00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة بني اسرائيل من أول السورة ـ آخر السورة  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الاول)   ||   تأليف : المولى محمد محسن الفيض الكاشاني

[ 669 ]

سورة بني إسرائيل

1 [ مكية، وهي مائة وإحدى عشرة آية ] 2 بسم الله الرحمن الرحيم * (سبحن الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصا) * يعني إلى ملكوت المسجد الاقصى. قال: " ذاك في السماء، إليه أسري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " 3. وفي رواية: " نظر إلى السماء مرة وإلى الكعبة مرة، ثم تلا هذه الاية، ثم قال: ليس كما يقولون: أسرى به من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، ولكنه أسرى به من هذه إلى هذه، وأشار بيده إلى السماء " 4. * (الذى بركنا حوله لنريه من ءايتنا إنه هو السميع البصير) *. قال: " أتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالبراق، أصغر من البغل، وأكبر من الحمار، مضطرب الاذنين، عينه في حافره، وخطاه مد بصره، فإذا انتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه، فإذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه، أهدب العرف

___________________________

1 - في " ب ": " سورة الاسراء ".

 2 - مابين المعقوفتين من " ب ".

 3 - العياشي 2: 279، الحديث: 13، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - القمي 2: 243، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 670 ]

الايمن 1، له جناحان من خلفه " 2. وفي رواية: " إن الله سخر لي البراق، وهي دابة من دواب الجنة، ليست بالقصير ولا بالطويل، فلو أن الله أذن لها لجالت الدنيا والاخرة في جرية واحدة، وهي أحسن الدواب لونا " 3. وورد: " جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذ واحد باللجام، وواحد بالركاب، وسوى الاخر عليه ثيابه، فتضعضعت البراق، فلطمها جبريل، ثم قال: اسكني يا براق، فماركبك نبي قبله ولايركبك بعده مثله، قال: فترقت به، ورفعته ارتفاعا ليس بالكثير ومعه جبرئيل يريه الايات من السماء والارض " 4. ثم ذكر تفصيل الايات وفيها أسرار لا يعثر عليها إلا الراسخون في العلم. * (وءاتينا موسى الكتب وجعلنه هدى لبنى إسرءيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا) *: ربا تكلون إليه أموركم. * (ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا) *: كثير الشكر. سئل بم سمي شكورا ؟ قال: " بكلمات بالغ فيهن، كان يقولها إذا أصبح ثلاثا وإذا أمسى ثلاثا " 5. * (وقضينا إلى بنى إسرءيل) *: وأوحينا إليهم وحيا مقضيا مبتوتا. والقمي: أي: أعلمناهم 6. * (في الكتب) *: في التوراة * (لتفسدن في الارض مرتين ولتعلن علوا كبيرا) *. * (فإذا جاء وعد أولهما) *: وعد عقاب أولاهما * (بعثنا عليكم عبادا لنآ أولى بأس

___________________________

1 - أي: طويلة مرسلة من جانب الايمن. العرف: شعر عنق الفرس. أقرب الموارد 3: 769 (عرف).

 2 - الكافي 8: 376، الحديث: 567، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه: " عينيه في حافره ".

 3 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 32، الباب: 31، الحديث: 49، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 4 - القمي 2: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - الكافي 2: 535، الحديث: 38، والعياشي 2: 281، الحديث: 19، عن أبي جعفر عليه السلام. وفي من لا يحضره الفقيه 1: 335، الحديث: 981، وعلل الشرايع 1: 29، الباب: 21، والقمي 2: 14، ما يقرب منه.

 6 - القمي 2: 14. (*)

 

[ 671 ]

شديد) *: ذوي قوة وبطش في الحرب شديد. وفي قراءتهم عليهم السلام: " عبيدا لنا " 1. * (فجاسوا) *: ترددوا لطلبكم * (خلل الديار) *: وسطها، للقتل والغارة والسبي. * (وكان وعدا مفعولا) *. * (ثم رددنا لكم الكرة) *: الدولة والغلبة * (عليهم وأمددنكم بأمول وبنين وجعلنكم أكثر نفيرا) * مما كنتم. والنفير: من ينفر مع الرجل من قومه. * (إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم وإن أسأتم فلها) *: فإن وبالها عليها. قيل: وإنما ذكر اللام ازدواجا 2 و 3. وفي رواية: " فلها رب يغفر " 4. ورد: " ما أحسنت إلى أحد ولاأسأت إليه، وتلا الاية " 5. * (فإذا جاء وعد الاخرة) *: وعد عقوبة المرة الاخرة * (ليسوا وجوهكم) *: بعثناهم ليجعلوا وجوهكم بادية آثار المساءة فيها، فحذف لدلالة ما ذكره أولا عليه. * (وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا) *: وليهلكوا * (ماعلوا) *: ما غلبوه واستولوا عليه، أو مدة علوهم * (تتبيرا) *. * (عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم) * نوبة أخرى * (عدنا) * مرة ثالثة إلى عقوبتكم. * (وجعلنا جهنم للكفرين حصيرا) *: محبسا لا يقدرون الخروج منها أبدا. قيل في تفسير الايات: إن الافسادتين: قتل زكريا ويحيى. والعلو الكبير: استكبارهم عن طاعة الله، وظلمهم الناس. والعباد أولي بأس: بخت نصر 6 وجنوده، ورد الكرة

___________________________

1 - مجمع البيان 6 0 5: 397، وجوامع الجامع 2: 317، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 2 - أي: للمشاكلة مع القرينة السابقة: " لانفسكم ".

 3 - البيضاوي 3: 197.

 4 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 294، الباب: 28، الحديث: 49.

 5 - جوامع الجامع 2: 318، والكشاف 2: 439، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 6 - بخت نصر: أصله بوخت ومعناه إبن. ونصر كبقم: صنم، وكان وجد ملقا عند الصنم ولم يعرف له أب، فنسب إليه. وفي رواية: انه سمي بذلك، لانه رضع بلبن كلبة، وكان اسم الكلب: بخت، واسم صاحبه: نصر. خرب القدس. راجع: القاموس المحيط 2: 148، وسفينة البحار 1: 60. وتفصيل الكلام في البحار 14: 351. (*)

 

[ 672 ]

عليهم: رد بهمن بن أسفنديار أسراءهم إلى الشام وتمليكه دانيال عليهم، ووعد الاخرة: تسليط الله الفرس عليهم مرة أخرى 1. وورد: " إن الافسادتين: قتل علي بن أبي طالب وطعن الحسن، والعلو الكبير: قتل الحسين، والعباد أولي بأس: قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم، فلا يدعون وترا لال محمد إلا قتلوه، ووعد الله: خروج القائم، ورد الكرة عليهم: خروج الحسين في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهب، حين كان الحجة القائم بين أظهرهم " 2. وفي رواية: " إن العباد أولي بأس هم القائم وأصحابه عليهم السلام " 3. * (إن هذا القرءان يهدى) * قال: " يدعوا " 4. * (للتى هي أقوم) * للطريقة التي هي أقوم الطرق وأشد استقامة. قال: " يهدي إلى الامام " 5. وفي رواية: " إلى الولاية " 6. * (ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصلحت أن لهم أجرا كبيرا) *. * (وأن الذين لا يؤمنون بالاخرة وأعتدنا لهم عذابا أليما) *. يعني يبشر المؤمنين بشارتين: ثوابهم، وعقاب أعدائهم. * (ويدع الانسن بالشر دعاءه بالخير) *: مثل دعائه بالخير * (وكان الانسن عجولا) *. قال: " إعرف طريق نجاتك وهلاكك، كيلا تدعو الله بشئ، عسى أن يكون فيه هلاكك وأنت تظن أن فيه نجاتك، ثم تلا هذه الاية " 7. * (وجعلنا اليل والنهار ءايتين فمحونآء اية اليل وجعلنآ ءاية النهار مبصرة) *.

___________________________

1 - البيضاوي 3: 196 - 197.

 2 - الكافي 8: 206، الحديث: 250، والعياشي 2: 281، الحديث: 20، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - العياشي 2: 281، الحديث: 21، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - الكافي 5: 13، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - المصدر، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام. وفي العياشي 2: 282، الحديث: 24، مقطوعا.

 6 - العياشي 2: 283، الحديث: 25، عن أبي جعفر عليه السلام.

