• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة ـ ج 1 ، تأليف : السيد شرف الدين علي الحسيني الاسترابادي النجفي .
                    • الموضوع : سورة آل عمران .

سورة آل عمران

(3)

(سورة آل عمران) (وما فيها من الآيات البينات في الائمة الهداة)

 منها: قوله تعالى: هو الذى أنزل عليك الكتب منهءايت محكمت هن أم الكتب وأخر متشبهت فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشبه منه ابتغآء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والرسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الالبب [ 7 ] تأويله الباطن وهو: 1 ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني (ره) عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان ابن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل * (هو الذي أنزل عليك الكتاب

                                   [ 100 ]

منه آيات محكمات هن ام الكتاب) * قال: أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام. * (واخر متشابهات) * قال: فلان وفلان * (فأما الذين في قلوبهم زيغ) * أصحابهم وأهل ولايتهم * (فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) * وهم أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام. [ والروايات في هذا المقام أكثر من أن تحصى ] (1). 2 وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن أيوب بن الحر، وعمران بن علي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نحن الراسخون في العلم، ونحن نعلم تأويله (2). 3 ويؤيده ما رواه أيضا عن علي بن محمد، عن عبد الله بن علي، عن إبراهيم ابن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن بريد بن معاوية، عن أحدهما عليهما السلام، في قول الله عزوجل * (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) *، قال: فرسول الله أفضل الراسخين في العلم، قد علمه الله عزوجل علم جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله لينزل عليه شيئا لا يعلمه (3) تأويله، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله (4). وكيف لا يعلمونه ؟ ! وهم (5) مبدأ العلم وإليهم منتهاه، وهم معدنه وقراره (6) ومأواه. وبيان ذلك: 4 - ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن

_____________________________

1) الكافي: 1 / 414 ح 14 وعنه البرهان: 1 / 270 ح 2، وفى البحار: 23 / 208 ح 12 عنه وعن العياشي: 1 / 162 ح 2 والمناقب لابن شهر اشوب: 3 / 522 عن عبد الرحمن وما بين المعقوفين من نسخة (أ).

 2) الكافي: 1 / 313 ح 1 وعنه البرهان: 1 / 270 ح 3 والوسائل: 18 / 132 ح 5 وأخرجه في البحار: 23 / 198 ح 31 عن بصائر الدرجات: 203 ح 5 وص 204 ح 7 باسناده عن أبى بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام مثله.

 3) في نسخة (ب) الا يعلم، وفى نسخة (م) لم يعلمه.

 4) الكافي: 1 / 213 ح 2 وعنه البرهان: 1 / 270 ح 4 والوسائل: 18 / 132 ح 6 والبحار: 17 / 130 ح 1.

 5) في نسخة (م) ومنهم.

 6) في نسخة (ب) ومقرة. (*)

[ 101 ]

ابن أبي عمير، عن ابن اذينه، عن عبد الله بن سليمان، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن جبرئيل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وآله برمانتين، فأكل رسول الله صلى الله عليه وآله إحداهما وكسر الاخرى نصفين، فأكل نصفا وأطعم عليا نصفا. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أخي هل تدري ما هاتان الرمانتان ؟ قال: لا. قال: أما الاولى فالنبوة ليس (1) لك فيها نصيب، وأما الاخرى فالعلم أنت شريكي فيه. فقلت: أصلحك الله كيف يكون شريكه فيه ؟ قال: لم يعلم الله محمدا علما إلا (و) (2) أمره أن يعلمه عليا عليه السلام (3). 5) ويؤيده: ما رواه أيضا عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عبد الحميد، عن منصور بن يونس، عن ابن اذينه، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: نزل جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله برمانتين من الجنة، فلقيه علي عليه السلام فقال له: ما هاتان الرمانتان اللتان (4) في يدك ؟ فقال: أما هذه فالنبوة [ و ] (5) ليس لك فيها نصيب، وأما هذه فالعلم. ثم فلقها رسول الله صلى الله عليه وآله نصفين فأعطاه نصفها وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله نصفها. ثم قال: أنت (6) شريكي فيه وأنا شريكك فيه. (قال) (7): فلم يعلم رسول الله صلى الله عليه وآله حرفا مما علمه الله عزوجل إلا وقد علمه عليا، ثم انتهى العلم إلينا، ثم وضع يده على صدره (8).

_____________________________

1) في نسخة (ج) فليس.

 2) ليس في نسخة (ج).

 3) الكافي: 1 / 263 ح 1 وعنه البرهان: 2 / 380 ح 11 وأخرجه في البحار: 40 / 210 ح 6 عن بصائر الدرجات: 293 باسناده عن عبد الله بن سليمان عن أبى جعفر عليه السلام وح 6 عن البصائر: 292 عن حمران عنه عليه السلام مثله.

 4) في نسخة (ب) انك.

 5) من نسخة (ج).

 6) في نسخة (ب) انك.

 7) ليس في نسخة (ج).

 8) الكافي: 1 / 263 ح 3 وعنه البرهان: 2 / 380 ح 13 وأخرجه في البحار: 26 / 173 ح 44 عن بصائر الدرجات: 295 ح 3. (*)

[ 102 ]

6 - وأوضح من هذا بيانا: ما رواه أيضا عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن الحجال، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك، إني أسألك عن مسألة، فهل هنا أحد يسمع كلامي ؟ قال: فرفع أبو عبد الله عليه السلام سترا بينه وبين بيت آخر فاطلع فيه ثم قال: يا أبا محمد سل عما بدا لك. قال: قلت: جعلت فداك إن شيعتك يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وآله علم عليا عليه السلام بابا يفتح (الله) [ له ] (1) منه ألف باب. قال: فقال يا أبا محمد علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام ألف باب يفتح [ من ] كل باب ألف باب. قال: قلت: هذا والله العلم ؟ قال: فنكت ساعة في الارض ثم قال: إنه لعلم، وما هو بذاك. قال: ثم قال: يا أبا محمد ! وإن عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة ؟ قال: قلت: جعلت فداك وما الجامعة ؟ قال: صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وإملائه، من فلق فيه، وخط علي بيمينه، فيها كل حلال وحرام وكل شئ يحتاج إليه الناس حتى الارش في الخدش، وضرب بيده إلي فقال: تأذن لي (2) يا أبا محمد ؟ قال: قلت: جعلت فداك إنما أنا لك، فاصنع ما شئت. قال: فغمزني بيده وقال: حتى أرش هذا - كأنه مغضب -. قال: قلت: هذا والله العلم قال: إنه لعلم وليس بذاك. ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر ؟ قال: قلت: وما الجفر ؟ قال: (وعاء من أدم) (3) فيه علم النبيين والوصيين، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل. قال: قلت: إن هذا هو العلم. قال: إنه لعلم وليس بذاك. ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن عندنا لمصحف (4) فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة ؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمة ؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد.

_____________________________

1) ليس في نسخة (م).

 2) في نسختي (ج، م) فقال لى أتأذن لى.

 3) في البحار: وعاء أحمر وأديم أحمر.

