركعتين شكرا لله (عزوجل)، فقال: " للذكر مثل خط الانثيين " فتركها على حالها في الحضر والسفر(2).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): فرض المسافر ركعتان غير قصر(3).

ومعنى قوله: (غير قصر) أي ثوابه تمام.

وفي كل الاسفار المشروعة القصر واجب إلا في أربعة مواضع، مكة والمدينة ومسجد الكوفة وحرم الحسين (عليه السلام). فإن المسافر فيها مخير بين القصر والاتمام، والاتمام أفضل.

ففي الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن

___________________________________

(1) الكافي: ج 3 ص 487 كتاب الصلاة، باب النوادر قطعة من ح 2.

(2) علل الشرائع: ص 324 باب 15 العلة التي من أجلها لا تقصير في صلاة المغرب ونوافلها في السفر والحضر ح 1.

(3) رواه في مجمع البيان: ج 3 ص 101 في تفسيره لآية 101 من سورة النساء. (*)

[602]

الحسين بن المختار، عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: قلت له: إنا إذا دخلنا مكة والمدينة، نتم أو نقصر؟ قال: إن قصرت فذاك فإن أتممت فهو خير يزداد(1).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عبدالملك القمي، عن إسماعيل بن جابر، عن عبدالحميد خادم إسماعيل بن جعفر، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: تتم الصلاة في أربعة مواطن، المسجد الحرام، ومسجد الرسول (عليه السلام)، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين (عليه السلام)(2).

والاخبار في معناه كثيرة.

وفي بعضها قال أبوإبراهيم (عليه السلام): - وقد ذكر الحرمين -: كان أبي يقول: إن الاتمام فيهما من الامر المذخور(3).

إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكفرين كانوا لكم عدوا مبينا: شريطة باعتبار الغالب في ذلك الوقت، ولذلك لم يعتبر مفهومها، وقد تظاهرت الاخبار على وجوبه أيضا في حال الامن.

ويحتمل أن يكون المراد (والله أعلم) أنه لا جناح عليكم في القصر في صورة الامن في السفر فيقصر أربع ركعات إلى ركعتين، وأما مع الخوف فيقصر الركعتين إلى ركعة واحدة، بمعنى كون إحدى الركعتين مع الجماعة والاخرى بدونها، أو كونهما بإيماء، ونقص الكيفية يعد الركعتان معها بركعة واحدة.

وعلى هذا المعنى يحمل ما رواه في الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه وأحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله (عزوجل): " فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " قال: في الركعيتن تنقص

___________________________________

(1) الكافي: ج 4 ص 524، كتاب الحج باب إتمام الصلاة في الحرمين ح 6.

(2) الكافي: ج 4 ص 587، كتاب الحج باب بلا عنوان ح 5.

(3) الكافي: ج 4 ص 524، كتاب الحج باب إتمام الصلاة في الحرمين ح 7 وصدر الحديث (عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: كان أبي يرى لهذين الحرمين مالا يراه لغير هما، ويقول: الحديث). (*)

[603]

[ وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلوة فلتقم طآئفة منهم معك واليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورآئكم والتأت طآئفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك واليأخذوا حذرهم وأسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكفرين عذابا مهينا(102) ]

منها واحدة(1)(2).

وقرئ " من الصلاة أن يفتنكم " بغير إن خفتم " بمعنى كراهة أن يفتنكم، وهو القتال والتعرض بمايكره(3).

وإذا كنت فيهم فأقمت فهم الصلوة: الخطاب، وإن بعلق بالنبى فالمقصود

___________________________________

(1) قال في المدارك: قال ابن بابويه في كتابه: سمعت شيخنا محمد بن الحسن يقول: رويت أنه سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله (عزوجل): " وإذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " فقال: هدا تقصيرثان، وهو أن يرد الرجل الرجتين إلى الركعة، وروى الشيخ ذلك عن جريز: ونقل عن ابن الجنيد أنه قال بهذا المذهب.

وما وردت من الرواية وأن كانت صحيحة لكنها معارضة بأشهر منها، ويمكن حلمها على التقية، أو على أن كل طائفة إنما تصلى مع الامام ركعة، فكان صلاتها ردت إليها، انتهى وأقول: يمكن أن يكون المراد: ينقص من كل ركعتين ركعة، فتصير الاربع اثنين وكذا في خبر ابن الوليد بأن يكون المراد أن هذدا علة ثانية لتقصير مؤكدة للاولى (مرآة العقول: ج 15 ص 428).

