00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الحجر من أول السورة ـ آخر السورة  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الاول)   ||   تأليف : المولى محمد محسن الفيض الكاشاني

[ 625 ]

سورة الحجر

[ مكية، وهي تسع وتسعون آية ] 1 بسم الله الرحمن الرحيم * (الر تلك ءايت الكتب وقرءان مبين) *. * (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) *. قال: " إذا كان يوم القيامة نادى مناد من عند الله لايدخل الجنة إلا مسلم، فيومئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين " 2. * (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا) * بدنيا 3 * (ويلههم الامل) * عن الاستعداد للمعاد * (فسوف يعلمون) * سوء صنيعهم، إذا عاينوا الجزاء. * (وما اهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم) *: أجل مقدر كتب في اللوح المحفوظ * (ما تسبق من أمة أجلها وما يستخرون) * عنه. * (وقالوا يأيها الذى نزل عليه الذكر) *. نادوه على سبيل التهكم والاستهزاء. * (إنك لمجنون) *: لتقول قول المجانين، حين تدعي ذلك.

___________________________

1 - مابين المعقوفتين من " ب ".

 2 - القمي 1: 372، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - في " ج ": " بدنياهم ". (*)

 

[ 626 ]

* (لو ما تأتينا) *: هلا تأتينا * (بالملئكة) * ليصدقوك ويعضدوك * (إن كنت من الصدقين) * في دعواك. * (ما ننزل الملئكة إلا بالحق) *: بالحكمة والمصلحة * (وما كانوا إذا منظرين) *: ممهلين. يعنى لا يمهلهم ساعة. * (إنا نحن نزلنا الذكر) *. رد لانكارهم واستهزائهم. * (وإنا له لحفظون) * من التحريف والتغيير، والزيادة والنقصان. * (ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الاولين) *: في فرقهم وطوائفهم. والشيعة: الفرقة إذا اتفقوا في مذهب وطريقة، من شاعه إذا تبعه. * (وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون) *. حكاية حال ماضية. * (كذلك نسلكه في قلوب المجرمين) * تدخل الذكر وننظمه، مكذبا به غير مقبول، كذا قيل 1. وقيل: الضمير للاستهزاء 2. * (لا يؤمنون به) *: بالذكر * (وقد خلت سنة الاولين) * أي: سنة الله فيهم، بأن خذلهم وسلك الكفر في قلوبهم، أو بأن أهلكهم حين كذبوا رسلهم. * (ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون) *. * (لقالوا إنما سكرت أبصرنا) *: سدت من الابصار بالسحر، وخيل إلينا على غير حقيقة * (بل نحن قوم مسحورون) * قد سحرنا محمد بذلك. * (ولقد جعلنا في السماء بروجا) *. قال: " البروج: الكواكب، والبروج التي للربيع والصيف: الحمل والثور والجوزاء والسرطان والاسد والسنبلة، وبروج الخريف والشتاء: الميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت، وهي اثنى عشر برجا " 3.

___________________________

1 - الكشاف 2: 388.

 2 - مجمع البيان 5 - 6: 331، والبيضاوي 3: 166.

 3 - القمي 2: 166، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 627 ]

