00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الانعام من أول السورة ـ آخر السورة  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الاول)   ||   تأليف : المولى محمد محسن الفيض الكاشاني

[ 309 ]

سورة الأنعام

(مكية، وهى مائة وخمس وستون آية) 1 بسم الله الرحمن الرحيم (الحمد لله الذى خلق السماوات والأرض). وصف نفسه بما نبه به على أنه المستحق للحمد، حمد أو لم يحمد ليكون حجة على العادلين (به) 2. (وجعل الظلمات والنور): أنشأهما. والفرق بين الخلق والجعل، أن الخلق فيه معنى التقدير، والجعل فيه معنى التصيير كانشاء شئ من شئ. (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) يعنى: أنه خلق ما لا يقدر عليه أحد سواه، ثم يسوون به مالا يقدر على شئ منه. ومعنى) ثم (: استبعاد عدولهم بعد هذا الوضوح. (والآية رد على ثلاثة أصناف: ف) خلق السماوات والأض (رد على الدهرية، الذين قالوا: ان الأشياء لا بدولها وهى قائمة، و) جعل الظلمات والنور (رد على الثنوية، الذين قالوا: ان النور والظلمة هما البدران، و) ثم الذين كفروا بربهم يعدلون (رد على مشركي العرب، الذين قالوا: (ان أوثانا آلهة). كذا ورد 3.

___________________________

1 و 2 - ما بين المعقوفات من نسخة (ب).

 3 - الاحتجاج 1: 25، عن أبى عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 310 ]

(هو الذى خلقكم من طين) أي: ابتدأ خلقكم منه (ثم قضى أجلا): كتب وقدر أجلا لموتكم محتوما (وأجل مسمى عنده) لموتكم أيضا، يؤخر بالدعاء والصدقة وصلة الرحم وغيرها، ويقدم بأضدادها، وفيه سر البداء. قال: (الأجل المقضى هو المحتوم الذى قضاه الله وحتمه، والمسمى هو الذي فيه البداء يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء والمحتوم ليس فيه تقديم ولا تأخير) 1. (ثم أنتم تمترون): تشكون. استبعاد لامترائهم بعد ما ثبت أنه خالقهم وخالق أصولهم، ومحييهم الى آجالهم، وموقفهم في الأجل، بين الخوف والرجاء 2 بعد قضائه المحتوم وقدره النافذ. (وهو الله في السماوات وفى الأرض) قال: (كذلك في كل مكان) 3. (يعلم سركم في وجهركم ويعلم ما تكسبون). (وما تأتيهم من ءاية من ءايات ربهم الا كانوا عنها معرضين). (فقد كذبوا بالحق): بما جاء به محمد صلى الله عليه واله وسلم (لما جاءهم فسوف يأتيهم أنبآؤا ما كانوا به يستهزءون): عند نزول العذاب بهم. (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن): من أهل زمان (مكناهم في الأرض): أعطيناهم من البسطة في الأجسام، والسعة في الأموال (ما لم نمكن لكم): ما لم نعطكم. وفى الكلام التفات. (وأرسلنا السماء): المطر (عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجرى من تحتهم) فعاشوا في الخصب (فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا ءاخرين) بدلا منهم، فنقدر أن نفعل ذلك بكم. (ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم). ولم يقتصر 4 بهم على

___________________________

1 - القمى 1: 194، عن أبى عبد الله عليه السلام.

 2 - في جميع النسخ: (وبين الخوف والرجاء) بزيادة (و) والظاهر أنها زائدة، الا أن يكون عطفا على قوله: موقفهم أي: بعد ما ثبت أنه موقفهم في الأجل وموقفهم بين الخوف والرجاء.

 3 - التوحيد: 133، الباب: 9، ذيل الحديث: 15، عن أبى عبد الله عليه السلام.

 4 - في (ب) و (ج): (ولم نقتصر بهم). (*)

 

[ 311 ]

الرؤية، لئلا يقولوا: سكرت أبصارنا. (لقال الذين كفروا ان هذا الا سحر مبين) لعظم عنادهم وقسوة قلوبهم. (وقالوا لولآ أنزل عليه ملك) قال: (يعنى: يصدقه 1 ونشاهده، بل يكون نبيا دونه) 2. (ولو أنزلنا ملكا لقضى الأمر): لحق اهلاكهم، فان سنة الله جرت بذلك فيمن قبلهم (ثم لا ينظرون): لا يمهلون بعد نزوله، طرفة عين. (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا) لمثلناه رجلا، كما مثل جبرئيل في صورة دحية 3، فان القوة البشرية لا تقوى على رؤية الملك في صورته. (وللبسنا عليهم ما يلبسون): ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم، فيقولون: ماهذا الا بشر مثلنا، وكذبوه كما كذبوك. ورد: (انه قيل لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم: لو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده، بل لو أراد الله أن يبعث الينا نبيا لكان انما يبعث الينا ملكا لا بشرا مثلنا، فنزلت هذه الآية، فقال صلى الله عليه واله وسلم للقائل: الملك لم يشاهده حواسكم، لأنه من جنس هذا الهواء لاعيان منه، ولو شاهدتموه، بأن يزاد في قوى أبصاركم لقلتم: ليس هذا ملكا بل هذا بشر، لأنه انما كان يظهر لكم بصورة البشر الذى ألفتموه، لتفهموا عنه مقالته وتعرفوا خطابه ومراده، فكيف كنتم تعلمون صدق الملك، وأن ما يقوله حق ؟ بل انما بعث الله بشرا وأظهر على يده المعجزات التى ليست في طبائع البشر الذين قد علمتم ضمائر قلوبهم، فتعلمون بعجزكم عما جاء به أنه معجزة، وأن ذلك شهادة من الله بالصدق له، ولو ظهر لكم ملك وظهر على يده ما يعجز عنه البشر، لم يكن في ذلك ما يدلكم أن ذلك ليس في طبائع سائر أجناسه من الملائكة حتى يصير ذلك

___________________________

1 - أي: يصدق الملك النبي ونشاهد الملك. وفى (ب): (نصدقه).

 2 - الاحتجاج 1: 27، عن أبى محمد العسكري عليه السلام، مع تفاوت.

 3 - أي: دحية الكلبى. (*)

 

[ 312 ]

معجزا، ألا ترون أن الطيور التى تطير ليس ذلك منها بمعجز، لأن لها أجناسا يقع منها مثل طيرآنها، ولو أن آدميا طار كطيرانها كان ذلك معجزا، فالله تعالى سهل عليكم الأمر وجعله مثلكم بحيث يقوم عليكم حجته 1، وأنتم تقترحون عمل الصعب الذى لا حجة فيه) 2. (ولقد استهزئ برسل من قبلك). تسلية للرسول صلى الله عليه واله وسلم على ما يرى من قومه. (فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون): فأحاط بهم الذى يستهزؤون به من العذاب. (قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المشركين) قال: (انظروا في القرآن وأخبار الأنبياء) 3. (قل لمن مافى السماوات والأرض). سؤال تبكيت 4. (قل لله). تقرير لهم، أي: هو لله لا خلاف بينى وبينكم في ذلك، ولا تقدرون أن تضيفوا شيئا منه الى غيره. (كتب على نفسه الرحمة): أوجبها على ذاته في هدايتكم الى معرفته والعلم بتوحيده، بنصب الحجج وانزال الكتب والامهال على الكفر والذنوب، لتدارك ما فرط. (ليجمعنكم) قرنا بعد قرن (الى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم) بتضييع رأس مالهم الذى هو الفطرة (فهم لا يؤمنون) لأن ابطال الفطرة أداهم الى الاصرار على الكفر. (وله ما سكن في اليل والنهار وهو السميع العليم): ولله ما تمكن وحل فيهما، ولا يخفى عليه شئ. ذكر في الأول السماوات والأرض، المشتملتين على الأمكنة

___________________________

1 - في المصدر 6 (وجعله بحيث تقوم عليكم حجته).

 2 - الاحتجاج 1: 27 و 3، عن أبى محمد العسكري عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم 3 - القمى 1: 194، والكافي 8: 249، ذيل الحديث: 349، عن أبى عبد الله عليه السلام، مع تفاوت يسير.

 4 - التبكيت: التقريع والتوبيخ. يقال: يا فاسق أما استحييت أما خفت الله. ويقا ل: بكته بالحجة إذا غلبه. مجمع البحرين 2: 192 (بكت). (*)

 

[ 313 ]

جميعا وثانيا الليل والنهار المشتملين على الازمنة جميعا، ليعم الموجودات التي تندرج تحت الظرفين. قل أغير اتخذ وليا فاطر السموات والارض) مبدعهما بقدرته من غير احتذاء مثال 1 (وهو يعطعم ولايطعم) يرزق ولا يرزق يعني ان المنافع كلها من عنده ولايجوز عليه الانتفاع. (قل اني امرت ان اكون اول من اسلم ولا تكونن من المشركين) اي: وقيل لي: ولا تكونن أو عطف على قال. (قل اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم). قطع لا طهماعهم بالكلية. وتعريض لهم بانهم عثاة مستوجبون للعذاب. قال (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الكلمة حتى نزلت سورة الفتح فلم يعد الى ذلك الكلام 2. من يصرف عنه يومئذ يعني: العذاب (فقد رحمه) وتفضل عليه. ورد: والذي نفسي بيده ما من الناس احد يدخل الجنة بعمله، قالوا: ولا انت يا رسول الله ؟ ! قال: ولا انا الا ان يتغمدانى الله برحمة منه وفضل 3. (وذلك الفوز المبين. وان يمسسك الله يضر). ببلية كمرض وفقر (فلا كاشف له) فلا قادر على كشفه الا هو وان يمسسك بخير: بنعمة كصحة وغنى (فهو على كل شئ قدير) يقدر على ادامته وازالته. وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخير. قل اي شئ اكبر شهده) أعظم شهادة واصدق (قل الله شهيد بيني وبينكم) قل: الله الذي غير خاف انه اكبر شئ شهادة هو الذي يشهد لي بالنبوة.

___________________________

1 - احتذى مثاله: اقتدى به الصحاح 6: 2311 (حذا).

 2 - العياشي 2: 120 الحديث 120، عن ابي الله عليه السلام مع تفاوت يسير.

 3 - مجمع البيان 3 - 4: 280 عن النبي صلى الله عليه وسلم. (*)

 

[ 314 ]

وانما جاز اطلاق الشئ على الله تعالى لاخراجه عن حد التعطيل ولكنه شئ بخلاف الاشياء كذا ورد 1. (واوحى الى هذا القرآن به ومن بلغ). قيل: يعنى وانذر سائر من بلغه الى يوم القيامة 2. وورد: (ومن بلغ ان يكون اماما من آل محمد صلى الله عليه وسلم فهو ينذر بالقرآن كما انذر به رسول الله صلى الله عليه وسلم 3. (أينكم لتشهدون ان مع الله. ءالهة اخرى). تقرير مع انكار واستبعاد. (قل لا اشهد) بما تشهدون (قل انما هو اله واحد وانني برى مما تشركون) به. الذين ءاتينهم الكتب يعرفونه): يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بحليته 4 (كما يعرفون أبناءهم) بحلاهم وقد سبق تفسيره 5. (الذين خسرو انفسهم فهم لا يومنون). ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) كفولهم: الملائكة بنات الله وهؤلاء شفعاؤنا عند الله (أو كذب بئايته) كان كذبوا القرآن والمعجزات وسموها سحرا، (إنه لا يفلح الظلمون). (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين اشركوا اين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون) قال: هم المقرون في دار الدنيا بالتوحيد فلم ينفعهم ايمانهم بالله مع مخالفتهم رسله، وشكهم فيما اثوا به عن ربهم، ونقضهم عهودهم في اوصيائهم، واستبدالهم الذي هو ادنى هو خير، فكذبهم الله فيما انتحلوه من الايمان بقوله: انظر كيف كذبوا على انفسهم) 6.

___________________________

1 - الكافي 1: 83 الحديث: 6 عن ابي الله عليه السلام و 85 الحديث 7 عن ابي جعفر عليه السلام.

 2 - راجع: الكشاف 2: 10.

 3 - الكافي: 1: 416 الحديث: 21 عن ابي عبد الله عليه السلام.

 4 - الحلية - بالكسر - الخليفة والصورة والصفة وحلية الانسان ما يرى من لونه وظاهره وهيئته. القامونس المحيط 4: 321 (الحلى).

 5 - في سورة البقرة، ذيل الاية: 146.

