00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الشعراء  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 878 ]

سورة الشعراء [ مكية وهي مائتان وسبع وعشرون آية ] (1)

 بسم الله الرحمن الرحيم طسم. تلك آيات الكتاب المبين. لعلك باخع: قاتل نفسك ألا يكونوا مؤمنين. إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية: دلالة ملجئة إلى الأيمان، وبلية قاسرة عليه فظلت أعناقهم لها خاضعين: منقادين. قال: (سيفعل الله ذلك بهم. قيل: من هم ؟ قال: بنو أمية وشيعتهم. قيل: وما الاية ؟ قال: ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلى وقت العصر، وخروج صدر (2) ووجه في عين الشمس يعرف بحسبه ونسبه، وذلك في زمان السفياني، وعندها يكون بواره وبوار قومه) (3). وفي رواية يصف فيها القائم عليه السلام: (ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الارض

__________________________

(1) - ما بين المعقوفتين من(ب).

(2) - في المصدر:(وخروج صدر الرجل).

(3) - الأرشاد(للمفيد): 359، باب علامات قيام القائم عليه السلام، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 879 ]

بالدعاء إليه، يقول: ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه، فإن الحق معه وفيه، وهو قول الله عزوجل: (إن نشأ ننزل عليهم) الاية) (1). وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين. فقد كذبوا أي: بالذكر بعد إعراضهم وأمعنوا في تكذيبهم، بحيث أدى بهم إلى الاستهزاء به فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون من أنه كان حقا أم باطلا، وكان حقيقا بأن يصدق ويعظم قدره، أو يكذب فيستخف أمره. أولم يروا إلى الأرض: أو لم ينظروا إلى عجائبها كم أنبتنا فيها من كل زوج: صنف كريم: كثير المنفعة. إن في ذلك لاية على أن منبتها تام القدرة والحكمة، سابغ النعمة والرحمة وما كان أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز: الغالب القادر على الانتقام من الكفرة الرحيم حيث أمهلهم. وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين بالكفر، واستعباد بني إسرائيل، وذبح أولادهم. قوم فرعون يعني فرعون وقومه ألا يتقون. تعجيب من إفراطهم في الظلم واجترائهم. قال رب إني أخاف أن يكذبون. ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هرون ليقوى به قلبي. ولهم علي ذنب: تبعة ذنب، وهو قتل القبطي، سماه ذنبا على زعمهم. فأخاف أن يقتلون به، قبل أداء الرسالة. قال كلا فاذهبا إجابة له إلى الطلبتين، يعني ارتدع يا موسى عما تظن، فاذهب

__________________________

(1) - كمال الدين 2: 372، الباب: 35، ذيل الحديث: 5، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.(*)

[ 880 ]

أنت والذي طلبته بآياتنا إنا معكم يعني موسى وهرون وفرعون مستمعون لما يجري بينكما وبينه، فاظهركما عليه. فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أفرد الرسول، لأنه مصدر وصف به. أن أرسل معنا بني إسرائيل: خلهم يذهبوا معنا إلى الشام. قال أي: فرعون لموسى بعد أن أتياه، فقالا له ذلك ألم نربك فينا: في منازلنا وليدا: طفلا ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت يعني قتل القبطي وأنت من الكافرين قال: (يعني كفرت نعمتي) (1). قال فعلتها إذا وأنا من الضالين قيل: من الجاهلين أو (2) الضالين عن طريق النبوة (3). وسئل عن ذلك، مع أن الأنبياء معصومون، فقال: (من الضالين عن الطريق، بوقوعي إلى مدينة من مدائنك) (4). أقول: لعل المراد أنه ورى لفرعون، فقصد الضلال عن الطريق، وفهم فرعون منه الضلال عن الحق، فإن الضلال عن الطريق لا يصلح عذرا للقتل. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما: حكمة وجعلني من المرسلين. وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل أي: وتلك التربية نعمة تمنها علي بها ظاهرا، وهي في الحقيقة تعبيدك بني إسرائيل، وقصدهم بذبح أبنائهم، فإنه السبب

__________________________

(1) - القمي 2: 118، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) - في(ألف):(والضالين).

(3) - مجمع البيان 7 - 8: 187.