 7 - مصباح الشريعة: 132، الباب: 62، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 673 ]

قال: " أمر الله جبرئيل أن يمحو ضوء القمر فمحاه، فأثر المحو في القمر خطوطا سوداء، ولو أن القمر ترك على حاله بمنزلة الشمس ولم يمح 1، لما عرف الليل من النهار، ولا النهار من الليل، ولاعلم الصائم كم يصوم، ولاعرف الناس عدد السنين، وذلك قول الله: " وجعلنا الليل " الاية " 2. * (لتبتغوا فضلا من ربكم) *: لتطلبوا في بياض النهار أسباب معايشكم. * (ولتعلموا عدد السينين والحساب) * قال: " بمقاديرهما " 3. * (وكل شئ) * تفتقرون إليه في أمر الدين والدنيا * (فصلنه تفصيلا) *: بيناه بيانا غير ملتبس. * (وكل إنسن ألزمنه طئره) *: عمله وما قدر له، كأنه طير له من عش الغيب ووكر القدر. قال: " قدره الذي قدر عليه " 4. * (في عنقه) *: لزوم الطوق في عنقه. قال: " خيره وشره معه، حيث كان لايستطيع فراقه، حتى يعطى 5 كتابه يوم القيامة بما عمل " 6. * (ونخرج له يوم القيمه كتبا) * هوصحيفة عمله، أعني نفسه التى رسخت فيها آثار أعماله. * (يلقه منشورا) * لكشف الغطاء. * (اقرأ كتبك) * على إرادة القول * (كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) *. قال: " يذكر العبد 7 جميع ما عمل وما كتب عليه، حتى كأنه فعله تلك الساعة، فلذلك قالوا: " يا ويلتنا مالهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصيها " " 8. * (من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر * (هامش) 1 - كذا في المصدر. وفي " ألف " و " ج ": " لم يمسح ". وفي " ب ": " لم يمح " بدون الواو. 2 - علل الشرايع 2: 470، الباب: 222، الحديث: 33، عن رسول الله صلوات عليه واله وسلم. 3 - نهج البلاغة (للصبحي الصالح): 128، الخطبة: 91. 4 - العياشي 2: 284، الحديث: 32، عن الصادقين عليهما السلام، والقمي 2: 17. 5 - في " ألف ": " حتى يؤتى ". 6 - القمي 2: 17، عن أبي جعفر عليه السلام. 7 - في العياشي: " يذكر بالعبد ". 8 - العياشي 2: 284، الحديث: 33، ومجمع البيان 5 - 6: 404، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 674 ]

أخرى) *. التأنيث باعتبار النفس. * (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) * يبين الحجج ويمهد الشرائع، فيلزمهم الحجة. * (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها) *: متنعميها. قال: " أكابرها " 1. وقال: " أمرنا، مشددة ميمه 2، تفسيرها: كثرنا. وقال: لاقرأتها مخففة " 3. وفي رواية: " إنه قرأ: آمرنا " 4. على وزن عامرنا. يقال: أمرت الشئ وآمرته إذا كثرته 5. والقمي: كثرنا جبابرتها 6. * (ففسقوا فيها فحق عليها القول) *. يعني كلمة العذاب * (فدمرنها تدميرا) *: أهلكناهم. * (وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا) * يدرك بواطنها وظواهرها، فيعاقب عليها. * (من كان يريد العاجلة) *: النعمة الدنيوية، مقصورا عليها همته * (عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) *. قيد المعجل والمعجل له بالمشية ولارادة لانه لا يجد كل متمن ما يتمناه، ولاكل أحد جميع ما يهواه، وليعلم أن الامر بالمشية * (ثم جعلنا له جهنم يصلها مذموما مدحورا) *: مطرودا من رحمة الله. في الحديث النبوي: " معنى الاية: من كان يريد ثواب الدنيا بعمله الذي افترضه الله عليه، لا يريد وجه الله والدار الاخرة عجل له ما يشاء الله من عرض الدنيا، وليس له ثواب في الاخرة، وذلك أن الله سبحانه يؤتيه 7 ذلك ليستعين به على الطاعة، فيستعمله

___________________________

1 - العياشي 2: 284، الحديث: 35، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - في المصدر: " مشددة منصوبة ".

 3 - المصدر، الحديث: 34، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - مجمع البيان 5 - 6: 405، عن أمير المؤمنين عليه السلام. ولم ترد كلمة: " انه " في " ألف ".

 5 - في " ألف ": " أكثرته ".

 6 - القمي 2: 17.

 7 - في " ألف ": " يعطيه ". (*)

 

[ 675 ]

في معصية الله، فيعاقبه الله عليه " 1. * (ومن أراد الاخرة وسعى لها سعيها) *: حقها من السعي، وهو الاتيان بما أمر به، والانتهاء عما نهي عنه، لا التقرب بما يخترعون بآرائهم، وفائدة اللام اعتبار النية والاخلاص. * (وهو مؤمن) * إيمانا لاشرك فيه ولا تكذيب * (فأولئك كان سعيهم مشكورا) * من الله، مقبولا عنده مثابا عليه. في الحديث النبوي: " من أراد الاخرة فليترك زينة الحياة الدنيا " 2. * (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك) *: كل واحد من الفريقين، نتفضل عليه بالعطاء مرة بعد أخرى، نجعل الانف منه مددا للسالف لانقطعه، فنرزق المطيع والعاصي جميعا. * (وما كان عطاء ربك محظورا) *: ممنوعا، لايمنع العاصي لعصيانه. * (انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض) *. يعني في الدنيا * (وللاخرة أكبر درجت وأكبر تفضيلا) * أي: التفاوت في الاخرة أكثر. روي: " إن مابين أعلى درجات الجنة وأسفلها مثل مابين السماء والارض " 3. وقال: " إنما تفاضل القوم بالاعمال " 4. وفي رواية: " على قدر عقولهم " 5. * (لا تجعل مع الله إلها ءاخر) *. الخطاب لكل أحد، أوللرسول والمراد به أمته. * (فتقعد مذموما مخذولا) *. يعني: إذا فعلت ذلك، بقيت ما عشت مذموما على السنة العقلاء، مخذولا لا ناصر لك. وإنما عبر عن ذلك بالقعود، لان في العقود معنى الذل والعجز والهوان. يقال: قعد به الضعف. * (وقضى ربك) *: وأمر أمرا مقطوعا به * (ألا تعبدوا) *: بأن لا تعبدوا * (إلا إياه) *

___________________________

1 - مجمع البيان 5 - 6: 407.

 2 - روضة الواعظين: 434، والخصال 1: 293، ذيل الحديث: 58، وفيه: " فليدع زينة الحياة الدنيا ".

 3 - مجمع البيان 5 - 6: 407، ولم ترد فيه كلمة: " مثل ".

 4 - العياشي 1: 388، الحديث: 147، ومجمع البيان 9 - 10،: 210، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - الكافي: 1: 11، الحديث: 8، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " إن الثواب على قدر العقل ". (*)

 

[ 676 ]

لان غاية التعظيم لا يحق، إلا لمن له غاية العظمة ونهاية الانعام. ويجوز أن تكون " أن " مفسرة، و " لا " ناهية، كما يشعر به بعض الاخبار 1. * (وبالولدين إحسنا) *: وبأن تحسنوا، أو أحسنوا. ورد: سئل ماهذا الاحسان ؟ فقال: " أن تحسن صحبتهما، وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا، وإن كانا مستغنيين " 2. * (إما يبلغن) *. زيدت على " إن " الشرطية " ما " للتأكيد. * (عندك الكبر) *: في كنفك وكفالتك * (أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف) *. قال: " إن أضجراك " 3. * (ولا تنهرهما) *: ولاتزجرهما. قال: " إن ضرباك " 4. القمي: أي: لاتخاصمهما 5. * (وقل لهما قولا كريما) *: حسنا جميلا. قال: " إن ضرباك، فقل لهما: غفر الله لكما، فذلك منك قول كريم " 6. * (واخفض لهما جناح الذل) *: تذلل لهما وتواضع * (من الرحمة) *: من فرط رحمتك عليهما، لافتقارهما إلى من كان أفقر خلق الله إليهما. قال: " لاتملا عينيك من النظر إليهما إلا برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك أصواتهما، ولايدك فوق أيديهما، ولاتقدم قدامهما " 7. * (وقل رب ارحمهما) *: وادع الله أن يرحمهما برحمة الباقية، ولا تكتف برحمتك الفانية * (كما ربياني صغيرا) *: جزاء لرحمتهما علي، وتربيتهما لي في صغري. * (ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صلحين فإنه كان للاوبين غفورا) *. قال: " هم التوابون المتعبدون " 8.

___________________________

1 - الكافي 2: 30، ذيل الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 و 3، 4 و 6 - الكافي 2: 157، الحديث: 1، والعياشي 2: 258، الحديث: 39، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - القمي 2: 18.

 7 - الكافي 2: 158، ذيل الحديث: 1، والعياشي 2: 285، ذيل الحديث: 39، ومجمع البيان 5 - 6: 409، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - العياشي 2: 286، الحديث: 42، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 677 ]

* (وءات ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل) *. قال: " لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا جبرئيل قد عرفت المسكين، من 1 ذو القربى ؟ قال: هم أقاربك. فدعا حسنا وحسينا وفاطمة فقال: إن ربي أمرني أن أعطيكم مما أفاه الله علي. قال: أعطيتكم 2 فدك 3 " 4. وفي معناه أخبار مستفيضة 5. وفي رواية: " وكان علي، وكان حقه الوصية التي جعلت له، والاسم الاكبر، وميراث العلم، وآثار علم النبوة " 6. أقول: لا تنافي بين الروايتين، لان حق علي كان الوصية، وحق فاطمة وأولادها فدك، ولكل أحد قرابة، وفي قرابته من له عليه حق. * (ولا تبذر تبذيرا) * بصرف المال فيها لا ينبغي، وإنفاقه على وجه الاسراف. وأصل التبذير: التفريق. سئل عن هذه الاية فقال: " من أنفق شيئا في طاعة الله فهو مبذر، ومن أنفق في سبيل الله 7 فهو مقتصد " 8. وورد: " إنه دعا برطب، فأقبل بعضهم يرمي بالنوى، فقال عليه السلام. لا تفعل، إن هذا من التبذير، وإن الله لا يحب الفساد " 9. * (إن المبذرين كانوا إخون الشيطين) *: أمثالهم، السالكين طريقتهم، وهذا غاية

___________________________

1 - في المصدر: " فمن ".