 6 - الاحتجاج 1: 360 عن امير المؤمنين عليه السلام. (*)

 

[ 315 ]

(ثم لم تكن فتنتهم) قال: " يعني معذرتهم " 1. (إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) قال: " يعنون بولاية علي عليه السلام " 2. والقمي: إن الاية في قدرية هذه الامة ومجوسهم الذين يقولون: لاقدر، ويزعمون أن المشية والقدرة إليهم ولهم 3. (انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون) من الشركاء. (ومنهم من يستمع إليك) حين تتلوا القرآن (وجعلنا على قلوبهم أكنة): أغطية (أن يفقهوه وفئ اذانهم وقرا) يمنع عن استماعه. كناية عن نبو قلوبهم وأسماعهم عن قبوله. (وإن يروا كل ءاية لا يؤمنوا بها) لفرط عنادهم واستحكام التقليد فيهم (حتى إذا جاءوك يجدلونك): يخاصمونك (يقول الذين كفروا إن هذا إلا اسطير الاولين). الاساطير: الاباطيل، وأصل السطر بمعنى الخط. (وهم ينهون عنه). القمي: بنو هاشم كانوا ينصرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمنعون قريشا عنه 4. (وينئون عنه): ويباعدونه ولا يؤمنون به (وإن يهلوكون إلا أنفسهم وما يشعرون): إن ضررهم لا يتعداهم إلى غيرهم. (ولو ترى إذ وقفوا على النار). جوابه محذوف، يعني: لرأيت أمرا فضيعا. القمي: نزلت في بني أمية 5. (فقالوا يليتنا نرد). تمنوا أن يرجعوا إلى الدنيا. (ولا نكذب بئايت ربنا ونكون من المؤمنين). (بل بدا لهم ما كانوا من قب ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكذبون) قال: " إنهم ملعونون في الاصل " 6. (وقالوا إن هي) أي: الحياة (إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين).

___________________________

1 - مجمع البيان 3 - 4: 284، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - الكافي 8: 287، الحديث 432، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - القمي 1: 199، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 و 5 - القمي 1: 196.

 6 - العياشي 1: 359، الحديث 19، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 316 ]

(ولو ترى إذ وقفوا على ربهم) للتوبيخ والسؤال، كما يوقف العبد الجاني بين يدي مولاه، أو الوقوف بمعنى الاطلاع. (قال أليس هذا بالحق). تعيير من الله لهم على تكذيبهم بالبعث. (قالوا بلى ربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون). قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يحسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملونها أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون). (وما الحيوة الدنيا إلا لعب ولهو): وما أعمالها إلا لعب ولهو، يلهي الناس ويشغلهم عما يعقب منفعة دائمة ولذة حقيقية، وهي جواب قولهم: " إن هي إلا حياتنا الدنيا " (وللدار الاخرة خير للذين يتقون) لخلوصها ودوام لذاتها (أفلا تعقلون). (قد نعلم إنه ليحزنك الذى يقولون فإنهم لا يكذبوك ولكن الظلمين بئايت الله يجحدون). ضمن الجحود معنى التكذيب فعداه بالباء. قال: " بلى والله لقد كبوه أشد التكذيب، ولكنها مخففة، لا يكذبونك ": لا يأتون بباطل يكذبون به حقك " 1. وفي رواية: " لا يأتون بحق يبطلون حقك " 2. وفي أخرى: " لا يستطيعون إبطال قولك " 3. يعني: أنه من أكذبه: إذا وجده كاذبا، وعلى التشديد يكون المعنى: لا يكذبونك اعتقادا بقلوبهم. وروي: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقى أبا جهل فصافحه 4، فقيل له في ذلك، فقال: والله إني لاعلم أنه صادق، ولكنا متى كنا تبعا لعبد مناف، فنزلت " 5. (وملقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتهم نصرنا ولا

___________________________

1 - الكافي 8: 200. الحديث: 241، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - القمي 1: 196، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - العياشي 1: 359، الحديث: 21، عن أبي عبد الله عليه السالم.

 4 - في المصدر: فصافحه أبو جهل.

 5 - مجمع البيان 3 - 4: 294. (*)

 

[ 317 ]

مبدل لكلمت الله) قيل: أي لمواعيده من قوله: " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون " 1. (ولقد جاءك من نبإى المرسلين): من قصصهم وما كابدوا 2 من قومهم. (وإن كان كبر عليك): عظم وشق (إعراضهم) عنك وعن الايمان بما جئت به. قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إسلام الحارث بن نوفل بن عبد مناف، دعاه وجهد به أن يسلم، فغلب عليه الشقاء، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل ا لله هذه الاية " 3. (فإن استطعت أن تبتغى نفقا في الارض) *: منفذا تنفذ فيه إلى جوف الارض (أو سلما في السماء) مصعدا تصعد به إلى السماء (فتأتيهم بئاية): فتطلع لهم آية من الارض أو تنزل آية من السماء يؤمنون بها، وجوابه محذوف، أي: فافعل. والجملة جواب الشرط الاول، والغرض بيان حرصه البالغ على إيمان قومه، وإنه لو قدر على ذلك لفعل، ولكنه لا يقدر، نظيره " فلعلك باخع نفسك " 4. (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) بأن تأتيهم آية يخضعوا لها. ورد: " إن الله قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الامة، فلو شاء الله لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف إثنان من هذه الامة، ولا ينازع 5 في شئ من أمره، ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله " 6. (فلا تكونن من الجهلين). القمي: مخاطبة للنبي والمعني ا لناس 7.

___________________________

1 - الكشاف 2: 15 والاية في سورة الصافات (37): 171 و 172.

 2 - الكبد - بالتحريك -: الشدة والمشقة، من المكابدة للشئ، وهي تحمل المشاق في شئ. مجمع البحرين: 3: 135 (كبد).

 3 - القمي 1: 198، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه: ".. الحاارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسلم، فغلب ع ليه الشقاء.. ".

 4 - الكهف (18): 6.

 5 - في " الف " و " ج ": " لا تنازع ".

 6 - كمال الدين 1: 264، الباب: 24، ذيل الحديث: 10، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

 7 - القمي 1: 198 وفيه: " والمعنى للناس ". (*)

 

[ 318 ]

(إنما يستجيب الذين يستمعون): يتفهمون ويتدبرون (والموتى يبعثهم الله) فيحكم فيهم (ثم إليه يرجعون) فحينئذ يسمعون 1، يعني: أن الذين تحرص على إيمانهم بمنزلة الموتى، لا يسمعون حتى يرجعوا إلى الله بعد البعث. (وقالوا لولا نزل عليه ءاية من ربه) يعني: مما اقترحوه. (قل إن الله قادر على أن ينزل ءاية) يخضعوا لها (ولكن أكثرهم لا يعلمون) أنه قادر أن حكمته لا تقتضي ذلك. والقمي: لا يعلمون بأن الاية إذا جاءت ولم يؤمنوا بها لهلكوا 2. ورد: " سيريكم في آخر الزمان آيات، منها دابة الارض والدجال ونزول عيسى وطلوع الشمس من مغربها " 3. (وما من دابة في الارض ولا طئر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم): خلق مثلكم محفوظة أحوالها، مقدرة أرزاقها، مكتوبة آجالها. (ما فرطنا في الكتب): " القرآن ". كذا ورد 4. (من شئ): شيئا من التفريط، لان " فرط " لا يتعدى بنفسه وقد عدي ب‍ " في " (ثم إلى ربهم يحشرون). ورد: " أي بعير حج عليه ثلاث سنين، جعل من نعم الجنة " 5. وورد: " سبع سنين " 6. وفي معناه - مما يدل على حشر الحيوانات - أخبار كثيرة 7.

___________________________

1 - في نسخة " ألف " و " ب ": " يستمعون ".

 2 - القمي 1: 198، وفيه: " ليهلكوا ".

 3 - المصدر، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - نهج البلاغة (للصبحي الصالح): 61، الخطبة: 18، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 6: 216، الباب: 20، الحديث: 1.

 5 - من لا يحضره الفقيه 2: 191 الحديث: 872، عن أبي عبد الله عليه السلا ك، وفيه: " أي بعير حج عليه ثلاث حجج يجعل من نعم الجنة ".

 6 - المصدر، الحديث: 873.

 7 - الخصال 1: 204، الحديث: 19 و 20، وثواب الاعمال: 75، الحديث 1، والقمي 1: 248، ذيل الاية: 176 من سورة الاعراف. (*)

 

[ 319 ]

(والذين كذبوا بئايتنا صم) قال: " عن الهدى " 1. (وبكم) قال: " لا يتكلمون بخير " 2. (في الظلمت) قال: " ظلمات الكفر " 3. (من يشإ الله يضلله): يخذله فيضل، لانه ليس من أهل الهدى. قال: " نزلت في الذين كذبوا الاوصياء " 4. (ومن يشأ يجعله على صرط مستقيم). (قل أرءيتكم): أرأيت أنفسكم، بمعنى: أخبروني (إن أتكم عذاب الله) في الدنيا (أو أتتكم الساعة) يعني: القيامة من تدعون ؟ (أغير الله تدعون) ؟ تبكيت لهم (إن كنتم صدقين) بأن الاصنام آلهة. (بل إياه تدعون): بل تخصون الله بالدعاء دون الالهة. (فيكشف ما تدعون إليه): ما تدعون إلى كشفه (إن شاء وتنسون ما تشركون): وتتركون آلهتكم لما ركز في العقول أنه القادر على كشف الضر دون غيره، أو لا تذكرونها من شدة الامر وهو له. (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك) يعني: الرسل، فكذبوهم. (فأخذنهم بالبأساء): بالشدة والفقر (والضراء): والمرض ونقصان الانفس والاموال (لعلهم يتضرعون): لكي يتضرعوا ويتذللوا ويتوبوا عن ذنوبهم. (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطن ما كانوا يعملون) يعني: لم يتضرعوا ولم يكن لهم عذر في ذلك إلا قساوة قلوبهم وإعجابهم بأعمالهم. قال: " لو أن الناس حين تنزل بهم النقم وتزول عنهم النعم، فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم ووله من قلوبهم، لرد عليهم كل شارد وأصلح لهم كل فاسد " 5. (فلما نسوا ما ذكروا به) من البأساء والضراء: تركوا الاتعاظ به (فتحنا عليهم

___________________________

1، 2 و 3 - القمي 1: 198، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - المصدر: 199، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - نهج البلاغة (للصبحي الصالح): 257، الخطبة: 178. (*)

 

[ 320 ]

أبواب كل شئ) من الصحة والتوسعة في الرزق (حتى إذا فرحوا بما أوتوا) من الخير والنعم، واشتغلوا بالنعم 1 عن المنعم. (أخذنهم بغتة): مفاجأة من حيث لا يشعرون (فإذا هم مبلسون): آيسون من النجاة والرحمة، متحسرون. (فقطع دابر القوم بالذين ظلموا) أي: آخرهم لم يترك منهم أحد من دبره إذا تبعه. (والحمد لله رب العالمين) على إهلاك أعدائه وإعلاء كلمته، فإن تلخيص أهل الارض من سوء عقائد الكفار وقبيح أعمال الفجار بنعمة جليلية يحق أن يحمد عليها. قال: " إذا رأيت الله تعالى يعطي على المعاصي فإن ذلك استدراج منه، ثم تلا هذه الاية " 2. وفي رواية: " فلما نسوا ما ذكروا به من ولاية علي عليه السلام وقد أمروا بها " فتحنا عليهم أبواب كل شئ ": دولتهم في الدنيا وما بسط لهم فيها، أخذناهم بغتة " يعني بذلك: قيام القائم، حتى كأنهم لم يكن لهم سلطان قط " 3. وقال: " نزلت في ولد العباس " 4. (قل أرءيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصركم) بأن يصمكم ويعميكم (وختم على قلوبكم) بأن يغطي عليها ما يذهب عقلكم ويسلب تمييزكم. قال: " إن أخذ الله منكم الهدى " 5. (من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الايات ثم هم يصدفون) قال: " يعرضون " 6. (قل أرءيتكم إن أتكم عذاب الله بغتة): من غير مقدمة وظهور أمارة (أو جهرة) تتقدمه 7 أمارة. قابل البغتة بالجهرة لما في البغتة من معنى الخفية. (هل يهلك)

___________________________

1 - في " الف " و " ج ": " بالنعمة ".

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 302، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 3 - القمي 1: 200، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - العياشي 1: 360، الحديث: 23، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - القمي 1: 201، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - المصدر، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه: " يعترضون ".