(4) - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 199، الباب: 15، ذيل الحديث الطويل: 1.(*)

[ 881 ]

في وقوعي إليك وحصولي في تربيتك، ويحتمل تقدير همزة الأنكار، أي: أو تلك نعمة تمنها علي، وهي أن عبدت. قال فرعون وما رب العالمين لما سمع جواب ما طعن به فيه، ورآى أنه لم يرعو بذلك، شرع في الاعتراض على دعواه، فبدأ بالاستفسار عن حقيقة المرسل. قال رب السموات والأرض وما بينهما. عرفه بأظهر خواصه وآثاره، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته (1): (الذي سئلت الأنبياء عنه، فلم تصفه بحدولا ببعض (2)، بل وصفته بفعاله، ودلت عليه بآياته) (3). إن كنتم موقنين علمتم ذلك. قال لمن حوله ألا تستمعون قال: (فقال متعجبا لأصحابه: (ألا تستمعون) أسأله عن الكيفية، فيجيبني عن الحق) (4). أقول: يعني بالحق، التحقق (5) والثبوت. قال ربكم ورب آبائكم الأولين. عدل إلى ما لا يشك في افتقاره إلى مصور حكيم وخالق عليم، ويكون أقرب إلى الناظر وأوضح عند التأمل. قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون أسأله عن شئ ويجيبني عن آخر. قال رب المشرق والمغرب وما بينهما: تشاهدون كل يوم أنه يأتي بالشمس من المشرق ويذهب بها إلى المغرب على وجه نافع، ينتظم به أمور الخلق إن كنتم تعقلون علمتم أن لا جواب لكم فوق ذلك. قال لئن اتخذت إلها غيري لاجعلنك من المسجونين. عدل إلى التهديد بعد

__________________________

(1) - في(ب):(في خطبة).

(2) - أي: بكونه محدودا بحدود جسمانية أو عقلانية أو بأجزاء وأبعاض خارجية أو عقلية. وقيل: أي لم يحسبوا بحد ولا ببعض حد، وهو الحد الناقص كالجواب بالفصل القريب دون الجنس القريب. مرآة العقول 2: 106.

(3) - الكافي 1: 141، الحديث: 7.

(4) - القمي 2: 119، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(5) - في(ب):(التحقيق).(*)

[ 882 ]

الانقطاع، وهكذا ديدن المعاند المحجوج. قال أو لو جئتك بشئ مبين أي: أتفعل ذلك ولو جئتك بشئ مبين على (1) صدق دعواي ؟ ! يعني المعجزة، فإنها الجامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته، والدلالة على صدق مدعي نبوته. قال فأت به إن كنت من الصادقين. فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين: ظاهر الثعبانية. قال: (فالتقمت الأيوان بلحييها، فدعاه أن يا موسى أقلني إلى غد، ثم كان من أمره ما كان) (2). وفي رواية: (فلم يبق أحد من جلساء فرعون إلا هرب، ودخل فرعون من الرعب ما لم يملك نفسه، فقال: يا موسى ! أنشدك بالله وبالرضاع إلا ما كففتها عني، فكفها. قال: فلما أخذ موسى العصا رجعت إلى فرعون نفسه وهم بتصديقه، فقام إليه هامان فقال له: بينا أنت إله تعبد إذ صرت تابعا لعبد !) (3). ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال: (قد حال شعاعها بينه وبين وجهه) (4). قال للملاء حوله إن هذا لساحر عليم: فائق في علم السحر. يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون بهره (5) سلطان المعجز، حتى حطه عن دعوى الربوبية إلى مؤامرة القوم وائتمارهم.

__________________________

(1) - لم ترد كلمة(على) في(ألف) و(ج).

(2) - مجمع البيان 7 - 8: 253، عن أبي جعفر عليه السلام.

(3) - القمي 2: 119، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت يسير.

(4) - مجمع البيان 7 - 8: 253، عن أبي جعفر عليه السلام.

(5) - بهره: غلبه وفضله. المصباح المنير 1: 81(بهر).(*)

[ 883 ]

قالوا أرجه وأخاه: أخر أمرهما. وابعث في المدائن حاشرين شرطا يحشرون السحرة. يأتوك بكل سحار عليم يفضلون عليه في هذا الفن. فجمع السحرة لميقات يوم معلوم لما وقت به من ساعات يوم معين، وهو وقت الضحى من يوم الزينة، كما سبق في سورة طه (1). وقيل للناس هل أنتم مجتمعون. لعلنا نتبع السحرة أي: في دينهم، ومقصودهم أن لا يتبعوا موسى إن كانوا هم الغالبين. فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أإن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين. قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين. قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون. فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون. فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف: تبتلع (2) ما يأفكون: ما يقلبونه عن وجهه بتمويههم وتزويرهم، فيخيلون حبالهم وعصيهم أنها حيات تسعى. فألقي السحرة ساجدين لعلمهم بأن مثله لا يتأتي بالسحر. قالوا امنا برب العالمين. رب موسى وهرون. إبدال للتوضيح ودفع التوهم، والأشعار على أن الموجب لأيمانهم ما أجراه على أيديهما. قال آمنتم له قبل أن اذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فعلمكم شيئا دون شئ ولذلك غلبكم، أراد به التلبيس على قومه، كي لا يعتقدوا أنهم آمنوا على بصيرة وظهور حق فلسوف تعلمون وبال فعلكم لاقطعن أيديكم وأرجلكم

__________________________

(1) - ذيل الاية: 59.

