00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة مريم  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 734 ]

سورة مريم (مكية وهي ثمان وتسعون آية) 1

بسم الله الرحمن الرحيم (كهيعص). قال: (إن هذه الحروف من أنباء الغيب، أطلع الله عبده زكريا عليها، ثم قصها على محمد صلى الله عليه وآله، ثم ذكر: أن الكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد، وهو ظالم الحسين، والعين عطشه، والصاد صبره) 2. في قصة مذكورة في الصافي 3. وورد في بعض الأدعية: (يا كهيعص) 4. (ذكر رحمة ربك عبده زكريا) أي: هذا ذكر رحمة ربك، وورد: (ذكر ربك زكريا فرحمه) 5. (إذ نادى ربه نداءا خفيا) لأنه أشد إخباتا 6 وأكثر إخلاصا.

__________________________

1 - مابين المعقوفتين من(ب).

 2 - كمال الدين 2: 461، الباب: 43، ذيل الحديث الطويل: 21، المناقب 4: 84، عن الحجة عليه السلام.

 3 - الصافي 3: 272، نقلا عن كمال الدين، عن الحجة عليه السلام.

 4 - مجمع البيان 5 - 6: 502، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 5 - القمي 2: 48، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - أخبت الرجل اخباتا: خضع لله وخشع قلبه. المصباح المنير 1: 197(خبت).(*)

[ 735 ]

وورد: (خير الدعاء الخفي) 1. (قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا). شبه الشيب في بياضه وإنارته بشواظ 2 النار، وانتشاره في الشعر باشتعالها. (ولم أكن بدعائك رب شقيا) بل كلما دعوتك استجبت لي، فلا يبعد أن أجبتني. (وإني خفت الموالى) قال: (الورثة) 3. (من ورائي) أن لا يحسنوا خلافتي على أمتي، ويبدلوا عليهم دينهم (وكانت امرأتي عاقرا): لا تلد (فهب لي من لدنك) فإن مثله لا يرجى إلا من فضلك وكمال قدرتك (وليا) من صلبي. (يرثني ويرث من ال يعقوب واجعله رب رضيا) ترضاه قولا وعملا. (يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى). جواب لندائه، ووعد بإجابة دعائه. (لم نجعل له من قبل سميا). (قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا): عتوا، من عتا الشيخ يعتو، إذا كبر وأسن، وهو اعتراف منه بأن المؤثر فيه كمال قدرته، وأن الأسباب عند التحقيق ملغاة. (قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا). (قال رب اجعل لي اية): علامة أعلم بها وقوع ما بشرتني به (قال ايتك ألاتكلم الناس ثلاث ليال سويا): سوي الخلق، ما بك من خرس ولا بكم. وفي آل عمران: (ثلاثة أيام) 4. وفيه دلالة على أنه تجرد للذكر والشكر ثلاثة أيام بلياليهن. (فخرج على قومه من المحراب): من المصلى، أو من الغرفة (فأوحى إليهم): فأومأ إليهم، لقوله (إلا رمزا) 5 (أن سبحوا بكرة وعشيا). (يا يحيى) على تقدير القول (خذ الكتاب): التوراة (بقوة): بجد واستظهار

__________________________

1 - مجمع البيان 5 - 6: 502.

 2 - الشواظ - كغراب وكتاب -: لهب لا دخان فيه، أو دخان النار وحرها. القاموس المحيط 2: 410(شوظ).

 3 - القمي: 2: 48، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 و 5 - آل عمران(3): 41.(*)

[ 736 ]

بالتوفيق (واتيناه الحكم صبيا). قال: (مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة، وهو صبي صغير، ثم تلا هذه الاية) 1. وورد: (إن الصبيان قالوا ليحيى: اذهب بنا نلعب، فقال: ما للعب خلقنا) 2. (وحنانا من لدنا): ورحمة منا عليه وتعطفا. قال: (تحنن الله. سئل: فما بلغ من تحنن الله عليه ؟ قال: كان إذا قال: يا رب، قال الله عز وجل له: لبيك يا يحيى) 3 وراد في رواية: (سل، ما حاجتك ؟) 4. في رواية: (يعني تحننا ورحمة على والديه وساير عبادنا) 5. (وزكاة) قال: (وطهارة لمن آمن به وصدقه) 6. (وكان تقيا) قال: (يتقي الشرور والمعاصي). 7. (وبرا بوالديه) قال: (محسنا إليهما، مطيعا لهما) 8. (ولم يكن جبارا عصيا). قال: (يقتل على الغضب ويضرب على الغضب، لكنه ما من عبد لله 9 إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة، ما خلا يحيى بن زكريا، فلم يذهب ولم يهم بذنب) 10. (وسلام عليه يوم ولد) من أن يناله الشيطان بما ينال به بني آدم (ويوم يموت) من عذاب القبر (ويوم يبعث حيا) من هول القيامة وعذاب النار. وورد: (إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد، ويخرج من بطن أمه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الاخرة وأهلها، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار

__________________________

1 - الكافي 1: 382، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - مجمع البيان 5 - 6: 506، عن علي بن موسى الرضا عليهما السلام.

