00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الممتحنة 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير نور الثقلين ( الجزء الخامس )   ||   تأليف : الشيخ عبد على بن جمعة العروسي الحويزي

سورة الممتحنة

بسم الله الرحمن الرحيم

1 - في كتاب ثواب الاعمال باسناده عن على بن الحسين عليهما السلام قال: من قرأ سورة الممتحنة في فرائضه ونوافله امتحن الله قلبه للايمان ونور له بصره ولا يصيبه فقر أبدا ولا جنون في بدنه ولا في ولده.

2 - في مجمع البيان أبى بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ سورة الممتحنة كان المؤمنون والمؤمنات شفعاء له يوم القيامة.

3 - في تفسير على بن ابراهيم: يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم اولياء تلقون ايديهم بالمودة نزلت [ في حاطب بن أبى بلتعة ولفظ الاية عام ومعناها خاص، وكان سبب ذلك ان حاطب بن أبى بلتعة قد أسلم وهاجر إلى المدينة وكان عياله بمكة وكانت ](1) قريش تخاف أن يغزوهم رسول الله صلى الله عليه وآله فصاروا إلى عيال حاطب، وسئلوه ان يكتبوا إلى حاطب يسئلوه عن خبر محمد هل يريد ان يغزو مكة؟ فكتبوا إلى حاطب يسئلوه عن ذلك، فكتب اليهم حاطب ان رسول الله صلى الله عليه وآله يريد ذلك ودفع الكتاب إلى أمرأة تسمى صفية، فوضعته في قرونها(2) ومرت فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بذلك، فبعث رسول الله أمير المؤمنين

___________________________________

(1) بين المعقفتين انما هو في المصدر دون الاصل.

(2) القرن: الخصلة من الشعر.

الذؤابة.

[300]

عليه السلام والزبير بن العوام في طلبها، فلحقوها فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام: أين الكتاب؟ فقالت: ما معى شئ، ففتشوها فلم يجدوا معها شيئا، فقال الزبير: ما نرى معها شيئا، فقال امير المؤمنين عليه السلام: والله ما كذبنا رسول الله صلى الله عليه وآله ولا كذب رسول الله على جبرئيل، ولا كذب جبرئيل على الله جل ثناؤه، والله لتظهرن الكتاب أو لاردن رأسك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: تنحيا عنى حتى أخرجه، فاخرجت الكتاب من قرونها، فأخذه امير المؤمنين عليه السلام وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله و قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا حاطب ما هذا؟ فقال حاطب: والله يا رسول الله ما نافقت ولا غيرت ولا بدلت، وانى أشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله حقا.

ولكن اهلى وعيالى كتبوا إلى بحسن صنيع قريش اليهم فأحببت ان اجازى قريشا بحسن معاشهم فانزل الله عزوجل على رسول الله صلى الله عليه وآله: " يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى و عدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة " إلى قوله: لن تنفعكم ارحامكم ولا اولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير.

4 - في مجمع البيان نزلت في حاطب بن أبى بلتعة وذلك ان سارة مولاة أبى عمرو بن صيفى بن هشام أتت رسول الله من مكة إلى المدينة بعد بدر بسنتين، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: أمسلمة جئت؟ قالت: لا قال: فما جاء بك؟ قال: كنتم الاصل والعشيرة والموالى، وقد ذهب موالى واحتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطونى وتكسونى وتحملونى، قال: فأين أنت من شباب مكة؟ وكانت مغنية نائحة قالت: ما طلب منى بعد وقعة بدر أحد، فحث رسول الله صلى الله عليه وآله بنى عبدالمطلب فكسوها وحملوها واعطوها نفقة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتجهز لفتح مكة وأتاها حاطب بن أبى بلتعة فكتب معها إلى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير عن ابن عباس، وعشرة دراهم عن مقاتل بن حيان، وكساها بردا على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله يريدكم فخذوا حذركم، فخرجت سارة ونزل جبرئيل عليه السلام فأخبر النبى بما فعل فارسل رسول الله صلى الله عليه وآله عليا وعمارا وعمر والزبير وطلحة والمقداد بن الاسود وأبا مرثد وكانوا