(2) - في(ألف):(تبلع).(*)

[ 884 ]

من خلاف ولا صلبنكم أجمعين. قالوا لا ضير: لا ضرر علينا في ذلك إنا إلى ربنا منقلبون بما توعدنا إليه. إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا: لأن كنا أول المؤمنين من أهل المشهد. وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي وذلك بعد سنين يدعوهم إلى الحق ويظهر لهم الايات، فلم يزيدوا إلا عتوا إنكم متبعون: يتبعكم فرعون وجنوده. فأرسل فرعون في المدائن حاشرين. قال: (فخرج موسى ببني إسرائيل ليقطع بهم البحر، فجمع فرعون أصحابه وبعث في المدائن حاشرين العساكر ليتبعوهم، وحشر الناس، وقدم مقدمته في ستمائة ألف، وركب هو في ألف ألف وخرج) (1). إن هؤلاء لشرذمة قليلون على إرادة القول. قال: (يقول عصبة قليلة) (2). وإنهم لنا لغائظون: لفاعلون ما يغيظنا. وإنا لجميع حاذرون: لجمع عادتنا الحذر واستعمال الحزم في الأمور. فأخرجناهم من جنات وعيون. وكنوز ومقام كريم: المنازل الحسنة والمجالس البهية. كذلك وأورثناها بني إسرائيل. فأتبعوهم مشرقين: داخلين في وقت شروق الشمس. فلما تراءى الجمعان: تقاربا بحيث رأى كل منهما الاخر قال أصحاب موسى إنا لمدركون: لملحقون. قال كلا: لن يدركوكم، فإن الله وعدكم الخلاص منهم إن معي ربي بالحفظ والنصرة (سيهدين) طريق النجاة منهم.

(1) - القمي 2: 121، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) - المصدر: 122، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

__________________________

[ 885 ]

فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق أي: ضرب فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم قال: (أي: كالجبل المنيف) (1) الثابت في مقره، فدخلوا في شعابها. وأزلفنا: وقربنا ثم الاخرين: فرعون وقومه، حتى دخلوا على أثرهم مداخلهم. وأنجينا موسى ومن معه أجمعين بحفظ البحر على تلك الهيئة حتى عبروا. ثم أغرقنا الاخرين بإطباقه (2) عليهم. إن في ذلك لاية وأية آية وما كان أكثرهم مؤمنين: وما تنبه عليها أكثرهم، إذ لم يؤمن بها أحد ممن بقي في مصر من القبط، وبنو إسرائيل بعد ما نجوا سألوا بقرة يعبدونها، واتخذوا العجل وقالوا: (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) (3). وإن ربك لهو العزيز: المنتقم من أعدائه الرحيم بأوليائه. واتل عليهم نبأ إبراهيم. إذ قال لابيه وقومه ما تعبدون. قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين. قال هل يسمعونكم إذ تدعون. أو ينفعونكم على عبادتكم لها أو يضرون من أعرض عنها. قالوا بل وجدنا اباءنا كذلك يفعلون. قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون. أنتم واباؤكم الأقدمون. فإنهم عدو لي يريد عدو لكم، ولكنه صور الأمر في نفسه تعريضا لهم، فإنه أنفع في النصح من التصريح، والبدأة بنفسه في النصيحة أدعى للقبول. إلا رب العالمين استثناء منقطع أو متصل، على أن الضمير لكل معبود عبدوه، وكان من آبائهم

__________________________

(1) - القمي 2: 122، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه:(كالجبل العظيم).

(2) - أطبق الشئ: غطاه: الصحاح 4: 1512(طبق).

(3) - البقرة(2): 55.(*)

[ 886 ]

من عبد الله. الذي خلقني فهو يهدين لأنه يهدي كل مخلوق لما خلق له من أمور المعاش والمعاد، هداية متدرجة من مبدأ الأيجاد إلى منتهى أجله، كما قال: (الذي أحسن كل شئ خلقه ثم هدى) (1). والذي هو يطعمني ويسقين. وإذا مرضت فهو يشفين. إنما لم ينسب المرض إليه لأن مقصوده تعديد النعم، ولأنه في غالب الأمر إنما يحدث بتفريط من الأنسان في مطاعمه ومشاربه، وفي أوامر الله تعالى ونواهيه، كما قال الله سبحانه: (ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) (2). والذي يميتني عد الموت من جملة النعم، وأضافه إلى الله، لأنه لأهل الكمال وصلة إلى نيل المحاب التي تستحقر دونها الحياة الدنيوية، وخلاص من أنواع المحن والبلية ثم يحيين. والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ذكر ذلك هضما لنفسه وتعليما للأمة، أن يجتنبوا المعاصي ويكونوا على حذر، وطلب لأن يغفر لهم ما يفرط منهم، واستغفار لما عسى يندر منه من خلاف الأولى، وحمل الخطيئة على كلماته الثلاث: (إني سقيم) (3)، (بل فعله كبيرهم) (4)، و (هي أختي) (5) لا وجه له، لأنها معاريض وليست بخطايا.

