• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة ـ ج 1 ، تأليف : السيد شرف الدين علي الحسيني الاسترابادي النجفي .
                    • الموضوع : سورة الرعد .

سورة الرعد

(13)

(سورة الرعد) (وما فيها من الايات في الائمة الهداة)

 منها: قوله تعالى: وفى الارض قطع متجورت وجنت من أعنب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء وحد 1 - تأويله: ما ذكره أبو علي الطبرسي (ره) في تفسيره قال: روي عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله (ره) في تفسيره قال: روي عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام: يا علي الناس من شجر شتى وأنا وأنت من شجرة واحدة. ثم قرأ * (وفي الارض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد) * (1). فمعنى أنهما صلوات الله عليهما من شجرة واحدة يعني شجرة النبوة، وهي الشجرة المباركة الزيتونة الابراهيمية، والشجرة الطيبة، الثابت أصلها في الارض السامي فرعها في السماء، صلى الله عليهما وعلى ذريتهما السادة النجباء الابرار الاتقياء في كل صباح ومساء. قوله تعالى: إنما أنت منذر ولكل قوم هاد 2 - [ نقل ابن طاووس (ره) في كتاب (اليقين في تسمية علي بأمير المؤمنين) باسناده إلى محمد بن العباس (ره) في كتابه عن إسحاق بن محمد بن مروان، عن أبيه، عن إسحاق بن يزيد، عن سهل بن سليمان، عن محمد بن سعيد عن الاصبغ بن نباتة قال: خطب أمير المؤمنين علي عليه السلام الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، أنا يعسوب المؤمنين، وغاية السابقين

_____________________________

1) مجمع البيان: 5 / 276 وعنه نور الثقلين: 2 / 481 ح 10 وفى البرهان: 2 / 278 ح 1 عنه وعن كشف الغمة: 1 / 316 ومناقب ابن شهر اشوب. (*)

[ 229 ]

وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين، ووارث الوارث (1)، أنا قسيم النار وخازن الجنان وصاحب الحوض، وليس منا أحد إلا وهو عالم بجميع ولايته، وذلك قوله عزوجل (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ] (2). 3 - وذكره علي بن إبراهيم (ره) في تفسيره، عن أبيه، عن حماد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل * (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) *. قال: المنذر رسول الله صلى الله عليه وآله والهادي: أمير المؤمنين عليه السلام وبعده الائمة في كل زمان، إمام هاد من ولده، صلوات الله عليهم (3). 4 - ويؤيده ما رواه محمد بن يعقوب (ره) عن علي بن ابراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير. عن ابن اذينه، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى * (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) * فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر، ولكل زمان منا هاد، يهديهم إلى ما جاء به نبي الله المنذر (4). فالهداة بعده علي، ثم الاوصياء من ولده، واحد بعد واحد (5). 5 - وروى أيضا عن الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن محمد (6) بن إسماعيل، عن سعدان، عن أبي بصير قال:

_____________________________

1) في البحار: الوراث.

 2) كشف اليقين: 189 وعنه البحار: 39 / 346 ح 18 والحديث أثبتناه من نسخة (أ).

 3) تفسير القمى: 336 وعنه البحار: 23 / 20 ح 16 والبرهان: 2 / 281 ح 11 واثبات الهداة: 1 / 268 ح 273.

 4) في نسخة (ج) (النبي صلى الله عليه وآله) بدل (نبى الله المنذر).

 5) الكافي: 1 / 191 ح 2 وعنه البحار: 16 / 358 ح 50 وج 18 / 190 ح 26 مع اختلاف والبرهان: 2 / 280 ح 4، وأخرجه في البحار: 23 / 3 ح 3 عن بصائر الدرجات: 29 ح 1.