[301]

كلهم فرسانا وقال لهم: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فان فيها ظعينة(1) معها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها، فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان الذى ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا لها: أين الكتاب؟ فحلفت بالله ما معها من كتاب، فنحوها وفتشوا متاعها فلم يجدوا معها كتابا فهموا بالرجوع، فقال على عليه السلام: والله ما كذبنا ولا كذبنا وسل سيفه وقال: أخرجى الكتاب والا والله لاضربن عنقك فلما رأت الجد أخرجه من ذوابتها قد أخبأته في شعرها، فرجعوا بالكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأرسل إلى حاطب فأتاه فقال له: هل تعرف الكتاب؟ قال: نعم، قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله والله ما كفرت مذ أسلمت، ولا غششتك مذ نصحتك، ولا أحببتهم مذ فارقتهم، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين الاوله بمكة من يمنع عشيرته، وكنت عريرا اى غريبا وكان أهلى بين ظهرانيهم فخشيت على أهلى فأردت أن اتخذ عندهم يدا، وقد قلت: ان الله ينزل بهم بأسه و ان كتابى لا يغنى عنهم شيئا، فصدقه رسول الله صلى الله عليه وآله و عذره، فقام عمر بن الخطاب وقال: دعنى يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فغفر لهم، فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

5 - وروى البخارى ومسلم في صحيحيهما عن عبدالله بن أبى رافع قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله أنا والمقداد والزبير وقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فان بها ضعينة معها كتاب فخرجنا وذكر نحوه.

6 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الاصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لرجل: ان كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل رزقه، وان كنت واليت عوده فاخرج من ملكه، وان كنت غير قانع برضاه(2) وقدره فاطلب ربا سواه.

7 - وفيه عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه وقد ذكر قوله تعالى: " يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا " والكفر في هذه الاية البرائة يقول:

___________________________________

(1) الظعينة: المرأة مادامت في الهودج أو عموما.

(2) وفى بعض النسخ " بقضاه " مكان " برضاه ".

[302]

فيبرأ بعضكم من بعض: ونظيرها في هذه سورة ابراهيم قول الشيطان: " انى كفرت بما اشركتمون من قبل " وقول ابراهيم خليل الرحمن: كفرنا بكم يعنى تبرأنا منكم.

8 - في اصول الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن ابى عمرو الزبيرى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قلت له: أخبرنى عن وجوه الكفر في كتاب الله عزوجل، قال: الكفر في كتاب الله على خمسة اوجه إلى ان قال عليه السلام: والوجه الخامس من الكفر كفر البرائة، وذلك قول الله عزوجل يحكى قول ابراهيم: " كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده " يعنى تبرأنا منكم.

9 - وباسناده إلى ابى عبيدة الحذاء عن ابى عبدالله عليه السلام قال: من احب لله وابغض لله واعطا لله عزوجل فهو ممن كمل ايمانه.

10 - ابن محبوب عن مالك بن عطية عن سعيد الاعرج عن أبى عبدالله عليه السلام قال: من أوثق عرى الايمان أن يحب في الله ويبغض في الله، ويعطى في الله ويمنع في الله عزوجل.

11 - على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن هشام بن سالم وحفص بن البخترى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ان الرجل ليحبكم وما يعرف ما أنتم عليه، فيدخله الله عزوجل الجنة بحبكم، وان الرجل ليبغضكم وما يعرف ما أنتم عليه فيدخله الله ببغضكم النار.

12 - وباسناده إلى الحسين بن أبان عمن ذكره عن أبى جعفر عليه السلام قال: ولو أن رجلا أبغض رجلا لله لاثابه الله عزوجل على بغضه اياه، وان كان المبغض في علم الله من أهل الجنة.

13 - وباسناده إلى اسحق بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: كل من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له.