 7 - في " الف ": " يتقدمه ". (*)

 

[ 321 ]

هلاك تعذيب وسخط (إلا القوم الظلمون). القمي: نزلت لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، وأصاب أصحابه الجهد والعلل والمرض، فشكوا ذلك إليه. يعني: لا يصيبكم إلا الجهد والضر في الدنيا، فأما العذاب الاليم الذي فيه الهلاك فلا يصيب إلا القوم الظالمين 1. وفي رواية: " يؤاخذ بني أمية بغتة وبني العباس جهرة " 2. (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فنم ءامن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون). (والذين كذبوا بئايتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون). (قل لا أقوال لكم عندي خزائن الله). ورد في القدسي: " إنما خزائني 3 إذا أردت شيئا أن أقول له: كن، فيكون " 4. (ولا أعلم الغيب) الذي اختص بعلمه، وإنما أعلم منه ما يعلمني الله (ولا أقول لكم إنى ملك): من جنس الملائكة، أقدر على ما يقدرون عليه (إن اتبع) فيما أنبئكم به (إلا ما يوحى إلى). تبرأ من دعوى الالوهية والملكية، وادعى النبوة التي هي من كمالات البشر، ردا لاستبعادهم دعواه. (قل هل يستوى الاعمى والبصير) قال: " من لا يعلم ومن يعلم " 5 (أفلا تتفكرون). (وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولى ولا شفيع لعلهم يتقون) قال: " وأنذر بالقرآن الذين يرجون الوصول إلى ربهم، ترغبهم فيما عنده، فإن القرآن شافع مشفع " 6. (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي): يعبدونه على الدوام (يريدون

___________________________

1 - القمي 1: 201.

 2 - العياشي 1: 360، الحديث: 24، عن أبي ج عبد الله عليه السلام.

 3 - في " الف " و " ج ": خزانتي ".

 4 - التوحيد: 133، الباب 9: الحديث: 17، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - مجمع البيان 3 - 4: 304، عن أهل البيت عليهم السلام، والقمي 1: 201.

 6 - المصدر، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 322 ]

وجهه): يبتغون مرضاته مخلصين له. (ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم). جواب النفي. (فتكون من الظلمين). جواب النهي. القمي: كان سبب نزولها: أنه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون أصحاب الصفة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يكونوا في صفة يأوون إليها، وكان يتعاهدهم بنفسه، وربما يحمل إليهم ما يأكلون. وكانوا يختلفون إليه فيقربهم ويقعد معهم ويونسهم، وكان إذا جاء الاغنياء والمترفون من أصحابه، ينكرون علبيه ذلك ويقولون له: اطردهم عنك، فنزلت 1. (وكذلك): مثل ذلك الفتن، وهو اختلاف أحوال الناس في أمور الدنيا. (فتنا): ابتلينا (بعضهم ببعض) في أمر الدين، فقدمنا هؤلاء الفقراء على أشراف قريش بالسبق إلى الايمان (ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا) ؟ ! أي: هؤلاء من أنعم الله عليهم بالهداية والتوفيق لما يسعدهم دوننا ونحن الاكابر والرؤساء وهم المساكين والضعفاء. وهو إنكار لان يخص هؤلاء من بينهم بإصابة الحق والسبق إلى الخير، كقولهم: " لو كان خيرا ما سبقونا إليه " 2. واللام للعاقبة. (أليس الله بأعلم بالشكرين). (وإذا جاءك الذين يؤمنون بئايتنا فقل سلم عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة). قال: " إنها نزلت في التائبين " 3. قيل: جاءه قوم فقالوا: إنا أصبنا ذنوبا عظاما فلم يرد عليهم شيئا، فانصرفوا، فنزلت " 4. ويؤيده تمام الاية. وروي: " أنها نزلت في الذين نهى الله عن طردهم، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا رآهم بدأهم بالسلام وقال: الحمد لله

___________________________

1 - القمي 1: 202.

 2 - الاحقاف (46): 11.

 3 - مجمع البيان - 3 - 4: 307، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - المصدر، عن أنس بن مالك. (*)

 

[ 323 ]

الذي جعل في أمتي من أمرني أن أبدأهم بالسلام " 1. (أنه) بدل من الرحمة، وعلى الكسر استيناف، يفسرها (من عمل منكم سوءا بجهلة ثم تاب من بعده وأصلح) بالتدارك (فأنه غفور رحيم). (وكذلك نفصل الايت ولتستبين سبيل المجرمين) المصرين منهم والاوابين. (قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون) تعبدون (من دون الله): صرفت وزجرت عنه بما نصب لي من الادلة وأنزل علي من الايات في أمر التوحيد. (قل لا أتبع أهواءكم). تأكيد لقطع أطماعهم، وإشارة إلى الموجب للنهي وعلة الامتناع من متابعتهم بأن ما هم عليه هوى وليس بهدى، وتنبيه لمن تحرى الحق على أن يتبع الحجة ولا يقلد. (قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين). (قل إنى على بينة من ربى): على حجة واضحة من معرفته وإنه لا معبود سواه (وكذبتم به) حيث أشركتم به غيره (ما عندي ما تستعجلون بقولهم: ائتنا بالذي تعدنا 2. (إن الحكم إلا لله) في التعجيل والتأخير (يقص الحق) في كل ما يقضي (وهو خير الفصلين): القاضين. (قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضى الامر بينى وبينكم): لاهلكتكم عاجلا، غضبا لربي، وانقطع ما بيني وبينكم. (والله أعلم بالظلمين). في معنى استدراك كأنه قال: ولكن الامر إلى الله، وهو أعلم بمن ينبغي أن يؤخذ أو يمهل. (وعنده مفاتح الغيب): خزائنه، إن كان جمع المفتح - بفتح الميم - بمعنى الحزن، أو مفاتحيه إن كان جمع المفتح - بكسر الميم - بمعنى المفتاح، أي: ما يتوصل به إلى

___________________________

1 - مجمع البيان 3 - 4: 307، عن عكرمة.

 2 - البيضاوي 2: 191.

 3 - وقرئ: " يقص الحق " أي " يتبعه فيما يحكم به ويقدره من قولهم: قص أثره. راجع: الصافي 2: 125 جوامع الجامع 1: 383. (*)

 

[ 324 ]

المغيبات. (لا يعلمها إلا هو) فيظهرها على ما اقتضته حكمته (ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة ولا حبة في ظلمت الارض ولا رطب ولا يابس إلا في كتب مبين) قال: " من ورقة من شجرة " 1. وفي رواية: " الورقة: السقط، والحبة: الولد، وظلمات الارض: الارحام، والرطب: ما يحيى من الناس، واليابس: ما يغيض 2، وكل ذلك في إمام مبين " 3. وفي أخرى: " الورقة: السقط يسقط من بين أمه من قبل أن يهل الولد، والحبة: الولد في بطن أمه إذا أهل وسقط من قبل الولادة، والرطب: المضغة إذا سكنت في الرحم قبل أن يتم خلقها وقبل أن تنتقل، واليابس: الولد التام، والكتاب المبين: الامام المبين " 4. (وهو الذى يتوفكم باليل): يقبض أرواحكم عن التصرف بالنوم كما يقبضها بالموت (ويعلم ما جرحتم): ما كسبتم من الاعمال (بالنهار ثم يبعثكم فيه): ينبهكم من نومكم في النهار (ليقضى أجل مسمى): لتستوفوا آجالكم. قال: " هو الموت " 5 يعني بلوغه. (ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون). (وهو القاهر فوق عباده): المقتدر المستعلي عليهم (ويرسل عليكم حفظة) يحفظونكم ويحفظون أعمالكم، يذبون عنكم مردة الشياطين وهوام 6 الارض وساير الافات، ويكتبون ما تفعلون (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا)

___________________________

1 - من لا يحضره الفقيه 1: 326، ذيل الحديث: 1486، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 2 - في الكافي: " ما يقبض ". والصحيح ما أثبتناه كما في جميع النسخ والصافي والعياشي. والغيض: السقط الذي لم يتم خلقه. القاموس المحيط 2: 352 (غيض).

 3 - الكافي 8: 249، ذيل الحديث: 349، والعياشي 1: 361، الحديث: 28، ومعاني الاخبار: 215، باب معنى الورقة و...، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - العياشي 1: 361 - 362، الحديث 29، عن أبي الحسن، موسى بن جعفر عليه السلام.

 5 - القمي 1: 203، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - الهوام جمع الهامة كدواب ودابة: المخوف من الاحناش كالحية ونحوها. مجمع البحرين 6: 189 (همم). (*)

 

[ 325 ]

ملك الموت وأعوانه، وقد سبق بيانه في سورة النساء 1. (وهم لا يفرطون): لا يقصرون بالتواني والتأخير. (ثم ردوا إلى الله): إلى حكمه وجزائه (مولهم) الذي يتولى أمرهم (الحق): العدل الذي لا يحكم إلا بالحق (ألا له الحكم): يومئذ لا حكم لغيره (وهو أسرع الحسبين) قال: " يحاسب الخلائق في مقدار لمح البصر " 2. الحديث. وقد مر في سورة البقرة 3. (قل من ينجيكم من ظلمت البر والبحر): من شدائدهما، استعيرت الظلمة للشدة لمشاركتهما في الهول وإبطال الابصار، فقيل لليوم الشديد: يوم مظلم. (تدعونه تضرعا) بألسنتكم (وخفية) في أنفسكم (لئن أنجنا من هذه لنكونن من الشكرين). (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون) ولا توفون بالعهد بعد قيام الحجة. (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) قال: " هو الدخان والصيحة " 4. (أو من تحت أرجلكم) قال: " هو الخسف " 5. (أو يلبسكم شيعا): يخلطكم فرقا مختلفي الاهواء. قال: " هو الاختلاف في الدين، وطعن بعضكم على بعض " 6. (ويذيق بعضكم بأس بعض) قال: " هو أن يقتل بعضكم بعضا - قال: - وكل هذا في أهل القبلة " 7. (انظر كيف نصرف الايت لعلهم يفقهون). وفي رواية: " من فوقكم ": من السلاطين الظلمة، و " من تحت أرجلكم ": العبيد

___________________________

1 - لم يسبق منه في سورة النساء بيان لذلك إلا قوله: " يحتمل الماضي والمضارع " عند قوله تعالى: (توفيهم الملائكة) (الاية: 97). لعله - قدس سره - أراد ما بينه في ذيل تلك الاية من سورة النساء في الصافي 1: 451 - 453.

 2 - مجمع البيان 1 - 2: 298، وبحار الانوار 7: 254.

 3 - ذيل الاية: 202.

 4، 5، 7 - القمي 1: 204، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 326 ]

السوء ومن لاخير فيه، " أو يلبسكم شيعا ": يضرب بعضكم ببعض بما يلقيه بينكم من العداوة والعصبية، " ويذيق بعضكم بأس بعض ": هو سوء الجوار " 1. وورد: " سألت ربي أن لا يظهر على أمتي أهل دين غيرهم فأعطاني، وسألته أن لا يهلكهم جوعا فأعطاني، وسألته أن لا يجمعهم على ضلال فأعطاني، وسألته أن لا يلبسهم شيعا فمنعني " 2. (وكذب به قومك) قيل: بالقرآن 3، وقيل: بالعذاب 4. (وهو الحق): الصدق، أو الواقع لابد أن ينزل (قل لست عليكم بوكيل): بحفيظ. (لكل نبإ مستقر): وقت استقرار ووقوع (وسوف تعلمون) عند وقوعه.. (وإذا رأيت الذين يخوضون فئ ايتنا) بالتكذيب والاستهزاء بها والطعن فيها (فأعرض عنهم): فلا تجالسهم وقم من عندهم (حتى يخوضوا في حديث غيره). قال: " هو الكلام في الله والجدال في القرآن، قال: ومنه القصاص " 5. وورد: ليس لك أن تقعد مع من شئت، لان الله يقول " وإذا رأيت " 6. الاية. وفي رواية: " من كان يؤمن بالله واليوم الاخر، فلا يجالس في مجلس يسب فيه إمام أو يغتاب فيه مسلم، ثم تلا هذه الاية " 7. (وإما ينسيك الشيطن) النهي (فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظلمين) أي: معهم، نبه بالاظهار على ظلمهم.

___________________________

1 - مجمع البيان 3 - 4: 315، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - المصدر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه: " على ضلالة " بدل: على ضلال.

 3 - المصدر: 316 والبيضاوي 2: 192.

 4 - البيضاوي 2: 192.

 5 - العياشي 1: 362، الحديث: 31، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - علل الشرائيع 2: 605، الباب 385، الحديث: 80، عن علي بن الحسين عليه السلام.

