00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الروم 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 953 ]

سورة الروم [ مكية، وهى ستون آية ] (1)

 بسم الله الرحمن الرحيم * (الم) *. * (غلبت الروم) *. قال: (يعني غلبتها فارس) (2). * (في أدنى الارض) * قيل: أي: أدنى أرض العرب منهم، أو أدنى أرضهم من العرب (3). قال: (وهي الشامات وما حولها) (4). * (وهم) * قال: (يعني وفارس) (5). * (من بعد غلبهم) * الروم * (سيغلبون) *. * (في بضع سنين) * قال: (يعني يغلبهم المسلمون) (6). أقول: وهو ما وقع في زمن عمر، وهذا على قراءة (سيغلبون) بضم الباء. وعلى قراءة الفتح، قيل ظهرت الروم على فارس يوم الحديبية (7).

__________________________

(1) - مابين المعقوفتين من(ب).

(2) - الكافي 8: 269، الحديث: 397، عن أبى جعفر عليه السلام.

(3) - الكشاف 3: 213، البيضاوى 4: 142.

(4 و 5 و 6) - الكافي 8: 269، الحديث: 397، عن أبى جعفر عليه السلام.

(7) - الكشاف 3: 214، البيضاوى 4: 143.(*)

[ 954 ]

* (لله الامر من قبل ومن بعد) * قال: (له الامر من قبل أن يأمر به، وله الامر من بعد أن يأمر به، يقضي بما يشاء) (1). * (ويومئذ يفرح المؤمنون) *. * (بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم) *. قال: (إن لها تأويلا لا يعلمه إلا الراسخون في العلم من آل محمد صلى الله عليه وآله. إن رسول الله لما هاجر إلى المدينة وأظهر الاسلام، كتب إلى ملك الروم كتابا وبعث به مع رسول يدعوه إلى الاسلام، وكتب إلى ملك فارس كتابا يدعوه إلى الاسلام وبعثه إليه مع رسوله. فأما ملك الروم فعظم كتاب رسول الله وأكرم رسوله، وأما ملك فارس فإنه استخف بكتاب رسول الله ومزقه واستخف برسوله. وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم، وكان المسلمون يهوون أن يغلب ملك الروم ملك فارس، وكانوا لناحيته أرجى منهم لملك فارس، فلما غلب ملك فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون واغتموا به، فأنزل الله عزوجل بذلك كتابا، ثم فسر الاية كما ذكر أولا. قال: فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها، فرح المسلمون بنصر الله عزوجل. قيل: أليس الله يقول (في بضع سنين) وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وفي إمارة أبي بكر، وإنما غلب المسلمون فارس في إمارة عمر، فقال: ألم أقل لك: إن لهذا تأويلا وتفسيرا والقرآن ناسخ ومنسوخ، أما تسمع لقول الله: (لله الامر من قبل ومن بعد) يعني إليه المشية في القول، أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر في القول إلى يوم تحتم (2) القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين، وذلك قوله عزوجل: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) أي: يوم تحتم القضاء بالنصر) (3). وفي رواية: (إن بني أمية ليسوا من قريش وإن أصلهم من الروم، وفيهم تأويل هذه الاية، يعني إنهم غلبوا على الملك وسيغلبهم على ذلك بنو العباس) (4).

__________________________

(1) - الخرائج والجرائح 2: 686، الحديث: 8، عن حسن على العسكري عليهما السلام.

(2) - في المصدر و(ألف):(يحتم القضاء) في الموضعين.

(3) - الكافي 8: 269، الحديث: 397، عن أبى جعفر عليه السلام، مع تفاوت يسير في ابتداء الحديث.