 4) في نسخة (ج) مصحف. (*)

[ 103 ]

قال: قلت: هذا والله العلم ؟ قال: إنه لعلم، وليس بذاك. ثم سكت ساعة، ثم قال: إن عندنا علم ماكان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة. قال: قلت: جعلت فداك هذا والله هو العلم ؟ قال: إنه لعلم، وليس بذاك. قال: قلت: جعلت فداك فأي شئ العلم ؟ قال: ما يحدث بالليل والنهار، الامر بعد الامر، والشئ بعد الشئ إلى يوم القيامة (1). 7 - ومما ورد في غزارة علمهم - صلوات الله عليهم - ما رواه أيضا (قال: روى عدة من أصحابنا) (2) عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن يونس بن يعقوب عن الحارث بن المغيرة وعدة من أصحابنا، منهم (عبد الاعلى وأبو عبيدة وعبد الله بن بشر الخثعمي) أنهم سمعوا أبا عبد الله عليه السلام يقول: إني لاعلم ما في السماوات وما في الارض، وأعلم ما في الجنة، وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان وما يكون. قال: ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه، فقال: علمت ذلك من كتاب الله عزوجل إنه عزوجل يقول: (فيه تبيان كل شئ) (3). 8 ومما ورد في غزارة علمهم (صلوات الله عليهم): ما رواه أيضا عن أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن إبراهيم ابن إسحاق الاحمر، عن عبد الله بن حماد، عن سيف التمار قال: كنا مع أبي عبد الله عليه السلام جماعة من الشيعة في الحجر، فقال: علينا عين. فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا. فقلنا: ليس علينا عين. فقال: ورب الكعبة ورب البنية (4) ثلاث مرات لو كنت بين موسى والخضر لاخبرتهما إني أعلم (5) منهما ولانبأتهما بما ليس في أيديهما

_____________________________

1) الكافي: 1 / 238 ح 1 وقطعة منه في الوسائل: 19 / 217 ح 1 وأخرجه في البحار: 26 / 38 ح 70 عن بصائر الدرجات: 151 ح 3.

 2) ليس في نسخة (ج).

 3) الكافي: 1 / 261 ح 2 وأخرجه في البحار: 26 / 111 ح 8 وج 92 / 86 ح 21 عن بصائر الدرجات: 128 ح 5 والاية من سورة النحل: 89 هكذا (تبيانا لكل شئ) فالظاهر أنه عليه السلام أراد معنى الاية أو كان قراءتهم عليهم السلام.

 4) في نسخة (ب) البينة، وفى البحار: البيت.

 5) في نسخة (ج) لاعلم. (*)

[ 104 ]

لان موسى والخضر عليهما السلام اعطيا علم ماكان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة، وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وإله وسلم وراثة (1). 9 ويؤيد هذا ويطابقه: ما ذكره أصحابنا من رواة الحديث من كتاب الاربعين رواية سعد الاربلي، عن عمار بن خالد، عن إسحاق الازرق، عن عبد الملك ابن سليمان قال: وجد في ذخيرة حواري عيسى عليه السلام رق فيه مكتوب بالقلم السرياني منقولا من التوراة. وذلك لما تشاجر موسى والخضر عليهما السلام في قصة السفينة والغلام والجدار ورجع موسى إلى قومه فسأله أخوه هارون عما استعلمه من الخضر وشاهده من عجائب البحر فقال موسى عليه السلام بينا أنا والخضر على شاطئ البحر إذ سقط بين أيدينا طائر فأخذ في مناقرة قطرة من ماء البحر ورمى بها نحو المشرق، وأخذ منه ثانية ورمى بها نحو المغرب، ثم أخذ ثالثة ورمى بها نحو السماء، ثم أخذ رابعة ورمى بها نحو الارض، ثم أخذ خامسة وألقاها في البحر، فبهت أنا والخضر من ذلك وسألته عنه ؟ فقال: لا أعلم. فبينا نحن كذلك وإذا بصياد يصيد في البحر فنظر إلينا. وقال: مالي أراكما في فكرة (2) من أمر هذا الطائر ؟ فقلنا له: هو ذاك. فقال: أنا رجل صياد وقد علمت إشارته، وأنتما نبيان لا تعلمان ؟ ! فقلنا: ما نعلم إلا ما علمنا الله عزوجل. فقال: هذا طائر في البحر يسمى (مسلما) لانه إذا صاح يقول في صياحه (مسلم مسلم) فأشار برمي الماء من منقارة نحو المشرق، والمغرب، والسماء، والارض، وفي البحر يقول: إنه يأتي في آخر الزمان نبي يكون علم أهل المشرق والمغرب، وأهل السماء والارض عند علمه مثل هذه القطرة الملقاة في البحر، ويرث علمه ابن عمه ووصيه. فعند ذلك سكن ماكنا فيه من المشاجرة، واستقل كل واحد منا علمه، بعد أن

_____________________________

1) الكافي: 1 / 260 ب 48 ح 1 وعنه البحار: 13 / 300 ح 20 والبرهان: 2 / 488 ح 36 وص 380 ح 10 ونور الثقلين: 3 / 275 ح 142.

 2) في البحار، فكر. (*)

[ 105 ]

كنا معجبين بأنفسنا ثم غاب عنا فعلمنا أنه ملك بعثه الله إلينا ليعرفنا نقصنا حيث ادعينا الكمال (1). 10 - ومما ذكر في معنى علمهم صلوات الله عليهم ما ذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي في كتابه مصباح الانوار، باسناده إلى رجاله قال: روي عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا ميزان العلم، وعلي كفتاه، والحسن والحسين حباله، وفاطمة علاقته، والائمة من بعدهم يزنون المحبين والمبغضين الناصبين، الذين عليهم لعنة الله ولعنة اللاعنين (2). والحمد لله الذي جعلنا من المحبين والمخلصين، ولم يجعلنا من المبغضين الناصبين، الذين عليهم لعنة الله ولعنة اللاعنين. وقوله تعالى: إن الله اصطفئ ادم ونوحا وءال إبراهيم وءال عمرن على العلمين [ 33 ] تأويله: ذكر أبو علي الطبرسي (ره) أن آل إبراهيم عليهم السلام هم آل محمد عليهم السلام (3) المعصومون، لان الاصطفاء لا يقع إلا على المعصوم، وهو الذي يكون باطنه مثل ظاهره في الطهارة والعصمة، وآل محمد من هذا القبيل، لاشك ولاريب. 11 - وذكر علي بن إبراهيم (ره) في تفسيره: قال: إنه روي في الخبر المأثور أنه نزل * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران - وآل محمد - على العالمين) * فأسقطوا آل محمد منه (4) وذلك عناد منهم لمحمد صلى الله عليه وآله وصدود عنه. 12 - ومما جاء في معنى (الاصطفاء) ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي (ره)

_____________________________

1) عنه البحار: 13 / 312 ح 52 وعن رياض الجنان، وأخرجه في البحار: 26 / 199 ح 12 عن المحتضر: 100 باختلاف يسير.

 2) مصباح الانوار: 191 (مخطوط) وأخرجه في البحار: 23 / 106 ح 6 واثبات الهداة: 2 / 74 ح 784 عن التأويل.

 3) مجمع البيان: 2 / 433 وعنه نور الثقلين: 1 / 275 ح 107.

 4) تفسير القمى: 90 وعنه نور الثقلين: 1 / 274 ح 104 والبرهان: 1 / 277 ح 2. (*)

[ 106 ]

قال: روى أبو جعفر القلانسي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن قال: حدثنا عمرو ابن أبي المقدام، عن يونس بن خباب (1)، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما بال أقوام إذا ذكروا آل إبراهيم وآل عمران إستبشروا وإذا ذكروا آل محمد إشمأزت قلوبهم ؟ والذي نفس محمد بيده، لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا يوم القيامة ما قبل الله منه حتى يوافي بولايتي وولاية علي بن أبي طالب عليه السلام (2). 13 - وقال أيضا: روى روح بن روح (3)، عن رجاله، عن إبراهيم النخعي عن ابن عباس (رض) قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقلت: يا أبا الحسن أخبرني بما أوصى إليك رسول الله ؟ فقال: سأخبركم، إن الله اصطفى لكم الدين وارتضاه وأتم عليكم نعمته وكنتم أحق بها وأهلها، وإن الله أوحى إلى نبيه أن يوصي إلي. فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا علي احفظ وصيتي، وارع ذمامي، وأوف بعهدي، وأنجز عداتي، واقض ديني، وأحي سنتي وقومها (4) وادع إلى ملتي، لان الله اصطفاني واختارني، فذكرت دعوة أخي موسى. فقلت: اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي كما جعلت هارون من موسى، فأوحى الله عزوجل إلي، إن عليا وزيرك وناصرك والخليفة من بعدك، ثم أنت يا علي من أئمة الهدى، وأولادك (5) منك، فأنتم قادة الهدى والتقى، والشجرة التي أنا أصلها وأنتم فرعها، فمن تمسك بها فقد نجا، ومن تخلف عنها فقد هلك وهوى،

_____________________________

1) هكذا في البحار والرجال، وفى الاصل: حباب.