والقمي: هي منازل الشمس والقمر 1. أقول: معنى البروج القصور العالية، سميت الكواكب بها لانها للسيارات كمنازل لسكانها، واشتقاقه من التبرج لظهوره. وورد: " إن للشمس ثلثمائة وستين برجا، كل برج منها مثل جزيرة من جزاير العرب، تنزل كل يوم على برج منها " 2. أقول: وذلك لان سير الشمس يكون في كل برج من البروج الاثنى عشر ثلاثين يوما تقريبا، فبهذا الاعتبار ينقسم كل منها إلى ثلاثين برجا، فتصير ثلثمائة وستين. * (وزينها للنظرين) * قال: " بالكواكب النيرة " 3. * (وحفظنها من كل شيطن رجيم) * فلا يقدر أن يصعد إليها، ويوسوس أهلها، ويتصرف في أمرها، ويطلع 4 على أحوالها. * (إلا من استرق السمع) *: اختلسه سرا * (فأتبعه) * ولحقه * (شهاب مبين) *: ظاهر للمبصرين. والشهاب: شعلة نار ساطعة، وقد يطلق للكوكب والسنان لما فيها من البريق. قال: " كان إبليس لعنه الله يخترق السماوات السبع، فلما ولد عيسى حجب عن ثلاث سماوات، وكان يخترق أربع سموات، فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجب عن السبع كلها، ورميت الشياطين بالنجوم. وقالت قريش: هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه. وقال عمرو بن أمية، وكان من أزجر 5 و 6 أهل الجاهلية: انظروا هذه النجوم التي يهتدى بها ويعرف بها أزمان الشتاء والصيف، فإن كان يرمى 7 بها فهو هلاك

___________________________

1 - القمي 1: 373.

 2 - الكافي 8: 157، الحديث: 148، عن أمير المؤمنين عليه السلام، وفيه: " فتنزل ".

 3 - مجمع البيان 5 - 6: 331، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - في " ألف ": " يتطلع ".

 5 - والزجر: العيافة، وهو ضرب من التكهن. الصحاح 2: 668 (زجر).

 6 - في " ألف ": " أزجر ".

 7 - في " ج " والمصدر: " رمى ". (*)

 

[ 628 ]

كل شئ، وإن كانت ثبتت ورمي بغيرها فهو أمر حدث " 1 الحديث. * (والارض مددنها) *: بسطناها * (وألقينا فيها روسى) *: جبالا ثوابت * (وأنبتنا فيها من كل شئ موزون) *. قال: " إن الله تبارك وتعالى أنبت في الجبال الذهب والفضة، والجوهر والصفر، والنحاس والحديد، والرصاص والكحل والزرنيخ وأشباه هذه، لاتباع إلا وزنا) * 2. * (وجعلنا لكم فيها معيش) * تعيشون بها من المطاعم والملابس * (ومن لستم له برزقين) *: وجعلنا لكم من لستم له برازقين، من العيال والخدم والمماليك والحيوانات، وساير ماتحسبون أنكم ترزقونه حسبانا كاذبا، فإن الله يرزقكم وإياهم. * (وإن من شئ إلا عندنا خزآئنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) *. القمي: الخزانة: الماء الذي ينزل من السماء، فينبت لكل ضرب من الحيوان ما قدر الله له من الغذاء 3. أقول: هذا تمثيل للتقريب من أفهام الجمهور وتفسير في الظاهر، وأما في الباطن: فالخزائن عبارة عما كتبه القلم الاعلى، أولا: على الوجه الكلي، في لوح القضاء المحفوظ عن التبديل، الذي منه يجري، ثانيا: على الوجه الجزئي، في لوح القدر الذي فيه المحو والاثبات، مدرجا على التنزيل، ثم منه ينزل ويظهر في عالم الشهادة، وإليه أشير ما ورد: " إن في العرش تمثال جميع ما خلق الله من البر والبحر. قال: وهذا تأويل قوله تعالى: " وإن من شئ إلا عندنا خزائنه " 4. * (وأرسلنا الريح لوقح) *. القمي: تلقح الاشجار 5. وورد: " لاتسبوا الريح، فإنها

___________________________

1 - الامالي (للصدوق): 235، المجلس الثامن والاربعون، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - القمي 1: 374، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - القمي 1: 375.

 4 - روضة الواعظين: 47، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، وفيه: " في البر والبحر ".