14 - في تفسير على بن ابراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه السلام قوله: عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله

[303]

غفور رحيم فان الله امر نبيه صلى الله عليه وآله والمؤمنين بالبرائة من قولهم ماداموا كفارا.

فقال: " لقد كان لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا برء‌آء مما تعبدون من دون الله " إلى قوله: والله قدير والله غفور رحيم الاية قطع الله عز وجل ولاية المؤمنين منهم، وأظهر لهم العداوة، فقال: " عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة " فلما أسلم أهل مكة خالطهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وناكحوهم، وتزوج رسول الله صلى الله عليه وآله ام حبيب بنت أبى سفيان بن حرب.

15 - في اصول الكافى عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابراهيم بن عقبة عن اسماعيل بن عباد يرفع الحديث إلى أبى عبدالله عليه السلام قال: ما كان من ولد آدم مؤمن الا فقيرا ولا كافر الا غنياء، حتى جاء ابراهيم عليه السلام فقال: " ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا " فصير الله في هؤلاء اموالا وحاجة، وفى هؤلاء أموالا وحاجة.

16 - في تفسير على بن ابراهيم وفى رواية أبى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام في قوله " عسى الله أن يجعل بينكم " إلى آخره وقد تقدم قريبا.

17 - في مجمع البيان: لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين إلى قوله: يحب المقسطين اى ليس ينهاكم الله عن مخالطة أهل العهد، وقيل: من آمن من أهل مكة ولم يهاجروا، وقيل: هى عامة في كل من كان بهذه الصفة، والذى عليه الاجماع ان بر الرجل من يشاء من أهل الحرب قرابة كان او غير قرابة ليس بمحرم، وانما الخلاف في اعطائهم مال الزكوة والفطرة والكفارات.

فلم يجوزه أصحابنا وفيه خلاف بين الفقهاء.

18 - في تفسير على بن ابراهيم وقال على بن ابراهيم في قوله يا ايها الذين آمنوا اذا جاء‌كم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله اعلم بايمانهن فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار قال اذا لحقت امراة من المشركين بالمسلمين تمتحن بان تحلف بالله انه لم يحملها على اللحقوق بالمسلمين بغض لزوجها الكافر، ولا حب لاحد من المسلمين، وانما حملها على ذلك الاسلام فاذا حلفت على ذلك قبل اسلامها ثم قال الله عزوجل: " فان علمتموهن مؤمنات فلا

[304]

ترجعوهن إلى الكفار لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما انفقوا " يعنى ترد المسلمة على زوجها الكافر صداقها، ثم يتزوجها المسلم، وهذا هو قوله: ولا جناح عليكم ان تنكحوهن اذا آتيتموهن اجورهن.

19 - في الكافى أحمد بن محمد عن ابن فضال عن على بن يعقوب عن مروان بن مسلم عن الحسين بن الحناط عن الفضيل بن يسار قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام: ان لامرأتى اختا عازمة على ديننا وليس على ديننا بالبصيرة الا قليل، فان زوجها ممن لا يرى رأيها، قال: لا ولا نعمة، ان الله عزوجل يقول: " ولا ترجعوهن إلى الكفار لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن ".

20 - في مجمع البيان قال ابن عباس: صالح رسول الله صلى الله عليه وآله بالحديبية مشركى مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده عليهم، ومن اتى أهل مكة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فهو لهم ولم يردوه عليهم، وكتبوا بذلك كتابا وختموا عليه، فجاء‌ت سبيعة بنت الحارث الاسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب، والنبى صلى الله عليه وآله بالحديبية، فجاء زوجها مسافر من بنى مخزوم وقال مقاتل هو صيفى بن الواهب في طلبها وكان كافرا، فقال: يا محمد اردد على امرأتى فانك شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد، فنزلت: " يا ايها الذين آمنوا اذا جاء‌كم المؤمنات مهاجرات من دار الكفر إلى دار الاسلام فامتحنوهن " قال ابن عباس: امتحانهن أن يستحلفن ما خرجت من بغض زوج، ولا رغبة عن أرض إلى ارض، ولا التماس دنيا انما خرجت حبا لله ولرسوله فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه وآله ما خرجت بغضا لزوجها ولا عشقا لرجل منا، وما خرجت الا رغبة في الاسلام، فحلفت بالله الذى لا اله الا هو على ذلك، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وآله زوجها مهرها وما انفق عليها ولم يردها عليه، فتزوجها عمر بن الخطاب وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يرد من جاء من الرجال.