 2) مصباح الانوار: 158 (مخطوط) وأخرجه في البحار: 23 / 221 ح 23 والبرهان: 1 / 279 ح 15 عن التأويل، وفى البحار: 27 / 172 ح 15 والبرهان: 3 / 161 ح 8 عن أمالى الشيخ: 1 / 139 باسناده عن على بن الحسين عليهما السلام مع اختلاف.

 3) في نسختي (ج، م) رواح.

 4) في نسختي (ج، م) وقومها وأحى سنتى.

 5) في نسخة (ب) أولادي. (*)

[ 107 ]

وأنتم الذين أوجب الله تعالى مودتكم وولايتكم، والذين ذكرهم الله في كتابه ووصفهم لعباده، فقال عزوجل من قائل: * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) *. فأنتم صفوة الله من آدم ونوح وآل ابراهيم وآل عمران، وأنتم الاسرة من إسماعيل والعترة الطاهرة (1) من محمد صلوات الله عليهم أجمعين (2). 14 - وفي هذا المعنى ما ذكره الشيخ الطوسي (ره) في أماليه قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (ره)، قال: حدثنا الشيخ أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن المفضل ابن عمر، عن الصادق عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اعطيت تسعا (3) لم يعطها أحد قبلي سوى رسول الله صلى الله عليه وآله: لقد فتحت لي السبل، وعلمت المنايا والبلايا والانساب وفصل الخطاب، ولقد نظرت إلى الملكوت باذن ربي، فما غاب عني ما كان قبلي ولا ما يأتي بعدي، فانه بولايتي (4) أكمل الله لهذه الامة دينهم وأتم عليهم النعم ورضي لهم إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمد صلى الله عليه وآله: يا محمد أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم وأتممت عليهم النعم (5) ورضيت إسلامهم (6). كل ذلك من من الله علي، فلله الحمد (7).

_____________________________

1) في نسختي (ج، م) الهادية.

 2) عنه البحار: 23 / 221 ح 24 واثبات الهداة: 3 / 84 ح 785 والبرهان: 1 / 279 ح 16 3) في نسخة (ج) سبعا.

 4) في نسخة (ب) فان بولائي، وفى (م) فان بولايتي.

 5) في نسخة (ج) نعمتي.

 6) هو اشارة إلى قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم..) الاية: 6 من سورة المائدة.

 7) أمالى الطوسى: 1 / 208 وعنه البحار: 26 / 141 ح 14 ح 14 وفى الامالى (من الله به على فله الحمد) وفى البحار (منا من الله على، فله الحمد). (*)

[ 108 ]

وقوله تعالى: كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يمريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشآء بغير حساب [ 37 ] جاء في تأويل هذه الآية الكريمة منقبة جليلة عظيمة من مناقب مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ومناقب الزهراء ذات الفضل المبين، صلى الله عليهما وعلى ذريتهما صلاة باقية إلى يوم الدين: 15 - وهو ما نقله الشيخ أبو جعفر الطوسي (ره) في كتابه مصباح الانوار بحذف الاسناد قال: روى أبو سعيد الخدري قال: أصبح علي عليه السلام ذات يوم، فقال: لفاطمة عليها السلام هل عندك شئ نغتذيه (1) ؟ فقالت: لا والذي أكرم أبي بالنبوة وأكرمك بالوصية، ما أصبح الغداة عندي منذ (2) يومين شئ إلا (3) كنت اوثرك به على نفسي وعلى ابني الحسن والحسين. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا فاطمة ألا كنت أعلمتني ؟ فأبغيكم (4) شيئا. فقالت: يا أبا الحسن إني لاستحيي من إلهي أن اكلف نفسك مالا تقدر عليه (5) فخرج علي عليه السلام من عندها واثقا بالله وحسن الظن به فاستقرض دينارا فأخذه ليشتري لهم به ما يصلحهم، فعرض له المقداد بن الاسود، رضوان الله عليه، وكان يوما شديد الحر وقد لوحته الشمس من فوقه وآذته من تحته، فلما رآه أمير المؤمنين عليه السلام أنكر شأنه، فقال له: يا مقداد ما أزعجك الساعة من رحلك. فقال: يا أبا الحسن خل سبيلي ولا تسألني عما ورائي. فقال: يا أخي لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك. فقال: يا أبا الحسن رغبة إلى الله وإليك أن تخلي سبيلي ولا تكشفني عن (6) حالي. فقال: يا أخي لا يسعك أن تكتمني حالك.

_____________________________

1) في نسخة (ج) نغتد به، وفى نسخة (ب) نتغدى به، وفى البحار: تغديناه.

 2) في نسخة (ج) مذ.

 3) في نسخة (ج، م) الا شئ.

 4) في نسخة (ب) فأتيتكم.

 5) في نسختي (ج، م) به.

 6) في نسخة (ب) والا تكشفني من، وفى نسخة (م) ولا تكشفني (تكشف - خ ل -). (*)

[ 109 ]

فقال: يا أبا الحسن أما إذا أبيت فو الذي أكرم محمدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أزعجني من رحلي إلا الجهد، وقد تركت عيالي جياعا، فلما سمعت بكاءهم لم تحملني الارض خرجت مهموما راكبا رأسي، هذه حالتي (1) وقصتي. قال: فانهملت عينا علي عليه السلام بالبكاء حتى بلت دموعه كريمته، وقال: أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني إلا الذي أزعجك، وقد اقترضت دينارا، فهاكه اوثرك به على نفسي. فدفع إليه الدينار ورجع فدخل المسجد فصلى الظهر والعصر والمغرب مع النبي صلى الله عليه وآله. فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة المغرب، مر بعلي وهو في الصف الآخر فلكزه برجله، فقام علي عليه السلام، فلحقه في باب المسجد فسلم، فرد رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: يا أبا الحسن هل عندك عشاء نتعشاه (2) فنميل (3) معك ؟ فمكث أمير المؤمنين عليه السلام مطرقا، لا يحير جوابا، حياء من رسول الله صلى الله عليه وآله وكان قد عرفه الله (4) ماكان من أمر الدينار، ومن أين أخذه، وأين وجهه بوحي من الله، وأمره أن يتعشى عند علي تلك الليلة، فلما نظر إلى سكوته. قال: يا أبا الحسن مالك لا تقول (لا) فانصرف عنك، أو نعم فأمضي معك ؟ فقال: حبا وكرامة، إذهب بنا. فأخذ رسول الله بيد أمير المؤمنين وانطلقا حتى دخلا على فاطمة، صلوات الله عليهم أجمعين، وهي في محرابها قد قضت صلاتها وخلفها جفنة تفور دخانا. فلما سمعت كلام رسول الله صلى الله عليه وآله خرجت من مصلاها وسلمت عليه - وكانت أعز الناس عليه -، فرد عليها السلام ومسح بيده على رأسها وقال: يا بنتاه كيف أمسيت يرحمك الله ؟ قالت: بخير. قال: عشينا، رحمك الله، وقد فعل. فأخذت الجفنة ووضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي.

_____________________________

1) في نسخة (ب) حالى.

 2) في نسختي (ج، م) تعشيناه.

 3) في نسخة (ب) فيميل، وفى نسختي (ج، م) فنقبل.

