00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة التحريم من أول السورة ـ آخر السورة من ( ص 421 ـ 448 )  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء الثامن عشر   ||   تأليف : سماحة آية الله العظمى الشيخ مكارم الشيرازي

[ 421 ] 

سُورَة التَّحرِيم

مَدَنيّة

وعَدَدُ آيَاتِها إثنتا عشرَة آية

 

[ 423 ]

«سورة التّحريم»

ملاحظة

تتكوّن هذه السورة من أربعة أقسام رئيسيّة:

القسم الأوّل: يرتبط بقصّة الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع بعض أزواجه حينما حرم بعض أنواع الطعام على نفسه، فنزلت الآيات من 1 ـ 5 وفيها لوم لزوجات الرّسول لأسباب سنذكرها في سبب النزول.

القسم الثّاني: خطاب لكلّ المؤمنين في شؤون التربية ورعاية العائلة ولزوم التوبة من الذنوب، وهو من الآية 6 ـ 8.

القسم الثّالث: وهو الآية التاسعة التي تتضمّن خطاباً إلى الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم)بضرورة مجاهدة الكفّار والمنافقين.

القسم الرّابع: وهو القسم الأخير للسورة، من الآية 10 ـ 12 ويتضمّن توضيحاً للأقسام السابقة بذكر نموذجين صالحين للنساء، وهما (مريم العذراء، وزوجة فرعون) ونموذجين غير صالحين (زوجة نوح، وزوجة لوط) ويحذّر نساء النبي من هذين النموذجين الأخيرين ويدعوهنّ إلى الإقتداء بالنموذجين الأوّلين.

فضيلة تلاوة سورة التحريم:

في حديث عن الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «من قرأ سورة ياأيّها النبي لِمَ تحرّم ما أحل الله لك أعطاه الله توبة نصوحاً»(109).

وفي حديث عن الإمام الصادق قال: «من قرأ سورة الطلاق والتحريم في فريضة أعاذه الله من أن يكون يوم القيامة

[ 424 ]

 ممّن يخاف أو يحزن وعوفي من النار وأدخله الله الجنّة بتلاوته إيّاهما ومحافظته عليهما لأنّهما للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)»(110).

* * *

[ 425 ]

 

الآيات

يَـأَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوَجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَـنِكُمْ وَاللهُ مَوْلَـكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْض فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـذَا قَالَ نَبَّأَنِىَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَـهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَـهُ وَجِبْرِيلُ وَصَـلِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَـئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَى رَبَّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَـت مُّؤْمِنَـت قَـنِتَـت تَـئِبَـت عَـبِدَت سَئِحَـت ثَيِّبَـت وَأَبْكَاراً (5)

أسباب النّزول

وردت روايات عديدة في أسباب نزول هذه السورة في كتب الحديث والتّفسير والتاريخ، عن الشيعة والسنّة، إنتخبنا أشهر تلك الروايات وأنسبها وهي:

كان رسول الله يذهب أحياناً إلى زوجته (زينب

[ 426 ]

 

بنت جحش) فتبقيه في بيتها حتّى «تأتي إليه بعسل كانت قد هيّأته له (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكن لمّا سمعت عائشة بذلك شقّ عليها الأمر، ولذا قالت: إنّها قد اتّفقت مع «حفصة» إحدى (أزواج الرّسول) على أن يسألا الرّسول بمجرّد أن يقترب من أي منهما بأنّه هل تناول صمغ «المغافير» (وهو نوع من الصمغ يترشّح من بعض أشجار الحجاز يسمّى «عرفط» ويترك رائحة غير طيّبة، علماً أنّ الرّسول كان يصرّ على أن تكون رائحته طيّبة دائماً) وفعلا سألت حفصة الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا السؤال يوماً وردّ الرّسول بأنّه لم يتناول صمغ «المغافير» ولكنّه تناول عسلا عند زينب بنت جحش، ولهذا أقسم بأنّه سوف لن يتناول ذلك العسل مرّة اُخرى، خوفاً من أن تكون زنابير العسل هذا قد تغذّت على شجر صمغ «المغافير» وحذّرها أن تنقل ذلك إلى أحد لكي لا يشيع بين الناس أنّ الرّسول قد حرّم على نفسه طعاماً حلالا فيقتدون بالرّسول ويحرّمونه أو ما يشبهه على أنفسهم، أو خوفاً من أن تسمع زينب وينكسر قلبها وتتألّم لذلك.

لكنّها أفشت السرّ فتبيّن أخيراً أنّ القصّة كانت مدروسة ومعدّة فتألّم الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك كثيراً فنزلت عليه الآيات السابقة لتوضّح الأمر وتنهى من أن يتكرّر ذلك مرّة اُخرى في بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(111).

وجاء في بعض الروايات أنّ الرّسول ابتعد عن زوجاته لمدّة شهر بعد هذا الحادث(112)، انتشرت على أثرها شائعة أنّ الرّسول عازم على طلاق زوجاته، الأمر الذي أدّى إلى كثرة المخاوف بينهنّ(113) وندمن بعدها على فعلتهن.

* * *

التّفسير

التوبيخ الشديد لبعض زوجات الرّسول:

ممّا لا شكّ فيه أنّ رجلا عظيماً كالرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يمكن أن يهمّه أمره وحده دون غيره، بل أمره يهمّ المجتمع الإسلامي والبشرية جمعاء، ولهذا يكون التعامل مع أيّة دسيسة حتّى لو كانت بسيطة تعاملا حازماً وقاطعاً لا

[ 427 ]

يسمح بتكرّرها، لكي لا تتعرّض حيثية الرّسول وإعتباره إلى أي نوع من التصدّع والخدش والآيات محلّ البحث تعتبر تحذيراً من ارتكاب مثل هذه الأعمال حفاظاً على اعتبار الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

البداية كانت خطاباً إلى الرّسول: ( ياأيّها النبي لِمَ تحرّم ما أحلّ الله لك تبتغي مرضات أزواجك).

ومن الواضح أنّ هذا التحريم ليس تحريماً شرعيّاً، بل هو ـ كما يستفاد من الآيات اللاحقة ـ قسم من قبل الرّسول الكريم، ومن المعروف أنّ القسم على ترك بعض المباحات ليس ذنباً.