 3 - الكافي 2: 535، ذيل الحديث: 38، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - المحاسن 1: 35، الباب: 25، الحديث: 30، عن أبي عبد الله عليه السلام. وفيه:(سل حاجتك).

 5 و 6 و 7 و 8 و 10 - تفسير الأمام عليه السلام: 659.

 5 - في المصدر:(ما من عبد عبد الله).(*)

[ 737 ]

الدنيا، وقد سلم الله عز وجل على يحيى في هذه الثلاثة المواطن، وآمن روعته 1، وتلا الاية. قال: وقد سلم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن، وتلا الاية الاتية) 2. (واذكر في الكتاب مريم): قصتها (إذ انتبذت): اعتزلت (من أهلها مكانا شرقيا). (فاتخذت من دونهم حجابا): سترا وحاجزا. القمي قال: في محرابها 3. (فأرسلنا إليها روحنا) قال: (يعني جبرئيل) 4. (فتمثل لها بشرا سويا): سوي الخلق. (قالت إني أعوذ بالرحمن منك) من غاية عفافها (إن كنت تقيا) فكيف إن لم تكن، أو أن تتقي الله فلا تتعرض لي. (قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا). (قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر) يعني بالحلال (ولم أك بغيا): زانية. (قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله اية للناس): علامة وبرهانا على كمال قدرتنا (ورحمة منا) على العباد، يهتدون بإرشاده (وكان أمرا مقضيا). (فحملته). قال: (إنه تناول جيب مدرعتها 5، فنفخ فيه نفخة، فكمل الولد في الرحم من ساعتة، كما يكتمل في أرحام النساء تسعة أسهر، فخرجت من المستحم وهي حامل

__________________________

1 - الروع - بالفتح -: الفزع. والروعة: الفزعة. الصحاح 3: 1223(روع).

 2 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 257، الباب: 26، الحديث: 11، الخصال 1: 107، الحديث: 71، عن علي بن موسى الرضا عليهما السلام.

 3 و 4 - القمي 2: 49.

 3 - المدرع والمدرعة واحد، وهو ثوب من صوف يتدرع به. مجمع البحرين 4: 324(درع).(*)

[ 738 ]

مجح 1 مثقل، فنظرت إليها خالتها فأنكرتها، ومضت مريم على وجهها، مستحية 2 خالتها ومن زكريا) 3. وقال: (كانت مدة حملها تسع ساعات) 4. (فانتبذت به): فاعتزلت، وهو في بطنها (مكانا قصيا): بعيدا من أهلها. قال: (خرجت من دمشق حتى أتت كربلاء، فوضعته في موضع قبر الحسين عليه السلام، ثم رجعت من ليلتها) 5. (فأجاءها المخاض): فألجأها تحرك الولد في بطنها (إلى جذع النخلة) لتستتر به، وتعتمد عليه (قالت ياليتني مت قبل هذا) استحياء من الناس، ومخافة لومهم. قال: (لأنها لم تر في قومها رشيدا ذا فراسة ينزهها من السوء) 6. (وكنت نسيا): ما من شأنه أن ينسى ولا يطلب (منسيا): منسي الذكر، لا يخطر ببالهم. (فناداها من تحتها. [ قال ] 7 القمي: أي: عيسى عليه السلام 8. (ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا) روي: (أي: جدولا) 9. وقال: (ضرب عيسى برجله، فظهر عين ماء يجري) 10. (وهزي إليك بجذع النخلة): حركيه وأميليه إليك (تساقط عليك رطبا جنيا):

__________________________

1 - الجح: بسط الشئ، ويقال أجحت المرأة: إذا حملت فأقربت وعظم بطنها، فهي مجح. تاج العروس 6: 332(جحح).

 2 - في(ب):(مستحيية).

 3 - مجمع البيان 5 - 6: 511، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - المصدر، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - التهذيب 6: 73، الحديث: 139، عن علي بن الحسين عليهما السلام.

 6 - مجمع البيان 5 - 6: 511، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - الزيادة من(ب).

 8 - القمي 2: 49.

 9 - جوامع الجامع 2: 391، عن النبي صلى الله عليه وآله. والجدول: النهر الصغير. الصحاح 4: 1654(جدل).