__________________________

(1) - ليست بعين هذه الألفاظ آية في القرآن، وهذه متخذة من آيتين في سورة طه والسجدة، وهذا نصهما: الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى طه(20): 50، الذي أحسن كل شئ خلقه السجدة(32): 7.

(2) - الشورى(42): 30.

(3) - الصافات(37): 89.

(4) - الانبياء(21): 63.

(5) - قال: بينا هو ذات يوم وسارة، إذ أتى على جبار من الجبابرة، فقيل له: إن هاهنا رجلا معه امرأة من أحسن =(*)

[ 887 ]

رب هب لي حكما: كمالا في العلم والعمل، استعد به لخلافة الحق ورياسة الخلق وألحقني بالصالحين: ووفقني للكمال في العمل، لأنتظم به في عداد الكاملين في الصلاح. واجعل لي لسان صدق في الاخرين قيل: أي: جاها وحسن صيت في الدنيا يبقى أثره إلى يوم الدين، ولذلك ما من أمة إلا وهم له محبون وعليه يثنون (1). ورد: (لسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس، خيرا له من المال يأكله ويورثه) (2). وقيل: بل يعني واجعل صادقا من ذريتي يجدد ديني، ويدعو الناس إلى ما كنت أدعوهم إليه، وهو محمد (3) وعلي والأئمة من ذريتهما عليهم السلام. القمي: هو أمير المؤمنين عليه السلام (4). واجعلني من ورثة جنة النعيم في الاخرة وقد سبق (5) معنى الوراثة فيها. واغفر لابي بالهداية والتوفيق للأيمان إنه كان من الضالين طريق الحق، وإنما دعا له بالمغفرة لما وعده بأنه سيؤمن، كما قال الله عزوجل: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه) (6). ولا تخزني بمعاتبتي على ما فرطت، من الخزي بمعنى الهوان، أو من الخزاية بمعنى الحياء يوم يبعثون. الضمير للعباد، لأنهم معلومون.

__________________________

= الناس، فأرسل إليه وسأله عنها، فقال: من هذا ؟ قال: أختي، فأتى سارة فقال: يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك، وان هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني. قصص الأنبياء(لابن كثير): 149، نقلا عن البخاري.

(1) - البيضاوي 4: 106.

(2) - الكافي 2: 154، الحديث: 19، عن أبي عبد الله، عن أمير المؤمنين عليهما السلام.

(3) - البيضاوي 4: 106.

(4) - القمي 2: 123.

(5) - ذيل الاية: 10 - 11، من سورة المؤمن.

(6) - التوبة(9): 114.(*)

[ 888 ]

يوم لا ينفع مال ولا بنون. إلا من أتى الله بقلب سليم: لا ينفعان أحدا إلا مخلصا سليم القلب. قال: (هو القلب الذي سلم من حب الدنيا) (1). وفي رواية: (هو الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه. قال: وكل قلب فيه شرك أو شك فهو ساقط، وإنما أرادوا بالزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم إلى الاخرة) (2). وأزلفت الجنة للمتقين بحيث يرونها في الموقف، فيتبجحون بأنهم المحشورون إليها. وبرزت الجحيم للغاوين: مكشوفة يتحسرون على أنهم المسوقون إليها. وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون. من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون. فكبكبوا فيها هم والغاوون أي: الالهة وعبدتهم. والكبكبة: تكرير الكب (3) لتكرير معناه، كأن من ألقي في النار ينكب مرة بعد أخرى، حتى يستقر في قعرها. قال: (هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره) (4). وجنود إبليس قال: (ذريته من الشياطين) (5) أجمعون. قالوا وهم فيها يختصمون. تالله إن كنا: إنه كنا لفي ضلال مبين. إذ نسويكم برب العالمين: أطعناكم كما أطعنا الله.

__________________________

(1) - مجمع البيان 7 - 8: 194، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) - الكافي 2: 16، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت يسير.

(3) - كببت فلانا كبا: ألقيته على وجهه. مجمع البحرين 2: 151(كبب).

(4) - الكافي 2: 300، الحديث: 4، القمي 2: 123، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(5) - المصدر: 31، ذيل الحديث الطويل: 1، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

__________________________

[ 889 ]