(2) الكافى: ج 3 ص 456 كتاب الصلاة، باب صلاة المطاردة والموافقة والمسايفة ح 4.

(3) نقله البيضاوي: ج 1 ص 240 في تفسيره لآية 101 من سورة النساء (*)

[604]

عمومه، لاجماع الطائفة المحقة وغيرهم على عدم الاختصاص بحضرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

فلتقم طآئفة منهم معك: وتقوم الطائفة الاخرى تجاه العدو.

وليأخذوا أسلحتهم: أي المصلون، صرفا.

وقيل: الضمير للطائفة الاخرى، وذكر الطائفة الاولى يدل عليهم، وسياق الآية يدل على الاول.

فإذا سجدوا: يعني المصلين.

فليكونوا من ورآئكم: يحرسونكم، يعني، النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن يصلي معه، فغلب المخاطب على الغائب. والتأت طآئفة أخرى لم يصلوا: لاشتغالهم بالحراسة.

فليصلوا معك: والآية مطلقة في أن الامام يصلي مرتين، بكل طائفة، وكانت الثانية نفلا له كما فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ببطن النخل(1)، وفي أن يصلي بكل فرقة ركعة إن كانت الصلاة ركعتين، وفي أن يصلي مع الفرقة الاولى ركعة ومع الثانية ركعتين، أو بالعكس إذا كانت ثلاثية.

وفي الكافي: محمد بن يحيى، عن عبدالله بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن عبدالرحمان بن أبي عبدالله، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأصحابه في غزوة ذات الرقاع(2)

___________________________________

(1) بطن نخل: جمع نخلة: قرية قريبة من المدينة على طريق البصرة، بينهما الطرف على الطريق، وهو بعد ابرق العذاف للقاصد إلى مكة (معجم البلدان: ج 1 ص 449).

(2) غزوة ذات الرقاع، غزوة معروفة كانت سنة خمس من الهجرة بأرض غطفان من نجد، واختلف الاصحاب في سبب تسمية ذات الرقاع، فقيل: لان القتال كان في سفح جبل فيه جدد حمر وصفر وسود كالرقاع، وقيل: كانت الصحابة حفاة فلقوا على أرجلهم الجلود الخرق لئلا تحترق، وقيل: سميت برقاع، لان الرقاع كانت في الويتهم، وقيل: الرقاع اسم شجرة كانت في موضع الغزوة، وقيل: مر بذلك الموضع ثمانية حفاة، فنقبت أرجلهم، وتساقطت أظفارهم، فكانوا يلفون عليه الخرق.

ثم أنه يدل على عدم لزوم انتظار الامام للتسليم عليهم كما ذهب إليه جماعة من الاصحاب (مرآة العقول: ج 15 ص 424).

[605]

صلاة الخوف ففرق أصحابه فرقتين، أقام فرقة بإزاء العدو وفرقة خلفه، فكبر وكبروا، فقرأ وأنصتوا وركع فركعوا، وسجد فسجدوا، ثم استمر رسول الله قائما وصلوا لانفسهم ركعة، ثم سلم بعضهم على بعض، ثم خرجوا(1) إلى أصحابهم، فقاموا بإزاء العدو، وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فصلى بهم ركعة، ثم تشهد وسلم عليهم، فقاموا فصلوا لانفسهم ركعة، ثم سلم بعضهم على بعض(2).