 5 - القمي 1: 375. (*)

 

[ 629 ]

بشر وإنها نذر وإنها لواقح، فاسألوا الله من خيرها وتعوذوا به من شرها " 1. * (فأنزلنا من السماء ماء فأسقينكموه ومآأنتم له بخزنين) * أي: نحن الخازنون للماء القادرون على خلقه في السماء وإنزاله منها. * (وإنا لنحن نحى ونميت ونحن الورثون) *. القمي: أي: نرث الارض ومن عليها 2. * (ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستخرين) * قال: " هم المؤمنون من هذه الامة " 3. * (وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم) *. * (ولقد خلقنا الانسن من صلصل) * القمي: الماء المتصلصل بالطين 4. * (من حمإ مسنون) *: متغير. وفي حديث خلق آدم: " فاغترف جل جلاله غرفة من الماء فصلصلها فجمدت " 5 الحديث. والصلصال: يقال للطين اليابس الذي يصلصل، أي: يصوت إذا نقر وهو غير مطبوخ، فإذا طبخ فهو فخار. والحمأ: الطين الاسود المتغير. والمسنون: يقال للمصور، وللمصبوب المفرغ، وللمنتن، كأنه أفرغ الحمأ فصور منها تمثال إنسان أجوف، فيبس حتى إذا نفر صلصل، ثم غير فصير إنسانا. * (والجآن) * يعني أبا الجن * (خلقنه من قبل) *: من قبل خلق الانسان * (من نار السموم) *: من نار الحر الشديد النافذ في المسام 6. * (وإذ قال ربك) *: واذكر وقت قوله * (للملئكة إنى خلق بشرا من صلصل من حمإ

___________________________

1 - العياشي 2: 239، الحديث: 4، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 2 - القمي 1: 375.

 3 - العياشي: 2: 240، الحديث: 6، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - القمي 1: 375.

 5 - العياشي 2: 240، الحديث: 7، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - السم: الثقب، ومسام الجسد: ثقبه. الصحاح 5: 1953، ومصباح المنير 1: 394 (سمم). (*)

 

[ 630 ]

مسنون) *. * (فإذا سويته) *: عدلت خلقته * (ونفخت ؟ ؟ ؟ من روحي) * حتى جرى آثاره في تجاويف أعضائه فحي. قال: " روح اختاره الله واصطفاه وخلقه وأضافه إلى نفسه، وفضله على جميع الارواح، فنفخ منه في آدم " 1. * (فقعوا له سجدين) *. قال: " كان ذلك من الله تقدمة في آدم قبل أن يخلقه، واحتجاجا منه عليهم " 2. وقد سبق تفسيره في سورتي البقرة والاعراف 3. * (فسجد الملئكة كلهم أجمعون) *. * (إلا إبليس أبى أن يكون مع السجدين) *. * (قال يا إبليس مالك ألا تكون مع السجدين) *. * (قال لم أكن لاسجد لبشر خلقته من صلصل من حمإ مسنون) * وهو أخس العناصر، وخلقتني من نار وهي أشرفها، غرته الحمية وغلبت عليه الشقوة. وقد سبق جوابه في الاعراف 4. * (قال فاخرج منها) *: من المنزلة التي أنت عليها في السماء * (فإنك رجيم) *: مطرود من الخير والكرامة. * (وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين) *. فإنه منتهى أمد اللعن. * (قال رب فأنظرنى إلى يوم يبعثون) * أراد أن يجد فسحة في الاغواء ونجاة من الموت. * (قال فإنك من المنظرين) *. * (إلى يوم الوقت المعلوم) *. قال: " يوم الوقت المعلوم: يوم ينفخ في الصور نفخة

___________________________

1 - التوحيد: 170، الباب: 27، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه: " فأمر فنفخ منه في آدم ".

 2 - علل الشرايع 1: 105، الباب: 96، ذيل الحديث: 1، والقمي 1: 37، والعياشي 2: 240، الحديث: 7، عن أبي جعفر عليه السلام، مع تفاوت يسير في العبارة.

 3 - البقرة، ذيل الايات: 30 الى 34، والاعراف، ذيل الاية: 11 و 12.

