00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة السجدة 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 1109 ]

سورة السجدة (1) [ مكية، وهي أربع وخمسون آية ] (2)

 بسم الله الرحمن الرحيم (حم). (تنزيل من الرحمن الرحيم). (كتاب فصلت اياته): بين حلالها وحرامها، وأحكامها وسننها، (قرانا عربيا لقوم يعلمون). (بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم) عن تدبره وقبوله (فهم لا يسمعون) سماع تأمل وطاعة. (وقالوا قلوبنا في أكنة): في أغطية (مما تدعونا إليه وفي اذاننا وقر): صمم (ومن بيننا وبينك حجاب) يمنعنا عن التفهم منك، والتواصل. تمثيلات لنبو (3) قلوبهم عن الموافقة (فاعمل) على دينك (إننا عاملون) على ديننا. (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد): لست ملكا ولا جنيا لا

__________________________

(1) - في(ب):(سورة فصلت).

(2) - ما بين المعقوفتين من(ب).

(3) - نبا الشئ: تجافى وتباعد. الصحاح 6: 2500(نبا).(*)

[ 1110 ]

يمكنكم التلقي منه، ولا أدعوكم إلى ما تنبو عنه العقول والأسماع، وإنما أدعوكم إلى التوحيد والاستقامة في العمل (فاستقيموا) في أفعالكم، متوجهين (إليه واستغفروه) مما أنتم عليه (وويل للمشركين). الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالاخرة هم كافرون). قال: (أترى أن الله عزوجل طلب من المشركين زكاة أموالهم وهم يشركون به، حيث يقول:) وويل للمشركين (الاية ؟ قيل: ففسره لي. فقال: ويل للمشركين الذين أشركوا بالإمام الأول، وهم بالائمة الاخرين كافرون. إنما دعا الله العباد إلى الإيمان به، فإذا آمنوا بالله وبرسوله افترض عليهم الفرائض) (1). (إن الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون): غير مقطوع، أولا يمن به عليهم. (قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين) القمي: أي وقتين: ابتداء الخلق وانقضائه (2). أقول: وفي هذا سر لا يدركه إلا من له صفاء ذهن ونقاء سريرة. (وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين). (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها): وأكثر خيرها. القمي: أي: لا تزول وتبقى (3). (وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء). القمي: يعني في أربعة أوقات، وهي التي يخرج الله عزوجل فيها أقوات العالم، من الناس والبهائم والطير وحشرات الأرض، وما في البر والبحر من الخلق، من الثمار والنبات والشجر، وما يكون فيه معاش الحيوان كله، وهو الربيع والصيف والخريف والشتاء، ففي الشتاء يرسل الله الرياح والأمطار والأنداء (4) والطلول من السماء، فتلقح الأرض والشجر،

__________________________

(1) - القمي 2: 262، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) و(3) - المصدر.

(4) - جمع الندي: المطر والبلل وما يسقط آخر الليل. مجمع البحرين 1: 412(ندا).(*)

[ 1111 ]

وهو وقت بارد، ثم يجئ بعده الربيع، وهو وقت معتدل، حار وبارد، فيخرج من الشجر ثماره، ومن الأرض نباتها، فيكون أخضر ضعيفا، ثم يجئ وقت الصيف، وهو حار، فينضج الثمار ويصلب الحبوب التي هي أقوات العالم وجميع الحيوان. ثم يجئ من بعده وقت الخريف، فيطيبه ويبرده. ولو كان الوقت كله شيئا واحدا لم يخرج النبات من الأرض. لأنه لو كان الوقت كله ربيعا، لم ينضج الثمار ولم يبلغ الحبوب. ولو كان الوقت كله صيفا، لاحترق كل شئ في الأرض، ولم يكن للحيوان معاش ولا قوت. ولو كان الوقت كله خريفا ولم يتقدمه شئ من هذه الأوقات، لم يكن شئ يتقوت به العالم. فجعل الله هذه الأقوات في أربعة أوقات: في الشتاء والربيع والصيف والخريف، وقام به العالم واستوى وبقي، وسمى الله هذه الأوقات أياما (1). (للسائلين) القمي: يعني المحتاجين، لأن كل محتاج سائل، وفي العالم من خلق الله من لا يسأل ولا يقدر عليه من الحيوان كثير، فهم سائلون وإن لم يسألوا (2). (ثم استوى إلى السماء): قصد نحو خلقها وتدبيرها، و (ثم) لتفاوت ما بين الخلقين لا للتراخي في المدة، إذ لا مدة قبل خلق السماء. (وهى دخان): أمر ظلماني (فقال لها وللاءرض ائتيا طوعا أو كرها): شئتما ذلك أو أبيتما (قالتا أتينا طائعين): منقادين بالذات. تمثيل لتأثير قدرته فيهما وتأثرهما بالذات عنها بأمر المطاع، وإجابة المطيع الطائع، كقوله:) كن فيكون (3)، أو هو نوع من الكلام باطنا من دون حرف ولا صوت. سئل: عمن كلم الله لا من الجن ولا من الإنس ؟، فقال: (السماوات والأرض في قوله:

__________________________

(1) - القمي 2: 262.

(2) - المصدر: 263.

(3) - البقرة(2): 117، آل عمران(3): 47 و 59، الأنعام(6): 73، النحل(16): 40، مريم(19): 35، يس(36): 82، المؤمن(40): 68.(*)

[ 1112 ]

) ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين () (1). (فقضاهن سبع سموات): فخلقهن خلقا إبداعيا (في يومين) القمي: في وقتين: إبداءا وانقضاء (2). (وأوحى في كل سماء أمرها): شأنها وما يتأتى منها، بأن حملها عليه اختيارا أو طبعا. القمي: هذا وحي تقدير وتدبير (3). (وزينا السماء الدنيا بمصابيح): بالنجوم (وحفظا) من الشيطان المسترق وسائر الافات. ورد: (النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء. وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض) (4).، عن رسول الله صلى الله عليه وآله. (ذلك تقدير العزيز العليم): البالغ في القدرة والعلم. (فإن أعرضوا) عن الإيمان بعد هذا البيان. القمي: وهم قريش، وهو معطوف على قوله:) فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون (5) (فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود). (إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم): من تقدمهم (ومن خلفهم): من أرسل إليهم (6)، أو من جميع جوانبهم، واجتهدوا بهم من كل جهة، أو بالإنذار بما جرى على الكفار في الدنيا، وبالتحذير عما أعد لهم في الاخرة. (ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا) إرسال الرسل (لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون). (فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة): اغتروا

__________________________

(1) - القمي 2: 263، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

(2) و(3) - القمي 2: 263.

(4) - كمال الدين 1: 205، الباب: 21، الحديث: 19، عن أمير المؤمنين عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله.

(5) - القمي 2: 263.

(6) - أي: الرسل الذين جاؤوا آباءهم والرسل الذين جاؤوهم في أنفسهم، لأنهم كانوا خلف من جاء آباءهم من الرسل، فيكون الهاء والميم في(من خلفهم) للرسل. مجمع البيان 9 - 10: 7.(*)

[ 1113 ]

بقوتهم. قيل: كان من قوتهم أن الرجل منهم ينزع الصخرة فيقلعها بيده (1). (أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة): قدرة (وكانوا باياتنا يجحدون): يعرفون أنها حق وينكرونها. (فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا). قال: (الصرصر: البارد) (2). (في أيام نحسات) قال: (مياشيم) (3). (لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الاخرة أخزى وهم لا ينصرون). (وأما ثمود فهديناهم) قال: (عرفناهم) (4) وجوب الطاعات وتحريم المعاصي. (فاستحبوا العمى على الهدى) قال: (وهم يعرفون) (5).. (فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون) (ونجينا الذين امنوا وكانوا يتقون). (ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون) قال: (يحبس أو لهم على آخرهم) (6). (حتى إذا ما جاءوها): إذا حضروها. و (ما) مزيدة لتأكيد اتصال الشهادة بالحضور. (شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون) بإنطاق الله إياها. (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون). القمي: نزلت في قوم تعرض عليهم أعمالهم فينكرونها، فيقولون: ما عملنا شيئا منها. فتشهد عليهم الملائكة الذين كتبوا عليهم أعمالهم. قال الصادق عليه السلام: (فيقولون لله: يا رب

__________________________

(1) - البيضاوي 5: 46.