علي بن إبراهيم، عن أبيه، ابن أبي عمير، عن حماد عن الحلبي قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن صلاة الخوف؟ قال: يقوم الامام وتجئ طائفة من أصحابه فيقومون خلفه، وطائفة بإزاء العدو، فيصلي بهم الامام ركعة ثم يقوم ويقومون معه، فيمثل قائما(3) ويصلون الركعة الثانية، ثم يسلم بعضهم على بعض، ثم ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم ويجئ الآخرون فيقومون خلف الامام، فيصلي بهم الركعة الثانية، ثم يجلس الامام، فيقومون هم، فيصلون ركعة اخرى، ثم يسلم عليهم فينصرفون بتسلمه، قال: وفي المغرب مثل ذلك يقوم الامام وتجئ طائفة فيقومون خلفه ثم يصلي بهم ركعة، ثم يقوم ويقومون معه، فيمثل الامام قائما، فيصلون ركعتين، فيتشهدون ويسلم بعضهم على بعض، ثم ينصرفون فيقومون في موقف أصحابهم ويجئ الآخرون ويقومون في موقف أصحابهم خلف الامام فيصلي بهم ركعة يقرأ فيها ثم يجلس فيتشهد ثم يقوم ويقومون ويصلي بهم ركعة اخرى، ثم يجلس ويقيمون هم فيتمون ركعة اخرى، ثم يسلم عليه(4).

___________________________________

(1) في النسخة - أ: خرسوا.

(2) الكافي: ج 3 ص 456 كتاب الصلاة، باب صلاة الخوف ح 2.

(3) قوله: (فيمثل) بالتخفيف من قولهم مثل مثولا، إذا انتصبت بين يديه قائما، فقوله: (قائما،) إما على التجريد أو التأكيد، والامام يسكت، أو يطول القراء‌ة، أو يسبح، وقد صرح العلامة بالثاني، وفي الذكرى خير بينه وبين الثالث مع ترجيح الثاني، وصرح بعض العامة بالاولى، وهو الظاهر من هذا الخبر (مرآة العقول: ج 15 ص 424).

(4) الكافي: ج 3 ص 455، كتاب الصلاة، باب صلاة الخوف ح 1. (*)

[606]

وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم: جعل الحذر آلة يتحصن بها الغازي، فجمع بينه وبين الاسلحة في وجوب الاخذ، ونظيره قوله تعالى: " والذين تبؤوا الدار والايمان "(1)(2) ودالذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة وحدة: تمنوا أن ينالوا منكم غرة في صلاتكم، فيشدون عليكم شدة واحدة، وهو بيان مالاجله امروا بأخذ السلاح.

ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم: رخصة لهم في وضعها إذا ثقل عليهم أخذها بسبب مطر أو مرض. وهذا مما يشعر بأن الامر بأخذ السلاح للوجوب.

وخذوا حذركم: كيلا يهجم عليكم العدو.

إن الله أعد للكفرين عذابا مهينا: وعد للمؤمنين بالنصر على الكفار بعد الامر بالحزم لتقوى قلوبهم، وليعلموا أن الامر بالحزم ليس لضعفهم وغلبة عدوهم، بل لان الواجب أن يحافظوا في الامور على مراسم التيقظ والتدبر ويتوكلوا على الله.

في تفسير علي بن إبراهيم: هذه الآية نزلت لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الحديبية يريد مكة، فلما وقع الخبر إلى قريش بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس يستقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكان يعارض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الجبال، فلما كان في بعض الطريق وحضرت صلاة الظهر أذن بلال وصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال خالد ابن الوليد: لوكنا حملنا عليهم وهم في الصلاة، لاصبناهم، فإنهم لا يقطعون الصلاة، ولكن تجئ لهم الآن صلاة اخرى هي أحب إليهم من ضياء أبصارهم فإذا دخلوا فيها حملنا عليهم، فنزل جبرئيل (عليه السلام) بصلاة الخوف بهذه الآية،

___________________________________

(1) الحشر: 9.

(2) جواب عما يقال: أن أخذ الحذر مجاز وأخذ الاسلحة حقيقة فلا يجمع بينهما - منه دام عزه (كذا في هامش النسخة أ). (*)

[607]

[ فإذا قضيتم الصلوة فاذكروا الله قيما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلوة إن الصلوة كانت على المؤمنين كتبا موقوتا(103) ]

ففرق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه فرقتين، فوقف بعضهم تجاه العدو وقد أخذوا سلاحهم، وفرقة صلوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قائما ومروا، فوقفوا موقف أصحابهم، وجاء اولئك الذين لم يصلوا فصلى بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الركعة الثانية ولهم الاولى، وقعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقاموا أصحابه فصلوا هم الركعة الثانية وسلم عليهم(1).

فإذا قضيتم الصلوة: أديتم وفرغتم منها، أو إذا أردتم الصلاة واشتد الخوف.