 2 - في " ب " و " ج ": " اعطيكم ".

 3 - فدك - بفتحتين -: قرية من قرى اليهود، بينها وبين مدينة يومان، وبينها وبين خيبر دون مرحلة. وهي ما أفاء الله على رسوله، وكانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لانه فتحها هو وأمير المؤمنين عليهما السلام لم يكن معهما أحد، فزال عنها حكم الفئ ولزمها حكم الانفال. وقد حدها علي عليه السلام: حد منها جبل أحد، وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل، يعني الجوف. مجمع البحرين 5: 283 (فدك).

 4 - العياشي 2: 287، الحديث: 46، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - الكافي 1: 543، الحديث: 5، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 233، الباب: 23، الحديث: 1، والعياشي 2: 287، الحديث: 47، 48، 49، 50، ومجمع البيان 5 - 6: 411.

 6 - الكافي 1: 294، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - في المصدر: " في سبيل الخير ".

 8 - العياشي 2: 288، الحديث: 53، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 9 - المصدر، الحديث: 58، عن أبي عبد اله عليه السلام. (*)

 

[ 678 ]

الذم * (وكان الشيطن لربه كفورا) *. * (وإما تعرضن عنهم ابتغآء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا) *: وإن تعرض عن هولاء الذين أمرتك بإيتاء حقوقهم حياء من الرد، لتبتغي الفضل من ربك والسعة التي يمكنك معها البذل، فقل لهم قولا لينا وعدهم عدة جميلة. روي: " إنه كان لما نزلت هذه الاية، إذا سئل ولم يكن عنده ما يعطي قال: يرزقنا الله وإياكم من فضله " 1. * (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط) *. تمثيل لمنع الشحيح وإسراف المبذر، نهى عنهما أمر بالاقتصاد بينهما، الذي هو الكرم والجود. * (فتقعد " ملوما محسورا) *. قال: " نزلت لما سأله رجل فلم يحضره شئ، فأعطاه قميصه. قال: فأدبه الله على القصد " 2. وفي رواية: " فنهاه الله أن يبخل ويسرف، ويقعد محسورا من الثياب " 3. وقال: " المحسور: العريان " 4. وفي رواية: " الاحسار: الاقتار " 5. وفي أخرى: " الفاقة " 6. وفي رواية: " كانت عنده أوقية من الذهب، فكره أن تبيت عنده، فتصدق بها، فأصبح وليس عنده شئ، وجاء من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه، فلامه السائل واغتم هو " 7. الحديث. * (إن ربك يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر) *: يوسعه ويضيقه بحسب المصلحة * (إنه كان بعباده خبيرا بصيرا) * فيعلم مصالحهم، وما ينبغي لهم وما لا ينبغي. ورد: " وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لافسده ذلك، وإن من

___________________________

1 - مجمع البيان 5 - 6: 411.

 2 - الكافي 4: 56، الحديث: 7، والعياشي 2: 289، الحديث: 59، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - القمي 2: 19.

 4 - المصدر، ومجمع البيان 5 - 6: 411، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - العياشي 2: 289، الحديث: 61، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 6 - الكافي 4: 55، الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - الكافي 5: 67، ذيل الحديث الطويل: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 679 ]

عبادي من لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لافسده ذلك " 1. وقال: " وإنى لاعلم بمصالح عبادي " 2 الحديث. * (ولا تقتلوا أولدكم خشية أملق) *. القمي: مخافة الفقر والجوع، فإن العرب كانوا يقتلون أولادهم لذلك 3. سئل: ماالاملاق ؟ قال: " الافلاس. ثم تلا هذه الاية " 4 * (نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطا كبيرا) *: ذنبا كبيرا. * (ولا تقربوا الزنى إنه كان فحشة) *: قبيحة زائدة على حد القبح. قال: " معصية ومقتا، فإن الله يمقته ويبغضه " 5. * (وساء سبيلا) *. قال: " وهو أشد الناس 6 عذابا. قال: والزنا من أكبر الكبائر " 7. * (ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق) * ككفر بعد إيمان، وزنا بعد إحصان، وقتل مؤمن عمدا. * (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطنا) *: تسلطا بالمؤاخذة. * (فلا يسرف في القتل) *. سئل: " ماهذا الاسراف الذي نهى الله عنه ؟ قال: " نهى أن يقتل غير قاتله، أويمثل بالقاتل " 8. وفي رواية: " إذا اجتمع العدة على قتل رجل واحد، حكم الوالي أن يقتل أيهم شاؤوا. وليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد " 9.

___________________________

1 - علل الشرايع 1: 12، الباب: 9، قطعة من حديث: 7، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في حديث قدسي.

 2 - الكافي 2: 60، ذيل الحديث: 4، عن أبي جعفر عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في حديث قدسي، بالمضمون.

 3 - القمي 2: 19.

 4 - العياشي 2: 290، ذيل الحديث: 63، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 و 7 - القمي 2: 19، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - في المصدر و " ألف ": " أشد النار ".

 8 - الكافي 7: 371، الحديث: 7، عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام.

 9 - الكافي 7: 284، الحديث: 9، عن أبي عبد الله عليه السلام. وفي العياشي 2: 290، الحديث: 66، مع اختلاف في اللفظ. (*)

 

[ 680 ]

* (إنه كان منصورا) *. سئل عنه، قال: " وأي نصرة أعظم من أن يدفع القاتل أولياء المقتول فيقتله، ولاتبعه تلزمه من قتله، في دين ولا دنيا " 1. * (ولا تقربوا مال اليتيم) * فضلا أن تتصرفوا فيه * (إلا بالتى هي أحسن) * إلا بالطريقة التي هي أحسن، وهي حفظه عليه. * (حتى يبلغ أشده) *. قال: " انقطاع يتم اليتيم الاحتلام، وهو أشده " 2. وفي رواية: " أشده ثلاث عشرة سنة والدخول في الاربع عشرة، احتلم أولم يحتلم " 3. * (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) *. قال: " ثلاثة لم يجعل الله لاحد من الناس فيهن رخصة، وعد منها الوفاء بالعهد " 4. * (وأفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم) *: بالميزان السوي. قال: " هو الميزان الذي له لسان " 5. * (ذلك خير وأحسن تأويلا) *: وأحسن عاقبة. * (ولا تقف ما ليس لك به علم) *: ولا تتبع. والقمي: أي: لا تقل، ولاترم أحدا بما ليس لك به علم 6. وورد: " من بهت مؤمنا أومؤمنة أقيم في طينة خبال أو يخرج مما قال " 7. * (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) *. قال: " يسأل السمع عما سمع، والبصر عما نظر إليه، والفؤاد عما عقد عليه " 8.

___________________________

1 - الكافي 7: 371، الحديث: 7، عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام.

 2 - الكافي 7: 68، الحديث: 2، والتهذيب 9: 183، الحديث: 737، ومن لا يحضره الفقيه 4: 163، الحديث: 569، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الكافي 7: 69، الحديث: 7، ومن لا يحضره الفقيه 4: 164، الحديث: 571، عن أبي عبد الله عليه السلام، 4 - الخصال 1: 128، الحديث: 129، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - القمي 2: 19، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - المصدر.

 7 - المصدر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 8 - الكافي 2: 37، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 681 ]

* (ولا تمش في الارض مرحا) *: ذا مرح وهو الاختيال. القمي: أي: بطرا وفرحا 1. * (إنك لن تخرق الارض) *: لن تجعل فيها خرقا لشدة وطأتك. القمي: أي: لن تبلغها كلها 2. * (ولن تبلغ الجبال طولا) * بتطاولك. القمي: أي: لا تقدر أن تبلغ قلل الجبال 3. قيل: هو تهكم بالمختال، وتعليل للنهي بأن الاختيال حماقة مجردة، لا يعود بجدوى، ليس في التذلل 4. * (كل ذلك) *. إشارة إلى خصال الخمس والعشرين المذكورة من قوله و " لا تجعل مع الله إلها آخر 5 " ويقال: إنها المكتوبة في ألواح موسى 6. * (كان سيئه) *: المنهي عنه منه * (عند ربك مكروها) *: مبغوضا. * (ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها ءاخر) *. كرره للتنبيه على أن التوحيد مبدء الامر ومنتهاه، ورأس الحكمة وملاكها. * (فتلقى في جهنم ملوما) * تلوم نفسك ويلومك غيرك * (مدحورا) *: مبعدا عن رحمة الله. القمي: المخاطبة للنبي والمعنى الناس 7. * (أفأصفكم ربكم بالبنين واتخذ من الملئكة إنثا) *. القمي: هو رد على قريش فيما قالوا: إن الملائكة هي بنات الله 8. * (إنكم لتقولون قولا عظيما) * بإضافة الولد إليه، ثم بتفضيل أنفسكم عليه، حيث تجعلون له ما تكرهون، ثم تجعل 9 الملائكة الذين هم من أشرف خلق الله أدونهم.

___________________________

1، 2 و 3 - القمي 2: 20.

 4 - البيضاوي 3: 202.