 4) في نسخة (ج) عرف رسول الله، وفى نسخة (م) عرف الله. (*)

[ 110 ]

فلما نظر أمير المؤمنين إلى الطعام، وشم ريحه (رمى فاطمة عليها السلام ببصره رميا شحيحا. فقالت له فاطمة: سبحان الله ما أشح نظرك وأشده ؟ ! فهل أذنبت ما بيني وبينك ذنبا أستوجب به السخطة منك ؟ فقال: وأي ذنب أعظم من ذنب أصبت اليوم أليس عهدي بك وأنت (1) تحلفين بالله مجتهدة أنك ما طعمت طعاما منذ يومين ؟ ! قال: فنظرت إلى السماء وقالت: إلهي يعلم ما في سمائه وأرضه، إني لم أقل إلا حقا) (2) فقال لها: يا فاطمة فأنى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه ولم أشم مثل ريحه قط ولم آكل أطيب منه ؟ قال: فوضع النبي صلى الله عليه وآله كفه المباركة على كتف أمير المؤمنين علي عليه السلام وهزها، ثم هزها. ثلاث مرات. ثم قال: يا علي هذا بدل دينارك، هذا جزاء (3) دينارك من عند الله * (إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) *. ثم استعبر باكيا صلى الله عليه وآله، وقال: الحمد لله الذي أبى لكما أن يخرجكما من الدنيا حتى يجريك يا علي مجرى زكريا، ويجزيك يا فاطمة مجرى مريم بنت عمران (4). وهو قوله تعالى: كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يمريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشآء بغير حساب [ 37 ] 16 - العياشي في تفسيره عن سيف بن عميرة، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث يتضمن نزول مائدة من السماء على فاطمة عليه السلام ومنه: فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا فاطمة * (أنى لك هذا ؟ ! قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) * فحدثها النبي صلى الله عليه وآله بقصة مريم، وتلى الآية. ثم قال الامام عليه السلام: فأكلوا منها شهرا، وكانت جفنة من خبز ولحم. وقال: وهي الجفنة التي يأكل منها القائم عليه السلام (5).

_____________________________

1) في نسخة (ج) أنى.

 2) ما بين القوسين ليس في نسخة (ب).

 3 في نسخة (م) أجر.

 4) مصباح الانوار: 226 (مخطوط) وعنه البحار: 96 / 147 ح 25، وأخرجه في البحار: 43 / 59 ح 51 عن أمالى الشيخ: 2 / 228 وتفسير الفرات: 21 وكشف الغمة: 1 / 469.

 5) العياشي: 1 / 172 ضمن ح 41 وفيه عن سيف، عن نجم، عن أبى جعفر عليه السلام وعنه = (*)

[ 111 ]

ورواه الصدوق في الامالي مع أدنى تغير وزيادات (1). ونقل ابن طاووس (ره) في كتابه (سعد السعود) حديث نزول المائدة على فاطمة عليها السلام عن محمد بن العباس بن مروان المعروف (بابن الحجام) بستة طرق (2). وذكرها أيضا الزمخشري في الكشاف (3). ورواه ابن طاووس أيضا في كتاب الطرائف عن غيرهما (4). 17 - وروى الصدوق في الامالي باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله رواية من جملة ما فيها: إن فاطمة عليها السلام لتقوم في محرابها فيسلم إليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين ويناديها (يا فاطمة إن الله اصطفاك وطهرك، واصطفاك على نساء العالمين) (5). 18 - وفي العلل باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إنما سميت فاطمة سلام الله عليها (محدثة) لان الملائكة كانت تهبط فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران عليها السلام فتقول: يا فاطمة، إلى قوله تعالى * (واركعي مع الراكعين) * فتحدثهم ويحدثونها. فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟ فقالوا: إن مريم كانت سيدة نساء عالمها، وإن الله عزوجل جعلك سيدة نساء عالمك وعالمها، وسيدة نساء الاولين والآخرين (6).

_____________________________

= البحار: 14 / 197 ح 4 وج 43 / 31 ح 38 والبرهان: 1 / 282 ح 9.

 1) لم نجده في أمالى الصدوق بل في أمالى الشيخ: 2 / 227.

 2) سعد السعود: 91.

 3) الكشاف: 1 / 275 وعنه البحار: 43 / 129.

 4) الطرائف: 109 طبع الحجر ومن الاسف انه ساقط في الطبع الجديد.

 5) أمالى الصدوق: 394 ذح 18 وعنه البحار: 43 / 24 ذح 20، وأخرجه في البحار: 37 / 85 ذح 52 عن بشارة المصطفى: 219 ما يقرب ذلك.

 6) علل الشرائع: 182 ح 1 وعنه البحار: 14 / 206 ح 23 وفى ج 43 / 78 ح 65 عنه وعن دلائل الامامة للطبري: 10 (عن أبى محمد هارون بن موسى التلعكبرى عن الصدوق) ولا يخفى أن الاحاديث (16 - 18) نقلناها من نسخة (أ). (*)

[ 112 ]

قوله تعالى: فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم و أنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكذبين [ 61 ] تأويله وسبب نزوله: 19 - أن وفد (نجران من النصارى) قدم المدينة على رسول الله، فقالوا (له) (1) هل رأيت ولدا بغير أب ؟ فلم يجبهم حتى نزل قوله تعالى * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون، الحق من ربك فلا تكن من الممترين فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم) * الآية. فلما نزلت دعاهم إلى المباهلة، فأجابوه فخرج النبي صلى الله عليه وآله آخذا بيد علي والحسن والحسين بين يديه، وفاطمة عليهم السلام وراءه. فلما رآهم الاسقف، وكان رئيسهم، سأل من هؤلاء الذين معه ؟ فقيل: هذا علي بن أبي طالب ابن عمه، وزوج إبنته فاطمة هذه، وهذان ولداهما. فقال الاسقف لاصحابه: إني لارى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لازاله، فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الارض نصراني إلى يوم القيامة. ثم قال الاسقف للنبي صلى الله عليه وآله: يا أبا القاسم إنا لا نباهلك ولكن نصالحك، فصالحنا على ما ننهض به. فصالحهم على ألفي حله وثلاثين رمحا وثلاثين درعا وثلاثين فرسا، وكتب لهم بذلك كتابا، ورجعوا إلى بلادهم. وقال النبي صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده لو لاعنوني (2) لمسخوا قردة وخنازير واضطرم الوادي عليهم نارا، ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا كلهم (3). واعلم أن قوله عزوجل * (أبناءنا) * دل على أنهما الحسن والحسين عليهما السلام وأنهما إبناه على الحقيقة، وإن كانا ابنا بنته * (ونساءنا) * إن المراد بها فاطمة عليها السلام خاصة لانه لم يخرج بغيرها، * (وأنفسنا) * إن المراد به عليا عليه السلام خاصة، لان الانسان لا يجوز

_____________________________

1) ليس في نسخة (ج).

 2) في الاصل: يلاعنوني، وما أثبتناه من المصدر والبحار.

 3) أخرجه في البحار: 21 / 277 عن مجمع البيان: 2 / 451 مفصلا. (*)

[ 113 ]

أن يدعو نفسه، وإذا كان لا يجوز، فلم يبق إلا أن يدعو غيره، ولم يدع في المباهلة غير علي عليه السلام بالاجماع، فتعين أن يكون هو المعني بقوله * (أنفسنا) *. فيكون هو نفس رسول الله صلى الله عليه وآله (1). 20 - [ ونقل ابن طاووس - رحمه الله - حديث المباهلة، عن محمد بن العباس من واحد وخمسين طريقا، عدد الرواة، واحدا واحدا، في كتابه سعد السعود، من أراد الاطلاع عليه فليرجع إليه ]. (2). 21 - ويؤيد هذا من الروايات ماصح عنه صلى الله عليه وآله: وقد سأله سائل من بعض أصحابه ؟ فأجابه عن كل رجل بصفته، فقال له: فعلي ؟ فقال صلى الله عليه وآله: إنما سألتني عن الناس ولم تسألني عن نفسي (3). فإذا نظرت ببصر البصيرة رأيت أن أمير المؤمنين عليه السلام هو الحاوي لجميع فضائل المباهلة، لان الابناء أبناؤه، والنساء نساؤه، والانفس نفسه الزكية التي فضلت على الانفس البشرية (4) حيث إنها نفس محمد أفضل البرية، فناهيك من فضيلة من الفضائل جليلة (5)، ومنقبة من (6) المناقب سامية علية، ثم لم يسمها ولاسماها أحد من الانام بالكلية، صلى الله عليه وعلى صاحب النفس الاصلية، محمد بن عبد الله وعلى الطيبين من آلهما والذرية، صلاة ترغم انوف النواصب القالين، والزيدية، وتزكي بها أنفس المحبين من الشيعة الامامية. قوله تعالى: إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين ءامنوا والله ولى المؤمنين [ 68 ] تأويله: ومعناه: إن أولى الناس بابراهيم أي أحق به، ثم بين من هو، فقال:

_____________________________

1) هذا خلاصة مافى مجمع البيان: 2 / 452 وعنه البحار: 21 / 278، 279.