وبناءً على هذا فإنّ جملة ( لِمَ تحرّم) لم تأت كتوبيخ وعتاب، وإنّما هي نوع من الإشفاق والعطف.

تماماً كما نقول لمن يجهد نفسه كثيراً لتحصيل فائدة معيّنة من أجل العيش ثمّ لا يحصل عليها، نقول له: لماذا تتعب نفسك وتجهدها إلى هذا الحدّ دون أن تحصل على نتيجة توازي ذلك التعب؟

ثمّ يضيف في آخر الآية: ( والله غفور رحيم ..).

وهذا العفو والرحمة إنّما هو لمن تاب من زوجات الرّسول اللاتي رتّبن ذلك العمل وأعددنه. أو أنّها إشارة إلى أنّ الرّسول ما كان ينبغي له أن يقسم مثل هذا القسم الذي سيؤدّي ـ إحتمالا ـ إلى جرأة وتجاسر بعض زوجاته عليه (صلى الله عليه وآله وسلم).

ويضيف في الآية اللاحقة أنّ الله قد أوضح طريق التخلّص من مثل هذا القسم: ( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم)(114) أي أعط كفّارة القسم وتحرّر منه.

ويذكر أنّ الترك إذا كان راجحاً على العمل فيجب الإلتزام بالقسم والحنث فيه ذنب تترتّب كفّارة عليه، أمّا في الموارد التي يكون فيها الترك شيئاً مرجوحاً مثل «الآية

[ 428 ]

 

مورد البحث» فإنّه يجوز الحنث في القسم، ولكن من الأفضل دفع كفّارة من أجل الحفاظ على حرمة القسم واحترامه(115).

ثمّ يضيف: ( والله مولاكم وهو العليم الحكيم).

فقد أنجاكم من مثل هذه الأقسام ووضع لكم طريق التخلّص منها طبقاً لعلمه وحكمته.

ويستفاد من بعض الروايات أنّ النبي أعتق رقبة بعد هذا القسم وحلّل ما كان قد حرّمه بالقسم.

وفي الآية اللاحقة يتعرّض لهذا الحادث بشكل أوسع: ( وإذ أسرّ النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلمّا نبّأت به وأظهره الله عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض).

ما هذا السرّ الذي أسرّه النبي لبعض زوجاته ثمّ لم يحفظنه؟

طبقاً لما أوردناه في أسباب النزول فإنّ هذا السرّ يتكوّن من أمرين:

الأوّل: تناول العسل عند زوجته (زينب بنت جحش).

والثاني: تحريم العسل على نفسه في المستقبل.

أمّا الزوجة التي أذاعت السرّ ولم تحافظ عليه فهي «حفصة» حيث أنّها نقلت ذلك الحديث الذي سمعت به إلى عائشة.

أمّا الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد اطّلع على إفشاء هذا السرّ عن طريق الوحي، وذكر بعضه «لحفصة» ومن أجل عدم إحراجها كثيراً لم يذكر لها القسم الثاني (ولعلّ القسم الأوّل يتعلّق بأصل شرب العسل، والثاني هو تحريم العسل على نفسه).

وعلى كلّ فإنّه: ( فلمّا نبّأها به قالت من أنبأك هذا قال نبّأني العليم الخبير).

ويتّضح من مجموع هذه الآيات أنّ بعض زوجات الرّسول لم يكتفين بإيذاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكلامهنّ، بل لا يحفظن سرّه، وحفظ السرّ من أهمّ صفات

[ 429 ]

 

 الزوجة الصالحة الوفيّة لزوجها، وكان تعامل الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) معهنّ على العكس من ذلك تماماً إلى الحدّ الذي لم يذكر لها السرّ الذي أفشته كاملا لكي لا يحرجها أكثر، واكتفى بالإشارة إلى جزء منه.

ولهذا جاء في الحديث عن الإمام علي (عليه السلام): «ما استقصى كريم قطّ، لأنّ الله يقول: ( عرّف بعضه وأعرض عن بعضه)(116).

ثمّ يتحدّث القرآن مع زوجتي الرّسول اللتين كانتا وراء هذا الحادث بقوله: ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما).

وقد اتّفق المفسّرون الشيعة والسنّة على أنّ تلك الزوجتين هما «حفصة بنت عمر» و «عائشة بنت أبي بكر».

«صغت» من مادّة «صغو» على وزن «عفو» بمعنى الميل إلى شيء ما، لذلك يقال «صغت النجوم» «أي مالت النجوم إلى الغروب» ولهذا جاء إصطلاح «إصغاء» بمعنى الإستماع إلى حديث شخص آخر. والمقصود من «صغت قلوبكما» أي مالت من الحقّ إلى الباطل وإرتكاب الذنب(117).

ثمّ يضيف تعالى: ( وإن تظاهرا عليه فإنّ الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير).

ويتّضح من هذا كم تركت هذه الحادثة من أثر مؤلم في قلب الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم)وروحه العظيمة، ورغم قدرة الرّسول المتكاملة نشاهد أنّ الله يدافع عنه إذ يعلن حماية جبرائيل والمؤمنين له.

[ 430 ]

 

ومن الجدير بالذكر أنّه ورد في صحيح البخاري (ما مضمونه) عن ابن عبّاس أنّه قال: سألت عمر: من كانت المرأتان اللتان تظاهرتا على النبي من أزواجه، فقال: تلك حفصة وعائشة، قال: فقلت والله إن كنت لاُريد أن أسألك عن هذا قال: فلا تفعل ما ظننت أنّ عندي من علم فاسألني فإن كان لي علم خبّرتك به، قال ثمّ قال عمر: والله إن كنّ في الجاهلية ما تعدّ للنساء أمراً حتّى أنزل الله فيهنّ ما أنزل وقسم لهنّ ما قسم ..»(118).

وفي تفسير الدرّ المنثور، ورد أيضاً عن ابن عبّاس ضمن حديث مفصّل أنّه قال: قال عمر: «.. علمت بعد هذه الحادثة أنّ النبي اعتزل جميع النساء، وأقام في «مشربة أُمّ إبراهيم»، فأتيته وقلت: يارسول الله هل طلّقت نساءك؟ قال: لا. قلت: الله أكبر، كنّا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فغضبت على امرأتي يوماً فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت ما تنكر من ذلك فوالله إنّ أزواج النبي ليراجعنه وتهجره إحداهنّ اليوم إلى الليل .. فقلت لإبنتي حفصة لا تفعلي ذلك أبداً وإن فعلته جارتك (يعني عائشة) لأنّك لست هي ..»(119).

