00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة العلق من أول السورة ـ آخر السورة من ( ص 313 ـ 336 )  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء العشرون)   ||   تأليف : سماحة آية الله العظمى الشيخ مكارم الشيرازي

[313]

سُورَة العَلَق

مَكيَّة

وَعَدَدُ آيَآتِهَا تِسع عَشرَة آية

[315]

«سورة العلق»

محتوى السّورة

المشهور بين المفسّرين أنّها أوّل ما نزل من القرآن، ومحتواها يؤيد ذلك أيضاً، وقال آخرون إنّ أوّل ما نزل سورة «الحمّد» وقيل سورة «المدثر» وهو خلاف المشهور.

هذه السّورة تبدأ بأن تأمر النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بالقراءة. ثمّ تتحدث عن خلقة الإنسان بكل عظمته من قطعة دم تافهة.

وفي المرحلة التالية تتحدث السّورة عن تكامل الإنسان في ظل لطف اللّه وكرمه، وعن تعليمه وتمكينه من القلم.

ثمّ تتطرق إلى طغيان الإنسان رغم كلّ ما توفرت له من هبات إلهية واكرام ربّاني.

وتشير بعد ذلك إلى ما ينتظر اُولئك الصادين عن طريق الهداية والمانعين لأعمال الخير من عقاب.

وفي ختام السّورة أمر بالسجود والإقتراب من ربّ العالمين.

فضيلة السّورة:

روي في فضيلة هذه السّورة عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) قال: «من

[316]

قرأ في يومه أو ليلته إقرأ باسم ربّك ثمّ مات في يومه أو ليلته مات شهيداً وبعثه اللّه شهيداً، وأحياه كمن ضرب بسيفه في سبيل اللّه مع رسول اللّه».

هذه السّورة المباركة سمّيت سورة «العلق» و«إقرأ» و«القلم» لمناسبة هذه الكلمات فيها(1).

* * *

_______________________________________

1 ـ تفسير البرهان، ج4، ص478.

[317]

الآيات

اقْرَأ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ (1) خَلَقَ الاِْنسَـنَ مِنْ عَلَق(2)اقْرَأ وَرَبُّكَ الاَْكْرَمُ(3) الَّذِى عَلَّمَ بالْقَلَمِ(4) عَلَّمَ الاِْنسَـنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5)

سبب النّزول

ذكرنا أنّ أكثر المفسّرين يذهبون إلى أنّ هذه السّورة أوّل ما نزل من القرآن، وقيل إنّ المفسّرين يجمعون على نزول الآيات الخمس الأوائل في بداية نزول الوحي على الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، ومضمون الآيات يؤيد ذلك.

وجاء في الرّوايات أن محمّداً(صلى الله عليه وآله وسلم) كان في غار حراء حين نزل عليه جبرائيل وقال له: إقرأ يا محمّد. قال: ما أنا بقاريء، فاحتضنه جبرائيل وضغطه وقال له: إقرأ يا محمّد وتكرر الجواب. ثمّ أعاد جبرائيل عمله ثانية وسمع نفس الجواب. وفي المرّة الثّالثة قال: (إقرأ باسم ربّك الذي خلق...) إلى آخر الآيات الخمس الأوّل من السّورة.

قال ذلك واختفى عن أنظار النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم).

رسول اللّه أحسّ بتعب شديد بعد هبوط أولى أشعة الوحي عليه فذهب إلى

[318]

خديجة وقال: «زملوني ودثروني».(1)

«الطبرسي» في مجمع البيان يروي عن الحاكم النيسابوري قصّة أوّل نزول الوحي ما ينبيء أنّ سورة الحمد كانت أوّل ما نزل على النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إنّ رسول اللّه قال لخديجة إنّي إذا خلوت وحدي سمعت نداء. فقالت: ما يفعل اللّه بك إلاّ خيراً، فواللّه إنّك لتؤدي الأمانة وتصل الرحم وتصدق الحديث، قالت خديجة: فانطلقنا إلى ورقة بن نوفل وهو ابن عمّ خديجة فاخبره رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) بما رأى، فقال له ورقة: إذا أتاك فاثبت له حتى تسمع ما يقول ثمّ إيتني فأخبرني، فلمّا خلا ناداه يا محمّد: قل بسم اللّه الرحمن الرحيم، الحمد للّه ربّ العالمين... حتى بلغ ولا الضّالين، قل لا إله إلاّ اللّه، فأتى ورقة فذكر له ذلك، فقال له: أبشر ثمّ أبشر، فأنا أشهد أنّك الذي بشر به ابن مريم، وإنّك على مثل ناموس موسى، وإنّك نبيّ مرسل، وإنّك سوف تؤمر بالجهاد بعد يومك هذا، ولئن أدركني ذلك لاُجاهدنَّ معك، فلمّا توفي ورقة، قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): «لقد رأيت القس في الجنّة عليه ثياب الحرير لأنّه آمن بي وصدّقني»(2).

