00989338131045
 
 
 
 
 
 

 وفاكهة وأبا ؟! 

القسم : علوم القرآن   ||   الكتاب : تدوين القرآن   ||   تأليف : الشيخ علي الكوراني

وفاكهة وأبا ؟!

روى الحاكم في المستدرك ج2 ص 290 ( .. عن أنس رضي الله عنه قال قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وفاكهة وأباً ، فقال بعضهم هكذا ، وقال بعضهم هكذا.. فقال عمر : دعونا من هذا آمنا به كل من عند ربنا . هذا حديث صحيح الاسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) .

وروى في نفس المجلد ص 514 ( ... عن ابن شهاب أن أنس بن مالك رضي الله عنه أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : فأنبتنا فيها حبا ، وعنباً وقضبا ، وزيتوناً ونخلا ، وحدائق غلبا ، وفاكهة وأبا ، قال : فكل هذا قد عرفناه فما الأب ؟ ثم نفض عصا كانت في يده فقال : هذا لعمر الله التكلف ، اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب ! هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) انتهى .

وروى السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 317 أن هذه القصة حدثت وكان الخليفة على المنبر ، وأن رجلاً سأل الخليفة عن معنى الأب ، قال ( وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن سعد وعبد حميد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان والخطيب والحاكم وصححه عن أنس أن عمر قرأ على المنبر فانبتنا فيها حبا ، وعنباً وقضبا الى قوله وأبا قال : كل هذا قد عرفناه فما الأب ؟ ثم نفض عصا كانت في يده فقال : هذا لعمر الله هو التكلف فما عليك أن لا ندري ما الأب . إتبعوا ما بين لكم هداه من الكتاب فاعملوا به وما لم تعرفوه فكلوه الى ربه .

وأخرج عبد بن حميد عن عبدالرحمن بن يزيد أن رجلاً سأل عمر عن قوله وأبا ، فلما رآهم يقولون أقبل عليهم بالدرة !

وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن أنس قال قرأ عمر وفاكهة وأبا فقال هذه الفاكة قد عرفناها فما الاب ؟ ثم قال : نهينا عن التكلف !

وأخرج ابن المنذرعن أبي وائل أن عمر سئل عن قوله وأبا ما الأب ؟ ثم قال: ما كلفنا هذا أو ما أمرنا بهذا ! ) انتهى .

وروى في كنز العمال ج 2 ص 328 ( عن أنس قال قرأ عمر وفاكهة وأبا ، فقال : هذه الفاكهة قد عرفناها فماالاب ؟ ثم قال : مه نهينا عن التكلف ، وفي لفظ : ثم قال إن هذا لهو التكلف ، يا عمر فما عليك ألا تدري ما الأب ، إتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب واعملوا به وما لم تعرفوه فكلوه الى عالمه ـ ص ، ش ، وأبو عبيد في فضائله ، وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر ، وابن الأنباري في المصاحف ، ك ، هب ، وابن مردويه ) انتهى .

قد يأخذ بعضهم على الخليفة من هذه الروايات أنه لايعرف معنى بعض كلمات القرآن ، ولكن هذا إنما يكون إشكالاً على الذين يقولون بوجوب عصمة الإمام والخليفة ويشترطون أن يكون أعلم أهل زمانه ، كما نعتقد نحن الشيعة في الائمة من أهل بيت النبي(ص) ، فلو أن هذه الحادثة كانت مع أحد منهم لكانت دليلاً على عدم سعة علمه باللغة العربية وأضرت بعصمته .. ولكن إخواننا السنة لا يشترطون في الخليفة العصمة ولا الأعلمية على أهل زمانه ، ويروون شهادات الخليفة عمر لعلي وغيره من الصحابة بأنهم أقضى منه وأعلم منه !

ولكن غرضنا من هذه النصوص أن نعرف موقف الخليفة عمر من البحث في القرآن؟ فقد وردت فيه عبارات ( هذا لعمر الله التكلف ، اتبعوا ماتبين لكم من هذا الكتاب.. ثم قال : نهينا عن التكلف .. أن رجلاً سأل عمر عن قوله وأبا ، فلما رآهم يقولون أقبل عليهم بالدرة ! ) فهل السؤال عن معنى كلمة قرآنية تكلف منهي عنه في الشريعة ؟ وهل يجوز للحاكم المسلم إذا رأى الصحابة أو العلماء يتناقشون في معنى كلمة أن يقبل عليهم ضرباً بالسوط ؟! فهذه الحادثة التي اختصرنا من مصادرها ، تدل على أن الخليفة كان يفتي بحرمة البحث العلمي في القرآن ، ويعاقب عليه !

لكن روى البيهقي في سننه ج 4 ص 313 ( عن ابن عباس قال كنت عند عمر وعنده أصحابه فسألهم فقال : أرأيتهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر التمسوها في العشر الأواخر وتراً ، أي ليلة ترونها ؟ فقال بعضهم ليلة إحدى ، وقال بعضهم ليلة ثلاث ، وقال بعضهم ليلة خمس ، وقال بعضهم ليلة سبع ، فقالوا وأنا ساكت ، فقال : ما لك لا تكلم ؟ فقلت إنك أمرتني أن لا أتكلم حتى يتكلموا ، فقال: ما أرسلت إليك إلا لتكلم ، فقلت : إني سمعت يذكر السبع فذكرسبع سموات ومن الأرض مثلهن وخلق الإنسان من سبع ونبت الأرض سبع . فقال عمر رضي الله عنه : هذا أخبرتني ما أعلم ، أرأيت مالم أعلم قولك نبت الأرض سبع ؟ قال قال عز وجل ( إنا شققنا الأرض شقا ، فأنبتنا فيها حبا ، وعنباً وقضبا ، وزيتوناً ونخلا ، وحدائق غلبا ) قال فالحدائق الغلب الحيطان من النخل والشجر . وفاكهة وأبا ؟ قال فالأب ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب والأنعام ولا يأكله الناس . قال فقال عمر رضي الله عنه لأصحابه : أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم تجتمع شؤون رأسه ؟! والله إني لأرى القول كما قلت ) انتهى .

فهذا الحديث يدل على أن الفتوى بتحريم التكلف وتفسير ألفاظ القرآن مختصة بالذين كانوا حول عمر ، الذين يتكلمون رجماً بالغيب ، وأن ضربه لهم بالدرة كان بسبب ذلك ، ولكنه في نفس الوقت أرسل الى ابن عباس وأحضره وسأله عن تفسيرها وقبله منه ووبخ أصحابه الذين لم يعرف أحد منهم معنى وأبا !! فيكون المأخذ على الخليفة في أسلوبه ، وأنه كان الأولى أن يقول أنا وأنتم لانعرف معنى وأبا ، فينبغي أن نسأل من يعرف ، ولا يحتاج الأمر الى النهي عن التكلف ولا الى .. الغضب والضرب بالدرة ! على أن ابن عباس إذا صحت عنه الرواية تكلَّفَ أيضاً ، وأفتى بالظن والإحتمال استحساناً بدون دليل !




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21337712

  • التاريخ : 29/03/2024 - 05:31

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net