(4) - الاستغاثة(لابي القاسم الكوفى): 74، قال: لقد روينا من طرق علماء أهل البيت عليهم السلام.(*)

[ 955 ]

أقول: وهذا على قراءة (غلبت) بالفتح، و (سيغلبون) بالضم، كما وردت في الشواذ (1). * (وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون) *. * (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) * قال: (منه الزجر (2) والنجوم) (3). * (وهم عن الاخرة هم غافلون) *. القمي: يرون حاضر الدنيا ويتغافلون عن الاخرة (4). * (أو لم يتفكروا في أنفسهم) * فإنها أقرب إليهم من غيرها، ومرآة يجتلي للمستبصر ما يجتلي له في سائر المخلوقات، ليتحقق لهم قدرة مبدعها على إعادتها قدرته على إبدائها. * (ما خلق الله السموات والارض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى) * تنتهى عنده ولا تبقى بعده * (وان كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون) *: جاحدون، يحسبون أن الدنيا أبدية وأن الاخرة لا تكون. * (أو لم يسيروا في الارض) * قال: (أو لم ينظروا في القرآن) (5). * (فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة) * كعاد وثمود * (وأثاروا الارض) *: وقلبوا وجهها لاستنباط المياه، واستخراج المعادن، وزرع البذور وغيرها * (وعمروها) *: وعمروا الارض * (أكثر مما عمروها) *: من عمارة أهل مكة إياها، فإنهم أهل واد غير ذي زرع لا تبسط لهم في غيرها. وفيه تهكم بهم، من حيث أنهم مغترون بالدنيا مفتخرون بها، وهم أضعف حالا فيها. * (وجاءتهم رسلهم بالبينات) *: بالايات الواضحات * (فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) *.

__________________________

(1) - البيضاوي 4: 143، الكشاف 3: 214.

(2) - الزجر: التيمن والتشاؤم بالطير والتفاؤل بطيرانها، وهو نوع من الكهانة والعيافة، قيل: إنما سمي الكاهن زاجرا، لانه إذا رأى ما يظن أنه يتشاءم به زجر بالنهي عن المضي في تلك الحاجة برفع صوت وشدة.

(3) - مجمع البيان 7 - 8: 295، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(4) - القمي 2: 153.

(5) - الخصال 2: 396، الحديث: 102، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 956 ]

* (ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى) *. هي تأنيث (أسوأ) (1) أو مصدر. * (أن كذبوا بآيات الله) * علة أو بدل أو خبر كان. * (وكانوا بها يستهزءون) *. * (الله يبدأ الخلق ثم يعيده) *: ينشئهم ثم يبعثهم * (ثم إليه ترجعون) * للجزاء. * (ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون) * يسكتون (2) متحيرين آيسين. * (ولم يكن لهم من شركائهم) * ممن أشركوهم بالله * (شفعاؤا) * يجيرونهم من عذاب الله * (وكانوا بشركائهم كافرين) *. * (ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون) * القمي: إلى الجنة والنار (3). * (فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون) * القمي: أي: يكرمون (4)، وأصله: السرور. * (وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الاخرة فأولئك في العذاب محضرون) *. * (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون) *. * (وله الحمد في السموات والارض وعشيا وحين تظهرون) * قيل: إخبار في معنى الامر بتنزيه الله تعالى والثناء عليه، في هذه الاوقات التي تظهر فيها قدرته، وتتجدد فيها نعمته. والاية جامعة للصلوات الخمس، تمسون صلاة المغرب والعشاء، وتصبحون صلاة الفجر، وعشيا صلاة العصر، وتظهرون صلاة الظهر (5). * (يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى) * قال: (يخرج المؤمن من الكافر، ويخرج الكافر من المؤمن) (6). * (ويحي الارض بعد موتها) * قال: (ليس يحييها

__________________________

(1) - كما أن الحسنى تأنيث الاحسن.

(2) - في(ب):(يسكنون). وفى الكشاف 3: 216:(الابلاس، أي: يبقى بائسا ساكنا متحيرا. وقرى(يبلس) بفتح اللام - من أبلسه إذا أسكته).

(3 و 4) - القمى 2: 153.

(5) - البيضاوى 4: 144.