جدير بالذكر أنّ في بعض كتب التّفسير والتاريخ كلاماً حول حياة الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، في هذه البرهة الزمنية لا تتناسب أبداً مع شخصية النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وتستند حتماً إلى أحاديث مختلفة أو إلى اسرائيليات، من ذلك أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) اغتم كثيراً لدى نزول الوحي عليه أوّل مرّة، وخشي أن يكون إلقاءات شيطانية! ومن ذلك أنّه(صلى الله عليه وآله وسلم) همّ مرّات أن يلقي بنفسه من أعلى الجبل! وأمثال هذه الخزعبلات التي لا تنسجم اطلاقاً مع ما ذكرته كتب السيرة حول ما يتمتع به الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) من رجاحة في العقل، وضبط كبير في النفس، وصبر وسعة صدر، وثقة بالدور الكبير

_______________________________________

1 ـ التّفسير الكبير، ج12، ص96 (بتلخيص قليل)، وهذا المعنى أورده كثير من المفسّرين بإضافات وزوائد لا يمكن قبول بعضها.

2 ـ تفسير مجمع البيان، ج10، ص514.

[319]

الذي ينتظره.

ويبدو أنّ أعداء الإسلام دسّوا هذه الرّوايات للطعن في الإسلام وللحط من شخصية النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم).

* * *

التّفسير

(اقرأ باسم ربّك)

الآية الاُولى فيها خطاب للنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) تقول له:

(اقرأ باسم ربّك الذي خلق)(1)، قيل إنّ مفعول إقرأ محذوف وتقديره: إقرأ القرآن باسم ربّك، وإستدلّ بعضهم بهذه الآية على أنّ البسملة جزء من سور القرآن.(2)

وقيل: إنّ الباء هنا زائدة، أي إقرأ اسم ربّك، وهذا بعيد لأنّ المناسب وهذه الحالة أن يقال اذكر اسم ربّك لا إقرأ...

ويلاحظ هنا قبل كلّ شيء التركيز على مسألة الربوبية، ونعلم أنّ «الربّ» يعني «المالك المصلح»، أي الشخص الذي يملك شيئاً، ويتعهد إصلاحه وتربيته أيضاً.

ولإثبات ربوبية اللّه جاء ذكر الخلقة... خلقة الكون، إذ إن أفضل دليل على ربوبيته خالقيته، فالذي يُدبّر العالم هو خالقه.

وهذا في الحقيقة ردّ على مشركي العرب الذين قبلوا خالقية اللّه، وأوكلوا الربوبية والتدبير إلى الأوثان، ثمّ إنّ ربوبية اللّه وتدبيره لنظام الكون أفضل دليل على إثبات ذاته المقدسة.

_______________________________________

1 ـ الراغب في المفردات يقول: إنّ القراءة تعني ضم الحروف والكلمات إلى بعضها. ولذلك لا يقال لنطق الحرف قراءة.

2 ـ الباء في هذه الحالة للملابسة.

[320]

ثمّ اختارت الآية التالية «الإنسان» باعتباره أهم مظاهر الخليقة وقالت:

(خلق الإنسان من علق).

«العلق» في الأصل الإلتصاق بشيء، ولذلك سمّي الدم المنعقد المتلاصق، وهكذا الحيوان الذي يلتصق بالجسم لمصّ الدم، بـ «العلق» والنطفة بعد أن تطوي المراحل الجنينية الاُولى تتحول إلى قطعة دم متلاصقة هي العلق، وهي مع تفاهتها الظاهرية تعتبر مبدأ خلقة الإنسان، والآية تركز على هذه الظاهرة لتبيّن قدرة الرّب العظيمة على خلق هذا الإنسان العجيب من هذه العلقة التافهة.

وقيل: إنّ العلق في الآية يعني الطين الذي خلق منه آدم، وهو أيضاً مادة متلاصقة، وبديهي أنّ الربّ الذي خلق آدم من طين لازب يستحق كلّ تمجيد وثناء.