 6) في نسخة (ج) على. (*)

[ 230 ]

قلت لابي عبد الله عليه السلام قوله تعالى * (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) * فقال: رسول الله المنذر (1) وعلي الهادي، يا أبا محمد ! هل من هاد اليوم ؟ قلت: بلى - جعلت فداك - ما زال فيكم هاد من بعد هاد حتى دفعت إليك. فقال: رحمك الله لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية، مات الكتاب ولكنه حي عليه السلام يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى (2). 6 - وذكره أبو علي الطبرسي (ره) أنه روي عن ابن عباس أنه قال: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا المنذر وعلي (3) الهادي من بعدي، يا علي بك يهتدي المهتدون. وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالاسناد عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير عن أبيه، عن حكم بن جبير، عن أبي بريدة الاسلمي قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله بالطهور وعنده علي بن ابي طالب عليه السلام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام بعد ما تطهر فألصقها بصدره. ثم قال: إنما أنت منذر - يعني نفسه. ثم ردها إلى صدر علي ثم قال * (ولكل قوم هاد) * ثم قال (له) (4): إنك منار الانام، وغاية الهدى، وأمير القرى، أشهد على ذلك إنك كذلك (5). [ ونقل ابن طاووس (ره) في سعد السعود عن محمد بن العباس، أنه روى ذلك من خمسين طريقا بأسانيدها ] (6).

_____________________________

1) في نسخة (ب) أن المنذر.

 2) الكافي: 1 / 192 ح 3 وعنه البحار: 35 / 401 ح 13 وج 2 / 279 ح 43 والبرهان: 2 / 280 ح 5 وأخرجه في البحار: 23 / 4 ح 6 عن بصائر الدرجات: 31 ح 9.

 3) في نسخة (ب) أنت.

 4) ليس في نسخة (ج).

 5) مجمع البيان: 6 / 278، شواهد التنزيل: 1 / 301 ح 414 وعنه البحار: 23 / 2 و نور الثقلين: 2 / 482 ح 16 / 17 وفى البرهان: 2 / 281 ح 19 عن شواهد التنزيل.

 6) سعد السعود: 99 وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة (أ). (*)

[ 231 ]

قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الالبب [ 19 ] الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثق [ 20 ] والذين يصلون مآ أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب [ 21 ] معنى تأويله: قوله سبحانه * (أفمن يعلم) * أي هل يكون مساويا في الهدى. من يعلم (أنما انزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى) عنه ؟ وهذا استفهام يراد به الانكار، ومعناه أن الله سبحانه فرق بين الولي والعدو، فالولي هو الذي يعلم يقينا أن الذى انزل إلى محمد صلى الله عليه وآله من ربه أنه هو الحق، والعدو هو الاعمى الذي عمي عنه، أي هل يستوي هذا وهذا في الدرجة والمنزلة ؟ ! لا يستوون عند الله، فليس العالم كالجاهل والمبصر كالاعمى. فالولي العالم أمير المؤمنين عليه السلام والعدو الجاهل الاعمى هو عدوه، لما يأتي بيانه: 7 - وهو ما نقله ابن مردويه، عن رجاله باسناده إلى (1) ابن عباس أنه قال: إن قوله تعالى * (أفمن يعلم أنما انزل إليك من ربك الحق) * هو علي بن أبي طالب عليه السلام (2). 8 - ويؤيده: ما ذكره أبو عبد الله الحسين بن جبير (ره) في نخب المناقب قال: روينا حديثا مسندا، عن أبي الورد الامامي (3) المذهب، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قوله عزوجل * (أفمن يعلم أنما انزل إليك من ربك الحق) * هو علي بن ابي طالب عليه السلام والاعمى هنا هو (4) عدوه، * (واولوا الالباب) * شيعته الموصوفون (5) بقوله تعالى * (الذين يوفون بعد الله ولا ينقضون الميثاق) * المأخوذ عليهم في الذر، بولايته ويوم (6) الغدير (7).

_____________________________

1) في نسخة (ج) بالاسناد عن.

 2) عنه البحار: 36 / 181 ح 176 وعن كشف الغمة: 1 / 317، وأخرجه في البحار: 35 / 26 والبرهان: 3 / 287 ح 2 عن مناقب ابن شهراشوب: 2 / 259.

 3) في نسخة (ب) العامي.

 4) في نسخة (ج) (هذا) بدل (هنا هو).

 5) في نسخة (ب) الموفون.

 6) في نسخة (ج) يوم.