في آخر آية من هذه الآيات يخاطب الله تعالى جميع نساء النبي بلهجة  لا تخلو من التهديد: ( عسى ربّه إن طلّقكنّ أن يبدله أزواجاً خيراً منكنّ مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيّبات وأبكاراً).

لذا فهو ينذرهنّ ألاّ يتصورن أنّ الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) سوف لن يطلّقهن، أو يتصوّرن أنّ النبي لا يستبدلهنّ بنساء اُخريات أفضل منهنّ، وذلك ليكففن عن التآمر عليه وإلاّ فسيحرمن من شرف

[ 431 ]

 

 منزلة «زوجة الرّسول» إلى الأبد، وستأخذ نساء اُخريات أفضل منهنّ هذا اللقب الكريم.

* * *

بحوث

1 ـ صفات الزوجة الصالحة:

يضع القرآن الكريم عدّة صفات للمرأة الصالحة التي يمكنها أن تكون نموذجاً يقتدى به في إنتخاب الزوجة اللائقة.

الأوّل «الإسلام» ثمّ «الإيمان» أي الإعتقاد الذي ينفذ ويترسّخ في أعماق قلب الإنسان. ثمّ حالة «القنوت» أي التواضع وطاعة الزوج. بعد ذلك «التوبة» ويقصد أنّ الزوجة إذا ما ارتكبت ذنباً بحقّ زوجها فإنّها سرعان ما تتوب وتعتذر عن ذلك. وتأتي بعد ذلك «العبادة» التي جعلها الله سبحانه ليطهّر بها قلب الإنسان وروحه ويصنعها من جديد، ثمّ «إطاعة أوامر الله» والورع عن محارمه.

وممّا يذكر أنّ جماعة من المفسّرين ـ بل أكثرهم ـ اعتبروا كلمة «سائح» بمعنى «صائم» ولكن طبقاً لما أورده «الراغب» في «المفردات» فإنّ الصوم على قسمين: «صوم حكمي»: وهو الإمتناع عن تناول الطعام والماء، و «صوم حقيقي»: وهو إمتناع أعضاء الإنسان عن إرتكاب المعاصي.

والمقصود بالصوم هنا هو المعنى الثاني، «إذ أنّ مناسبات الحال والمقام تقوّي قول الراغب وتجعله مناسباً، غير أنّه يجب أن يعلم أنّ السائح فسّر أيضاً بمعنى السائر في طريق طاعة الله»(120).

ومن الجدير بالذكر أنّ القرآن لم يعط أهميّة تذكر للباكر وغير الباكر، فإنّه عندما ذكر الصفات المعنوية للزوجة الصالحة ذكر هذه المسألة بصورة عابرة ودون أي تركيز.

2 ـ من هم (صالح المؤمنين)؟

ممّا لا شكّ فيه أنّ صالح المؤمنين، لها معان واسعة تشمل جميع المؤمنين

[ 432 ]

 الصالحين الأتقياء الذين كمل إيمانهم، ورغم أنّ كلمة (صالح) وردت هنا بصيغة المفرد، ولكن يمكن أن يستفاد منها العموم لأنّها تتضمّن معنى الجنس(121).

ولكن ما هو المصداق الأكمل والأتمّ لهذا المصطلح؟

يستفاد من روايات عديدة أنّ المقصود هو الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام).

في حديث عن الإمام الباقر (عليه السلام) يقول: «لقد عرّف رسول الله علياً أصحابه مرّتين: أمّا مرّة فحيث قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه» وأمّا الثانية فحيث نزلت هذه الآية: ( فإنّ الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ...) أخذ رسول الله بيد علي فقال: أيّها الناس، هذا صالح المؤمنين!!؟»

وقد نقل هذا المعنى في كتب عديدة لعلماء أهل السنّة منهم العلاّمة «الثعلبي» و «الكنجي» في «كفاية الطالب» و «أبو حيّان الأندلسي» و «السبط ابن الجوزي» وغيرهم(122).

وقد أورد جمع من المفسّرين منهم «السيوطي» في «الدرّ المنثور» في ذيل الآية مورد البحث و «القرطبي» في تفسيره المعروف، وكذلك «الآلوسي» في «روح المعاني» في تفسير هذه الآية أوردوا هذه الرواية.

وبعد أن نقل مؤلّف (روح البيان) هذه الرواية عن (مجاهد) قال: ويؤيّد هذه الرواية الحديث المعروف: «حديث المنزلة» الذي وصف فيه الرّسول مكانة علي(عليه السلام) منه بقوله لعلي «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» نظراً لأنّ عنوان الصالحين استعمل في القرآن الكريم للإشارة إلى الأنبياء. منها ( وكلا جعلنا

[ 433 ]

صالحين) (سورة الأنبياء الآية 72) و ( ألحقني بالصالحين)(123). (حيث أطلق في الاُولى على مجموع الأنبياء وفي الثانية على يوسف).

ولكون علي بمنزلة هارون فإنّه سيكون كذلك مصداقاً لـ (الصالح) (فتأمّل)!

خلاصة القول: أنّ هناك عدداً كثيراً من الأحاديث وردت في هذا المجال، فبعد أن نقل المفسّر المعروف (المحدّث البحراني) في تفسير البرهان رواية في هذا المجال عن محمّد بن عبّاس(124) أنّه جمع 52 حديثاً تتناول هذا الموضوع من طريق الشيعة والسنّة ثمّ قام هو بنقل بعضها(125).

3 ـ عدم رضا الرّسول عن بعض زوجاته

هناك على طول التاريخ عظماء كثيرون لم يحظوا بزوجات تناسب شأنهم وإهتماماتهم، ونتيجة لعدم توفّر الشروط اللازمة بزوجاتهم، فقد ظلّوا يعانون من ذلك كثيراً، وقد ذكر لنا القرآن الكريم نماذج من هذه المعاناة وقعت للأنبياء العظام.