وقيل أيضاً: أنّ العلق يعني «صاحب العلاقة»، وفيه إشارة إلى الروح الإجتماعية للإنسان، والعلاقة الموجودة بين أفراد البشر هي في الواقع أساس تكامل البشر وتطور الحضارات.

وقال آخرون: إنّ العلق إشارة إلى نطفة الرجل (الحيمن)، وهي تشبه دودة العلق إلى حدّ كبير، وهذا الموجود المجهري يسبح في ماء النطفة، ويتجه إلى بويضة المرأة في الرحم، ويلقحها ويكون منها النطفة الكاملة للإنسان.

والقرآن الكريم بطرحه هذه المسألة يسجل معجزة علمية اُخرى من معاجزه، إذ لم تكن هذه الاُمور معروفة أبداً في عصر نزوله.

ومن بين التفاسير الأربعة، يبدو أنّ التّفسير الأوّل أوضح، وإن كان الجمع بين التّفاسير الأربعة ممكن أيضاً.

ممّا تقدم نفهم أنّ «الإنسان» في الآية هو آدم حسب أحد التّفاسير وهو مطلق الإنسان حسب التفاسير الثلاثة الاُخرى.

وللتأكيد، تقول الآية مرّة اُخرى:

[321]

(إقرأ وربّك الأكرم).(1)

قيل: إنّ «إقرأ» في هذه الآية تأكيد لإقرأ في الآية السابقة، وقيل: إنّها تختلف عن الآية الاُولى، فالاُولى قراءة النبيّ لنفسه، وفي الثّانية القراءة للناس غير أنّ الرأي الأوّل أنسب، إذ لا يوجد دليل على اختلاف الإثنين.

وهذه الآية في الواقع جواب على قول الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لجبرائيل: ما أنا بقاريء، وهذه الآية تقول: إنّك قادر على القراءة بكرم الرّب وفضله ومنّه.

ثمّ تصف الآيتان التاليتان الربّ الأكرم:

(الذي علم بالقلم).

(علم الإنسان ما لا يعلم).

وهاتان الآيتان أيضاً تتجهان إلى الجواب على قول رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): ما أنا بقاريء، أي إنّ اللّه الذي علم البشر بالقلم وكشف لهم المجاهيل، قادر على أن يعلم عبده الأمين القراءة والتلاوة.

جملة (الذي علم بالقلم) تحتمل معنيين.

الأوّل: أنّ اللّه علم الإنسان الكتابة، وأعطاه هذه القدرة العظيمة التي هي منبثق تاريخ البشر، ومنطلق جميع العلوم والفنون والحضارات.

والثّاني: المقصود أنّ اللّه علم الإنسان جميع العلوم عن طريق القلم وبوسيلة الكتابة.

وبإيجاز إمّا أن يكون التعليم، تعليم الكتابة، أو تعليم العلوم عن طريق الكتابة.

وهو ـ على أي حال ـ تعبير عميق المعنى في تلك اللحظات الحساسة من

_______________________________________

1 ـ جملة «وربّك الأكرم» جملة استئنافية مكونة من مبتدأ وخبر.

[322]

بداية نزول الوحي

* * *

بحثان

1 ـ بداية نزول الوحي مقرون ببداية حركة علمية

هذه الآيات كما ذكرنا هي أوّل ما نزل على رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) على ما ذهب إليه أغلب المفسّرين أو جميعهم، وبذلك بدأ فصل جديد في تاريخ البشرية، وأضحت الإنسانية مشمولة بأعظم الألطاف الإلهية وبأكمل الأديان وخاتمها. واستمرّ نزول الوحي حتى اكتمل التشريع الإلهي بمصداق قوله سبحانه:

(اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)(1)، وبذلك أتمّ اللّه نعمته على الأجيال البشرية المتعاقبة حتى يرث اللّه الأرض ومن عليها.

والمهمّ في الإمر أنّ هذه الآيات نزلت على نبيّ اُمي لم يتعلم القراءة والكتابة وفي بيئة اجتماعية تسودها الاُمية والجهل لتتحدث أوّل ما تتحدث عن العلم وعن القلم مباشرة بعد ذكر نعمة الخلق!

هذه الآيات تتحدث في الواقع أوّلاً عن تكامل «جسم» الإنسان من موجود تافه هو «العلقة»، ثمّ عن تكامل «روحه» بواسطة التعليم والتعلّم خاصّة عن طريق القلم.