(2) و(3) - القمي 2: 263، عن أبي جعفر عليه السلام. إ(4) و(5) - التوحيد: 411، الباب: 64، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(6) - القمي 2: 129، ذيل الاية: 17 من سورة النمل، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 1114 ]

هؤلاء ملائكتك يشهدون لك. ثم يحلفون بالله ما فعلوا من ذلك شيئا. وهو قول الله عزوجل:) يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم (1). وهم الذين غصبوا أمير المؤمنين عليه السلام. فعند ذلك يختم الله على ألسنتهم وينطق جوارحهم، فيشهد السمع بما سمع ما حرم الله، ويشهد البصر بما نظر به إلى ما حرم الله، وتشهد اليدان بما أخذتا، وتشهد الرجلان بما سعتا في ما حرم الله، ويشهد الفرج بما ارتكب مما حرم الله. ثم أنطق الله ألسنتهم، فيقولون هم لجلودهم:) لم شهدتم علينا (؟) (2). (وما كنتم تستترون) قال: (أي: من الله) (3). (أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم). قال: (يعني بالجلود الفروج والأفخاذ) (4). (ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون) فلذلك اجترأتم على ما فعلتم. (وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرديكم فأصبحتم من الخاسرين) إذ صار ما منحوا للاستسعاد به في الدارين سببا لشقاء النشأتين. ورد: (ليس من عبد يظن بالله عزوجل خيرا إلا كان عند ظنه به، وذلك قوله عزوجل:) وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرديكم فأصبحتم من الخاسرين () (5). (فإن يصبروا فالنار مثوى لهم) لا خلاص لهم عنها (وإن يستعتبوا): يسألوا العتبى، وهي الرجوع إلى ما يحبون (فما هم من المعتبين أي: لايجابوا إلى ذلك. (وقيضنا): وقدرنا (لهم قرناء) من شياطين الجن والأنس (فزينوا لهم ما بين أيديهم) من أمر الدنيا واتباع الشهوات (وما خلفهم) من أمر الاخرة وإنكاره (وحق

__________________________

(1) - المجادلة(58): 18.

(2) - القمي 2: 264.

(3) - المصدر، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(4) - الكافي 2: 36، ذيل الحديث الطويل: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(5) - القمي 2: 265، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله.(*)

[ 1115 ]

عليهم القول) أي: كلمة العذاب (في أمم): في جملة أمم (قد خلت من قبلهم من الجن والإنس) وقد عملوا مثل أعمالهم (إنهم كانوا خاسرين). (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القران والغوا فيه): وعارضوه بالخرافات. القمي: وصيروه سخرية ولغوا (1). (لعلكم تغلبون): تغلبونه على قراءته. (فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون): سيئات أعمالهم. (ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا باياتنا يجحدون). (وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس): شيطاني النوعين الحاملين على الضلالة والعصيان. قال: (يعنون إبليس الأبالسة وقابيل بن آدم، أول من أبدع المعصية) (2). وفي رواية (6) - القمي 2: 265. (7) - مجمع البيان 9 - 10: 12، عن أمير المؤمنين عليه السلام. (*) قال: (هما، ثم قال: وكان فلان شيطانا) (3). أقول: لعل ذلك (لأن ولد الزنا يخلق من مائي الزاني والشيطان معا). كما ورد (4). وفي أخرى: (من الجن: إبليس الذي رد عليه قتل رسول الله صلى الله عليه وآله في دار الندوة، وأضل الناس بالمعاصي، وجاء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر فبايعه، ومن الإنس: فلان) (5). (نجعلهما تحت أقدامنا): ندسهما انتقاما منهما (ليكونا من الأسفلين) ذلا ومكانا.

__________________________

(1) - القمي 2: 265.