 5 - الاية: 22، من هذه السورة.

 6 - البيضاوى 3: 202، والكشاف 2: 450، عن ابن عباس.

 7 - القمي 2: 20، وفيه: " والمعنى للناس ".

 8 - المصدر، وفيه: " هن بنات الله ".

 9 - في " ب ": " يجعل "، والاصح: " يجعل ". (*)

 

[ 682 ]

* (ولقد صرفنا) *: كررنا الدلائل وفصلنا العبر * (في هذا القرءان ليذكروا) * ليتعظوا ويعتبروا * (وما يزيدهم إلا نفورا) * عن الحق. * (قل لو كان معه ءالهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذى العرش سبيلا) *: لطلبوا إلى مالك الملك سبيلا بالتقرب والطاعة، كما قال: " يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب " 1 سبحنه وتعلى عما يقولون علوا كبيرا) *. * (تسبح له السموت السبع والارض من فيهن وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)،. قال: " تنقض 2 الجدر تسبيحها " 3. وسئل: أتسبح الشجرة اليابسة ؟ فقال: " نعم، أما سمعت خشب البيت كيف ينقض، وذلك تسبيحه لله، فسبحان الله على كل حال " 4. أقول: وذلك لان نقصانات الخلايق دلائل كمالات الخالق، وكثراتها واختلافاتها شواهد وحدانيته، وانتقاء الشريك عنه والضد والند. قال: " بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له، وبتجهيره الجواهر عرف أن لاجوهر له، وبمضادته بين الاشياء عرف أن لاضد له، وبمقارنته بين الاشياء عرف أن لاقرين له " 5 الحديث. فهذا تسبيح فطري واقتضاء ذاتي نشأ عن تجل تجلى لهم فأحبوه، فانبعثوا إلى الثناء عليه من غير تكليف، وهي العبادة الذاتية، التي أقامهم الله فيها بحكم الاستحقاق الذي

___________________________

1 - الاية: 57، من نفس السورة.

 2 - تنقض البيت: تشقق، فسمع له صوت: القاموس المحيط 2: 360 (نقض).

 3 - الكافي 6: 531، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام. وفي العياشي 2: 293، الحديث: 79، عنه عليه السلام.

 4 - العياشي 2: 294، الحديث: 84، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام، ولم ترد فيه كلمة " لله ".

 5 - الكافي 1: 139، ذيل الحديث: 4، عن أمير المؤمنين عليه السلام، ونهج البلاغة (للصبحي الصالح): 273، الخطبة: 186. (*)

 

[ 683 ]

يستحقه جل جلاله. * (إنه كان حليما) * لايعاجلكم بالعقوبة على غفلتكم وشرككم * (غفورا) * لمن تاب منكم. * (وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالاخرة حجابا مستورا) * عن الحسن من قدرة الله تعالى يحجبك عنهم. * (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يقفهوه) * تكنها وتحول دونها عن إدراك الحق وقبوله * (وفئ اذانهم وقرا) * يمنعهم عن استماعه * (وإذا ذكرت ربك في القرءان وحده) * غير مشفوع به آلهتهم * (ولو على أدبرهم نفورا) *: هربا من استماع التوحيد ونفرة. قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل منزله واجتمعت عليه قريش يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ويرفع بها صوته فتولي قريش فرارا. فأنزل الله في ذلك " وإذا ذكرت ربك " الاية " 1. وفي رواية: " كان إذا صلى بالناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم، فتخلف من خلفه من المنافقين عن الصفوف، فإذا جازها في السورة عادوا إلى مواضعهم، وقال بعضهم لبعض: إنه ليردد اسم ربه تردادا 2، إنه ليحب ربه. فأنزل الله الاية " 3. * (نحن أعلم بما يستمعون به) *: بسببه من اللغو والاستهزاء بالقرآن. * (إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى) *: متناجون * (إذ يقولون الظلمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) *: قد سحر به، فجن واختلط عليه عقله. * (انظر كيف ضربوا لك الامثال) *: مثلوك بالساحر والشاعر والكاهن والمجنون. * (فضلوا) * عن الحق * (فلا يستطيعون سبيلا) * إليه.

___________________________

1 - الكافي 8: 266، الحديث: 387، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - في " ب ": " ترددا ".

 3 - العياشي 2: 295، الحديث: 87، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 684 ]

* (وقالوا أءذا كنا عظما ورفتا) *: ترابا وغبارا، وانتثر لحومنا * (أءنا لمبعوثون خلقا جديدا) *. على الانكار والاستبعاد. قال: " جاء أبي بن خلف، فأخذ عظما باليا من حائط ففته ثم قال: يا محمد " إذا كنا عظاما ورفاتا ءإنا لمبعوثون خلقا " ؟ فأنزل الله تعالى: " قال من يحيى العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم 1 " 2. * (قل) *: جوابا لهم * (كونوا حجارة أو حديدا) *. * (أو خلقا مما يكبر في صدوركم) * فإنه يقدر على إعادتكم أحياء. قال: " الخلق الذي يكبر في صدوركم الموت " 3. * (فسيقولون من بعيدنا قل الذى فطركم أول مرد) * فإنه على الاعادة أقدر. * (فسينغضون إليك رؤوسهم) *: فسيحركون نحوك رؤوسهم تعجبا واستهزاء * (ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا) * فإن كل ما هو آت قريب. * (يوم يدعوكم فتستجيبون) *. أي: يوم يبعثكم فتنبعثون منقادين. استعار لهما الدعاء والاستجابة للتنبيه على سرعتهما وتيسر أمرهما. * (بحمده) *: حامدين لله على كمال قدرته * (وتظنون إن لبثتم إلا قليلا) *. * (وقل لعبادي) * يعني المؤمنين * (يقولوا التى هي أحسن) * أي: يقولوا للمشركين الكلمة التي هي أحسن، ولايخاطبوهم با يغيظهم ويغضبهم * (إن الشيطن ينزغ بينهم) *: يهيج بينهم المرء والشر، فلعل المخاشنة بهم تفضي إلى العناد وازدياد الفساد * (إن الشيطن كان للانسن عدوا مبينا) *. * (ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم) *. قيل: هي تفسير للتي هي أحسن، وما بينهما اعتراض، أي: يقولوا لهم هذه الكلمة ونحوها، ولايصرحوا بأنهم

___________________________

1 - يس (36): 78 - 79.

 2 - العياشي 2: 296، الحديث: 89، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - القمي 2: 21، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 685 ]

من أهل النار، فإن ذلك يهيجهم على الشر، مع أن ختام أمرهم غيب لا يعلمه إلا الله 1. * (وما أرسلنك عليهم وكيلا) *: موكولا إليك أمرهم، تجبرهم على الايمان، وإنما أرسلناك مبشرا ونذيرا، فدارهم ومر 2 أصحابك بالاحتمال منهم. * (وربك أعلم بمن في السموت والارض) * وأحوالهم، فيختار منهم لنبوته وولايته من يستأهل لهما، وهو رد لاستعباد قريش أن يكون يتيم أبي طالب نبيا، وأن يكون الفقراء أصحابه. * (ولقد فضلنا بعض النبين على بعض وءاتينا داود زبورا) *. قال: " سادة النبيين والمرسلين خمسة، وهم أولوا العزم من الرسل وعليهم دارت الرحى: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام " 3. وفي الحديث النبوي: " إن الله فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللائمة من ولدك " 4. * (قل ادعوا الذين زعمتم) * أنها آلهة * (من دونه) * كالملائكة والمسيح وعزيز 5 * (فلا يملكون كشف الضر عنكم) * كالمرض والفقر والقحط * (ولا تحويلا) *: ولا تحويل ذلك منكم إلى غيركم. * (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة) *: هؤلاء الالهة يبتغون إلى الله القربة بالطاعة * (أيهم أقرب) * أي: يبتغي من هو أقرب منهم إلى الله الوسيلة، فكيف بغير الاقرب ! * (ويرجون رحمته ويخافون عذابه) * كساير العباد، فكيف يزعمون أنهم آلهة ! * (إن عذاب ربك كان محذورا) * حقيقا بأن يحذره كل أحد، حتى الملائكة والرسل.

___________________________

1 - البيضاوي 3: 205، والكشاف 2: 453.

 2 - في " ب ": " وأمر ".

 3 - الكافي 1: 175، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - علل الشرايع 1: 5، الباب، 7، الحديث: 1.