 7) عنه البحار: 24 / 401 ح 130 وج 36 / 124، وأخرجه في البحار: 38 / 27 و البرهان: 2 / 287 ح 1 عن مناقب ابن شهراشوب: 2 / 259. (*)

[ 232 ]

ثم وصفهم بوصف آخر فقال * (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) * وهم رحم آل محمد صلى الله عليه وآله التي أمر الله بصلتها ومودتها: 9 - لما رواه علي بن ابراهيم رحمه الله، [ عن أبيه ] عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن موسى عليه السلام أن رحم آل محمد معلقة بالعرش تقول: (اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني) وهي تجري في كل رحم (1). 10 - وفي تفسير العسكري عليه السلام أنه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الرحم التي اشتقها الله تعالى من قوله * (الرحمن) * هي رحم آل محمد صلى الله عليه وآله وإن إعظام الله إعظام محمد، وإن من إعظام محمد إعظام رحم محمد، وإن كل مؤمن ومؤمنة من شيعتنا هومن رحم محمد، وإن إعظامهم إعظام محمد، فالويل لمن استخف بشئ من حرمة محمد صلى الله عليه وآله، وطوبى لمن عظم حرمته ووصلها (2). ثم لما وصف سبحانه * (أولوا الالباب) * بصفاتها ذكر ضدهم ومخالفيهم: فقال سبحانه وتعالى * (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) *. تأويله: ما ذكره علي بن ابراهيم في تفسيره قال: قوله تعالى * (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) * يعني عهد أمير المؤمنين عليه السلام الذي أخذه رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم (3). * (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) * يعني صلة رحم آل محمد صلوات الله عليهم * (ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) *. قوله تعالى: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب [ 28 ]

_____________________________

1) تفسير القمى: 340 وعنه البحار: 23 / 265 ح 9 وج 74 / 89 ح 3 والبرهان: 2 / 288 ح 6 ورواه العياشي في تفسير: 2 / 208 ح 29.

 2) تفسير الامام: 13 وعنه البحار: 23 / 267.

 3) تفسير القمى: 340 وعنه البرهان: 2 / 288 ذح 6، ونور الثقلين: 2 / 501 ح 116. (*)

[ 233 ]

11 - تأويله: ما رواه الرجال مسندا عن ابن عباس (أنه) (1) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله * (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) * ثم قال لي: أتدري يابن ام سليم من هم ؟ قلت: (2) من هم يا رسول الله ؟ قال: نحن أهل البيت وشيعتنا (3). ثم بين سبحانه الذين تطمئن قلوبهم من هم، فقال * (الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) * أي وحسن مرجع في الآخرة، وهي عبارة عن الجنة. 12 - ابن طاووس (ره) نقلا من مختصر كتاب محمد بن العباس بن مروان حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي وجعفر بن محمد الحسيني ومحمد بن أحمد الكاتب ومحمد بن الحسين البزاز قالوا: حدثنا عيسى بن مهران، عن محمد بن بكار الهمداني، عن يوسف السراج، عن أبي هبيرة العماري - من ولد عمار بن ياسر - عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لما نزلت * (طوبى لهم وحسن مآب) * قام المقداد (ره) فقال: يا رسول الله وما طوبى ؟ قال: شجرة في الجنة يسير راكب (4) الجواد في ظلها مائة عام قبل أن يقطعها، ورقها برود خضر، وزهرها رياض صفر، وأفنانها سندس واستبرق، وتمرها حلل (5) وصمغها زنجبيل وعسل، وبطحاؤها ياقوت أحمر، وزمرد أخضر، وترابها مسك وعنبر (وأخذ في وصفها وعجيب صنعها، إلى أن قال: بالفوز تجمعهم). فبيناهم يوما في ظلها يتحدثون إذ جاءتهم الملائكة يقودون نجبا. ثم أخذ في عجائب وصف تلك النجائب وألوانها وأوبارها ورحالها وأمتها بما هو مذكور في متن الحديث، إلى أن قال: فأناخوا تلك النجائب إليهم.

_____________________________

1) ليس في نسخة (ج).

 2) في نسختي (ب، م) قال.

 3) أخرجه في البحار: 23 / 184 ح 48 عن مستدرك ابن بطريق، وفى البرهان: 2 / 291 ح 2 عن العياشي.