وربّما توضّح الآيات السابقة أنّ معاناة الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من بعض أزواجه كانت من هذا القبيل، فنظراً لوجود الغيرة والتسابق فيما بينهنّ كنّ يسبّبن متاعب للنبي الكريم. فقد كنّ أحياناً يعترضن عليه أو يفشين سرّه، الأمر الذي جعل القرآن الكريم يوجّه لهنّ خطاباً مباشراً بالتوبيخ وأصدر أقوى البيانات في هذا المجال، حتّى أنّه هدّدهنّ بالطلاق. وقد لاحظنا الرّسول قد غضب على زوجاته وأظهر عدم رضاه لمدّة شهر تقريباً بعد نزول هذه الآيات أملا في إصلاحهنّ.

ويمكن أن نلاحظ بشكل واضح ـ من خلال حياة الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ أنّ بعض زوجاته لم يدركن مقام النبوّة فحسب، بل قد يتعاملن معه كإنسان عادي، وأحياناً يتعرضنّ له بالإهانة.

[ 434 ]

 

وبناءً على هذا فإنّه لا معنى للإصرار على أنّ جميع زوجات الرّسول كنّ على قدر عال من الكمال واللياقة، خصوصاً مع الأخذ بالإعتبار صراحة الآيات السابقة.

ولم يكن هذا المعنى مقتصراً على حياة الرّسول فقط، فبعد وفاته نقل لنا التاريخ أمثلة مشابهة، خاصّة في قصّة حرب الجمل والموقف من خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما جرى من اُمور ليس هنا مجال الخوض فيها.

ومن الواضح أنّ الآيات السابقة تقول بشكل صريح: إنّ الله سيعطي النبي زوجات صالحات تتوفّر فيهنّ الصفات المذكورة في الآيات إذا طلّقكن وسرحكن، وهذا يكشف عن أنّ هناك من زوجات الرّسول ممّن لا تتوفّر فيهنّ تلك الصفات والشروط.

ويؤيّد ذلك ما جاء في سورة الأحزاب حول زوجات الرّسول.

4 ـ إفشاء السرّ

إنّ حفظ السرّ والمحافظة عليه وعدم إفشائه، ليس فقط من صفات المؤمنين، بل هي صفة ينبغي توفّرها بكلّ إنسان ذي شخصية قويّة محترمة، وتتجلّى أهميّة هذه الصفة أكثر مع الأصدقاء والأقرباء وبالأخصّ بين الزوج والزوجة. وقد لاحظنا في الآيات السابقة كيف أنّ القرآن لام أزواج النبي بشدّة ووبّخهنّ على إفشائهنّ للسرّ وعدم محافظتهنّ عليه.

ورد عن أمير المؤمنين قوله: «جمع خير الدنيا والآخرة في كتمان السرّ ومصادقة الأخيار، وجمع الشرّ في الإذاعة ومؤاخاة الأشرار»(126).

5 ـ لا تحرّموا على أنفسكم ما أحلّه الله لكم

من المؤكّد أنّ الله لم يحلّل أو يحرّم شيئاً إلاّ طبقاً لحسابات ومصالح دقيقة، وبناءً على هذا فلا مجال لأن يقوم الإنسان بتحليل الحرام أو تحريم الحلال حتّى مع القسم، فإنّ الحنث جائز في مثل هذه الموارد.

نعم، إذا كان مورد القسم من المباحات التي يكره عملها أو الأولى تركها، يجب الإلتزام بالقسم حينئذ.

* * *

[ 435 ]

الآيات

يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) يَـأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا  لاَ تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (7) يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـت تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَـرُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى اللهُ النَّبِىَّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـنِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ(8)

التّفسير

قوا أنفسكم وأهليكم النار:

تخاطب الآيات السابقة جميع المؤمنين، وترسم لهم المنهج الصالح لتربية الزوجات والأولاد والاُسرة بشكل عامّ، فهي تقول أوّلا: ( ياأيّها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة).

وذلك بحفظ النفس من الذنوب وعدم الإستسلام للشهوات والأهواء، وحفظ العائلة من الإنحراف بالتعليم والتربية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتهيئة الأجواء الصالحة والمحيط الطاهر من كلّ رذيلة ونقص.

وينبغي مراعاة هذا البرنامج الإلهي منذ اللحظات الاُولى لبناء العائلة، أي منذ أوّل مقدّمات الزواج، ثمّ مع أوّل لحظة لولادة الأولاد، ويراعى

[ 436 ]

 

 ويلاحظ بدقّة حتّى النهاية.

وبعبارة اُخرى: إنّ حقوق الزوجة والأولاد لا تقتصر على توفير المسكن والمأكل، بل الأهمّ تربية نفوسهم وتغذيتها بالاُصول والتعاليم الإسلامية وتنشئتها نشأة تربوية صحيحة.

والتعبير بـ «قوا» إشارة إلى أنّ ترك الأطفال والزوجات دون أيّة متابعة أو إرشاد سيؤدّي إلى هلاكهم ودخولهم النار شئنا أم أبينا. لذا عليكم أن تقوهم وتحذّروهم من ذلك.

«الوقود» هو المادّة القابلة للإشتعال مثل (الحطب) وهو بمعنى المعطي لشرارة النار كالكبريت ـ مثلا ـ فإنّ العرب يطلقون عليه (الزناد).

وبناءً على هذا فإنّ نار جهنّم ليس كنيران هذا العالم، لأنّها تشتعل من داخل البشر أنفسهم ومن داخل الصخور وليس فقط صخور الكبريت التي أشار إليها بعض المفسّرين، فإنّ لفظ الآية مطلق يشمل جميع أنواع الصخور.

وقد اتّضح في هذا العصر أنّ كلّ قطعة من الصخور تحتوي على مليارات المليارات من الذرّات التي إذا ما تحرّرت الطاقة الكافية فيها فسينتج عن ذلك نار هائلة يصعب على الإنسان تصوّرها.

وقال بعض المفسّرين: إنّ «الحجارة» عبارة عن تلك الأصنام التي كانوا يعبدونها.

ويضيف القرآن قائلا: ( عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون).

وبهذا لا يبقى طريق للخلاص والهروب، ولن يؤثّر البكاء والإلتماس والجزع والفزع.