 10 - مجمع البيان 5 - 6: 511، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 739 ]

طريا. القمي: وكانت النخلة قد يبست منذ دهر، فمدت يدها إليها، فأورقت وأثمرت وسقط عليها الرطب الطري ! فطابت نفسها، فقال لها عيسى: قمطيني 1 وسويني، ثم افعلي كذا وكذا. فقمطته وسوته 2. (فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما) قال: (أي: صمتا) 3. والقمي: صوما وصمتا، كذا نزلت 4. (فلن أكلم اليوم إنسيا). (فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا): بديعا منكرا. (يا أخت هرون ما كان أبوك امرء سوء وما كانت أمك بغيا). روي: (إن هارون هذا كان رجلا صالحا في بني إسرائيل، ينسب إليه كل من عرف بالصلاح) 5. والقمي: كان رجلا فاسقا زانيا، فشبهوها به 6. (فأشارت إليه): إلى عيسى، أي: كلموه ليجيبكم (قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا). (قال إني عبد الله اتانى الكتاب) قيل: الأنجيل 7 (وجعلني نبيا). (وجعلني مباركا) قال: (نفاعا) 8. (أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة) قال: (زكاة الرؤوس، لأن كل الناس ليست لهم أموال، وإنما الفطرة على الفقير والغني، والصغير

__________________________

1 - قمطه(كقمطه): شد يديه ورجليه كما يفعل بالصبي في المهد. والقماط: ذلك الحبل والخرقة التي تلفها على الصبي. القاموس المحيط 2: 396(قمط).

 2 و 4 - القمي 2: 49.

 2 - الكافي 4: 89، الحديث: 9، من لا يحضره الفقيه 2: 109، الحديث: 1861، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - مجمع البيان 5 - 6: 512، عن النبي صلى الله عليه وآله.

 4 - القمي 2: 50.

 5 - الكشاف 2: 508، البيضاوي 4: 8.

 6 - الكافي 2: 165، الحديث: 11، معاني الأخبار: 212، الحديث: 1، القمي 2: 50، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 740 ]

والكبير) 1. (ما دمت حيا). (وبرا بوالدتي). عطف على (مباركا). (ولم يجعلني جبارا شقيا). ورد: (إنه عد العقوق من الكبائر، قال: لأن الله جعل العاق جبارا شقيا في قوله، حكاية عن عيسى) 2. (والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا). (ذلك عيسى ابن مريم) لا ما يصفه النصارى. وهو تكذيب لهم فيما يصفونه، على الوجه الأبلغ، حيث جعله الموصوف بأضداد ما يصفونه، ثم عكس الحكم. (قول الحق) أي: هو قول الحق الذي لا ريب فيه (الذي فيه يمترون) القمي: أي: يتخاصمون 3. (ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه). تكذيب للنصارى وتنزيه لله عما بهتوه. (إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون). تبكيت لهم بأن من إذا أراد شيئا أوجده ب‍ (كن) كان منزها عن شبه الخلق، والحاجة في اتخاذ الولد بإحبال الأناث. (وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم). (فاختلف الأحزاب من بينهم) اليهود والنصارى، أو فرق النصارى، فإن منهم من قال: ابن الله، ومنهم من قال: هو الله، هبط إلى الأرض، ثم صعد إلى السماء، ومنهم من قال: هو عبد الله ونبيه. (فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم). (أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا) أي: ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة (لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين). (وأنذرهم يوم الحسرة): يوم يتحسر الناس، المسئ على إساءته، والمحسن على،

__________________________

1 - القمى 2: 50، عن أبى عبد الله عليه السلام.

 2 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 286، الباب: 28، ذيل الحديث: 33، عن أبى عبد الله عليه السلام. القمى 2: 50، وفيه:(يخاصمون).(*)

[ 741 ]

قلة إحسانه. قال: (يوم يؤتى بالموت فيذبح) 4. (إذ قضى الأمر): فرغ من الحساب، وتصادر الفريقان إلى الجنة والنار. قال: (أي: قضي على أهل الجنة بالخلود فيها، وقضي على أهل النار بالخلود فيها) 2. (وهم في غفلة وهم لا يؤمنون). متعلق بقوله (في ضلال)، وما بينهما اعتراض، أو ب‍ (أنذرهم)). (إنا نحن نرث الأرض ومن عليها) لا يبقى فيها مالك ولا متصرف (وإلينا يرجعون). (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا). (إذ قال لأبيه يا أبت). التاء عوض عن ياء الأضافة. وإنما تذكر للاستعطاف، ولذا كررها. (لم تعبد ما لا يسمع) فيعرف حالك ويسمع ذكرك (ولا يبصر) فيرى خضوعك (ولا يغني عنك شيئا) في جلب نفع أو دفع ضر. (يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا). (يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا). (يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا). دعاه صلوات الله عليه إلى الهدى، وبين ضلاله، واحتج عليه أبلغ احتجاج، وأرشقه 3 برفق وحسن أدب، حيث لم يصرح بضلاله، بل طلب العلة التي تدعوه إلى عبادة ما لا يستحق للعبادة بوجه. ثم دعاه إلى أن يتبعه ليهديه الحق القويم والصراط المستقيم، لما لم يكن مستقلا بالنظر السوي. ولم يسمه بالجهل المفرط، ولا نفسه بالعلم الفائق، بل جعل نفسه كرفيق له في مسيره، يكون أعرف بالطريق. ثم ثبطه عما كان عليه، بأنه مع خلوه عن النفع، مستلزم للضر، فإنه في الحقيقة عبادة الشيطان، فإنه الامر به. وبين أن الشيطان

__________________________

- 1 معاني الاخبار: 156، الحديث: 1، عن أبى عبد لله.