وما أضلنا إلا المجرمون قال: (يعني المشركين الذين اقتدوا بهم هؤلاء، فاتبعوهم على شركهم، وهم قوم محمد صلى الله عليه وآله ليس فيهم من اليهود والنصارى أحد) (1). فما لنا من شافعين قال: (الأئمة) (2). ولا صديق حميم قال: (من المؤمنين) (3). قال: (والله لنشفعن في المذنبين من شيعتنا، حتى يقول (4) أعداؤنا إذا رأوا ذلك: (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) (5). وورد: (إن الرجل يقول في الجنة: ما فعل صديقي فلان ؟ وصديقه في الجحيم ! فيقول الله تعالى: أخرجوا له صديقه إلى الجنة (6)، فيقول من بقي في النار: (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) (7). فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين القمي: من المهتدين، لأن الأيمان قد لزمهم بالأقرار (8). إن في ذلك لاية: لحجة وعظة لمن أراد أن يستبصر بها ويعتبر وما كان أكثرهم مؤمنين به. وإن ربك لهو العزيز: القادر على تعجيل الانتقام الرحيم بالأمهال، لكي يؤمنوا هم أو واحد من ذريتهم. كذبت قوم نوح المرسلين. قال: (إنه (9) قدم على قوم مكذبين للأنبياء الذين

__________________________

(1) - الكافي 2: 31، ذيل الحديث الطويل: 1، عن أبي جعفر عليه السلام.

(2 و 3) - المحاسن: 184، الباب: 45، الحديث: 187، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(4) - في المصدر:(حتى يقولوا).

(5) - القمي 2: 123، عن الباقر والصادق عليهما السلام.

(6) - في(ب) و(ج):(في الجنة)، ولم ترد في(ألف)، وما أثبتناه من المصدر.

(7) - مجمع البيان 7 - 8: 195، عن النبي صلى الله عليه وآله.

(8) - القمي 2: 123.

(9) - في المصدر:(لكنه).(*)

__________________________

[ 890 ]

كانوا بينه وبين آدم) (1). إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون الله، فتتركوا عبادة غيره. إني لكم رسول أمين. فاتقوا الله وأطيعون فيما أمركم به من التوحيد والطاعة لله. وما أسألكم عليه: على ما أنا عليه من الدعاء والنصح من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين. فاتقوا الله وأطيعون. كرره للتأكيد والتنبيه على دلالة كل واحد من أمانته وحسم طمعه، لوجوب طاعته فيما يدعوهم إليه، فكيف إذا اجتمعا ؟ ! قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون: الأقلون مالا وجاها، يعني أهل الطمع في مال أو رفعة. قال وما علمي بما كانوا يعملون إنهم عملوه إخلاصا أو طمعا في طعمة، وما علي إلا اعتبار الظاهر. إن حسابهم إلا على ربي فإنه المطلع على البواطن لو تشعرون لعلمتم ذلك، ولكنكم تجهلون، فتقولون ما لا تعلمون. وما أنا بطارد المؤمنين. جواب لما أوهم قولهم من استدعاء طردهم، وتوقيف إيمانهم على ذلك، حيث جعلوا اتباعهم المانع عنه. إن أنا إلا نذير مبين لا يليق بي طرد الفقراء لاستتباع الأغنياء. قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين: من المشتومين، أو المضروبين بالحجارة. قال رب إن قومي كذبون.

__________________________

(1) - كمال الدين 1: 215، الباب: 22، ذيل الحديث الطويل: 2، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

__________________________

[ 891 ]

فافتح: فاحكم بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معى من المؤمنين. فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون. قال: (المشحون: المجهز الذي قد فرغ منه، ولم يبق إلا دفعه) (1). ثم أغرقنا بعد الباقين. إن في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز الرحيم. كذبت عاد المرسلين. إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون. إني لكم رسول أمين. فاتقوا الله وأطيعون. وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين. أتبنون بكل ريع قيل: أي بكل مكان مرتفع (2). آية: علما للمارة، أو بناء لا تحتاجون إليه تعبثون ببنائه، لاستغنائكم بالنجوم للاهتداء في أسفاركم، وبمنازلكم للسكنى. وتتخذون مصانع قيل: مأخذ الماء (3) وقيل: قصورا مشيدة وحصونا (4). لعلكم تخلدون فتحكمون بنيانها. ورد: (كل (5) بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما لابد منه) (6). وإذا بطشتم بسوط أو سيف بطشتم جبارين: متسلطين غاشمين (7)، بلا رأفة ولا قصد تأديب ونظر في العاقبة. القمي: يقتلون بالغضب من غير استحقاق (8).

__________________________

(1) - القمي 2: 125، عن أبي جعفر عليه السلام.

(2) - مجمع البيان 7 - 8: 198، البيضاوي 4: 107.

(3 و 4) - المصدرين السابقين، والكشاف 3: 122.

(5) - في المصدر:(إن لكل).

(6) - مجمع البيان 7 - 8: 198، عن النبي صلى الله عليه وآله.

(7) - الغشم: الظلم. القاموس المحيط 4: 158(غشم).