 7 - القمي 1: 204، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. (*)

 

[ 327 ]

(وما على الذين يتقون): وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم (من حسابهم من شئ): مما يحاسبون عليه من قبايح أعمالهم وأقوالهم (ولكن ذكرى): ولكن عليهم أن يذكروهم ذكرى، ويمنعوهم عن الخوض ويظهروا كراهته (لعلهم يتقون): يجتنبون ذلك حياء أو كراهة لمساءتهم. قال: " لما نزل " فلا تقعد بعد الذكرى " قال المسلمون: كيف نضع إن كان كلما استهزأ المشركون قمنا وتركناهم ؟ فلا ندخل إذا المسجد الحرام، ولا نطوف بالبيت الحرام. فأنزل الله هذه الاية، أمر بتكذيبهم وتبصيرهم ما استطاعوا " 1. (وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا): سخروا به، أو بنوا أمره على التشهي، أو جعلوا عيدهم الذي جعل ميقات عبادتهم زمان لعب ولهو، والمعنى: أعرض عنهم ولا تبال بأفعالهم وأقوالهم. (وغرتهم الحيوة الدنيا): فألهتهم عن العقبى (وذكر به): بالقرآن (أن تبسل نفس بما كسبت) مخافة أن تسلم إلى الهلاك وترهن بسوء عملها، وأصل البسل: المنع. (ليس لها من دون الله ولى ولا شفيع) يدفع عنها العذاب (وإن تعدل كل عدل): وإن تفد كل فداء، والعدل: الفدية، لانها تعادل المفدي. (لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بماا كسبوا) أي: سلموا إلى العذاب بسبب أعمالهم القبيحة وعقايدهم الزائفة (لهم شراب من حميم وعذاب أليم) بين ماء مغلي يتجرجر في بطونهم، ونار تشتعل بأبدانهم (بما كانوا يكفرون). (قل اندعوا): أنعبد (من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا): لا يقدر على نفعنا وضرنا (ونرد على أعقابنا): ونرجع عن دين الاسلام إلى الشرك (بعد إذ هدنا الله) له (كالذى استهوته الشيطين) كالذي ذهب به مردة الجن في المهامه 2، من

___________________________

1 - مجمع البيان 3 - 4: 316، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - المهامه جمع المهمه والمهمهة: المفازة البعيدة والبلد المقفر. القاموس المحيط 4: 294 (مه). (*)

 

[ 328 ]

هوى: إذا ذهب. (في الارض حيران): متحيرا ضالا عن الطريق (له أصحب): لهذا المستوى رفقة (يدعونه إلى الهدى): إلى الطريق المستوي، أو إلى أن يهدوه الطريق المستوي (ائتنا). يقولون لنا: ائتنا وقد اعتسف التيه تابعا للجن لا يجيبهم ولا يأتيهم، وهذا مبني على ما تزعمه العرب: أن الجن تستهوي الانسان كذلك. (قل إن هدى الله) الذي هو الاسلام (هو الهدى) وحده وما سواه ضلال (وأمرنا لنسلم لرب العلمين). (وأن أقيموا الصلوة واتقوه) أي: أمرنا للاسلام ولاقامة الصلاة والتقوى (وهو الذي إليه تحشرون). (وهو الذى خلق السموات والارض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق). قيل: أي: قوله الحق يوم يقول، واليوم: بمعنى الحين. يعني: أنه الخالق للسماوات والارض، وقوله الحق نافذ في الكائنات، أو " يوم " معطوف على السماوات، و " قوله الحق " مبتدأ وخبر، أوفاعل " يكون "، أي: حين يكون الاشياء ويحدثها ويقول لقضائه: كن فيكون قوله الحق، أي: قضائه 1. وله وجوه أخر من التفسير. (وله الملك يوم ينفخ في الصور) كقوله: " والملك يومئذ لله " 2. روي: " أن الصور قرن التقمه إسرافيل فينفخ فيه، وأن فيه بعدد كل إنسان ثقبة فيها روحه " 3. ووصف بالسعة والضيق، يعني أن أحد طرفيه واسع والاخر ضيق. (علم الغيب والشهدة وهو الحكيم الخبير) وهذا كالفذلكة للاية. (وإذ قال إبرهيم لابيه ءازر أتتخذ أصناما ءالهة إنى أراك وقومك في

___________________________

1 - البيضاوي 2: 194.

 2 - الحج (22): 56.

 3 - راجع: الدر المنثور: 3: 298، وسنن الترمذي 4: 42، وروح البيان 3: 53، ومسند أحمد بن حنبل 2: 162، 192، وتفسير القرآن العظيم، (لابن كثير) 2: 151. (*)

 

[ 329 ]

ضلل مبين). (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والارض): ربوبيتها. قال: " كشط 1 الله له عن الارضين حتى رآهن وما تحتهن، وعن السماوات حتى رآهن وما فيهن من الملائكة وحملة العرش " 2. ورد: " إنه فعل ذلك بالنبي والائمة عليهم السلام أيضا " 3. (وليكون): ليراه وليكون (من الموقنين). (فلما جن عليه الليل): أظلم عليه وستره بظلامه (رءا كوكبا قال هذا ربى) على سبيل الانكار والاستدلال، لانه كان طالبه 4 في حداثة سنه (فلما أفل): غاب (قال لا أحب الافلين). (فلما رءا القمر بازغا): مبتدءا في الطلوت (قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدنى ربى لاكونن من القوم الضالين). استعجز نفسه واستعان بربه. (فلما رءالشمس بازغة قال هذا ربى هذا أكبر فلما أفلت قال يقوم إنى برئ مما تشركون). (إنى وجهت وجهى للذى فطر السموت والارض حنيفا وما أنا من المشركين). ورد: " إن إبراهيم عليه السلام وقع إلى ثلاثة أصناف: صنف يعبد الزهرة وصنف يعبد القمر وصنف يعبد الشمس، وذلك حين خرج من السرب 5 الذي أخفي فيه، " فلما جن عليه الليل " رآى الزهرة " قال هذا ربي " على الانكار والاستخبار، " فلما أفل " الكوكب " قال

___________________________

1 - كشط، أي: كشف. القاموس المحيط 2: 396 (كشط).

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 322، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - القمي 1: 205، عن أبي عبد الله عليه السلام وفيه: " وفعل ذلك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام ".

 4 - في " ب " و " ج ": " لانه كان طالبا ".

 5 - السرب - بالتحريك - جحر الوحشي والحفير تحت الارض والقناة التى يدخل منها الماء الحائط. القاموس المحيط 1: 84 (سرب). ولعل المراد الغار الذى وضعته أمه فيه وأخفته فيه من النمر ودية ثلاثة عشرة سنة. راجع: القمي 1: 207. (*)

 

[ 330 ]

لا أحب الافلين "، لان الافول من صفات المحدث لا من صفات القديم، " فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي " على الانكار والاستخبار، " فلما أفل قال لئن لم يهدني لاكونن " يقول: لكنت من القوم الضالمين 1. وفي رواية: (أي: ناسيا للميثاق) 2. قال: (فلما أصبح " ورأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر " من الزهرة والقمر، على الانكار والاستخبار لا على الاخبار والاقرار. " فلما أفلت " قال للاصناف الثلاثة من عبدة الزهرة والقمر والشمس: " يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي " الاية. وإنما أراد إبراهيم عليه السلام بما قال أن يبين لهم بطلان دينهم، ويبت عندهم أن العبادة لخالقها وخالق السموات والارض، وكان ما احتج به على قومه ما ألهمه الله وآتاه، كما قال الله: وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ") 3. وفي رواية: (فلما أصبح وطلعت الشمس ورأى ضوءها وقد أضاءت الدنيا لطلوعها، " قال هذا ربي هذا أكبر وأحسن، فلما تحركت وزالت، كشط الله له عن السموات حتى رأى اللعرش ومن عليه، وأراه الله ملكوت السموات والارض، فعند ذلك " قال: يا قوم إنى برئ ") 4. وفي أخرى: (ولم يكن ذلك من إبراهيم شركا وإنما كان في طلب ربه، وهو من غيره شرك) 5. (وحاجه قومه): وخاصموه في التوحيد (قالل أتحجوني في الله): في وحدانيته (وقد هدان) إلى توحيده (وا أخاف ما تشركون به) أي: لا أخاف

___________________________

1 - عيون أخبار الرضا عليه السام 1: 197، الباب: 15: الحديث: 1، وفيه: (لاكونن من قوم الضالين، يقول: لو لم يهدني ربي لكنت من القوم الضالين).

 2 - لاحظ: العياشي 1: 364، الحديث: 39، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 197، الباب: 15، الحديث: 1، والاية في الانعام (6): 83.

 4 - القمى 1: 207، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: (كشف) بدل (كشط).

 5 - العياشي 1: 365، الحديث: 41، والقمى 1: 207، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 331 ]

معبوداتكم قط، لانها لا قدرة لها على ضر أو نفع (إلا أن شاء ربى شيئا) أن يصيبني بمكروه، وكأنه جواب لتخويفهم إياه من جهة آلهتهم. (وسع ربى كل شئ علما) فلا يستبعد أن يكون في علمه إنزال مخوف بي (أفلا ينزل به عليكم سلطنا): حجة، يعني وما لكم تنكرون علي الامن في موضع الامن ولا تنكرون على أنفسكم الامن في موضع الخوف. (فأى الفريقين أحق بالامن): الموحدين أو المشركين (إن كنتم تعلمون). (الذين ءامنوا ولم يلبسوا) قال: (ولم يخلطوا) 1. (إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون). ورد: (إنه من مام قول إبراهيم عليه السلام) 2. وروي: (لما نزلت هذه الاية شق على الناس وقالوا: يا رسول الله وأينا لم يظلم نفسه ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعون إلى ما قال العبد الصالح " يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ") 3. وفي الرواية: (إن الظلم: الضلال فما فوقه) 4. وفي أخرى: (الشك) 5. وفي أخرى: (آمنوا بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم من الولاية ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان) 6. (وتلك حجتنا ءاتينهاها إبراهيم): أرشدناه إليها وعلمناه إياها (على قومه نرفع درجات من نشاء) في العلم والحكمة (إن ربك حكيم) في رفعه وخفضه (عليم) بحال من يرفعه ويخفضه.

___________________________

1 - العياشي 1: 366، الحديث: 49، والكافي 1: 413، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 327، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 3 - المصدر، عن ابن مسعود والاية في لقمان (31): 13.

 4 - العياشي 1: 366، الحديث: 47، عن أبى عبد الله عليه السلام.

 5 - المصدر، الحديث: 48، والكافي 2: 399، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - العياشي 1: 366، الحديث: 49، والكافي 1: 413، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 332 ]

(ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل) يعني هديناهم لنجعل الوصية في أهل بيتهم (ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزى المحسنين). (وزكريا ويحى وعيسى). ورد: (والله لقد نسب الله عيسى بن مريم في القرآن إلى إبراهيم عليه السلام من قبل النساء، ثم تلا هذه الاية) 1. وفي رواية: (وكذلك ألحقنا بذراري النبي صلي الله عليه وآله وسلم من قبل أمنا فاطمة عليها السلام) 2 (وإلياس كل من الصالحين). (وإسماعيل واليسع وينس ولوطا كلا فضلنا على العالمين). (ومن أآبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم). (ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده ولو أشركوا) مع علو شأنهم (لحبط عنهم ما كانوا يعملون). (أؤلئك الذين ءاتيناهم الكتاب) يريد له الجنس (والحكم) أي: الحكمة، أو الحكم بين الناس (والنبوة فإن يكفر بها) أي: بالنبوة، أو الثلاثة (هؤلاء) يعني قريشا (فقد وكانا بها فوما ليسوا بها بكافرين) قال: (قوما يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويذكرون الله كثيرا) 3. (أؤلئك الذين هدى الله). يريد الأنبياء المقدم ذكرهم. (فبهداهم اقتده) الهاء للوقف. ورد: (لا طريق للاكياس من المؤمنين أسلم من الاقتداء، لأنه المنهج الاوضح والمقصد الاصح. قال الله لاعز خلقه محمد صلى الله عليه وآله وسلم: " أولئك الذين هدى الله فبهديهم اقتده "، فلو كان لدين الله مسلك أقوم من الاقتداء لندب أنبياءه وأولياءه إليه) 4. وفي

___________________________

1 - العياشي 1: 367، الحديث: 156، والمحاسن 1: 156، الباب: 23، الحديث 88، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 84، الباب: 7، ذيل الحديث الطويل: 9، عن أبى الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام.