 2 - القمى 2: 50، عن أبى عبد الله عليه السلام.

 3 - الرشاقة: الحسن والاعتدال. لسان العرب 10: 117(رشق).(*)

[ 742 ]

مستعص لربك المولي للنعم كلها. وكل عاص حقيق بأن يسترد منه النعم، وينتقم منه، ولذلك عقبه بتخويفه وسوء عاقبته، ما يجره إليه من صيرورته قرينا للشيطان في اللعن والعذاب. (قال أراغب أنت عن الهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا). قابل استعطافه ولطفه في الأرشاد بالفظاظة 1 وغلظة العناد، فناداه باسمه ولم يقابل ب‍ (يا بني) وأخره وقدم الخبر على المبتدأ، وصدره بهمزة الأنكار على ضرب من التعجب، ثم هدده بالرجم بلسانه، أو الحجارة وأمره بالذهاب عنه زمانا طويلا. (قال سلام عليك). توديع، ومتاركة، ومقابلة للسيئة بالحسنة، أي: لا أصيبك بمكروه، ولا أقول لك بعد ما يؤذيك (سأستغفر لك ربي) لعله يوفقك للتوبة والأيمان (إنه كان بي حفيا): بليغا في البر والأعطاف. (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله) بالمهاجرة بديني (وأدعوا ربي): وأعبده وحده (عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا): خائبا ضائع السعي مثلكم في دعاء آلهتكم. وفي تصدير الكلام ب‍ (عسى) التواضع، وهضم النفس، والتنبيه على أن الأجابة والأثابة تفضل غير واجب، وأن ملاك الأمر خاتمته، وهو غيب. (فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله) بالهجرة إلى الشام (وهبنا له إسحق ويعقوب) بدل من فارقهم من الكفرة (وكلا جعلنا نبيا). (ووهبنا لهم من رحمتنا): كل خير ديني ودنيوي (وجعلنا لهم لسان صدق): ذكر جميل وثناء حسن (عليا): مرتفعا، فإن جميع أهل الأديان يتولونه ويثنون عليه وعلى ذريته، ويفتخرون به. وهي إجابة لدعوته، حيث قال: " واجعل لي لسان صدق في الاخرين " 2.

__________________________

1 - الفظ: الغليظ الجانب، السيئ الخلق، القاسي، الخشن الكلام. القاموس المحيط 2: 412(فظظ).

 2 - الشعراء(26): 84.(*)

[ 743 ]

وورد في تأويل: (الرحمة: رسول الله، واللسان الصدق العلي: أمير المؤمنين صلوات الله عليه) 1. (واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا): موحدا أخلص عبادته عن الشرك والرياء، وأسلم وجهه لله. وعلى قراءة الفتح 2: أخلصه الله. (وكان رسولا نبيا). قد سبق بيان الرسول والنبي في الأعراف 3. (وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا): مناجيا. (ووهبنا له من رحمتنا أخاه): معاضدة أخيه ومؤازرته، إجابة لدعوته " واجعل لي وزيرا من أهلي " 4 (هرون نبيا). (واذكر في الكتاب إسمعيل). قيل: هو إسماعيل بن إبراهيم 5. وفي رواية: (هو إسماعيل بن حزقيل) 6. (إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا). ورد: (إنما سمي صادق الوعد لأنه وعد رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة، ثم إن الرجل أتاه بعد ذلك، فقال له إسماعيل: ما زلت منتظرا لك) 7. (وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا). (واذكر في الكتاب إدريس) قيل: هو سبط شيث وجد أبي نوح، واسمه أخنوخ 8. وروى: (إنه إنزل عليه ثلاثون صحيفة، وإنة أول من خط بالقلم، ونظر في علم النجوم

__________________________

1 - القمي 2: 51، عن العسكري عليه السلام.

 2 - مجمع البيان 5 - 6: 517، البيضاوي 4: 9، وفيه:(وقرأ الكوفيون بالفتح على أن الله أخلصه).

 3 - ذيل الاية: 157.

 4 - طه(20): 29.

 5 - مجمع البيان 5 - 6: 518.

 6 - المصدر، عن أبي عبد الله عليه السلام، القمي 2: 51.