(6) - مجمع البيان 1 - 2: 428، ذيل الاية: 27 من سورة الانعام، عن الباقر والصادق عليهما السلام. وفى الكافي 2: 5،(*)

[ 957 ]

بالقطر، ولكن يبعث الله رجالا فيحيون العدل، فتحيا الارض لاحياء العدل، ولاقامة حد فيه أنفع في الارض من القطر أربعين صباحا) (1). * (وكذلك تخرجون) * من قبوركم. * (ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون) *. * (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها) *: لتألفوا بها * (وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لايات لقوم يتفكرون) *. * (ومن آياته خلق السموات والارض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لايات للعالمين. ورد: (الامام إذا أبصر الرجل (2) عرفه وعرف لونه، وإن سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو، إن الله يقول: (ومن آياته) إلى قوله (للعالمين) قال: وهم العلماء، فليس يسمع شيئا من الامر ينطق به إلا عرفه ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم) (3). * (ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله) *: منامكم في الزمانين لاستراحة البدن وطلب معايشكم فيهما، أو منامكم بالليل وابتغاؤكم بالنهار، فلف وضم بين الزمانين والفعلين بعاطفين، إشعارا بأن كلا من الزمانين وإن اختص بأحدهما فهو صالح للاخر عند الحاجة، ويؤيده سائر الايات الواردة فيه (4). * (إن في ذلك لايات لقوم يسمعون) * سماع تفهم واستبصار. * (ومن آياته يريكم البرق خوفا) * من الصاعقة وللمسافر * (وطمعا) * في الغيث وللمقيم * (وينزل من السماء ماء فيحيى به الارض بعد موتها ان في ذلك لايات لقوم

__________________________

الحديث: 7، عن أبى عبد الله عليه السلام، ما يقرب منه.

(1) - الكافي 7: 174، الحديث: 2، عن الكاظم عليه السلام، مع تفاوت يسير.

(2) - في المصدر:(الامام إذا أبصر إلى الرجل).

(3) - الكافي 1: 439، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(4) - القصص(28): 73.(*)

[ 958 ]

يعقلون) *. * (ومن آياته أن تقوم السماء والارض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الارض إذا أنتم تخرجون) *: ثم خروجكم من القبور بغتة إذا دعاكم من الارض دعوة واحدة بلا توقف. * (وله من في السموات والارض كل له قانتون) *: منقادون لفعله فيهم، لا يمتنعون عليه. * (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه) * بالاضافة إلى قدركم، والقياس على أصولكم، وإلا فهما عليه سواء * (وله المثل الاعلى) *: الوصف العجيب، الشأن الذي ليس لغيره ما يساويه أو يدانيه. قال: (الذي لا يشبهه شئ ولا يوصف ولا يتوهم، فذلك المثل الاعلى) (1). * (في السموات والارض وهو العزيز الحكيم) *. * (ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم) * من الاموال وغيرها * (فأنتم فيه سواء) *: فتكونون (2) أنتم وهم فيه سواء، يتصرفون فيه كتصرفكم مع أنهم بشر مثلكم، وأنها معادة لكم * (تخافونهم) * أن تستبدوا (3) بتصرف فيه * (كخيفتكم أنفسكم) *: كما يخاف الاحرار بعضهم من بعض * (كذلك نفصل الايات) *: نبينها، فإن التمثيل مما يكشف المعاني ويوضحها * (لقوم يعقلون) *: يستعملون عقولهم في تدبر الامثال. القمي في سبب نزولها ما ملخصه: إن إبليس جاء قريشا في صورة شيخ وقال لهم: هكذا تلبية أسلافكم إذا حجوا: لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك إلا شريك هو لك، تملكه ولا يملكك. فرضوا بذلك، وكانوا يلبون بها، فلما بعث الله رسوله أنكر ذلك عليهم وقال: هذا

__________________________

(1) - التوحيد: 324، الباب: 50، الحديث: 1، عن أبى عبد الله عليه السلام.

(2) - في(ألف):(فتكون).

(3) - في(ألف):(أن يستبدوا).(*)

[ 959 ]

شرك، فنزلت (1). * (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين) *. * (فأقم وجهك للدين حنيفا) *. قال: (أمره أن يقيم وجهه للقبلة (2)، ليس فيه شئ من عبادة الاوثان) (3). وفي رواية قال: (يقيم للصلاة لا يلتفت يمينا ولا شمالا) (4). * (فطرة الله التي فطر الناس عليها) * قال: (هي الاسلام، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد، قال (ألست بربكم) (5)، وفيهم (6) المؤمن والكافر) (7). وفي رواية قال: (هو لا إله إلا الله ومحمد رسول الله وعلي ولي الله إلى هاهنا التوحيد) (8). وفى أخرى: (لا يعرفون ايمانا بشريعة ولا كفرا بجحود) (9). وفى أخرى: (فطرهم على المعرفة به) (10). وفى لفظ آخر: (فطرهم على التوحيد عند الميثاق على معرفة أنه ربهم. قال: لولا ذلك. لم يعلموا من ربهم، ولا من رازقهم) (11).