 3 - المحاسن 2: 588، الباب: 17، الحديث: 88، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - مصباح الشريعة: 157، الباب: 74، في الاقتداء، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 333 ]

رواية: (أحسن الهدى هدى الانبياء) 1. (قل لا أسئلكم عليه أجرا) أي: على التبليغ، وهذا من جملة ما أمر بالاقتداء بالانبياء (إن هو إلا ذكرى للعالمين) تذكيرا 2 وعظة. (وما قدروا الله حق قدرخ): وما عرفاه حق معرفته، وما عظموه حق عظمته، وما وصفوه بما هو أهل أن يوصف به من الرحمة والانعام على عباده واللطف بهم. (إذ قالوا ما أنزل الله على بشر نت شئ) حين أنكروا الوحي وبعثة الرسل، وذلك من جلائل نعمته وعظائم رحمته ولطفه. القمي: وهم قريش واليهود 3. ورد: (إن الله لا يوصف، وكيف يوصف وقد قال الله في كتابه: " وما قدروا الله حق قدره " فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك) 4. ويأتي فيه حديث آخر في الزمر إن شاء الله 5. (قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا هدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا). ألزموا بما لا بدلهم من الاقرار به مع توبيخهم بتحريفهم بإبداء بعض وإخفاء بعض، وجعلها ورقات متفرقة ليتمكنوا مما حاولوه. قال (كانوا يكتبونه في القراطيس، ثم يبدون ما شاؤوا ويخفون ما شاؤوا). 6 والقمي: يخفون يعني من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم 7. (وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا ءاباؤكم قل الله) أي: أنزله الله. قيل: أمره بأن يجيب عنهم إشعارا بأن الجواب متعين لا يمكن غيره، وتنبيها على أنهم بهتوا بحيث لا يقدرون على الجواب 8. (ثم ذرهم في خوضهم يلعبون). القمي: يعني ما خاضوا فيه من التكذيب 9.

___________________________

1 - القمي 1: 291، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ذيل الاية: 42 نت سورة التوبة.

 2 - في (ألف): (تذكرا).

 3 - 7 و 9 - القمي 1: 210.

 4 - الكافي 1: 103: الحديث: 11، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - ذيل الاية: 67.

 6 - العياشي 1: 369، الحديث: 59، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - البيضاوي 2: 198. (*)

 

[ 334 ]

(وهذا كتاب أنزلناه مبارك): كثير النفع والفائدة (مصدق الذى بين يديه): الكتب التي قبله (ولتنذر أم القرى) يعني مكة، سميت بها لانه دحيت الارض من تحتها، فكأنها تولدت منها. (ومن حولها): أهل الشرق والغرب (والذين يؤمنون بالاخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون) فإن من صدق بالاخرة خاف العاقبة، ولا يزال الخوف يحمله على النظر والتدبر حتى يؤمن به ويحافظ على الطاعة، وتخصيص الصلاة لانها عماد الدين. (ومن أظلم ممن أفترى على الله كذبا أو قال أوحى إلى ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل مآ أنزل الله). قال: (نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر، وهو ممن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هدر دمه وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا أنزل " إن الله عزيز حكيم 1 " كتب: إن الله عليم حكيم، فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: دعها فإن الله عليم حكيم، وكان يقول للمنافقين: إني أقول من نفسي مثل ما يجئ به فما يغير علي) 2. وفي رواية: (كان أخا عثمان من الرضاعة، وكان لله خط حسن. قال: فارتد كافرا وكان من الطلقاء) 3. (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت) شدائده، من غمرة الماء: إذا غشيه (والملائكة باسطوا أيديهم) لقبض أرواحهم كالمتقاضي المسلط (أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون) قال: (العطش يوم القيامة) 4. (بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن ءاياته تستكبرون): لا يؤمنون بها. (ولقد جئتمونا فرادى) عن أموالكم وأولادكم وأوثانكم ولباسكم. وفي رواية:

___________________________

1 - البقرة (2) 209، 220، 260، الانفال (8): 10، التوبة (9): 71، لقمان (31): 27.

 2 - الكافي 8: 201، الحديث: 242،، عن أحدهما عليهما السلام. وقوله صلى الله عليه وآله وسلمك (دعها) أي: أتركها كما نزلت ولا تغيرها فإنه وإن كان قولك: (إن الله عليم حكيم) حقا ولكن لا يجوز تغيير ما نزل من القرآن.

 3 - القمي 1: 210، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - العياشي 1: 370، الحديث: 62، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 335 ]

(عراة) 1. (كما خلقناكم أول مرة) على الهيئة التي ولدتم عليهم (وتركتم ما خولناكم): ما ملكماكم في الدنيا فشغلم به عن الاخرة (وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركوا): شركاء اللخ في ربوبيتكم واستحقاق عبادتكم (لقد تقطع بينكم): ما بينكم، وعلى الرفع وصلكم وتشتت جمعكم. والبين من الاضداد يستعمل للوصل والفصل (وضل عنكم): ضاع ويطل (ما كنتم تزعمون) ورد: (نزلت هذه الاية في معاوية وبني أمية، وشركاؤهم أئمتهم " لقد تقطع بينكم " يعني المودة) 2. (إن الله فالق الحب والنوى) بالنبات والشجر (يخرج الحى من الميت): ما ينمو من الحيوان والنبات مما لا ينمو، كالنطفة والحب (ومخرج الميت من الحى): ومخرج ذلك من الحيوان والنبات. ورد: (الحب: طينة المؤمنين، ألقى الله عليها محبته، والنوى: طينة لكافرين الذين نأول عن كل خير، والحي الذي يخرج من الميت: هو مؤمن الذي يخرج طينته من طينة الكافر، والميت الذي يخرج من الحي هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن) 3. (ذالكم الله) الذي يحق له العبادة (فأنى تؤفكون): تصرفون عنه إلى غيره. (فالق الاصباح): شاق عمود الصبح من ظلمة الليل (وجعل اليل سكنا) يسكن فيه الخلق، كما قال " لتسكنوا فيه " 4. (والشمس والقمر حسبنا) على أدوار مختلفة يحسب بها الاوقات (ذلك تقدير العزيز) الذي قهرهما وسيرهما على الوجه الخاص (العلم) بتدبيرهما. (وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر): في ظلمات

___________________________

1 - الخرائج والجرائح 1: 91، الحديث: 150، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 2 - القمي 1: 211، عن أبي عبد الله عليه السلام. وفيه: (وشركاؤهم وأئمتهم).

 3 - الكافي 2: 5، الحديث: 7، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - يونس (10): 67، القصص (28): 73، الغافر (40): 61. (*)

 

[ 336 ]

الليل في البر والبحر، أو في مشتبهات الطرق أو الأمور. القمي: النجوم: آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم 1. (قد فصلنا اليات) بيناها فصلا، فصلا (لقوم يعلمون) فإنهم منتفعون به. (وهو الذى أنشأكم من نفس واحدة) وهو آدم عليه السلام (فمستقر ومستودع). ورد: (المستقر: من استقر الايمان في قلبه فلا ينزع منه أبدا، والمستودع: الذي يستودع الايمان زمانا ثم يسلبه، وقد كان الزبير منهم) 2. (قد فصلنا الايات لقوم بفقهون). ذكرها " يفقهون " لانه غامض، وهناك " يعلمون " لانه ظاهر. (وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شئ فأخرجنا منه خضرا): نبتا غضا أخضر (نخرج منه حبا متراكبا) قد ركب بعضه بعض، وهو السنبل. (ومن النخل من طلعا قنوان): أعذاق، جمع قنو. (دانية): قريبة من المتناول (وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه): بعضها متشابه في الهيئة والمقدار واللون والطعم، وبعضها غير متشابه (انظروا إلى ثمره) ثمر كل واحد (إذا أثمر): إذا أخرج ثمره، كيف يكون صغيرا حقيرا لا يكاد ينتفع به (وينعه): وإلى حال نضجه، أو إلى نضيجه، كيف يعود ضخما ذا نففع ولذة، مصدر ينعت الثمرة: إذا أدركت، أو جمع يانع. (إن في ذالكم لايت لقوم يؤمنون). (وجعلوا الله شركاء الجن): الملائكة، جعلوهم أندادا لله فعبدوهم، وقاللوا: إنهم بنات الله، سماهم جنا لا ختفائهم. ونحوه: " وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا " 3، أو أريد بالجن: الشياطين، لانهم أطاعئهم كما يطاع الله، أو عبدوا الاوثان بتسويلهم، أو قالوا: إن الله خالق الخير وإبليس خالق الشر. (وخلقهم): وقد خلقهم، أي: وقد

___________________________

1 - القمي 1: 211.

 2 - العياشي 1: 371، الحديث 69، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - الصافات (37): 158. (*)

 

[ 337 ]

علموا أن الله خالقهم دون الحن ن وليس من خلق كمن لا يخلق. (وخرقوا له): واختلقوا لله (بنين وبنات) فإن المشركين قالوا: المللائكة بنات الله، وأهل الكتابين: عزير ابن الله والمسيح ابن الله. (بغير علم): من غير أن يعلموا حقيقة ما قالوه، ولكن جهلا منهم بعظمة الله (سبحانه وتعالى عما يصفون): [ يقولون ] 1. (بديع السموات والارض) قال: (أي: هو كبدعهما ومنشؤهما بعلمه ابتداءا لا من شئ ولا على مثال سبق) 2. (أنى يكون ولد ولم تكن له صاحبة) يكون منها الولد (وخلق كل شئ وهو بكل شئ عليم) فهو غني عن كل شئ. (ذالكم الله ربكم لا إاله إلا هو خالق كل شئ). ورد: (أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين والله خالق كل شئ ولا نقول بالجبر والتفويض) 3. (فاعبدوه) فإن من استجمع هذه الصفات استحق العبادة (وهو على كل شئ وكيل) حفيظ مدبر. (لا تدركه الابصار) قال: (لا تحيط به الاوهان) 4. (وهو يدرك الابصار). قال: (يحيط بها) 5. وفي رواية: (إنما عنى إحاطة الوهم، كما يقال: فلان بصير بالشعر وفلان بصير بالفقه، الله أعظم من أن يرى بالعين) 6. وفي أخرى: (أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، وأوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون) 7. (وهو اللطيف): (النافذ في الاشياء). كذا ورد 8. (الخبير) قال: (الذي لا يعزب عنه شئ ولا يفوته) 9. (قد جائكم بصائر من ربكم). البصيرة للقلب كالبصر للبدن. (فمن أبصر) الحق

___________________________

1 - الزيادة من (ب).

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 343، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - الخصال: 608، ذيل الحديث: 9، عن أبي جعفر عليه السلام. وفيه: (ولا يقول).

 4 و 5 - التوحيد: 262، الباب: 36، ذيل الحديث: 5، عن أمير المؤمنين عليه السلام. - المصدر: 112، الباب: 8، الحديث: 10، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - المصدر: 113، الحديث: 12، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام.

 8 و 9 - الكافي 1: 122، ذيل الحديث: 2، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. (*)

 

[ 338 ]

وآمن به (فلنفسه) أبصر، لان نفعه لها (ومن عمى) عن الحق وضل (فعليها) وبالله (وما أنا عليكم بحفيظ) وإنما أنا منذر، والله هو الحفيظ عليكم، يحفظ أعمالكم ويجازيكم عليها. (وكذلك نصرف الابات): ننقلها من حال إلى حال، بإجراء المعنى الدائر في اللمعاني المتعاقبة. (ولقولوا درست) صرفنا، واللام للعاقبة، والدرس: القراءة والتعلم. والقمي: كانت قريش تقول لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الذي تحبرنا به تتعلمه من علماء اليهود وتدرسه 1. (ولنبينه لقوم يعلمون). اللام هنا على أصله، لأن التبيين مقصود التصريف، والضمير للايات بإعتبار المعنى. (اتبع ما أوحى إليك من ربك) بالتدين به (لا إله إلا هو). اعتراض. (وأعراض عن المشركين): ولا تحتفل بأقوالهم ولا تلتفت إلى آرائهم. (ولو شاء الله ما أشركوا). قال: (ولو شاء الله أن يجعلهم كلهم مؤمنين معصومين حتى كان لا يعصيه أحد، لما كان يحتاج إلى جنة ولا إلى نار، ولكنه أمرهم ونهاهم وامتحنهم وأعطاهم ماله عليهم به احجة من الالة والاستطاعة ليستحقوا الثواب والعقاب) 2. (وما جعلناك عليهم حفيظا): رقيبا (وما أنت عليهم بوكيل) تقوم بأمورهم. (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله): ولا تذكروا آلهتهم التي يعبدون، بما فيها من القبايح (فيسبوا الله عدوا): تجاوزا عن الحق إلى الباطل (بغير علم): على جهالة بالله وبما يجب أن يذكر به. قال: كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون الله، فكان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون، فنهى الله المؤمنين عن سب آلهتهم لكيللا يسب الكفار إله

___________________________

1 - القمى 1: 212.