حين نزلت هذه الآيات لم تكن بيئة الحجاز وحدها بل كان العالم المتحضر في ذلك العصر أيضاً لا يعير أهمية تذكر للقلم.

_______________________________________

1 ـ المائدة، الآية 3.

[323]

أمّا اليوم فإنّنا نعلم أنّ القلم محور كل الحضارات والعلوم، وكلّ تقدم في أي مجال من المجالات، ونعلم تفوق أهمية «مداد العلماء» على «دماء الشهداء»، لأنّ هذا المداد هو الذي يكون الأساس القويم لدماء الشهداء والسند المتين له.  ولا نكون مغالين إذا قلنا أنّ مصير المجتمعات البشرية مرتبط بما تفرزه الأقلام.

إصلاح المجتمعات البشرية يبدأ من الأقلام الملتزمة المؤمنة، وفساد المجتمعات أيضاً ينطلق من الأقلام المسمومة.

ولأهمية القلم يقسم القرآن به وبما يفرزه، أي بآلة الكتابة وبمحصولها: (ن والقلم وما يسطرون)(1).

نعلم أنّ حياة البشرية تقسم على مرحلتين:

عصر التاريخ.

وعصر ما قبل التاريخ.

وعصر التاريخ يبدأ من استعمال القلم والكتابة والقراءة... من زمن اقتدار الإنسان على أن يكتب بالقلم، وأن يخلف تراثاً للأجيال، من هنا فتاريخ البشرية مقرون بتاريخ ظهور القلم والخط.

وحول دور القلم في حياة البشرية كان لنا وقفة طويلة في بداية تفسير سورة القلم.

من هنا فإنّ أساس الإسلام أقيم منذ البداية على أساس العلم والقلم... ولذلك استطاع قوم متخلفون أن يتقدموا في العلم والمعرفة حتى تأهّلوا ـ باعتراف الأعداء والأصدقاء ـ لتصدير علومهم إلى العالم! إن علم المسلمين ومعارفهم هو الذي مزّق ظلام القرون الوسطى في أوروبا وأدخلها عصر الحضارة. وهذا ما

_______________________________________

1 ـ القلم، الآية 1.

[324]

يعترف به علماء أوروبا أنفسهم فيما كتبوه في حقل تاريخ الحضارة الإسلامية وفي تراث الإسلام.

وما أبشع وأفظع أن تكون أخلاق أُمّة كتلك تمتلك بين ظهرانيها ديناً كهذا متخلفة في ميادين العلم والمعرفة ومحتاجة إلى الآخرين بل وتابعة لهم!!

2 ـ باسم اللّه في كلّ حال

بدأت دعوة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) باسم اللّه وذكره: (اقرأ باسم ربّك).

واستمرت حياة الرّسول مقرونة في كلّ حال بذكر اللّه... اقترن الذكر بأنفاسه... بقيامه... بجلوسه... بنومه... بمشيه... بركوبه... بترجله... بتوقفه... كان كلّه باسم اللّه.

عندما كان يستيقظ يقول: «الحمد للّه الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور».

يقول ابن عباس: بتّ ليلة مع النّبي، وعندما استيقظ رفع رأسه إلى السماء، وتلا الآيات العشر الأخيرة من سورة آل عمران: (إنّ في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار...) ثمّ قال: «اللّهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهنّ..اللّهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت...».

حين كان يخرج من البيت يقول: «بسم اللّه، توكلت على اللّه، اللّهم إنّي أعوذ بك أن أضِلّ، أو أضَل، أو أزل، أو أظلم أو أُظلم، أو أجهل، أو يُجهل عليَّ».

وحين يرد المسجد يقول: «أعوذ باللّه العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم».

وحين يرتدي لباساً جديداً يقول: «اللّهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شرّه وشرّ ما صنع له».

[325]

وحين يعود إلى المنزل يقول: «الحمد للّه الذي كفاني وأواني، والحمد للّه الذي أطعمني وسقاني».

وبذلك فإنّ حياة الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) بكل مرافقها كانت مقرونة بذكر اللّه واسمه الكريم.(1)

* * *

_______________________________________

1 ـ في ظلال القرآن، ج8، ص619 وما يليها بتلخيص.