 5 - في " ب ": " كالمسيح وعزيز والملائكة ". (*)

 

[ 686 ]

* (وإن من قربة إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيمة أو معذبوها عذابا شديدا). قال: " هو الفناء بالموت " 1. * (كان ذلك في الكتب مسطورا) *: في اللوح المحفوظ مكتوبا. * (ومامنعنآ أن نرسل بالايت) * التي اقترحتها قريش * (إلا أن كذب بها الاولون) *: إلا تكذيب الاولين الذين هم أمثالهم كعاد وثمود، وأنها لو أرسلت لكذبوا بها، كما كذب أولئك، واستوجبوا العذاب العاجل المستأصل، " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " 2. قال: " سأله قومه أن يأتيهم بآية، فنزل جبرئيل وقال: إن الله يقوم " وما منعنا أن نرسل بالايات " الاية، وكنا إذا أرسلنا إلى قرية آية فلم يؤمنوا بها، أهلكناهم فلذلك أخرنا عن قومك الايات " 3. * (وءاتينا ثمود الناقة) * بسؤالهم * (مبصرة) *: آية بينة * (فظلموا بها) *: فظلموا أنفسهم بسبب عقرها * (ومانرسل بالايت إلا تخويفا) * وإنذارا بعذاب الاخرة، فإن أمر من بعثت إليهم مؤخر إلى يوم القيامة. * (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس) * فهم في قبضة قدرته. وقيل: أي: أهلكهم، يعني بشرناك بوقعة بدر، ونصرتك عليهم، وهو قوله " سيهزم الجمع ويولون الدبر " 4 ستغلبون وتحشرون إلى جهنم " 5، فجعله تعلى كأنه قد كان على عادته في إخباره 6. * (وما جعلنا الرءيا التى أرينك إلا فتنة للناس) *. ورد في أخبار كثيرة: " إنه صلى الله عليه وآله وسلم أري في منامه أن بني تيم وبني عدي وبني أمية، يصعدون منبره، يردون الناس عن الاسلام القهقرى، فأصبح كئيبا حزينا " 7. وفي رواية: " ينزون على منبره

___________________________

1 - من لا يحضره الفقيه 1: 118، الحديث: 562، والعياشي 2: 297، الحديث: 91، عن أبي عبد الله عليه السلام 2 - الانفال (8): 33.

 3 - القمي 2: 21، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - القمر (54): 45.

 5 - آل عمران (3): 12.

 6 - الكشاف 2: 454.

 7 - الكافي 8: 345، الحديث: 543، عن أحدهما عليهما السلام، والعياشي 2: 289، الحديث: 100، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 687 ]

نزو القردة " 1. وفي أخرى: " أرى في نومه كأن قرودا تصعد منبره، فساءه ذلك وغمه غما شديدا، فأنزل الله " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " ليعمهوا فيها " 2. القمي: كذا نزلت 3. * (والشجرة الملعونة في القرءان) *. عطف على الرؤيا. قال: " يعني بني أمية " 4 في أخبار كثيرة 5. * (ونخوفهم) * بأنواع التخويف * (فما يزيدهم إلا طغينا كبيرا) * فيه لطافة لاتخفى. * (وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس قال ءأسجد لمن خلقت طينا) * قد سبق تفسيره 6. * (قال أرءيتك) *: أخبرني * (هذا الذى كرمت على) *: فضلته علي، لم فضلته وأنا خير منه ؟ ! * (لئن أخرتن إلى يوم القيمة لاحتنكن ذريته) *: لاستأصلنهم بالاغواء، ولاستولين 7 عليهم * (إلا قليلا) * لاأقدر أقاوم سكينتهم. * (قال اذهب) *: امض لما قصدته. وهو طرد وتخلية بينه وبين ما سولت له نفسه. * (فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم) *: جزاؤك وجزاؤهم: * (جزاء موفورا) *: مكملا. * (واستفزز) *: واستخف 8 * (من استطعت منهم) * أن تستفزه * (بصوتك) *: بدعائك إلى الفساد * (وأجلب عليهم) *: وصح عليهم * (بخيلك ورجلك) *: بفرسانك

___________________________

1 - الصحيفة السجادية: 65، جملة: 50، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتفسير القرآن العظيم (لابن كثير) 3: 52.

 2 - مجمع البيان 5 - 6: 424، بالمضمون.

 3 - القمي 1: 21.

 4 - العياشي 2: 297، الحديث: 93، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - المصدر، الاحاديث: 94، 95، 99 و 100، ومجمع البيان 5 - 6: 424.

 6 - ذيل الاية: 34، من سورة البقرة، والاية: 11، من سورة الاعراف.

 7 - في " ألف ": " لاسولن ".

 8 - في " ألف ": " واستخفف ". (*)

 

[ 688 ]

وراجليك، واحشرهم 1 عليهم. تمثيل لتسلطه على من يغويه، بمن صوت على قوم فاستفزهم من أماكنهم، وجلب عليهم بجنده حتى استأصلهم. * (وشاركهم في الامول) * بحملهم على كسبها وجمعها من الحرام، وإنفاقها فيما لا ينبغي * (والاولد) *. " فإنه إذا زنى الرجل، أو اشترى الامة بمال حرام، أو ترك اسم الله عند النكاح 2، فإن الشيطان يدخل ذكره حينئذ ثم يختلط النطفتان ". كذا ورد 3. وقال: " إذا اشتركا فربما خلق من أحدهما، وربما خلق منهما جميعا " 4. قال: " ويعرف بحبنا وبغضنا، فمن أحبنا كان نطفة العبد، ومن أبغضنا كان نطفة الشيطان " 5. * (وعدهم) * المواعيد الكاذبة، كشفاعة الالهة، وتأخير التوبة لطول الامل * (ومايعدهم الشيطن إلا غرورا) *. اعتراض. * (إن عبادي) * يعني المخلصين * (ليس لك عليهم سلطن وكفى بربك وكيلا) * لهم، يتوكلون عليه في الاستعاذة منك، فيحفظهم من شرك. * (ربكم الذى يزجى) *: هو الذي يجري * (لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله) *: الربح 6 وأنواع الامتعة التي لا تكون عندكم * (إنه كان بكم رحيما) *. * (وإذا مسكم الضر في البحر) *: خوف الغرق * (ضل من تدعون) *: ذهب عن خواطركم كل من تدعونه 7 في حوادثكم * (إلا إياه) * وحده، فلا ترجون هناك النجاة إلا

___________________________

1 - في " ب ": " فاجسرهم ".

 2 - في " ب ": " على النكاح ".

 3 - الكافي 5: 502، الحديث: 2، و 503، الحديث: 5، والعياشي 2: 299، الحديث: 102 و 104، و 300، الحديث: 108، بالمضمون.

 4 - الكافي 5: 503، الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - المصدر: 502، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - في " ب ": " الريح ".

 7 - في " ب ": " من هو تدعونه ". (*)

 

[ 689 ]

من عنده. وقد مر في هذا المعنى حديث في سورة الفاتحة 1. * (فلما نجكم إلى البر أعرضتم) * عن التوحيد، واستعتم في كفران النعمة * (وكان الانسن كفورا) *. * (أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا) *: ريحا ترمي بالحصباء 2 * (ثم لا تجدوا لكم وكيلا) * يحفظكم من ذلك. * (أم أمنتم أن يعيدكم فيه) *: في البحر * (تارة أخرى) * بتقوية دواعيكم، إلى أن ترجعوا فتركبوه * (فيرسل عليكم قاصفا) * كاسرا * (من الريح) *. قال: " هي العاصف " 3. * (فيغرقكم بما كفرتم) * بسبب إشراككم، أو كفرانكم نعمة الانجاء * (ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا) * مطالبا يتبعنا بانتصار أو صرف. * (ولقد كرمنا بنئ ادم) * بالعقل والنطق، والصورة الحسنة والقامة المعتدلة، وتدبير أمر المعاش والمعاد، والتسلط على ما في الارض، وتسخير ساير الحيوانات، والتمكن من الصناعات إلى غير ذلك. ورد: " في صورة الادميين، إنها أكرم صورة على الله " 4. * (وحملنهم في البر والبحر) * قال: " على الرطب واليابس " 5. * (ورزقنهم من الطيب) *: المستلذات. قال: " يقول من طيبات كلها " 6. وفي رواية: " إن الله لايكرم روح كافر ولكن كرم أرواح المؤمنين، وإنما كرامة النفس والدم بالروح، والرزق الطيب هو العلم " 7. * (وفضلنهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) *. قال: " من التفضيل أنه يرفع بيده إلى فيه طعامه " 8 " وأنه خلق منتصبا " 9.

___________________________

1 - ذيل كلمة " بسم الله ".

 2 - الحصباء: صغار الحصى. المصباح المنير 1: 169 (حصب).

 3 - القمي 2: 22، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - القمي 1: 85، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 5، 6 و 8 - الامالي (للشيخ الطوسى) 2: 103، عن علي بن الحسين عليهما السلام.

 7 - القمي 2: 22، عن أبي جعفر عليه السلام.

 9 - العياشي 2: 302، الحديث: 113، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 690 ]

* (يوم ندعوا كل أناس بإممهم) *: بمن ائتموا به، من نبي أو وصي أوشقي. قال: " بإمامهم الذي بين أظهرهم، وهو قائم أهل زمانه " 1. وفي رواية: " إمام دعا إلى هدى فأجابوه، وإمام دعا إلى ضلالة 2 فأجابوه، هؤلاء في الجنة وهؤلاء إلى النار " 3. وقال " " سيدعى كل أناس 4 بإمامهم، أصحاب الشمس بالشمس، وأصحاب القمر بالقمر، وأصحاب النار بالنار، وأصحاب الحجارة بالحجارة " 5. وورد: " كم من إمام يجئ يوم القيامة يلعن أصحابه ويلعنونه " 5. * (فمن أوتى كتبه بيمينه فأولئك يقرءون كتبهم) * مبتهجين بما يرون فيه * (ولا يظلمون فتيلا) *: ولا ينقصون من أجورهم أدنى شئ. والفتيل: المفتول الذي في شق النواة. * (ومن كان في هذه أعمى) *: أعمى القلب، لا يبصر رشده، ولا يهتدي إلى طريق النجاة * (فهو في الاخرة أعمى وأضل سبيلا) *: لا يهتدي إلى طريق الجنة. قال: " من لم يدله خلق السموت والارض، واختلاف الليل والنهار، ودوران الفلك والشمس والقمر، والايات العجيبات، على أن وراء ذلك أمرا أعظم منه، فهو في الاخرة أعمى وأضل سبيلا " 7. وقال: " أشد العمى، من عمي عن فضلنا وناصبنا العداوة، بلا ذنب سبق إليه منا، إلا أن دعوناه إلى الحق، ودعاه من سوانا إلى الفتنة والدنيا، فأتا هما ونصب البراءة منا

___________________________

1 - الكافي 1: 536، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - في " ب ": " إلى ضلال ".