 4) في البحار: لوسار الراكب.

 5) في البحار: جلل. (*)

[ 234 ]

ثم قالوا لهم: ربكم يقرئكم السلام أفتزورونه ؟ فينظر إليكم ويحييكم ويزيدكم من فضله وسعته، فإنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم. قال: فيتحول كل رجل منهم على راحلته، فينطلقون صفا واحدا معتدلا لا يمرون بشجرة من أشجار الجنة إلا أتحفهم بثمارها وخلت لهم عن طريقهم كراهية أن تثلم طريقهم، وأن تفرق بين الرجل ورفيقه فلما رفعوا إلى الجبار تبارك وتعالى قالوا: ربنا أنت السلام ومنك السلام ولك تحف (1) الجلال والاكرام. قال: فقال لهم الرب: أنا السلام ومني السلام ولي تحف (2) الجلال والاكرام فمرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي في أهل بيت بيتي ورعوا حقي، وخافوني بالغيب، وكانوا مني على كل حال مشفقين. قالوا: أما وعزتك وجلالك ما قدرناك حق قدرك، وما أدينا إليك كل حقك، فاذن لنا بالسجود. وقال لهم ربهم عزوجل: إنني قد وضعت عنكم مؤنة العبادة، وأرحت لكم أبدانكم، فطالما أتعبتم لي الابدان وعنيتم لي بالوجوه، فالآن افضيتم إلى روحي ورحمتي، فاسألوني ما شئتم، وتمنوا علي اعطكم أمانيكم فاني لم اجزكم بأعمالكم، ولكن برحمتي وكرامتي و طولي وعظم شأني وبحبكم أهل بيت نبي محمد صلى الله عليه وآله، فلا يزال يا مقداد محبوا علي بن أبي طالب عليه السلام في العطايا والمواهب حتى أن المقصر من شيعته ليتمنى امنيته مثل جميع الدنيا منذ خلقها الله إلى يوم القيامة. قال لهم ربهم تبارك وتعالى: لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم انظروا إلى مواهب ربكم. فإذا بقباب وقصور في أعلى عليين من الياقوت الاحمر والاخضر والابيض والاصفر، يزهر نورها، وأخذ في وصف تلك القصور بما يحير فيه الالباب ويقضي إلى العجب العجاب. إلى أن قال: فلما أرادوا الانصراف إلى منازلهم، حولوا على براذين من نور، بأيدي

_____________________________

1، 2) في البحار: يحق. (*)

[ 235 ]

ولدان مخلدين، بيد كل واحد منهم حكمة برذون من تلك البراذين، لجمها وأعنتها من الفضة البيضاء، وأشعارها من الجوهر، فإذا دخلوا منازلهم وجدوا الملائكة يهنئونهم بكرامة ربهم حتى إذا استقروا قرارهم قيل لهم: هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ قالوا: نعم، ربنا رضينا فارض عنا. قال: قد رضيت عنكم، وبحبكم أهل بيت نبيي حللتم داري، وصافحتم الملائكة، فهنيئا هنيئا عطاء غير مجذوذ، ليس فيه تنغيص بعدها * (وقالوا الحمدلله - رب العالمين - الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور وأحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب إن ربنا لغفور شكور) * (1). قال: أبو محمد النوفلي أحمد بن محمد بن موسى، قال لنا عيسى بن مهران: قرأت هذا الحديث يوما على قوم من أصحاب الحديث. فقلت: أبرأ إليكم من عهدة هذا الحديث، فان يوسف السراج لا أعرفه، فلما كان من الليل رأيت في منامي كأن إنسانا جاءني ومعه كتاب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمود بن إبراهيم، وحسن بن الحسين، ويحيى بن الحسن بن الفرات (2) وعلي بن أبي القاسم الكندي، من تحت شجرة طوبى، وقد أنجز لنا ربنا ما وعدنا فاحتفظ بما في يديك من هذه الكتب (3) فانك لم تقرأ، هاهنا كتابا إلا أشرقت له الجنة (4). 13 - وأما تأويل شجرة طوبى: ذكر أبو علي الطبرسي (ره) قال: روى الثعلبي باسناده عن الكلبي (5)، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: (طوبى) شجرة أصلها في دار علي في الجنة، وفي دار كل مؤمن منها غصن.