(2) - مجمع البيان 9 - 10: 12، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(3) - الكافي 8: 334، الحديث: 523، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(4) - العياشي 2: 299، الحديث: 104، عن أبي جعفر عليه السلام، وص 300، الحديث: 108، عن أحدهما عليهما السلام.

(5) - القمي 2: 265، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 1116 ]

(إن الذين قالوا ربنا الله) اعترافا بربوبيته، وإقرارا بوحدانيته (ثم استقاموا) على مقتضاه. قال (على الائمة واحدا بعد واحد) (1). وفي رواية: (هي والله ما أنتم عليه) (2). وفي نهج البلاغة: (وإني متكلم بعدة الله وحجته، قال الله تعالى:) إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا (الاية، وقد قلتم:) ربنا الله (، فاستقيموا على كتابه، وعلى منهاج أمره، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته، ثم لا تمرقوا منها، ولا تبتدعوا فيها، ولا تخالفوا عنها، فإن أهل المروق منقطع بهم عند الله يوم القيامة) (3). (تتنزل عليهم الملائكة) قال: (عند الموت) (4). (ألا تخافوا) ما تقدمون عليه (ولا تحزنوا) على ما خلفتم (وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون). قال: (فما أمامكم من الأهوال فقد كفيتموها، وما تخلفونه من الذراري والعيال، فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلا منهم، وذلك حين أراهم ملك الموت درجات الجنان وقصورها، والنبي والوصي والطيبين من آلهما في أعلى عليين، عند الموت). كذا ورد (5). (نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا) قال: (أي: نحرسكم في الدنيا) (6). (وفي الاخرة) قال: (عند الموت) (7). (ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون): ما تتمنون، من الدعاء، بمعنى الطلب. (نزلا من غفور رحيم). قيل له: بلغنا أن الملائكة تتنزل عليكم، قال: (أي والله

__________________________

(1) - الكافي 1: 220، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) - مجمع البيان 9 - 10: 12، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

(3) - نهج البلاغة: 253، الخطبة: 176.

(4) - القمي 2: 265، تأويل الايات الظاهرة: 524، عن أبي جعفر عليه السلام، مجمع البيان 9 - 10: 12، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(5) - تفسير الإمام عليه السلام: 239، الحديث: 117، عن رسول الله صلى الله عليه وآله.

(6) و(7) - مجمع البيان 9 - 10: 13، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 1117 ]

لتنزل علينا، فتطأ فرشنا، أما تقرأ كتاب الله تعالى:) إن الذين قالوا ربنا الله (الاية) (1). (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله): إلى عبادته وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين). ورد: (إنها في علي عليه السلام) (2). (10) - بصائر الدرجات: 91، الباب: 17، الحديث: 3، عن أبي جعفر عليه السلام. (11) - العياشي 1: 279، الحديث: 286، عن أبي جعفر عليه السلام، بالمضمون. (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة) في الجزاء وحسن العاقبة. و (لا) الثانية مزيدة لتاكيد النفي. (إدفع بالتي هي أحسن): ادفع السيئة حيث اعترضتك بالتي هي أحسن منها، وهي الحسنة، على أن المراد بالأحسن: الزائد مطلقا، أو بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات. القمي: ادفع سيئة من أساء إليك بحسنتك (3). وورد: (الحسنة: التقية، والسيئة: الإذاعة) (4). (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم) أي: إذا فعلت ذلك، صار عدوك المشاق، مثل الولي الشفيق. (وما يلقاها): وما يلقى هذه السجية، وهي مقابلة الإساءة بالإحسان (إلا الذين صبروا) فإنها تحبس النفس عن الانتقام. قال: (إلا الذين صبروا في الدنيا على الأذى) (5). (وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) يعني من الخير وكمال النفس. (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ): نخس (6)، شبه به وسوسته (فاستعذ بالله) من شره ولا تطعه (إنه هو السميع) لاستعاذتك (العليم) بنيتك. القمي: المخاطبة لرسول الله صلى الله عليه وآله، والمعني للناس (7).

__________________________

(1) - بصائر الدرجات: 91، الباب: 17، الحديث: 3، عن أبي جعفر عليه السلام.

(2) - العياشي 1: 279، الحديث: 286، عن أبي جعفر عليه السلام، بالمضمون.