[326]

الآيات

كَلاَّ إِنَّ الاِْنَسـنَ لَيَطْغَى(6) أَن رَّءاهُ استَغْنَى(7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى(8) أَرَءَيْتَ الَّذِى يَنْهَى(9) عَبْداً إِذَا صَلَّى(10)أَرَءَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى(11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى(12) أَرَءَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى(13) أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى(14)

التّفسير

سبب الطغيان:

استتباعاً للآيات السابقة التي تحدثت عن النِعم المادية والمعنوية الإلهية على الإنسان... والنِعَم التي تستلزم شكر الإنسان وتسليمه أمام اللّه، هذه الآيات تبدأ بالقول: ليست نِعَم اللّه تحيي روح الشكر في الإنسان دائماً، بل إنّه يطغى:

(كلاّ إنّ الإنسان ليطغى)(1) ومتى يكون ذلك؟ فيما لو رأى نفسه مستغنياً وغير محتاج.

_______________________________________

1 ـ حسب المعنى الذي ذكرناه للآية (كلا) هنا للردع بالنسبة لما يستلزمه مضمون الآيات السابقة وقيل أيضاً أنّها بمعنى «حقّاً» للتأكيد.

[327]

(أن رآه استغنى)(1).

هذه طبيعة أغلب أفراد البشر... الأفراد الذين لم يتربوا في مدرسة العقل والوحي، حين يرون أنفسهم مستغنين غير محتاجين يعمدون إلى الطغيان، وينسلخون من عبودية اللّه، ويرفضون الإعتراف بأحكامه، ويصمّون أذانهم عن ندائه، ولا يراعون حقّاً ولا عدلاً.

لا الإنسان ولا أي مخلوق آخر قادر على أن يستغني، بل كلّ الموجودات الممكنة بحاجة إلى لطف اللّه ونِعَمِه، وإذا انقطع فيضه سبحانه عنها لحظة واحدة، ففي هذه اللحظة بالذات تفنى بأجمعها، غير أنّ الإنسان يحسّ خطأ أحياناً أنّه مستغن غير محتاج. والقرآن يشير إلى هذا الإحساس بعبارة دقيقة يقول: (أن رآه استغنى) لم يقل أن استغنى.

قيل: إنّ المقصود بالإنسان في الآية أبو جهل الذي كان يطغى أمام الدعوة لكن مفهوم الإنسان هنا عام، وأمثال أبي جهل مصاديق له.

يبدو أنّ الهدف من الآية الفات نظر الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بمنعطفات الطبيعة البشرية كي لا يتوقع قولاً سريعاً من النّاس لدعوته، وليعدّ نفسه لإنكار المنكرين ومعارضة الطغاة المستكبرين، وليعلم أنّ الطريق أمامه وعر مليء بالمصاعب.

ثمّ يأتي التهديد لهؤلاء الطغاة المستكبرين وتقول الآية التالية:

(إن إلى ربّك الرجعى) وهو الذي يعاقب الطغاة على ما اقترفوه، وكما إنّ رجوع كلّ شيء إليه، وميراث السماوات والأرض له سبحانه: (وللّه ميراث السماوات والأرض)(2) فكل شيء في البداية منه، ولا مبرّر للإنسان أن يشعر بالإستغناء ويطغى.

_______________________________________

1 ـ جملة «أن رآه استغنى» مفعول لأجله، والتقدير: لأنّ... والرؤية هنا بمعنى العلم ولذا نصبت مفعولين، ويحتمل أيضاً أن تكون الرؤية هنا حسّية. و«استغنى» تكون عندئذ بمثابة الحال.

2 ـ آل عمران، الآية 180.

[328]

ثمّ تتحدث الآيات التالية عن بعض أعمال الطغاة المغرورين، مثل صدّهم عباد اللّه عن السير في طريق الحقّ.

(أرأيت الذي ينهى).

(عبداً إذا صلّى)؟!

ألا يستحق مثل هؤلاء عذاباً سحيقاً؟!

وفي الحديث أن أبا جهل قال: «هل يعفّر محمّد وجهه بين أظهركم (أي هل يسجد محمّد بينكم) قالوا: نعم، قال: فبالذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنَّ على رقبته. فقيل له: ها هو ذاك يصلّي، فانطلق ليطأ على رقبته، فما فاجأهم إلاّ وهو ينكص على عقبيه، ويتقي بيديه. فقالوا: مالك يا أبا الحكم؟! قال: إنّ بيني وبينه خندقاً من نار، وهولاً، وأجنحة. وقال نبيّ اللّه: والذي نفسي بيده لو دنا منّي لاختطفته الملائكة عضواً عضواً. فأنزل اللّه سبحانه: (أرأيت الذي ينهى)إلى آخر السّورة»(1)

حسب هذه الرّواية: الآيات التي نحن بصددها لم تنزل في بداية البعثة، بل نزلت حين أعلنت الدعوة، ولذلك قيل إنّ الآيات الخمس الاُولى هي التي كانت أوّل مانزل من الوحي والباقي بعد ذلك بمدّة.