_____________________________

1) سورة فاطر: 34 - 35.

 2) في البحار: 68 (القزاز).

 3) في البحار: 68 (الاية).

 4) سعد السعود: 109 وعنه البحار: 68 / 71 ذح 131، وأخرجه في البحار: 8 / 151 ح 91 عن تفسير فرات: والحديثين نقلناهما من نسخة (أ).

 5) في نسخ (أ، ب، م) الديلمى. (*)

[ 236 ]

ورواه أيضا: أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام. 14 - وروى الحاكم أبو القاسم الحكساني باسناده (1)، عن موسى بن جعفر، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن طوبى) فقال: شجرة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنة، ثم سئل عنهما مرة أخرى فقال: في دار علي. فقيل له في ذلك ؟ ! فقال: إن داري ودار علي في الجنة بمكان واحد (2). 15 - وروى علي بن إبراهيم (ره) عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام، فأنكرت عليه بعض نسائه ذلك، فقال صلى الله عليه وآله: إنه لما اسري بي إلي السماء دخلت الجنة فأراني (3) جبرئيل شجرة طوبى، وناولني تفاحة فأكلتها، فحول الله ذلك في ظهوري ماء، فلما هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فكلما اشتقت إلى الجنة قبلتها وما قبلتها إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها (4)، فهي حوراء إنسية. 16 - وروي في معنى التفاحة حديثا شريفا لطيفا. رواه الشيخ أبو جعفر محمد الطوسي (ره) عن رجاله، عن الفضل بن شاذان ذكره في كتابه (مسائل البلدان) يرفعه إلى سلمان الفارسي (رض) قال: دخلت على فاطمة سلام الله عليها والحسن والحسين عليهما السلام يلعبان بين يديها ففرحت بهما فرحا شديدا، فلم ألبث حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وآله.

_____________________________

1) في نسختي (ج، م) بالاسناد.

 2) مجمع البيان: 6 / 291، شواهد التنزيل: 1 / 304 ح 417 وعنهما البحار: 8 / 87 وذيله في البرهان: 2 / 293 ح 13 عن الطبري، عن شواهد التنزيل ورواه فرات في تفسيره: 76.

 3) في نسخة (ج) (فادنانى خ ل).

 4) تفسير القمى: 341 وعنه البحار: 8 / 120 ح 10 وج 18 / 364 ح 68 وج 43 / 6 ح 6 ونور الثقلين: 3 / 131 ح 49 والبرهان: 2 / 292 ح 3. (*)

[ 237 ]

فقلت: يا رسول الله أخبرني بفضيلة هؤلاء لازداد لهم حبا. فقال: يا سلمان ليلة اسري بي إلى السماء أدارني جبرئيل في سماواته وجنانه، فبينا أنا أدور قصورها وبساتينها ومقاصيرها إذ شممت رائحة طيبة، فأعجبتني تلك الرائحة. فقلت: يا حبيبي ما هذه الرائحة (التي) (1) غلبت على روائح (2) الجنة كلها ؟ فقال: يا محمد تفاحة خلقها الله تبارك وتعالى بيده منذ ثلاثمائة ألف عام، ما ندري ما يريد بها. فبينا أنا كذلك إذ رأيت ملائكة ومعهم تلك التفاحة. فقالوا: يا محمد ربنا السلام يقرأ عليك السلام وقد أتحفك بهذه التفاحة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فأخذت تلك التفاحة فوضعتها تحت جناح جبرئيل، فلمها هبط بي إلى الارض أكلت تلك التفاحة، فجمع الله ماءها في ظهرة، فغشيت خديجة بنت خويلد، فحملت بفاطمة من ماء التفاحة. فأوحى الله عزوجل إلي أن قد ولد لك حوراء إنسية، فزوج النور من النور: فاطمة من علي، فاني قد زوجتها في السماء وجعلت خمس الارض مهرها، وستخرج فيما بينهما ذرية طيبة، وهما سراجا الجنة: الحسن والحسين (3)، ويخرج من صلب الحسين عليه السلام أئمة يقتلون ويخذلون، فالويل لقاتلهم وخاذلهم (4). قوله تعالى: ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية 17 - تأويله: ذكره أبو علي الطبرسي (ره) انه قال روي أن أبا عبد الله عليه السلام قرأ هذه الآية وأومأ بيده إلى صدره وقال: نحن والله ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله (5). 18 - ويؤيده: ما رواه الشيخ أبو جعفر محمد الطوسي (ره)، عن محمد

_____________________________

1) ليس في نسخة (ب).