(3) - القمي 2: 266.

(4) - الكافي 2: 217 - 218، الحديث: 1 و 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(5) - مجمع البيان 9 - 10: 13، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(6) - نخست الدابة نخسا: طعنته بعود أو غيره فهاج. المصباح المنير 2: 300(نخس).

(7) - القمي 2: 266.(*)

[ 1118 ]

(ومن اياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر) لأنهما مخلوقان مأموران مثلكم (واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون). (فإن استكبروا) عن الامتثال (فالذين عند ربك) من الملائكة (يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون): لا يملون. (ومن اياته أنك ترى الأرض خاشعة): يابسة متطامنة، مستعار من الخشوع بمعنى التذلل. (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت): انتفخت بالنبات (إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شئ قدير). (إن الذين يلحدون): يميلون عن الاستقامة (في اياتنا) بالطعن والتحريف والتأويل بالباطل والألغاء فيها (لا يخفون علينا) فنجازيهم على إلحادهم. (أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم) تهديد شديد. (إنه بما تعملون بصير). (إن الذين كفروا بالذكر) قال: (يعني القرآن) (1). (لما جاءهم). خبر (إن) محذوف دل عليه ما بعده. (وإنه لكتاب عزيز). (لا يأتيه الباطل من بين يديه) قال: (من قبل التوارة، ولا من قبل الإنجيل والزبور) (2). (ولا من خلفه) قال: (أي: لا يأتيه من بعده كتاب يبطله) (3). وفي رواية: (ليس في إخباره عما مضى باطل، ولا في إخباره عما يكون في المستقبل باطل، بل أخباره كلها موافقة لمخبراتها) (4). (تنزيل من حكيم) وأي حكيم (حميد): يحمده كل مخلوق بما ظهر عليه من نعمه. (ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب

__________________________

1 و 2 و 3 - القمي 2: 266، عن أبي جعفر عليه السلام.

(4) - مجمع البيان 9 - 10: 15، عنهما عليهما السلام.(*)

[ 1119 ]

أليم). (ولو جعلناه قرانا أعجميا لقالوا لولا فصلت اياته): بينت بلسان نفقهه (أأعجمي وعربي): أكلام أعجمي ومخاطب عربي ؟ ! والأعجمي يقال للذي لا يفهم كلامه، ويقال لكلامه. (قل هو للذين امنوا هدى) إلى الحق (وشفاء) من الشك والشبهة (والذين لا يؤمنون في اذانهم وقر وهو عليهم عمى) لتصاممهم (1) عن سماعه، وتعاميهم عما يريهم من الايات (أولئك ينادون من مكان بعيد). تمثيل لعدم قبولهم واستماعهم له، بمن يصاح به من مسافة بعيدة. (ولقد اتينا موسى الكتاب فاختلف فيه) قال: (اختلفوا كما اختلفت هذه الأمة في الكتاب، وسيختلفون في الكتاب الذي مع القائم، الذي يأتيهم به، حتى ينكره ناس كثير، فيقدمهم فيضرب أعناقهم) (2). (ولولا كلمة سبقت من ربك) بالإمهال (لقضي بينهم) باستيصال المكذبين (وإنهم لفي شك منه): من القرآن (مريب): موجب للاضطراب. (من عمل صالحا فلنفسه) نفعه (ومن أساء فعليها) ضره. (وما ربك بظلام للعبيد) فيفعل بهم ما ليس له. (إليه يرد علم الساعة) إذا سئل عنها، إذ لا يعلمها إلا هو (وما تخرج من ثمرات من أكمامها): من أوعيتها، جمع (كم) بالكسر. (وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي) بزعمكم. القمي: يعني ما كانوا يعبدون من دون الله (3). (قالوا اذناك): أعلمناك (مامنا من شهيد): من أحد منا يشهد لهم بالشركة، إذ تبرأنا عنهم لما عاينا الحال، أو ما من أحد منا يشاهدهم، لأنهم ضلوا عنا. (وضل عنهم ما كانوا يدعون): يعبدون (من قبل وظنوا): وأيقنوا (مالهم من

__________________________

(1) - في(ب):(لتصامهم).