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 346، في تفسير أهل البيت عليهم السلام. (*)

 

[ 339 ]

المؤمنين، فيكون المؤمنون قد أشركوا بالله من حيث لا يعلمون) 1. وفي رواية: أرأيت أحدا يسب الله ؟ فقيل: لا، وكيف ؟ قال: من سب ولي الله فقد سب الله) 2. وفي أخرى: (وإياكم وسب أعداء الله حيث يسمعونكم فيسبوا الله عدوا بغير علم) 3. (كذلك زينا لكل أمة عملهم) في الخير والشر 4 (ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون). (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم ءاية) من مقترحاتهم (ليؤمنن بها قل إنما الايات عند الله) هو قادر عليها، يظهر منها ما يشاء على مقتضى الحكمة، ليس شئ منها بقدرتي وإرادتي. (وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون) بكسر الهمزة 5 وبفتحها 6. قيل: " لا " مزيدة 7، وقيل إنها بمعنى لعلها، كما في قراءة ابي 8. (ونقلب أئدتهم) عن الحق فلا يفقهونه. وقال: (نكس قلوبهم فجعل أعلاها أسفلها فلم تقبل خيرا ابدا) 9. (وأباصرهم) اقل ك (فلا يبصرون الهدى) 10. (كما لم يؤمنوا به أو لمرة) بما أنزل من الايات. والقمي: (يعني في الذر والميثاق) 11. (ونذرهم في طغيانهم يعمهون) أي: يضلون.

___________________________

1 - القمي: 1: 213، عن أبي عبد الله عليه السلام. وفي جميع النسخ: (يسبوا الكفار) وما أثبتناه من المصدر.

 2 - العياشي 1: 374، الحديث: 80، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الكافي 8: 7، ذيل الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - في (ج): (في الخير والشر بعد اختبارهم ودخولهم فيه).

 5 - في (ج): (بكسر الهمزة واضح، وبفتحها).

 6 - أي: بكسر همزة " أنها " وفتحها فالمعنى على الفتح: أنا أعلم أنها إذا جاءت لا يؤمنون بها وأنتم لا تدريون بذلك، وعلى الكسر يكون الكلام قد تم قبله، والمعنى: وما يشعركم ما يكون منهم، ثم أخبرهم بعلمه فيهم، فقال: إنها إذا جاءت لا يؤمنون بها البتة. (راجع: الصافي 2: 148، وجوامع الجامع 1: 403).

 7 و 8 - البيضاوي 2: 203، ومجمع البيان 3 - 4: 348 - 349.

 9 و 10 - القمي 1: 213، عن أبي جعفر عليه السلام، مع اختلاف في بعض العبارات.

 11 - القمي 1: 213. (*)

 

[ 340 ]

(ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمتهم الموتى وحشرنا عليهم كل سئ قبلا): عيانا، كما اقترحوا فقالوا: " لو لا أنزلل علينا الملائكة " 1 " فأتوا بآبائنا " 2 " أو تأتي بالله والملائكة قبيلا " 3. (ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشآء الله ولكن أكثرهم يجهلون). (وكذلك): وكما جعلنا لك عدوا (جعلنا لكل نبي) سبقك (عدوا). وقال: (ما بعث الله نبيا إلا وفي أمته شيطانان يؤذيانه ويضلان النا بعده) 4. ثم ذكر أسماء أعداء أولي العزم اثنتين اثنين. (شياطين الانس والجن): مردتهما (يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا): الاباطيل المموهة من زخرفه إذا زينه. قال: (من لم يجعله الله من أهل صفة الحق، فأولئك شياطين الانس والجن) 5. وفي رواية: (الانس على ثلاثة أجزاء فجزاء تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، وجزء عليهم الحساب والعذاب، وجزء وجوههم وجوه الادميين وقلوبهم الشياطين) 6. (ولو شآء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون). (ولتصغى): تميل (إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالاخرة وليرضوه) لانفسهم (وليقترفوا): وليكتسبوا (ما هم مقترفون) من الاثام. (أفغير الله ابتغى حكما) ؟ ! يعني قل لهم: أفغير الله أطلب من يحكم بيني وبينكم، ويفصل المحق منا من المبطل ؟ (وهو الذى أنزل إليكم الكتاب): القرآن (مفصلا): مبينا فيه الحق والباطل، بحيث ينفي التخليط والالتباس (والذين ءاتيناهم الكتاب):

___________________________

1 - الفرقان (25): 21.

 2 - الدخان (44): 36.

 3 - الاسراء (17): 92.

 4 - القمي: 214، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - الكافي 8: 11، ذيل الحديث الطويل: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - الخصال 1: 154، الحديث 192، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 341 ]

التوارة والانجيل (يعلمون أنه منزل من ربك بالحق) لتصديق ما عندهم إياه، ولتصديقه ما عندهم، مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يمارس كتبهم ولم يخالط علماءهم. (فلا تكونن من الممترين). (وتمت كلمت ربك): ما تكلم به من الحجة بلغت الغاية اخباره وأحكامه ومواعيده (صدقا) في الاخبار والمواعيد (وعدلا) في الاقضية والاحكام (لا مبدل لكلماته) بما هو أصدق وأعدل (وهو السميع) لما يقولون (العليم) بما يضمرون. (وإن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله) لان الاكثر في الغالب يتبعون الاهواء (إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخضون): يقولون عن تخمين وتقليد. إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) أي: أعلم بالفريقين. (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه). مسبب عن إنكار اتباع المضلين الذين يحرمون الحلال ويحلون الحرام، وذلك أنهم قالوا للمسلمين: أتاكلون مما قتلتم أنتم ولا تأكلون مما قتلل ربكم ؟ ! فقيل: ملوا مما ذمر اسم الله على ذبحه خاصة دون ما ذكر عليه اسم غيره، أو مات حتف أنفه. (إن كنتم بئاياته مؤمنين) فإن الايمان بها يقتضى استباحة ما أحله الله واجتناب ما حرمه. (ومالكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) بقوله: " حرمت عليكم الميتة " 1 الاية. (وإن كثيرا ليضلون بأهوآئهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين): المتجاوزين الحق إلى الباطل والحلال إلى الحرام. (وذروا ظاهر الاثم وباطنه): ما يعلن وما يسر. والقمي: الظاهر من اللاثم:

___________________________

1 - المائدة (5): 3. (*)

 

[ 342 ]

المعاصي، والباطن: الشرك والشك في القلب 1. (إن الذين يكسبون الاثم سيجزون بما كانوا يقترفون): يعملون. (ولا تأملوا مما لم يذكر اسم الله عليه). ورد: (إنه سئل عن مجوسي قال: بسم الله وذبح. قال: كل. فقيل: مسلم ذبح ولم يسم. فقال: لا تأكل. ثم تلا هذه الايه) 2. وفي رواية: (في ذبيحة الناصب واليهودي والنصراني قال: لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله عليه، ثم تلا هذه الآية) 3. (وإنه لفسق وإن الشيطان ليوحون): ليويويون (إلى أوليائهم) من الكفار (ليجادلوكم) بقولهم: تأكلون ما قتلتم أنتم وجوارحكم وتدعون ما قتله الله. (وإن أطعتموهم إنكم لمشركون). (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يشمى به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) يعنى مثل من هداه الله وأنقذه من الضلال، وجعل له حجة يهتدي بنورها، كمن صففته البقاء في الضلالة لا يفارقها بحال. قال: (" ميتا ": لا يعرف شيئا، و " نورا يمشي به في الناس ": إماما يؤتم به " كمن مثله في الظلمات ": الذي لا يعرف الامام) 4. وفي رواية: (كان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر، وحياته حين فرق الله بينهما بكلمته) 5. وورد: (إن الاية نزلت في عمار بن ياسر وأبي جهل) 6. (كذالك زين للكافرين ما كانوا يعملون). (وكذلك جعلنا في كل قرية أكبر مجرميها ليمكروا فيها) أي: كما جعلنا في مكة. (وما يمكرون إلا بأنفسهم) لان وباله يحيق بهم. (وما يشعرون) ذلك.

___________________________

1 - القمي 1: 215.

 2 - التهذيب 9: 69، الحديث 293، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - المصدر: 68، الحديث: 287، غن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - الكافي 1: 185، الحديث: 13، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - المصدر 2: 5، الحديث: 7، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - مجمع البيان 3 - 4: 359، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 343 ]

(وإذا جاءتهم ءاية قالوا) يعني الاكابر: (للن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله). روي: أن أبا جهل قال: زاحمنا بني عبدمناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يوحى إليه، والله لا نرضى به ولا نتبعه أبدا إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه، فنزلت) 1. (الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله): ذل وحقارة بعد كبرهم (وعذاب شديد بما كانوا يمكرون). (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام) فيتسع له ويفسح فيه مجاله 2. ورد: (لما نزلت هذه الاية، سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن شرح الصدر ما هو ؟ فقال: نور يقذفه الله تعالى في قلب المؤمن، فينشرح صدره وينفسح. قالوا فهلل لذلك أمارة يعرف بها ؟ فقال: نعم الانابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزول الموت) 3. (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا). قال (قد يكون ضيقا وله منفذ يسمع منه ويبصر، والحرج هو الملتأم الذي لا منقذ له يسمع به ولا يبصر منه) 4. (كأنما يصعد في السماء). مبالغة في ضيق صدره، بتشبيهه بمن يزاول مالا يقدر عليه، وهو مثل فيما لا يستطاع. ورد: (إن القلب ليتجلجل 5 في الجوف يطلب الحق فإذا أصابه اطمأن وقر، ثم تلا هذه الاية) 6. أقول: يتخلخل بالخائين المعجمتين أو الجيمين أي: يتحرك. وورد: إنه سئل عن هذه الاية فقال: من يرد الله أن يهديه بإيمانه في الدنيا وإلى جنته ودار كرامته في الاخرة، يشرح صدره للتسليم لله والثقة به والسكون إلى ما وعده

___________________________

1 - راجع: البيضاوى 2: 207.

 2 - في (الف): (ويفسح فيه لا محالة).

 3 - مجمع البيان 3 - 4: 363، في رواية صحيحة.

 4 - معاني الاخبار: 145، الحديث 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - في (الف): (ليتخلخل).

 6 - الكافي 2: 421، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 344 ]

من ثوابه، حتى يطمئن إليه، ومن يرد أن يضله عن جنته ودار مرانته في الاخرة لكفره به وعصايانه له في الدنيا، يجعل صدره ضيقا حرجا، حتى يشك في كفره ويضطرب من اعتقاده قلبه، حتى يصير كأنما يصعد في السماء) 1. (كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) قال: الرجس: الشك) 2. (وهذا صراط ربك). قبل: يعني طريقه وعادته في التوفيق والخذلان 3. (مستقيما): عادلا مطردا (قد فصلنا الايات لقوم يذكرون). (لهم دار السلام): للذين تذكروا وعرفوا الحق، دار الله، أو دار السلامة من كل آفة وبلية. القمي: يعني في الجنة، والسلام: الامان والعافية والسرور 4. ويأتي فيه حديث في يونس إن شاء الله 5. (عند ربهم): في ضمانه، يوصلهم إليها لا محالة (وهو وليهم): مولاهم محبهم 6. القمي: أي أولى بهم 7. (بما كانوا يعملون). (ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن) نقول يا معشر الشياطين (قد استكثرتم من الانس): أضللتم منهم كثيرا. القمي: كل من والى قوما فهو منهم، وإن لم يكن من جنسهم 8. (وقال أولياؤهم من الانس): الذين اتبعوهم وأطاعوهم: (ربنا استمتع بعضنا ببعض): انتفع الانس بالشياطين،، حيث دلوهم على الشهوات وما يوصل إليها، وانتقع الشياطين بالانس، حيث أطاعوهم وحصلوا مرادهم. (وبلغنا أجلنا الذين أجلت لنا) يعني القيامة (قال): قال الله لهم: (النار مثوكم): مقامكم

___________________________

1 - التوحيد: 242، الباب 35، ا لحديث: 4، ومعاني الاخبار 145، الحديث: 2، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، وفيهما: " بإيمانه في الدنيا إلى جنته " من دون " و ".

 2 - العياشي 1: 377، الحديث: 96، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - البيضاوي 2: 207.

 4 - القمي 1: 216.

 5 - ذيل الاية: 25.

 6 - كذا في جميع النس، ولعل الانسب بالسياق: " مواليهم ومحبهم ".