 7 - الكافي 2: 105، الحديث: 7، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - البيضاوي 4: 10.(*)

[ 744 ]

والحساب، وأول من خاط الثياب ولبسها، وكانوا يلبسون الجلود) 1. (إنه كان صديقا نبيا). (ورفعناه مكانا عليا) قيل: شرف النبوة والزلفى عند الله 2. وورد ما معناه: (إنه صعد إلى السماء على جناح ملك، يطلب ملك الموت ليأنس به، فقبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة) 3. (أولئك): المذكورون في السورة 4 (الذين أنعم الله عليهم) بأنواع النعم الدينية والدنيوية (من النبيين من ذرية ادم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا). قال: (نحن عنينا بها) 5. (إذا تتلى عليهم ايات الرحمن خروا سجدا وبكيا): خشية من الله وإخباتا له. روي: (اتلوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا) 6. (فخلف من بعدهم خلف): عقب سوء (أضاعوا الصلاة) قال: (بتأخيرها عن مواقيتها، من غير أن تركوها أصلا) 7. (واتبعوا الشهوات) قال: (من بنى الشديد وركب المنظور ولبس المشهور) 8. (فسوف يلقون غيا): شرا. (إلا من تاب وامن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا). (جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا): يأتيه أهله.

__________________________

1 - الكشاف 2: 513، جوامع الجامع 2: 400، قصص الأنبياء(للراوندي): 79.

 2 - الكشاف 2: 513، البيضاوي 4: 10.

 3 - الكافي 3: 257، الحديث: 26، عن أبي جعفر عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله.

 4 - من زكريا إلى إدريس عليهما السلام.

 5 - مجمع البيان 5 - 6: 519، المناقب(لابن شهرآشوب) 4: 129، عن السجاد عليه السلام.

 6 - الكشاف 2: 514، البيضاوي 4: 10، عن النبي صلى الله عليه وآله.

 7 - مجمع البيان 5 - 6: 519، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - جوامع الجامع 2: 401، عن أمير المؤمنين عليه السلام.(*)

[ 745 ]

(لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) على عادة المتنعمين، والتوسط بين الزهادة والرغابة. القمي: ذلك في جنات الدنيا قبل القيامة، لأن البكرة والعشي لا يكونان 1 في الاخرة في جنات الخلد، وإنما يكونان 2 في جنات الدنيا، التي تنتقل 3 إليها أرواح المؤمنين، وتطلع فيها الشمس والقمر 4. (تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا). (وما نتنزل إلا بأمر ربك). حكاية قول جبرئيل. روي: (إن النبي صلى الله عليه وآله قال لجبرئيل: ما منعك أن تزورنا ؟ فنزلت) 5. (له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك) وهو ما نحن فيه من الأماكن والأحايين 6، لا تنتقل 7 من مكان إلى مكان، ولا ننزل 8 في زمان دون زمان إلا بأمره ومشيئته. (وما كان ربك نسيا): تاركا لك. قال: (ليس بالذي ينسى، ولا يغفل، بل هو الحفيظ العليم) 9. (رب السموات والأرض وما بينهما). بيان لامتناع النسيان عليه. (فاعبده واصطبر لعبادته). خطاب للرسول مرتب عليه. (هل تعلم له سميا). قال: (تأويله: هل تعلم أحدا اسمه (الله) غير الله ؟) 10.

__________________________

1 و 2 - في(ألف):(تكونان).

 3 - في(ألف):(ينتقل).

 4 - القمي 2: 52، مع تفاوت يسير.

 5 - مجمع البيان 5 - 6: 521.

 6 - الحين: الدهر، أو وقت مبهم يصلح لجميع الأزمان، طال أو قصر، الجمع: أحيان، وجمع الجمع: أحايين. القاموس المحيط 4: 219(حين). وفي(ألف) و(ب):(الأحانين).

 7 - في(ألف):(لا ينتقل).

 8 - في(ألف):(لا ينزل).

 9 - التوحيد: 260، الباب: 36، قطعة من حديث: 5، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 9 - المصدر: 264، الباب: 36، قطعة من حديث: 5، عن أمير المؤمنين عليه السلام.(*)

[ 746 ]

(ويقول الأنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا). (أو لا يذكر الأنسان أنا خلقناه من قبل) أي: قدرناه في العلم، حيث كان الله ولم يكن معه شئ (ولم يك شيئا) بل كان عدما صرفا. قال: (لا مقدرا ولا مكونا) 1. (فو ربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا) على ركبهم، كما هو المعتاد في مواقف التقاول، وهو كقوله: " وترى كل أمة جاثية " 2. (ثم لننزعن من كل شيعة): من كل أمة شايعت دينا، أي: تبعت. (أيهم أشد على الرحمن عتيا): من كان أعصى وأعتى منهم، فنطرحهم 3 فيها. (ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا): أولى بالصلي 4. (وإن منكم إلا واردها). قال: (أما تسمع الرجل يقول: وردنا ماء بني فلان، فهو الورود، ولم يدخل) 5. وفي رواية: (الورود: الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا يدخلها، فتكون 6 على المؤمنين بردا وسلاما، كما كانت على إبراهيم، حتى أن للنار - أو قال: لجهنم - ضجيجا من بردها) الحديث 7. (كان على ربك حتما مقضيا): كان ورودهم واجبا، أوجبه الله على نفسه وقضى به. (ثم ننجي الذين اتقوا) فيساقون إلى الجنة (ونذر الظالمين فيها جثيا): على هيأتهم كما كانوا.