__________________________

(1) - القمي 2: 154، مع تفاوت يسير.

(2) - في المصدر زيادة:(خالصا مخلصا).

(3) - التهذيب 2: 43، ذيل الحديث: 133، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(4) - القمي 2: 155، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه:(قم للصلاة، لا تلتفت يمينا ولا شمالا).

(5) - الاعراف(7): 172.

(6) - في المصدر:(فيه).

(7) - الكافي 2: 12، الحديث: 2، التوحيد: 329، الباب: 53، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(8) - القمى 2: 155، عن على بن موسى الرضا عليهما السلام.

(9) - الكافي 2: 417، ذيل الحديث: 1، عن أبى عبد الله عليه السلام.

(10) - المصدر: 13، ذيل الحديث: 3، التوحيد: 330، الباب: 53، الحديث: 9، عن أبى جعفر عليه السلام.

(11) - التوحيد: 330، الباب: 53، الحديث: 8، عن أبى جعفر عليه السلام.(*)

[ 960 ]

* (لا تبديل لخلق الله) *: لا يقدر أحد أن يغيره * (ذلك الدين القيم) *: المستوي الذي لا عوج له * (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) *. * (منيبين إليه) *: راجعين إليه مرة بعد أخرى، متعلق ب‍ (أقم)، وأتي بالجمع لدخول الامة في الخطاب معنى. * (واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين) *. * (من الذين فرقوا دينهم) *: اختلفوا فيه على اختلاف أهوائهم * (وكانوا شيعا) *: فرقا، تشايع كل إمامها الذي أضل دينها * (كل حزب بما لديهم فرحون) *: مسرورون، ظنا بأنه الحق. * (وإذا مس الناس ضر) *: شدة * (دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة) *: خلاصا من تلك الشدة * (إذا فريق منهم بربهم يشركون) *. * (ليكفروا بما آتيناهم) *. اللام فيه للعاقبة. * (فتمتعوا فسوف تعلمون) *. * (أم أنزلنا عليهم سلطانا) *: حجة أو ذا سلطان، أي: من معه برهان * (فهو يتكلم بما كانوا به يشركون) *. * (وإذا أذقنا الناس رحمة) *: نعمة من صحة وسعة * (فرحوا بها) *: بطروا بسببها * (وإن تصبهم سيئة) *: شدة * (بما قدمت أيديهم) *: بشؤم معاصيهم * (إذا هم يقنطون) * من رحمته. * (أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) * فما لهم لم يشكروا ولم يحتسبوا في السراء والضراء * (إن في ذلك لايات لقوم يؤمنون) * يستدلون بها على كمال القدرة والحكمة. * (فلت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون) *.

[ 961 ]

قال: (لما نزلت هذه الاية على النبي صلى الله عليه وآله، أعطى فاطمة فدكا وسلمه إليها) (1). وقد سبق في بني إسرائيل فيه كلام (2). * (وما آتيتم من ربا) *: هدية يتوقع بها مزيد مكافاة * (ليربوا في أموال الناس) *: ليزيد ويزكو في أموالهم، يعني ينمو فيها ثم يرجع إليه * (فلا يربوا عند الله) *: فلا يزكو عنده، يعني لا يثاب عليه من عند الله. قال: (هو أن يعطي الرجل العطية أو يهدي الهدية ليثاب أكثر منها، فليس فيه أجر ولا وزر) (3). وفي رواية: (الربا ربوان: أحدهما حلال، والاخر حرام. فأما الحلال: فهو أن يقرض الرجل أخاه قرضا، طمعا أن يزيده ويعوضه بأكثر مما يأخذه بلا شرط بينهما، فإن أعطاه أكثر مما أخذه على غير شرط بينهما فهو مباح له، وليس له عند الله ثواب فيما أقرضه، وهو قوله: (فلا يربوا عند الله). وأما الحرام: فالرجل يقرض قرضا ويشترط أن يرد أكثر مما أخذه، فهذا هو الحرام) (4). * (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون) *: ذوو الاضعاف، من الثواب في الاجل، والمال في العاجل. ورد: (الزكاة زيادة في الرزق) (5). والقمي: أي: ما بررتم به إخوانكم وأقرضتموهم، لا طمعا في زيادة (6). ورد: (على باب الجنة مكتوب: القرض بثمانية عشر والصدقة بعشرة) (7).