ومن الواضح أنّ أصحاب الأعمال والمكلّفين بتنفيذها، ينبغي أن تكون معنوياتهم وروحيّتهم تنسجم مع تلك المهام المكلّفين بتنفيذها. ولهذا يجب أن يتّصف مسؤولو العذاب والمشرفون عليه بالغلظة والخشونة، لأنّ

[ 437 ]

 

جهنّم ليست مكاناً للرحمة والشفقة، وإنّما هي مكان الغضب الإلهي ومحلّ النقمة والسخط الإلهيين. ولكن هذه الغلظة والخشونة لا تخرج هؤلاء عن حدّ العدالة والأوامر الإلهية. إنّما: ( يفعلون ما يؤمرون) دون أيّة زيادة أو نقصان.

وتساءل بعض المفسّرين حول تعبير (لا يعصون) الذي ينسجم مع القول بعدم وجود تكليف يوم القيامة. ولكن يجب الإنتباه إلى أنّ الطاعة وعدم العصيان من الاُمور التكوينية لدى الملائكة لا التشريعية.

بتعبير آخر: إنّ الملائكة مجبولون على الطاعة غير مختارين، إذ لا رغبة ولا ميل لهم إلى سواها.

في الآية اللاحقة يخاطب الكفّار ويصف وضعهم في ذلك اليوم العصيب بقوله: ( ياأيّها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنّما تجزون ما كنتم تعملون).

قد جاءت هذه الآية بعد الآية السابقة التي خاطب بها المؤمنين، ليكون واضحاً أنّ عدم الإلتزام بأوامر الله وعدم الإهتمام بالنساء والأولاد والأهل قد تكون نتيجته وعاقبته كعاقبة الكفّار يوم القيامة.

والتعبير بـ ( إنّما تجزون ما كنتم تعملون) يؤيّد هذه الحقيقة مرّة اُخرى، وهي أنّ جزاء المؤمنين يوم القيامة إنّما هو أعمالهم نفسها التي تظهر أمامهم وترافقهم. وممّا يؤيّد ذلك أيضاً التعبير الذي ورد في الآية السابقة الذي يقول إنّ نار جهنّم: ( وقودها الناس والحجارة).

وممّا يجدر ذكره أنّ عدم قبول الإعتذار ناتج عن كونه نوعاً من التوبة، والتوبة لا تقبل في غير هذا العالم، سواء كان قبل دخول النار أو بعد دخولها.

ويلقي القرآن الضوء في الآية اللاحقة على طريق النجاة من النار حيث يقول: ( ياأيّها الناس توبوا إلى الله توبةً نصوحاً).

نعم. إنّ أوّل خطوة على طريق النجاة هي التوبة والإقلاع عن الذنب، التوبة التي يكون هدفها رضا الله والخوف منه. التوبة الخالصة من أي هدف آخر كالخوف

[ 438 ]

 

 من الآثار الإجتماعية والآثار الدنيوية للذنوب. وأخيراً التوبة التي يفارق بها الإنسان الذنب ويتركه إلى الأبد.

ومن المعلوم أنّ حقيقة التوبة هي الندم على الذنب، وشرطها التصميم على الترك في المستقبل. وأمّا إذا كان العمل قابلا لأن يجبر ويعوّض فلابدّ من الجبران والتعويض، والتعبير بـ ( يكفّر عنكم) إشارة إلى هذا المعنى. وبناءً على هذا يمكننا تلخيص أركان التوبة بخمسة اُمور (ترك الذنب، الندم، التصميم على الإجتناب في المستقبل، جبران ما مضى، الإستغفار).

«نصوح» من مادّة نصح، بمعنى طلب الخير بإخلاص، ولذلك يقال للعسل الخالص بأنّه (ناصح) وبما أنّ من يريد الخير واقعاً يجب أن يكون عمله توأماً للإتقان جاءت كلمة «نصح» أحياناً بهذا المعنى، ولذا يقال للبناء المتين بأنّه «نصاح» ـ على وزن كتاب ـ ويقال للخيّاط «ناصح»، وكلا المعنيين ـ أي الخلوص والمتانة ـ يجب توفّرهما في التوبة النصوح(127).

وأمّا حول المعنى الحقيقي للتوبة النصوح؟ فقد وردت تفاسير مختلفة ومتعدّدة حتّى أوصلها البعض إلى 23 تفسيراً(128).

غير أنّ جميع هذه التفاسير تعود إلى حقيقة واحدة وفروعها والاُمور المتعلّقة بها وشرائطها المختلفة.

ومن هذه التفاسير القول بأنّ التوبة (النصوح) يجب أن تتوفّر فيها أربعة شروط: الندم الداخلي، الإستغفار باللسان، ترك الذنب، والتصميم على الإجتناب في المستقبل.

وقال البعض الآخر بأنّها (أي التوبة النصوح) ذات شروط ثلاثة (الخوف من عدم قبولها، والأمل بقبولها، والإستمرار على طاعة الله.

أو أنّ التوبة «النصوح» التي تجعل الذنوب دائماً أمام أعين أصحابها، ليشعر الإنسان بالخجل منها.

أو أنّها تعني إرجاع المظالم والحقوق إلى أصحابها، وطلب التحليل وبراءة الذمّة من المظلومين، والمداومة على طاعة الله.

أو هي التي تشتمل على اُمور ثلاثة: قلّة الأكل، قلّة القول، قلّة النوم.

أو التوبة النصوح هي التي يرافقها بكاء العين، واشمئزاز القلب من الذنوب وما

[ 439 ]

 

إلى ذلك من فروع التوبة الواقعية وهي التوبة الخالصة التامّة الكاملة.

جاء في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما سأله معاذ بن جبل عن «التوبة النصوح» أجابه قائلا: «أن يتوب التائب ثمّ لا يرجع في الذنب كما لا يعود اللبن إلى الضرع»(129).

وبهذا التعبير اللطيف يتّضح أنّ التوبة يجب أن تحدث إنقلاباً في داخل النفس الإنسانية، وتسدّ عليها أي طريق للعودة إلى الذنب، وتجعل من الرجوع أمراً مستحيلا كما يستحيل إرجاع اللبن إلى الضرع والثدي.