 2) سعد السعود: 91 وعنه البحار: 21 / 350 ح 21، وما بين المعقوفين من نسخة (أ).

 3) مجمع البيان: 2 / 453 وعنه البحار: 21 / 279.

 4) في نسخة (ب) أنفس البرية.

 5) في نسخة (م) في الفضائل جلية.

 6) في نسختي (ب، م) في. (*)

[ 114 ]

* (للذين اتبعوه) * في زمانه وبعده وأمدوه (1) بالمعونة والنصرة على من لم يتبعه (2) على ذلك * (وهذا النبي) * يعني محمدا صلى الله عليه وآله * (والذين آمنوا) * به وأعانوه ونصروه اولئك هم أولى به وأحق من غيرهم، ثم بين سبحانه: إن أولى (الناس) (3) المؤمنين به: الذي ينصره ويعينه. كما نصروا وأعانوا اولئك لابراهيم عليه السلام. 22 - وعنى بالمؤمنين (عليا والائمة عليهم السلام) لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: إن أولى الناس بالانبياء عليهم السلام أعلمهم بما جاءوا به، ثم تلا هذه الآية وقال: إن ولي محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته (4). وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته (5). 23 - ومما ورد في التأويل: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (ره)، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن المثنى، عن عبد الله ابن عجلان، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل * (إن أولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا) * قال: هم الائمة ومن اتبعهم (6). 24 - ويؤيده: ما ذكره أبو علي الطبرسي (ره) قال: روى عمر بن يزيد قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: أنتم والله من آل محمد، قلت: من أنفسهم جعلت فداك ؟ قال: نعم، والله من أنفسهم، قالها ثلاثا، ثم نظر إلي، ونظرت إليه، وقال: يا عمر إن الله عزوجل يقول في كتابه * (إن أولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين (7).

_____________________________

1) في نسخة (ب) أيدوه.

 2) في نسخة (ب) يتبعوه.

 3) ليس في نسخة (م).

 4) في نسخة (ب) قرابته.

 5) أخرجه في البرهان: 1 / 292 ح 9 عن ربيع الابرار للزمخشري.

 6) الكافي: 1 / 416 ح 20 وعنه البحار: 23 / 225 ح 42 والبرهان: 1 / 291 ح 3 وأخرجه العياشي في تفسيره: 1 / 177 ح 62.

 7) مجمع البيان: 2 / 458 وعنه البحار: 23 / 225 ح 43 وأخرجه في البرهان: 1 / 291 ح 5 عن العياشي: 1 / 177 ح 61. (*)

[ 115 ]

25 - ورواه أيضا علي بن ابراهيم، عن أبيه في تفسيره (1). وقوله تعالى: أولئك لا خلق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم [ 77 ] 26 - تأويله: ما ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي (ره) في كتابه مصباح الانوار قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو الحسن المثنى قال: حدثنا علي بن مهروية، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي (2)، قال: حدثنا علي بن موسى، عن أبيه، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي عليهم السلام، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. حرم الله الجنة على ظالم أهل بيتي وقاتلهم وشانئهم (3) والمعين عليهم. ثم تلا هذه الآية * (اولئك لاخلاق لهم في الآخرة) * الآية (4). 27 - وفي معنى هذا التأويل: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (ره) قال: روى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن داود الحمار، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة ليس من الله، ومن جحد إماما من الله، ومن زعم أن لهما في الاسلام نصيبا (5). وقوله تعالى: وإذ أخذ الله ميثق النبين لما آتيتكم من كتب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه.

_____________________________

1) تفسير القمى: 95 وعنه البحار: 68 / 84 ح 1 والبرهان: 1 / 291 ح 1 ونور الثقلين: 1 / 293 ح 184.

 2) في الاصل: الفارانى.

 3) في نسخة (م) سابيهم.

 4) مصباح الانوار: 30 (مخطوط) وفى البحار: 24 / 224 ح 14 وج 27 / 225 ح 16 عن التأويل وأخرجه في البحار: 27 / 202 ح 1 عن أمالى الطوسى: 1 / 165 وأورده في مقصد الراغب: 132 (مخطوط).

 5) الكافي: 1 / 373 ح 4 وعنه البحار: 7 / 212 ح 113 والوسائل: 18 / 564 ح 34، وأخرجه في البحار: 25 / 112 ح 10 والبرهان: 1 / 293 ح 5 عن تفسير العياشي: 1 / 178 ح 65. (*)

[ 116 ]

28 - تأويله: ماروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: إن الله أخذ الميثاق على الانبياء أن يخبروا اممهم (1) بمبعث رسول الله (وهو محمد) (2) صلى الله عليه وآله ونعته وصفته ويبشروهم به، ويأمروهم بتصديقه (3). ويقولوا * (هو مصدق لما معكم) * من كتاب وحكمة، وإنما الله أخذ ميثاق الانبياء ليؤمنن به، ويصدقوا بكتابه وحكمته، كما صدق بكتابهم وحكمتهم. وقوله * (ولتنصرنه) * يعني ولتنصروا وصيه. 29 - لما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي (ره) في كتابه باسناده عن فرج (4) ابن أبي شيبة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: وقد تلا هذه الآية * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به) * يعني رسول الله صلى الله عليه وآله * (ولتنصرنه) * يعني وصيه - أمير المؤمنين عليه السلام. ولم يبعث الله نبيا ولا رسولا إلا وأخذ عليه الميثاق لمحمد بالنبوة ولعلي بالامامة (5). 30 - ويؤيده: ما ذكره صاحب كتاب الواحدة قال: روى أبو محمد الحسن ابن عبد الله الاطروش الكوفي قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد البجلي قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى أحد واحد، تفرد في وحدانيته، ثم تكلم بكلمة فصارت نورا، ثم خلق من ذلك النور محمدا صلى الله عليه وآله وخلقني وذريتي. ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فأسكنها الله في ذلك النور وأسكنه في أبداننا، فنحن روح الله، وكلماته، وبنا احتجب عن خلقه. فمازلنا في ظلة خضراء حيث لاشمس ولاقمر، ولاليل ولانهار، ولاعين تطرف

_____________________________

1) في نسخة (ج، م) امتهم.

 2) ليس في نسخة (ج).

 3) أخرجه في البحار: 15 / 176 عن مجمع البيان: 2 / 468 باسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 4) في نسخه (ج) فرخ.