__________________________

(1) - مجمع البيان 7 - 8: 306، عن الباقر والصادق عليهما السلام.

(2) - ذيل الاية: 26 من سورة بنى اسرائيل.

(3) - مجمع البيان 7 - 8: 306، عن أبى جعفر عليه السلام.

(4) - القمى 2: 159، عن أبى عبد الله عليه السلام.

(5) - من لا يحضره الفقيه 3: 327، الحديث: 1754، من خطبة فاطمة عليهما السلام.

(6) - القمى 2: 159.

(7) - القمى 2: 159، عن أبى عبد الله عليه السلام.(*)

[ 962 ]

* (الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شئ سبحانه وتعالى عما يشركون) *. * (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) *. قال: (حياة دواب البحر بالمطر، فإذا كف المطر ظهر الفساد في البر والبحر، وذلك إذا كثرت الذنوب والمعاصي) (1). وفي رواية: (ذاك (2) والله حين قالت الانصار: منا أمير ومنكم أمير) (3). * (ليذيقهم بعض الذي عملوا) *: بعض جزائه، فإن تمامه في الاخرة * (لعلهم يرجعون) * عما هم عليه. * (قل سيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين) * أي: كان سوء عاقبتهم، لفشو الشرك فيهم. قال: (عنى بذلك، أي: انظروا في القرآن فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم، وما أخبركم عنه) (4). * (فأقم وجهك للدين القيم) *: البليغ الاستقامة * (من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون) *: يتصدعون، أي: يتفرقون، فريق في الجنة، وفريق في السعير * (من كفر فعليه كفره) * أي: وباله، وهو النار المؤبدة * (ومن عمل صالحا فلانفسهم يمهدون) *: يسوون منازلهم في الجنة. قال: (إن العمل الصالح ليسيق (5) صاحبه إلى الجنة، فيمهد له كما يمهد لاحدكم خادمه فراشه) (6). * (ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله انه لا يحب الكافرين) *.

__________________________

(1) - القمي 2: 160، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) - في(ألف):(ذلك).

(3) - الكافي 8: 58، الحديث: 19، عن أبي جعفر عليه السلام، وفي القمي 2: 160، عنه عليه السلام، مع تفاوت.

(4) - الكافي 8: 249، ذيل الحديث: 349، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(5) - في(ج) والمصدر:(ليسبق).

(6) - مجمع البيان 7 - 8: 307، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 963 ]

اكتفى عن ذكر جزائهم بالفحوى. * (ومن آياته أن يرسل الرياح) *: رياح الرحمة * (مبشرات) * بالمطر * (وليذيقكم من رحمته) * المنافع التابعة لها * (ولتجرى الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله) * يعني تجارة البحر * (ولعلكم تشكرون) *. * (ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا) * بالتدمير * (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) *. فيه إشعار بأن الانتقام لهم وإظهار لكرامتهم، حيث جعلهم مستحقين على الله أن ينصرهم. ورد: (ما من امرئ مسلم (1) يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة، ثم قرأ: (وكان حقا)، الاية) (2). * (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا) * أي: ترفعه * (فيبسطه في السماء كيف يشاء) * سائرا وواقفا، مطبقا وغير مطبق من جانب دون جانب إلى غير ذلك * (ويجعله كسفا) * قيل: أي قطعا، يعني يبسطه تارة متصلا وأخرى قطعا (3). والقمي: قال: بعضه على بعض (4). * (فترى الودق) *: المطر * (يخرج من خلاله) * قال: (من خلله) (5). * (فإذا أصاب به من يشاء من عباده) * يعني بلادهم وأراضيهم * (إذا هم يستبشرون) * بمجئ الخصب (6) * (وإن كانوا) *: وإنه كانوا. * (من قبل أن ينزل عليهم من قبله) * كرره للتأكيد. * (لمبلسين) *: لايسين. * (فانظر الى آثار رحمة الله) *: آثار الغيث، من النبات والاشجار وأنواع الثمار

__________________________

(1) - في(ألف):(ما من مؤمن).