 4 - الاعراف (7): 12. (*)

 

[ 631 ]

واحدة، فيموت إبليس مابين النفخة الاولى والثانية " 1. وفي رواية: " إن الله أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا، فإذا بعث الله قائمنا، كان في مسجد الكوفة، وجاء إبليس حتى يجثو 2 بين يديه على ركبتيه، فيقول: يا ويله من هذا اليوم ! فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه، فذلك يوم الوقت المعلوم " 3. وفي أخرى: " يوم الوقت المعلوم: يوم يذبحه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الصخرة التي في بيت المقدس " 4. أقول: يعني عند الرجعة. * (قال رب بمآ أغويتني) *: بسبب إغوائك إياي: وهو تكليفه إياه بما وقع في الغي * (لازينن لهم) * المعاصي * (في الارض ولاغوينهم أجمعين) *. * (إلا عبادك منهم المخلصين) *: الذين أخلصتهم لطاعتك، وطهرتهم من الشوائب، فلا يعمل فيهم كيدي. * (قال هذا صرط على) * أي: هذا طريق حق، علي أن أراعيه * (مستقيم) *: لاانحراف عنه، وهو أن لا يكون لك سلطان على عبادي المخلصين. وفي قراءتهم عليهم السلام: " علي " بالرفع 5. وفسر بعلو الشرف 6. وورد: " هذا صراط علي مستقيم " 7. وهذا يحتمل الاضافة أيضا. وفي رواية: " هو أمير المؤمنين عليه السلام " 8.

___________________________

1 - علل الشرايع 2: 402، الباب: 142، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - جثا، يجثو: جلس على ركبتيه للخصومة ونحوها. لسان العرب 14: 131، ومجمع البحرين 1: 81 (جثا).

 3 - العياشي 2: 242، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - القمي 2: 245، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - مجمع البيان 5 - 6: 336، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - جوامع الجامع 2: 266، والكشاف 2: 391.

 7 - الكافي 1: 424، الحديث: 63، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - العياشي 2: 242، الحديث: 15. (*)

 

[ 632 ]

* (إن عبادي ليس لك عليهم سلطن) *. قال: " قال الله إنك لا تملك أن تدخلهم جنة ولانارا " 1. وقال: " والله ما أراد بهذا إلا الائمة وشيعتهم " 2. * (إلا من اتبعك من الغاوين) *. * (وإن جهنم لموعدهم أجمعين) *. قال: " وقوفهم على الصراط " 3. * (لها سبعة أبوب لكل باب منهم جزء مقسوم) *. القمي: يدخل في كل باب أهل ملة 4. وقد ورد تفصيل أصحاب الابواب في رواية ذكرناها في الصافي 5. وورد: " إن الابواب أطباق بعضها فوق بعض، ووضع إحدى يديه على الاخرى، فقال: هكذا، وإن الله تعالى وضع الجنان على العرض، ووضع النيران بعضها فوق بعض، فأسفلها جهنم، وفوقها لظى، وفوقها الحطمة، وفوقها سقر، وفوقها الجحيم، وفوقها السعير، وفوقها الهاوية " 6. وفي رواية: " أسفلها الهاوية وأعلاها جهنم " 7. * (إن المتقين في جنت وعيون) *. * (ادخلوها بسلم ءامنين) * على إرادة القول. * (ونزعنا مافى صدورهم من غل) *. القمي: العداوة 8. قال: " أنتم والله الذين قال الله: " ونزعنا ما في صدورهم من غل " " 9. * (إخونا على سرر متقبلين) *. * (لا يمسهم فيها نصب) *: تعب وعناء * (وماهم منها بمخرجين) *.

___________________________

1 - العياشي 2: 242، الحديث: 16، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - الكافي 8: 35، ذيل الحديث: 16، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - القمي 1: 376، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - القمي 1: 376.

 5 - الصافي 3: 114، والخصال 2: 361، الحديث: 51، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده عليهم السلام.