وقد جاء هذا المعنى في روايات اُخرى، وكلّها توضّح الدرجة العالية للتوبة النصوح، فإنّ الرجوع ممكن في المراتب الدنيا من التوبة، وتتكرّر التوبة حتّى يصل الإنسان إلى المرحلة التي لا يعود بعدها إلى الذنب.

ثمّ يشير القرآن الكريم إلى آثار التوبة الصادقة النصوح بقوله: ( عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم).

( ويدخلكم جنّات تجري من تحتها الأنهار).

( يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه).

( نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) ويضيء لهم طريقهم في المحشر ويوصلهم إلى الجنّة.

وهنا يتوجّهون إلى الله بطلب العفو: ( ويقولون ربّنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنّك على كلّ شيء قدير).

وبذلك تكون التوبة (النصوح) لها خمس ثمرات مهمّة:

الاُولى: غفران الذنوب والسيّئات.

الثانية: دخول الجنّة المملوءة بنعم الله.

الثالثة: عدم الفضيحة في ذلك اليوم العصيب الذي ترتفع فيه الحجب وتظهر فيه حقائق الأشياء، ويفتضح الكاذبون الفجّار. نعم في ذلك اليوم سيكون

[ 440 ]

 للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين شأن عظيم، لأنّهم لم ولن يقولوا إلاّ ما هو واقع.

الرابع: أنّ نور إيمانهم وعملهم يتحرّك بين أيديهم فيضيء طريقهم إلى الجنّة. (واعتبر بعض المفسّرين أنّ «النور» الذي يتحرّك أمامهم إنّما هو نور العمل، وكان لنا تفسير آخر أوردناه في ذيل الآية 12 من سورة الحديد).

الخامس: يتجهون إلى الباري أكثر من ذي قبل، ويرجونه تكميل نورهم والغفران الكامل لذنوبهم.

* * *

ملاحظات

1 ـ تعليم وتربية العائلة

من الواضح أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عامّة على جميع الناس ولا تخصّ بعضاً دون آخر. غير أنّ مسؤولية الإنسان تجاه زوجته وأبنائه أكد من غيرها وأشدّ إلزاماً، كما يتجلّى ذلك بشكل واضح من الروايات الواردة في مصادر عديدة، وكذلك الآيات السابقة التي تدعو الإنسان لأن يبذل أقصى جهده لتربية أهله وتعليمهم، ونهيهم عن إرتكاب الذنوب وحثّهم على اكتساب الخيرات، ولا ينبغي عليه أن يقنع ويكتفي بتوفير الغذاء الجسمي لهم.

وبما أنّ المجتمع عبارة عن عدد معيّن من وحدات صغيرة تدعى «العائلة» فإنّ الإهتمام بالعائلة وتربيتها تربية إسلامية صحيحة سيجعل أمر إصلاح المجتمع أسهل وأيسر.

وتبرز هذه المسؤولية أكثر وتكتسب أهميّة خاصّة في العصر الراهن، حيث تجتاح المجتمع موجات من الفساد والضلال الخطرة، وتحتاج إلى وضع برنامج دقيق ومدروس لتربية العائلة لمواجهة هذه الموجات دون التأثّر بها والإنجراف مع تيارها.

فنار الآخرة ليست هي النار الوحيدة التي يكون مصدرها الإنسان نفسه ومن داخله، بل نار الدنيا هي الاُخرى تستمدّ وجودها من هذا الإنسان، لهذا يجب على كلّ إنسان أن يقي نفسه وعائلته من هذه النار.

جاء في الحديث أنّ أحد الصحابة سأل النبي بعد نزول الآية السابقة: كيف أقي

[ 441 ]

 

 أهلي ونفسي من نار جهنّم، فأجابه (صلى الله عليه وآله وسلم): «تأمرهم بما أمر الله، وتنهاهم عمّا نهاهم الله، إن أطاعوك كنت قد وقيتهم، وإن عصوك كنت قد قضيت ما عليك»(130).

وفي حديث آخر جامع ولطيف عن الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «ألا كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته، فالأمير على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على أهل بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، ألا فكلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته»(131).

ونختم هذا البحث بحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في تفسير هذه الآية قال فيه:

«علّموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدّبوهم»(132).

2 ـ التوبة باب إلى رحمة الله

كثيراً ما تهجم على الإنسان الذنوب واللوابس ـ خاصّة في بدايات توجّهه وسلوكه إلى الله ـ وإذا أغلقت جميع أبواب العودة والرجوع بوجهه، فإنّه سيبقى في نهجه هذا إلى الأبد، ولهذا نجد الإسلام قد فتح باباً للعودة وسمّاه «التوبة»، ودعا جميع المذنبين والمقصّرين إلى دخول هذا الباب لتعويض وجبران الماضي.

يقول الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) في مناجاة التائبين:

«إلهي أنت الذي فتحت لعبادك باباً إلى عفوك سمّيته التوبة، فقلت ( توبوا إلى الله توبة نصوحاً) فما عذر من أغفل دخول الباب بعد فتحه !!»(133).

وقد شدّدت الروايات على أهميّة التوبة إلى الحدّ الذي نقرأ في الحديث عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: «إنّ الله تعالى أشدّ فرحاً بتوبة عبده من رجل أضلّ راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها»(134).

[ 442 ]

 

كلّ هذه الروايات العظيمة تحثّ وتؤكّد على هذا الأمر الحياتي المهمّ.

لكن ينبغي التأكيد على أنّ التوبة ليست مجرّد (لقلقة لسان) وتكرار قول (استغفر الله) وإنّما للتوبة شروط وأركان مرّت الإشارة إليها في تفسير التوبة النصوح في الآيات السابقة.

وكلّما تحقّقت التوبة بتلك الشروط والأركان فإنّها ستؤتي ثمارها وتعفي آثار الذنب من قلب وروح الإنسان تماماً، ولذا ورد في الحديث عن الإمام الباقر(عليه السلام): «التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمقيم على الذنب وهو مستغفر منه كالمستهزء»(135).

وقد وردت بحوث اُخرى عن التوبة في ذيل الآية (17) من سورة النساء وفي ذيل الآية (53) من سورة الزمر.