__________________________

1 - الكافي 1: 147، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - الجاثية(45): 28.

 3 - في(ألف) و(ج):(فيطرحهم).

 4 - أصل الصلي لأيقاد النار. المفردات: 293(صلا).

 5 - القمي 2: 52، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه:(ولم يدخله).

 6 - في(ألف) و(ج):(فيكون).

 7 - مجمع البيان 5 - 6: 526، عن النبي صلى الله عليه وآله.(*)

[ 747 ]

روي: أنه قال: (يرد الناس النار، ثم يصدرون بأعمالهم، فأولهم كلمع 1 البرق، ثم كمر الريح، ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب، ثم كشد الرجل، ثم كمشيه) 2. وفي رواية: (تقول النار للمؤمن يوم القيامة: جزيا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي) 3. وورد: (الحمى رائد الموت وسجن الله في أرضه وفورها من جهنم، وهي حظ كل مؤمن من النار) 4. وروي: (إنه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد ألما في النار إذا دخلوها، وإنما يصيبهم الألم عند الخروج منها، فتكون تلك الالام جزاء بما كسبت أيديهم وما الله بظلام للعبيد) 5. وسئل عن هذه الاية، فقال: (إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال بعضهم لبعض: أليس قد وعدنا ربنا أن نرد النار ؟ ! فيقال لهم: قد وردتموها وهي خامدة) 6. (وإذا تتلى عليهم اياتنا بينات قال الذين كفروا للذين امنوا): لأجلهم أو معهم (أي الفريقين): المؤمنين بها أو الجاحدين لها (خير مقاما وأحسن نديا): مجلسا ومجتمعا. يعني أنهم لما سمعوا الايات الواضحات، وعجزوا عن معارضتها والدخل عليها، أخذوا في الافتخار بما لهم من حظوظ الدنيا، وزعموا: أن زيادة حظهم فيها تدل على فضلهم وحسن حالهم عند الله تعالى. (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا). قال: (الأثاث: المتاع. ورئيا: الجمال والمنظر الحسن) 7.

__________________________

1 - في(ب):(كلمح). وهو بمعناه، والأصح ما أثبتناه كما في المصدر.

 2 - مجمع البيان 5 - 6: 525، عن النبي صلى الله عليه وآله.

 3 - مجمع البيان 5 - 6: 526، عن النبي صلى الله عليه وآله.

 4 - الكافي 3: 112، الحديث: 7، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - الاعتقادات(للصدوق): 90، باب الاعتقاد في الجنة والنار، الاعتقادات(للمفيد): 77.

 6 - البيضاوي 4: 13.

 7 - القمي 2: 52، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 748 ]

(قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا): فيمده ويمهله بطول العمر والتمتع به (حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة. قال: (خروج القائم، وهو الساعة) 1 والقمي: العذاب: القتل، والساعة: الموت 2. (فسيعلمون من هو شر مكانا) من الفريقين. قال: (يعني عند القائم) 3. بأن عاينوا الأمر على عكس ما قد روه، وعاد ما متعوا به خذلانا ووبالا عليهم (وأضعف جندا) أي: فئة وأنصارا. قابل به الندى، فإن حسن الندى باجتماع وجوه القوم وظهور شوكتهم. (ويزيد الله الذين اهتدوا هدى) قال: (يزيدهم في ذلك اليوم هدى على هدى باتباعهم القائم، حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه). 4 (والباقيات الصالحات): الطاعات التي تبقى عائدتها أبد الاباد (خير عند ربك ثوابا): عائدة مما متع به الكفرة من النعم المخدجة 5 الفانية التي يفتخرون بها (وخير مردا): مرجعا وعاقبة، فإن مآلها النعيم المقيم، ومآل هذه الحسرة والعذاب الدائم. (أفرأيت الذي كفر باياتنا وقال لاءوتين مالا وولدا) يعني في الاخرة. قال: (إن العاص بن وائل بن هشام القرشي، ثم السهمي 6، وهو أحد المستهزئين، وكان لخباب بن الأرت 7 عليه حق فأتاه يتقاضاه، فقال له العاص: ألستم تزعمون: أن في

__________________________

1 و 3 و 4 - الكافي 1: 431، الحديث: 90، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - القمي 2: 52.