فاذكروا الله قيما وقعودا وعلى جنوبكم: فدوموا على الذكر في جميع الاحوال، أو فصلوا كيف ما أمكن قياما مسايفين ومقارعين وقعودا مرامين وعلى جنوبكم مثخنين.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: قوله: " فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم " قال: الصحيح يصلي قائما، والعليل يصلي قاعدا، فمن لم يقدر فمضطجعا يومئ إيماء(2).

وفي من لا يحضره الفقيه: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): المريض يصلي قائما، فإن لم يستطع صلى جالسا، فإن لم يستطع صلى على جنبه الايمن، فإن لم يستطع صلى على جنبه الايسر، فإن لم يستطع استلقى وأو مأ إيماء وجعل وجهه نحو

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 150 في تفسيره لآية 102 من سورة النساء.

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 150 س 15 في تفسيره لآية 103 من سورة النساء. (*)

[608]

القبلة وجعل سجوده أخفض من ركوعه(1).

وقال الصادق (عليه السلام): المريض يصلي قائما، فإن لم يقدر على ذلك صلى جالسا، فإن لم يقدر أن يصلي جالسا صلى مستلقيا، يكبر ثم يقرأ، فإذا أراد الركوع غمض عينيه ثم سبح، فإذا سبح فتح عينيه، فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع، فاذا أراد أن يسجد غمض عينيه، ثم سبح فاذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من السجود، ثم يتشهد وينصرف(2).

فإذا اطمأننتم: سكنت قلوبكم من الخوف واستقررتم في أمصاركم.

فأقيموا الصلوة: فعدلوا واحفظوا أركانها وشرائطها، واتوابها تامة.

إن الصلوة كانت على المؤمنين كتبا موقوتا: أي ثابتا موجوبا مفروضا.

ففي الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن داود بن فرقد قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام) قوله تعالى: " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " قال: كتابا، وليس إن عجلت قليلا أو أخرت قليلا بالذي يضرك ما لم يضع تلك الاضاعة، فإن الله (عزوجل) يقول لقوم: " أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا "(3)(4).

عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام): " موقوتا " أي موجبا(5).

علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن زرارة والفضل، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله (تبارك اسمه): " كتابا موقوتا " أي مفروضا، وليس يعني وقت فوتها إذا جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم تكن

___________________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 236 باب 50 صلاة المريض والمغمى عليه والضعيف والمبطون والشيخ الكبير وغير ذلك ح 5.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 235 باب 50 صلاة المريض والمغمى عليه والضعيف والمبطون والشيخ الكبير وغير ذلك ح 1.

(3) مريم: 59.

(4) الكافي: ج 3 ص 270 كتاب الصلاة، باب من حافظ على صلاته أو ضيعها، ح 13.

(5) الكافي: ج 3 ص 272 كتاب الصلاة، باب فرض الصلاة ح 4. (*)

[609]

[ ولا تهنوا في ابتغآء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما(104) ]

صلاته هذه مؤداة، ولو كان كذلك لهلك سليمان بن داود حين صلاها لغير وقتها، ولكن متى ذكرها صلاها(1) والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي من لا يحضره الفقيه: وقال الصادق (عليه السلام): في قول الله (عزوجل): " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " قال: مفروضا(2).

وفي كتاب علل الشرائع: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله) قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن موسى ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله (عزوجل): " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " قال: موجبا، إنما يعني بذلك وجوبها على المؤمنين، ولو كان كما يقولون لهلك سليمان بن داود حين أخر الصلاة حتى تورات بالحجاب لانه لو صلاها قبل أن تغيب، كان وقتا، وليس صلاة أطول وقتا من العصر(3).

ولا تهنوا: أي لا تضعفوا.

في ابتغاء القوم: في طلب الكفار الذين هم أعداء الله وأعداؤكم.

إن تكونوا تألمون: مما ينالكم من الجراح منهم.

فإنهم يألمون: أيضا مما ينالهم من ذلك.

___________________________________

(1) الكافي: ج 3 ص 294 كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو سهى عنها ح 10.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 125، باب 29 فرض الصلاة ح 2.

(3) علل الشرائع: ج 2 ص 605 باب 385 نوادر العلل ح 79. (*)

[610]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21337979

  • التاريخ : 29/03/2024 - 07:45

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net