على أي حال، سبب نزول الآيات لا يمنع من سعة مفهومها.

الآيات التالية تأكيد على نفس المفاهيم.

(أرأيت إن كان على الهدى).

(أو أمر بالتقوى).

أي أرأيت إن كان هذا العبد المصلّي على الهدى أو أمر بالتقوى فهل يصح نهيه؟ ألا يستحق من ينهاه النّار؟

_______________________________________

1 ـ مجمع البيان، ج10، ص515.

[329]

(أرأيت إن كذّب وتولّى) ولو كذّب هذا الطاغية بالحق وتولى وأعرض عنه فماذا سيكون مصيره؟

(ألم يعلم بأن اللّه يرى) ويثبت كلّ شيء ليوم الجزاء والحساب.

والتعبير بالقضية الشرطية في الآيتين إشارة إلى أن هذا الطاغي المغرور ينبغي أن يحتمل ـ على الأقل ـ أنّ النّبي على طريق الهداية ودعوته تتجه إلى التقوى،. وهذا الإحتمال وحده كاف لصده عن الطغيان.

من هنا فمفهوم الآيات ليس فيه ترديد في هداية النّبي ودعوته إلى التقوى، بل ينطوي على إشارة دقيقة إلى المعنى المذكور.

بعض المفسّرين أرجع الضمير في «كان» و«أمر» إلى الشخص الطاغي الناهي، مثل أبي جهل، ويكون المعنى عندئذ: أرأيت إن قبل هذا هداية الإسلام، وأمر بالتقوى بدلاً من نهيه عن الصلاة، فما أنفع ذلك له!

لكن التّفسير الأوّل أنسب!

* * *

ملاحظة

عالم الوجود محضر اللّه:

حين يؤمن الإنسان بأنّه في كلّ حركاته وسكناته بين يدي اللّه، وأنّ عالم الوجود محضر اللّه سبحانه وتعالى، لا يخفى عليه شيء من عمل الفرد بل من نواياه، فإنّ ذلك سيؤثر على منهج هذا الإنسان في الحياة تأثيراً بالغاً، ويصدّه عن الإنحراف، إذا كان إيمانه ـ طبعاً ـ متوغلاً في قلبه، وكان اعتقاده قطعي لا تردد فيه.

جاء في الحديث: «اعبد اللّه كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك».

[330]

يقال أنّ عارفاً تاب بعد ذنب، وكان بعد ذلك يبكي كثيراً قيل له: لِمَ هذا البكاء؟ ألا تعلم أنّ اللّه تعالى غفور؟ قال: بلى، قد يعفو سبحانه. ولكن كيف أبعد عن نفسي الإحساس بالخجل، وقد رآني أذنب؟!

* * *

[331]

الآيات

كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعَاً بِالنّاصِيَة(15) نَاصِيَة كَـذِبَة خَاطِئَة(16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ(17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ(18) كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَاسْجُدْ واقْتَرِب(19)

التّفسير

السجود والتقرب:

بعد الحديث في الآيات السابقة عن الطغاة الكافرين الصادين عن سبيل اللّه، توجّه هذه الآيات أشدّ التهديد لهم وتقول: (كلاّ) لا يكون ما يتصور (لانّه تصور أن يصدّ عن عبادة اللّه بوضعه قدمه على رقبة النّبي).

(كلاّ لئن لم ينته لنسفعنّ بالناصية) نعم، إذا لم ينته من إثمه وطغيانه سنجرّه بالقوّة من شعر مقدمة رأسه (وهي الناصية)، وثمّ وصف الناصية هذه بأنّها كاذبة خاطئة وهو وصف لصاحبها (ناصية كاذبة خاطئة).

«لنسفعاً»: من السفع، وذكر له المفسّرون معاني متعددة: الجرّ بالشدّة، الصفع على الوجه، تسويد الوجه (الأثافي الثلاثة التي يوضع عليها القدر تسمى «سفع»

[332]

لأنّها تسوّد بالدخان)، ووضع العلامة والإذلال(1).