 5 - المخدجة: الناقصة. الصحاح 1: 308(خدج).

 6 - العاص(أو العاصي) بن وائل بن هشام السهمي، من قريش: أحد الحكام في الجاهلية، وكان نديما لهشام بن المغيرة، وأدرك الأسلام وظل على الشرك. ويعد من المستهزئين ومن الزنادقة الذين ماتوا كفارا وثنيين. وكان على رأس بني سهم في حرب الفجار. وقيل في خبر موته: خرج يوما على راحلته، ومعه أبناء له يتنزه، ونزل في أحد الشعاب، فلما وضع قدمه على الأرض صاح، فطافوا فلم يروا شيئا. وانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير، ومات، فقالوا: لدغته الأرض. وكان ذلك في الأبواء بين مكة والمدينة، وهو والد عمر بن العاص. وكان هلاكه في ثلاث سنة قبل الهجرة. الأعلام(للزركلي) 3: 247.

 7 - خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد التميمي، أبو يحيى أو أبو عبد الله: صحابي من السابقين. كان في(*)

[ 749 ]

الجنة الذهب والفضة والحرير ؟ ! قال: بلى ! قال: فموعد ما بيني وبينك الجنة، والله لأوتين فيها خيرا مما أوتيت في الدنيا) 1. (أطلع الغيب): قد بلغ من عظمة شأنه إلى أن ارتقى إلى علم الغيب الذي توحد به الواحد القهار ! ! حتى ادعاه أن يؤتى في الاخرة مالا وولدا، وتألى عليه (أم اتخذ عند الرحمن عهدا) بذلك. (كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا). (ونرثه) بإملاكنا إياه (ما يقول) يعني المال والولد مما عنده منهما (ويأتينا) يوم القيامة (فردا) لا يصحبه مال ولا ولد مما كان له في الدنيا، فضلا أن يؤتى ثمة زائدا. (واتخذوا من دون الله الهة ليكونوا لهم عزا) ليتعززوا بها، حيث تكون لهم وصلة إلى الله، وشفعاء عنده. (كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا). قال: (يكونون هؤلاء الذين اتخذوهم آلهة من دون الله ضدا يوم القيامة، ويتبرؤون منهم ومن عبادتهم، ثم قال: ليس العبادة هي السجود ولا الركوع، وإنما هي طاعة الرجال، من أطاع مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده) 2. أقول: يعني عليه السلام بذلك: أن المراد بالالهة المتخذة من دون الله، رؤساؤهم الذين أطاعوهم في معصية الخالق.

__________________________

الجاهلية قينا يعمل السيوف بمكة، ولما أسلم استضعفه المشركون، فعذبوه ليرجع عن دينه، فصبر، إلى أن كانت الهجرة، ثم شهد المشاهد كلها، ونزل الى الكوفة فمات فيها وهو ابن 73 سنة. ولما رجع على عليه السلام من صفين مر بقبره، فقال: رحم الله خبابا، أسلم راغبا، وهاجر طائعا، وعاش مجاهدا، توفى سنة 37 ه‍. الاعلام(للزركى) 2: 301.

 1 - القمي 2: 54، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - القمي 2: 55، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت يسير.(*)

[ 750 ]

(ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا): تهزهم 1 وتغريهم على المعاصي، بالتسويلات وتحبيب الشهوات. القمي: لما طغوا فيها وفي فتنتها وفي طاعتهم، ومد لهم في طغيانهم وضلالتهم، أرسل عليهم شياطين الأنس والجن " تؤزهم أزا "، أي: تنخسهم 2 نخسا، وتحضهم على طاعتهم وعبادتهم 3. (فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا): فلا تعجل بهلاكهم لتستريح من شرورهم، فإنه لم يبق لهم إلا أنفاس معدودة. قيل له: أي عدد الأيام، فقال عليه السلام: (إن الاباء والأمهات يحصون ذلك، لا، ولكنه عدد الأنفاس) 4. ورد: (نفس المرء خطاه إلى أجله) 5. (يوم نحشر المتقين): نجمعهم (إلى الرحمن): إلى ربهم الذي غمرهم برحمته (وفدا): وافدين عليه كما يفد الوفاد على الملوك، منتظرين لكرامتهم وإنعامهم. (ونسوق المجرمين) كما تساق البهائم (إلى جهنم وردا): عطاشا، كما ترد الدواب الماء. وفي قراءتهم عليهم السلام. (يوم يحشر المتقون إلى الرحمان وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا) 6. وقد سمع هكذا من قبر الرضا عليه السلام، وقصته مذكورة في عيون أخبار الرضا 7. قال: (يحشرون على النجائب) 8. وفى رواية: (إن الوفد لا يكونون إلا ركبانا، أولئك رجال اتقوا الله فأحبهم الله

__________________________

1 - هزه: حركه. القاموس المحيط 2: 203(هزز).