 5) عنه البحار: 24 / 352 ح 70 وج 26 / 297 ح 63 والبرهان: 1 / 294 ح 4. (*)

[ 117 ]

نعبده ونقدسه ونسبحه قبل أن يخلق خلقه، وأخذ ميثاق الانبياء بالايمان والنصرة لنا. وذلك قوله عزوجل * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به) * يعني بمحمد صلى الله عليه وآله ولتنصرن وصيه. فقد آمنوا بمحمد، ولم ينصروا وصيه، وسينصرونه جميعا. وإن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد بالنصرة بعضنا لبعض، فقد نصرت محمدا وجاهدت بين يديه، وقتلت عدوه ووفيت الله بما أخذ علي من الميثاق والعهد والنصرة لمحمد صلى الله عليه وآله، ولم ينصرني أحد من أنبيائه ورسله، وذلك لما قبضهم الله إليه وسوف ينصروني (1). الحديث طويل، وهو يدل على الرجعة، أخذنا إلى هاهنا. قوله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا تأويله: * (واعتصموا) * أي تمسكوا والتزموا * (بحبل الله) * وهو كتابه العزيز، وعترة أهل بيت نبيه، صلوات الله عليهم، وقوله * (جميعا) * أي بهما جميعا * (ولا تفرقوا) * أي (ما) (2) بينهما. 31 - ويدل على ذلك: ما ذكره أبو علي الطبرسي في تفسيره قال: روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أيها الناس إني قد تركت فيكم حبلين (3) إن أخذتم بهما لن تضلوا من بعدي، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الارض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لم (4) يفترقا حتى يردا علي الحوض (5). 32 - وروى الشيخ المفيد (ره) في كتاب الغيبة تأويل هذه الآية، وهو من محاسن التأويل، عن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام:

_____________________________

1) عنه البحار: 26 / 291 ح 51 وج 15 / 9 ح 10 وأخرجه في البحار: 53 / 46 ح 20 والبرهان: 1 / 294 ح 3 عن مختصر البصائر: 32، وفى نسخة (ب) ينصرني.

 2) ليس في نسختي (ج، م).

 3) في اثبات الهداة: خليفتين، وفى مجمع البيان: ثقلين.

 4) في نسخة (ج، م) لن.

 5) مجمع البيان: 2 / 482 وعنه اثبات الهداة: 3 / 15 ح 614. (*)

[ 118 ]

كان رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم جالسا في المسجد وأصحابه (حوله) (1) فقال لهم: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة، يسأل عما يعنيه. قال: فطلع علينا رجل شبيه برجال مصر، فتقدم وسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وجلس وقال: يا رسول الله إني سمعت الله يقول * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * فما هذا الحبل الذي أمرنا الله بالاعتصام به ولانتفرق (2) عنه ؟ قال: فأطرق ساعة، ثم رفع رأسه وأشار إلى علي بن أبي طالب عليه السلام وقال: هذا حبل الله الذي من تمسك به عصم في دنياه، ولم يضل في اخراه (3). قال: فوثب الرجل إلى علي بن أبي طالب عليه السلام واحتضنه من وراء ظهره و [ هو ] (4) يقول: إعتصمت بحبل الله وحبل رسوله. ثم قال فولى وخرج، فقام رجل من الناس وقال: يا رسول الله صلى الله عليك وآلك ! ألحقه وأسأله أن يستغفر لي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا تجده مرفقا (5) قال: فلحقه الرجل وسأله أن يستغفر له ؟ فقال له: هل فهمت ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وما قلت له ؟ قال الرجل: نعم. فقال له: إن كنت متمسكا بذلك الحبل فغفر الله لك وإلا فلا غفر الله لك. وتركه ومضى (6). وقوله تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون [ 104 ] تأويله: قال أبو علي الطبرسي (ره): المعنى * (ولتكن منكم امة) * أي جماعة * (يدعون إلى الخير) * أي إلى الدين * (ويأمرون بالمعروف) * أي بالطاعة * (وينهون عن المنكر) * أي عن المعصية * (واولئك هم المفلحون) * أي الفائزون (7). 33 - قال: وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال (ولتكن منكم أئمة (8) يدعون إلى

_____________________________

1) ليس في نسخة (ج).

 2) في نسخة (ج) لا تتفرقوا.

 3) في البحار: آخرته.

 4) من غيبة النعماني.

 5) في نسخة (ج) موفقا.

 6) لم نجده في غيبة المفيد بل في غيبة النعماني: 41 ح 2 وعنه البرهان: 1 / 306 ح 2 والبحار: 36 / 15 ح 3.

 7) مجمع البيان: 2 / 483.

 8) في نسختي (ج، م) أمة. (*)

[ 119 ]

الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون) (1). صدق الله ورسوله، لان هذه الصفات من صفات الائمة عليهم السلام لانهم معصومون والمعصوم لا يأمر بطاعة إلا وقد ائتمر بها، ولا ينهي عن معصية إلا وقد انتهى عنها. 34 - كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: (والله) (2) ما أمرتكم بطاعة إلا وقد ائتمرت بها، ولانهيتكم عن معصية إلا وقد انتهيت عنها (3). قال الشاعر: إبدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهيت عنها فأنت حكيم فهناك يسمع ما تقول ويقتدى بالفعل منك ويقبل التعليم لاتنه عن خلق وتأتي بمثله عار عليك إذا فعلت عظيم قوله تعالى: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمنكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون [ 106 ] وأما الذين ابيضت وجوههم ففى رحمة الله هم فيها خلدون [ 107 ] إن هؤلاء الذين اسودت وجوههم كانوا مؤمنين. ثم ارتدوا وانقلبوا على أعقابهم، فيقال لهم يوم القيامة على جهة التوبيخ * (أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم - وهم المؤمنون ففي رحمة الله أي ثواب الله (4) وقيل: جنة الله (5) - هم فيها خالدون) *. 35 - وأما (6) تأويله: فهو ما ذكره علي بن إبراهيم (ره) في تفسيره قال: حدثني أبي، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الجارود، عن عمران بن ميثم، عن مالك بن ضمرة، عن أبي ذر الغفاري (رض) قال: لما نزلت هذه الآية: * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) *.

_____________________________

1) مجمع البيان: 2 / 484 وعنه البحار: 24 / 153 ح 5 والبرهان: 1 / 308 ح 4 وما بين القوسين ليس فيها.

 2) ليس في نسخة (ج).

 3) نهج البلاغة: 250، خطبة: 175 وعنه البحار: 40 / 191 وج 8 / 714 طبع الحجر.

 4) في نسخة (ب) ثوابه.

 5) في نسخة (ب) الجنة لله.

 6) في نسخة (ب) فأما. (*)

[ 120 ]

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ترد علي امتي (يوم القيامة) (1) على خمس رايات: فراية مع عجل هذه الامة فأسألهم (ما فعلتم) (2) بالثقلين من بعدي ؟ فيقولون: أما الاكبر فحرفناه ونبذناه وراء ظهورنا، وأما الاصغر فعاديناه وأبغضناه وقتلناه. فأقول لهم: ردوا إلى النار، ظماء مظمئين، مسودة وجوهكم. ثم ترد علي راية مع فرعون هذه الامة فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي ؟ فيقولون: أما الاكبر فحرفناه ومزقناه وخالفناه. وأما الاصغر فعاديناه وقتلناه. فأقول لهم: ردوا [ إلى ] النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم. ثم ترد علي راية مع سامري هذه الامة فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي ؟ فيقولون: أما الاكبر فعصيناه وتركناه (3). وأما الاصغر فخذلناه وضيعناه (4) به كل قبيح. فأقول لهم: ردوا [ إلى ] النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم. ثم ترد علي راية ذي الثدية، مع أول الخوارج وآخرها، فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي ؟ فيقولون: أما الاكبر فمزقناه وتبرأنا منه، وأما الاصغر (فقاتلناه وقتلناه) (5). فأقول لهم: ردوا [ إلى ] النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم. ثم ترد علي راية مع إمام المتقين، وسيد الوصيين، وقائد (6) الغر المحجلين ووصي رسول الله رب العالمين، فأسألهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي ؟ فيقولون: أما الاكبر فاتبعناه وأطعناه وأما الاصغر فأجبناه وواليناه ووازرناه ونصرناه حتى اهريقت (7) فيهم دماؤنا. فأقول لهم: ردوا [ إلى ] الجنة رواء مرويين مبيضة وجوهكم. ثم تلا (رسول الله) (8) هذه الآية * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما

_____________________________

1) ليس في نسختي (ج، م).

 2) ليس في نسخة (م).

 3) في نسخة (م) فعصينا - بدل - فعصيناه وتركناه.

 4) في نسخة (ب) ومنعناه.

 5) في نسخة (ج) فخذلناه وحاربناه، وفى نسخة (م) فمزقناه وحاربنا.