والأنسب المعنى الأوّل، وإن كانت الآية تحتمل معاني اُخرى أيضاً.

وهل حدوث هذا السفع بالناصية في يوم القيامة، حيث يسحب أبو جهل وأمثاله من مقدمة شعر الرأس إلى جهنم، أم في الدنيا، أم في كليهما؟ لا يستبعد أن يكون في كليهما، والشاهد على ذلك الرّواية التالية:

«لمّا نزلت سورة الرحمن، علم القرآن... قال النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه: من يقرؤها منكم على رؤوساء قريش؟ فتثاقلوا مخافة أذيتهم، فقام ابن مسعود وقال: أنا يارسول اللّه، فأجلسه عليه السلام، ثمّ قال: من يقرؤها عليهم؟ فلم يقم إلاّ ابن مسعود، ثمّ ثالثاً كذلك إلى أن أذن له، وكان عليه السلام يبقي عليه لما كان يعلم من ضعفه وصغر جثته. ثمّ إنّه وصل إليهم فرآهم مجتمعين حول الكعبة، فافتتح قراءة السّورة، فقام أبو جهل فلطمه فشقّ أذنه وأدماه، فانصرف وعيناه تدمع. فلمّا رآه النّبي عليه السلام رق قلبه وأطرق رأسه مغموماً، فإذا جبريل عليه السلام يجيء ضاحكاً مستبشراً، فقال: يا جبريل تضحك وابن مسعود يبكي! فقال: ستعلم.

فلمّا ظهر المسلمون يوم بدر التمس ابن مسعود أن يكون له حظ في المجاهدين، فأخذ يطالع القتلى: فإذا أبو جهل مصروع يخور... فصعد على صدره، فلمّا رآه أبو جهل قال: يا رويعي الغنم لقد ارتقيت مرتقى صعباً. فقال ابن مسعود: الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.

فقال أبو جهل: بلغ صاحبك أنّه لم يكن أحد أبغض إليّ منه في حياتي، ولا أحد أبغض إليّ منه في حال مماتي.

روي أنّه عليه السلام لما سمع ذلك قال: «فرعوني أشدّ من فرعون موسى

_______________________________________

1 ـ التّفسير الكبير، ج32، ص23.

[333]

فإنّه قال آمنت وهو قد زاد عتواً».

ثمّ قال أبو جهل لابن مسعود: اقطع رأسي بسيفي هذا، لأنّه أحدّ وأقطع. فلمّا قطع رأسه لم يقدر على حمله، فراح يجرّه على ناصيته إلى رسول اللّه، (وبذلك تحقق قوله سبحانه: (لنسفعن بالناصية) في هذه الدنيا أيضاً»(1).

«الناصية»: شعر مقدم الرأس، و(السفع بالناصية) يراد به الإذلال والإرغام، لأنّ أخذ الشخص بناصيته يفقده كلّ حركة ويجبره على الإستسلام.

«الناصية» تستعمل لمقدمة رأس الأفراد، وللجزء النفيس من الشيء كأن نقول «ناصية البيت».

ووصف الناصية بأنّها «كاذبة خاطئة» يعني أنّ صاحبها كاذب في أقواله وخاطيء في أعماله، كما كان أبو جهل.

ولقد وردت بعض الرّوايات الصحيحة بأنّ السّورة ـ عدا المقطع الأوّل منها ـ قد نزلت في أبي جهل إذ مرّ برسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يصلي عند المقام فقال (يا محمّد ألم أنهك عن هذا؟ وتوعده فاغلظ له رسول اللّه وانتهره...) ولعلها هي التي أخذ فيها رسول اللّه بخناقه وقال له: (أولى لك ثمّ أولى) فقال: يا محمّد بأي شيء تهددني؟ أما واللّه وإنّي لأكثر هذا الوادي نادياً)(2).

وهنا نزلت الآية التالية تقول لأبي جهل: فليدع هذا الجاهل المغرور كل قومه وعشيرته وليستنجد بهم.

(فليدع ناديه).

ونحن سندع أيضاً زبانية جهنم:

(سندع الزبانية) ليعلم هذا الجاهل الغافل أنّه عاجز عن فعل أي شيء وإنّه

_______________________________________

1 ـ الفخر الرازي، ج32، ص23.

2 ـ تفسير في ظلال القرآن، ج6، ص3942 ذيل الآية.

[334]

في قبضة خزنة جهنم كقشة في مهبّ الريح.