(2) - الكافي 8: 287، الحديث: 432، عن أبي جعفر عليه السلام.

(3) - القمي 2: 266.(*)

[ 1120 ]

محيص): مهرب. (لا يسأم الأنسان من دعاء الخير) القمي: أي: لا يمل ولا يعيا من أن يدعو لنفسه بالخير (1). (وإن مسه الشر فيؤوس قنوط): يائس من روح الله وفرجه. (ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي): حقي أستحقه (وما أظن الساعة قائمة): تقوم (ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى): ولئن قامت على التوهم، كان لي عند الله الحالة الحسنى من الكرامة، وذلك لاعتقاده أن ما أصابه من نعم الدنيا فلاستحقاق لا ينفك عنه. (فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ). (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض) عن الشكر (ونئا بجانبه): وانحرف عنه وذهب بنفسه، وتباعد عنه بكليته تكبرا، والجانب مجاز عن النفس. (وإذا مسه الشر) كالفقر والمرض والشدة (فذو دعاء عريض): كثير. (قل أرأيتم): أخبروني (إن كان من عند الله) أي: القرآن (ثم كفرتم به) من غير نظر واتباع دليل (من أضل ممن هو في شقاق بعيد): من أضل منكم، فوضع الموصول موضع الضمير شرحا لحالهم، وتعليلا لمزيد ضلالهم. (سنريهم اياتنا في الافاق وفي أنفسهم). قال: (نريهم (2) في أنفسهم المسخ، ونريهم في الافاق انتقاض الافاق عليهم، فيرون قدرة الله في أنفسهم وفي الافاق) (3). وفي رواية: (خسف ومسخ وقذف) (4).

__________________________

(1) - القمي 2: 267.

(2) - في المصدر:(يريهم) في الموضعين.

(3) - الكافي 8: 381، الحديث: 575، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(4) - المصدر: 166، الحديث: 181، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1121 ]

وفي أخرى: (الفتن في آفاق الأرض (1)، والمسخ في أعداء الحق) (2). (حتى يتبين لهم أنه الحق) قال: (خروج القائم هو الحق عند الله، يراه الخلق لابد منه) (3). أقول: كانه عليه السلام أراد أن ذلك إنما يكون في الرجعة، وعند ظهور القائم يرون من العجائب والغرائب في الافاق وفي الأنفس ما يتبين لهم به: أن الإمامة والولاية وظهور الإمام حق، فيكون مخصوصا بالجاحدين ومن رام التعميم. قال (4): سنريهم دلائلنا على ما تدعوهم إليه من التوحيد، وما يتبعه في آفاق العالم، من أقطار السماء والأرض، وفي أنفسهم وما فيهما من لطائف الصنعة وبدائع الحكمة، حتى يظهر لهم أن ذلك هو الحق، وهذا للمتوسطين من أهل النظر، الذين يستشهدون بالصنائع على الصانع، الذين لا يرضون بالتقليد المحض. (أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد): أو لم يكفك شهادة ربك على كل شئ دليلا عليه، وهذا للخواص الذين يستشهدون بالله على الله، ولهذا خصه به في الخطاب. ورد: (العبودية جوهرة كنهها الربوبية، فما فقد من العبودية وجد في الربوبية، وما خفي عن الربوبية أصيب في العبودية، قال الله تعالى:) سنريهم آياتنا في الافاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد (أي: موجود في غيبتك وحضرتك) (5). (ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شئ محيط) لا يفوته شئ.

__________________________

(1) - في المصدر:(في الافاق).

(2) - الأرشاد(للمفيد): 359، عن الكاظم عليه السلام.

(3) - الكافي 8: 381، ذيل الحديث: 575، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(4) - لم نعثر عليه، ولعل(قال) تصحيف(قيل)، ويؤيده ما في الصافي 4: 361 حيث أشار إلى هذه الألفاظ ب‍(قيل). والقائل: عطاء وابن زيد كما في مجمع البيان 9 - 10: 19.

(5) - مصباح الشريعة: 7، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21338713

  • التاريخ : 29/03/2024 - 11:23

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net