 6) في نسخة (م) صاحب.

 7) في نسخة (م) اهرقت.

 8) ليس في نسخة (ج، م). (*)

[ 121 ]

الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم ؟ فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) * (1). 36 - ومن طريق العامة ما رواه ابن طاووس (ره) من كتبهم في عدة من كتبه مثل كتاب (اليقين بتسمية علي أمير المؤمنين عليه السلام) وكتاب (سعد السعود) وغيرهما عن أحمد بن محمد الطبري، وغيره بالاسانيد المتصلة بأبي ذر الغفاري قال: لما نزلت هذه الآية * (يوم تبيض وجوه..) * (2) الخ. وقوله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر و تؤمنون بالله إعلم أن هذه الشروط لا تجتمع في جميع الامة بل (3) في البعض - وإن كان جميع الامة مخاطبين بها، ولكنهم لا يأتون بها على الوجه المأمور به - والقول في ذلك البعض من هم ؟ وقد تقدم البحث فيه في الآية المتقدمة. وأن هذه الشروط لا تجتمع إلا في المعصوم. 37 - وقد جاء في تأويل هذه كما جاء في تأويل تلك، وهو ما ذكره علي ابن ابراهيم (ره) في تفسيره قال: إن أبا عبد الله قال لقارئ هذا الآية * (خير امة) *: وهم يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين ابني علي (4). فقال: جعلت فداك كيف نزلت ؟ قال: إنما نزلت * (كنتم خير أئمة اخرجت للناس) * ألا ترى مدح الله لهم في قوله * (تأمرون

_____________________________

1) تفسير القمى: 98 وعنه البرهان: 1 / 308 ح 1 والبحار: 37 / 346 ح 3 ونور الثقلين: 1 / 316 ح 324، وحرف (ه‍) في جميع الموارد ليس في نسخة (م) وفيه (فخرقنا) بدل (فحرفناه) وما بين المعقوقين: [ إلى ] أثبتناه من البحار.

 2) كشف اليقين: 104 ب 124 وذكر معناه في ص 126 و 150 و 166 بأسانيد اخر، وهذا الحديث نقلناه من نسخة (أ).

 3) في نسخة (ب) الا.

 4) في نسخة (م) يقتلون الحسين بن على، وفى نسخة (أ) يقتلون الحسين عليه السلام فقال له. (*)

[ 122 ]

بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) * (1). يدل قوله هذا على بيان ما قلناه: إن هذه الشروط لا تكون إلا في المعصوم ويكون الخطاب في * (كنتم خير امة) * أنهم المعنيون بذلك وكانوا أحق بها وأهلها لانهم هم الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر، والمؤمنون بالله، بغير شك ولا ارتياب، فعليهم صلوات من ربهم العزيز الوهاب. وقوله تعالى: ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس 38 - تأويله، ما ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره قال (2) (ره) قوله تعالى: * (ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا) *: إنها نزلت في الذين غصبوا حقوق (3) آل محمد عليهم السلام (4). وأما قوله * (إلا بحبل من الله وحبل من الناس) * معناه: أن هؤلاء الغاصبين ضربت عليهم - جميعهم - الذلة وهو الهوان والخزي في الدنيا والآخرة * (أين ما ثقفوا) * أي: وجدوا إلا من اعتصم منهم (بحبل من الله وحبل من الناس) فانه مستثنى منهم. 39 - وتأويل الحبلين: ما ذكره في نهج الامامة (5) قال: روى أبو عبد الله الحسين بن جبير (6) صاحب كتاب (النخب) حديثا مسندا إلى أبي جعفر الباقر عليه السلام في قوله * (ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس) *. قال * (حبل من الله) *: كتاب الله. وحبل من الناس علي بن أبي طالب عليه السلام (7). 40 - ويؤيده: ما تقدم (8) في تأويل * (واعتصموا بحبل الله جميعا) * وهو قول النبي صلى الله عليه وآله: إني قد تركت فيكم حبلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي،

_____________________________

1) تفسير القمى: 99، وعنه البحار: 24 / 154 ح 6 والبرهان: 1 / 308 ح 1 ونور الثقلين: 1 / 317 ح 327.

 2) في نسخة (ج) إلى.

 3) في نسخة (ج) حق.

 4) لم نجده في النسخ الموجودة عندنا من تفسير القمى.

 5) في نسخة (أ) الايمان.

 6) في نسختي (أ، ب) جبر وهو اشتباه راجع الذريعة: 24 / 88.

 7) عنه البحار: 24 / 84 ح 2، وأخرجه في البحار: 36 / 16 ح 5 والبرهان: 1 / 309 ح 6 عن المناقب: 2 / 273.

 8) تقدم في حديث 31 ص 117 مفصلا. (*)

[ 123 ]

فهما الحبلان المتصلان (1) إلى يوم القيامة. قوله تعالى: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقبكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشكرين [ 144 ] 41 - تأويله: ما رواه محمد بن يعقوب باسناده يرفعه عن حنان، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: الناس أهل ردة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلا ثلاثة. قلت: ومن الثلاثة ؟ قال: المقداد، وأبو ذر، وسلمان. ثم عرف اناس هذا الامر بعد يسير. قال: وهؤلاء الذين دارت عليهم الرحى، وأبوا أن يبايعوا حتى جاءوا بأمير المؤمنين مكرها فبايع، وذلك قول الله عزوجل * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) * (2). 42 - ابن طاووس في (سعد السعود) باسناد متصل إلى أبي عمرو بن العلاء عن الشعبي، قال: انصرف علي بن أبي طالب عليه السلام في وقعة اجد وبه ثمانون جراحة يدخل فيها الفتائل، فدخل عليه النبي صلى الله عليه وآله وهو على نطع، فلما رآه بكى وقال: إن رجلا يصيبه هذا في سبيل الله، لحق على الله أن يفعل به ويفعل به. فقال علي عليه السلام مجيبا له وبكى: بأبي أنت وامي يا رسول الله، الحمد لله الذي لم يرني وليت عنك، ولافررت، ولكن كيف حرمت من الشهادة. فقال: إنها من ورائك إن شاء الله ! ثم قال: إن أبا سفيان قد أرسل يوعدنا ويقول لي: بيننا وبينكم حمراء الاسد (3)

_____________________________

1) في نسخة (ج) المعتصمان.

 2) الكافي: 8 / 245 ح 341 وعنه نور الثقلين: 1 / 329 ح 480، وفى البحار: 236 28 ح 22 عنه وعن الكشى ح 12، وفى البرهان: 1 / 319 ح 2 و 6 عن الكافي والعياشي: 1 / 199 ح 148.

 3) في الاصل: الاسل، وما أثبتناه هو الصحيح، وحمراء الاسد موضع على ثمانية أميال من المدينة، إليه انتهى النبي صلى الله عليه وآله يوم احد تابعا للمشركين، راجع مراصد الاطلاع: 1 / 424. (*)

[ 124 ]

فقال علي عليه السلام: بأبي أنت وامي يا رسول الله لا أرجع عنك ولو حملت على أيدي الرجال، وأنزل الله عزوجل * (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين) * الآية (1). فاعلم - علما يقينا وحقا مبينا - أنهما أهل الانقلاب والارتداد وأهل الزيغ والفساد. 43 - لما رواه [ الكليني ] أيضا، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عنهما ؟ فقال: يا أبا الفضل لا (2) تسألني عنهما فوالله ما مات منا ميت قط إلا ساخط عليهما، ما منا اليوم إلا ساخط عليهما، يوصي ذلك الكبير منا الصغير، لانهما ظلمانا حقنا وغصبا (3) فيئنا، وكانا أولا من ركب أعناقنا، وبثقا علينا بثقا في الاسلام لا يسد (4) أبدا حتى يقوم قائمنا، أو يتكلم متكلمنا. ثم قال: أما والله، لوقد قام قائمنا وتكلم متكلمنا لابدي من امورهما ما كان يكتم، ولكتم من امورهما ماكان يظهر، والله ما أمست من بلية ولاقضية تجري علينا أهل البيت إلا هما اسسا (5) أولها، فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (6). قوله تعالى: أفمن اتبع رضون الله كمن بآء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير [ 162 ] هم درجت عند الله والله بصير بما يعملون [ 163 ] 44 - تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (ره) عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل * (أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير هم درجات عند الله) * فقال * (الذين اتبعوا رضوان الله) * هم الائمة، وهم - والله - يا عمار درجات للمؤمنين، وبولايتهم

_____________________________

1) سعد السعود: 112 وعنه البحار: 36 / 26 والحديث نقلناه من نسخة (أ).