(8) - القمي 2: 123.(*)

[ 892 ]

فاتقوا الله بترك هذه الأشياء وأطيعون فيما أدعوكم إليه. واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون: بما تعرفونه من أنواع النعم. أمدكم بأنعام وبنين. وجنات وعيون. إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم. قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين فإنا لا نرعوي عما نحن عليه. إن هذا الذي جئت به إلا خلق الأولين أي: عادتهم إن ضممت الخاء، أو كذبهم إن فتحتها، أو المعنى إن هذا الذي نحن عليه إلا عادة الأولين، ونحن بهم مقتدون، أو ما خلقنا هذا إلا خلقهم، نحيا ونموت مثلهم، ولا بعث ولا حساب. كذا قيل (1). وما نحن بمعذبين. فكذبوه فأهلكناهم بريح صرصر إن في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز الرحيم. كذبت ثمود المرسلين. إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون. إني لكم رسول أمين. فاتقوا الله وأطيعون. وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين. أتتركون في ما ههنا امنين. إنكار لأن يتركوا كذلك، أو تذكير بالنعمة في تخلية الله إياهم، وأسباب تنعمهم. في جنات وعيون. وزروع ونخل طلعها هضيم: لطيف لين، أو متدل منكسر من كثرة الحمل. وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين: حاذقين، وبحذف الألف: بطرين.

__________________________

(1) - البيضاوي 4: 108، الكشاف 3: 122.(*)

[ 893 ]

فاتقوا الله وأطيعون. ولا تطيعوا أمر المسرفين. الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون. قالوا إنما أنت من المسحرين القمي يقول: أجوف مثل خلق الناس، ولو كنت رسولا ما كنت مثلنا (1). أقول: يعني من ذوى السحر، وهي الرئة، فما بعده تأكيد له. ما أنت إلا بشر مثلنا فأت باية إن كنت من الصادقين. قال هذه ناقة أي: بعدما أخرجه الله من الصخرة بدعائه، كما اقترحوها، على ما سبق ذكره (2). لها شرب: نصيب من الماء ولكم شرب يوم معلوم فاقتصروا على شربكم ولا تزاحموها في شربها. ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم. فعقروها: (أسند العقر إلى كلهم، لأن عاقرها إنما عقر برضاهم، ولذلك أخذوا جميعا). كذا ورد (3). فأصبحوا نادمين على عقرها عند معاينة العذاب. فأخذهم العذاب قال: (فما كان إلا أن خارت (4) أرضهم بالخسفة خوار السكة المحماة (5) في الأرض الخوارة (6) (7). إن في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز الرحيم. كذبت قوم لوط المرسلين. إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون. إني لكم رسول أمين. فاتقوا الله

__________________________

(1) - القمي 2: 125.

(2) - في تفسير بالاية: 79 من سورة الاعراف.

(3) - نهج البلاغة: 319، الخطبة: 201.

(4) - خارت: صوتت كخوار الثور.

(5) - السكة المحماة: حديدة المحراث إذا أحميت في النار فهي أسرع غورا في الأرض.

(6) - الخوارة: السهلة اللينة.

(7) - نهج البلاغة: 319، الخطبة: 201.(*)

[ 894 ]

وأطيعون. وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين. أتأتون الذكران من العالمين. وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون. قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين: من المنفيين من بين أظهرنا. قال إني لعملكم من القالين: من المبغضين غاية البغض. رب نجني وأهلي مما يعملون أي: من شؤمه وعذابه. فنجيناه وأهله أجمعين. إلا عجوزا هي امرأته في الغابرين: مقدرة في الباقين في العذاب. ثم دمرنا الاخرين: أهلكناهم. وأمطرنا عليهم مطرا: حجارة فساء مطر المنذرين. قد مرت قصتهم في الأعراف (1). إن في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز الرحيم. كذب أصحاب ليكة المرسلين الأيكة: غيضة (2) تنبت ناعم الشجر. إذ قال لهم شعيب ألا تتقون (فإنه أرسل إليهم كما أرسل إلى مدين). كذا ورد (3). إني لكم رسول أمين. فاتقوا الله وأطيعون. وما أسألكم عليه

__________________________

(1) - ذيل الاية: 84.

(2) - الغيضة: الأجمة، وهي مغيض ماء يجتمع، فينبت فيه الشجر، والجمع: غياض وأغياض. الصحاح 3: 1097(غيض).

(3) - جوامع الجامع: 332، الكشاف 3: 126، و 127 ذيل الاية: 189.(*)

[ 895 ]

من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين. أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين. وزنوا بالقسطاس المستقيم. ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بالقتل والغارة وقطع الطريق. واتقوا الذي خلقكم والجبلة: ذوي الجبلة الأولين القمي: والخلق الأولين (1). قالوا إنما أنت من المسحرين. وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين. فأسقط علينا كسفا من السماء: قطعة منها إن كنت من الصادقين. قال ربي أعلم بما تعملون. فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة القمي: يوم حر وسمائم (2)، فبلغنا - والله أعلم -: أنه أصابهم حر وهم في بيوتهم، فخرجوا يلتمسون الروح من قبل السحابة التي بعث الله فيها العذاب، فلما غشيتهم أخذتهم الصيحة، فأصبحوا في ديارهم جاثمين (3) وقيل: فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا (4). إنه كان عذاب يوم عظيم. إن في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز الرحيم. وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين: جبرئيل، فإنه أمين الله على وحيه. على قلبك لتكون من المنذرين.