 7 و 8 - القمي 1: 216. (*)

 

[ 345 ]

(خلدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم). (وكذلك نولي بعض الظلمين بعضا): نكل بعضهم إلى بعض (بما كانوا يكسبون). قال: " ما انتصر الله من ظالم إلا بظالم، وذلك قوله عز وجل: " وكذلك نولي " الاية " 1. (يمعشر الجن والانس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم ءايتى وينذرونكم لقاء يومكم هذا) ؟ ورد: " سئل: هل بعث الله نبيا إلى الجن ؟ فقال: نعم، بعث إليهم نبيا يقال له: يوسف، فدعاهم إلى الله عز وجل، فقتلوه " 2. وورد: " إن الله عز وجل أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الجن والانس " 3. (قالوا شهدنا على أنفسنا) بالجرم والعصيان (وغرتهم الحيوة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كفرين). (ذلك) أي: إرسال الرسل (أن لم يكن): لان لم يكن (ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غفلون): لم ينبهوا برسول. (ولكل) من المكلفين (درجت مما عملوا وما ربك بغفل عما يعملون). (وربك الغنى) عن عباده وعن عبادتهم (ذو الرحمة) يترحم عليهم بالتكليف، ليعرضهم للمنافع العظيمة التي لا يحسن إيصالهم إليها إلا بالاستحقاق (إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم ءاخرين). (إن ما توعدون لات وما أنتم بمعجزين): بخارجين من ملكه. (قل يقوم اعملوا على مكانتكم) قيل: على غاية تمكنكم واستطاعتكم، أو على حالكم التي أنتم عليها 4 (إنى عامل) على مكانتي (فسوف تعلمون من تكون له

___________________________

1 - الكافي 2: 334، الحديث: 19، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 242، الباب: 24، ذيل الحديث 1.

 3 - المصدر 1: 56، الباب: 6، الحديث: 21، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - البيضاوي 2: 209. (*)

 

[ 346 ]

عقبة الدار): أينا يكون له العاقبة الحسنى التي خلق الله لها هذه الدار. والتهديد بصيغة الامر مبالغة في الوعيد، وتسجيل للمأمور بأنه لا يأتي منه إلا الشر. (إنه لا يفلح الظلمون). (وجعلوا لله) يعني مشركي العرب (مما ذرأ): مما خلق الله (من الحرث والانعم نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم) من غير أن يؤمروا به (وهذا لشركائنا): أصنامهم التي أشركوها في أموالهم (فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون). روي: " انهم كانوا يعينون شيئا من حرث ونتاج الله ويصرفونه إلى الضيفان والمساكين، وشيئا منهما لالهتهم، وينفقون على سدنتها ويذبحون عندها، ثم إن رأوا ما عينوا لله أزكى بدلوه بما لالهتهم، وإن رأوا ما لالهتهم أزكى تركوه لها حبا لالهتهم، واعتلوا لذلك بأن الله غني " 1. وورد: " كان إذا اختلط ما جعل للاصنام بما جعل لله ردوه، وإذا اختلط ما جعل الله بما جعلوه للاصنام تركوه، وقالوا: الله غني، وإذا انخرق الماء من الذي لله في الذي للاصنام لم يسدوه، وإذا انخرق من الذي للاصنام في الذي لله سدوه، وقالوا: لله غني " 2. (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولدهم) بالواد 3، خيفة العيلة أو العار، أو بالنحر لالهتهم (شركاؤهمن) من الشياطين أو السدنة (ليردوهم): ليهلكوهم بالاغواء (وليلبسوا عليهم دينهم): وليخلصوا عليهم ما كانوا عليه (ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون). (وقالوا هذه). أشارة إلى ما جعل لالهتهم. (أنعم وحرث حجر): حرام

___________________________

1 - البيضاوي 2: 209.

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 370، عن أئمتنا عليهم السلام.

 3 - وأد بنته يئدها: دفنها حية. القاموس المحيط 1: 355 (وأد). (*)

 

[ 347 ]

(لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم) من غير حجة (وأنعم حرمت ظهورها) القمي: يعني البحيرة والسائبة والوصيلة والحام 1. (وأنعم لا يذكرون اسم الله عليها) في الذبح والنحر. وقيل: لا يحجون عليها ولا يلبون على ظهورها 2. (افتراء عليه): فعلوا ذلك كله على جهة الافتراء على الله (سيجزيهم بما كانوا يفترون). (وقالوا ما في بطون هذه الانعم خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء). القمي: كانوا يحرمون الجنين الذي يخرجونه من بطون الانعام، على النساء، فإذا كان ميتا يأكله الرجال والنساء 3. (سيجزيهم وصفهم): جزاء وصفهم الكذب على الله في التحريم والتحليل، من قوله: " تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام 4 ". (إنه حكيم عليم). (قد خسر الذين قتلوا أولدهم) كانوا يقتلون بناتهم مخافة السبي والفقر (سفها بغير علم) لخفة عقلهم وجهلهم بأن الله رازق أولادهم لاهم. (وحرموا ما رزقهم اللله) من البحائر ونحوها (افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين). (وهو الذى أنشأ جنت معروشت): مرفوعات على ما يحملها (وغير معروشت): ملقيات على وجه الارض (والنخل والزرع مختلفا أكله): أكل ذلك، أي: ثمره الذي يؤكل، في اللون والطعم والرائحة (والزيتون والرمان متشبها) بعض أفرادها في الطعم واللون والحجم (وغير متشبه): ولا يتشابه بعضها (كلوا من ثمره إذا أثمر وءاتوا حقه يوم حصاده). قال: " افتح الفم بالحاء " 5.

___________________________

1 - القمي 1: 217.

 2 - البيضاوي 2: 201، والكشاف 2: 55. وأشار إليه في مجمع البيان 3 - 4: 372.

 3 - القمي 1: 218.

 4 - النحل (16): 116.

 5 - قرب الاسناد: 368، الحديث 1316، عن الرضا عليه السلام. (*)

 

[ 348 ]

ورد: " إنه غير الزكاة، الضغث 1 من السنبل بعد الضغث، والكف من التمر بعد الكف " 2. وفي رواية: " في الزرع حقان: حتى تؤخذ به وحق تعطيه، أما الذي تؤخذ به فالعشر ونصف العشر، وأما الذي تعطيه فقول الله عز وجل: " وآتوا حقه يوم حصاده " يعني من حصدك الشئ بعد الشئ " 3. (ولا تسرفوا) في التصدق. ورد: " من الاسراف في الحصاد والجداد 4 أن يتصدق الرجل بكفيه جميعا " 5. (إنه لا يحب المسرفين: لا يرتضي فعلهم. (ومن الانعم حمولة وفرشا): وأنشأ من الانعمام ما تحمل الاثقال، وما ينسخ من وبره وصوفه وشعره الفرش. (كلوا مما رزقكم الله) منها (ولا تتبعوا خطوت الشيطن) في تحريم شئ منها من عند أنفسكم. (إنه لكم عدو مبين). (ثمنية أزوج). الزوج: ما معه آخر من جنسه، وقد يقال لمجموعهما (من الضأن اثنين): " الاهلي والوحشي الجبلي ". كذا ورد في الجميع 6. (ومن المعز ا ثنين): الاهلي والجبلي (قل ءالذكرين): ذكر الضأن وذكر المعز (حرم أم الانثيين): أم أنثييهما (أما اشتملت عليه أرحام الانثيين): أو ما حملته إناث الجنسين، ذكرا كان أو أنثى (نبئوني بعلم): بأمر معلوم يدل على أن الله حرم شيئا من ذلك (إن كنتم صدقين) في دعوى التحريم عليه.

___________________________

1 - الضغث - بالكسر - قبضة حشيس مختلطة الرطب باليابس. القاموس المحيط 1: 175 (ضغث).

 2 - القمي 1: 218، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الكافي 3: 564، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - الجداد - بالفتح والكسر - صرام النخل وهو قطع ثمرتها. مجمع البحرين 3: 22 (جدد).

 5 - الكافي 3: 566، الحديث: 6، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

 6 - القمي 1: 219. (*)

 

[ 349 ]

(ومن الابل اثنين): " البخاتي والعراب " 1. كذا ورد 2. (ومن البقر اثنين): الاهلي والجبلي. (قل الذكرين حرم أم الانثيين أما اشتملت عليه أرحام الانثيين) كما مر. قيل: كانوا يحرمون من ذكور الانعام تارة، وإناثها تارة وأولادها كيف كانت تارة، زاعمين أن الله تعالى حرمها 3، فرد الله عليهم (أم كنتم شهداء): حاضرين شاهدين (إذ وصكم الله بهذا): حين وصاكم بهذا التحريم (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدى القوم الظلمين). (قلا لا أجد في ما أوحى إلى محرما): طعاما محرما (على طاعم يطعمه). فيه إيذان بأن التحريم إنما يثبت بالوحي لا بالهوى. (إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا): مصبوبا، كالدم في العروق، لا كالكبد والطحال، والمختلط باللحم لا يمكن تخليصه منه. (أو لحم خنزير فإنه رجس): قذر (أو فسقا أهل لغير الله به). سمى ما ذبح على اسم الصنم فسقا لتوغله 4. في الفس. (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم) لا يؤاخذه بأكله. قد سبق تفسير الباغي والعادي في سورة البقرة 5. فإن قيل: لم خص هذه الاربعة هنا بذكر التحريم مع أن غيرها محرم أيضا، فإنه سبحانه ذكر في المائدة 6 تحريم المنخنقة والموقوذة والمتردية، وغيرها، وقد ورد الاخبار

___________________________

1 - البخت - بالضم - الابل الخراسانية، الواحد بختى مثل روم ورمي، والجمع بخاتي. والابل العراب: خلاف البخاتى. القاموس المحيط 1: 148، ومجمع البحريم 2: 191 (بخت)، ومجمع البحرين 2: 119 (عرب).

 2 - القمي 1: 219.

 3 - البيضاوي 2: 211.

 4 - وغل في الشئ: دخل وتوارى، أو بعد وذهب. وأوغل في البلاد والعلم: ذهب وبالغ وأبعد. القاموس المحيط 4: 67 (وغل).

 5 - ذيل الاية: 73.

 6 - الاية: 3. (*)

 

[ 350 ]

الصحيحة بتحريم كل ذي مخلب من الطير وكل ذى ناب من الوحش 1، وما لا قشر له من السمك 2 إلى غير ذلك. قلنا: أما المذكورات في المائدة فكلها يقع عليه اسم الميتة، فتكون في حكمها، فأجمل هاهنا وفصل هناك، وأما غيرها فليس بهذه المثابة في الحرمة، فخص هذه الاربعة بالتحريم تعظيما لحرمتها، وبين تحريم ما عداها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وورد: " إنه مما يعاف عنه تقززا " 3، يعني تنزها. والقمي: إنما هذه الاية رد على ما أحلت العرب وحرمت على أنفسها، فلا دلالة فيها على عدم تحريم غير ما فيها 4. القول: هذا لا يساعده الاخبار المعصومية، كما يظهر لمن تتبع لها، وكذا ما قيل: إن هذه السورة مكية. والمائدة مدنية فيجوز أن يكون غير ما في ههذه الاية إنما حرم فيما بعد 5. (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر) من دابة أو طير (ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما): الثروب 6 وشحوم الكلى 7. (إلا ما حملت ظهرورهما): ما علقت بظهروهما (أو الحوايا): ما اشتمل على الامعاء (أو ما اختلط بعظم) وهو شحم الالية (ذلك جزينهم ببغيهم وإنا لصدقون) في الاخبار والوعد والوعيد. (فإن كذبوك) فيما تقول (فقل ربكم ذو رحمة وسعة) لا يعجل بالعقوبة (ولا

___________________________

1 - الكافي 6: 245، الحديث: 2 و 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - المصدر: 219، الاحاديث: 1 و 5 إلى 9.

 3 - أشير إليه في العياشي 1: 382، الحديث: 119 عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - القمي 1: 219.

 5 - راجع: مجمع البيان 3 - 4: 378.

 6 - الثرب: شحم رقيق يغشى الكرش والامعاء، والجمع: ثروث وأثرب. القاموس المحيط 1: 42 (ثرب).