 2 - نخس بالرجل: هيجه وأزعجه، لسان العرب 6: 229(نخس).

 3 - القمي 2: 55، مع تفاوت يسير.

 4 - الكافي 3: 259، الحديث: 33، القمي 2: 53، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - نهج البلاغة: 480، الحكمة: 74.

 6 و 7 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 282، الباب: 69، ذيل الحديث: 6.

 8 - المحاسن 1: 180، الباب: 41، الحديث: 170، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 751 ]

واختصهم، ورضي أعمالهم، فسماهم المتقين) الحديث بطوله 1، وفيه صفة حشرهم إلى الجنة وفي آخرة: (هؤلاء شيعتك يا علي وأنت إمامهم) 2. (لا يملكون الشفاعة) قال: (لا يشفع لهم ولا يشفعون) 3. (إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) قال: (إلا من دان الله بولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده، فهو العهد عند الله) 4. وفي رواية: (إن العهد هو الوصية عند الموت بما اعتقده من الدين الحق) 5 في ألفاظ هذا معناها. وفي أخرى: (أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا - ثم ذكر مثل ذلك، ثم قال: - فإذا قال ذلك طبع عليه بطابع، ووضع تحت العرش، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين لهم عند الله عهد ؟ فيدخلون الجنة) 6. (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا). قال: (هذا حيث قالت قريش: إن لله عز وجل ولدا من الملائكة إناثا) 7. (لقد جئتم شيئا إدا) قال: (أي: عظيما) 8. (تكاد السموات يتفطرن منه) قال: (يعني مما قالوه، ومما رموه به) 9. (وتنشق

__________________________

1 - الكافي 8: 95، الحديث: 69، عن أبي جعفر عليه السلام، وفي القمي 2: 53، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت يسير.

 2 - القمي 2: 54، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - المصدر: 57، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - الكافي 1: 431، الحديث: 90، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - الكافي 7: 2، الحديث: 1، التهذيب 9: 174، الحديث: 11، من لا يحضره الفقيه 4: 138، الحديث: 482، القمي 2: 55، عن أبي عبد الله عليه السلام، من النبي صلى الله عليه وآله.

 6 - جوامع الجامع 2: 410، عن النبي صلى الله عليه وآله.

 7 و 8 - القمي 2: 57، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 9 - القمي 2: 57، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 752 ]

الأرض وتخر الجبال هدا). (أن دعوا للرحمن ولدا). (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا). (إن كل من في السموات والأرض إلا اتي الرحمن). مبدئ نعمه وموليها (عبدا) يأوي إليه بالعبودية والانقياد، لا يدعي لنفسه ما يدعيه هؤلاء. (لقد أحصاهم): حصرهم وأحاط بهم، بحيث لا يخرجون عن حوزة علمه وقبضة قدرته (وعدهم عدا): عد أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم، فإن كل شئ عنده بمقدار. (وكلهم اتيه يوم القيامة فردا) قال: (واحدا واحدا) 1. (إن الذين امنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا): سيحدث لهم في القلوب مودة. قال: (ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، هي الود الذي قال الله) 2. وقال: (إنه عليه السلام كان جالسا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له: قل يا علي: اللهم اجعل لي في قلوب المؤمنين ودا، فأنزل الله) 3. وفي رواية: (دعا رسول الله صلى الله عليه وآله له في آخر صلاته رافعا بها صوته يسمع 4 الناس، يقول: اللهم هب لعلي المودة في صدور المؤمنين، والهيبة والعظمة في صدور المنافقين، فأنزل الله) 5. (فإنما يسرناه بلسانك) بأن أنزلناه بلغتك. قال: (يعني القرآن) 6. لتبشر به

__________________________

1 - القمي 2: 57، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - الكافي 1: 431، الحديث: 90، القمي 2: 57، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - القمي 2: 56، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - في(ألف):(ليسمع).

 5 - العياشي 2: 142، الحديث: 11، ذيل الاية 12 من سورة هود، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - القمي 2: 56، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 753 ]

المتقين وتنذر به قوما لدا): أشداء الخصومة. قال: (أصحاب الكلام والخصومة) 1 وفي رواية: (أي: كفارا) 2. وفي أخرى: (بني أمية قوما ظلمة) 3. (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا) قال: (أي: ذكرا) 4. والركز: الصوت الخفي.

__________________________

1 - القمي 2: 56، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - الكافي 1: 432، ذيل الحديث: 90، القمى 2: 57، عن أبى عبد الله عليه السلام.

 3 - روضة الواعضين: 106، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 4 - القمى 2: 57، عن أبى عبد الله عليه السلام.

[ 754 ]

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21337014

  • التاريخ : 29/03/2024 - 02:24

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net