«النادية» من مادة (ندا) وهو المكان الذي يجتمع فيه القوم، وتارة يطلق على مركز التفريح، لأنّ القوم فيه ينادي بعضهم بعضاً، أو من «النَّدا» بمعنى الكرم، لأنّ الأفراد يكرم فيه بعضهم بعضاً. ومنه أيضاً «الندوة» وهي مكان يتشاور فيه الجماعة. و«دار الندوة» مقر معروف لتشاور قريش.

و«النادي» في الآية يقصد به القوم الذين يجتمعون في النادي. وأرادت منه الآية اُولئك الذين يستند إليهم أمثال أبي جهل من أهل وعشير وأصحاب.

و«الزبانية» جمع «زبنية» وهو في الأصل بمعنى الشرطة من مادة «زَبن» ـ على زنة متن ـ وهو الدَفع والردع والإبعاد. وهنا بمعنى ملائكة العذاب وخزنة جهنم.

وفي آخر آية من السّورة وهي آية السجدة يقول سبحانه: (كلاّ) أي ليس الأمر كما يتصور بأنّه قادر على أن يمنع سجودك: (لا تطعه واسجد واقترب) فأبو جهل أقل من أن يستطيع منع سجودك أو الوقوف بوجه دينك، فتوكل على اللّه وأعبده واسجد له، وبذلك تقترب منه سبحانه على هذا المسير أكثر فأكثر.

ويستفاد ضمنياً من هذه الآية أن «السجود» عامل اقتراب من اللّه، ولذا ورد في الحديث: «أقرب ما يكون العبد من اللّه إذا كان ساجداً».

وفي روايات أهل البيت(عليهم السلام) أنّ القرآن يتضمّن أربعة مواضع فيها سجود واجب وهي في «ألم السجدة» و«فصلت» و«النجم» وفي هذه السّورة «العلق» وبقية المواضع السجدة فيها مستحبة.

* * *

[335]

ملاحظة

الطغيان والإحساس بالإستغناء:

أغلب مفاسد العالم مصدرها الفئات المرفهة والمستكبرة في المجتمع. وهذه الفئات كانت دائماً في مقدمة أعداء دعوة الأنبياء. وهؤلاء يطلق عليهم القرآن أحياناً: (الملأ)(1) وأحياناً (المترفين)(2) وأحياناً (المستكبرين)(3).

المجموعة الاُولى: هم الأشراف المنتفشون في الظاهر، الفارغون في الداخل.

والثّانية: هم الغارقون في الرخاء ويعيشون في سكرة وغرور بمعزل عن الآم الآخرين.

والثّالثة: هم الراكبون رؤوسهم كبراً وغروراً والغافلون عن اللّه وعن الخلق.

ودافع كل اُولئك إحساسهم بالإستغناء، وهذه طبيعة أفراد أفق تفكيرهم ضيق، تسكرهم النعمة، ويزلزل توازنهم المال والمقام، فيغطون في شعور بالإستغناء ينسيهم ذكر اللّه، بينما نعلم أنّ نسمة من الهواء قادرة على أن تطوي سجل أيّامهم، وأنّ حادثة كسيل أو زلزال أو صاعقة قادرة على أن تبيد أموالهم... وأنّ شرقة بالماء قادرة على أن تخطف أرواحهم.

أية غفلة هذه تصيب جماعة تجعلهم يشعرون بالإستغناء، وتدفعهم إلى امتطاء مركب الغرور ليصولوا ويجولوا في الساحة الإجتماعية!! نستجير باللّه من هذا الجهل ومن هذه الغفلة والطغيان!

وللتغلب على هذه الحالة يكفي أن يلتفت الإنسان قليلاً إلى ضعفه الشديد وإلى قدرة اللّه المطلقة، وأن يتصفح تاريخ السابقين ليرى مصير أقوام أكثر منه قوّة ومكنة.

_______________________________________

1 ـ الاعراف، الآية 60.

2 ـ سبأ، الآية 34.

3 ـ المؤمنون، الآية 67.

[336]

اللّهم احفظنا من الكبر والغرور فهما أساس الإبتعاد عنك.

ربّنا! لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين في الدنيا والآخرة

يا ربّ العالمين! وفقنا لأن نمرّغ في التراب اُنوف هؤلاء المستكبرين المغرورين الذين يصدون عن سبيلك، وأن نحبط مخططاتهم ومؤامراتهم.

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة العلق




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21332045

  • التاريخ : 28/03/2024 - 10:33

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net