 2) في نسخة (ب) رائحة.

 3) كذا في الاصل والبحار، والظاهر هكذا: الحسن والحسين وهما سراجا الجنة.

 4) عنه البحار: 36 / 361 ح 232 ومدينة المعاجز: 233.

 5) مجمع البيان: 6 / 297 وعنه البحار: 11 / 14. (*)

[ 238 ]

بن محمد قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد (ره) قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن عبد الله بن الوليد قال: دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام في زمن بني مروان (فقال: ممن) (1) أنتم ؟ قلنا: من أهل الكوفة. قال: ما من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة، لاسيما هذه العصابة، إن الله هداكم لامر جهله الناس فأجبتمونا وأبغضنا الناس، وتابعتمونا وخالفنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا، وأماتكم مماتنا، وأشهد على أبي أنه كان يقول: مابين أحدكم وبين ما تقر عينه، أو يغتبط إلا أن تبلغ به نفسه - هكذا (2) وأهوى بيده إلى حلقه -، وقد قال الله عزوجل في كتابه: * (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية) * فنحن ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله (3). وقد تقدم ذكر الذرية الطيبة في حديث التفاحة [ ص 236 ]. قوله تعالى: ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم ومن عنده علم الكتب [ 43 ] 19 - تأويله: ما رواه (4) الشيخ محمد بن يعقوب (ره) عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزوجل * (ومن عنده علم الكتاب) *.

_____________________________

1) في نسخة (م) قال: فمن أنتم، وفى نسخة (ج) قال: قال: ممن أنتم، وفى البحار: فسألنا من أنتم.

 2) في نسخة (ج) هاهنا.

 3) أمالى الطوسى: 1 / 143 وعنه البحار: 27 / 165 ح 22 وج 68 / 20 ح 34 وج 100 / 393 ح 24 والبرهان: 2 / 297 ح 2 وفى البحار: 60 / 222 ح 53 ورواه في الكافي: 8 / 81 ح 38 وتفسير فرات: 76.

 4 - في نسختي (ب، م) ذكره. (*)

[ 239 ]

قال: إيانا عنى، وعلي أولنا وخيرنا وأفضلنا بعد النبي صلى الله عليه وآله (1). 20 - وروى أيضا: عن رجاله باسناده إلى جابر قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما انزل إلا كذاب، و ما جمعه وحفظه كما أنزل الله إلا علي بن أبي طالب والائمة من بعده صلى الله عليه وآله (2). 21 - وروى أيضا: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد ابن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن عبد الاعلى مولى آل سام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: والله إني لاعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي، فيه خبر السماء وخبر الارض، ماكان وما هو كائن، قال الله عزوجل فيه * (تبيانا لكل شئ) * (3). 22 - وروى أيضا: عن محمد بن يحيى، عن رجاله باسناده يرفعه إلى عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال * (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) * قال: ففرج أبو عبد الله عليه السلام بين أصابعه فوضعها على صدره، ثم قال: وعندنا والله علم الكتاب كله (4). 23 - وقال صاحب الاحتجاج: روى محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن الوليد السمان قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ما يقول الناس في اولي العزم وصاحبكم يعني أمير المؤمنين عليه السلام - ؟ قال: قلت: ما يقدمون على اولي العزم أحدا، فقال: إن الله تبارك وتعالى قال: عن موسى * (وكتبنا له في الالواح من كل شئ موعظة) * (5) ولم يقل

_____________________________

1) الكافي: 1 / 229 ح 6 وعنه الوسائل: 18 / 134 ح 15 والبرهان: 2 / 302 ح 1.