 6 - مجمع البيان 5 - 6: 338، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 7 - مجمع البيان 5 - 6: 388، في رواية الكلبي.

 8 - القمي 1: 377.

 9 - الكافي: 8: 214، الحديث: 260، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 633 ]

* (نبئ عبادي أنى أنا الغفور الرحيم) *. * (وأن عذابي هو العذاب الاليم) * فارجوا رحمتي وخافوا عذابي. * (ونبئهم عن ضيف إبرهيم) *. * (إذ دخلوا عليه فقالوا سلما) *: نسلم عليك سلاما * (قال إنا منكم وجلون) *: خائفون وذلك لانهم امتنعوا عن الاكل، كما سبق في سورة هود 1. * (قالوا لا تؤجل إنا نبشرك بغلم عليم) * قال: " هو إسماعيل من هاجر " 2. * (قال أبشرتموني على أن مسنى الكبر فبم تبشرون) *. * (قالوا بشرنك بالحق فلا تكن من القنطين) *. * (قال من يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) *. * (قال فما خطبكم أيها المرسلون) *. * (قالوا إنآ أرسلنا إلى قوم مجرمين) * قال: " يعني قوم لوط " 3. * (إلا ءال لوط إنا لمنجوهم أجمعين) *. * (إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغبرين) *: الباقين مع الكفرة لتهلك معهم. * (فلما جاء ءال لوط المرسلون) *. * (قال إنكم قوم منكرون) * تنكركم نفسي وتنفر عنكم، مخافة أن تطرقوني بشر. * (قالوا بل جئنك بما كانوا فيه يمترون) * قال: " من عذاب الله " 4. * (وأتينك بالحق) * قال: " لتنذر قومك العذاب " 5. * (وإنا لصدقون) *. * (فأسر) *: سر ليلا يالوط * (بأهلك بقطع من اليل) * قال: " إذا مضى نصف

___________________________

1 - ذيل الاية: 69.

 2 - العياشي 2: 246، ذيل الحديث: 26، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - العياشي 2: 246، ذيل الحديث: 26، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه: " قوم لوط ".

 4 و 5 - العياشي 2: 246، ذيل الحديث: 26، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 634 ]

الليل " 1. * (واتبع أدبرهم) *: وكن على أثرهم لتكون عينا عليهم، فلا يتخلف أحد منهم * (ولا يلتفت منكم أحد) * إلى ما وراءه * (وامضوا حيث تؤمرون) *: حيث أمرتم بالذهاب إليه. * (وقضينا إليه) *: إلى لوط * (ذلك الامر) *. مبهم يفسره ما بعده * (أن دابر هؤلاء) *: آخرهم * (مقطوع) * يعني يستأصلون عن آخرهم، لا يبقى منهم أحد * (مصبحين) *: داخلين في الصبح. * (وجاء أهل المدينة) *: مدينة سدوم 2 * (يستبشرون) * بأضياف لوط، طمعا فيهم. * (قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون) * بفضيحة ضيفي. * (واتقوا الله) * في ركوب الفاحشة * (ولا تخزون) *: ولاتذلوني، أو ولا تخجلوني. * (قالوا أولم ننهك عن العلمين) *. قال: " أرادوا به النهي عن ضيافة الناس وإنزالهم " 3. * (قال هؤلاء بناتى إن كنتم فعلين) *. قد سبق تفسيره في سورة هود 4. * (لعمرك) * القمي: أي: وحياتك يا محمد. قال: فهذه فضيلة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الانبياء 5. * (إنهم لفى سكرتهم يعمهون) *: لفي غوايتهم التي أزالت عقولهم يتحيرون، فكيف يسمعون النصح !. * (فأخذتهم الصيحة) *: صيحة جبرئيل * (مشرقين) *: داخلين في وقت شروق الشمس.