 2) في نسخة (ج) ما.

 3) في نسخة (ج) منعانا، وفى نسخة (م) وضيعانا فينا.

 4) في الكافي لا يسكر.

 5) في نسخة (م) سبيا.

 6) الكافي: 8 / 245 ح 340 وعنه البحار: 8 / 227 (الطبعة الحجرية). (*)

[ 125 ]

ومعرفتهم إيانا، تضاعف أعمالهم، ويرفع الله لهم الدرجات العلى (1). ومعناه أن ليس من اتبع رضوان الله - وهم الائمة عليهم السلام - * (كمن باء بسخط من الله) * - وهم أعداؤهم - * (ومأواه جهنم وبئس المصير * هم درجات عند الله) * أي الائمة عليهم السلام، أي ليس هؤلاء مثل هؤلاء عند الله، بل الائمة أعلى درجات، وأعداؤهم أسفل دركات (2)، فعلى الائمة من ربهم صلوات، وعلى أعدائهم لعنات في كل ما غبر، وما هو آت. وقوله تعالى: الذين استجابوا لله والرسول من بعد مآ أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم [ 172 ] الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمنا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل [ 173 ] تأويله: الذين استجابوا أي أجابوا، والقرح: الجرح. ومعنى ذلك: أنه لما فرغ النبي صلى الله عليه وآله من غزاة أحد، وقصتها مشهورة وكان أبو سفيان والمشركون قد كسروا (3) وانصرفوا، فلما بلغوا الروحاء، ندموا على انصرافهم ونزلوا بها، وعزموا على الرجوع فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال لاصحابه: هل من رجل يأتينا بخبر القوم ؟ فلم يجبه أحد منهم، فقام أمير المؤمنين عليه السلام وقال: أنا (يا رسول الله) (4). قال (رسول الله صلى الله عليه وآله) (5) له: إذهب فان كانوا قد ركبوا الخيل وجنبوا الابل فانهم يريدون المدينة، وإن كانوا قد ركبوا الابل وجنبوا الخيل فانهم يريدون مكة. فمضى أمير المؤمنين عليه السلام على ما به من الالم والجراح حتى كان قريبا من القوم، فرآهم قد ركبوا الابل وجنبوا الخيل، فرجع وأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك فقال: أرادوا مكة. فأمير المؤمنين عليه السلام هو المشار إليه بقوله * (الذين استجابوا لله) * وبقوله * (الذين قال لهم الناس) *. 45 - ونقل ابن مردويه من الجمهور عن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وآله وجه عليا

_____________________________

1) الكافي: 1 / 430 ح 84 وعنه البرهان: 1 / 324 ح 1 وفى البحار: 24 / 92 ح 1 عنه وعن المناقب لابن شهر اشوب: 3 / 314.

 2) في نسخة (م) دركا.

 3) في نسخة (ب) كثروا.

 4) ليس في نسخة (م).

 5) ليس في نسخة (ج). (*)

[ 126 ]

عليه السلام في نفر في طلب أبي سفيان، فلقبه أعرابي من خزاعه فقال له * (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) * يعني أبا سفيان وأصحابه * (وقالوا - يعني عليا وأصحابه - حسبنا الله ونعم الوكيل) * فنزلت هذه الآيات إلى قوله * (والله ذو فضل عظيم) * (1). وقوله تعالى: الذين يذكرون الله قيما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموت و الارض ربنا ما خلقت هذا بطلا سبحنك فقنا عذاب النار [ 191 ] ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظلمين من أنصار [ 192 ] ربنا إننا سمعنا مناديا ينادى للايمن أن آمنوا بربكم فامنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الابرار [ 193 ] ربنا وءاتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيمة إنك لاتخلف الميعاد [ 194 ] فاستجاب لهم ربهم أنى لآ أضيع عمل عمل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديرهم وأوذوا في سبيلى وقتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنت تجرى من تحتها الانهر ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب [ 195 ] 46 - ذكر علي بن عيسى (ره) في كشف الغمة: أن هذه الآيات نزلت في أمير المؤمنين صلوات الله عليه في توجهه إلى المدينة، وذلك بعد خروج النبي صلى الله عليه وآله من مكة وأمره أن يبيت على فراشه، وأن يقضي ديونه، ويرد الودائع إلى أهلها، وأن يخرج بعد ذلك بأهله وعياله من مكة إلى المدينة، فلما خرج، أخرج معه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وامه فاطمة بنت أسد عليهما السلام، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب، ومن كان قد تخلف له من العيال، وام أيمن رضي الله عنها، وولدها أيمن وجماعة من ضعفاء المؤمنين، فكانوا كلما نزلوا منزلا ذكروا الله سبحانه وتعالى كما قال:

_____________________________

1) أخرجه في البرهان: 1 / 326 ح 3 عن المناقب: 2 / 316، وأورده في كشف الغمة: 1 / 317. (*)

[ 127 ]

* (قياما وقعودا) * أي حال الصلاة وغيرها * (وعلى جنوبهم) * أي حال الاضطجاع، وقوله * (فاستجاب لهم ربهم) * أي: أجاب دعاءهم ونداءهم * (أني لااضيع عمل عامل منكم من ذكر أو انثى) * فالذكر: علي عليه السلام والانثى: الفواطم الثلاث (1). وقوله * (فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا) * فالمعني به أمير المؤمنين عليه السلام لانه الموصوف بهذه الصفات التي سما بها على سائر البريات. ولما وصل المدينة استبشر به رسول الله صلى الله عليه وآله وقال له: يا علي أنت أول هذه الامة إيمانا بالله ورسوله، وأولهم هجرة إلى الله ورسوله، وآخرهم عهدا برسوله لا يحبك - والذي نفسي بيده - إلا مؤمن قد امتحن الله قلبه للايمان، ولا يبغضك إلا منافق أو كافر. وقوله تعالى: يأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون [ 200 ] 47 - تأويله: ما رواه الشيخ المفيد (ره) في كتاب الغيبة عن رجاله باسناده عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا) * قال * (اصبروا) * على أداء الفرائض * (وصابروا) * عدوكم [ ورابطوا ] إمامكم المنتظر (2). صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين. فعلى هذا التأويل يكون المعني ب‍ * (الذين آمنوا) *: أصحاب القائم المنتظر. عليه وعلى آبائه السلام. فانظر أيها الناظر إلى ما تضمنته هذه السورة الكريمة من المناقب والماثر لكل

_____________________________

1) كشف الغمة: 1 / 406.

 2) أخرجه في البحار: 24 / 219 ح 14 والبرهان: 1 / 334 ح 4 عن غيبة النعماني: 199 ح 13، ثم قال في البرهان: وروى هذا الحديث الشيخ المفيد في الغيبة باسناده عن بريد بن معاوية العجلى، عن أبى جعفر عليه السلام بعينه. أقول: ولم نجده في غيبة المفيد - المطبوع - فلعله اعتمد على التأويل. (*)

[ 128 ]

إمام طيب الاعراق (1) طاهر من أهل بيت النبوة اولي الفضائل والمفاخر اللواتي فضلوا بها الاوائل الاواخر، صلى الله عليهم في كل زمان غائب وحاضر وآت وغابر صلاة دائمة ما همر هاطل، وهطل هامر.

______________________

1) في نسخة (ج) الاعراف.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1371
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28