 7 - الكلى - بضم الكاف والقصر - جمع الكلة والكلوة هي من الاحشاء معروفة. مجمع البحرين 1: 362 (كلا). (*)

 

[ 351 ]

يرد بأسه عن القوم المجريم) فلا تغتروا بإمهاله، فإنه لا يرد إذا جاء وقته. (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا ءاباؤنا ولا حرمنا من شئ كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم): من أمر معلوم يصح الاحتجاج به على ما زعمتم (فتخرجوه لنا): فتظهروه لنا (إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون). (قل فلله الحجة البلغة). (قال: " الحجة البالغة التي تبلغ الجاهل من أهل الكتاب فيعلمها بجهله كما يعلمها العالم بعلمه ") 1. (فلو شاء لهدكم أجمعين). (قل هلم شهداءكم): أحضروهم (الذين يشهدون أن الله حرم هذا) يعني: قدوتهم فيه، استحضرهم ليلزمهم الحجة (فإن شهدوا فلا تشهد معهم) فلا تصدقهم فيه (ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بئايتنا والذين لا يؤمنون بالاخرة ونهم بربهم يعدلون): يجعلون له عديلا. (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا). لما أوجب ترك الشك والاحسان إلى الوالدين، فقد حرم الشرك والاساءة دليهما، لان إيجاب الشئ نهي عن ضده، فيصح أن يقع تفصيلا لما حرم. (وبالودين إحسنا). وضعه موضع النهي عن الاساء للدلالة على أن ترك الاساءة في شأنهما غير كاف. القمي: الوالدين 2: رسول الله وأمير المؤمنين عليهما السلام 3. (ولا تقتلوا أولدكم من إملق): من أجل فقر، أو من خشية فقر، لقوله: " خشة إملاق " 4. (نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفوحش): كبائر الذنوب، أو الزنا (ما ظهر منها وما بطن) قال: " ما ظهر: نكاح

___________________________

1 - ما بين المعقوفتين من " ج " و " ب ". والحديث في البرهان 1: 560، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام، نقلا عن العلامة الحلي في الكشكول.

 2 - في " ب و " ج ": " الوالدن ".

 3 - القمي 1: 220.

 4 - الاسراء (17): 31. (*)

 

[ 352 ]

امرأة الاب، وما بطن: " الزنا " 1. وفي رواية: " ما ظهر هو الزنا، وما بطن: المخالة " 2. (ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق) كالقود 3 وقتل المرتد ورجم المحصن (ذلكم وصكم به لعلكم تعقلون). (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هي أحسن): إلا بالخصلة التي هي أحسن ما يفعل بماله، كحفظه وتثميره (حتى يبلغ أشده): قوته. قال: " انقطاع يتم اليتيم: الاحتلام وهو أشده، وفي رواية: " إذا بلغ أشده ثلاث عشرة سنة ودخل في الاربع عشرة، وجب عليه ما وجب على المحتملين، احتلم أو لم يحتلم، كتبت عليه السيئات وكتبت له الحسنات، وجاز له كل شئ إلا أن يكون ضعيفا أو سفيها " 5. (وأوفوا الكيل والميزان بالقسط): بالعدل والتسوية (لا نكلف نفسا إلا وسعها): إلا ما يسعها ولا يعسر عليها، اعتراض فيه تنبيه على تعسر الايفاء، وأن ما وراء الوسع فيه معفو. (وإذا قلتم) في حكومة ونحوها (فأعدلوا) فيه (ولو كان ذا قربى): ولو كان المقول له أو عليه من ذوي قرابتكم. (وبعهد الله أوفوا) يعني ما عهد إليكم من ملازمة العدل وتأدية أحكام الشرع. (ذلكم وصكم به لعلكم تذكرون): تتعظون به. ورد: " هذه الايات المحكمات التي لم ينسخهن شئ شيعها سبعون ألف ملك: " قل تعالوا أتل " الايات 6 ".

___________________________

1 - العياشي 1: 383، الحديث: 124، عن علي بن الحسين عليهما السلام.

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 382، عن أبي جعفر عليه السلام. وفيه: " وما بطن هو المخالة " والمخالة - من خاله مخالة وخلالا -: المصادقة. " القاموس المحيط 3: 318 - خل " ولعل المراد بها المصادقة بين الاجنبيين.

 3 - القود - بالتحريم -: القصاص. مجمع البحرين 3: 132 (قود).

 4 - التهذيب 9: 183، الحديث 737، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - المصدر، الحديث: 739، عن أبي عبد الله عليه السلام.، وفيه: " سفيها وضعيفا ".

 6 - العياشي 1: 383، الحديث: 123، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 353 ]

(وأن هذا صراطي مستقيما). قيل: الاشارة فيه إلى ما ذكر في السورة، فإنه التوحيد والنبوة والشريعة 1. (فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله). عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا الصراط المستقيم الذي أمرتكم باتباعه، ثم علي من بعدي، ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون إلى الحق 2 وبه يعدلون 3 ". وفي رواية: " يعني ولاية علي والاوصياء " فاتبعوه " يعني عليا " ولا تتبعوا السبل " ولاية فلان وفلان، " فتفرق بكم عن سبيله " يعني سبيل علي عليه السلام " 4. (ذلكم وصكم به لعلكم تتقون) الضلال والتفرق عن الحق. (ثم ءاتينا موسى الكتب) " ثم " للتراخي في الاخبار. (تماما) للكرامة والنعمة (عليه الذى أحسن): أحسن القيام به (وتفصيلا لكل شئ وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون). وهذا كتب أنزلته مبارك): كثير النفع (فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون). (أن تقولوا): أنزلناه كراهة أن تقولوا: (إنما أنزل الكتب على طائفتين من قبلنا): اليهود والنصارى (وإن كنا عن دراستهم لغفلين). (أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بئايت الله وصدف): أعرض، أو صد (عنها) فضل وأضل. (سنجزي الذين يصدفون عن ءايتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون). (هل ينظرون) قال: " هل ينتظر المنافقون والمشركون " 5. (إلا أن تأتيهم الملئكة) قال: " فيعا ينوهم " 6. (أو يأتي ربك) قال: " أمر ربك " 7. (أو يأتي بعض

___________________________

1 - البيضاوي 2: 241.

 2 - في " الف " و " ج ": " يهدون بالحق "، وفي " ب ": " يدعون بالحق " وما أثبتناه من المصدر.

 3 - الاحتجاج 1: 78 - 79. وفيه: " أنا صراط الله المستقيم ".

 4 - العياشي 1: 384، الحديث 125، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 و 6 و 7 - الاحتجاج 1: 372 عن أمير المؤمنين عليه السلام. (*)

 

[ 354 ]

ءايت ربك) قال: " هي العذاب في دار الدنيا، كما عذب الامم السالفة والقرون الخالية " 1. (يوم يأتي بعض ءايت ربك لا ينفع نفسا إيمنها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في إيمننها خيرا) كان المعنى: أنه لا ينفع الايمان حينئذ نفسا غير مقدمة إيمانها، غير كاسبة في إيمانها خيرا. قال: " من قبل " يعني من قبل أن تجئ هذه الاية، وهذه الاية: طلوع الشمس من مغربها " 2. وفي رواية: " طلوع الشمس من المغرب، وخروج الدجال والدخان، والرجل يكون مصرا ولم يعمل عمل الايمان، ثم تجئ الايات فلا ينفعه إيمانه " 3. أو كسبت في إيمانها خيرا ". قال: " المؤمن العاصي حالت بينه وبين إيمانه كثرة ذنوبه وقلة حسناته، فلم يكسب في إيمانه خيرا " 4. وفي رواية: " من قبل " يعني في الميثاق، " أو كسبت في إيمانها خيرا " قال: الاقرار بالانبياء والاوصياء وأمير المؤمنين عليه السلام خاصة، لا ينفع إيمانها لانها سلبت " 5 وفي أخرى: " الايات: هم الائمة عليهم السلام، والاية المنتظرة: القائم عليه السلام، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها " 6. (قل انتظروا إنا منتطرون). وعيد لهم وتهديد. (إن الذين فرقوا دينهم): بددوه، فآمنوا بعض وكفروا ببعض وافترقوا فيه، وعلى قراءة: " فارقوا "، كما نسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام 7 أي: باينو. (وكانوا شيعا): فرقا يشيع كل فرقة إماما (لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما

___________________________

1 - الاحتجاج 1: 372، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 2 - التوحيد: 266، الباب: 36، ذيل الحديث: 5، عن أمير المؤمنين.

 3 - العياشي 1: 384، الحديث: 128، عن الصادقين عليهما السلام. وفيه: " وخروج الدابة والدجال والرجل يكون مصرا ".

 4 - المصدر: 385، الحديث: 130، عن أحدهما عليهما السلام، مع اختلاف يسير.

 5 - الكافي 1: 428، الحديث: 81، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - كمال الدين: 336، الباب: 33، الحديث: 8، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - مجمع البيان 3 - 4: 388. (*)

 

[ 355 ]

كانوا يفعلون). قال: " هم أهل الضلال وأصحاب الشبهات والبدع من هذه الامة " 1. والقمي: فارقوا أمير المؤمنين عليه السلام وصاروا أحزابا 2. وفي الحديث المشهور: " ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي التي تتبع وصيي عليا " 3. (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالثها) فضلا من الله تعالى. قال: " لما نزلت من جاء بالحسنة فله خير منها " 4. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رب زدني فأنزل الله: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " 5. أقولا: هذا أقل ما وعد من الاضعاف، وقد جاء الوعد بسبعين، وبسبعمائة، وبغير حساب. وورد في هذه الاية: " هي للمسلمين عامة " 6. قال: " قد قال الله: " يضاعفه له أضعافا كثيرة " 7، فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله لهم حسناتهم، لكل حسنة، سبعون ضعفا، فهذا فضل المؤمن، ويزيد الله في حسناته على قدر صحة إيمانه أضعافا كثيرة، ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير " 8. (ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) عدلا من الله، وقد ذكرنا سر ذلك في الصافي والوفي 9. (وهم لا يظلمون) بنقص الثواب وزيادة العقاب.

___________________________

1 - مجمع البيان 3 - 4: 389، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - القمي 1: 222.

 3 - الخصال 2: 585، من غير تعرض بالذيل: " وهي التي.. ".

 4 - القصص (28): 84.

 5 - مجمع البيان 1 - 2: 349 ذيل الاية: 245 من سورة البقرة، ومعاني الاخبار: 398، الحديث: 54، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - القمي 2: 131، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - البقرة (2): 245.

 8 - الكافي 2: 27، الحديث: 5، عن أبي جعفر عليه السلام.

 9 - راجع: الصافي 2: 716، والوافي 5: 1021 باب الهم بالسينة أو الحسنة. (*)

 

[ 356 ]

(قل إننى هداني ربى إلى صراط مستقيم دينا): هداني دينا (قيما): قياما. وصف بالمصدر مبالغة. (مما إبرهيم حنيفا). سبق تفسيره 1. (وما كان من المشركين). (قل إن صلاتي ونسكى): عبادتي وقرباني 2: (ومحياى ومماتي): وما أنا عليه في حياتي وأموت عليه من الايمان والطاعة (لله رب العالمين): خالصة له. (لا شريك بله): لا أشرك فيها غيره. ورد في حديث ذكر فيه: " إبراهيم عليه السلام دينه ديني وديني دينه، وسنته سنتي وسنتي سنته، وفضلي فضله وأنا أفضل منه " 3. (وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)، " لانه أول من أجاب في الذر ". كما ورد 4. (قل أغير الله أبغى ربا) فأشركه في عبادتي ؟ ! وهو جواب عن دعائهم إلى عبادة آلهتهم. (وهو رب كل شئ): والحال أن كل ما سواه مربوب مثلي لا يصلح للربوبية. (ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى): لا تحمل نفس آثمة إثم نفس اخرى. جواب عن قوله: " إتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم " 5. (ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون). (وهو الذيث جعلكم خلئف الارض). قيل: يخلف بعضكم بعضا، كلما مضى قرن خلفهم قرن، أو خلفاء الله في أرضه تتصرفون فيها 6. (ورفع بعضكم فوق بعض

___________________________

1 - لاحظ: البقرة ذيل الاية 135، وآل عمران ذيل الاية: 95، والنساء ذيل الاية، والنساء ذيل الاية: 125.

 2 - القربان - على وزن فعلان - من القرب كالفرقان من الفرق: ما يقصد به القرب من رحمة الله من أعمال البر. " مجمع البحرين 2: 141 - قرب " وفي نسخة " ب " و " ج ": قرباتي " جمع القربة: ما يتقرب به إلى الله تعالى.

 3 - العياشي 1: 169، الحديث 33، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - الكافي 2: 10، الحديث: 1 و 12، الحديث 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - العنكبوت (29): 12.

 6 - البيضاوي 2: 217، ورجع المعاني 8: 71. (*)

 

[ 357 ]

درجت) في الشرف والغنى والعقل وغير ذلك (ليبلوكم): ليختبركم (في ما ءاتكم) من الجاه والمال، كيف تشكرون نعمه (إن ربك سريع العقاب) لمن كفر نعمه (وإنه لغفور رحيم) لمن قام بشكرها. ورد: " إن سورة الانعام نزلت جملة واحدة، شيعها سبعون ألف ملك، فعظموها وبجلوها، فإن اسم الله فيها في سبعين موضعا 1.

___________________________

1 - ثواب الاعمال: 132، ذيل الحديث 1:، عن أبي عبد الله عليه السلام. وبجلوها أي: وقروها وعظموها. مجمع البحرين 2: 317 (بجل). (*)

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21399762

  • التاريخ : 18/04/2024 - 17:10

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net