 3 - الامالي (للصدوق): 131، ذيل الحديث الطويل: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه " وهؤلاء في النار ".

 4 - في " ألف " و " ج ": " كل ناس ".

 5 - العياشي 2: 203، الحديث: 118، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - المصدر، الحديث: 120، و 304، الحديث: 123، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - التوحيد: 455، الباب: 67، الحديث: 6، عن أبي جعفر عليه السلام.

 

[ 691 ]

والعداوة " 1. * (وإن كادوا ليفتنونك) *: قاربوا بمبالغتهم أن يوقعوك في الفتنة بالاستنزال * (عن الذى أوحينا إليك) * أي: عن حكمه * (لتفتري علينا غيره) *: غير ماأوحينا إليك. القمي: يعني في أمير المؤمنين عليه السلام 2. * (وإذا لاتخذوك خليلا) *: ولو اتبعت مرادهم لاظهروا خلتك. القمي: يعني لاتخذوك صديقا لو أقمت غيره 3. * (ولولا أن ثبتنك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) *: لقاربت أن تميل إلى اتباع مرادهم. * (إذ لاذقنك ضعف الحيوة وضعف الممات) *. قيل: أي: عذابا ضعفا في الحياة وعذابا ضعفا في الممات، يعني مضاعفا على ما إذا فعله غيرك، لان خطأ الخطير أخطر 4. * (ثم لاتجد لك علينا نصيرا) * يدفع عنك. قال: " إن هذا مما نزل: بأياك أعني واسمعي يا جاره 5. خاطب الله بذلك نبيه والمراد به أمته " 6. وفى رواية: " عنى بذلك غيره " 7. وفي أخرى: " إنه من فرية 8 الملحدين

___________________________

1 - الخصال 2: 633، في حديث أربعمائة، عن أمير المؤمنين عليه السلام، وفيه " والعداوة لنا ".

 2 - القمي 2: 24.

 3 - القمي 2: 24.

 4 - البيضاوي 3: 208.

 5 - إياك أعني فاسمعي يا جاره: أول من قاله سهل بن مالك الفزاري. وذلك أنه عدل في طريقه إلى النعمان إلى خباء حارثة بن لام الطائي، فما أصابه شاهدا، فرحبت به أخته، وكانت جميلة نبيلة، ثم إنه افتتن بها، فجلس وهو يترنم بقوله: يا اخت خير البدو الحضارة * كيف ترين في فتى فزاره أصبح يهوى حرة معطاره * إياك اعني واسمعي يا جاره يضرب في التعريض بالشئ، يبديه الرجل وهو يريد غيره. المستقصى 1: 450، مجمع الامثال 1: 80.

 6 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 202، الباب: 15، ذيل الحديث: 1، والعياشي 1: 10، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - الكافي 2: 631، ذيل الحديث: 14، والعياشي 1: 10، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - في المصدر: " من فرقة ". (*)

 

[ 692 ]

وتحريفهم " 1. * (وإن كادوا ليستفزونك) *: ليزعجونك 2 بمعاداتهم * (من الارض) * مكة * (ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا) * يعني لو خرجت لا يبقون بعد خروجك إلا زمانا قليلا. القمي: حتى قتلوا ببدر 3. قيل: وكان ذلك بعد الهجرة بسنة 4. * (سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا) *: سن الله ذلك سنة، وهو أن يهلك كل أمة أخرجوا رسولهم من بين أظهرهم. * (ولا تجد لسنتنا تحويلا) *: تغييرا. * (أقم الصلوة لدلوك الشمس) *: لزوالها * (إلى غسق اليل) *: إلى ظلمته. قال: " دلوكها: زوالها، " وغسق الليل ": انتصافه، وفيما بينهما أربع صلوات " 5. * (وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهودا) *. قال: " يعني صلاة الفجر يشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، فإذا صلى العبد الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرتين، أثبتها ملائكة الليل وملائكة النهار " 6. وقال: " في هذه الاية جمعت الصلوات كلهن " 7. * (ومن اليل فتهجد به) * وبعض الليل فاترك الهجود للصلاة بالقرآن * (نافلة لك) *: فريضة زائدة لك على الصلوات المفروضة. ورد: سئل عن النوافل فقال: " فريضة، ثم قال: أعني صلاة الليل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم تلا هذه الاية " 8.

___________________________

1 - الاحتجاج 1: 383، عن أمير المؤمنين عليه السلام، بالمضمون.

 2 - أزعجه: أي: أقلعه وقلعه من مكانه. الصحاح 1: 319 (زعج).

 3 - القمي 2: 24.

 4 - البيضاوي 3: 208.

 5 - الكافي 3: 271، الحديث: 1، ومن لا يحضره الفقيه 1: 125، الحديث: 600، والتهذيب 2: 241، الحديث: 954، والعياشي 2: 308، الحديث: 136، عن أبي جعفر عليه السلام، مع تقدم وتأخر في العبارة.

 6 - الكافي 3: 283، ذيل الحديث: 2، والاستبصار 1: 275، الحديث: 995، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - العياشي 2: 309، الحديث: 141، عن الصادقين عليها السلام.

 8 - التهذيب 2: 242، الحديث: 959، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 693 ]

* (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) *. قال: " هي الشفاعة " 1. وفي الحديث النبوي: " هو المقام الذي أشفع لامتي " 2. وقال: إذا قمت المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من أمتي، فيشفعني الله فيهم، والله لا تشفعت فيمن آذى ذريتي " 3. * (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطنا نصيرا) *. القمي: نزلت يوم فتح مكة، لما أراد دخولها 4. * (وقل جاء الحق وزهق البطل إن البطل كان زهوقا) *. قال: " إنه دخل يوم فتح مكة والاصنام حول الكعبة، وكانت ثلاثمائة وستين صنما، فجعل يطعنها بمخصرة 5 في يده ويقول: " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا وما يبدئ الباطل ومايعيد " 6، فجعلت تنكب لوجهها " 7. * (وننزل من القرءان ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) *: في معانيه شفاء الارواح، وفي ألفاظه شفاء الابدان. ورد: " ما اشتكى أحد من المؤمنين شكاية قط وقال بإخلاص نية ومسح موضع العلة " وننزل من القران " الاية إلا عوفي من تلك العلة، أية علة كانت، ومصداق ذلك في الاية حيث يقول: " شفاء ورحمة للمؤمنين " 8.

___________________________

1 - العياشي 2: 314، الحديث: 148، عن أحدهما عليهما السلام.

 2 - روضة الواعظين: 500.

 3 - روضة الواعظين: 273، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 4 - القمي 2: 26.

 5 - المخصرة - كمكنسة -: ما يتوكأ عليه كالعصا ونحوه، وما يأخذه الملك يشير به إذا خاطب، والخطيب إذا خطب. القاموس المحيط 2: 21 (خصر).

 6 - سبأ (34): 49.

 7 - الامالي 1: 346، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام.

 8 - طب الائمة: 28، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 694 ]

وقال: " لا بأس بالرقية والعودة والنشرة إذا كانت من القرآن، ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله " 1. * (ولا يزيد الظلمين إلا خسارا) * لتكذيبهم وكفرهم به. * (وإذآ أنعمنا على الانسن) * بالصحة والسعة * (أعرض) * عن ذكر الله * (ونابجانبه) *: لوى عطفه وبعد بنفسه عنه، كأنه مستغن مستبد برأيه. * (وإذا مسه الشر) * من مرض أوفقر * (كان يوسا) *: شديد اليأس من روح الله. * (قل كل يعمل على شاكلته) *: على مايشاكل حاله في الهدى والضلالة. قال: " يعني على نيته " 2. وقال: " إنما خلد أهل النار في النار، لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا، وإنما خلد أهل الجنة في الجنة، لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء، ثم تلا: " قل كل يعمل على شاكلته " " 3. * (فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا) *. * (ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى) *. قال: " خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مع الائمة عليهم السلام، وهو من الملكوت " 4. وفي رواية: " خلق من خلقه، له بصر 5 وقوة وتأييد، يجعله في قلوب المؤمنين

___________________________

1 - طب الائمة: 48، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - الكافي 2: 16، الحديث: 4، 85، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الكافي 2: 85، الحديث: 5، والعياشي 2: 316، الحديث: 158، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - الكافي 1: 273، الحديث: 3، والقمي 2: 26، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - في " ألف ": " له نصرة ". (*)

 

[ 695 ]

والرسل " 1. وفي أخرى: " وليس كلما طلب وجد " 2. وفي رواية: " سئل عنها. فقال: التي في الدواب والناس، قيل: وماهي ؟ قال: هي من الملكوت من القدرة " 3. وقد سبق له بيان في سورة الحجر 4. وهذه الاخبار إخبار بما يتميز به عن غيره، وماأبهم في الاية حقيقته، فلا منافاة. * (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) *. قال: " وما أوتيتم كثير فيكم، قليل عند الله " 5. وفي رواية: " قال: تفسيرها في الباطن: أنه لم يؤت العلم إلا أناس يسير فقال: " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " منكم " 6. * (ولئن شئنا لنذهبن بالذى أوحينا إليك) *: ذهبنا بالقرآن ومحوناه عن المصاحف والصدور * (ثم لاتجد لك به علينا وكيلا) *: من يتوكل علينا باسترداده وإعادته محفوظا مستورا. * (إلا رحمة من ربك) *: إلا أن يرحمك ربك فيرده عليك * (إن فضله كان عليك كبيرا) *. * (قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرءان) * في البلاغة وحسن النظم وجزالة 7 المعنى * (لا يأتون بمثله) * وفيهم العرب العرباء وأرباب البيان * (ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) *.