___________________________

1 - علل الشرايع 2: 550، الباب: 340، ذيل الحديث: 4، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - سدوم، بفتح السين: قرية قوم لوط عليه السلام، ومنها قاضي سدوم. الصحاح 5: 1949، مجمع البحرين 6: 82 (سدم). وفي لسان العرب 12: 285: سدوم: مدينة بحمص.

 3 - علل الشرايع 2: 549، الباب: 340، ذيل الحديث: 4، عن أبي جعفر عليه السلام، نقلا بالمضمون.

 4 - ذيل الاية: 78.

 5 - القمي 1: 377.

 

[ 635 ]

* (فجعلنا عليها سافلها) *: قلبنا 1 القرية بهم * (وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) *: من طين متحجر. * (إن في ذلك لايت للمتوسمين) *: للمتفرسين، الذين يتثبتون في نظرهم، حتى يعرفوا حقيقة الشئ بسمته. ورد: " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " 2. وقال: " إن الله عبادا يعرفون الناس بالتوسم " 3. وفي رواية: " ليس مخلوق إلا وبين عينيه مكتوب مؤمن أو كافر، وذلك محجوب عنكم، وليس محجوبا عن الائمة من آل محمد صلوات الله عليهم، ثم ليس يدخل عليهم أحد إلا عرفوه مؤمن أو كافر، ثم تلا هذه الاية " 4. * (وإنها) *: وإن آثارها * (لبسبيل مقيم) *: ثابت يسلكه الناس لم يندرس بعد، وهم يبصرون تلك الاثار، وهو تنبيه لقريش، كقوله: " وإنكم لتمرون عليهم مصبحين ". كذا قيل 5. وورد: " نحن المتوسمون، والسبيل فينا مقيم " 6. القمي: والسبيل طريق الجنة 7. * (إن في ذلك لاية للمؤمنين) *. * (وإن كان) *: وإنه كان * (أصحب الايكة) * يعنى الغيضة، وهي الشجرة المتكاثقة

___________________________

1 - في " ألف ": " عليا ".

 2 - الكافي 1: 218، الحديث: 3، وبصائر الدرجات: 354، الباب: 17، الحديث: 4 و 11، عن أبي جعفر عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 200، الباب: 46، ذيل الحديث: 1، عن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومعاني الاخبار: 350، ذيل الحديث: 1، عن جعفر بن محمد عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

 3 - مجمع البيان 5 - 6: 343، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

 4 - بصائر الدرجات: 354، الباب: 17، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام، مع تفاوت يسير.

 5 - الكشاف 2: 392، والاية في سورة الصافات (37): 137.

 6 - العياشي 2: 247، الحديث: 29، والكافي 1: 218،، باب أن المتوسمين... هم الائمة، الحديث: 1 و 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - القمي 1: 377. (*)

 

[ 636 ]

* (لظلمين) *. قال: " هم قوم شعيب، كانوا يسكنون الغيضة، فبعثه الله إليهم فكذبوه، فأهلكوا بالظلة " 1. * (فانتقمنا منهم) * بالاهلاك * (وإنهما) * يعني سدوم والايكة * (لبإمام مبين) *: لبطريق واضح يأم ويتبع ويهتدى به. * (ولقد كذب أصحب الحجر المرسلين) * يعني ثمود كذبوا صالحا. والحجر: واديهم، وهو مابين المدينة والشام، وكانوا يسكنونها. * (وءاتينهم ءايتنا) * كالناقة وسقيها وشربها ودرها * (فكانوا عنها معرضين) *. * (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا ءامنين) *. * (فأخذتهم الصيحة مصبحين) *. * (فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) *. * (وما خلقنا السموت والارض وما بينهما إلا بالحق) * فلا يلائم استمرار الفساد ودوام الشر، فلذلك اقتضت الحكمة إهلاك أمثال هؤلاء، وإزاحة فسادهم من الارض. * (وإن الساعة لاتية) * فينتقم الله لك فيها ممن كذبك * (فاصفح الصفح الجميل) *. قال: " يعني العفو من غير عتاب " 2. * (إن ربك هو الخلق) * الذي خلقك وخلقهم، وبيده أمرك وأمرهم * (العليم) * بحالك وحالهم، فهو حقيق بأن تكل إليه، ليحكم بينكم. * (ولقد ءاتينك سبعا من المثانى) *. قال: " هي سورة الحمد وهي سبع آيات، منها بسم الله الرحمن الرحيم، وإنما سميت المثاني لانها تثنى في الركعتين " 3. وفي رواية:

___________________________

1 - لم نعثر عليه، والظاهر أنها ليست برواية، ويحتمل أن تكون كلمة " قال " تصحيف " قيل "، وهذا القول بنصه من البيضاوي في تفسيره 3: 173. ويؤيده ما في البحار 12: 382 نقلا عن البيضاوي، ويؤيده أيضا ما في الصافي 3: 119 بأن المصنف لم يذكر كلمة " قال ".

 2 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 294، الباب: 28، الحديث: 50.

 3 - العياشي 1: 19، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام. وفيه: " يثنى ". (*)

 

[ 637 ]

" تثنى فيها القول " 1. وفي رواية: " نحن المثاني التي أعطاها الله نبينا صلى الله عليه وآله وسلم " 2. قيل: أي: نحن الذين قرننا النبي إلى القرآن، وأوصى بالتمسك بالقرآن وبنا، وأخبر أمته أنا لانفترق حتى نرد حوضه 3. أقول: لعلهم إنما عدوا سبعا باعتبار أسمائهم، فإنها سبعة، وعلى هذا فيجوز أن يجعل المثاني من الثناء، وأن يجعل من التثنية باعتبار تثنيتهم مع القرآن، وأن يجعل كناية عن عددهم الاربعة عشر، بأن يجعل نفسه واحدا منهم بالتغاير الاعتباري بين المعطى والمعطى له. * (والقرءان العظيم) *. * (لاتمدن عينيك) *: لا تطمح ببصرك طموح راغب * (إلى ما متعنا به أزوجا منهم) *: أصنافا من الكفار، فإنه مستحقر في جنب ماأوتيته * (ولا تحزن عليهم) * إن لم يؤمنوا * (واخفض جناحك للمؤمنين) *: وتواضع لمن معك من المؤمنين، وارفق بهم، وطب نفسا عن الايمان الاغنياء والاقوياء. ورد: " من أوتي القرآن فظن أن أحدا من الناس أوتي أفضل مما أوتي، فقد عظم ماحقر الله، وحقر ما عظم الله " 4. * (وقل إنى أنا النذير المبين) *. * (كمآ أنزلنا على المقتسمين) *. * (الذين جعلوا القرءان عضين) *. قيل: أي: أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على اليهود والنصارى، الذين جعلوا القرآن أجزاء وأعضاء، وقالوا لعنادهم: بعضه حق موافق

___________________________

1 - العياشي 2: 249، الحديث: 34، عن أحدهما عليهما السلام، وفيه: " يثنى ".

 2 - التوحيد: 150، الباب: 12، الحديث: 6، والقمي 1: 377، والعياشي 2: 249، الحديث: 33، 36، عن أبي جعفر عليه السلام. وفي العياشي: " نحن المثاني التي أعطى نبينا ".

 3 - التوحيد: 151، الباب: 12، ذيل الحديث: 6.