* * *

[ 443 ]

 

الآيات

يَـأَيُّهَا النَّبِىُّ جَـهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَـفِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَيـهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) ضَرَبَ اللهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوح وَامْرَأَتَ لُوط كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَـلِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى الْجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّـلِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَـتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَـنِتِينَ (12)

التّفسير

نماذج من النساء المؤمنات والكافرات:

بما أنّ المنافقين يفرحون لإفشاء أسرار الرّسول وإذاعة الأخبار الداخلية عن بيته، ويرحبون ببروز المشاجرات والإختلافات بين زوجاته ـ التي مضت الإشارة إليها في الآيات السابقة ـ بل إنّهم كانوا يساهمون في إشاعة تلك الأخبار وإذاعتها بشكل أوسع، نظراً لكلّ ذلك فقد خاطب القرآن الكريم الرّسول بأن يشدّد على المنافقين

[ 444 ]

 

والكافرين ويغلّظ عليهم. حيث يقول: ( ياأيّها النبي جاهد الكفّار والمنافقين وأغلظ عليهم ومأواهم جهنّم وبئس المصير).

الجهاد ضدّ الكفّار قد يكون مسلّحاً أو غير مسلّح، أمّا الجهاد ضدّ المنافقين فإنّه بدون شكّ جهاد غير مسلّح، لأنّ التاريخ لم يحدّثنا أبداً عن أنّ الرّسول خاض مرّة معركة مسلّحة ضدّ المنافقين. لهذا ورد في الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ رسول الله لم يقاتل منافقاً قطّ إنّما يتألّفهم»(136).

وبناءً على ذلك فإنّ المراد من الجهاد ضدّ المنافقين إنّما هو توبيخهم وإنذارهم وتحذيرهم، بل وتهديدهم وفضحهم، أو تأليف قلوبهم في بعض الأحيان. فللجهاد معنى واسع يشمل جميع ذلك. والتعبير بـ «أغلظ عليهم» إشارة إلى معاملتهم بخشونة وفضحهم وتهديدهم، وما إلى ذلك.

ويبقى هذا التعامل الخاصّ مع المنافقين، أي عدم الصدام المسلّح معهم، ما داموا لم يحملوا السلاح ضدّ الإسلام وذلك بسبب أنّهم مسلمون في الظاهر، وتربطهم بالمسلمين روابط كثيرة لا يمكن معها محاربتهم كالكفّار، أمّا إذا حملوا السلاح فيجب أن يقابلوا بالمثل، لأنّهم سوف يتحوّلون إلى (محاربين).

ولم يحدث مثل ذلك أيّام حياة الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لكنّه حدث في خلافة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) حيث خاض ضدّهم معركة مسلّحة.

وذهب بعض المفسّرين إلى أنّ المقصود من «الجهاد ضدّ المنافقين» الذي ورد ذكره في الآية السابقة هو إجراء الحدود الشرعية بحقّهم، فإنّ أكثر الذين كانوا تجرى عليهم الحدود هم من المنافقين. ولكن لا دليل على ذلك، كما لا دليل على أنّ الحدود كانت تجرى على المنافقين غالباً.

الجدير بالذكر أنّ الآية السابقة وردت أيضاً وبنفس النصّ في سورة التوبة الآية 73.

ومن أجل أن يعطي الله تعالى درساً عملياً حيّاً إلى زوجات الرّسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) عاد مرّة اُخرى يذكر بالعاقبة السيّئة لزوجتين غير تقيتين من

[ 445 ]

 زوجات نبيين عظيمين من أنبياء الله، وكذلك يذكر بالعاقبة الحسنة والمصير الرائع لامرأتين مؤمنتين مضحيّتين كانتا في بيتين من بيوت الجبابرة، حيث يقول أوّلا: ( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما، فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين)(137).

وبناءً على هذا فإنّ القرآن يحذّر زوجتي الرّسول اللتين اشتركتا في إذاعة سرّه، بأنّكما سوف لن تنجوا من العذاب لمجرّد كونكما من أزواج النبي كما فعلت زوجتا نوح ولوط فواجهتا العذاب الإلهي.

كما تتضمّن الآيات الشريفة تحذيراً لكلّ المؤمنين بأنّ القرب من أولياء الله والإنتساب إليهم لا يكفي لمنع نزول عذاب الله ومجازاته.

وورد في كلمات بعض المفسّرين أنّ زوجة نوح كانت تدعى «والهة» وزوجة لوط «والعة»(138) بينما ذكر آخرون عكس ذلك أي أنّ زوجة لوط اسمها (والهة) وزوجة نوح اسمها (والعة)(139).

وعلى أيّة حال فإنّ هاتين المرأتين خانتا نبيّين عظيمين من أنبياء الله. والخيانة هنا لا تعني الإنحراف عن جادّة العفّة والنجابة، لأنّهما زوجتا نبيّين  ولا يمكن أن تخون زوجة نبي بهذا المعنى للخيانة، فقد جاء عن الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم): «ما بغت امرأة نبي قطّ».

كانت خيانة زوجة لوط هي أن أفشت أسرار هذا النبي العظيم إلى أعدائه، وكذلك كانت زوجة نوح (عليه السلام).

وذهب الراغب في «المفردات» إلى أنّ للخيانة والنفاق معنىً واحداً وحقيقة واحدة، ولكن الخيانة تأتي في مقابل العهد والأمانة، والنفاق يأتي في الاُمور الدينية وما تقدّم من سبب النزول ومشابهته لقصّة هاتين المرأتين توج

ب كون المقصود من الخيانة هنا هو نفس هذا المعنى.

وعلى كلّ حال فإنّ الآية السابقة تبدّد أحلام الذين يرتكبون ما شاء لهم أن يرتكبوا من الذنوب ويعتقدون أنّ مجرّد قربهم من أحد العظماء كاف لتخليصهم من عذاب الله، ومن أجل أن لا يظنّ أحد أنّه ناج من العذاب لقربه من أحد الأولياء، جاء

[ 446 ]

 

في نهاية الآية السابقة: ( فلم يغنينا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين).

ثمّ يذكر القرآن الكريم نموذجين مؤمنين صالحين فيقول: ( وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون).