ويحبس من جاء‌ه من النساء اذا امتحن ويعطى أزواجهن مهورهن.

قال الجبائى: لم يدخل في شرط صلح الحديبية الا رد الرجال دون النساء ولم يجر للنساء ذكر، وان ام كلثوم بنت عتبة بن أبى معيط جاء‌ت مسلمة مهاجرة من مكة فجاء أخواها

[305]

إلى المدينة وسألا رسول الله صلى الله عليه وآله ردها عليهما، فقال صلى الله عليه وآله: ان الشرط بيننا في الرجال لا في النساء، فلم يردها عليهما، قال الجبائى: وانما لم يجر هذا الشرط في النساء لان المرء‌ة اذا أسلمت لم تحل لزوجها الكافر، فكيف ترد عليه وقد وقعت الفرقة بينهما؟.

21 - في الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أحمد بن عمر عن درست الواسطى عن على بن رئاب عن زرارة بن أعين عن أبى جعفر عليه السلام قال: لا ينبغى نكاح اهل الكتاب، قلت: جعلت فداك وأين تحريمه؟ قال: قوله: ولا تمسكوا بعصم الكوافر.

22 - على بن ابراهيم عن أبى جعفر عن أبيه عن ابن محبوب عن على بن رئاب عن زرارة بن اعين قال: سألت ابا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل: " والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم " فقال: هذه منسوخة بقوله: " ولا تمسكوا بعصم الكوافر ".

23 - في تفسير على بن ابراهيم في رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه السلام في قوله: " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " يقول: من كانت عنده امرأة كافرة يعنى على غير ملة الاسلام، وهو على ملة الاسلام، فليعرض عليها الاسلام، فان قبلت فهى امرائته والا فهى برية، فنهى الله أن يمسك بعصمتها.

24 - في مجمع البيان عند قوله تعالى: " والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب " وروى أبوالجارود عن أبى جعفر عليه السلام انه منسوخ بقوله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " وبقوله: " ولا تمسكوا بعصم الكوافر ".

25 - في مصباح شيخ الطائفة (ره) خطبة لامير المؤمنين عليه السلام خطب بها يوم الغدير وفيها يقول: وتقربوا إلى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أن تطيعوه، " و لا تمسكوا بعصم الكوافر ".

26 - في تفسير على بن ابراهيم وقال على بن ابراهيم في قوله: واسألوا ما انفقتم يعنى اذا لحقت امرأة من المسلمين بالكفار، فعلى الكافر ان يرد على المسلم صداقها،

[306]

فان لم يفعل الكافر وغنم المسلمون غنيمة أخذ منها قبل القسمة صداق المرأة اللاحقة بالكفار، وقال في قوله: وان فاتكم شئ من ازواجكم إلى الكفار فعاقبتم يقول: يعنى يلحقن بالكفار من أهل عقدكم فاسئلوهم صداقها، وان لحقوا بكم من نسائهم شئ فاعطوهم صداقها ذلكم حكم الله يحكم بينكم.

واما قوله: وان فاتكم شئ من ازواجكم يقول: يلحقن بالكفار الذين لا عهد بينكم وبينهم فأصبتم غنيمة فآتوا الذين ذهبت ازواجهم مثل ما انفقوا واتقوا الله الذى انتم به مؤمنون قال: وكان سبب نزول ذلك ان عمر بن الخطاب كانت عنده فاطمة بنت ابى أمية بن المغيرة، فكرهت الهجرة معه وأقامت مع المشركين.