__________________________

(1) - القمي 2: 123.

(2) - المصدر: 124، سطر 1. والسمائم، جمع السموم: الريح الحارة. لسان العرب 6: 373(سمم).

(3) - القمي 2: 125، سطر 18.

(4) - الكشاف 3: 127، البيضاوي 4: 109.(*)

[ 896 ]

بلسان عربي مبين قال: (يبين الألسن ولا تبينه الألسن) (1). وإنه لفي زبر الأولين قيل: أي: معناه، أو ذكره (2). أولم يكن لهم اية على صحته أن يعلمه علماء بني إسرائيل: أن يعرفوه بنعته المذكور في كتبهم. ولو نزلناه على بعض الأعجمين. فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين لفرط عنادهم، واستنكافهم من اتباع العجم. قال: (لو نزلنا القرآن على العجم ما آمنت به العرب، وقد نزل على العرب فآمنت به العجم) (3). كذلك سلكناه: أدخلنا معانيه في قلوب المجرمين ثم لم يؤمنوا به عنادا. لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم. فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون. فيقولوا هل نحن منظرون تحسرا وتأسفا. أفبعذابنا يستعجلون بقولهم: (فأتنا بما تعدنا) (4) وأمثاله، وحالهم عند نزول العذاب طلب النظرة. أفرأيت إن متعناهم سنين. ثم جاءهم ما كانوا يوعدون. ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون: لم يغن عنهم تمتعهم المتطاول في دفع

__________________________

(1) - الكافي 2: 632، الحديث: 20، عن أحدهما عليهما السلام.

(2) - الكشاف 3: 128، البيضاوي 4: 110.

(3) - القمي 2: 124، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه زيادة:(فهذه فضيلة العجم).

(4) - الأعراف(7): 70، هود(11): 32، الأحقاف(46): 22.(*)

[ 897 ]

العذاب وتخفيفه. (نزلت حين أري رسول الله صلى الله عليه وآله في منامه بني أمية يصعدون على منبره من بعده، يضلون الناس عن الصراط القهقري). كذا ورد (1). وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون. ذكرى: تذكرة وما كنا ظالمين فنهلك قبل الأنذار وإلزام الحجة. وما تنزلت به الشياطين كما زعم المشركون أنه من قبيل ما تلقي الشياطين على الكهنة. وما ينبغي لهم: وما يصح لهم أن ينزلوا به وما يستطيعون. إنهم عن السمع لكلام الملائكة لمعزولون: لمصروفون، حيل بينهم وبين السماء بالملائكة والشهب، كما يأتي بيانه في الصافات (2)، وسورة الجن (3). فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين. من قبيل: إياك أعني واسمعي يا جارة (4). وأنذر عشيرتك الأقربين فإن الاهتمام بشأنهم أهم. قال: (وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال) (5). وزيد في قراءة أبي وابن مسعود والصادق عليه السلام: (ورهطك المخلصين). كذا ورد (6). قال: (وهي ثابتة في مصحف ابن مسعود) (7).

__________________________

(1) - الكافي 4: 159، الحديث: 10، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) - ذيل الايات: 8 إلى 11.

(3) - ذيل الاية: 9.

(4) - مرت ترجمته في ذيل الاية 75 من سورة بني إسرائيل.

(5) - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 231، الباب: 23، ذيل الحديث الطويل: 1.

(6) - المصدر، وفي مجمع البيان 7 - 8: 206، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه:(ورهطك منهم المخلصين).

(7) - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 231، الباب: 23، ذيل الحديث الطويل: 1، الأمالي(للصدوق): 423، المجلس: 79، ذيل الحديث: 1، عن علي بن موسى الرضا عليهما السلام.(*)

[ 898 ]

واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين: لين جانبك لهم، مستعار من خفض الطائر جناحه إذا أراد أن ينحط. فإن عصوك فقل إني برئ مما تعملون. وتوكل على العزيز الرحيم الذي يقدر على قهر أعدائه ونصر أوليائه، يكفك شر من يعصيك. الذي يراك حين تقوم قال: (حين تقوم في النبوة) (1). وتقلبك في الساجدين قال: (في أصلاب النبيين) (2). إنه هو السميع العليم. هل أنبئكم على من تنزل الشياطين. تنزل على كل أفاك أثيم: كذاب شديد الأثم. يلقون السمع وأكثرهم كاذبون أي: الأفاكون يلقون السمع إلى الشياطين، فيتلقون منهم ظنونا وأمارات، فيضمون إليها على حسب تخيلاتهم أشياء لا يطابق أكثرها. كذا قيل (3). وورد: (إن الشياطين تزور أئمة الضلال، فتأتيهم بالأفك والكذب، وبعددهم من الملائكة تزور أئمة الهدى كل يوم وليلة) (4) في لفظ هذا معناه. والشعراء يتبعهم الغاوون قال: (هم قوم تعلموا وتفقهوا بغير علم، فضلوا وأضلوا) (5). وفي أخرى: (هم القصاص) (6).