___________________________

1 - العياشي 2: 316، الحديث: 160، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام. وفيه: " يجعله في قلوب الرسل والمؤمنين ".

 2 - الكافي 1: 273، الحديث: 4، والعياشي 2: 317، الحديث: 161، عن أبي عبد الله عليه السلام. وفي العياشي " ليس كما طلب وجد ".

 3 - العياشي 2: 317، الحديث: 163، عن أحدهمها عليهما السلام، مع تفاوت يسير.

 4 - ذيل الاية: 29.

 5 - القمي 2: 166، عن أبي جعفر عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 6 - العياشي 2: 317، الحديث: 164، عن أبي جعفر عليه السلام.

 7 - جزل يجزل جزالة الشئ: عظم، واللفظ: فصح ومتن، الرائد 1: 512 (جزل). (*)

 

[ 696 ]

ورد: " إن ابن أبي العوجاء وثلاثة من الدهرية اتفقوا على أن يعارض كل منهم ربع القرآن، وكانوا بمكة، وعاهدوا على أن يجيئوا بمعارضته في العام القابل، فلما حال الحول اجتمعوا مقام إبراهيم، قال أحدهم: إني لما رأيت قوله: " يا أرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء " 1 كففت عن المعارضة. وقال الاخر: وكذا أنا لما وجدت قوله: " فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا " 2 آيست عن المعارضة. وكانوا يسترون ذلك، إذ مر عليهم جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، فالتفت إليهم، وقرأ عليهم: " قل لئن اجتمعت الانس والجن " الاية. فبهتوا " 3. * (ولقد صرفنا) *: كررنا بوجوه مختلفه، زيادة في التقرير والبيان * (للناس في هذا القرءان من كل مثل) *: من كل معنى كالمثل في غرابته ووقوعه موقعا في الانفس * (فأبى أكثر الناس إلا كفورا) *: إلا جحودا. * (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا) * قال: " عينا " 4. * (أو تكون لك جنة) * قال: " أي: بستان " 5. * (من نخيل وعنب فتفجر الانهر خللها تفجيرا) * قال: " أي: من تلك العيون " 6. * (أوتسقط السماء كما زعمت علينا كسفا) *: قطعا. قال: " وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنه سيسقط من السماء كسفا، لقوله: " وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم " " 7. * (أو تأتي بالله والملئكة قبيلا) *. قال: " أو تأتي به وبهم، وهم لنا مقابلون " 8. وفي رواية: " القبيل: الكثير " 9.

___________________________

1 - هود (11): 44.

 2 - يوسف (12): 80.

 3 - الخرائج والجرائح 2: 710، الحديث: 5، والاحتجاج 2: 142.

 4، 5، 6 و 7 - القمي 2: 27، عن أبي جعفر عليه السلام. والاية في سورة الطور (52): 44.

 8 - الاحتجاج 1: 27، عن أبي محمد الحسن العسكري، عن أبيه عليهم السلام.

 9 - القمي 2: 27، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 697 ]

* (أو يكون لك بيت من زخرف) * قال: " من ذهب " 1. * (أوترقى في السماء) * قال: " أي: تصعد " 2. * (ولن نؤمن لرقيك) * قال: " لصعودك " 3 أي: وحده * (حتى تنزل علينا كتبا نقرؤه) * فيه تصديقك. * (قل سبحان ربى) * تنزيها لله من أن يتحكم عليه أحد، ويأتي بما يقترحه الجهال * (هل كنت إلا بشرا رسولا) * كسائر الرسل، وقد كانوا لا يأتون إلا بما يظهره الله عليهم من الايات على ما يلائم حال قومهم، وليس أمر الايات إلي وإنما هو إلى الله، وهو العالم بالمصالح، فلا وجه لطلبكم إياها مني. قال صلى الله عليه وآله وسلم بعد تلاوة هذه الاية: " ما أبعد ربي عن أن يفعل الاشياء على قدر ما يقترحه الجهال بما يجوز ومالايجوز 4، " وهل كنت إلا بشرا رسولا " لا يلزمني إلا * (أوتسقط السماء كما زعمت علينا كسفا) *: قطعا. قال: " وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنه سيسقط من السماء كسفا، لقوله: " وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم " " 7. * (أو تأتي بالله والملئكة قبيلا) *. قال: " أو تأتي به وبهم، وهم لنا مقابلون " 8. وفي رواية: " القبيل: الكثير " 9.

___________________________

1 - هود (11): 44.

 2 - يوسف (12): 80.

 3 - الخرائج والجرائح 2: 710، الحديث: 5، والاحتجاج 2: 142.

 4، 5، 6 و 7 - القمي 2: 27، عن أبي جعفر عليه السلام. والاية في سورة الطور (52): 44.

 8 - الاحتجاج 1: 27، عن أبي محمد الحسن العسكري، عن أبيه عليهم السلام.

 9 - القمي 2: 27، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

[ 697 ]

* (أو يكون لك بيت من زخرف) * قال: " من ذهب " 1. * (أوترقى في السماء) * قال: " أي: تصعد " 2. * (ولن نؤمن لرقيك) * قال: " لصعودك " 3 أي: وحده * (حتى تنزل علينا كتبا نقرؤه) * فيه تصديقك. * (قل سبحان ربى) * تنزيها لله من أن يتحكم عليه أحد، ويأتي بما يقترحه الجهال * (هل كنت إلا بشرا رسولا) * كسائر الرسل، وقد كانوا لا يأتون إلا بما يظهره الله عليهم من الايات على ما يلائم حال قومهم، وليس أمر الايات إلي وإنما هو إلى الله، وهو العالم بالمصالح، فلا وجه لطلبكم إياها مني. قال صلى الله عليه وآله وسلم بعد تلاوة هذه الاية: " ما أبعد ربي عن أن يفعل الاشياء على قدر ما يقترحه الجهال بما يجوز ومالايجوز 4، " وهل كنت إلا بشرا رسولا " لا يلزمني إلا إقامة حجة الله التي أعطاني، وليس لي أن آمر على ربي ولا أنهى ولاأشير، فأكون كالرسول الذي بعثه ملك إلى قوم من مخالفيه، فرجع إليه يأمره أن يفعل بهم ما اقترحوه عليه " 5.

( وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا بعث الله بشرا رسولا ) : وما منعهم الايمان بعد ظهور الحق إلا إنكارهم أن يرسل الله بشرا . ( قل ) جوابا لشبهتهم ( لو كان في الأرض مليكة يمشون ) كما يمشي بنو آدم ( مطمئنين ) : ساكنين فيها ( لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ) لتمكنهم من الاجتماع به والتلقي منه ، وأما الانس فعامتهم عماة من إدراك الملك والتلقف 6 منه ، فإن ذلك مشروط بنوع من التناسب والتجانس ، وليس إلا لمن يصلح للنبوة .

___________________________

1 - الاحتجاج 1 : 35 ، عن أبي محمد الحسن العسكري ، عن أبيه ، عن رسول الله صلوات الله عليهم . وفيه : وهو الذهب .

 2 ، 3 - المصدر : 28 ، عنه عليه السلام .

 4 - في المصدر : مما يجوز ومما لا يجوز .

 5 - الاحتجاج 1 : 35 ، عن أبي محمد الحسن العسكري ، عن أبيه ، عن رسول الله صلوات الله عليهم .

 6 - تلقف الكلام من فمه : حفظه بسرعة . الرائد 1 : 445 ( لقف ) .