 2) الكافي: 1 / 228 ح 1 وعنه نور الثقلين: 5 / 464 ح 17 ورواه الصفار في البصائر: 193 ح 2 وعنه البحار: 93 / 88 ح 27 والبرهان: 1 / 15 ح 2.

 3) الكافي: 1 / 299 ح 4 وعنه نور الثقلين: 3 / 76 ح 5 وأخرجه في البحار: 92 / 89 ح 32 والبرهان: 1 / 15 ح 4 والاية في سورة النحل: 89.

 4) الكافي: 1 / 229 ح 5 ورواه الصفار في البصائر: 212 ح 2 وعنه البحار: 26 / 170 ح 37 والبرهان: 3 / 204 ح 8 والوسائل: 18 / 133 ح 14 والاية في النحل: 40.

 5) سورة الاعراف: 145. (*)

[ 240 ]

كل شئ وقال: عن عيسى * (ولابين لكم بعض الذي تختلفون فيه) * (1) ولم يقل كل الذي تختلفون فيه، وقال: عن صاحبكم * (كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) * وقال عزوجل * (ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) * (2) وعلم هذا الكتاب عنده (3). 24 - وروى الشيخ المفيد (ره) عن رجاله مسندا إلى سلمان الفارسي (رض) قال: قال لي أمير المؤمنين عليه السلام: (يا سلمان) (4) الويل كل الويل لمن لايعرف لنا حق معرفتنا وأنكر فضلنا، يا سلمان أيما أفضل محمد صلى الله عليه وآله أو سليمان بن داود عليه السلام ؟ قال سلمان: فقلت: بل محمد صلى الله عليه وآله. فقال: يا سلمان هذا آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من سبأ إلى فارس في طرفة عين وعنده علم من الكتاب ولا أقدر أنا ؟ وعندي علم ألف كتاب: أنزل الله منها على شيث بن آدم خمسين صحيفة، وعلى إدريس النبي ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم الخليل عشرين صحيفة، وعلم التوراة وعلم الانجيل والزبور والفرقان. قلت: صدقت يا سيدي. فقال: إعلم يا سلمان إن الشاك في امورنا وعلومنا كالممتري (5) في معرفتنا وحقوقنا وقد فرض الله تعالى ولايتنا في كتابه في غير موضع، وبين فيه ما وجب العمل به وهو مكشوف (6). واعلم أنه قد جاء في هذا التأويل دليل واضح وبرهان مبين في تفضيل أمير المؤمنين على اولي العزم من النبيين صلوات الله عليهم أجمعين، وإنما فضل

_____________________________

1) سورة الزخرف: 63.

 2) سورة الانعام: 59.

 3) الاحتجاج: 2 / 139 وعنه البحار: 35 / 429 ح 3 ونور الثقلين: 2 / 68 ح 256 والبرهان: 2 / 304 ح 19.

 4) ليس في نسخة (ج).

 5) في نسخة (ج) كالممترين، وفى البحار: كالمستهزئ.

 6) عنه البحار: 26 / 221 ح 47 وعن ارشاد الديلمى: 2 / 416 عن المفيد. (*)

[ 241 ]

عليهم بالعلم لقوله تعالى * (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) * (1) ولقوله تعالى * (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم) * أي حاضرا عالما يعلم أني مرسل من عنده، ثم عطف على نفسه سبحانه فقال * (ومن عنده علم الكتاب) * أي وكفى به مع الله بيني وبينكم شهيدا، لعلمه بالكتاب ولم يجعل معه في الكفاية غيره. وقال في غير موضع: (مثل قوله) (2) * (قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا) * (3). وقوله * (وكفى بالله شهيدا) * (4) وجاء مثل هذا التخصيص قوله تعالى * (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) * (5) وهو المعني بالمؤمنين (6). وهذه فضيلة لم ينلها أحد غير أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى النبي و على ذريتهما الطيبين صلاة باقية إلى يوم الدين.

_____________________________

1) سورة الزمر: 9.

 2) ليس في نسخة (ج).

 3) سورة العنكبوت: 52.

 4) سورة النساء: 79، 166.

 5) سورة الانفال: 64.

 6) في نسخة (ج) بأمير المؤمنين.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1381
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20