(2) - مجمع البيان 7 - 8: 309، عن النبي صلى الله عليه وآله.

(3) - الكشاف 3: 226، البيضاوي 4: 148.

(4) - القمي 2: 160.

(5) - مجمع البيان 7 - 8: 308، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(6) - الخصب: كثرة العشب ورفاغة العيش. القاموس المحيط 1: 64(خصب).(*)

[ 964 ]

* (كيف يحي الارض بعد موتها إن ذلك) * يعني الذي قدر على إحياء الارض بعد موتها * (لمحي الموتى) *: لمحييهم لا محالة * (وهو على كل شئ قدير) *. * (ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا) * أي: الاثر والزرع، أو السحاب فإنه إذا كان مصفرا لم يمطر * (لظلوا من بعده يكفرون) *. قيل: هذه الايات ناعية على الكفار بقلة تثبتهم، وعدم تدبرهم، وسرعة تزلزلهم، لعدم تفكرهم وسوء رأيهم، فإن النظر السوي يقتضي أن يتوكلوا على الله، ويلتجئوا إليه بالاستغفار إذا احتبس القطر عنهم ولم ييأسوا من رحمته، وأن يبادروا إلى الشكر والاستدامة بالطاعة إذا أصابهم برحمته ولم يفرطوا في الاستبشار، وأن يصبروا على بلائه إذا ضرب زروعهم بالاصفرار، ولم يكفروا نعمه (1). * (فإنك لا تسمع الموتى) * وهم مثلهم، لما سدوا عن الحق مشاعرهم * (ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين) * فإن الاصم المقبل وإن لم يسمع الكلام تفطن منه بواسطة الحركات شيئا. * (وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا) * لانه الذي يتلقى اللفظ ويتدبر المعنى * (فهم مسلمون) * لما تأمرهم به. * (الله الذي خلقكم من ضعف) *: ابتدأكم ضعفاء، أو خلقكم من أصل ضعيف، وهو النطفة * (ثم جعل من بعد ضعف قوة) * وهو بلوغكم الاشد * (ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء) * من ضعف وقوة وشيبة وشبيبة * (وهو العليم القدير) *. * (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا) * في الدنيا أو القبور * (غير ساعة) *. استقلوا مدة لبثهم. * (كذلك) *: مثل ذلك الصرف عن الصدق * (كانوا يؤفكون) *: يصرفون في الدنيا. * (وقال الذين أوتوا العلم والايمان) * (يعني الائمة). كذا ورد (2). * (لقد لبثتم في

__________________________

(1) - البيضاوى 4: 149.

(2) - الكافي 1: 200، ذيل الحديث: 1، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 218، الباب: 20، ذيل الحديث: 1، عن على(*)

[ 965 ]

كتاب الله) * قيل: في علمه وقضائه، وما أوجبه لكم وكتبه (1). * (إلى يوم البعث) * القمي: هذه الاية مقدمة ومؤخرة، وإنما هي: وقال الذين أوتوا العلم والايمان في كتاب الله لقد لبثتم إلى يوم البعث (2). * (فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون) *. * (فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون) *: لا يدعون إلى ما يقتضي إعتابهم، أي: إزالة عتبهم والرضا عنهم، من التوبة والطاعة، كما دعوا إليه في الدنيا. * (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا) * من فرط عنادهم وقسوة قلوبهم * (إن أنتم) * يعنون الرسول والمؤمنين * (إلا مبطلون) *: مزورون. * (كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون) *. * (فاصبر) * على أذاهم * (إن وعد الله) * بنصرتك، وإظهار دينك على الدين كله * (حق) * لابد من إنجازه * (ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) *: ولا يحملنك على الخفة والقلق بتكذيبهم وإيذائهم، فإنهم شاكون ضالون، لا يستبدع منهم ذلك. والقمي: أي: لا يغضبنك (3).

__________________________

بن موسى الرضا عليهما السلام، بالمضمون.

(1) - الكشاف 3: 227، البيضاوي 4: 149.

(2) - القمي 2: 160.

(3) - القمي 2: 160.(*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21335923

  • التاريخ : 28/03/2024 - 18:59

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net