__________________________

(1) - القمي 2: 125، عن أبي جعفر عليه السلام.

(2) - المصدر، عن أبي جعفر عليه السلام، مجمع البيان 7 - 8: 207، عن الباقر والصادق عليهما السلام.

(3) - البيضاوي 4: 111.

(4) - الكافي 1: 253، ذيل الحديث: 9، عن أبي جعفر عليه السلام.

(5) - مجمع البيان 7 - 8: 208، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(6) - الاعتقادات(في شرح باب الحادي عشر): 105، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 899 ]

ألم تر أنهم في كل واد يهيمون القمي: يعني يناظرون بالأباطيل، ويجادلون بالحجج المضلة، وفي كل مذهب يذهبون، يعني بهم المغيرين دين الله (1). وأنهم يقولون ما لا يفعلون القمي: يعظون الناس ولا يتعظون، وينهون عن المنكر ولا ينتهون، ويأمرون بالمعروف ولا يعملون، وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم (2). أقول: إنما سموا بالشعراء، لأن حجج المبطلين من أهل الجدل أكثرها خيالات شعرية لا حقيقة لها، وتمويهات لا طائل تحتها، كأقاويل الشعراء المادحين من لا يستحق، واللئام الممزقين أعراض الأنام، والمموهين الكلام، فكلا الفريقين سيان في (أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون) إلا أن ذكر اتباعهم الغاوين، إنما هو بالنظر إلى من له رياسة في الأضلال من أهل المذاهب الباطلة، فإنكار أحد المعنيين في الحديث يرجع إلى إنكار الحصر فيه. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا. سئل: ما هذا الذكر الكثير ؟ قال: (من سبح تسبيح فاطمة الزهراء، فقد ذكر الله كثيرا) (3). وفي رواية: (من ذكر الله في السر، فقد ذكر الله كثيرا) (4). قيل: هو استثناء للشعراء المؤمنين الصالحين، الذين يكثرون ذكر الله، ويكون أكثر أشعارهم في التوحيد والثناء على الله تعالى، والحث على طاعته، ولو قالوا هجوا، أرادوا به الانتصار ممن هجاهم من الكفار، ومكافاة هجاة المسلمين، كحسان بن ثابت (5)

__________________________

(1 و 2) - القمي 2: 125.

(3) - معاني الأخبار: 193، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت يسير.

(4) - الكافي 2: 105، الحديث: 2، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(5) - حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد: الصحابي، شاعر النبي صلى الله عليه وآله. أدرك الجاهلية =(*)

[ 900 ]

وكعب بن مالك (1) وكعب بن زهير (2). (3) وهذا معنى: (وانتصروا من بعد ما ظلموا). وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون في قراءتهم: (الذين ظلموا آل محمد حقهم) (4).

__________________________

= والأسلام، عاش ستين سنة في الجاهلية، ومثلها في الاسلام. وكان من سكان المدينة. لم يشهد مع النبي مشهدا) لعلة أصابته، وعمي قبيل وفاته، توفى سنة 54 ه‍. الأعلام(للزركلي) 2: 175.

(1) - كعب بن مالك بن عمرو بن القين، الأنصاري السلمي الخزرجي: صحابي، من أكابر الشعراء، من أهل المدينة، اشتهر في الجاهلية، وكان في الاسلام من شعراء النبي صلى الله عليه وآله، وشهد أكثر الوقائع. ثم كان من أصحاب عثمان، وأنجده يوم الثورة وحرض الأنصار على نصرته. ولما قتل عثمان قعد عن نصرة علي فلم يشهد حروبه. وعمي في آخر عمره وعاش سبعا وسبعين سنة. توفى في سنة: 50 ه‍. الأعلام(للزركلي) 5: 228.

(2) - كعب بن زهير بن أبي سلمى المازني، أبو المضرب: شاعر عالي الطبقة، من أهل نجد. له ديوان شعر. كان ممن اشتهر في الجاهلية، ولما ظهر الأسلام هجا النبي صلى الله عليه وآله وأقام يشبب بنساء المسلمين، فهدر النبي دمه، فجاءه(كعب) مستأنسا وقد أسلم، وأنشد لاميته المشهورة، فعفا عنه النبي صلى الله عليه وآله، وخلع عليه بردته. توفى في سنة: 26 ه‍. الأعلام(للزركلي) 5: 226.

(3) - البيضاوي 4: 111.

(4) - جوامع الجامع: 334، عن أبي عبد الله عليه السلام، والقمي 2: 125.(*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21403411

  • التاريخ : 19/04/2024 - 22:21

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net