 4 - الكافي 2: 604، ذيل الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (*)

 

[ 638 ]

للتوراة أوالانجيل، وبعضه باطل مخالف له، فاقتسموه إلى حق وباطل 1، وقيل: مثل العذاب الذي أنزلنا عليهم 2. والقمي: قسموا القرآن ولم يألفوه على ما أنزل الله 3. وورد: " هم قريش " 4. * (فوربك لنسلنهم أجمعين) *. * (عما كانوا يعملون) * فنجازيهم عليه. * (فاصدع بما تؤمر) *: فاجهر به وأظهره * (وأعرض عن المشركين) * فلا تلتفت إلى ما يقولون. * (إنا كفينك المستهزءين) * بقمعهم وإهلاكهم. * (الذين يجعلون مع الله إلها ءاخر فسوف يعلمون) * عاقبة أمرهم. قال: " اكتتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مختفيا خائفا خمس سنين - وفي رواية: " ثلاث سنين " 5 - ليس يظهر أمره، وعلي عليه السلام معه وخديجة، ثم أمره الله أن يصدع بما أمر فظهر، فأظهر أمره " 6. وقال: " كان المستهزؤن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمسة: الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والاسود بن المطلب، والاسود بن عبد يغوث، والحارث بن طلاطلة الخزاعي، فقتل الله خمستهم، كل واحد منهم بغير قتله صاحبه، في يوم واحد. قال: وذلك أنهم كانوا بين يديه. فقالوا له: يا محمد ننتظر بك إلى الظهر، فإن رجعت عن قولك وإلا قتلناك، فدخل منزله فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم، فأتاه جبرئيل عن الله من ساعته فقال: يا

___________________________

1 - الكشاف 2: 398.

 2 - البيضاوي 3: 174.

 3 - القمي 1: 377، وفيه: " على ما أنزله الله ".

 4 - العياشي 2: 251 - 252، الحديث: 43، عن أحدهما عليهما السلام، والحديث: 44، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.

 5 - كمال الدين 2: 344، الباب: 33، الحديث: 29، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - المصدر، الحديث: 28، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " بمكة مختفيا... فظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأظهر أمره ". (*)

 

[ 639 ]

محمد: السلام يقرئك السلام وهو يقول: " اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ". يعني أظهر أمرك لاهل مكة، وادعهم إلى الايمان. قال: يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني 1 ؟ قال له: إنا كفيناك المستهزئين ". قال: يا جبرئيل كانوا الساعة بين يدي. قال: قد كفيتهم. فأظهر أمره عنده ذلك " 2. والقمي: بعد ما ذكر كيفية كفايتهم، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقام على الحجر فقال: يا معشر قريش يا معشر العرب أدعوكم إلى شهادة أن لاإله إلا الله وأني رسول الله، آمركم بخلع الانداد والاصنام، فأجيبوني تملكوا به العرب، ويدن لكم العجم، وتكونوا ملوكا في الجنة. فاستهزؤوا منه وقالوا: جن محمد بن عبد الله، ولم يجسروا عليه لموضع أبي طالب 3. * (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون) * من تكذيبك والطعن فيك وفي القرآن، وفي رواية: " يعني فيما يذكره في فضيلة وصيه " 4. * (فسبح بحمد ربك وكن من السجدين) *: فافزع إلى الله فيما نابك بالتسبيح والتحميد والصلاة، يكفك الهم 5 ويكشف عنك الغم. ورد: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا حزنه 6 أمر فزع إلى الصلاة " 7. * (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) * أي: الموت، يعني مادمت حيا.

___________________________

1 - في " ألف ": " أو عدوا في ".

 2 - الاحتجاج 1: 321 - 322، في حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام. وانظر: العياشي 2: 252، الحديث: 46، والقمي 1: 378، والخصال 1: 278 - 279، الحديث: 24 - 25.

 3 - القمي 1: 378، وفيه: " تملكوا بها العرب وتدين... ".

 4 - الكافي 1: 294، الحديث: 3، في حديث طويل، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - في " ألف " و " ج ": " المهم ".

 6 - في " ج " والكشاف: " إذا حزبه "، إذا نزل به مهم أو أصابه غم. النهاية 1: 377 (حزب).

 7 - مجمع البيان 5 - 6: 374، والكشاف 2: 399. (*)

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21403349

  • التاريخ : 19/04/2024 - 21:48

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net