فنكحها معاوية بن أبى سفيان، فأمر الله رسوله أن يعطى عمر مثل صداقها.

وفى رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه السلام " وان فاتكم شئ من ازواجكم " فلحقن بالكفار من اهل عهدكم فاسئلوهم صداقها، وان لحقن بكم من نسائهم شئ فأعطوهم صداقها " ذلكم حكم الله يحكم بينكم ".

27 - في كتاب علل الشرايع حدثنا محمد بن الحسن رضى الله عنه قال حدثنا محمدبن الحسن الصفار رحمه الله عن ابراهيم بن هاشم عن صالح بن سعيد وغيره من اصحاب يونس عن يونس عن أصحابه عن ابى جعفر وأبى عبدالله عليهما السلام قال قلت: رجل لحقت امرأته بالكفار وقد قال الله عزوجل في كتابه: " وان فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا " ما معنى العقوبة هيهنا؟ قال: ان الذى ذهبت امرأته فعاقب على امرأة اخرى غيرها يعنى تزوجها فاذا هو تزوج امرأة اخرى غيرها، فعلى الامام ان يعطيه مهر امرأته الذاهبة فسالته فكيف صار المؤمنون يردون على زوجها المهر بغير فعل منهم في ذهابها وعلى المؤمنين ان يردوا على زوجها ما أنفق عليها مما يصيب المؤمنين قال: يرد الامام عليه اصابوا من الكفار أولم يصيبوا، لان على الامام ان يجبر(1) حاجته من تحت يده، وان حضرت القسمة فله أن يسد كل نائبه تنوبه قبل القسمة، وان بقى بعد ذلك

___________________________________

(1) وفي المصدر " ان ينجز حاجته....".

[307]

شئ قسمه بينهم، وان لم يبق لهم شئ فلا شئ لهم.

28 - في الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن أبان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة بايع الرجال، ثم جائت النساء يبايعنه، فأنزل الله عزوجل: يا ايها النبى اذا جاء‌ك المؤمنات يبايعنك على ان لايشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن اولادهن ولايأتين ببهتان يفترينه بين ايديهن وارجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله ان الله غفور رحيم قالت هند: اما الولد فقد ربينا صغارا وقتلتهم كبارا، وقالت ام حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت عند عكرمة بن أبى جهل: يا رسول الله ما ذاك المعروف الذى أمرنا الله أن لا نعصينك فيه؟ قال: لا تلطمن خدا، ولا تخمشن وجها، ولا تنتفن شعرا، ولا تشققن جيبا، ولا تسودن ثوبا، ولا تدعين بويل، فبايعهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على هذا، فقالت: يا رسول الله كيف نبايعك ! قال: اننى لا أصافح النساء فدعا بقدح من ماء، فأدخل يده ثم أخرجها، فقال: ادخلن أيديكن في هذا الماء.

29 - عدة من اصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن محمد بن على عن محمد بن مسلم الجبلى عن عبدالرحمن بن سالم الاشل عن المفضل بن عمر قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام: كيف ماسح رسول الله صلى الله عليه وآله النساء حين بايعهن؟ قال: دعا بمركنه(1) الذى كان يوضى فيه فصب فيه ماء ثم غمس يده اليمنى فكلما بايع واحدة منهن قال: اغمسى يدك فتغمس كما غمس رسول الله، فكان هذا مماسحته اياهن.

على بن ابراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبى عبدالله عليه السلام مثله.

30 - أبوعلى الاشعرى عن أحمد بن اسحاق عن سعد بن مسلم قال: قال ابو عبدالله عليه السلام: اتدرى كيف بايع رسول الله صلى الله عليه وآله النساء؟ قلت: الله اعلم وابن رسوله قال: جمعهن حوله ثم دعى بتور برام(2) فصب فيه ماء نضوحا ثم غمس

___________________________________

(1) المركن: الاجانة التى يغسل فيها الثياب.

(2) التور: اناء يشرب فيه.

وبرام: موضع.