من المعروف أنّ اسم زوجة فرعون (آسية) واسم أبوها (مزاحم) وقد آمنت منذ أن رأت معجزة موسى (عليه السلام) أمام السحرة، واستقرّ قلبها على الإيمان، لكنّها حاولت أن تكتم إيمانها، غير أنّ الإيمان برسالة موسى وحبّ الله ليس شيئاً يسهل كتمانه، وبمجرّد أن اطّلع فرعون على إيمانها نهاها مرّات عديدة وأصرّ عليها أن تتخلّى عن رسالة موسى وربّه، غير أنّ هذه المرأة الصالحة رفضت الإستسلام إطلاقاً.

وأخيراً أمر فرعون أن تُثبت يداها ورجلاها بالمسامير، وتترك تحت أشعة الشمس الحارقة، بعد أن توضع فوق صدرها صخرة كبيرة. وفي تلك اللحظات الأخيرة كانت امرأة فرعون بهذا الدعاء إذ قالت: ( ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظالمين) وقد استجاب لها ربّها وجعلها من أفضل نساء العالم إذ يذكرها في صفّ مريم.

في رواية عن الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «أفضل نساء أهل الجنّة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد ومريم بنت عمران، وآسيا بنت مزاحم امرأة فرعون»(140).

ومن الطريف أنّ امرأة فرعون كانت تستصغر بيت فرعون ولا تعتبره شيئاً مقابل بيت في الجنّة وفي جواره تعالى، وبذلك أجابت على نصائح الناصحين في أنّها ستخسر كلّ تلك المكاسب وتحرم من منصب الملكة (ملكة مصر) وما إلى ذلك. لسبب واحد هو أنّها آمنت برجل راع كموسى.

وفي عبارة ( ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظالمين) تضرب مثلا رائعاً للمرأة المؤمنة التي ترفض أن تخضع لضغوط الحياة، أو تتخلّى عن إيمانها

[ 447 ]

 

 مقابل مكاسب زائلة في هذه الدنيا.

لم تستطع بهارج الدنيا وزخارفها التي كانت تنعم بها في ظلّ فرعون، والتي بلغت حدّاً ليس له مثيل. لم تستطع كلّ تلك المغريات أن تثنيها عن نهج الحقّ، كما لم تخضع أمام الضغوط وألوان العذاب التي مارسها فرعون. وقد واصلت هذه المرأة المؤمنة طريقها الذي إختارته رغم كلّ الصعاب واتّجهت نحو الله معشوقها الحقيقي.

وتجدر الإشارة إلى أنّها كانت ترجو أن يبني الله لها بيتاً عنده في الجنّة لتحقيق بعدين ومعنيين: المعنى المادّي الذي أشارت إليه بكلمة «في الجنّة»، والبعد المعنوي وهو القرب من الله «عندك» وقد جمعتهما في عبارة صغيرة موجزة.

ثمّ يضرب الله تعالى مثلا آخر للنساء المؤمنات الصالحات، حيث يقول جلّ من قائل: ( ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا)(141).

فهي امرأة لا زوج لها أنجبت ولداً صار نبيّاً من أنبياء الله العظام (من اُولي العزم).

ويضيف تعالى قائلا: ( وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه) و ( كانت من القانتين).

كانت في القمّة من حيث الإيمان، إذ آمنت بجميع الكتب السماوية والتعاليم الإلهية، ثمّ إنّها كانت قد أخضعت قلبها لله، وحملت قلبها على كفّها وهي على أتمّ الإستعداد لتنفيذ أوامر الباري جلّ شأنه.

ويمكن أن يكون التعبير بـ (الكتب) إشارة إلى كلّ الكتب السماوية التي نزلت على الأنبياء، بينما التعبير بـ (كلمات) إشارة إلى الوحي الذي لا يكون على شكل كتاب.

ونظراً لرفعة مقام مريم وشدّة إيمانها بكلمات الله، فقد وصفها القرآن الكريم في الآية (75) من سورة المائدة (صدّيقة).

وقد أشار القرآن إلى مقام هذه المرأة العظيمة في آيات عديدة، منها ما جاء في السورة التي سمّيت باسمها أي (سورة مريم).

[ 448 ]

 

على أيّة حال فإنّ القرآن الكريم تصدّى للشبهات التي أثارها بعض اليهود المجرمين حول شخصية هذه المرأة العظيمة، ونفى عنها كلّ التّهم الرخيصة حول عفافها وطهارتها وكلّ ما يتعلّق بشخصيتها الطاهرة.

والتعبير بـ ( ونفخنا فيه من روحنا) لإظهار عظمة وعلو هذه الروح، كما أشرنا إلى ذلك سابقاً. أو بعبارة اُخرى: إنّ إضافة كلمة (روح) إلى «الله» إضافة تشريفية لبيان عظمة شيء مثل إضافة «بيت» إلى «الله».

ومن الغريب ما كتبه بعض المفسّرين من إعتبارهم عائشة أفضل النساء، وأنّها أعظم من غيرها من النساء ذوات القدر الكبير والشأن عند الله. ولقد كان حريّاً بهم أن لا يتطرّقوا إلى هذا الحديث في هذه السورة، التي نزلت لتعلن خلاف ما ذهبوا إليه وبشكل صريح لا يقبل الجدل. فإنّ كثيراً من مفسّري ومؤرّخي أهل السنّة أكّدوا على أنّ اللوم والتوبيخ اللذين وردا في الآيات السابقة كانا موجّهين إلى زوجتي الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «حفصة» و «عائشة» ومنها ما جاء في صحيح البخاري الجزء السادس صفحة 195 ونحن ندعو بهذه المناسبة أهل التفكير الحرّ جميعاً لأن يعيدوا تلاوة آيات هذه السورة ثمّ ليتعرّفوا على قيمة وجدارة مثل هذه الأحاديث.

اللهمّ جنّبنا الحبّ الأعمى والبغض الأعمى الذي لا يقوم على البرهان بقدر ما يقوم على العصبية، واجعلنا من المستسلمين الخاضعين بكلّ وجودنا إلى آيات قرآنك المجيد.

ربّنا ولا تجعلنا من الذين غضب عليهم الرّسول فلم يرض أعمالهم وطريقة حياتهم.

اللهمّ هب لنا إستقامة لا نتأثّر معها بالضغوط، ولا نخضع لعذاب الفراعنة وجبابرة العصر.

آمين ربّ العالمين

نهاية سورة التحريم




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21400102

  • التاريخ : 18/04/2024 - 19:43

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net