[ 698 ]

 قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ) على أني رسول إليكم ، وأني قد قضيت ما علي من التبليغ ( إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ) فيه تسلية للرسول ، وتهديد للكفار . ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ) يهدونه ( ونحشرهم يوم القيمة على وجوههم ) 1 قال : على جباهم 2 . ( عميا وبكما وصما ) لا يبصرون ما يقرا عينهم ، ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم ، ولا ينطقون بما ينفعهم ويقبل منهم ، لانهم في الدنيا لم يستبصروا بالآيات والعبر ، وتصاموا عن استماع الحق ، وأبوا أن ينطقوا به . مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ) : كلما انطفت بأن أكلت جلودهم ولحومهم ، زدناهم توقدا ، بأن تبدل جلودهم ولحومهم متلهبة متسعرة . ورد : إن في جهنم واديا يقال له سعير إذا خبت جهنم فتح سعيرها 2 ، وقو قوله تعالى كلما خبت زدناهم سعيرا 4 . أي : كلما انطفت . ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآيتنا وقالوا أإذا كنا عظما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا ) أي : فنفنيهم ونعيدهم ، ليزيد ذلك تحسرهم على التكذيب بالبعث ، فإنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الأفناء جزاهم الله ، بأن لا يزالون على الإعادة والافناء . ( أولم يروا ) : أو لم يعلموا ( أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم ) فإنهم ليسوا أشد خلقا منهن ، ولا إعادة أصعب عليه من الابداء ( وجعل

__________________________

1 - أخبرنا أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، ونسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، وأبو نعيم في المعرفة ، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن أنس قال : قيل يا رسول الله ، كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ قال : الذي أمشاهم على أرجلهم ، قادر أن يمشيهم على وجوهم . الدر المنثور 5 : 341 .

 2 - العياشي 2 : 318 ، الحديث 168 ، مرفوعة ، عن أحدهما عليهما السلام .

 3 - في العياشي : فتح بسعيرها .

 4 - العياشي 2 : 318 ، الحديث : 169 ، والقمي 2 : 29 ، عن علي بن الحسين عليهما السلام .

[ 699 ]

لهم أجلا لا ريب فيه فأبي الظالمون إلا كفورا ) * : جحودا . * ( قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي ) * : خزائن أرزاق الله ونعمه على خلقه * ( إذا لأمسكتم خشية الانفاق ) * : لبخلتم 1 مخافة الناد بالاتفاق * ( وكان الإنسان قتورا ) * : بخيلا ، لأن بناء أمره على الحاجة والضنة 2 بما يحتاج إليه ، وملاحظة العوض فيما يبذل . * ( ولقد آتينا موسى تسع آيات بينت ) * . قال : هي الجراد والقمل والضفادع والدم والطوفان والبحر والحجر والعصا ويده 3 . وفي رواية : العصا وإخراج يده من جيه بيضاء ، والجراد والقمل والضفادع ، ورفع الطور ، والمن والسلوى آية واحدة ، وفلق البحر 4 . * ( فسئل بني إسرائيل ) * عنها ، ليظهر للمشركين صدقك ، فهو اعتراض ، كذا قيل 5 . * ( إذ جاءهم ) * موسى ( فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا ) * : سخرت ، فتخبط عقلك . * ( قال لقد علمت ما انزل هؤلاء ) * يعني الآيات * ( إلا رب السماوات والأرض بصائر ) * : بينات ، تبصرك صدقي ، ولكنك معاند * ( وإني لأظنك يفرعون مثبورا ) * . مصروفا عن الخير أو هالكا . قابل ظنه المكذوب بظنه الصحيح . قال : أراد أن يخرجهم من الأرض ، وقد علم فرعون وقومه ما أنزل تلك الآيات إلا الله 6 . وفي رواية : علمت بضم التاء ، قال : والله ما علم عدو الله ، ولكن موسى هو الذي

______________________

1 - في ألف لبخلهم .

 2 - الصفة - بالكسر - البخل . المصباح المنير 2 : 12 ( ضنن ) .

 3 - الخصال 2 : 423 ، الحديث : 24 ، عن أبي عبد الله عليه السلام والعياشي 2 : 318 ، الحديث : 170 عن أبي جعفر عليه السلام .

 4 - قرب الاسناد : 318 ، ذيل الحديث : 1228 ، عن موسى بن جعفر عليهما السلام .

 5 - تفسير الكبير ( للفخر الرازي ) 21 : 64 .

 6 - القمي 2 : 29 ، عن أبي جعفر عليه السلام .

[ 700 ]

 علم 1 . * ( فأراد ) * فرعون * ( أن يستفزهم من الأرض ) * : أن يستخف موسى وقومه ، وينفيهم من الأرض بالاستيصال ، أو أرض مصر * ( فأغرقناه ومن معه جميعا ) * : فعكسنا عليه مكره ، فاستفززناه وقومه بالاغراق . * ( وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض ) * التي أراد أن يستفزكم منها * ( فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا ) * : مختلطين ، ثم نحكم بينكم . واللفيف : الجماعات من قبائل شتى . قال : أي : من كل ناحية 2 . وفي رواية : لفيفا يقول : جميعا 3 . * ( وبالحق أنزلته وبالحق نزل ) * أي : وما أنزلنا القرآن إلا بالحق ، وما نزل إلا بالحق * ( وما أرسلنا إلا مبشرا ) * للمطيع بالثواب * ( ونذيرا ) * للعاصي بالعقاب . * ( وقرآنا فرقناه ) * : نزلناه منجما * ( لتقرأه على الناس على مكث ) * : على مهل وتؤدة ، فإنه أيسر للحفظ وأعون في الفهم * ( ونزلته تنزيلا ) * على حسب الحوادث . * ( قل آمنوا به أولا تؤمنوا ) * فإن إيمانكم بالقرآن لا يزيده كمالا ، وامتناعكم عنه لا يورثه نقصانا * ( إن الذين أوتوا العلم من قبله ) * إي : العلماء الذين أوتوا الكتب السابقة ، وعرفوا حقيقة الوحي وأمارات النبوة ، وتمكنوا من الميز بين المحق والمبطل . القمي : يعني أهل الكتاب الذين آمنوا برسول الله 4 . * ( إذا يتلى عليهم ) * القرآن * ( يجزون للأذقان سجدا ) * : يسقطون على وجوهم تعظيما لأمر الله ، وشكرا لانجازه وعده في تلك الكتب ، ببعثة محمد صلى الله عليه وآله وسلم على فترة من الرسل ، وإنزال القرآن عليه . * ( ويقولون سجن ربنا ) * عن خلف الوعد * ( إن كان وعد ربنا لمفعولا ) * : إنه كان

__________________________

 1 - مجمع البيان 5 - 6 : 444 ، والدر المنثور 5 : 344 ، عن أمير المؤمنين عليه السلام .

 2 - القمي 2 : 29 ، في رواية علي بن إبراهيم .

 3 - المصدر ، عن أبي جعفر عليه السلام .

 4 - القمي 2 : 29 .

[ 701 ]

وعده كائنا لا محالة . * ( ويخرون للأذقان يبكون ) * . كرره لاختلاف الحالين ، وهما : خرورهم للشكر وإنجاز الوعد 1 حال كونهم ساجدين ، وخرورهم لما أثر فيهم من المواعظ ، حال كونهم باكين . وذكر الذقن ، لأنه أول ما يلقى الأرض من وجه الساجد . والقمي : فسر الأذقان بالوجوه 2 . ومعنى اللام الاختصاص ، لانهم جعلوا أذقانهم ووجوههم للسجود والخرور * ( ويزيدهم ) * سماع القرآن * ( خشوعا ) * لما يزيدهم علما ويقينا . * ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ) * : سمعوا الله بأي الاسمين شئتم ، فإنهما سيان في حسن الإطلاق . والمعنى بهما واحد * ( أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) * أي : أي هذين الاسمين سميتم وذكرتم فهو حسن . فوضع موضعه : فله الأسماء الحسنى للمبالغة والدلالة على ما هو الدليل عليه ، فإنه إذا حسنت أسماؤه كلها ، حسن هذان الاسمان ، لأنهما منها . وما مزيدة مؤكدة للشرط ، والضمير فيه له للمسمى . ومعنى كون أسمائه أحسن الأسماء ، استقلالها بمعنى التمجيد والتعظيم والتقديس ، ودلالتها على صفات الجلال والاكرام . * ( ولا تجهر بصلاتك ) * يعني بقرائتها * ( ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) * . قال : الجهر بها : رفع الصوت ، والتخافت : مالا تسمع نفسك ، واقرأ بين ذلك 3 . وفي رواية : الاجهار أن ترفع صوتك تسمعه من بعد عنك ، والاخفات أن لا تسمع من معك إلا يسيرا 4 . ورود : إنه صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان 5 بمكة جهر صوته ، فيعلم بمكانه المشركون ، فكانوا يؤذونه

_____________________

1 - في ب وهما خرورهم لانجاز الوعد .

 2 - القمي 2 : 29 .

 3 - القمي 2 : 30 ، عن أبي عبد الله عليه السلام .

 4 - المصدر ، عن أبي عبد الله عليه السلام .

 5 - في ب و ج إذ كان .

 

[ 702 ]

فنزلت 1 . * ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولد أولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل ) * . القمي : ولم يذل فيحتاج إلى ناصر ينصره 2 . * ( وكبره تكبيرا ) * . ورد : إن معنى الله أكبر : الله أكبر من أن يوصف 3 . تم الجزء الأول من الأصفى ، ويتلوه في في الجزء الثاني من سورة الكهف إلى آخر القرآن ، إن شاء الله العزيز المنان .

_______________________

1 - العياشي 2 : 318 ، الحديث : 175 ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام .

 2 - القمي 2 : 30 .

 3 - الكافي 1 : 117 - 118 ، الحديث : 8 ، 9 ، والتوحيد : 313 ، الباب ، 46 ، الحديث : 1 و 2 عن أبي عبد الله عليه السلام .

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336227

  • التاريخ : 28/03/2024 - 21:01

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net