[308]

يده فيه ثم قال: اسمعن يا هؤلاء ابايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن اولادكن، ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن، ولا تعصين بعولتكن في معروف، أقررتن؟ قلن: نعم، فأخرج يده من التور ثم قال لهن: اغمسن ايديكم: ففعلن فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف انثى ليس له بمحرم.

31 - عدة من اصحابنا عن احمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن أبى أيوب الخزار عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ولا يعصينك في معروف " قال: المعروف ان لا يشققن جيبا ولا يلطمن خدا، ولا يدعون ويلا، ولا يتخلفن عند قبر، ولا يسودن ثوبا، ولا ينشرن شعرا.

32 - محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن سليمان بن سماعة الخزاعى عن على بن اسماعيل عن عمرو بن أبى المقدام قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: تدرى ما قوله تعالى: " ولا يعصينك في معروف "؟ قلت: لا قال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لفاطمة عليها السلام: اذا انامت فلا تخمشى على وجها، ولا ترخى على شعرا، ولا تنادى بالويل، ولا تقيمى على نائحة، قال: ثم قال: هذا المعروف الذى قال الله عزوجل.

33 - في تفسير على بن ابراهيم أخبرنا احمد بن ادريس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن على عن عبدالله بن سنان قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله: " ولا يعصينك في معروف " قال: هو ما فرض الله عليهن من الصلوة والزكوة وما امرهن به من خير.

34 - فيمن لا يحضره الفقيه وفى رواية ربعى بن عبدالله انه لما بايع رسول الله صلى الله عليه وآله النساء واخذ عليهن، دعا باناء فملاه ثم غمس يده في الاناء ثم اخرجها ثم أمرهن بان يدخلن أيديهن فتغمس فيه.

35 - في مجمع البيان وروى ان النبى صلى الله عليه وآله بايعهن وكان على الصفا وكان عمر أسفل منه، وهند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء خوفا أن يعرفها رسول الله

[309]

صلى الله عليه وآله، فقال: ابايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا، فقالت هند: انك لتأخذ علينا امرا ما رأيناك أخذته على الرجال، وذلك انه بايع الرجال يومئذ على الاسلام والجهاد فقط، فقال النبى صلى الله عليه وآله: ولا تسرقن فقالت هند: ان أبا سفيان رجل ممسك وانى أصبت من ماله هنات(1) فلا أدرى أيحل لى أم لا؟ فقال أبوسفيان: ما أصبت من مالى فيما مضى وفيما غبر(2) فهو لك حلال، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وعرفها فقال: وانك لهند بنت عتبة؟ قالت: نعم فاعف عما سلف يا نبى الله عفا الله عنك.

فقال: ولا تزنين فقالت هند: او تزنى الحرة؟ فتبسم عمر بن الخطاب لما جرى بينه وبينها في الجاهلية فقال صلى الله عليه وآله: ولا تقتلن أولادكن فقالت: ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا فانتم وهم أعلم، وكان ابنها حنظلة بن أبى سفيان قتله على بن أبى طالب عليه السلام يوم بدر، فضحك عمر حتى استلقى، وتبسم النبى صلى الله عليه وآله ولما قال: ولا تأتين ببهتان قالت هند: والله ان البهتان قبيح وما تأمرنا الا بالرشد ومكارم الاخلاق، ولما قال: ولا يعصينك في معروف، قالت هند: ما جلسنا مجلسنا هذا وفى أنفسنا أن نعصيك في شئ وروى الزهرى عن عائشة قال: كان النبى صلى الله عليه وآله يبايع النساء بالكلام بهذه الاية ان لايشركن بالله شيئا، وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وآله يد امرأة قط الا امرأة يملكها رواه البخارى في الصحيح.

36 - وروى انه صلى الله عليه وآله كان اذا بايع النساء دعا بقدح فغمس يده فيه، ثم غمس أيديهن فيه، وقيل انه كان يبايعهن من وراء الثوب عن الشعبى.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21401030

  • التاريخ : 19/04/2024 - 04:06

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net